أعلان الهيدر

أحدث المواضيع

الجمعة، 28 مايو 2021

الرئيسية رواية عزلاء أمام سطوة ماله كامله علي نجوم ساطعه من بارت 51 حتي بارت55

رواية عزلاء أمام سطوة ماله كامله علي نجوم ساطعه من بارت 51 حتي بارت55

 

عزلاء أمام سطوة ماله


( 51 )


_ هزيمة ! _


نزلت "سمر" مع "عثمان" بعد أن قامت بغسل وجهها و أرتدت حچابها ثانيةً ..


كانت تعرج و هي تمشي ، فأجبرها علي الإستناد إليه غير عابئ برفضها ، تابع مع خطواتها بتمهل و صبر بينما كانت هي في عالم أخر


كانت تنظر حولها بإنبهار شديد ، هي تعلم جيدا أنه ثري ثراء فاحش تعلم أنه يملك كل شيء و قد رأت بعينها بعض مما يملك


و لكن هذا القصر الفخم كان بعيدا عن خيالها تماما .. المساحة شاسعة ، الأضواء متناسقة مبهرة للأبصار ، الديكور منه الأثري و العصري و بمختلف الأشكال ، و اللوحات المنتشرة علي الجدران كلها يعود تاريخها للعصور الوسطي


شعرت "سمر" بإنها وقعت بكتاب يروي إحدي الأساطير الخرافية


أخيرا وصلت بصحبة "عثمان" لغرفة الصالون الكبيرة و التي لا تقل فخامة عن بقية القصر

تعلقت بها العيون عند دخولها و تباينت ردود الأفعال ..


نظرات توتر فقط من عيون ثلاثة أشخاص صوبت نحوها ... "رفعت" و "صالح" و "مراد" ..


كان "فادي" وحده الذي جلس محاصرا بأفراد الحراسة مختلفا عنهم

كان يرمقها بإزدراء شديد ، لقد خلا من العنف و الوحشية الآن ، لكنها شعرت بعدم قدرتها علي تحمل نظراته


ليته يفعل أي شئ أخر ، ليته يقتلها ، و لكن هذه النظرة صعبة جدا .. لا يجب أن تأتي منه هو ..


كانت "زينب" تقف بجانبه تضع يدها علي كتفه و تربت عليه بلطف ، بينما مضي "عثمان" بـ"سمر" وسطهم و أجلسها في كرسي قريب منه


كان المأذون حاضرا و المصور الذي طلبه أيضا ، لكن "رفعت" سأله مرة أخري :


-هنكتب الأول يا عثمان و لا إيه ؟!


عثمان بصوت هادئ :


-لأ يا عمي هناخد الصور الأول .. ثم نظر إلي الشاب الممسك بالكاميرا و قال :


-تعالي يابني . شوف هتصورنا إزاي بس خد بالك الإصابة إللي في دراعي دي مش لازم تظهر في الصور و المدام كمان مش هتقدر تقوم من مكانها.


المصور بإبتسامة :


-تحت أمرك يافندم . طيب معلش حضرتك هتيجي كده من الناحية التانية و هتميل شوية بس ... أيوه . شمال سنا . راسك فوق . إبتسامة صغيرة . بــــس كده تمام أوي.


و صوب العدسة نحوهما و كاد يلتقط الصورة الأولي ، لكنه توقف فجأة و قال بإرتباك :


-من فضلك يا مدام ممكن تبتسمي شوية بس ؟


إزداد إضطراب "سمر" عندما أحست بالنظرات تتأملها أكثر ، ليحثها "عثمان" و هو يهمس في أذنها بنعومة :


-سمر . إبتسمي يا حبيبتي . يلا عشان ننجز !


تحاشت "سمر" النظر في عيونهم جميعا ، ركزت فقط علي عين الكاميرا .. بذلت جهد كبير حتي نجحت في رسم إبتسامة خفيفة علي ثغرها ، و رغم أن وجهها خاليا من مساحيق الزينة إلا إن جمالها الطبيعي طاغي في كل وقت و آن


إنها مجبورة علي كل هذا ، لولا أنها تخشي الفضيحة و تخشي علي مستقبل أخيها و أختها ما كانت لتقبل أبدا أن تقوم بأي من هذا ..


إلتقط المصور ثلاثة صور لهما علي نفس هذا الوضع ، عرضهم علي "عثمان" ليختار واحدة منهم لتكون مرفقة بعنوان الخبر ، فإختار "عثمان" الأولي .. كانت إبتسامة "سمر" واضحة أكثر فيها


-يلا بقي يا عثمان عشان نكتب الكتاب .. قالها "رفعت" بنفاذ صبر


-مولانا إتأخر و إحنا جايبنه في ساعة زي دي !!


إبتسم "عثمان" و مشي ناحية المأذون


كانت "سمر" تسمع كل شئ ، و لكنها لم تجرؤ علي المشاهدة ، إذ كان صوت أخيها الجاف و المقتضب بالنسبة لها كالطعنات بالضبط ..


-تعالي يا عروسة عشان تمضي ! .. قالها المأذون بإبتسامة ، ليتطوع "عثمان" و يأخذ لها الدفتر و القلم حتي تمضي و هي في مكانها


أخذت منه القلم بدون أن تلمس يده ، مضت بإسمها ثم غمست إصبعها في الحبر و بصمت علي الورق


إنتهي عقد القران أخيرا و إستأذن المأذون و ذهب

بينما قام "فادي" من مكانه فجأة ليتأهب له الجميع بنظرات متوجسة ..


فادي بصوت حاد :


-المسرحية خلصت خلاص ؟ عايز أختي الصغيرة . هاتوهالي.


ترتجف "سمر" بخوف عندما قال أخيها ذلك


شعر "عثمان" بها فأحاط كتفها بذراعه و رد بهدوء شديد :


-قولتلك يا فادي . عايز تمشي إمشي . لكن سمر و ملك هيفضلوا هنا.


توهجت نظرات "فادي" ليقول بغضب :


-إنت فاكر إنك ممكن تمنعني أخد أختي ؟ ده أنا أوديك في ستين داهية.


عثمان بثقة :


-ملك هتفضل هنا مع أختها . هنا أفضل كتير بالنسبة لها . بص حواليك . هنا كل حاجة متوفرة . هنا مش هينقصها حاجة.


فادي بحدة :


-و إنت فاكرني مش هقدر أوفر لأختي إحتياجاتها ؟ حتي لو . مستحيل أسيبها عند واحد و×× زيك.


تمالك "عثمان" نفسه و غض النظر عن الإهانة و قال بصرامة :


-ملك مش هتمشي معاك يا فادي . بس ده مش معناه إنك مالكش حق فيها . كل ماتحب تشوفها إتفضل في أي وقت.


إحتدم "فادي" غضبا و قال بتهديد :


-مش هسكت . مش هاسيبك !


و إستدار دافعا من أمامه بقوة أفراد الحراسة و ذهب ، لتتبعه "زينب" فورا بدون تفكير ..


لمس "عثمان" خد "سمر" :


-كل حاجة بقت كويسة دلوقتي ! .. كان صوته هامسا


-إحنا بقينا مع بعض . أنا مش هاسيبك أبدا.


كان داخل "سمر" مضطربا بالرعب و الآسي ، و لم تصدق قوله بأن كل شئ بات بخير .. تري ماذا سيفعل "فادي" ؟؟؟؟؟


قاطع شرودها إنحناء "عثمان" عليها ..


سمر بإستغراب :


-إنت بتعمل إيه ؟!


حملها "عثمان" في هذه اللحظة دون عناء رغم إصابة كتفه ، لتصرخ بإحتجاج :


-إيه ده نزلني !


عثمان بلطف ممزوج بالحزم :


-إهدي . هطلعك فوق عشان ترتاحي.


سمر بغضب :


-نزلني أنا هعرف أمشي .. و حاولت التخلص منه بلا فائدة ، بالطبع لن تقوي عليه


تمتمت بغيظ ممزوج بالخجل الشديد :


-إللي قاعدين دول يقولوا إيه ؟؟؟


ضحك "عثمان" بمرح و قال بصوت مرتفع ليسمعه الجميع :


-يقولوا راجل و مراته و بعدين طز في أي حد.


و أخذها و صعد للأعلي وسط دهشة و ذهول عمه و إبن عمه و صديقه المقرب ...


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في منزل المعلم "رجب" الجزار ...


يجلس "خميس" في غرفته وحيدا مكتئبا


يتذكر مرارا موقف هزيمته ، الهزيمة الوحيدة بحياته كلها ، و التي كانت بمثابة الضربة القاضية ..


Flash back


أمسك "عثمان" بـ"سمر" الملقاة أرضا و فاقدة وعيها ، ثم ضمها إلي صدره بحركة إستحواذية كإعلان عن ملكيته لها


نظر للضابط و قال بصوته العميق :


-الست دي مراتي يا حضرة الظابط . حصل بينا سوء تفاهم و أنا جيت عشان رجعها البيت.


الضابط بتهذيب :


-مفهوم يا عثمان بيه . بس الإصابة إللي في كتف سيادتك دي مين السبب فيها ؟ حد من الموجودين ؟؟


إستعد "خميس" في هذه اللحظة و تحرق شوقا لنطق "عثمان" بالكلمات ، فهذا شئ يشرفه و لو سنحت له الفرصة لكان قتله و ذبحه مثلما يفعل بالأضحيات ..


-محدش سبب فيها يا حضرة الظابط .. قالها "عثمان" بصوت خال من أي تعبير


-دي مجرد حادثة غير مقصودة !


تنفست "نعيمة" الصعداء عندما نفي "عثمان" التهمة عن إبنها ، بينما كاد "خميس" أن يصرخ و يثبتها علي نفسه ليلكزه أبيه في كتفه و يرمقه بنظرة تحذيرية ..


الضابط بإلحاح :


-إنت متأكد يافندم ؟ يعني مافيش خطر علي حضرتك هنا ؟ البلاغ إللي جالنا من الأهالي هنا قال إن حضرتك في خطر !


عثمان بإبتسامة باهتة :


-مافيش خطر يا حضرة الظابط . إطمن أنا في وسط أهلي.


و أشار بالأخص إلي عمه و "صالح" و "مراد" و دزينة الحراسة التي تكاد تسد الشقة الصغيرة من هول أحجامها ..


الضابط بإبتسامة :


-طيب ياباشا . إللي تشوفه . إحنا هنمشي دلوقتي بس لو حصل أي حاجة بلغنا هنرجع فورا.


عثمان بثقة :


-مافيش حاجة هتحصل.


