رواية ليله بكى فيها الحجر الفصل الاول والتاني والثالث والرابع والخامس بقلم جيهان عيد حصريه وجديده وخاصه بمدونة نجوم ساطعه
![]() |
رواية ليله بكى فيها الحجر الفصل الاول والتاني والثالث والرابع والخامس بقلم جيهان عيد حصريه وجديده وخاصه بمدونة نجوم ساطعه
البارت الاول
جلس على مع مجموعة من أصدقائه ، أصدقاء السوء ، فى أحد الكافيهات على قارعة الطريق ، كانوا يضحكون ويلقون النكات على كل شئ ، يتسابقون من يضحك الآخرين أكثر ، حتى لو كان بالتندر على تصرفات الاهل وتقليد حركاتهم ، وإذا لم يجدوا ما يضحكون عليه كانوا يسخرون من المارة ، امرأة بدينة ، فتاة نحيفة ، شاب معوق ، حتى كبار السن سخروا منهم .
على شاب وسيم من عائلة ثرية ، له شقيقتين ، واحدة تكبره بعدة سنوات وهى متزوجة ، والأخرى تصغره بثلاث سنوات وهى متزوجة ايضا ، كان مدللا بشدة من أسرته ، كثير التعسر فى الدراسة ، استطاع بالكاد ان يحصل على مؤهل جامعى من كلية خاصة ، رفض بعدها العمل فى اى وظيفة حتى بعد وفاة والده ، كما رفض إداره أعماله واوكل بهذه المهمة لشقيقته وزوجها ، على أن تعطيه ما يحتاجه من أموال .
لم يترك على وأصدقائه مارا إلا وسخروا منه ، حتى كان هذا اليوم ، كانت سيدة طيبة تحمل طفلها المصاب بشلل اطفال وعمره حوالى ست سنوات ، ولأنها تعبت من حمله وقفت لتستريح على مقربة من على وأصدقائه ، دون أن تنتبه لهم ، طلب منها ابنها أن يمشي قليلا حتى ترتاح وتعاود حمله فرفضت ، لكنه أصر وتركها ومشى يعرج حتى سقط ، فلحقت به أمه وحملته وطبطبت عليه وسط ضحكات على وأصدقائه الذين اطلقوا نكاتهم كالسهام ساخرين منه ومنها ، ولزيادة اضحكاهم قام على بتقليد مشيته وسقوطه ، وهنا انفجر اصدقاؤه في الضحك ، وقام أحدهم بحمله مقلدا ام الطفل وهو يقول : مش قلت لك يا ضنايا انت مكسح مش هتعرف تمشى لوحدك ، فتعالت ضحكات الجميع .
بكت السيدة وحملت طفلها و انصرفت ، وبعد انتهاء حفلة السخرية والضحك انصرف الشياطين كلا إلى مأواه .
وفى الطريق وجد على طفلا صغيرا يبكى فاقترب منه وسأله عما ابكاه .
الطفل : كنت رايح اجيب لماما الدوا والفلوس وقعت منى .
على : حد يخرج عيل صغير كدة فى الوقت ده ؟
الطفل : ما انا ما عنديش حد كبير وبابا ميت .
على : خلاص خلاص ، اسم الدوا ايه وانا اجيبهولك .
الطفل : ما اعرفش الورقة اللى فيها اسمه كانت مع الفلوس .
على : طب انا اعمل لك ايه ؟ روح اسأل حد عندكوا عن اسم الدوا وانا اجيبهولك .
الطفل : لو رجعت أمى هتعرف انى ضيعت الفلوس و هتضربنى .
على : طب والحل ؟
الطفل : ما اعرفش ، قالها وهو يبكى بشدة .
على : طب تعالى معايا ، انت بتجيب الدوا ده على طول من صيدلية محددة ؟
الطفل : يعنى ايه ؟
على : يعنى انت بتجيبه كل مرة من نفس الصيدلية ؟ والا كل مرة من صيدلية ؟
الطفل : انا ما اعرفش إلا الصيدلية اللى فى آخر الشارع .
على : طب تعالى وريهالى .
أخذه على وذهب للصيدلية ، وسأل الطبيب عن نوع الدواء الذى اعتاد هذا الطفل ان ياخذه واشتراه له ، لم يكتف بهذا بل اشترى له بعض الحلوى واوصله حتى منزله وتركه وعاد للمنزل .
فى ركن منزو بحجرتها جلست هبه تنظر من شباك حجرتها للقمر تبثه وحدتها ويتمها ، تشكل القمر فى صورة امها ، ابتسمت لها ، فشعرت براحة وطمأنينة ، شعرت أنها معها تضمها إليها بحنان ، ابتسمت هبه واتجهت إلى فراشها وتركت باب الشباك مفتوحا ، وظلت تنظر إليه ، وبعد قليل دخلت جدتها الحاجة زينب فصاحت بغضب : برضو يا هبة سايبة الشباك مفتوح ؟ يا حبيبتى هتبردى الدنيا بدأت تبرد ، اغلقت الجدة الشباك واتجهت إلى فراش حفيدتها وقالت بحنان : انتى لسة صاحية ؟
هبة : هانام اهو .
الجدة : صليتى العشا ؟
هبة : اه والله .
الجدة : وبتحلفى ليه ؟ انا يا حبيبتى مصدقاكى .
هبة : معلشى نسيت انك ما بتحبيش الحلفان .
الجدة : لو سيبتى الشباك مفتوح تانى هاخدك تباتى معايا .
هبة : لا خلاص ، انتى بتقلقى كتير بالليل وانا اما باقلق ما باعرفش انام تانى .
الجدة : خلاص نامى عشان هأصحيكى معايا فى صلاة الفجر .
هبه : هابقى اصلى الصبح .
الجدة : احنا قولنا ايه ؟
هبه : خلاص ركعتين الفجر خير من الدنيا وما فيها .
الجدة وهى تقبل رأس حفيدتها : ربنا يهديكى يا حبيبتى ويصلح حالك .
خرجت الجدة وتركت حفيدتها التى ظل نظرها موجها للشباك رغم انه مغلق .
هبه الحفيدة الوحيدة الحاجة زينب من ابنها محمد ، مات والداها وشقيقها الأصغر عبد الرحمن فى حادث سيارة وعمرها ست سنوات ، تكفلت بها الجدة ورفضت ان يأخذها أحد أعمامها أو أخوالها ، حتى لا تكون ضيفا أو عبئا ثقيلا على أحد ، تعلقت الحاجة زينب بحفيدتها واحبتها بجنون ورأت فيها العوض عن ابنها المفقود .
كانت هبه مثار اعجاب اهل القرية فى خلقها وحيائها ، وحفظها القرآن كاملا فى سن صغيرة ، تقدم لخطبتها الكثير من شباب القرية لكن جدتها رفضت الجميع حتى تنهى تعليمها ، وحتى بعد حصولها على الدبلوم من شهور قليلة رفضت الجدة معظم من تقدم لها ، ولم تجد فيهم أحدا مناسبا لحفيدتها ، او يفتقد إلى شرطا من شروطها التى وضعتها لزوج حفيدتها المستقبلى وهى ، ان يكون موظفا بعمل حكومى ، حددت هذا الشرط بسبب وفاة ابنها الذى كان لا يعمل بالحكومة وترك ابنته هبه بلا معاش عدا قيراطين ارض زراعية هى نصيبه من ميراث والده ، وأن يكون من اهل البلد ، حيث كانت ترفض اى خاطب من بلد بعيد حتى لو كان قرية مجاورة لها ، حتى لا تبتعد حفيدتها وقرة عينها عنها ، كما أنها كما كانت تقول مش حمل سفر وبهدلة ، والشرط الثالث والأهم ان يكون مصليا يحافظ على فروضه .
عاد على إلى منزله ، حاول التماسك بعد أن مالت الخمر برأسه ، بالطبع لم يفوته التخلص من آثار رائحتها الكريهة من فمه .
الأم : حمد لله على السلامة .
على : ماما ، ايه اللى مسهرك لحد دلوقتي ؟
الأم : مستنية اعشيك .
على : هو انا صغير ؟ وبعدين انا كلت .
الام : هو أكل الشوارع ده يغذى يا حبيبي ؟!
على : خلاص يا ماما روحى حطى لى الأكل على ما أغير .
فى اليوم التالى استيقظ على على صوت هاتفه المحمول الذى يبدو أنه رن أكثر من مرة وهو لم ينتبه له .
حمل على الهاتف متكاسلا ورد .
على : عايز ايه يا اللاه الساعة لسة 12 ؟
زميله : قوم يا أد فوق على ما تفطر وتنزل تبقى الساعة اتنين ، انت ناسي النهاردة ايه ؟
على : ايه صحيح ؟ انا والله مش فاكر .
زميله : النهاردة الخميس ، معادنا فى شقة المقطم ، الواد بيسة هيجيب لنا خمس حتت لوز .
على : زى بتوع المرة اللى فاتت .
زميله : هو بيحلف المرة دى أنهم فرز أول .
على : أما نشوف .
زميله : ما انت اللى عامل لنا فيها قديس وما بترداش تخليه يجيب بنات .
على : انت عارف رأيى ، بنت بنوت لا .
زميله : ليه يا على ؟ مادام جاية بمزاجها ، هو احنا غصبناها ؟
على : ما فيش واحدة بتيجى بمزاجها ، أكيد جاية عشان الفلوس ، اوعى يا حسن عشان خاطر ربنا ، احنا عندنا أخوات بنات .
زميله : خلاص يا شيخنا ، بيسة عارف طلبك ، واكيد مش هيجيب فيهم بنات ، والا هتمشيهم زى ما عملت قبل كدة .
على : كفاية علينا ذنب واحد ، وده مش اى ذنب .
زميله : انا هاقفل ، أحسن انت شوية وهتخلينى أتوب .
على : ياريت ، هو أنا عارف أتوب نفسى .
جلست ام على على سجادة الصلاة ختمت صلاتها وظللت تدعو لابنها بالهداية .
خرج على من الحمام وهو مرتديا 'برنسا لم يهتم باغلاقه جيدا ، اقترب من أمه فنكست رأسها خجلا وقالت بود .
الأم : روح يا ابنى استر نفسك عيب كدة .
على : هو انا عريان يا أمى ؟
الأم : عيب يا حبيبى أختك تشوفك كدة .
على : حاضر يا ماما .
ارتدى على ملابسه وجلس لتناول طعامه .
الأم : مش ناوى بقى تسمع كلامى؟
على : أنهى كلام ، ما انتى قولتى كلام كتير .
الأم : تتجوز .
على : تانى ؟
الأم : هو انت اتجوزت اولانى ؟
على : تانى الكلام فى الموضوع ده ؟
الأم : يا حبيبي انا نفسى أفرح بيك ، المرة دى العروسة زى القمر .
على : زى القمر ، والا شبه عوض جوز خالتى ؟
الأم : الله يجازيك يا على ، أفطر يا حبيبى وانا ها قوم اعمل لك الشاى ، ونبقى نكمل كلامنا بعدين .
على شخص متقلب المزاج ، تارة تجده فى أفخم الكافيهات وتارة جالس على قهوة بلدى فى حى شعبى ، تارة يتناول طعامه فى أغلى المطاعم بل والفنادق وتارة يجلس على عربة فول مدمس أو عربة كبدة فى موقف ميكروباص .
فى هذا اليوم كان قد قرر أن يحتسي كوب شاى فى قهوة بلدى ببولاق قبل ذهابه إلى اصدقائه ، واثناء جلوسه على القهوة سمع صوت شجار وصراخ امرأة أتى من قريب .
خرج على مسرعا ليستطلع الأمر فكانت المفاجأة التى غيرت حياته .
#ليلة_بكى_فيها_القمر
٢
#جيهان_عيد
وجد زوج يسند زوجته الحامل وهى على وشك الولادة ، الزوج كان يتشاجر مع سائق تاكسى ويستعطفه أن ينقل زوجته إلى المستشفى .
الزوج : والله ما معايا غير 20 جنيه .
السائق : قلت لك 40 جنيه ، هاتدفع أركب مش هتدفع هامشي .
الزوج : لا الله ما يرميك فى ضيقة ، أنت شايفها ممكن تولد حالا .
السائق : يبقى تدفع .
الزوج : طب ودينا المستشفى ، و اديك عارف البيت أما تولد ابقى تعالى فى اى وقت خد فلوسك .
السائق : ما باشتغلتش على النوتة .
اقترب على الذى شاهد الموقف من بعيد .
على : أنا معايا عربية ، عايز تروح فين وانا اوديك .
الزوج بلهفة : مستشفى الجلاء الله يسترك .
انطلق على بالزوج والزوجة إلى مستشفى الجلاء ، لم يتركهما إلا بعد أن وضعت الزوجة التى أنجبت توأما ، وما أن راهما على حتى اقشعر بدنه ، قام الزوج كنوع من الامتنان بحمل أحد الطفلين ووضعه فى يد على ، قبله على وظل يحتضنه تارة ، ويقبله تارة ، ويداعب اصابعه الصغيرة تارة اخرى ، أعطي على الطفل للأم وحمل الطفل الثانى ، كرر معه ما فعله مع أخيه ، ظل يفعل هذا بالتناوب ، نسى الدنيا تماما معهما ، ظن الزوجين أنه زوج عقيم فتركاه ، لكن عندما طال تواجده معهما شعرا بالضيق قليلا ، وعندما رأى على نظرات الريبة فى عيون الزوجين أعطاهما الطفل وانصرف ، ثم عاد بعد قليل وهو يحمل طعاما للأم وبامبرز وملابس جديدة للطفلين ، اعطاهما للزوجة وقام بإخراج كل ما معه من نقود وأعطاه للزوج وانصرف بلا رجعة .
حضرت نشوى ابنة عم هبه والتى تزوجت حديثا بالقاهرة لزيارة اسرتها بالقرية ، زيارتها الشهرية المعتادة التى تستمر ثلاثة أيام على الأكثر ، زارت صديقاتها وكل أقاربها ، واستقر بها المقام اخيرا بمنزل العائلة ، جلست مع هبة ابنة عمها ورقيقة الطفولة وصديقة عمرها تسترجعان زكرياتهما معا ، لكن هذا لم يشغل هبه كثيرا ، كل ما كان يشغلها هو القاهرة وبريقها المبهر ، والحكايات التى تسمعها من ابنة عمها عنها وعن مبانيها المرتفعة ، تذكرت عندما ذهبت مع جدتها فى إحدى المرات لزيارة بعض أقاربها ، كيف كانت تعد طوابق كل عقار وفى كل مرة تخطئ العدد فتترك هذه العقار وتنشغل بعد طوابق عقار آخر ، وهكذا .
حكت لها نشوى عن محلاتها الكبيرة الممتلئة بالبضاعة الفاخرة من ملابس وأحذية ، وحتى أطعمة غير موجودة بالقرية ، وعن اماكن التنزه والسهر الكثيرة من مسارح وسينمات و مولات للتسوق ، وكذلك الأزهر والحسين والسيدة زينب التى زارت ضريحهما ومسجدهما مع جدتها مرة واحدة وهى صغيرة ، من يومها ونفسها تطوق إلى تكرار الزيارة التى كثيرا ما وعدتها بها جدتها ، حكايات وحكايات عن القاهرة الساحرة التى اسماها اهل القرية مصر ، وكأن مصر كلها 'اختصرت فى عاصمتها العتيقة .
كانت هبة تسمع وهى مبهورة ، تمنى نفسها ان يسعدها الحظ وان تكون من ساكينها ، وان تخرج من القرية بشوارعها الضيقة وبيوتها الباهتة المتلاصقة بشدة إلى رحب المدينة الواسعة ذات المبانى النظيفة المرتفعة ، وان 'ترحم من لدغ الناموس ورائحة روث الحيوانات لتعيش فى شقة فاخرة بها تكييف وكل الأجهزة الكهربائية التى تعمل بالريموت ، والأهم ان يكون زوجها رجلا انيقا مثل زوج ابنة عمها ، يرتدى الملابس الفاخرة ويمتلك سيارة حديثة ، يقودها وهى بجواره ملكة متوجة .
عاد على إلى منزله مسرعا ، بحث عن امه فوجدها فى المطبخ كعادتها ، حيث كانت ترفض أن تقوم الخادمة بعمل الطعام ، وتعده هى بنفسها ، تعجبت امه من عودته المبكرة ، وقبل أن تنطق بادرها على قائلا .
على : وحشتينى يا احلى ام فى الدنيا.
ام على : عايز ايه ؟ هات من الاخر .
على : ماما أنا عايز اتجوز .
الأم : بتقول ايه ؟
على : فين العروسة اللى قولتى لى عليها ؟
الأم : بنت ابن بنت خالة أبوك .
على : ايه اللفة دى ؟
الام : عارف خالتك زينب بنت خالة أبوك دى بنت ابنها ، أمها وأبوها ماتوا فى حادثة ، وجدتها خدتها تربيها ، أنا ما شوفتهاش من كام سنة ، كانت عيلة صغيرة من أسبوع كنت بازورها لقيتها بسم الله ماشاء الله بقيت عروسة ...
على : مش دول فلاحين ؟
الأم : كانوا فلاحين ، واما ابوها مات جدتها باعت كل حاجة وبقت تأجر الأرض ، وبعدين مالهم الفلاحين ؟
على : زى الفل يا ست الكل ، يا اللا اتصلى بيهم قولى لهم أننا رايحين نزورهم دلوقتى .
الأم : جرى ايه يا على ؟ هو ينفع كدة يا حبيبى ، اللى بيزور حد بيقول له أنا جاى أزورك دلوقتى ، على الأقل نقول لهم جاين بكرة وإلا بعده .
على : ماشي يا ماما أنا عايز اتجوز و التعطيل جاى منك أهو .
الأم : خد هنا ، أنأ ريقى نشف معاك ، وفجأة كدة جاى عايز تتجوز ، وعايزنى اختار لك ، يعنى لو محدد واحدة معينة كنت قلت فى حاجة بينك وبينها ، قول لى فى ايه ؟
على : فى أن نفسى انفتحت فجأة على الجواز ، وعايز أخلف توأم .
الأم : ربنا يرزقك يا حبيبى بالخلف الصالح .
على : ويكونوا توأم .
الأم : ربنا يجعل أول خلفتك توأم أن شاء الله .
وقفت هبه فى مكانها بجوار الشباك ، تناجى القمر كالمعتاد ، بعد أن رفضت جدتها عريسا جديدا لأنه يسكن بالمدينة التى تتبع لها القرية ، والتى لا تبعد عن القرية سوى نصف ساعة بالسيارة ، تذكرت حديثها مع ابنة عمها عن القاهرة ، التى تمنت أن تعيش بها ، ولكن كيف وجدتها ترفض اى خاطب من بلد بعيد فى حدود محافظتها ، كيف ستوافق على زواجها فى القاهرة التى تبعد خمسين كيلو مترا عن قريتها ، والتى يستلزم السفر إليها ساعة ونصف فى القطار للوصول إلى محطة رمسيس ، اقرب مكان بها ، فما بالها لو كانت فى مكان آخر مثل ابنة عمها التى تسكت بالهرم ، يستلزم هذا سفرا آخر ، والأهم من كل هذا كيف ستحصل على عريسا من القاهرة ، قدم لها عقلها الحل ، أن تخبر نشوى برغبتها فى العيش معها أو بالقرب منها ، وعليها أن تبحث لها عن عريس من اقارب زوجها ، لكنها عادت واستنكرت الفكرة ، ليس من المعقول أن تعرض نفسها بهذه الطريقة ، فقد ترفض نشوى أو تقول ان احدا لم يطلب منها هذا ، وحتى لو حدث ستكون شقيقاتها أولى وهن ثلاث .
ظلت الأفكار تتضارب فى رأس هبه حتى اتعبها التفكير ، فنظرت للقمر وكأنها تستجدى منه الحل ، لكنها وجدته غائبا تماما ، تذكرت أنها فى اخر الشهر العربى ، فاغلقت الشباك حتى لا تتعرض للتبويخ من جدتها التى لا تنام الا بعد أن تطمئن على حفيدتها ، والتى تدخل حجرتها أكثر من مرة ليلا لتتأكد من وجود الغطاء عليها ، لكن وكالعادة ظل نظرها معلقا على الشباك ، وكأنها تستأنس بالقمر صديقها الغائب لساعات ، والذى حتما سيعود من جديد فى بداية الشهر ، وستعود لمناجاته من جديد ، فقد تجد عنده الحل .
ظل أصدقاء على يتصلون به طوال الليل يستعجلونه لحضور السهرة الأسبوعية المعتادة ، وهو يتجاهل اتصالاتهم ، وبعد أن ضاق بهم رد على أحدهم .
المتصل : أنت فين يا على ؟ قلقتنا عليك .
على : أنا كويس ، ومش عايز اعرفكوا تانى .
المتصل : فى ايه يا على ؟
قام على باغلاق الهاتف ، وحظر جميع اصدقائه على الهاتف وكل وسائل التواصل الاجتماعى .
زارت ام على الحاجة زينب جدة هبة ، العروس التى اختارتها أم على له ، وطلبت يد هبه لابنها ، واسقط فى يد الحاجة زينب ، هل ترفض وهى تعلم أن على الذى لا تعلم عن أخلاقه شيئا قد 'يعد فرصة لحفيدتها نظرا لما تتمتع به أسرته من سيرة طيبة وثراء شديد ، ام تقبل ما رفضته كثيرا وتبتعد حفيدتها عنها والتى لم تفارقها منذ وفاة والديها وشقيقها ، كما أنها تتحرج من الرفض ، فأم على لها افضال كثيرة عليها وعلى اسرتها ،كما أنها تركت كل بنات القاهرة واختارت حفيدتها ، فكيف ترفض طلبها ، وقعت الحاجة زينب فى حيرة شديدة ، لكنها حسمت امرها بسرعة وتغلبت عاطفتها عليها و رفضت طلب ام على واطلعتها على السبب .
ام على : امرك غريب يا حاجة زينب ، ما بنت عمها عايشة فى مصر ، ودى فى اخر الدنيا ، لكن احنا فى المهندسين ، وسط البلد .
الحاجة زينب : بنت عمها لها أب يزورها ، لكت هبه غلبانة ، يتيمة ومالهاش حد غيرى .
ام على : لها ربنا احن من الكل ، دى هتبقى فى عينى ، ولو عايزة تيجى تعيشى معاها تعالى ، الدنيا واسعة وخير ربنا كتير .
الحاجة زينب : مش البعد بس يا ام على ، اسم الله ابنك مش شغال حكومة وانتى بتقولى بيدخن .
ام على : حكومة ايه يا حاجة ؟ هو مرتب الحكومة يمشى البيت أسبوع ، ما انتى عارفة ان ابو على سايب له خير ياما ، دى الشركة بس فيها عشرين مهندس وموظف ، ده غير الشقق فى مصر واسكندرية ، وبعدين لو شافها وعجبتوا وعايزة تخليه يجى يعيش هنا هى وشطارتها ، قولتى ايه ؟
الحاجة زينب : قلت لا إله إلا الله ، سيبينى اصلى صلاة استخارة .
#ليلة_بكى_فيها_الحجر
٤
#جيهان_عيد
دخلت الحاجة زينب حجرة حفيدتها ، نظرت إلى الشباك الذى كان اول ما يجذب اهتمامها لكثرة ما تركته هبه مفتوحا ، وبالفعل وجدته كما توقعت ، فصاحت باستنكار : برضو يا هبة سايبة الشباك مفتوح ، اغلقت الشباك واتجهت إلى فراش هبه فوجدتها بدون غطاء فلم تتمالك نفسها من الغضب ، وقالت : هو انتى يا بنتى صغيرة ؟ ما تتغطى الجو بقى تلج .
نظرت لها هبه ولم ترد .
جلست الحاجة زينب بجوار حفيدتها وضعت عليها الغطاء واحكمت اطرافه وقالت برفق : مالك يا ضنايا ؟ حتى الاكل ما كلتيش كويس .
هبه : أنا بس مش متعودة على السفر وتعب المواصلات .
الحاجة زينب : بكرة تتعودى ، انتى رامية حاجتك كدة ليه ؟ أنا حاسة ان فى حاجة مضايقاكى ، انا قلت هادخل الاقيكى عمالة تقيسى فى الحاجة ، ده انتى زمان كنتى لما بتجيبى فستان جديد بتقسيه ميت مرة ، ولحد دلوقتي بتعملى كدة لما تجيبى عباية جديدة .
هبه : يا تيتة قلت لك تعبانة من السفر .
الحاجة زينب : طب يا حبيبتى انا مش هاضغط عليكى وهاسيبك تنامى ، لو حبيتى تقولى لى اى حاجه قلب ستك حبيبتك مفتوح لك .
انحنت الحاجة زينب على هبه قبلتها وانصرفت .
عاد على وعلى وجهه علامات الضيق الشديد ، دخل حجرته ورفض التحدث مع الجميع ، كما رفض تناول الطعام ، شعرت امه ان شيئا ما يضايقه ، وفور دخولها حجرته سألته حتى قبل أن تصل إلى فراشه : مالك يا حبيبى ؟
على : ياماما قلت لك البنت دى مش هتنفعنى .
أم على وهى تجلس بجواره : فى ايه يا ابنى بس ؟ مش كان خلاص وكلمتنى بعدها قلت كان عندك حق يا ماما البنت فعلا كويسة وكلامها مش وحش قوى .
على : مقفلة بطريقة تغيظ ، رفضت انى امسك ايدها .
أم على : مؤدبة .
على : جاية لابسة بتاعة زى اللى كانت لابساها يوم الخطوبة .
أم على : عباية ؟
على : ايوه الجلابية إللى عاملة زى لبس البياعين دى .
أم على ضاحكة : اقول عليك ايه يا على ؟ ابقى لبسها على كيفك .
على : ما هو المصيبة أنها مصممة تجيب لبس بنفس الطريقة ، ولما اتكرمت ووافقت تغير رأيها عايزة تجيب فساتين طويلة .
أم على : بالراحة يا حبيبى عليها ، بكرة لما تيجى هنا هى بنفسها هاتتغير .
على : واخدة الموضوع من ناحية الدين ، عايزة لبس شرعى ، ناقص تقول لى هالبس نقاب .
أم على : برضو حبة حبة وباللين هتلبس إللى انت عايزه بس ما يكونش ضيق ولا قصير .
على : انا بصراحة عايزها تلبس على الموضة زى البنات إللى باشوفها عشان ما ابصش برة .
أم على : تلبس برة لبس محترم وفى بيتك تلبس زى ما انت عايز .
على : وفيها ايه لما تلبس برة كمان زى ما انا عايز ، وكمان انا مش عايزها تلبس طرحة .
أم على باندفاع : يا نهارك اسود ، عايزها تقلع الحجاب ؟
على : وفيها ايه يعنى ؟ الحجاب مش هيليق على اللبس اللى عايزها تلبسه .
أم على : لا انت جرالك حاجة ، ما اخواتك لابسين الحجاب ، انت هتخيب والا ايه ؟ بقى انا قلت ربنا هيهديك على ايدها ، تيجى انت تضلها ، اتقى الله يا ابنى ، وحافظ على النعمة اللي ربنا ادهالك .
على : خلاص يا ماما ، بس انا باقول لك اهو البت دى مش هتعمر معايا .
أم على : لا حول ولا قوة الا بالله ، ربنا يهديك يا ابنى .
خرجت ام على من حجرة ابنها غاضبة ، رن هاتف على : كانت المتصلة شقيقته مها تسأله عما فعل مع هبه التى تذكرها فجأة فقال لشقيقته : اقفلى اقفلى يا مها ، شوية وهاكلمك ، تعجبت مها من حال شقيقها وانهت المكالمة ، ليتصل على بهبه ، التى ظلت تتقلب بفراشها ، رن الهاتف الموضوع بغير اهتمام بجوارها ، نظرت إليه لتجد مكتوبا على شاشته حبيبى ، الاسم الذى سجل نفسه به على الهاتف الذى اشتراه لها ، انتفضت هبه وارتبكت وبدلا من تقوم بالرد ضغطت على زر إنهاء المكالمة ، نظرت للهاتف بحسرة وقالت : ايه الغباء ده أنا عملت ايه ؟ الرد من الزرار الأخضر مش الأحمر ، اعمل ايه دلوقتى ؟ اه اتصل بيه ، هو قال ان فيه رصيد كبير عشان اكلمه فى اى وقت ، وقبل أن تتصل به عاود هو الاتصال بها ، جرت إلى مفتاح الكهرباء لتتأكد أنها لن تضغط على الإنهاء هذه المرة ، ثم فتحت الهاتف فجاءها صوته دافئا يسألها بحنان : نمتى؟
هبه : لا لسة .
على : ما نمتيش ليه لحد دلوقتي ؟ انا عارف انك بتنامى بدرى .
هبه : مش عارفة مش جاى لى نوم .
على : زيى ، طب ما نسهر نتكلم سوى .
هبه : مش هينفع ، عشان احنا لسة ما كتبناش الكتاب ، وانا ما قولتش لتيتة ، وأهم حاجة انى باصحى بدرى اصلى الفجر .
على : خسارة كنت نفسى اتكلم معاكى شوية .
هبه ممكن بكرة لما استأذن من تيتة .
على : زى ما تحبى ، تصبحى على خير .
هبه : على .
على : عيون على .
هبه بعد أن اربكتها الكلمة : ممكن اطلب منك طلب ؟
على : انتى تؤمرى .
هبه : ممكن اتصل بيك تصحى تصلى الفجر ؟
على : بس انا بأسهر ومش هأقدر اقوم .
هبه بضيق : يا خسارة ، كان نفسى تصلى معايا عشان نكون مع بعض فى الجنة .
على : خلاص صحينى واعملى فيا اى حاجة انتى عايزاها بس ما تزعليش .
ابتسمت هبه وشعرت براحة كبيرة حتى أنها قالت بعفوية : ربنا يفرح قلبك زى ما فرحتنى .
على : ما استاهلش كلمة حلوة بقى والا بوسة .
هبه : وبعدين ؟
على : خلاص خلاص ، ما تزعليش .
هبه : تصبح على خير وسعادة وستر وراحة بال .
على : خلاص هتقفلى ؟ خدتى غرضك وبقيتى مش عايزانى .
هبه : نعم .
على : ما تاخديش في بالك ، باهزر معاكى ، وانتى من اهل الخير والستر .
الغريب أن هبه غطت في نوم عميق بعد هذه المكالمة ، اما الأغرب أن على نام هو الاخر مبكرا على غير عادته ، ليستيقظ فجرا على صوت رنين الهاتف ، هبه توقظه ليصلى الفجر .
أنهى المكالمة معها سريعا بناءا على رغبتها حتى تلحق بجدتها ، وظل بمكانه يقاوم النوم ، كلما هم بالمغادرة يناديه فراشه الدافئ ، لكنه حسم أمره واعتدل جالسا ، سأل نفسه : هو الفجر كام ركعة ؟ انا اعرف ان الصبح مرتين ، هو الفجر زى الصبح والا ده حاجة وده حاجة ؟ انا هاروح اسال ماما زمانها قامت هى كمان قامت تصلى .
خرج على من حجرته ليجدها أمامه بالفعل .
ام على : ايه إللى مصحيك بدرى كدة ؟
على : هأصلى الفجر .
ام على : اللهم اما اصلى على النبى ، ايوه كدة يا حبيبى ربنا يهديك .
على : ماما .....
استنكر على ان يسأل امه عن عدد ركعات الفجر فصمت .
ام على : فى ايه يا حبيبى ؟
على : هو الفجر كام ركعة ؟
أم على : ركعتين يا ابنى وقبلهم ركعتين سنة قبلية .
على : بس انا باشوفك بتصلى كتير .
أم على : دى حاجة لربنا ، لو دوقت لذة الخشوع فى الصلاة وحلاوة القرب من ربنا مش هتبطل صلاة .
على : ربنا قادر على كل شئ .
قالها وهو يتجه للحمام للوضوء .
ام على : صاحى لوحدك ومقرر تصلى والا فى حد مصحيك ؟
على: بصراحة هبه إللى مصحاياتى .
ام على : انا صح ، البنت دى تستاهل تقلها دهب ، ربنا يبارك لها .
قامت أم على بتجهيز هبه كما لو كانت بنتا من بناتها ، تم زفاف على وهبه ، بعد أقل من شهر خطوبة ، كانت هبه شديدة البراءة والعفوية ، قروية خام لم تلوثها المدنية بعد ، وهذا ما لم يعجب على ، على الذى اعتاد على المرأة المتمرسة ، لم يفرق بين زوجة محترمة ومومس تبيع جسدها لمن يدفع ، كانت هبه لا تفقه شيئا عن أمور الزواج والتعامل مع الرجل ، حيث اعتقدت جدتها أن هذه الأمور قلة أدب ، ولم تسمح لها بمصاحبة أى فتاة .
لم يكلف على نفسه عناء محو اميتها الزوجية ، بل لعنها واهانها واتهمها بالبرود ، حاولت هبه ارضاؤه بكل الطرق .
على : انتى عبيطة يا بت والا بتستعبطى ؟
هبه : فى ايه بس يا سى على ؟
على : سيبك من جو الخمسينات ده ، انتى شايفانى قصادك احمد عبد الجواد فى الثلاثية ؟
هبه: طب ايه إللى مضايقك ؟
على : قولى ايه اللى مش مضايقك ، انتى كلك على بعضك مضايقانى ، انتى ايه ؟ الله يسامحك يا ماما زى ما بلتينى البلوة دى ، اتجوز عشان اعف نفسى ، الاقى نفسى مدفوع للغلط .
هبه : طب قول لى أنت عايز ايه وانا اعمله .
على : إللى انا عايزه ما يتقالش ، انتى ست ، ما حدش قال لك ازاى تبقى ست ؟ ما اتفرجتيش على تليفزيون ؟ ما اتكلمتيش انتى والبنات أصحابك ؟
هبه : تيتة كانت قافلة التليفزيون على طول ، وماليش اصحاب الا بنت عمى ، وعمرنا ما اتكلمنا في العيب .
على : العيب ، طب نامى ، نامى قبل ما ارتكب جريمة .
#ليلة_بكى_فيها_الحجر
٥
#جيهان_عيد
وما ان تأكد على من حمل هبه حتى هجرها تماما وعاد لشلة السوء واصدقاء السهرات المشبوهة والليالى الحمراء فى أحضان الداعرات .
وعادت هبة لمناجاة القمر تبثه همومها وتشكو له حالها ، تحكى له عن عشقها لعلى الذى 'زرع حبه بين ضلوعها عندما رأته لأول مرة ، على الذى رسمت صورته على القمر كل ليلة وهى تحسب الايام المتبقية على زفافها له ، على الذى حلمت ان يعوضها يتمها وان يكون زوجها وحبيبها وصديقها ، على الذى حلمت ان تصلى خلفه كما وعدها ، على الذى حلمت ان تنجب منه عشرة اولاد يعوضونها وحدتها .
أكبر حماقة يرتكبها الأهل هى السعى للحصول على زوجة صالحة لابن فاسد .
عاد على لسيرته القديمة ، لكن بصورة أكثر فجرا ووقاحة ، وكأنه يريد أن يعوض ما فاته ، عاد للسخرية من خلق الله ، لشرب الممنوعات والخمور ، عاد للعلاقات المحرمة ، عاد لكل ما يخالف الفطرة النقية وتعاليم الدين .
كان يعود فجرا إلى إلبيت يتطاوح من أثر الخمر ، ليجد هبه فى انتظاره ، كانت لا تعاتب ولا تحاسب كما نصحتها جدتها ، مبتسمة دائما وفى أبهى زينتها ، كانت تقضى ساعات غيابه فى الصلاة والتضرع إلى الله أن يحفظه ويرده اليها ردا جميلا .
وفى احدى الليالى عاد على بعد أن مل من سخافاته هو وأصدقائه الشياطين ، عاد ليكمل حفلة السخرية على من حكمه الله فى أمرها بوثيقة الزواج ، على هبه اطيب خلق الله واطهرهم .
فتح على الباب ودخل متسللا كاللصوص ، أو كمن يريد ضبط لص متلبسا بسرقته ، وجد هبه تصلى كالعادة ، وقبل أن يغير ملابسه كانت قد ختمت صلاتها .
على بسخرية : حرما يا ست الشيخة .
هيه : جمعا أن شاء الله وأكون خدامتك .
على : سيبك من جو الشحاتين ده وشوفى لى حاجة أكلها .
هبه : حاضر ثوانى أكون سخنت لك الأكل .
على : لسة هتسخنى ؟ طب والله ما أنا واكل .
هبه : مش أنا قلت لك أما تقرب على البيت اتصل عليا .
على : أنا اجى وقت ما أنا عايز ، وإلا انتى عايزة تعملى حاجة ؟
هبه : حاجة ايه ؟ أنا طول ما أنت غايب بأفضل اصلى وادعى ربنا يحفظك ويرجعك بالسلامه ، زى ما كانت تيتة بتعمل لما اتاخر برة .
على : طب غورى من وشي .
هبه : مش هتاكل؟
على : مش طافح ، سديتى نفسى .
تركها على ودخل ححرة نومه ، فتسللت خلفه برفق فثار عليها وطردها .
على : غورى من هنا بدل ما أحلف عليكي ما تباتى فى الشقة ، خرجت هبه مكسوره الخاطر دامعة العينين .
غط على فى نوم عميق ، بينما جافى النوم عيني هبه ، حتى أذن المؤذن لصلاة الفجر فقامت بهدوء وتوضات وصلت ، ثم نامت مكانها ، استيقظ على فى الساعه الثالثة فى اليوم التالى فوجدها تصلى العصر ، ختمت صلاتها وهبت واقفة وقبل أن تنطق بكلمة قال بغضب .
على : فى ايه يا ست الشيخة ؟ اسيبك بالليل بتصلى أصحى الاقيكى بتصلى ، اكونش اتجوزت رابعة العدوية وأنا مش وأخد بالى .
هبه : كنت باصلى العصر حاضر ربنا ما بيباركش فى أى عمل يلهى عن الصلاة ، وبالليل كنت فاضية قلت بدل ما أقعد اتفرج على التليفزيون أصلى ، تيتة كانت بتعمل كدة .
على : الله يلعن أبو اليوم اللى شوفتك فيه إنتى وتيتة ، ياريتنى كنت اتجوزت واحدة أمها وإلا ستها رقاصة ، كان زمانى قدامى واحدة ست دلوقتى ، إلا أنتى بتعرفى ترقصى يا بت ؟
هبه : لا ، بس أما أولد أن شاء آلله أتعلم .
على : غورى يا بت من وشى هاتى لى الطفح ، واياكى تتاخرى .
هبه : الاكل جاهز على السفرة .
جلس على وهبه يتناولان طعام الإفطار
هبه : على ؟
على : عايزة ايه من زفت ؟
هبه : ممكن أطلب منك طلب ؟
على : لو عايزة فلوس خدى من ماما أو من مها اختى .
هبه : لا مش عايزة فلوس ، على ممكن عشان خاطر ربنا تصلى .
على : وفرى نصيحتك لنفسك ، كل واحد بيتحاسب عن نفسه .
هبه : أنا نفسى تبقى فى الجنة معايا .
على : آظن انتى سالتينى وأحنا مخطوبين ، قلتى لى بتصلى ، قلت لك لا .
هبه : بس صليت والتزمت وكنت بتصحى تصلى الفجر معايا .
على : وادى النتيجة ، سيبينى اصلى من نفسى مش عشان خاطر حد ، اما ربنا يهدينى مش هاحتاج نصيحة منك .
هبه : ربنا يهديك .
لحظة صمت قطعتها هبه : على ممكن اسالك سؤال والا تزعل ؟
على : اتزفتى اسألى ، هو يوم أزرق انا عارف .
هبه : انت رجعت السكة إلى كنت فيها .
على : ايوه ، وانتى السبب .
هبه : انا .
على : ايوه ، وبلاش تتكلمى اكتر من كدة عشان ما اجرحكيش .
هبه وهى تبكى : انا يا على السبب ؟
على : انا يا ستى إللى وحش ومنحرف ، واظن انا ما خدعتكيش ، صارحتك بكل حاجة عنى قبل الجواز ، وقلت لك إنى عملت علاقات غلط ، فاكرة والا لا ؟
هبه : أيوه فاكرة ، وقلت لك إن شاء الله هتصلى وتبطل تعرف بنات .
على : ليه كنتى فاكرة نفسك مارلين مونرو ؟ قلت لك اسكتى مش عايز أجرحك .
هبه : ممكن تكون متجوز مارلين مونرو وبرضو تعمل حاجات غلط ، لازم تكون من جواك كاره الحرام ، دى الحاجة الوحيدة اللى هتمنعك عن الزنا ، تخاف ربنا ، ربنا حرم القتل والسرقة وحاجات كتير غلط بأنه قال لا تقتلوأ ، لا تسرفوا ، لا تقنطوا من رحمة الله ، الا الزنا قال ولا تقربوا الزنا ، مجرد القرب منه حرام ، القرب من أى حاجة توصلك ليه حرام .
على : وايه كمان يا ست الشيخة ، هو شكله يوم أزرق من اوله ، مش طافح ، وماشى وسايب لك البيت .
ترك على الطعام ، فقامت هبه خلغه تعتذر .
هبه : أنا أسفة يا على ، حقك عليا ، بس ده واجبى .
على : واجبك مش عارفة تعمليه ، سيبى غيرك يعمله .
هبه : فى الحرام يا على ؟
على : فى الزفت انتى مالك ؟ انتى وظيفتك هنا تاكلى وتشربى وتشوفى طلباتى ، غير كدة ما اسمعش حسك .
هبه : طب والله هاتعلم كل حاجة انت عايزها .
على : حتى لو عملتى ايه ، انا خلاص نفسى انسدت عنك ، عايزة تعيشى يا بنت الناس عيشى ، عايزة تتطلقى هاديكى كل حقوقك وكل واحد يروح لحاله .
صمتت هبه تماما ، وخرج على ولم يعد الا فجرا كالامس وككل الليالى .
وفى كل ليلة يعود ليجدها فى انتظاره ، وكأنه لم يجرحها أو يهنها أو حتى يمد يده عليها ، تلك العادة السيئة التى أصبح يمارسها اخيرا كلما ثار عليها ، وكأن خطاياه كانت فى حاجة إلى المزيد ، تدرج الضرب من الصفع على الوجه حتى اللكم باليد والقذف بما تطوله يداه ، وهبه على صبرها وهدوءها وصفحها وطيبتها ، وحبها.
لم تياس هبه من على ، ظلت تلح عليه كلما سنحت لها الفرصة وهو كقوم نوح ، أغلق أذنيه عن النصيحة .
وككل بنات الأصول لم تشك' هبه ابدا من على ولا حتى لأمه ، حتى عندما كان يهينها أو يمد يده عليها كانت لا تخبر أحدا ، ولا تشكو إلا إلى الله ، ثم صديقها القمر ، لم تكن شكوي بقدر ما كانت دعوة بالهداية ، ان يعود لرشده وان يلتزم بالصلاة ويتوقف عن فعل المحرمات .
أحبت هبه على بكل جوارحها ومشاعرها البكر ، فقد كان أول رجل تعرفه ، وضعته فى منزلة القداسة ، كلامه اوامر ، راحته الهدف الأول والاخير لها ، حتى ما عجزت عن الوفاء به حاولت تعلمه بشراء الكتب أو بالاطلاع على شبكة الإنترنت ، وكثيرا ما شعرت بالحرج ، لكن حبها لعلى ورغبتها في الاحتفاظ به جعلتها تكمل ، لكن ما حصلت عليه كان معلومات نظرية لم يعطها على الفرصة لتطبيقها ، ومنعها حياؤها من محاولة إرجاع زوجها الهاجر لفراشها ، ولم يعد أمامها الا الدعاء لله ان يهدى قلبه لها ، بالحب وحده سيفعل كل ما تريد ، هذا ما تصورته .
حانت لحظة ولادة هبه ، كالعادة لم يكن على فى البيت ، اتصلت هبه به فرفض الرد عليها ، ظن أنها ستطلب منه الرجوع مبكرا ، اتصلت به أمه وشقيقاته واخيرا رد على شقيقته مها ، علم منها أن هبه فى المستشفى فرد ببرود : وأنا اعمل لها ايه ؟ هاجى اولدها ؟
مها : مراتك بتولد ولازم تبقى جنبها ، اتقى الله وإلا أنت عايز عيال على الجاهز ؟ اعتبرها واحدة من الشارع زى إللى روحت معاها وساعدتها .
على : فى مستشفى ايه ؟
حضر على بعد ولادة هبه بقليل ، كانت ما تزال تحت تأثير البنج ، اقترب منها وقال بود : حمد لله على السلامة .
هبه : الله يسلمك .
الأم : جابت ولد زى القمر .
على : يعنى ما جابتش توأم ؟
هبه بوهن : معلش يا على ، المرة الجاية ان شاء الله .
الأم : قول الحمد لله .
على : الحمد لله ، هو فين ؟ عايز اشوفه .
الام : خدوه يوزنوه ويشوفوه .
فى هذه اللحظة جاء الطبيب المتابع للطفل .
الطبيب : أنت زوج مدام هبه ؟
على : أيوه .
الطبيب : عايزك لوحدنا .
على : ما تقول هو سر حربى ؟ لو على الفلوس خلى الحسابات يجهزوا الفاتورة .
الطبيب : يا أستاذ انا عايزك بخصوص ابنك .
على : ماله ؟
الطبيب : للأسف الولد
انتظروا الحلقة القادمة بإذن الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق