❤الجزء الثالث❤ لعيونكم أحبابي❤❤❤❤❤❤
عزﻻء امام سطوة ماله
_ حادث مدبر ! _ :
صباح يوم جديد ..
إستيقظت "سمر" من نومها عندما شعرت بشعاع حار يضرب في وجهها و يلسع جلدها الرقيق لسعات متواصلة بلا توقف ، فتحت عيناها بتثاقل و إنزعاج ، لتكتشف إنها الشمس تسللت خيوطها الذهبية عبر شباك غرفتها الموارب لتوقظها ، و عندما لم تستجيب لسعتها بآشعتها الحارقة لتعاقبها ..
تثاءبت "سمر" بكسل و هي تتحرك في الفراش بعيدا عن آشعة الشمس ، و عقدت حاجبيها فجأة بإستغراب ، لقد نبهت "فادي" البارحة أن يأتي و يوقظها في المساء لكي تعطي "ملك" بنفسها جرعة دوائها .. لماذا لم يفعل ؟ لماذا تركها نائمة كل هذا الوقت ؟ لا يمكن أن يكون قد نسي !!
قامت "سمر" من فراشها ، و إتجهت للخارج بخطوات غير متزنة نسبيا
وجدت "فادي" بالصالة ، يقف هناك حاملا "ملك" التي كانت تبكي و تصرخ بشدة ، و يحاول أن يجعلها تهدأ ..
-في إيه يا فادي ؟ .. قالتها "سمر" بتساؤل و هي تمد ذراعيها لتأخذ منه "ملك" ..
أجاب "فادي" حائرا و هو يناولها الطفلة :
-مش عارف مالها ، أنا صحيت من شوية علي عياطها قلت جعانة فأكلتها ، دلوقتي بقي لاقيتها عيطت تاني ، شكلها لسا جعانة .. ثم أكمل بغضب :
-بس أكلها خلص.
سمر بإستغراب :
-إنت مش بتقول أكلتها ؟ يعني شبعت !
فادي بضيق :
-لأ .. علبة اللبن بتاعتها ماكنش فيها كتير.
زمت شفتيها بتفهم ، ثم قالت :
-طب إستني.
و ذهبت بالصغيرة نحو غرفتها ، لتعود بعد لحظات و هي تمد يدها له ببعض النقود قائلة :
-خد ، إنزل هاتلها علبتين لبن و شوف لو الدوا بتاعها ناقص هاتلها غيره و كمان لو مافيش بامبرز هات.
نظر "فادي" إلي النقود ، ثم لأخته و هو يقول بدهشة :
-جبتي الفلوس دي منين يا سمر ؟ .. و أردف بإبتسامة واسعة :
-معقول صرفولك فلوس بابا إمبارح ؟؟
سمر بفتور :
-لأ طبعا.
فادي بتعجب :
-أومال إيه دول كلهم ؟ جبتيهم منين ؟!
سمر بكدر :
-ما أنا قلتلك إمبارح إبقي صحيني بليل عشان أحكيلك علي إللي حصل إنت إللي سيبتني لحد دلوقتي.
-علي فكرة جيت أصحيكي مرتين إمبارح ، مرة عشان تدي ملك الدوا زي ما قولتيلي و مرة عشان نتعشي سوا ، بس إنتي إللي مارضتيش تقومي ، قلت جايز تعبانة فسبيتك تنامي براحتك و خدت ملك تنام معايا .. ثم سألها بإهتمام :
-قوليلي بقي إيه إللي حصل ؟؟؟
تنفست "سمر" بعمق ، ثم حكت له ما حدث بإيجاز شديد ..
-إيه ده ؟ إزاي يعني ؟ .. قال "فادي" بعدم فهم ، و تابع :
-يعني المدير و لا صاحب الشركة إللي قابلتيه ده قالك مالكوش عندنا حاجة و بعدين قالك هشغلك عندي سكرتيرة ؟!!
سمر شارحة له :
-لأ يابني ما قالش مالكوش عندنا حاجة ، قال إن بابا كان عامل مش موظف و عامل بالآجرة كمان ، أه كان بيعمل صيانة علي المصاعد كل شهر و كان بياخد مرتب بس إسمه مش في سجلات التوظيف يعني مالوش أولويات الموظفيين الفعليين إللي بيشتغلوا هناك ، فهمت ؟
عبس "فادي" قائلا :
-فهمت .. و إنتي ناوية تقبلي الشغلانة دي يعني ؟؟
سمر بتأكيد :
-أيوه طبعا ، إحنا محتاجين فلوس عشان نعرف نعيش أنا و إنت و ملك ، و الراجل كتر خيره حب يساعدني بطريقة كويسة جدا ، هشتغل و أجيب فلوس بجهدي ، إيه إللي يخليني أرفض مساعدته بقي ؟ .. ثم صاحت بإستذكار :
-و أه كنت هنسي أقولك .. إحنا مش هنسيب البيت ، أنا إمبارح عديت علي الست زينب مرات عم صابر و أشتكتلها منه ، و هي قالتلي هتتصرف معاه و مش هتخليه يجي يضايقنا تاني.
صمت "فادي" قليلا ، ثم قال بعدم إرتياح :
-أنا مش مطمن يا سمر .. مش عارف ، في حاجة مش مريحاني في حكاية شغلك دي !
سمر بإبتسامة مطمئنة و هي تربت علي كتفه :
-ماتقلقش يا فادي .. و اطمن ، كل حاجة هتبقي كويسة بإذن الله.
في قصر آل "بحيري" .. داخل حجرة الطعام الفاخرة
يجلس "يحيى البحيري" علي رأس المائدة ، تجاوره "فريال" من جهة اليمين ، أما في الجهة الأخري ، جلس جنبا إلي جنب كلا من "صالح" و "صفية"
تناولوا فطورهم جميعا من دون شهية و في إقتضاب شديد جدا ، و "صالح" الذي يأس من مراضاة "صفية" ترك الطعام نهائيا و سكب لنفسه قدحا من القهوة راح يحتسيه و هو يهز قدمه الغير مرئية في عصبية مفرطة ..
لاحظت "فريال" توقف زوجها عن تناول الطعام ، فسألته بقلق :
-إيه يا يحيى مالك ؟ بطلت تاكل ليه ؟؟
يحيى بضيق :
-ماليش نفس يا فريال.
فريال بحزن :
-ليه بس ؟ طب تحب أعملك بإيدي أي حاجة تانية ؟؟
-لأ مش عايز.
فريال بإنزعاج :
-في إيه بس يا يحيى ؟ كل حاجة بقيت تقول عليها لأ مش عايز !!
يحيى بإنفعال و هو يضرب بيده علي المائدة :
-هو إبنك خلاني عايز أي حاجة ؟ عمل كل إللي في نفسه و مش عايز يوريني وشه لحد دلوقتي ، البيه كأنه بيقولي مالكش لازمةربالنسبة لي.
فريال بلهجة هادئة وهي تهز رأسها سلبا :
-مايقدرش يا يحيى ، إنت أبوه ، عثمان بيحترمك و الله ، هو بس آا ..
يحيى مقاطعا بإزدراء لاذع :
-بلا بيحترمني بلا نيلة بقي ، أنا ماعرفتش أربيه أصلا ، طالع سافل و قليل الأدب محدش بيهمه .. ثم أكمل بوعيد :
-بس و الله لأفرجه ، يرجع البيت بس و هتشوفي هعملك فيه إيه !