و بعد ذهاب أفراد الشرطة يأمر "عثمان" طاقم الحراسة بأخذ "فادي" إلي السيارة ، رغم أن الأخير قاومهم لكنه لم يصمد أمامهم طويلا ..


تدخل "رفعت" عند هذا الحد :


-ممكن أفهم إيه إللي بتعمله ده ؟؟؟ .. كانت الحدة تغلف صوته


عثمان ببرود :


-هفهمك بعدين يا عمي .. ثم نظر إلي "مراد" و تابع :


-مراد من فضلك خد ملك و إسبقنا علي تحت .. و أشار إلي الطفلة الصغيرة التي حملتها "شهيرة" بين ذراعيها


زينب صائحة بغضب :


-إنت بتعمل إيه يابني إنت ؟ واخد العيال علي فين ؟ محدش فيهم هيخرج من هنا و فادي لو مارجعش إنت حر !


لم يعيرها "عثمان" إهتماما و حث صديقه بهدوء :


-يلا يا مراد .. ثم قال بنبرة ذات مغزي و هو يصوب نظراته إلي "زينب" :


-يلا قبل ما الموضوع يوسع أكتر من كده . البوليس لسا قريب.


رمقته "زينب" بغضب شديد ... إنه يهددها


مد "مراد" ذراعيه ليأخذ "ملك" فناولته "شهيرة" إياها بتردد و هي تنظر إلي "زينب" العاجزة عن التفوه في هذا الوقت ..


تابع "عثمان" كلامه :


-و إنت يا صالح خد صفية و علي تحت إنت كمان.


كان "خميس" يشاهد كل هذا و هو يتلوي بين الأيادي الممسكة به ، يزمجر تارة و يغمغم بكلمات غير مفهومة تارة أخري ، كم أراد أن يتحرر من هذه القيود و ينقض عليه خاصة عندما وجده يحملها و يتجه بها إلي الخارج


كان عاجزا بدوره .. والده و الرجال المواليين له ، جميعهم تجمعوا ليكبحوه حتي لا يرتكب جرما ، فهو طائش و خطير مثالا يحتذي به حقا في التهور و الأفعال الدموية ...


Back


بعد قليل تدخل والدته إليه هي تزيل عن وجهها دموع الحزن ... تقترب منه و تمسح علي شعره بحنان قائلة :


-إيه يا خميس ؟ مش هتيجي تتعشا معانا يابني ؟!


خميس بعصبية :


-مش عايز أطفح . سيبيني في حـآاالي.


نعيمة بحزن شديد :


-يابني ماتعملش كده في نفسك إللي خلقها ماخلقش غيرها و لا إيه ؟؟؟


هب من مكانه صارخا بإنفعال :


-يووووووه إنتي مش هتسكتي أبدا . عايزة إيه يعني ؟ عايزاني أسيبلك البيت و أهج عشان ترتاحي ؟؟؟


نعيمة بذعر :


-لأ لأ . لأ يا خميس ده إنت حبيبي يابني أنا مقدرش أعيش منغيرك ياضنايا . إنت إللي طلعت بيك من الدنيا يابني .. و إختنق صوتها في العبارة الأخيرة لتجهش بالبكاء


جاء صوت "رجب" الصارم و هو يقف عند عتبة الباب :


-تعالي يا نعيمة . تعالي و سيبه دلوقتي . هو هيهدا لوحده.


تنهدت "نعيمة" بآسي و إنصاعت لزوجها


تركت "خميس" وحده ، ليعيد إستعراض نفس الأحداث من جديد ، و يتألم في صميم نفسه و رجولته في كل مرة ...


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


عند "سمر" ...


بعد أن تركها أخيرا و ذهب ليطمئن علي أمه ، أخذت تتجول ببصرها في جناحه الفخم الذي تشيع فيه الكلاسيكية إلي حد كبير


حيث السجاد التركي المحاك من الحرير ، و الأثاث الإنجليزي المذهب ، و النوافذ الطويلة ذات الإطلالة البانورامية الآسرة ..


قاطع شرودها دخول فتاة في مقتبل عمرها


كانت جميلة إلي حد ما ، لكن "سمر" توترت عندما رأتها و في نفس الوقت إبتسمت و غمرتها الراحة لأن "ملك" كانت معها ..


-مساء الخير ! .. قالتها "هالة" بصوتها الرقيق


سمر بشئ من الإرتباك :


-مساء النور !


وضعت "هالة" الصغيرة "ملك" بحضن شقيقتها و قالت بإبتسامة :


-أنا هالة . بنت عم عثمان.


سمر بضيق :


-أهلا !


هالة بحذر :


-أنا آسفة لو كنت جيت و ضايقتك . الداده كانت هتجبلك الصغنونة بس بصراحة أنا إللي ماقدرتش أقاوم فضولي و جيت عشان أشوفك كويس.


رمقتها "سمر" بغرابة ، فضحكت "هالة" و قالت بمرارة خفية :


-أصل لما عثمان جابك من شوية كنتي فاقدة الوعي و ماعرفتش أشوفك كويس . هو كان خايف عليكي أوي و رغم الجرح إللي في دراعه مخلاش حد يلمسك و أصر يشيلك و يطلعك بنفسه لحد هنا.


نظرت لها "سمر" بصمت ، لتكمل "هالة" و تقر و هي تشعر بألم يجيش بداخلها :


-عثمان عنده حق يحبك . إنتي حلوة أوي فعلا رغم إني ماعرفش إنتوا إرتبطوا إزاي و كمان ماعرفش إيه حكايتكوا و إيه إللي حصل إنهاردة بس هو بجد بيحبك . أنا شوفت ده في عينه .. أول مرة أشوف عثمان كده !


آتي صوت "عثمان" في هذه اللحظة :


-أول مرة تشوفيني كده إزاي يا هالة ... ؟؟؟

متابعين ممدوح سليم

عزلاء أمام سطوة ماله


( 52 )


_ حساسية ! _


دخل "عثمان" و هو ينقل نظراته بينهما بفضول شديد ...


إلتفتت "هالة" إليه و قالت بإبتسامة خفيفة :


-عثمان ! تعالي . أنا كنت جاية أشوف آا .. و توقفت لتتساءل :


-هي مراتك إسمها إيه ؟


عثمان و هو ينظر بتركيز نحو "سمر" :


-إسمها سمر.


إبتلعت "هالة" غصة في حلقها و جاهدت لترد بنفس الإبتسامة :


-أه سمر . كنت جاية أشوفها و أطمن عليها.


زم "عثمان" شفتاه و قال :


-اممم . طيب إيه حكاية إللي أول مرة تشوفيني كده دي ؟!


-أبدا . كنت بقولها إنك كنت قلقان عليها لما كانت فاقدة الوعي . كنت بقولها إني أول مرة أشوف نظرات حب في عنيك .. كانت هناك رنة حزن في صوتها


عثمان شاكيا بمرح :


-جري إيه ياناس ؟ هو أنا كنت جبلة يعني و مابحسش ؟ أنا إنسان عادي و الله !


هالة بضحكة بمصطنعة :


-مش قصدي يا عثمان أنا بس حبيت أعرفها إنها الوحيدة إللي قدرت تلمس قلبك.


فهم "عثمان" ما ترمي إليه ، لكنه إكتفي بالصمت و رسم إبتسامة بسيطة علي ثغره ..


تتنهد "هالة" بعمق ثم تقول برقتها المعهودة :


-أوك . أسيبكوا أنا بقي عشان تستريحوا و ألف سلامة عليكي يا سمر.


سمر بشئ من الأرتباك :


-الله يسلمك !


هالة بتردد :


-و لو تسمحيلي أبقي أجي الصبح للصغنونة و أخدها العب معاها . ممكن ؟


هزت "سمر" كتفاها و قالت :


-ممكن .. ثم داعبت شعر "ملك" بأناملها و أكملت :


-هي شكلها أخدت عليكي بسرعة !


هالة بإبتسامة :


-أنا حبيتها أووي بجد . هي جميلة و لذيذة خآالص . بس صحيح هي إسمها إيه ؟؟؟


سمر بنبرة ودية :


-إسمها ملك.


هالة بإعجاب :


-الله إسمها جميل أوي و لايق عليها أووي . خلاص بكره الصبح هاجي أستلمها منك .. و ضحكت بخفة


-يلا تصبحوا علي خير.


و إنصرفت "هالة" أخــيــــــــــرا ..


ليتوجه "عثمان" صوب زوجته .. جلس علي السرير بجوارها ، فتزحزت بعيدا عنه فورا


رفع حاجبه بدهشة :


-ده إسمه إيه ده ؟!


زجرته "سمر" بنظرة غاضبة ثم أشاحت عنه


عثمان بإستخفاف :


-طيب ماتبوصليش كده بس عشان بخاف !


لم ترد عليه بعد ، ليقول بغيظ :


-لما أكلمك تردي عليا .. و شدها صوبه من ذراعها


-آااااه .. تأوهت "سمر" بألم عندما ضغط بقوة علي متطقة الكسر في ذراعها


تركها "عثمان" بسرعة و قال بأسف :


-أنا آسف . ماكنش قصدي .. و أكمل بحدة :


-بس بردو لما أكلمك تردي عليا.


نظرت له "سمر" بدهشة شديدة ..


" البني آدم ده مش طبيعي ! " .. تمتمت في نفسها ، و عادت تنظر للجهة الأخري و هي تقول بجمود :


-عايز إيه ؟ إوعي تكون فاكر إن الموضوع خلص و إنك عملت إللي في دماغك و كله تمام . لازم تعرف إني وافقت علي الجواز منك عشان أحمي سمعة إخواتي و بس مش عشان أي حاجة تانية . فلو جاي دلوقتي و فاكر إني ممكن أسلملك تاني تبقي غلطان أنا مش طايقة أشوفك أصلا.


وجدته صامت ، فنظرت له بطرف عينها رأته مبتسما بحبور شديد .. رمقته "سمر" بإستغراب ، لينفجر ضاحكا و يقول :


-عارفة يا سمر رغم إننا ماعشناش فترة كبيرة مع بعض بس أنا بقيت عارفك أكتر من نفسي . إنتي فاشلة في الكدب خالص يا حبيبتي .. و أكمل ضحك


حدقت "سمر" في وجهه بشراسة و قالت :


-أنا بكرهك !


عثمان بإبتسامة مستفزة :


-Very Good الكره عاطفة جياشة من ضمن العواطف معني كده إني مستحوذ علي جزء من عواطفك.


إحتقن وجهها بالدماء من شدة الغيظ ، فهدئها بلطف :


-طيب خلاص إهدي . عموما إطمني و إنتي في حالتك دي مستحيل أقرب منك طبعا و آ ..


-مش هتقرب مني و مش هتنام جمبي أصلا .. قاطعته "سمر" بصرامة


عثمان بإستهجان :


-نعم ياختي ! أومال عايزاني أنام فين ؟ دي أوضتي و ده سريري !!


سمر ببرود :


-من بكره الصبح هاسيبلك سريرك و أوضتك و بيتك كله . همشي.


عثمان بحدة :


-الجنان إشتغل بقي صح ؟ تمشي علي فين يا حبيبتي ؟!


سمر بإزدراء :


-أي حتة بعيد عنك.


زفر "عثمان" بنفاذ صبر و قال :


-سمر صدقيني أنا خلقي ضيق جدا و في العادة ماعنديش صبر لأي حد . ماتلعبيش بأعصابي لو سمحتي عشان ماعملش حاجة أندم عليها و ماتنسيش إني لو غلط فأنتي كمان شريكتي في الغلط يعني ماتمثليش بقي و إظبطي كده خلي الحياة تبقي سهلة بينا.


نظرت له بغضب ، ليكمل بلا إكتراث :


-الليلة بس أنا هنام في أوضة اللبس بتاعتي . هكون Gentle Man معاكي للأخر و هديكي مساحة خصوصية عشان تأقلمي نفسك علي الوضع الجديد .. ثم نظر لأختها و تابع :


-بالنسبة لملك أنا وصيت الخدم يجهزوا أوضة عشانها بكره هتكون جاهزة و لما تقومي بالسلامة ممكن تختاريلها ديكور حلو.


سمر بإستنكار :


-أختي مش هتبعد عني !


عثمان بحزم :


-مش هتعرفي تاخدي بالك منها و إنتي كده . في مربية أجنبية هتيجي من بكره ترعاها و تقعد بيها هتكون هي شغلها الشاغل يعني ماتقلقيش.


كادت تفتح فمها ثانيةً لتعترض


عثمان بصرامة :


-مش عايز نقاش . كلامي مافيهوش حاجة غلط يبقي إعتراضك مالوش لازمة .. ثم أشار إلي كومة الحقائب بأقصي الغرفة و قال :


-أنا جبتلك كل هدومك من البيت علي فكرة و هدوم ملك كمان . بكره هخلي حد يفضي الشنط و هوسعلك مكان جنب هدومي.


سمر بإبتسامة ساخرة :


-شكرا.


عثمان بنفس طريقتها :


-العفو .. ثم قال بحنق :


-أنا هقوم من جمبك دلوقتي قبل أجيب أخري . مش كفاية كتفي كان هيروح عشان خاطرك !


عبست "سمر" بضيق ، فإبتسم فجأة و سألها :


-صحيح أنا فاكر إنك صوتي عليا و أغم عليكي لما شوفتيني بنزف . خوفتي عليا ؟ .. و غمز لها


نظرت له من علو و قالت بجفاء :


-أنا ماخوفتش عليك إنت . أنا كنت خايفة علي أخويا !


عثمان ضاحكا :


-و أنا مصدقك . يلا تصبحي علي خير .. ثم حني رأسه ليقبل "ملك" و هو يقول :


-تصبحي علي خير يا أنسة ملك.


إبتسمت "ملك" له و شبكت أصابعها الصغيرة في شعره و شدته إليها ..


ضحك "عثمان" من جديد و قال :


-هو يا دقني يا شعري ؟ إيه حكايتك مع وشي يابنتي ؟!


و فك أصابعها بصعوبة ، ثم ربت علي شعرها برفق ، و توجه نحو غرفة ملابسه و أغلق الباب وراءه ..


في هذه اللحظة أمسكت "سمر" بالصغيرة و هزتها بقوة لتجعلها تنظر لها ، ثم قالت بحدة :


-إنتي يا بنت . بوصيلي و إسمعيني كويس !


إلتحم حاجبي "ملك" الدقيقين ببعضهما تحت عيناها الواسعتين و هي تنظر بإستغراب لشقيقتها ، بينما أكملت "سمر" :


-الراجل ده . بطلي تضحكيله بطلي تلعبي معاه . ده مش كويس و مابيحبناش لو شوفتك ضحكتيله تاني أو لعبتي معاه مش هيحصلك طيب فاهمة ؟؟؟


إنتفضت "ملك" علي أخر كلمة و راحت شفتاها ترتجفان ... لاحظت "سمر" فجأة أنها كانت تضغط بشدة علي جلد أختها ، فوجئت بردة فعلها و قالت بصوت مخنوق :


-حبيبتي . أنا آسفة يا لوكا !


و لكن فات الآوان ، هطلت دموع "ملك" و علا صوت نشيجها المحموم .. أسرعت "سمر" لمواستها و هي تقول :


-لأ لأ . ماتعيطيش يا حبيبتي . خلاص حقك عليا . أنا ماقصدش أزعلك يا قلبي ده إنتي أغلي حاجة في حياتي .. ثم ضمتها إلي صدرها و تابعت بمرارة :


-أنا بس مش فاهمة إيه سر حبك للراجل ده ؟ حبتيه إزاي ؟ إزاي بتضحكيله و بتتبسطي كده و هو موجود ؟ إزآااي يا ملك ؟؟؟


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


يأتي صباح يوم جديد ...


ليذهب "صالح" عند "صفية" و يصر علي تناول الفطور معها بالأسفل في الحديقة .. إستسلمت "صفية" أمام إصراره الكبير و نزلت معه


بقت شاردة طوال جلستها معه ، إلي أن قاطع شرودها بنفاذ صبر :


-صافي ! و بعدين معاكي ؟ هتفضلي سرحانة كده كتير ؟؟؟


صفية بتساؤل :


-كنت بتقول حاجة يا صالح ؟! .. كان وجهها أكثر شحوبة عن أي وقت مضي


صالح بضيق :


-بقالي ساعة بحاول أخليكي تاكلي أو تتكلمي . مالك يا صفية ؟ قوليلي فيكي إيه ؟؟


تنهدت "صفية" و قالت بكآبة :


-ماليش و الله . أنا كويسة !


صالح بتهكم :


-لا يا شيخة ؟ إنتي كده كويسة ؟؟؟ .. ثم قال بغضب :


-قوليلي مالك ؟ إيه إللي مضايقك أوي كده ؟ حد عملك حاجة إمبارح ؟ حد آذاكي لما كنتوا هناك ؟؟؟؟؟


صفية بنفي سريع :


-لأ طبعا محدش عملي حاجة . عثمان كان معايا و مخلاش حد يقرب مني.


صالح بإنفعال :


-أومال مـــالك . إنتي كده هتجننيني أنا !


نظرت له "صفية" و قالت بآسي :


-يا صالح إفهم . أنا نفسيتي تعبانة من إللي حصل . إللي حصل كان حاجة في منتهي العنف . أنا و أخويا شوفنا الموت بعنينا . ماكانش عندي أي أمل إننا هنخرج عايشين من المكان ده . الدنيا إسودت في عنيا و أنا و هو محجوزين في البيت و مش قادرين نطلع منه . كنت مكلبشة فيه بأيديا كنت بحميه و بحمي نفسي . ماكنتش عارفة أفكر في حاجة ساعتها .. كل إللي فكرت إنتوا هنا . كنت عايزة أزعق بأعلي صوتي و أنادي عليكوا . اللحظات مرت ببطء شديد . أول مرة يا صالح أعرف فعلا معني الخوف و الرعب . صدقني معناهم مختلف تماما عن إللي سمع و ماجربش.


و أطرقت رأسها حزنا


مد "صالح" يده عبر الطاولة و أمسك بيدها و قال بلطف :


-صافي . إنسي يا حبيبتي . خلاص الموضوع إنتهي.


-أنا عارفة إنه إنتهي . بس هحتاج شوية وقت لحد ما إنسي خوفي إنما لو علي الموقف ده عمري ما هقدر أنساه . هفضل فكراه لحد ما أموت !


صالح بإستياء :


-بعد الشر عليكي . ماتجبيش سيرة الموت تاني سامعة ؟


صفية بإبتسامة حزينة :


-بتحبني يا صالح ؟ بتخاف عليا ؟؟؟


صالح بحب :


-أنا مابحبش حاجة في حياتي أد ما بحبك . إنتي حب الطفولة بتاعتي و لحد ما كبرت لسا بحبك . إنتي حياتي كلها يا صافي و إللي يقرب منك أنسفه.


إبتسمت "صفية" بخجل و قالت :


-و أنا كمان بحبك أووي يا صالح . ربنا يخليك ليا.


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


في غرفة "مراد" ...


يسأله والده للمرة العاشرة حتي الآن :


-يابني كلمني بصراحة إديني جواب واضح . هترجع لندن معانا و لا هتقعد هنا ؟


مراد بضيق :


-يا بابا في إيه بس ؟ إنت شاغل نفسك بيا أوي كده ليه ؟!


محمود بعصبية :


-هيقولي شاغل نفسك بيا ليه ؟ أومال لو ماكنتش أشغل نفسي بيك هشغل نفسي بمـيــــن ؟؟؟


مراد بجدية :


-يا بابا أنا لسا ما قررتش . لسا مش عارف أنا عايز أمشي و لا عايز أقعد !


محمود بغضب :


-و هو المشروع هيستني قرار حضرتك ؟ إنت فاهم أنا بحاول أعملك إيه و إنت بترفض ؟ إنت مش عايز تبني مستقبلك لولا أنا بزقك بالعافية ماكنتش هتنفع في أي حاجة.


مراد بلطف :


-طيب إهدا يا بابا عشان خاطري . أنا عارف و مقدر كل إللي بتعمله عشاني . بس أرجوك حاول تفهمني . دي مسألة متعلقة براحتي .. ثم قال بتردد :


-أنا حاسس إني مش هرتاح هناك . أنا هنا مستريح أكتر.


محمود بخشونة :


-يعني إيه ؟ مش هترجع معانا ؟ الطيارة هتقوم بكره.


هز "مراد" رأسه حائرا و تمتم :


-مش عارف !


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


تلك الآريكة اللعينة ... آلمت ظهره و أرقت نومه طوال الليل


لم يحصل "عثمان" سوي علي ساعتين فقط من النوم .. إستيقظ باكرا و للوهلة الأولى إستغرب نومه في خزانة الملابس ، قام من مكانه ببطء و حذر و إتجه نحو المرآة


كانت قلة النوم واضحة علي وجهه ، و إكتمل الأمر بأنه شعر بذراعه يلتهب و يؤلمه مجددا :


-لازم أغير عليه دلوقتي زي ما قال الدكتور .. تمتم "عثمان" لنفسه ، ثم أخذ منشفة و خرج إلي غرفته و هو يتثاءب بكسل ..


و إذا به يجدها قد إستيقطت و تتحدث بهاتفهه


إنتبهت "سمر" لوجوده ، فأنهت المكالمة سريعا و قالت بإقتضاب :


-مش معايا موبايل زي ما إنت عارف . فإضطريت أستخدم موبايلك.


عثمان بإبتسامة :


-مش مشكلة بس كنتي بتكلمي مين علي الصبح كده ؟


سمر بإيجاز :


-كنت بكلم ماما زينب . كانت بطمني علي فادي.


أومأ "عثمان" بتفهم و قال :


-أوك . بس عموما كويس إنك فكرتيني.


نظرت له بإستغراب ، بينما مضي هو نحو خزانة خشبية صغيرة ، فتحها و أخذ شيئا منها ، ثم مشي ناحيتها ..


-خدي ! .. مد لها يده بهاتف أخر حديث جدا و لكنه أقل حداثة من هاتفهه الذي إستعملته منذ قليل


سمر بتساؤل :


-إيه ده ؟


قلب "عثمان" الهاتف بين يده و هو يقول بسخرية :


-أظن كده و الله أعلم إنه موبايل !


سمر بحنق :


-عارفة إنه موبايل . جايبهولي ليه ؟؟؟


عثمان ببساطة :


-جايبهولك عشان إنتي زي ما قولتي مش معاكي موبايل .. ثم قال بجدية :


-علي فكرة هو جديد أنا ماستعملتوش غير مرتين بس و بعدين جبت الأحدث إللي نزل بعديه علطول . مافيهوش خط بس إطمني هجبلك واحد إنهاردة.


سمر بمقت :


-شكرا مش عايزاه.


عثمان بفتور :


-خديه يا سمر و ماتتعبنيش مش أحسن من الأنتيكا إللي كان معاكي ؟


نظرت له بغضب ، فقهقه بمرح و هو يلقي به في حجرها :


-خديه و بطلي عناد . إفتحيه كده و شوفي هتعرفي تتعاملي معاه و لا لأ . لو إحتاجتي مساعدة أنا موجود.


سمر بصرخة آسي :


-مش عايزة منك حاجة .. و خذلتها دموعها و إنهمرت علي وجهها


عثمان بدهشة :


-إيه الحساسية الفظيعة إللي بقيتي فيها دي ؟ أنا بهزر معاكي علي فكرة !


خبأت "سمر" وجهها بكفيها و لا زالت تجهش بالبكاء ... إقترب "عثمان" منها و حاول الإمساك بيديها دون نتيجة ، ليقول بلطف :


-سمر . أنا آسف . بجد و الله . ماتزعليش أنا مش قصدي إللي فهمتيه . سمر .. خلاص كفاية من فضلك . إنتي حساسة أووي أنا كنت بهزر و الله .. و أخذها في حضنه


سمر بصوت مكتوم :


-إبعد عني.


عثمان و هو يقلدها :


-إبعد عني . علي فكرة أنا بقيت جوزك رسمي لو كنتي نسيتي يعني .. ثم قال مازحا :


-ده قبل كده ماكنتيش تقدري تقولي كلمة زي دي . جاية بعد ما إتجوزتك بجد تقوليها ؟ طيب ياستي الورقة العرفي لسا معايا لو كده ممكن أطلعها و أوريهالك عشان ترجعي زي الأول تاني .. و ضحك


في اللحظة التالية إبتعدت "سمر" عنه و حملقت فيه بقوة متسائلة :


-الورقة العرفي لسا معاك ليه ؟؟؟

متابعين ممدوح سليم

عزلاء أمام سطوة ماله


( 53 )


_ شزرا ! _


حملقت فيه بقوة متسائلة :


-الورقة العرفي لسا معاك لــيه ؟؟؟


عثمان بحيرة ممزوجة بالإرتباك :


-لسا معايا يا سمر . هتروح فين يعني ؟!


سمر بغضب :


-و محتفظ بيها ليه لما إنت إتجوزتني ؟ لسا هتعمل بيها إيه تاني ؟؟؟


تعجب "عثمان" من ردة فعلها و قال :


-هعمل بيها إيه ! مش هعمل بيها حاجة طبعا مابقاش ليها لازمة.


سمر بعصبية :


-مابقاش ليها لازمة دلوقتي لكن ليها لازمة بعدين ؟ حضرتك شايلها لوقت عوزة مش كده ؟؟؟


عثمان بحدة :


-قولتلك عشرين مرة قبل كده صوتك مايعلاش عليا لو أتكررت تاني هـ آ ...


-هتعمل إيه ؟ .. قاطعته "سمر" بتحد


-هتضربني ؟ زي ما عملت المرة إللي فاتت ؟ إضربني . إعمل فيا إللي إنت عايزه ما إنت إشتريتني بفلوسك و كل شوية لازم تفكرني بعطفك و إحسانك عليا و أنا طبعا لازم أسكت و غصب عني أفضل عبدة ليك.


نظر لها بصدمة و إنقبض وجهه غضبا .. رد بعد أن تمالك نفسه :


-إنتي إللي حصل كله أكيد لسا مأثر عليكي .. كانت لهجته مقتضبة


-أنا مش هحاسبك علي إللي قولتيه دلوقتي بس أحب أعرفك حاجة . إنتي بقيتي مراتي . بقيتي مرات عثمان البحيري . يعني خدتي إسمي و واجهت الناس بيكي . عمري ما كنت هعمل حاجة زي دي إلا إذا كنت متأكد مية في المية إنها صح . عمري ما كنت هتجوزك كده و خلاص و أضر إسم عيلتي .. أتمني تكوني فهمتي !


و قام من أمامها و مضي صوب الحمام ، لتستوقفه بسخرية :


-ما إنت كنت متجوز قبل كده و طلقتها . بس طلقتها عشان جرحت رجولتك مش عشان ضرت إسم عيلتك .. و تابعت بمرارة :


-إنما أنا بقي الصدفة وقعتني في طريقك .. عشان تدمرني و تحس بينك و بين نفسك إنك رديت كرامتك.


إشتدت عضلات فكيه و هو يجاهد للمحافظة علي هدوئه ، إنها تتعمد إثارة أعصابه و هو لا يعلم إلي متي سيظل يتحملها !!!


لزم الصمت و أكمل طريقه نحو الحمام ، ليهتز كل شئ ساكن عندما صفق الباب بعنف من خلفه .. و لكن هي ، لم تهتز ...


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


كانت تمشي صوب غرفته بخطوات مترددة ... علي ثغرها إبتسامة خجلة ، كانت تمسك في يدها لوحتها الفريدة التي تابعتها بدقة و لم تتركها إلا و هي مكتملة


دقت بابه و إنتظرت للحظات ، فتح لها "مراد" و إنفرجت أساريره بشدة عندما رأها ..


مراد بإبتسامة عريضة :


-هالة ! . أهلا . إزيك يا هالة عاملة إيه ؟؟


هالة بصوتها الرقيق :


-الحمدلله يا مراد . كويسة ! .. و تفادت النظر إلي عيناه حتي لا تزداد إرتباكا


-إيه خير ؟ .. تساءل "مراد" و هو يشملها بنظرات مبتهجة


-كنتي عاوزاني في حاجة ؟!


و أخيرا نظرت "هالة" إليه :


-أيوه . كنت جاية أوريلك حاجة !


-يا تري إيه ؟؟؟


-طيب ممكن أدخل ؟ .. سألته بتردد ، لتتلاشي إبتسامته و يجيبها غير واثقا :


-أه . أه طبعا . إ إتـ إتفضلي ! .. و أفسح لها مجالا للدخول


تمر "هالة" بمحاذاته ببطء و إستحياء ، و إذا بها ترفع اللوحة بعد أن أغلق الباب و تديرها ليري صورته المرسومة بمنتهي الدقة و الإبداع ..


مراد بذهول :


-إيه ده يا هالة ؟ .. ده أنا ؟؟!!


توردت "هالة" خجلا و أومأت له مبتسمة :


-أيوه .. إيه رأيك ؟؟؟


مراد و هو يتأمل الصورة بإعجاب شديد :


-تحفة . روعة .. جميلة جدا يا هالة . زي ما تكون صورة حقيقية مش رسمة ... ثم إبتسم و قال مداعبا :


-بجد ماكنتش أعرف إنك رسامة جامدة أوي كده . و لا بيكاسو في زمانه.


ضحكت "هالة" بدلال و قالت :


-يآااه بيكاسو مرة واحدة ؟ مش للدرجة دي يا مراد.


-لا والله للدرجادي و نص . إنتي يابنتي مش عارفة قيمة نفسك . لكن عموما شكرا علي تعبك.


-ماتقولش تعب . طول ما أنا برسم مش بتعب . و كمان ماتقولش شكرا .. أنا كنت مبسوطة و أنا برسمك ! .. نطقت الجملة الأخيرة بخجل شديد


لتتلاشي إبتسامة "مراد"للمرة الثانية ، و لكن السبب كان مختلف الآن ..


-مالك يا مراد ؟ .. تساءلت "هالة" بقلق عندما أطال في صمته


-أنا قلت حاجة ضايقتك ؟


مراد بإبتسامة حزينة :


-لأ . لأ يا هالة ماقولتيش حاجة . و أنا مش مضايق خالص.


هالة بحيرة :


-أومال مالك ؟!


تنهد "مراد" بثقل و أجابها :


-أنا مسافر بكره يا هالة.


هالة بصدمة :


-بتقول إيه ؟ .. مسافر ؟؟؟؟


مراد و هو يراقب إنفعالاتها بتركيز :


-أه يا هالة . مسافر . هرجع لندن مع بابا و ماما.


نظرت له بصمت طويل .. و عندما تكلمت قالت بدهشة :


-حتي إنت كمان ! .. كان صوتها هامسا ، لكنه سمعها بوضوح


مراد بإستغراب :


-قصدك إيه يا هالة ؟!


هزت "هالة" رأسها قائلة بهدوء :


-و لا حاجة . مش قصدي حاجة يا مراد .. إتفضل اللوحة.


مد "مراد" يده و أخذ اللوحة منها ، لترسم إبتسامة خفيفة علي ثغرها و تقول :


-حافظ عليها بقي أهي تذكار يفكرك بيا . مع السلامة يا مراد.


و مشت عدة خطوات ..


-إستني يا هالة ! .. صاح "مراد" ليوقفها


إلتفتت له "هالة" فسألها :


-هنبقي نتكلم صح ؟


هالة بإبتسامة :


-أكيد .. ثم خرجت لتعود من حيث آتت


-دايما من طرف واحد ! .. تمتمت "هالة" لنفسها ، و تابعت بكآبة :


-العيب فيا و لا فيهم ؟؟؟


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في غرفة "عثمان" ...


يخرج من الحمام متدثرا بالروب المجفف ، تفوح منه الروائح الطيبة .. تظاهر بتجفيف شعره و لم يعير "سمر" ذرة من إهتمامه و تصرف كما لو أنها غير موجودة


و لكنها في الحقيقة لم تبالي به و راحت تعتني بأختها .. كانت تطعمها أخر ملعقة ملأتها من الصحن عندما دق باب الغرفة و ذهب "عثمان" ليفتحه


و كانت الخادمة ..


عثمان بتساؤل :


-نعم !


الخادمة بتهذيب :


-عثمان بيه الممرضة إللي من طرف دكتور رؤوف وصلت تحت و كمان الـBabysitter جت و مستتية علي البوابة برا عند الآمن حضرتك.


عثمان بجدية :


-قولي للآمن يدخلوها و هاتيهوهملي هنا هما الإتنين.


الخادمة :


-تحت أمرك يا بيه ! .. و إنصرفت


لتعود بعد قليل و بصحبتها آنستان ناضجتين بدت كلا منهما قريبة من عمر الأخري ..


إقترب "عثمان" منهما و خاطب المربية أولا :


-إزيك يا مس تانيا ؟!


تانيا بلكنة إنجليزية :


-الهمدلله مستر آوثمان . إنتي إزي هضرتك ؟


عثمان بإبتسامة :


-أنا تمام شكرا يا مس تانيا . شرفتيني و نورتي بيتي.


تانيا و هي تبادله الإبتسامة :


-منور بيكي . Thanks .. ثم سألته :


-أومال فين الـBaby إللي كلمتني آشانها مستر آوثمان ؟!


إلتفت "عثمان" و أشار نحو "سمر" التي إنتقلت الآن و جلست في ركن الإستقبال :


-مس تانيا أقدملك مدام سمر مراتي و دي تبقي أختها الصغيرة . الطفلة إللي كلمتك عنها.


إبتسمت "تانيا" بود و قالت بصوت مرتفع قليلا :


-Good morning مدام سمر . إزي حضرتك ؟


لم ترد "سمر" لا علي تحيتها أو إبتسامتها ، بل نظرت لها شزرا .. إذ كانت جميلة جدا ، جميلة إلي حد الإيلام


شقراء ، عيناها زرقاواتان واسعتان ، وجهها أبيض و أحمر مثل الفراولة ... جمالها لا يطاق !


-مس تانيا بتتكلم عربي كويس أوي يا سمر .. قالها "عثمان" و هو يقترب من "سمر" و تابع :


-هتعرفي تتعاملي معاها و مش هتقابلك أي مشكلة.


سمر بإستخفاف :


-حتي لو مش بتتكلم عربي . حد قالك عليا جاهلة ؟!


رمقها "عثمان" بإبتسامة جانبية و قال بصوت ناعم :


-أنا مش قصدي . كنت بحاول أشرحلك بس !


سمر بإبتسامة باهتة :


-شكرا ليك .. ثم أشاحت بوجهها للجهة الأخري


إتسعت إبتسامة "عثمان" ليلتفت إلي "تانيا" في اللحظة التالية و يقول بلطف زائد :


-مس تانيا . حضرتك ليكي أوضة مخصوصة بس Sorry مش هتكوني فيها إلا يوم أجازتك و باقي الأيام هتكوني مع ملك في أوضتها.


أومأت "تانيا" قائلة :


-Never mind مستر آوثمان مافيش مشكلة .. ثم مالت برأسها لتنظر نحو الصغيرة "ملك" :


-Oh my goodness . She is a very beautiful girl !


و مضت صوب الشقيقتان و مدت ذراعيها نحو "ملك" و هي تقول :


-مدام سمر May i ( تسمحيلي ) ؟!


لوت "سمر" ثغرها بإمتعاض و ناولتها "ملك" ..


حملتها "تانيا" بسهولة و حرص و هي تغمغم بسعادة :


-أوه . إنتي جميلة أوي أوي . إهنا هنلـآب سوا كتـيييير كتـييير .. و راحت تؤرجحها بخفة ، ثم نظرت إلي "عثمان" و قالت :


-إطمني مستر آوثمان . الـGirl هتكون Safety ( في آمان ) معايا مش تخافي عليها إنتي و مدام سمر.


عثمان بإبتسامة :


-شكرا يا مس تانيا.


-فين بقي آوضة إللي قولتي عليها ؟؟


في هذه اللحظة نادي "عثمان" الخادمة و آمرها بإيصال "تانيا" إلي الغرفة الخاصة بـ"ملك" و بعد ذلك إلتفت إلي الممرضة الواقفة بمكانها في هدوء تام ..


عثمان بإعتذار :


-أنا آسف يا آنسة خليتك تنتظري و أكيد عطلتك !


الممرضة بإبتسامة لطيفة :


-لأ أبدا يا عثمان بيه و لا يهمك . أنا تحت أمر حضرتك.


عثمان بصوت هادئ :


-شكرا كلك ذوق.


الممرضة بنبرة رقيقة :


-حضرتك حاسس بإيه إنهاردة ؟ الخياطة تعباك و لا حاجة ؟؟


عثمان و هو يتحسس كتفه من فوق رداء الإستحمام :


-في الحقيقة تعباني أه و ماعرفتش أنام طول الليل.


-لأ ألف سلامة علي حضرتك . أنا ههتم بالموضوع ده ماتقلقش و أنا بغيرلك علي الجرح هحطلك مخدر موضعي مش هيخليك تحس بأي آلم.


-أوك . طيب تحبي تشوفي شغلك فين ؟ أقصد يعني تفضلي أكون قاعد علي السرير و لا فين بالظبط ؟!


الممرضة بإرتباك شديد عندما إلتقت عيناها بعينا "سمر" الملتهبتين :


-حـ حضرتك ممكن . ممكن تقعد هناك جمب المدام !


و أومأت بذقنها إلي كرسي فارغ بجانب "سمر" ..


في هذه اللحظة صوب "عثمان" نظراته نحو زوجته ، بينما حاولت "سمر" إستعادة تعابير وجهها الطبيعية لكنها لم تستطع إخفاء العذاب الظاهر في عينيها


إبتسم "عثمان" بخبث ، فزمت شفتاها بغضب و نظرت للجهة الأخري ، ليهتز جسده بقوة و هو يحاول بصعوبة كبت ضحكة مجلجلة ... !!!

متابعتي

عزلاء أمام سطوة ماله


( 54 )


_ أشباح ! _


ما زالت الممرضة الشابة تباشر عملها بإتقان لا يخلو من الرقة ...


لا تعلم "سمر" هل الرقة طبع لديها أم أنها تصطنعها لأجل جذب إنتباه زوجها ؟ .. خاصة إنها ليست منطقية لأنها جلست أمامه و هو نصف عاري بدون خجل


بل راحت تتفرس في صدره الأسمر العريض و كتفاه و ذراعاه و تفاصيل وجهه الوسيم ..


أقرت "سمر" و لم تنكر شعور الغيظ الذي بدأ يجيش بصدرها قبل نصف ساعة و حتي الآن ، رغم أنها عجزت عن إيجاد مبرر له


و لكن ما أزاد الأمر سوءاً هو أن "عثمان" طوال هذا الوقت كان يحاول جاهدا منع الإبتسامة من الظهور علي وجهه و كأنه يقول لها أنه يفهم ما تشعر به


عاندته "سمر" و حاولت محو الحنق من عقلها كليا و تظاهرت بإستكشاف الهاتف الذي أهداها إياه ..


إنقضت بضعة دقائق أخري ، لتقوم الممرضة أخيــــرا و تقول برقتها المستفزة :


-خلاص خلصنا . ألف سلامة عليك يا عثمان بيه.


عثمان بإبتسامة :


-الله يسلمك . معلش تعبتك معايا.


-أه فعلا تعبتها أووي ! .. تمتمت "سمر" لنفسها دون أن تنظر له


الممرضة بلطف :


-مافيش تعب و لا حاجة ده شغلي . المهم حضرتك لسا حاسس بألم في كتفك ؟!


رفع "عثمان" يده السليمة و ربت علي كتفه المصابة ليختبرها ثم قال بإستغراب :


-لأ . مش حاسس بأي حاجة كأن الجزء مش موجود !!


-بس حضرتك بتعرف تحرك بقيت دراعك !


حرك "عثمان" ذراعه بسهولة و قال :


-أيوه فعلا.


الممرضة بتفاخر :


-ده سببه المخدر الموضعي إللي حطتهولك علي الجرح . و علي فكرة كان فكرتي أنا و الدكتور سمحلي بيه.


عثمان بنبرته المخملية :


-شكرا يا آنسة . بلغي سلامي للدكتور من فضلك.


الممرضة بنظرة مطولة :


-أكيد .. أكيد يا عثمان بيه !


و هنا رفعت "سمر" وجهها و رمقتها بغضب ، فتراجعت و هي تقول بإرتباك :


-آا طـ طيب عن إذنكوا ! .. و رحلت


ليلتفت "عثمان" نحو "سمر" و يطالعها بسرور :


-إيه يا حبيبتي ؟ .. كان صوته ناعما


سمر و هي تنقل بصرها عن الهاتف لتنظر إليه :


-إيه ؟! .. تساءلت بجفاء


عثمان بإبتسامته الجذابة :


-ماسمعتش صوتك يعني بقالي كتير !


سمر بتهكم :


-عايزني أغنيلك يعني ؟!


ضحك "عثمان" بمرح و قال :


-لأ يا حبيبتي مش عايزك تغنيلي . طيب قوليلي إيه رأيك في مس تانيا ؟


صوبت إليه نظرة حادة و سألته :


-رأيي فيها إزاي يعني ؟؟؟


عثمان ببراءة :


-رأيك فيها ! يعني إرتاحتيلها ؟ حاسة إنها هتقددر تاخد بالها من ملك ؟!


سمر و هي تهز كتفاها بخفة :


-لسا ماجمعتش رأيي عنها . لما أبقي أتعامل معاها أكتر هعرفها و هشوف إذا كانت أد الثقة و لا لأ.


أومأ "عثمان" بتفهم ، لتقع عيناه في اللحظة التالية علي عربة طعام الفطور التي وضعت فوقها مجموعة من الجرائد و المجلات ..


-إيه ده الجرايد وصلت ؟ .. قالها "عثمان" صائحا و قام من فوره حتي يري الخبر بنفسه


فتح أول جريدة ليجد الصورة التي إلتقطت له أمس مع زوجته تتصدر الصفحة الرئيسية


أخذ الجريدة و مضي نحو "سمر" بسرعة و هو يقول :


-سمر . بصي . شوفي خبر جوازنا إتنشر في كل الجرايد خلاص.


تناولت "سمر" الجريدة منه و شاهدت صورتها معه التي بدت فيها سعيدة علي عكس ما هي عليه في الواقع


كان يحتضنها بحميمية و يبتسم بثقة و حب ..


نقلت عيناها بعد ذلك إلي عنوان الخبر الذي كتب بالخط العريض ( زواج عثمان البحيري الوريث الأكبر لأعرق عائلة بمدينة الأسكندرية قنبلة تهز الوسط الإجتماعي ) .. ثم قرأت المحتوي :


" عثمان البحيري الذي ينتظر الجميع زواجه بعد فشل زواجه الأول و سعيدة الحظ التي سيرتبط بها ، في خبر مفاجئ و غير متوقع ، تم البارحة في قصر عائلة البحيري عقد قرانه علي السيدة "سمر حفظي" في جو عائلي

و قد ذكر "عثمان" أنه حسم أمر زواجه من قرينته بعد ثلاثة أشهر فقط من الحب و التعارف مما يدل علي ثقته القوية من قراره هذه المرة .. تهانينا الحارة لجميع أفراد العائلة و لهم أسمي الأماني بالسعادة و المودة و الفرح "


ألقت "سمر" بالجريدة و هي تطلق تنهيدة ثقيلة ، ليسألها "عثمان" بإستغراب :


-مالك يا سمر ؟ إنتي مش مبسوطة ؟ في حاجة في الخبر ضايقتك ؟!


نظرت له "سمر" و قالت بفتور :


-الخبر بيتكلم عنك و عن عيلتك أكتر ما بيتكلم عني.


عثمان بعدم فهم :


-قصدك إيه ؟ أنا أكيد ماكنتش هقول تفاصيل عنك للصحافة . إزاي مضايقة من حاجة زي دي ؟؟!!


سمر بإبتسامة ساخرة :


-طبعا إزاي أضايق ؟ ما أنا سعيدة الحظ إللي إرتبط بيها أغني راجل و إبن أكبر عيلة في إسكندرية كلها !


عثمان بتعجب :


-الله ! إيه الطريقة إللي بتتكلمي بيها دي ؟ أنا مش فاهمك ! سمر أنا عملت كل ده عشانك . إنتي شايفة إني قدمتك للناس بشكل مش كويس ؟؟!!


سمر بجمود :


-أنا مش شايفة حاجة خالص .. و تحاملت علي نفسها و قامت من أمامه


-رايحة فين ؟ .. تساءل مشدوها ، لتجيبه و هي تتوجه بخطوات متعرجة صوب الحمام :


-هدخل أخد دوش . قرفانة.


و أقفلت الباب من خلفها بعنف ..


-قرفانة ! .. تمتم "عثمان" بدهشة ، ثم هز كتفاه و أكمل :


-يمكن عشان حامل ؟ أه صح هو كده . الحوامل دايما بيقرفوا من أي حاجة.


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في محل الجزارة ... تجلس "نعيمة" وراء المكتب مشغولة ببعض الحسابات


لتنتبه فجأة لهمسات دارت بين إبنها و شخص أخر ..


رفعت رأسها لتري ماذا يجري ... و إتقبض وجهها حين لاحظت تجهم إبنها


كان يحمل جريدة في يده و ينظر بغضب شديد إلي شئ ما ، أسرعت "نعيمة" له بسرعة ليتوتر الذي أحضر الجريدة كي يريها لـ"خميس" حاول أن يأخذها منه قبل أن تصل "نعيمة" لكنها كانت بين أيدي فولاذية ..


-في إيه يا حسن ؟؟؟ .. قالتها "نعيمة" بتساؤل


حسن بتلعثم :


-مـ مافيش يا معلمة. أنا كنت جاي أصبح علي المعلم خميس !


نعيمة و هي تنظر لإبنها بقلق :


-مالك يا خميس ؟ فيك إيه ؟!


لم يرد عليها .. فصاحت به :


-خـمـيــــــس ! مالك ؟ إيه إللي في إيدك ده ؟؟؟ .. و شدت الجريدة منه بقوة


رأت "نعيمة" الخبر الذي أضرم النار في كيان إبنها فبهتت ..


تسمرت عيناها علي "سمر" و بلحظة إتقدت النيران فيها هي الأخري ، نظرت إلي "حسن" بغضب


ليزداد الأخير إرتباكا و هو يقول :


-و الله يا معلمة ما كنت قاصد حاجة وحشة . أنا كنت فاكركوا شوفتوا الخبر قبل مني !


و هنا إنتفض جسد "خميس" بقوة ، ليمضي بسرعة إلي الخارج ..


ركضت أمه خلفه تراقبه بخوف ، و إرتاحت عندما شاهدته يدخل إلي منزلهم


تلتفت "نعيمة" نحو "حسن" الآن و تقول بصوت آجش :


-بقي كده يا حسن ؟ بقي كده توريله الحاجات دي ؟ إنت مش عارف إللي جرا ؟؟!!


حسن بإرتباك :


-و رحمة أمي ما كان قصدي شر يا معلمة . المعلم خميس زي أخويا.


نعيمة بحدة :


-أخوك تقوم تعمل عاملة زي دي ؟؟؟؟؟


حسن بتردد :


-و أنا عملت إيه بس ؟ ما البت إتجوزت أهو و طلعت مظلومـ آا ..


-إخرس ! .. قاطعته "نعيمة" بغضب شديد و أكملت :


-البت الو××× دي محدش يجيب سيرتها عندي هنا أو في أي مكان أكون فيه . و إنت يا حسن غور من هنا و لو شوفتك واقف مع إبني تاني مش هيحصلك طيب فاهم ؟؟؟


حسن بتوتر :


-فاهم . فاهم يا معلمة . سلامو عليكو .. و ذهب مسرعا


-الله يحرقك مطرح ما إنتي قاعدة يا سمر ! . قالتها "نعيمة" بغيظ شديد


-إن شاالله ما تشوفي خير أبدا !


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


في منزل الجارة "زيــنب" ...


يدق بابها ، لتذهب و تفتح ببشاشتها المعهودة


كانت "شهيرة" ..


إندفعت للحال صوبها و وجهها يشع حماسة


زينب بدهشة :


-يا حفيظ ! مالك يا بت يا شهيرة في إيه ؟!


شهيرة بإستثارة :


-إلحقي يا أبلة زينب . شوفتي إللي حصل !


زينب بذعر :


-يا لهوي إيـــه إللي حصل ؟ إنطقي يا بت ؟؟؟


شهيرة و هي تخرج من خلف ظهرها نفس الجريدة في كل مرة :


-سي ياسر جوزي ندهلي لما شاف الخبر في الجرنان . أنا ماصدقتش نفسي خدته و جريت عليكي علطول.


زينب بنفاذ صبر :


-إخلصي يا شهيرة وقعتي قلبي !


شهيرة بإبتسامة :


-بعد الشر عليكي .. ثم فتحت الصفحة الأولي ليظهر الخبر عينه


زينب و هي تتأمل الخبر بذهول :


-إيه ده يا شهيرة ! . دي سمر دي صح ؟؟؟


شهيرة بتأكيد :


-أيوه هي يا أبلة . خلاص إتجوزت البيه و صورهم مليا الدنيا كلها.


زينب بإبتسامة ممزوجة بدموعها :


-أنا كنت موجودة لما خدوا الصور . بس ماكنتش فاكرة إنه هينشرهم بصحيح في الجرنان ربنا نصفك يا سمر . ربنا نصرك قدام كل إللي وقفوا يشتموا و يفرحوا فيكي يابنتي . كرامتك رجعتلك ألف حمد و شكر ليك يا رب.


شهيرة بحسن نية :


-مش تطلعي توري الخير لفادي عشلن يشوفه و يفرح هو كمان ؟


زينب بإسراع :


-لأ !


أجفلت "شهيرة" و تساءلت :


-لأ ليه يا أبلة ؟!


زينب بضيق :


-هو أكيد هيعرف مش عايزاها تيجي مني أحسن يشيط أكتر . ده من ساعة ما عرف إني كنت دريانة بالموضوع كله و ماقولتلوش و هو مش طايقني . بيكلمني بالعافية و كل خوفي ليكون فاكرني شجعتها علي كده !


أطلقت "شهيرة" تنهيدة حارة و قالت :


-ربنا يهديه . بس هو كده مالوش حق يفضل زعلان خلاص الموضوع إنتهي و إللي إتكسر إتصلح.


نظرت لها "زينب" و قالت بحزن :


-كسرة النفس يابنتي . كسرة النفس عمرها ما تتصلح .. فادي دلوقتي مكسور و لا ألف خبر زي ده يداويه.


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


بعد مرور عدة أيام ...


يصل "عثمان" إلي البيت عند منتصف الليل ، يتوجه أولا لغرفة أمه كي يطمئن عليها ، ثم يمضي إلي غرفته بعد ذلك


لم يجد "سمر" هناك ، فذهب ليفتش عنها في غرفة "ملك" و كانت هناك فعلا ..


-سمر !


سمعت "سمر" صوته يناديها أثناء ما كانت تطعم "ملك" بنفسها ، بينما "تانيا" جالسة بعيدا عنهما كالمنبوذة ..


-نعم ! .. قالتها "سمر" متظاهرة بالإنشغال التام بأختها


عثمان بصوت مرهق :


-يلا يا حبيبتي علي أوضتنا . الساعة بقت 12 سلمي ملك لمس تانيا و تعالي معايا يلا.


سمر ببرود :


-لسا ماخلصتش أكل . إسبقني إنت و أنا جاية وراك.


عقد "عثمان" حاجبيه و قال بتبرم :


-أنا سايبك معاها طول النهار و بعدين مس تانيا موجودة ممكن تعمل إللي إنتي بتعمليه بالظبط.


سمر بصلابة :


-محدش فاهم أختي أدي . و بعدين قولتلك هأكلها و جاية إيه مشكلتك إنت دلوقتي ؟!


يرد "عثمان" عبر أسنانه المطبقة بشدة :


-أوك . أوك يا سمر . هروح أستناكي في أوضتنا .. و تآفف بنفاذ صبر و هو يستدير ليعود إلي غرفته


ظهرت إبتسامة جانبية علي ثغر "سمر" و تابعت إطعام شقيقتها و هي تشعر بلذة الإنتصار


و بعد نصف ساعة ..


تدخل إلي الغرفة التي باتت تتقاسمها معه ، وجدته يقف في الشرفة يدخن بعصبية ، لكن مزاجه تبدل عندما رأها


أقبل عليها مبتسما و هو يقول :


-إتأخرتي يا سمر !


سمر بعدم إهتمام :


-لحد ما نامت ملك.


عثمان بصبر :


-يا سمر في مربية مسؤولة عن كل إللي كنتي بتعمليه معاها . إنتي مصممة تتعبي نفسك ؟


-أنا بحب أهتم بأختي بنفسي و بعدين أنا فاضية أصلا مش ورايا حاجة .. و مشت صوب السرير لتحتل مكانها فيه


عثمان بإستغراب :


-إيه ده إنتي هتنامي ؟!


سمر بشئ من التوتر :


-أيوه هنام . عايز حاجة ؟


عثمان و هو يتبعها :


-أه . عايزك إنتي.


إبتلعت "سمر" ريقها بصعوبة و قالت :


-عايز مني إيه بقولك هنام ! .. و تمددت بسرعة و هي تشد الغطاء حتي ذقنها


إنضم "عثمان" لها و هو يقول بلطف :


-ما إنتي كل يوم بتنامي يا سمر . قومي أقعدي معايا شوية . من فضلك.


سمر بعصبية :


-لأ مش هقوم . و إنت لو سمحت روح نام في أوضة لبسك دي زي كل يوم.


عثمان بضيق شديد :


-يا سمر أنا إستحملتك كتير . إنتي كده زودتيها أووي و بعدين حرام عليكي أنا ضهري إتكسر من النوم علي الكنبة إللي جوا.


سمر بعناد :


-ماليش دعوة يا تروح تنام جوا يا أروح أنام عند ملك !


ضغط "عثمان" علي فكاه بحنق شديد ، لكنه تمالك نفسه لئلا يفعل لها شيئا و يهد كل الذي بناه طوال الأيام السابقة ..


و فجأة لمعت برأسه فكرة ذهبية ، فأخذ يصوغها و هو يقول :


-يا سمر بصراحة أنا ماكنتش عايز أقولك من أول يوم عشان ماتخافيش . بس أنا بصراحة خايف عليكي.


سمر بإستغراب :


-خايف عليا من إيه ؟!


عثمان و قد أضفي علي صوته طابع مرعب :


-من العفريتة !


سمر بإستخفاف :


-عفريتة ؟


عثمان بهمس :


-أيوه عفريتة . من زمان و هي هنا . أنا شوفتها كتير قبل كده و كل يوم ببقي خايف تظهرلك مش هتستحملي تشوفيها شكلها بشع جدااا كل إللي في البيت ممكن يوصفوهالك . إنتي مش ملاحظة إن الدور ده كله مافيهوش غير أوضتي ؟ محدش قاعد فيه غيري أنا بس إللي بقدر أتحمل شكلها.


نجح "عثمان" في رسم الصورة المرعبة في مخيلتها ..


تجمدت "سمر" تحت اللحاف و لكنها لم تلتفت إليه ، بل حرصت أن يخرج صوتها ساخرا متصلبا :


-و العفريتة دي كانت مستنياك تقولي عشان تطلع صح ؟


عثمان بجدية مصطنعة :


-يا بنتي ماتستهزأيش بيها دي زعلها وحش.


سمر بإنفعال :


-هي مين دي ؟؟؟


عثمان بإبتسامة خبيثة :


-مرات جدي الكبير . ماتت محروقة هنا من زمان و بتطلع لأي حد ينام لوحده في الأوضة دي يعني أنا لو سيبتك تنامي لوحدك هتضطر هي تنام معاكي !


إقشعر بدن "سمر" و إرتجف الهواء فوق شفتاها ... حتي لو لم يكن كلامه صحيح ، يكفي الوصف المرعب و القصة التي سردها للتو


إتسعت إبتسامة "عثمان" و هو يتسلل بمنتهي الهدوء ليلتصق بها ، فصرخت "سمر" بذعر عندما لف ذراعه حول خصرها ..


-إيه يا حبيبتي إهدي متخافيش ! .. هدئها "عثمان" و هو يشدها صوبه بلطف و حزم في آن


سمر و هي تحاول أن تفك ذراعه :


-إوعي بقي . سيبني إنت ماعندكش دم ؟ مش شايفني عاملة إزاي ؟؟؟


عثمان و يتلمسها بمهارة و حرص :


-ماتقلقيش يا حبيبتي . إنتي مش هتعملي أي حاجة . أنا إللي هعمل.


سمر بغضب :


-إنت فعلا ماعندكش دم و قليل الأدب كمان.


قهقه "عثمان" بمرح و قال :


-يعني هي دي حاجة جديدة أول مرة تعرفيها !


نظرت له بمقت ، فحني رأسه و ألصق فمه بخدها ثم همس برومانسية :


-وحشتيني يا سمر . بجد وحشتيني جداااا.


و أمام سيل حبه الجارف ، تنهدت "سمر" بإستسلام ... !!!!

متابعتي ممدوح سليم

عزلاء امام سطوة ماله


( 55 )


_ صفعة ! _


صباح يوم جديد ... يغادر "عثمان" باكرا و قد حرص علي عدم إحداث أي ضجة لئلا تستيقظ "سمر"


و لكنه لم يكن يعلم بإنها كانت تتظاهر بالنوم حتي لا تواجهه ..


أطلقت "سمر" زفرة إرتياح حالما خرج ، ثم قامت أخيرا من مخدعها .. و بعد أداء الروتين الصباحي أمسكت بالهاتف و أجرت الإتصال بـ"زينب"


لحظات و جاء الصوت المحبب مفعم بالحنان و الشوق :


-سمر ! صباح الخير يا حبيبة قلبي . وحشتيني أووي يا حبيبتي.


سمر بغبطة :


-صباح النور يا ماما زينب . و الله إنتي إللي وحشتيني قوليلي إيه أخبارك ؟


-أنا كويسة يا حبيبتي المهم طمنيني عليكي إنتي و ملك عاملين إيه ؟؟


-أنا و ملك بخير إطمني و ماتقلقيش علينا .. ثم سألتها بشئ من التردد :


-بس عايزاكي تطمنيني علي فادي . أخباره إيه يا ماما زينب ؟!


صمت قصير .. ثم ردت "زينب" بنبرة حزينة :


-أهو يابنتي . أخباره هي هي مافيش جديد.


سمر بقلق :


-يعني إيه ؟ قوليلي يا ماما زينب فادي ماله ؟؟؟


تنهدت "زينب" و قالت :


-سافر لشغله من تلتيام . أجازته بقت قصيرة أوي مش بيجي هنا إلا نص يوم بس يدوب يشقر علي الشقة . دقنه طولت و علطول سآاكت . ماتسمعيلوش حس .. حالته تصعب علي الكافر يا ضنايا.


إنقبض قلب "سمر" و شعرت بإنسداد في حلقها .. لكنها نطقت بصوت مبحوح :


-مابيسألش عني ؟ .. عن ملك ؟!


زينب بإشفاق :


-يابنتي بقولك علطول ساكت . لا بيكلم حد و لا حد بيكلمه.


إعتصرت "سمر" جفناها بألم و همست :


-أنا السبب . أنا. عملت فيه كل ده .. أنا السبب.


زينب بحزن :


-يابنتي إنتي بردو ضحية . ضحيتي بنفسك عشانه و عشان أختك . ماتعمليش في نفسك كده و إذا كان ربنا سامحك يبقي أخوكي أكيد هيسامحك.


سمر و هي تذرف دموع اليأس و المرارة :


-عمره ما هيسامحني . مش هيسامحني أبدا يا ماما زينب !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


كانت جالسة في غرفتها ... تتصفح حاسوبها بفتور لا يخلو من الملل


حتي وصلتها رسالة منه علي الهاتف ..


صالح : " بتعملي إيه ؟ "


كتبت "صفية" :


 مش بعمل حاجة

قاعدة زهقانة بس

بتسأل ليه ؟


صالح :


طيب تعاليلي دلوقتي في أوضتي

عايزك في موضوع مهم.


صفية :


و ماتجيش إنت ليه يا حبيبي ؟

ما إنت خفيت و بقيت زي القرد بتتنطط في كل حتة

و لا علي راسك ريشة ؟!


صالح :


إخلصـــــــي يا صافي

و بعدين بطلي الإسلوب ده بقيتي بيئة زي مرات أخوكي

شكلها بهتت عليكي !


قرأت "صفية" كلامه لترد بغضب :


صآاالح

إلزم حدودك و ماتجبش سيرة مرات أخويا

مالك و مالها ؟؟؟


صالح :


أوك يا حبيبتي خلاص سكت و مش هجيب سيرتها

إنجزي بقي و تعالي يلآااا.


زفرت "صفية" بضيق و ردت :


أووك جاية.


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


في مكان أخر ...


تحديدا كلية ( الفنون الجميلة ) ... تخرج "هالة" من المدرج شاردة الذهن ، كانت تمشي ببطء و هي تحتضن أغراضها بين ذراعيها


و لم تعي بنفسها إلا و هي تصطدم بأحدهم بقوة ليسقط كل ما كانت تحمله علي الأرض ..


-آا أنا آسفة ماختش بالي ! .. قالتها "هالة" بإرتباك ، ثم إنحنت بسرعة لتلملم دفاترها المبعثرة


-عنك يا هالة ! .. يا للعجب ، هذا الصوت مألوف جدا لها


ترفع "هالة" وجهها فورا ، و تنظر له بعدم تصديق


مراد بإبتسامته الجذابة :


-إزيك يا هالة ؟ عاملة إيه ؟!


ما زالت ترمقه بذهول شديد دون أن تفه بكلمة ..


تلاشت إبتسامة "مراد" و أجفل قائلا بقلق :


-هالة إنتي كويسة ؟ الخبطة كانت جامدة عليكي ؟ دوختي ؟؟؟ .. و تفرس بقلق أكبر في وجهها الشاحب


إبتلعت "هالة" ريقها بصعوبة ، و قالت بتلعثم :


-مـ مراد . آ إنت .. إنت هنا بجـ بجد ؟؟؟؟؟


مراد بدهشة :


-إيه هنا بجد دي ؟ طبعا هنا بجد أومال هيكون شبحي إللي واقف قدامك ؟! .. ثم أمسك بيدها ليوقفها معه


هالة و هي تعلق نظراتها بنظراته :


-جيت إزاي ؟


مراد بتعجب :


-هكون جيت إزاي يعني يا هالة جيت بالطيارة طبعا . إنتي بقيتي تسألي أسئلة مش منطقية خالص !


واصلت "هالة" تساؤلاتها بإلحاح :


-طيب إيه إللي جابك ؟ إنت مش قلت إنك مسافر عشان تشتغل مع باباك و مش هترجع هنا تاني ؟ صح ؟ مش إنت قلت كده ؟؟؟


أومأ "مراد" :


-صح أنا قلت كده . بس مش هينفع نتكلم هنا يا هالة . ممكن أعزمك علي الغدا و نتكلم ؟ و لا لسا وراكي حاجة هنا ؟!


هالة و هي تهز رأسها بتوتر :


-لأ . أنا خلصت محاضراتي خلاص !


مراد بإبتسامة :


-يبقي نتغدا سوا.


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


في غرفة "صالح" ...


ما زال يحاول إقناعها و ما زالت تجادله بعدم إقتناع


صالح بضيق شديد :


-يا صافي أنا زهقت . بقالي ساعة بحاول أقنعك . أنا نفسي أفهم إنتي مش موافقة ليه ؟ إنتي مش بتحبيني و عايزة نتجوز زي ما أنا عايز ؟؟؟


صفية بحيرة :


-يا صالح و الله بحبك و عايزة أتجوزك إنهاردة قبل بكره . بس ظروفنا دلوقتي ماتسمحش.


-ليــــــه ماتسمحش ؟؟؟


صفية بحزن :


-أولا بابي . بقاله شهرين بس . و مامي . مامي لسا تعبانة و مش هقدر أفرح أنا و هي زعلانة . صدقني مش هقدر و مش هينفع يا صالح.


صالح بحدة :


-ما أخوكي عملها و إتجوز و فرح محدش قاله حاجة.


-أخويا إتجوز أه بس ماعملش فرح و لسا ماقالش لماما .. ثم ذكرته :


-و بعدين ماتنساش إن ظروف أخويا مختلفة . هو كان لازم يتجوز مراته في أسرع وقت و إنت عارف الأسباب كويس.


صالح و هو يشيح بيده غاضبا :


-طيب خلاص . براحتك إللي إنتي شايفاه.


صفية بضيق :


-يا صالح مش كل مرة تتقمص كده . أنا إللي إبتديت أزهق . نفسي مرة نتكلم بجد منغير ما تقفل الموضوع بزعل و نكد كده.


تنفس "صالح" بعمق و قال بصوت هادئ :


-خلاص يا صفية . مافيش حاجة .. أنا سحبت كلامي كله . وقت ما تحسي إنتي أنه آن الأوان إبقي تعالي و قوليلي.


تنهدت "صفية" بنفاذ صبر .. لكنها تمالكت نفسها و مشت نحوه ، مدت يدها و لمست وجهه و هي تقول برقة :


-صلَّوحي . إنت عارف إن أنا بحبك صح ؟


أومأ "صالح" بإقتضاب ، لتكمل :


-أنا بحبك أووي و مقدرش أعيش منغيرك . صدقني أنا نفسي نتجوز أكتر منك .. و قبل أي حاجة أنا مش عايزاك تفتكر إني بماطل و مش عايزة جوازنا يتم . عشان كده أنا موافقة علي الميعاد إللي حدته !


نظر لها "صالح" و قال بذهول :


-بجد يا صافي ؟ بجد موافقة ؟؟!!


صفية بإبتسامة :


-أيوه يا حبيبي موافقة . موافقة جدا كمان.


بادلها "صالح" الإبتسامة و شدها إلي صدره ليضمها بقوة ..


صفية بتنبيه :


-أه بس خد بالك . عثمان كلمته هتبقي Assertive ( قطعية ) هو إللي هيحدد القرار النهائي.


صالح بغيظ :


-ماشي ياختي . أما نشوف الشملول أخوكي هيقول إيه ! بس و رحمة أمي لو رفض هتجنن عليكي و عليه أنا خلاص جبت أخري منكوا.


ضربته "صفية" علي صدره بخفة و قالت بتبرم :


-إحترم نفسك شوية . ده بردو إبن عمك و أكبر منك.


صالح بشقاوة :


-يا حبيبتي أنا تحت أمرك . عشان خاطر عيونك أنا مستعد أروح في داهية و يجرالي أي حاجة بدل عثمان مش شلل بس.


صفية و هي تحيط عنقه بذراعيها :


-بعد الشر عليك يا روحي.


صالح بتساؤل :


-بتخافي عليا ؟ بتحبيني يا صافي ؟!


صفية بحب :


-بموووت فيك . بعشقك يا صلَّوحي .. و ضمته بقوة بدورها


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


طوال النهار كانت في صراع محتدم مع نفسها


كانت جبانة حتي أخر لحظة ، ترددت كثيرا .. لكن كلما إستعادت كلمات "زينب" في رأسها كلما تلاشي ترددها


إلي أن حسمت أمرها أخـــــــيرا ..


ذهبت و أحضرت "ملك" إلي غرفتها ، إرتدت ملابسها بسرعة و قلبها يخفق من الإثارة و الرعب في آن


لم تأخذ معها شئ ، لا تريد منه شئ لطالما كانت كذلك .. كل ما أرادته أن تشفي شقيقتها و تتعافي بصورة كاملة ، و هاهي معافاة و في أحسن صحة ، يجب أن يعود كل شئ كما كان إذن ..


كانت أمام باب الغرفة و هي تحمل الصغيرة علي ذراعها ، و كادت تضع يدها علي المقبض لتفتحه .. لكنها تفاجئت بمن يسبقها و يفتحه


يا للكارثة !


هذا ليس ميعاد عودته ... لماذا عاد باكرا ؟ و اليوم بالذات !!!


-سمر ! .. قالها "عثمان" و هو ينظر لها بإستغراب


-لابسة كده و رايحة فين ؟


أخذت "سمر" نفسا عميق و قالت بصوت آجش :


-أنا ماشية.


عثمان ببلاهة :


-ماشية ؟ ماشية إزاي يعني ؟!


سمر بنفس الإسلوب :


-ماشية . راجعة بيتي !


تطلب الأمر دقيقة ليستوعب "عثمان" كل هذا :


-طيب ما ده بيتك يا حبيبتي .. تمتم "عثمان" بلطف و هو يقترب منها خطوة


سمر و هي تبتعد خطوة للوراء :


-لأ ده مش بيتي و عمره ما هيكون بيتي . ده بيتك إنت .. ثم جاءت لتمر من جانبه فأمسك بذراعها بحزم و لين بنفس الوقت و قال :


-سمر . إهدي مافيش مشي من هنا . إيه إللي حصلك فجأة ؟؟؟ .. و إقترب أكثر و أخذ "ملك" بالقوة منها ليضعها فوق الأرض 


صاحت "سمر" بإنفعال :


-حصل إني تعبت من التمثيلية دي . عايزة أخلص و أرتاح بقي أنا تـــعبت . من حقي أستريح من حقي أعيش بسلام العذاب ده كله مايرضيش ربنا و لا يرضي أي حد.


عثمان بهدوء و إهتمام :


-مالك يا سمر ؟ إيه إللي حصل بس ؟ قوليلي ! حد هنا ضايقك ؟ أنا ضايقتك ؟ أنا ماعملتش حاجة و من يوم ما جبتك هنا و أنا باخد بالي من تصرفاتي معاكي . أنا قصرت في إيه ؟؟؟


سمر بضيق شديد :


-ماعملتش حاجة . بس أنا خلاص قررت . أنا لازم أمشي مكاني مش هنا . مكاني مع إخواتي أنا وهبت عمري ليهم مش هقدر أعيش لحد غيرهم .. طلقني و إنساني.


عثمان بإستنكار :


-طلاق إيه ؟ إحنا إتجوزنا خلاص هي لعبة ؟!


سمر بإصرار :


-مافيش حياة بينا إحنا مش شبه بعض . لازم نطلق و هنطلق ده أخر كلام عندي .. و حاولت الفكاك منه ، لكنه أحكم وثاقها و قال بحدة :


-سـمـــر ! . بطلي جنان . أنا لحد دلوقتي مقدر حالتك النفسية و عامل حساب لظروف الحمل . لكن ماتزوديهاش . إحنا ماشيين مع بعض كويس و أنا مش هسمحلك تخرجي من حياتي بعد كل إللي عملته عشانك . ده أنا حتي كلمت ماما عنك إمبارح و قولتلها إننا لسا متجوزين من يومين و هي مستنيا تشوفك إنهاردة.


سمر صارخة بعصبية :


-أنا ماليش دعوة بإللي قولته لمامتك . ماليش دعوة أصلا بمامتك لا عايزة إتعرف عليها و لا تتعرف عليا ماتهمنيش في حـ آاااااااه !


قاطعها بصفعة عنيفة من ظاهر يده ... سالت الدماء من جانب فمها مع تدفق الدموع من عيناها


أطرقت رأسها و هي تجهش بالبكاء و تحاشت النظر إليه ، بينما هدر بصوته الغاضب و هو يهزها بقوة :


-إخرسي يا سمر . إخرسي خآاالص كله إلا أمي . أمي دي أحسن منك إنتي جمبها و لا حاجة بالنسبة لي . لحد هنا و عندك لحد هنا أنا أنساكي و أنسي نفسي و ماعرفش تصرفاتي معاكي شكلها ممكن يبقي عامل إزاي . أمي خط أحمر مش مسموح لأي مخلوق يتعداه فاهمة ؟ ده أخر تحذير ليكي و لو سمعت كلمة طلاق دي علي لسانك تاني أقسم بالله هتشوفي الوش التاني.


و حررها أخيرا و خرج من الغرفة تاركا إياها تسقط بجانب شقيقتها التي كانت تصرخ باكية منذ فترة دون أن يلتفت لها أحد ..


حملتها "سمر" إلي حضنها و ضمتها بشدة هامسة :


-ليه بيحصل فيا كده ؟ ليه يا رب ؟ أنا عملت إيه في عمري ؟؟؟


و راح جسدها يهتز من قوة نشيجها الحار ... !!!!!!

متابعتي

تعليقات ومتابعه للمدونه من الصفحه الرئيسيه اضغطي علي متابعه وشكراااااا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.