-علي فكرة يا عمي عثمان هنا من إمبارح .. قالها "صالح" ببرود و هو يرفع فنجان قهوته إلي فمه
ليلتفت له "يحيى" متسائلا بصوته الخشن :
-عرفت إزاي ؟ إنت شوفته و هو راجع ؟
-أنا كنت سهران معاه إمبارح و رجعنا سوا بليل متأخر.
حدجه "يحيى" بغضب و عضلات فمه ترتجف بقوة و كأنه يحاول مقاومة شرا مؤذيا ، لكنه فشل في ضبط نفسه ، فوثب من مجلسه ، و مشي بخطوات واسعة في إتجاه غرفة إبنه ..
لحقت به "فريال" بسرعة ، بينما قالت "صفية" و هي ترمق "صالح" بنظرات محتقنة :
-إيه إللي إنت عملته ده ؟؟؟
صالح ببراءة مصطنعة :
-عملت إيه ؟!
°°°°°°°°°°°°°°°°°
في الطابق الثالث من القصر ، و الذي تقع به غرفة "عثمان" حيث إختارها بعيدا عن أنظار و آذان الجميع هنا ..
تركض "فريال" وراء "يحيى" و تترجاه بصوت خائف :
-عشان خاطري يا يحيى ، بالراحة عليه ، إنت عارف إنه ماعملش حاجة غلط ، أي راجل مكانه كان هيعمل أكتر من كده.
توقف "يحيى" بمنتصف الردهة الطويلة ، و إستدار لزوجته ، و صاح بها :
-إمشي يا فريال ، إنزلي تحت دلوقتي.
"فريال" برفض :
-لأ .. مش هسيبكوا مع بعض و إنت في الحالة دي.
"يحيى" بعصبية :
-يعني هعمل فيه إيه ؟ هضربه بالنار ؟ ماتقلقيش عليه يا حبيبتي و بعدين هو للأسف إبني أنا كمان .. ثم زفر بحنق ، و قال بشيء من الهدوء :
-إطمني يا ستي ، مش هعمله حاجة .. مابقاش عيّل صغير عشان أعاقبه يعني ، أنا هتكلم معاه بس.
نظرت إليه في تردد ، لكنها أذعنت لرغبته في الأخير ، و ولت تاركة إياه يذهب لغرفة "عثمان" بمفرده ..
فتح "يحيى" باب غرفة إبنه ، ليجدها غارقة في الظلام
إبتسم بسخرية ، ثم إتجه نحو الشرفة العريضة ، و أزاح الستائر عنها ، ليخترق ضوء النهار الزجاج المغلق ، و يزعج "عثمان" المستلقي علي وجهه فوق سريره الضخم ..
تململ "عثمان" مطقطقا عضلات ظهره العاري ، ثم فتح عيناه بروية كي يتمكن من رؤية الشخص الذي إقتحم عليه غرفته دون إستئذان
فوجد والده يقف أمام السرير أحمر الوجه غاضبا
تآفف "عثمان" بضجر و هو يقوم ليجلس نصف جلسة ، سقط الغطاء حتي وسطه عندما إستوي جالسا ، فظهرت عضلات بطنه السداسية الصلبة ..
-صباح الخير يا بابا .. قالها "عثمان" بلهجة ناعسة و هو يفرك وجهه بكفيه
ليرد "يحيى" بغلظة :
-صباح الزفت علي دماغك.
عثمان بإبتسامة هادئة و هو يومئ برأسه :
-ماشي يا بابا .. إتفضل حضرتك قول دلوقتي كل إللي إنت عايزه ، أنا جاهز لكلامك.
يحيى ببغض :
-يا بجاحتك يا أخي .. نفسي أعرف جايب البرود ده كله منين ؟!
عثمان بسخرية :
-و عايزني أتكدر ليه ؟ أنا عامل حاجة لا سمح الله ؟!
يحيى بلهجة حانقة :
-بعد كل إللي عملته ده و بتسأل ؟ أنا يا غبي مش إتفقت معاك و قلتلك كفاية تمضيها علي التنازل بس و بعدين تبقي تطلقها بعد فترة صغيرة ؟ إيه إللي خلاك تتصرف من دماغك ؟؟
عثمان و قد إنتابه الغضب :
-كنت عايزني أبقي ---- ؟ كنت عايزني ماخدش حقي و أرد كرامتي ؟ مش أنا إللي تيجي بت ----- زي دي و تعلم عليا ، أحمد ربنا إني إلتزمت بنص إتفاقنا و ماشربتش من دمها ، و الله لولا جيتلي إنت قبل ما أخدها و إمشي بعد الفرح و نبهت عليا لكنت دبحتها بإيدي و ماكنتش هاخد فيها يوم.
-و تضيع و توسخ إيدك ليه أصلا ؟ ماتستهلش.
عثمان و هو ينتفض بعصبية :
-لأ تستاهل .. لما تبقي مخطوبة لعثمان البحيري و تفتكر إنها إستغفلته و تروح تتـ---- علي كيفها تبقي تستاهل الدبح و الحرق كمان.
صمت "يحيى" بعد إفراغ "عثمان" شحنة غضبه الحبيسة ، و قد إلتمس له العذر الآن فقط ، إذ أدرك أن إبنه مجروح في صميم كرامته و كبريائه ، فلم يعد ليجادله مجددا ..
يحيى بهدوء :
-طيب يا عثمان .. و أديك خلاص عملت إللي إنت عايزه و إرتحت ، يا ريت بقي ماتتهورش تاني و كفاية كده.
عثمان و هو يلوي ثغره بسخرية :
-أنا عايزك تعرف بس إنها و لا حاجة بالنسبة لي ، أنا وافقت علي الجوازة بس عشانك إنت ، قولتلي نفوذ أبوها و بتاع ، و أهو دلوقتي أبوها بقي لا عنده نفوذ و لا نيلة بعد الفضيحة .. يعني مابقناش محتاجينه.
أومأ له "يحيى" ثم قال :
-ماشي .. قوم بقي خدلك حمام و ألبس هدومك و إنزل عشان نفطر سوا ، أنا لسا مافطرتش.
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في منزل "رشاد الحداد" .. يجلس أمامه في المكتب هذا الشاب المذعور ، الذي يرتجف خوفا بين الحين و الأخر
يشمله "رشاد" بنظره تقييم مشمئزة ، ثم ينطق بصوت غليظ :
-إنت غلطت غلطة عمرك لما فكرت تقرب من بنتي.
إزدرد الشاب ريقه بتوتر ، و قال بإرتباك و هو يتردد في النظر إلي عينيه الحادتين :
-و الله يا رشاد باشا أنا .. آا أنا بـ بحب چيچي ، بحبها بجد و عمري ما فكرت آذيها و آ ..
-إخرس .. قاطعه "رشاد" بغضب ، و أردف بحدة :
-إسمع ياض .. إنت هتتجوزها.
أومأ الشاب بسرعة :
-أتجوزها يا باشا.
رشاد بتهكم مرير :
-لحسن حظك إني عايز ألم الموضوع و أغطي عالفضيحة .. إنما في أي حالة تانية إنت ماكنتش هتبقي بالنسبة لي أكتر من كلب أقل واحد من إللي شاغلين عندي يضربك برصاصة واحدة في قلبك.
أقشعر بدن الأخير ، ببنما أكمل "رشاد" بلهجة أمر :
-تجيلي بكره الساعة 8 بالظبط عشان نتمم الموضوع و نعمل خطوبة.
-أنا تحت أمرك يا باشا.
رشاد بتوعد :
-عارف لو ماجتش !
الشاب و هو يقسم بإضطراب :
-هـ هاجي و رحمة أمي هاجي.
-إوعي يعني عقلك يوزك تخلع أو تهرب .. هتلاقيني جايبك من قفاك حتي لو طلعت سابع سما ، بس ساعتها بقي يا ويلك مني.
الشاب مؤكدا :
-ماتقلقش يا باشا ، أنا هاجي بكره في الميعاد.
رشاد بصرامة :
-أنا مش قلقان يا حبيبي .. إنت إللي لازم تقلق.
و هنا سمع طرق علي باب مكتبه ، فآذن بالدخول
ليدخل رجل ضخم الجثة يرتدي حلة سوداء ، و تبدو علي وجهه ملامح الإجرام ..
أصرف "رشاد" الشاب زوج إبنته المستقبلي و حبيبها السابق الذي تسبب في طلاقها ليلة زفافها ..
-اهلا عباس .. ها طمني ! عملت إيه ؟
عباس بصوته العميق :
-كله تمام يا باشا .. زي ما قلت لسيادتك كل حاجة بتمشي بالفلوس.
-يعني عملتها بنفسك ؟؟
-عملتها بإيديا الأتنين ، ماتقلقش.
رشاد بإبتسامة واسعة :
-يعني إنهاردة هسمع أخبار كويسة ؟!
-إن شاء الله .. إطمن حضرتك.
تنهد "رشاد" تنهيدة طويلة و هو يسترخي فوق مقعده و يتمتم لنفسه : " إن شاالله أجي أعزيك بنفسي بكره يا يحيى ، أومال إيه ؟ مش كنا نسايب ! "
و رفع رأسه مطلقا ضحكة مجلجلة ..
في غرفة "صالح" .. كان يخاطب والده عبر الهاتف ، عندما تلقي إنذار بمكالمة جديدة ..
أبعد الهاتف عن أذنه ، و وضعه أمام عينيه ، ليري أسمها يضيء الشاشة
إنتفض من الفرحة ، و أستأذن من والده و أغلق معه سريعا ، ثم أجاب إتصالها ..
صالح بسعادة :
-صافي ! مش مصدق نفسي و الله ، هتشل من الفرحة ، إنتي بتكلميني فعلا ؟
صفية بفتور :
-صالح ..
-عيون صالح .. قالها بغزل ، لترد بحدة :
-هتتكلم عدل و لا أقفل في وشك ؟
قال بسرعة :
-لا لا لا خلاص خلاص ده أنا ما صدقت .. ثم سألها بإستغراب :
-بس إنتي بتكلميني بالموبايل ليه ؟ ما إحنا في نفس البيت يا حبيبتي ما تيجي ، و لا أجيلك أنا.
قال أخر كلماته بخبث حاول إخفاؤه ، لتقول هي :
-لأ ياخويا لا تجيلي و لا أجيلك ، أنا بس كنت عايزة منك خدمة هتعملها شكرا مش هتعملها بردو شكرا.
صالح بإهتمام :
-خدمة إيه يا صافي ؟ أنا أعملك كل إللي إنتي عايزاه طبعا ، قوليلي عايزه إيه ؟؟
-كنت عايزاك تروح المستشفي تجيبلي عنتر من هناك ، خلاص هو خلص تطعيم و المفروض يرجع بس أنا حاسة إني داخلة علي دور برد و مش قادرة أتحرك من السرير ، فـ Please تروح إنت ؟
صالح و قد تقهقر عن موقفه الشهم :
-عنتر ؟ .. عايزاني أنا أروح أجيبلك عنتر ؟ ماتقوليها أسهل يا صافي ، قولي إنك عايزه تخلصي مني ، أخرتها هتخلي حتة شبل يستفرض بيا و أكون العشا بتاع جنابه الليلة دي !
-ما تسترجل شوية يا صالح ، أديك قولتها بنفسك ، حتة شبل هيعملك إيه ؟ ده لسا بيبي أولا ، ثانيا هما في المستشفي هيسلموهلك بالقفص بتاعه يعني ماتقلقش مش هيتعشي بيك الليلة دي.
صالح بتردد :
-مش عارف .. مش مطمنلك يا صافي !
صفية بتآفف :
-أنت جبان أووي يا صالح.
أثارته بنعتها له بـ" الجبان" فقال :
-جبان ؟ .. طيـــب ، أنا هوريكي الجبان ده ، هاتي العنوان.
أخذ منها عنوان المشفي ، ثم إندفع للخارج قاصدا غرفة "عثمان"
إلا إنه قابله أعلي الدرج ، كان "عثمان" سينزل عندما إستوقفه صوت "صالح"
إلتفت له ، فقال الأخير و هو يقترب منه :
-عثمان .. إديني مفتاح عربيتك ؟
عثمان بإستغراب :
-مفتاح عربيتي ! إشمعنا ؟
-إنت ناسي إننا جينا مع بعض إمبارح بعربيتك.
-طيب .. أيه يعني !!
-هو إيه إللي يعني ؟ عربيتي سايبها هناك من إمبارح.
عثمان و هو يهز كتفاه بعدم إكتراث :
-أعملك إيه يعني ؟!
صالح بصبر :
-محتاج عربيتك نص ساعة ، هروح بيها مشوار و هرجع علطول.
-طب ما تروح بتاكسي يابني !
-يرضيك يعني صالح البحيري يركب تاكسي.
-أه و فيها إيه عادي ، بتحصل في أحسن العائلات.
صالح بضحكة صفراء :
-خفة .. إنجز يا عثمان ، بقولك عندي مشوار مهم.
عثمان بجدية :
-ماينفعش يا صالح أنا خارج دلوقتي.
صالح بفضول :
-رايح فين ؟؟
-مالكش دعوة.
-طب هات المفتاح بقي ، خليك جدع ، مش هتأخر و الله هي نص ساعة.
تنهد "عثمان" ثم قال بضيق :
-نص ساعة ، عارف لو إتأخرت ؟
-يا سيدي ماتخافش هي نص ساعة.
أعطاه "عثمان" مفتاح سيارته و هو يسأله :
-هتروح فين بقي ؟؟
صالح مستعملا نفس جملته السابقة :
-مالكش دعوة.
و هبط الدرج مسرعا ، بينما صاح "عثمان" بإبتسامة فاترة :
-مااااشي .. ليك يوم يابن عمي.
ينزل "صالح" إلي الكراچ ، و يعثر علي سيارة "عثمان" بسهولة ..
إذ تعد سيارته من أحدث و أغلي السيارات التي تم إنتاجها لهذا العام ، و هي لامبورچيني بسرعة 350 ميل/س ، و هي أيضا بمثابة طلقة نارية تشق الأجواء لدي الإنطلاق بها ..
إستقل "صالح" في كرسي القيادة ، شغل السيارة ، ثم تحرك بها بروية حتي خرج من الكراچ
أطلق بوقا تلو الأخر لتنفتح له بوابة القصر الضخمة التي تعمل إلكترونيا
و في الطريق ، مشي علي الوصفة التي أعطته إياها "صفية" إلا أنه نسي نصف العنوان تقريبا
فقلل من سرعة السيارة ريثما يخرج هاتفهه و يحدثها ، و لكن السيارة لم تستجب له ، بل إزادت من سرعتها
حاول "صالح" مرة ثانية ، و ثالثة ، و رابعة .. دون جدوي ..
لتصدر الإطارات صريخ إحتكاكها بالأسفلت ، عندما إنحرف "صالح" يمينا ليتفادي سيارة أخري ، بينما يدخل هو في الإتجاه المعاكس ، و بصورة سريعة يحدث الإصطدام بينه و بين تلك السيارة التي ظهرت أمامه فجأه !!!!!
متابعه
اذا أتمت القراءة علق بعشرة ملصقات ليصلك الجزء الجديد
الجزء الرابع
عزﻻء امام سطوة ماله
_ صدفة ! _
في الثامنة صباحا بتوقيت "باريس" .. تجلس فتاة في الثانية و العشرين من عمرها داخل غرفتها
كانت تتصفح أخبار الموضة و المجتمع عبر حاسوبها الخاص ، عندما دلف والدها حاملا صنية الفطور ..
"رفعت " بإبتسامة هادئة و هو يقترب من سريرها :
-لولا حبيبتي .. يلا سيبي إللي في إيدك ده و تعالي نفطر سوا.
إعتدلت "هالة" في جلستها ، ثم قالت و هي تبادله الإبتسامة :
-إيه ده يا بابي ! أنت إللي عامل الفطار بنفسك كمان ؟ أنا كنت فكراك نايم ، طب ليه ماقولتليش كنت حضرته بدال حضرتك !
-يعني أنا سيبتك لوحدك إسبوع بحاله محتاسة ، قلت أعوضك بقي بالفطار الملوكي ده .. و أعطاها كأس العصير مكملا :
-بس ماتاخديش علي كده ماشي ؟
هالة ضاحكة بسرور :
-ماشي يا بابي .. ربنا يخليك ليا يا حبيبي.
-ها بقي .. قوليلي عملتي إيه في غيابي ؟؟
هزت كتفيها بخفة قائلة :
-و لا حاجة ، كنت بروح الجامعة كل يوم الصبح ، و كنت برجع أطبخ و أكل و أنام .. بس ، علي كده طول الإسبوع إللي سيبتني فيه.
-مش عارف بس مارضتيش تيجي معايا ليه ؟ رغم كل المصايب إللي حصلت ، بس كنتي هتغيري جو.
هالة و قد عاودها السرور بشدة ، فسألته بحماسة :
-قولي يا بابي .. هو صحيح عثمان طلق چيچي خلاص ، يعني طلقها بجد ؟!
-أيوه يا بنتي طلقها ، بقولك كانت فضيحة ، إنتي ماشفتيش الأخبار علي البتاع إللي في إيدك ده ؟ .. و أشار إلي حاسوبها ، لتجيبه بفرح :
-لأ شفت .. شفتها كلها يا بابي.
رفعت بنظرة شك :
-إنتي مالك مبسوطة كده ليه يا هالة ؟ .. لا تكوني لسا حاطة عثمان في دماغك.
رمقته في صمت و لم ترد ، ليتابع هو بصرامة :
-عموما لو كنتي بتفكري فيه فأنا بقي بقولك لأ مش هينفع ، بعد كل إللي عمله ده مستحيل أوافقك.
هالة بإنفعال مدافعة :
-ليه بس يا بابي ؟ هو كان عمل إيه يعني ؟ عثمان ماغلطش في حاجة ، رد فعله كان طبيعي جدا.
رفعت بحدة :
-عثمان إتجبّـر يا هالة .. شم نفسه و مابقاش يهمه حد ، إوعي تكوني لسا فكراه إبن عمك الطيب الظريف ، لأ ، ده إتغير و بطريقة بشعة .. صدقيني ، عثمان ماينفعكيش و لا ينفع أي واحدة غيرك كمان.
-بس أنا بحبه يا بابي .. قالتها بشرود دون وعي منها ، فزم "رفعت" شفتيه في أسف ، و قال :
-و هو ماعندوش إستعداد يحبك زي ما تحبيه .. مانتي كنتي قدامه يا حبيبتي .. و توقف فجأة عندما لمح بوادر دموعها ..
كوب وجهها بكفيه ، ثم قال بحنان أبوي :
-إنتي تستاهلي أحسن منه يا هالة !
و مسح علي شعرها برفق ، ثم تنهد بعمق قائلا :
-يلا بقي كملي فطارك و أنا هروح أشتغل في مكتبي شوية.
أومأت له و هي تعض علي شفتها السفلي بقوة لتكبت دموعها ، لكنه حالما خرج من الغرفة أطلقت لنفسها العنان و راحت تنتحب بمرارة في صمت ..
حتي رأت من وسط غيمة الدموع التي غشيت عيناها صورة أخيها تظهر فجأة علي الحاسوب
كانت صورة عادية ، إلتقطت له بإحدي المناسبات و هو يضحك بعفويته المعهودة ، لكنها إعتصرت جفناها بقوة لتري بوضوح الخبر الذي نـُشر علي صفحة المجتمع المصرية ..
" أحد أبناء عائلة البحيري يتعرض أمس لحادث سير عنيف جدا أثناء قيادته لسيارة فائقة السرعة إنحرف بها في الإتجاه المعاكس من الطريق السريع ، ترى هل الحادث مدبر ؟ أم أنه قضاء و قدر ؟ "
لم تعط لنفسها فرصة لتُصدم ، و صرخت بأعلي صوتها :
-صــــــــــااااااااااااااااااالح !
عودة للأسكندرية ... كان "عثمان" يجلس هناك علي بعد أمتار من غرفة العمليات
وجهه واجما ، مبهم التعابير ، لطالما كان بارعا في إخفاء مشاعره و إنفعالاته ، تلك ميزة يحسده عليها كل من عرفه و تعامل معه طوال حياته ..
كان يفكر في الحادث الذي تعرض له "صالح" و هو يقود سيارته الخاصة .. تساءل في نفسه .. تري من فعلها ؟ الإجابة لم تأخذ منه تفكيرا طويلا ، إذ أن المسألة واضحة تمام الوضوح ، ليس هناك غيره .. "رشاد الحداد" يريد أن ينتقم منه ..
كز علي أسنانه في غضب جم ، و تمتم لنفسه :
-بتحرجم علي إيه يا رشاد يا حداد ؟ .. لسا في كارت في إيدي ، أقسم بالله لأندمك .. بس أعرف الأول مين إللي دخل بيتي و فكلي الفرامل.
إنتبه "عثمان" لصوت جلبة بأخر الممر ، فأدار رأسه ليري والديه و شقيقته يهرعون نحوه و الفزع باديا علي وجوههم ..
قام من مكانه ، و تحضر لإستقبالهم بفتوره المعتاد
-في إيه عثمان ؟ ماله إبن عمك ؟ .. قالها "يحيى" بتساؤل ، و أردف :
-إحنا لسا شايفين الخبر في الجرايد ، و الصحافيين واقفين برا أد كده ، إنت إزاي ماتقولناش حاجة زي دي ؟ إزاي نعرف من الغرب ؟؟؟
نطق أخر كلماته بغضب ، ليرد "عثمان" بهدوء شديد لا يتناسب إطلاقا مع الموقف :
-ماحبتش أخضكوا ، عموما ماتقلقوش حالته مستقرة لحد دلوقتي.
-إيه يا أخي البرود إللي إنت فيه ده ؟ .. صرخت فيه "صفيه" و أكملت ببكاء :
-فين صالح ؟ رد عليا هو فين ؟ أنا السبب في إللي حصله .. لو ماكنتش طلبت منه يروح بدالي المستشفي إمبارح !
و إنهارت أكثر ، لتحاول "فريال" أن تهدئها
ضمتها إلي صدرها ، و أخذت تمسد علي شعرها و ظهرها بحنو ، بينما أخذ "يحيى" إبنه من يده و وقفا بعيدا ليتحدثا بسرية ..
يحيى بلهجة خافتة :
-عمل الحادثة بعربيتك .. إنت المقصود مش هو !
عثمان بنظرات غامضة :
-عارف .. و عارف كمان مين إللي وز عليا ، بس مش هسكت.
أحمـّر الأخير غضبا و هو يغمغم بإنفعال مكبوت :
-إنت مش هتعمل أي حاجة ، إحنا مش ناقصين ، كفايانا فضايح.
عثمان بغلظة و قد علا صوته :
-يعني إيه ؟ عايزني أطرمخ عالموضوع ؟ عايزني أسيب حقنا كلنا ؟ بلاش إحنا .. حق صالح المرمي جوا ده !
يحيى و هو يرمقه بنظرات محتقنة :
-أنا ماقلتش هنسيب حقه .. في حاجة إسمها قانون و إحنا مش قليلين في البلد.
أطلق "عثمان" زفرات حانقة و هو يشيح بوجهه عن أبيه ، بينما وضع "يحيى" يده علي كتف إبنه ، و ضغط بخفة و هو يقول بحزم :
-عايزك تهدا شوية و ماتتهورش ، نطمن بس علي إبن عمك و بعدين هنتصرف.
-أستاذ يحيى البحيري ؟!
إلتفت "يحيى" وراءه ليرد علي محدثه :
-أيوه أنا !
كان شرطيا وقف أمامه و خاطبه بلهجة رسمية مهذبة :
-أسف يافندم عارف إن مش وقته بس معلش لازم نفتح محضر بالحادثة دلوقتي .. و وزع نظراته بينه و بين "عثمان" مكملا :
-هما شوية أسئلة لحضرتك و لعثمان بيه.
أومأ "يحيى" بتفهم و قال :
-إحنا تحت أمرك يا حضرة الظابط.
في منزل "سمر" ... إنه اليوم المنشود ..
منذ بزوغ النهار ، كانت في إنتظار مكالمة العمل التي وعدها بها "عثمان البحيري"
إستيقظت مبكرا قبل أخويها لأجل هذا ، و لكن كم هي محبطة الآن .. لم يدق جرس هاتفهها أبدا ، لم تصلها رسالة حتي ..
ماذا يعني هذا ؟ ألن يفي السيد "عثمان" بوعده لها ؟ ألن يعطها المنصب الذي أشار إليه ؟ هل كان يقول ذلك عبثا ؟ كان يتسلي ؟
حتما كان يتسلي .. إبتسمت "سمر" بسخرية ، و حدثت نفسها بخفوت : " كنتي فاكرة إيه يعني يا غبية ؟ معقول هيقبل يشغلك عنده في وظيفة زي دي ؟ .. كان بيضحك عليكي يا هبلة ، هو إتجنن يوظف سكرتيرة مش مدربة و معهاش شهادة خبرة ؟ كان بيقولك كده و خلاص .. إكتفي بإنه ساعدك بالمبلغ إللي خدتيه منه ، قال يحسن عليكي يعني ، عمره ما كان هيعمل أكتر من كده طبعا .. فوووقي ! "
عادت "سمر" لأرض الواقع عندما دق جرس هاتفهها ، إنتفضت في مكانها غير مصدقة ، و بيد مرتعشة إلتقطت الهاتف من فوق الطاولة أمامها
لكنها أصيبت بخيبة أمل كالعادة ، إذ كان المتصل ليس سوا شقيقها ..
-ألو يا فادي ! .. أجابت بلهجة فاترة متعبة ، ليأتيها صوت "فادي" من وسط ضجيج زحام و عدة أصوات متداخلة :
-أيووه يا سمر ! هاا طمنيني .. الناس بتوع الشركة دول كلموكي ؟
سمر و هي تحاول سماعه بوضوح :
-الناس بتوع الشركة ؟ .. لأ لسا محدش كلمني ، إيه يا فادي الدوشة دي ؟ إنت فين يابني ؟؟؟
أجابها بصعوبة :
-أنا دلوقتي داخل أستلم الكتب.
-داخل تستلم الكتب ؟ و هي الكتب عليها الإقبال شديد أوي كده ؟!
فادي متهكما :
-إقبال ؟ إقبال إيه يا حبيبتي ، ده في عركة هنا .. ثم قال بجدية :
-المهم قوليلي لسا محدش كلمك يعني ؟؟
سمر بحزن :
-قولتلك لسا !
-خلاص يا بنتي ماتزعليش ، أصلا الحمدلله كويس إنهم ماتصالوش أنا ماكنتش مرتاح للموضوع ده ، بكره أنا هدور علي شغل و مش هنحتاج لحد إن شاء الله.
-إن شاء الله.
-ملوكة عاملة إيه ؟
-كويسة أهيه نايمة في أوضتي.
-طيب مش عايزين حاجة أجيبها و أنا راجع ؟!
-لأ يا حبيبي ترجع بالسلامة .. و تبادلا السلام ، ثم أغلقا معا ..
تنهدت "سمر" تنهيدة مطولة مثقلة بالحزن و العجز اللذين تشعر بهما منذ وقت طويل ، و أخذت تفكر في سبيل جديد تسعي إليه لسداد إحتياجات كلا من "ملك" و "فادي"
حيث أنهما أغلي ما تملك في الحياة ، و من أجلهما هي علي أتم الإستعداد بأن تلقي بنفسها في نار السعير ، لم تعد تفكر في حالها كما في السابق قبل أن يتوفا والديها
لقد زهدت حياتها و أوهبتها كلها لرعاية شقيقيها ، لم تعد تفكر في الإرتباط أو الزواج ، ببساطة لأن إمكانياتها محدودة إن لم تكن معدومة !
لتوفر المال لأخيها و أختها .. هما بحاجة إليه أكثر منها ، لتضحي لأجل سعادتهما ، حتما ستحصد نتائج مرضية بالنهاية و لن تندم ..
هذا كان تفكيرها في البادئ و ما رتبت عليه مخططاتها المستقبلية أيضا ، "ملك" و "فادي" أولا ، ثم نفسها ، و لكن حتي نفسها تأخذ منها بحدود معينة و لا تجور يوما علي حقوق أخويها ..
صدح فجأة صراخ "ملك" مدويا بالأجواء ، فقامت "سمر" و هرعت إليها بسرعة
كانت الطفلة تبكي بصراخ متألم و هي تتلوي في سريرها الصغير ، بينما إنحنت "سمر" فوقها لتري ما بها
مسحت علي شعرها القصير الأملس في لطف ، و تمتمت بعذوبة :
-إيه يا لوكا .. مالك يا حبيبتي ؟ بتعيطي جامد كده ليه ؟ .. إنتي جعانة ؟ ها ! أحضرلك أكلك ؟
أزادت "ملك" من وتيرة بكائها ، لتعبس "سمر" بضيق و هي تمسح لها دموعها ، ثم تحملها بين ذراعيها
راحت تهدئها و تؤرجحها و هي تقبل وجنتها الحمراء المكتنرة بخفة .. فإنتبهت بذعر لدرجة حرارتها المرتفعة عندما لامست بشرتها الملتهبة بشفتيها ..
أمسكتها بإحكام و هي تضعها بين صدرها و ذراعها الملتف حولها ، ثم رفعت ذراعها الأخر و تحسست وجهها الصغير بكفها ..
-يا خبر ! .. همست "سمر" في هلع ، و تابعت :
-حرارتك عليت كده إزاي و ليه ؟ فيكي إيه بس يا ملك ؟ كل شوية بتتعبي !
و عادت بها إلي الصالة حيث تركت هاتفهها هناك ، أجرت الإتصال بـ"فادي" مرة ، إثنان ، ثلاث .. لكنه لم يرد ..
فلم تجد أمامها حلا أخر ، إرتدت ملابسها بسرعة ، و أخذت شقيقتها و نزلت من البيت متجهة إلي المشفي ..
-يعني إيه عنده حصانة و محدش يقدر يقرب منه ؟ .. قالها "عثمان" بعصبية و هو يجادل الشرطي الواقف أمامه
ليرد الأخير بهدوء :
-عثمان بيه إنت سيد العارفين .. رشاد الحداد عضو مجلس شعب و عليه حماية مش من السهل يتوجهله إتهامات.
عثمان و هو يصيح بغضب شديد :
-يعني إيه ؟ بقولك هو السبب في الحادثة ، هو إللي بعت كلابه يفكولي فرامل عربيتي و لو كنت ركبتها قبل صالح كان زماني مكانه دلوقتي !
-حضرتك عندك دليل علي كلامك ده ؟
عثمان بإنفعال :
-واحد عضو مجلس شعب زي ما بتقول بيني و بينه عداوة عشان فضحته هو و بنته و طلقتها ليلة الدخلة ، في أدلة أكتر من كده ؟ في أسباب أقوي من دي تخليه عايز يقتلني ؟؟؟
آتي "يحيى" الذي كان يتحدث في هاتفهه بعيدا ، تدخل مهدئا إبنه و هو يقول :
-خلاص يا عثمان ، إهدا هنشوف حل .. ثم توجه إلي الشرطي بصوته الخشن :
-طب إحنا دلوقتي مابنتهمش حد غيره يا حضرة الظابط ، إيه العمل بقي ؟ هتقفلوا القضية عشان عنده حصانة و عليه حماية ؟؟؟
هز الشرطي كتفيه قائلا في حيرة :
-في الحالة دي الموضوع أكبر مني أنا .. الباشا رئيس النيابة ممكن يتدخل و يطلع أمر رسمي بإحضاره للإستجواب ، لكن أنا أو بقية زمايلي محدش فينا يقدر يهوب ناحيته.
يحيى بإقتضاب :
-طيب .. شكرا يا حضرة الظابط ، أقفل المحضر بتاعك بقي علي كده و أنا بنفسي هطلع بكره علي النيابة.
و بعد ذهاب الشرطي ، وقف "يحيى" أمام "عثمان" الثائر الملامح و قال له :
-عمك عرف !
عثمان هو يسأله بإهتمام :
-و قالك إيه ؟؟
-حجز علي أول طيارة طبعا و زمانه جاي هو و هالة .. كان بيكلمني و هو حالته صعبة أوي و قالي ننقل صالح لمستشفي خصوصي.
عثمان بتأفف :
- مش لما يفوق الأول ! هننقله دلوقتي إزاي ؟ هو أي كلام و خلاص !
-يابني مش أي كلام و لا حاجة ، هو أب و خايف علي إبنه.
رمقه "عثمان" بنظرة عابثة ، ثم تجاوزه و مضي بطريقه ..
-رايح فين ؟ .. صاح "يحيى"متسائلا ، ليجيبه بجمود دون أن يلتفت :
-رايح أشم شوية هوا لو حصل حاجة إبقي كلمني.
أخذ "عثمان" المصعد و هبط إلي الطابق الأول ، مر علي قسم الطوارئ ، و كاد يخرج
لكن صوت شخص ما إستوقفه ..
-يعني إيه ماعندكوش مكان ليها ؟ أنا داخلة مستشفي حكومية مش خاصة ! بقولك أختي حرارتها عالية لو فضلت كده هتموت.
-الصوت ده أنا عارفه ! .. قالها "عثمان" لنفسه ، ثم إلتفت ليتأكد مش شكوكه ..
حملق فيها بدهشة و في هذه الطفلة الباكية التي إحتضنتها بقوة ، و راقب كيف هددت عاملة الإستقبال بنفس الحدة التي إستعملتها معه من قبل :
-إنتي لو مادخلتنيش أنا و هي دلوقتي حالا أنا هوديكي في ستين داهية و مش إنتي لوحدك ، إنتي و كل المسؤولين عن الهبابة دي.
-أنسة سمر ؟!
متابعه
الجزء الخامس لعيونكم
عزﻻء امام سطوة ماله
_ الوجه الأخر للثعبان ! _
إلتفتت "سمر" وراءها بوجه عاصف لتري الشخص الذي نادي بإسمها
لتتسمر بمكانها فجأة و تتبدل ملامحها الثائرة إلي أخري ذاهلة ..
-أسـ أستاذ عـ عثمان ! .. قالتها بشيء من الإضطراب و قد أربكها ظهوره المفاجئ أمامها ، ثم أردفت بإستغراب :
-حضرتك إيه إللي جابك هنا ؟
عثمان و هو يجيبها بإسلوبه اللبق الذي نادرا ما يستخدمه في تعاملاته مع الآخرين :
-إبن عمي عامل حادثة و كل العيلة هنا .. إنتي بقي إيه إللي جابك هنا ؟؟!
إنتبهت "سمر" إثر سؤاله للسبب الرئيسي الذي جاءت من أجله إلي هنا ، فشددت ذراعيها الملتفين حول شقيقتها و أجابته :
-أختي حرارتها عليت فجأة ماعرفش ليه ! فخدتها و جريت بيها علي هنا .. ثم أطرقت رأسها في تخاذل ، و أكملت :
-بس بيقولولي مالهاش مكان !
عثمان عاقدا حاجبيه في إستنكار :
-مين إللي قالولك ؟؟؟
-الأنسة دي .. و أشارت له برأسها نحو موظفة الإستقبال
ليتجاوزها "عثمان" و يتوجه إلي الموظفة بصوته الغليظ :
-لو سمحتي يا أنسة ، معانا طفلة هنا حرارتها عالية ، محتاجين دكتور ، يا ريت تطلبيلنا حد دلوقتي حالا.
الموظفة بهدوء مستفز :
-أسفة يافندم ، الأماكن هنا كلها مشغولة و الدكاترة كمان مشغولين.
عثمان و هو يتبجح برعونة مستهجنة :
-يعني إيه حضرتك ؟ بقولك البنت حرارتها عالية و إنتي ملزومة تدخلينا و تستدعيلنا دكتور يشوفها كمان.
الموظفة ببرود :
-و الله أنا ليا في إللي في شايفاه قدامي ، مافيش أماكن فاضية و مافيش دكاترة متوفرين حاليا ، أديك حضرتك شايف قسم الطوارئ و المستشفي كلها زاحمة إزاي !
إرتعشت شفتيه المزمومتين من الغضب ، ليستدير في اللحظة التالية نحو "سمر" قائلا بإقتضاب آمر :
-إتفضلي معايا يا أنسة سمر ، هنروح مستشفي تانية .. ثم عاد ينظر إلي الموظفة ثانيةً ، و قال بحدة شديدة :
-إحنا ماشيين يا أنسة ، بس أوعدك الموقف ده مش هيعدي علي خير أبدا ، و بالذات عليكي إنتي.
و غادر "عثمان" المشفي كلها بخطواته المتغطرسة مصطحبا في إثره "سمر" و أختها الصغيرة ..
بينما أتت موظفة الإستقبال الثانية ، و سألت زميلتها :
-في إيه يا بنتي ؟ كنتي بتتخانقي مع مين ؟؟
الموظفة الأولي بعدم إهتمام :
-ماكنتش بتخانق و لا حاجة .. أهو ناس زي إللي بنشوفهم كل يوم سايبين العيادات و مستخسرين ڤزيتة الدكتور و جايينلنا إحنا هنا يقرفونا عشان مستشفي زفت حكومية.
الموظقة الثانية و هي تشهق بصدمة :
-ناس زي إللي بنشوفهم كل يوم إيه يا مجنونة ؟ إللي إنتي وقفتي تقاوحي فيه ده عثمان البحيري إبن يحيى بيه البحيري الشاب إللي عمل الحادثة و جالنا إمبارح يبقي واحد من عيلتهم.
الموظفة الأولي بإستخفاف :
-مين الناس دول يعني ؟ صحاب المستشفي مثلا ؟!
الموظفة الثانية بإستنكار :
-ماتعرفيش عيلة البحيري ؟ و بتتريقي كمان ؟ دول يشتروكي و يشتروا المستشفي باللي فيها ، محدش في إسكندرية مايعرفهمش و إللي برا إسكندرية كمان ، ناس كبار و إيديهم طايلة و أقدم عيلة هنا.
هزت الأخيرة كتفاها بلا إكتراث قائلة :
-كبار و إيديهم طايلة علي نفسهم .. و علي كل حال الدنيا مش سايبة.
-إدعي ربنا بس مايحطكيش في دماغه و ينسي إللي حصل ، عثمان البحيري ده مش سهل أبدا ، أكتر واحد شراني في عيلته و محدش بيهمه لسا مطلق مراته بنت رشاد الحداد نايب الأنفوشي يوم فرحهم و ماهمتوش الفضايح.
-شراني علي نفسه بردو ، و يلا بقي علي شغلك و سيبيني أشوف شغلي أنا كمان .. قالت الفتاة في لامبالاة ، إلا أنها لم تنكر القلق الذي أخذ يتسرب بأعماقها ..
-ربنا يستر .. تمتمت لنفسها ، ثم عادت إلي العمل مجددا ..
في مطار القاهرة ... تصل الرحلة القادمة من مطار "باريس" و تهبط الطائرة تدريجيا علي الأراضي المصرية الموّقرة ..
تنفتح البوابة ، لينزل منها "رفعت البحيري" و معه إبنته "هالة" التي لم تكف عن البكاء منذ علمت بخبر الحادث الذي وقع لأخيها
يقطعا تذكرتان إلي الأسكندرية ، و فورا يكونا علي متن رحلة أخري ، ليصلا في زمن قياسي جدا ..
بعد نصف ساعة فقط ، كانا خارج ساحة مطار الأسكندرية ، ركبا سيارة فخمة شيعت مخصوصا بسائقها لأجل إستقبالهما بأمر من "يحيى البحيري"
وصل بهما السائق أمام بوابة المشفي في غضون خمسة عشر دقيقة ، صعدا إلي الطابق الثالث حيث "صالح" هناك بغرفة العمليات ..
كان "يحيى" واقفا بمنتصف الردهة جامد الوجه ، متوتر الجسد عندما هرول نحوه "رفعت" هاتفا بلهجة مختلجة :
-إبني ماله يا يحيى ؟ صالح جراله إيه ؟؟؟
إعتدل "يحيى" في وقفته و إستعد لمواجهة شقيقه ..
-إبني فين يا يحيى .. تساءل "رفعت" بحدة ، ليرد الأخير بهدوء حذر :
-إهدا يا رفعت .. ماتقلقش صالح بخير.
رفعت بإنفعال :
-بخير ! بخير إزاي و هو بقاله 12 ساعة في العمليات ؟ إنت شايفني عبيط قدامك ؟!!
يحيى و هو يجيبه بسرعة :
- لأ لأ خلاص هيخرج دلوقتي الدكتور لسا مطمنـ آا ..
-إسمع يا يحيى .. صاح "رفعت" مقاطعا ، ثم تابع بعنف شديد :
-إبني لو حصله حاجة مش هسامحك ، إبني لو ماخرجش من هنا علي رجليه لا إنت أخويا و لا أعرفك.
عبس "يحيى" في حزن ، و قال :
-ماتخافش يا رفعت .. إبنك هيخرج من هنا بالسلامة إن شاء الله !
و هنا ، فـُتح باب غرفة العمليات ، ليخرج الطبيب أولا ، ثم "صالح" خلفه ملقي فوق التورللي ، ملفوفا بالشاش و الجبس في معظم أجزاء جسده ..
ركضت نساء العائلة صوبه في الحال ، بينما توجه كلا من "رفعت" و "يحيى" نحو الطبيب ..
-طمني يا دكتور أرجوك .. قالها "رفعت" برجاء ، و أردف :
-إبني عامل إيه ؟ بقي كويس صح ؟؟؟
الطبيب بأرق و هو يخلع الكمامة المعقمة عن وجهه :
-إطمن يافندم .. إبن حضرتك بخير ، أنا خرجت من شوية و طمنت يحيى بيه .. هو بلغ حضرتك باللي قولتهوله ؟!
نظر "رفعت" بريبة إلي شقيقه الذي تلعثم قليلا هو يقول بإرتباك :
-آا ي دكتور أنا بـ برجح إن حضرتك تشرحله بنفسك أحسن !
تنفس الطبيب بعمق ، ثم قال بلهجته العذبة المنمقة :
-طيب .. شوف يافندم ، هي معجزة إننا قدرنا ننقذه ، إبن حضرتك إنكتبله عمر جديد بفضل الله ، طبعا مافيش شك إن الحادثة كانت قاسية جدا .. عشان كده للأسف حصلتله شوية مضاعفات !
تجمدت ملامح "رفعت" و جف حلقه فجأة ، فإزدرد ريقه بصعوبة ، ثم سأله بصعوبة بصوت مبحوح :
-مضاعفات ؟ .. مش فاهم يا دكتور !!
عض الطبيب علي شفته ، و إستغرق منه الأمر لحظات قبل أن يجد طريقة ملائمة ليخبره بما حل بإبنه ..
الطبيب بتمهل و لطف :
-شوف حضرتك .. بصراحة إبنك إتعرض لشرخ بسيط في عموده الفقري ، الشرخ ده هسيببله إعاقة لفترة معينة !
بـُهت "رفعت" و قد ألجمت الصدمة لسانه .. لكنه نطق بثقل :
-يعني إيه يا دكتور ؟ .. تقصد إنه .. إتشل ؟؟؟
-مش بالظبط كده .. قال الطبيب بحيرة ، ثم تنهد و أكمل :
-هو فعلا مش هيعرف يمشي في الأول بس في علاج طبيعي هنتابعه لما يقوم بالسلامة.
-و العلاج ده هيجيب نتيجة ؟؟
-أه طبعا هيجيب .. بس !
يحيى بوهن :
-بس إيه ؟
أجاب الطبيب و هو يتهرب من النظر في عينيه :
-جايز الفترة تطول .. كله بأمر ربنا ! .. ثم إستأذن بسرعة ليذهب :
-عن إذنكوا هروح أشوف المريض.
ظل "رفعت" واقفا بمكانه كما هو ، تماما كالصنم ، حتي توجه "يحيى" إليه بالقول :
-رفعت .. إطمن ، و الله هيبقي كويس.
أدار "رفعت" رأسه و أخذ يرمقه بنظرات حاقدة ، ليجفل "يحيى" بتوتر و يزم شفتيه في ضيق ، لكنه عاد يقول و هو يحتضنه بأخوّة :
-إن شاء الله هيبقي كويس.
في إحدي العيادات الخاصة ، و المتخصصة لعلاج الأطفال ..
فرغ الطبيب المسن من الكشف علي "ملك" ثم نزع سماعته الطبية و هو يداعب ذقنها بلطف قائلا :
-سلامتك يا جميلة ، إنتي زي الفل ، إضحكي بقي و ماتكشريش تاني خالص.
إستجابت الصغيرة لمداعبته التحببية ، و راحت تكرر بصوتها الطفولي الرنان ، لتبتسم "سمر" و هي تعدل لها ملابسها ، بينما يقف "عثمان" وسطهم يراقب ما يحدث بإبتسامته الفاترة الدائمة ..
جلس الطبيب الوقور خلف مكتبه ، لتحمل"سمر" أختها ، و تعود ثانيةً لتجلس أمامه ، و تسمعه و هو يقول بجدية :
-شوفي حضرتك .. مبدئيا الأعراض إللي عند أختك عادية جدا بالنسبة للأطفال إللي في سنها ، التقلصات المعوية حاجة شائعة جدا في الفترة دي بالنسبة لها ، لكن السخونة و الكحة إللي بتشتكي منهم دول حاجات محتاجين نعمل عليهم تحاليل ، و علي حسب بقي لو قالت التحاليل هتخف بالعلاج يبقي خير و بركة ، إنما لو حاجة تانية لا قدر الله هنشوف ساعتها ممكن نعالجها إزاي !
سمر بصدمة :
-قصدك إيه يا دكتور ؟ هي ممكن يكون عندها إيه ؟!
-أنا مش عايزك تتخضي .. بصي هي بوادر إلتهاب رئوي بس هنحاول نعالجها قبل ما الموضوع يتطور أكتر .. ثم شرع في كتابة روشتة و هو يتابع :
-أنا هكتبلها علي أدوية مهمة و هكتبلك إنتي مواعيد كل دوا ، و هاخد منها عينة دم دلوقتي و إن شاء الله أشوفها الأسبوع الجاي زي إنهاردة.
إنتهت جلسة الكشف بعد أن أخذ الطبيب عينة من دم "ملك" لتخرج "سمر" من البناية الراقية برفقة "عثمان" و هي تحمل شقيقتها غير قادرة علي محو علامات الوجوم المرتسمة علي وجهها ..
أعادها صوت "عثمان" إلي أرض الواقع حين سألها بلطف :
-أنسة سمر ! .. إنتي كويسة ؟!
إنتبهت إليه قائلة :
-هه ! أه .. شـ شكرا أوي يا عثمان بيه ، بجد أنا مش عارفة أشكرك إزاي علي كل إللي عملته معايا أنا بقيت مديونالك بكتير أوي.
عثمان بعتاب مصطنع :
-عيب كده يا أنسة سمر ، أنا ماعملتش أي حاجة ، و بعدين دي حاجات بسيطة جدا.
سمر بإبتسامة رقيقة :
-حاجات بسيطة إيه بس ؟ دي الڤزيتا لوحدها بتاعة الدكتور ده أكتر من المبلغ إللي أخدته من حضرتك قبل كده ، أنا بإذن الله هردلك كل ده قريب بس عمري ما هقدر أردلك لطفك و كرمك معايا.
عثمان و هو يعبس بضيق :
-بجد هزعل منك يا أنسة سمر ، أختك زي أختي بالظبط أنا قمت بواجب طبيعي .. ثم قال بخبث :
-و لو إن الدكتور فوق إفتكرها بنتي .. أنا ماحبتش أصلحله الغلط لإني بجد حبيت ملوكة أوووي و من هنا و رايح خلاص هعتبرها فعلا زي بنتي.
و مد يده و ربت علي خد الصغيرة بلطف ، لتحمـّر "سمر" خجلا و هي تقول :
-حضرتك كل شوية بتكسفني بكرم أخلاقك أكتر .. مش عارفة أقولك إيه !!
عثمان بإبتسامته الجذابة :
-ماتقوليش حاجة .. أنا إتبسطت لما شوفت ملك إنهاردة ، و إن شاء الله في معاد الإستشارة الجاية هاجي معاكوا تاني.
سمر ضاحكة بخفة :
-لأ إستشارة جاية إيه ! مافيش الكلام ده ، كفاية أوي كده علي حضرتك ، أنا هبقي أخدها أوديها لدكتور تاني تكون الفزيتا بتاعته أقل شوية.
-كلام إيه ده يا أنسة سمر ! ماينفعش تسيبي دكتور خلاص شخـَّص حالة أختك و تروحي لواحد غيره لسا هيشخص من أول و جديد ، ماينفعش.
-بس آا ..
-مافيش بس .. قاطعها بصرامة ، و أكمل :
-الأسبوع الجاي زي إنهاردة هجيبكوا بنفسي لحد هنا و هحضر الإستشارة كمان.
إبتسمت "سمر" و قالت بإستسلام :
-خلاص .. إللي تشوفه حضرتك !
رد لها الإبتسامة و هو يقول :
-أيوه كده .. و يا ريت ماتنسيش معاد شغلك من بكره ، و بعتذرلك تاني بالنيابة عن شيري ، إحنا كنا ملخومين في إبن عمي زي ماقلتلك و كل حاجة عندنا واقفة من إمبارح.
-لا أبدا مافيش حاجة ربنا يقومه بالسلامة.
-أمين .. طيب ، يلا بقي عشان أوصلكوا.
سمر بحرج :
-يا خبر .. كمان !
عثمان بإصرار :
-أيوه .. إنتي ساكنة فين ؟؟؟
-عند محطة الرمل كده !
أومأ مرارا و هو يقول مبتسما :
-تمام ، إتفضلي بقي .. و أشار لها لتتقدمه نحو سيارته المصفوفة أمامهم
ففعلت ذلك علي إستحياء ...
-ما أنا مشغل معايا شوية أغبية ! .. قالها "رشاد الحداد" بصياح غاضب دوي عاليا بأرجاء حجرة مكتبه ، ليرد عليه أحد رجاله بحذر شديد :
-طب و إحنا ذنبنا إيه بس يا رشاد باشا ؟ مافيش حاجة بتخفي عن الصحافة ، و بعدين كل المعلومات إللي إتنشرت دي خدوها من المستشفي.
رشاد بإنفعال :
-ما إنتوا لو رجالة عدلين ماكنتوش سمحتوا لشوية كلاب تعلي صوتها علينا .. ثم إلتفت إلي المدعو "عباس" الذي كلفه بمهمة إغتيال "عثمان" بدلا من "صالح" :
-و إنت يا عباس بيه .. فين نتايج خطتك إللي ماتخرش المايه ؟ بجد خيبت أملي فيك !
عباس عاقدا حاجبيه في إنزعاج :
-أنا ماليش ذنب يا باشا ، أنا عملت المطلوب و لو ماكتش إبن عمه هو إللي طلع بالعربية كنت هتسمع خبره زي أمرت.
رشاد بتهكم :
-طيب و ليه ماسمعتش خبر إبن عمه لحد دلوقتي يا مستر عباس ؟ ده كمان في ناس كلموني و قالوا إنه خرج من العمليات و بقي زي الفل.
بـُهت "عباس" و ما عاد للكلام جدوي أمام تصريحات "رشاد" الأكيدة ..
-إخفوا من قدامي .. هتف "رشاد" بحدة ، و تابع :
-مش عايز أشوف واحد فيكوا لحد ما الموضوع ده ينتهي ، أنا أسف إني إعتمدت عليكوا.
أطرقوا رؤوسهم جميعا و هم ينسحبون الواحد تلو الأخر من مكتبه ، بينما إستدار هو بعنف ، و ضرب الطاولة بقبضته المضمومة و هو يتمتم من بين أسنانه :
-فلت من إيدي المرة دي يابن يحيى .. بس و الله ما هسيبك !
متابعه ليصلك باقى الاجزاء
تعليق اسفل المدونه تشجيعا لجهودنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق