عزلاء امام سطوة ماله
( 26 )
_ غضب ! _
يمر إسبوع ... لم يطرأ فيه أي تغيير يذكر لدي أي فرد
حتي جاء يوم العلاج الأول ..
كانت لديه قوة كافية تجعله قادرا علي الإستلقاء هناك ، من غير حراك ، قادرا علي أن يستلقي حتي يتحمل هذا العذاب كله .. لحظة واحدة و جاء التغير الوحيد فجأة
بشكل غير معقول .. تضاعف الآلم
شبت النار فجأة في النصف الأسفل من جسده ، النصف الذي كان ميتا منذ الحادث
أحس عظاما مكسورة تتخبط تحت أصابع اللهب الكاوية و التي ما كانت سوي يدي طبيب العلاج الطبيعي المتمرس و الماهر في تخصصه ..
-آااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه . آااااااااااااااااااااااااه .. هكذا كان صراخ "صالح" يدوي عاليا ليتردد صداه عبر أركان المشفي بأكملها من أعلاها إلي أسفلها
بينما تأذت مشاعر "صفية" كثيرا لرؤيته يعاني بهذا القدر ، فإقتربت من السرير الذي كان يستلقي فوقه علي وجهه و تحدثت إلي الطبيب ..
صفية بنبرة مهزوزة :
-يا دكتور ! .. من فضلك بالراحة عليه . هو إيه إللي بيجراله بالظبط ؟؟؟
الطبيب و هو يستمر في عمله غير عابئ بصراخ "صالح" المتواصل :
-في أجزاء لسا حيوية في جسمه عشان كده بيتألم لحد ما المنطقة دي تتعالج صح و الكسور تلحم إن شاء الله الآلم ده هيقل تدريجيا.
-صآااااااااااافي ! .. إنتفضت "صفية" حين نادي عليها ، و ردت بسرعة :
-نعم . نعم يا حبيبي ؟
صالح بأنين حاد :
-إممممم خلي الزفت ده يبعد عني . مش قآاااادر كفآاااية كدآااااااااا.
صفية بدموع و هي تمسد علي شعره بحنان :
-معلش يا حبيبي . معلش إستحمل شوية كمان عشان خاطري.
ثم نظرت إلي الطبيب بإستعطاف ليخفف الآلم عن "صالح" قليلا
و لكن الحريق المستعر راح يمضي بلا نهاية بفضل إصرار الطبيب علي إتمام الجلسة كاملة مكتملة رغم أنف مريضه العدواني ..
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في منزل "سمر" ... تعيش الأسرة الصغيرة حالة فرح و بهجة شديدة
فاليوم أخيرا عادت الصغيرة "ملك" معافاة و صحيحة تماما ..
-فادي ! إوعي هاتها . قولتلك 100 مرة ماتبوسهاش من بؤها .. قالتها "سمر" موبخة أخيها و هي تحاول إنتزاع "ملك" من بين ذراعيه
بينما ضحك "فادي" و هو يتمسك بالطفلة أكتر ، ثم قال :
-في إيه يا سمر ؟ دي أختي الصغيرة و غايبة عني بقالها كتير . وحشتني !
سمر بغضب :
-وحشتك ماشي بس ماتبوسهاش من بؤها ماتبوسهاش أصلا. الدكتور منبه علي كده إحنا مش ناقصين تتعب تاني.
فادي بضيق :
-هو أنا مرض يعني يا سمر ؟
تنهدت "سمر" و قالت بلطف :
-لأ يا حبيبي مش مرض . بس هي عندها المناعة ضعيفة و بتتأثر بأي حاجة ما إنت عارف.
-ماشي ياستي . مش هبوسها من بؤها تاني مش هبوسها خالص عشان خاطرك . حلو كده ؟
سمر بإبتسامة :
-حلو . إيوه إنت كده شطوور .. هاتها بقي !
-أمرك يا حبيبتي . إتفضليها أهيه .. و قبل أن يضع الصغيرة بين ذراعيها سرق من وجنتها المكتنزة قبلة عميقة ليغيظ شقيقته الكبري
و بالفعل إستشاطت "سمر" غضبا و هي تضربه علي كتفه بقوة :
-قولتلك ماتبوسهاش . ماتبوسهآااش مابتفهمش !!
قهقه "فادي" بمرح و هو يقول :
-أنا هنزل أجيبلها الدوا و اللبن بتاعها و بالمرة هشتري قالب كيك عشان نحتفل باليوم السعيد ده.
و ذهب "فادي" ..
لتنفرد "سمر" بشقيقتها أخيرا
لم تستطع رفع عيناها عنها .. فقد إفتقدتها كثيرا ، و قد كانت رائعة ، في أحسن صحة
كان جلدها الأبيض الرقيق يتوهج كأن فيه نورا ، و كان لون خديها ورديا علي خلفية ذلك النور
كان طول جسدها قد زاد قليلا ، و صارت أنحف بقليل ، أما خصلات شعرها فصارت أطول بميليمترات قليلة ..
لم تصدق "سمر" حتي الآن أنها شفيت و عادت إليها ، لقد كانت قاب قوسين أو أدني من الموت ، و لكن من يراها الآن لا يصدق ما كانت عليه قبل ثلاث أسابيع
كان التحسن واضح جدا ..
و لكن .. هذا كله بفضل من ؟؟؟
-أنا آسفة يا حبيبتي .. تمتمت "سمر" بحزن شديد و هي تضم أختها برفق ، و أكملت :
-ماكنش نفسي أعالجك بفلوسه . ماكنتش أتمني و لا حاجة من دي تحصل .. الظروف كلها كانت ضدي و الأبواب إتقفلت في وشي قبل حتي ما أدق عليها . بس أنا عملت كل ده عشانك . إنتي أغلي مني بالنسبة لي . إنتي بنتي مش أختي !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في قصر آل"بحيري" ... لم يري "رفعت" إبنته منذ عدة أيام و كلما سأل عنها يقولون بغرفتها ، حتي لم تعد تشاركهم وجبات الطعام
يقرر "رفعت" التحقق من الأمر بنفسه ، فيصعد إلي غرفتها ، لكنه يقابل زوجة أخيه في منتصف الدرج ..
-فريال إستني لو سمحتي ! .. قالها "يحيى" بسرعة حين إستدارت "فريال" لتهرب لما رأته
توقفت "فريال" بمكانها ، بينما إقترب منها و هو يقول بهدوء :
-إنتي بتتهربي مني ليه يا فريال ؟ بقالك إسبوع علي كده و حابسة نفسك في أوضـ آا ..
-رفعت ! .. صاحت "فريال" بحدة ، و تابعت :
-من فضلك تخلي بالك من كلامك . أنا مش بتهرب منك هتهرب منك ليه ؟ هو حصل حاجة بينا لا سمح الله ؟!
رفعت بخجل :
-أنا مش عارف أنا قلتلك الكلام ده إزاي ! بجد مش عارف . أنا آسف يا فريال.
إلتفتت له و قالت بجدية ممزوجة بالصرامة :
-أنا مش زعلانة منك يا رفعت . أنا عارفة طبعا إنك ماكنتش قاصد تقول كده و إلا ماكنتش سكت و كان زمان يحيى عنده خبر !
حمحم "رفعت" بتوتر ، لتكمل "فريال" بنفس الإسلوب :
-إنت أخو جوزي . يعني في مقام أخويا . و يحيى بيثق فيك ثقة مالهاش حدود عشان كده سايبلك كل حاجة و مسافر و هو مطمن .. بيته . شغله . ولاده . مراتــــــــه !
و شددت علي الكلمة الأخيرة ..
-طبعا . طبعا يا فريال .. تمتم "رفعت" بإرتباك ، و أردف :
-أنا هنا مكان أخويا فعلا . و كل إللي يخصه في رقبتي لحد ما يرجع بالسلامة إن شاء الله .. ثم قال بإقتضاب :
-عن أذنك . طالع أشوف هالة.
و فر من أمامها بسرعة حتي قبل أن يسمع الرد ..
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
في غرفة "هالة" ... كانت مستيقظة حين سمعت الطرق علي باب غرفتها
لكنها تظاهرت بالنوم و شدت الغطاء عليها أكثر ..
ليدخل "رفعت" عندما لا يسمع أذنا .. يجد الغرفة غارقة في ظلام دامس ، فيتجه صوب الشرفة العريضة
يزيح الستائر ، ليتسلل الضوء الذهبي و يملأ الغرفة
أغمضت "هالة" عيناها بإنزعاج ، و بعد لحظات شعرت بوالدها يجلس علي طرف السرير بجانبها ..
-هالة ! .. حبيبتي . هالة .. إيه النوم ده كله يابنتي . هآاالة .. أخذ "رفعت" يحاول إيقاظها و هو لا يعلم أنها مستيقظة بالفعل
بينما تململت "هالة" في فراشها و تمتمت أخيرا و هي تتصنع نبرة النوم :
-بابي !
رفعت بإبتسامة و هو يمسح علي شعرها:
-حبيبة بابي . إيه يا قمر . كل ده نوم ؟ و بعدين بقالي أد ماشوفتكيش ؟ غطسانة في أوضتك ليل و نهار ليه ؟؟؟
هالة بوجوم :
-هعمل إيه يعني ؟ مافيش حاجة أخرجلها.
رفعت بإستغراب :
-إيه النغمة الجديدة دي ؟ معقول هالة إللي بتتكلم ؟ ده مافيش حد أدك بيحب الفسح و الخروج !!
هالة بسخرية :
-كان زمان.
رفعت بدهشة :
-كان زمان ! إيه يابنتي مالك ؟ في حاجة حصلت ؟ حد هنا ضايقك ؟ حد عملك حاجة ؟؟؟
هالة بإبتسامة خالية من الروح :
-إطمن يا بابي . مافيش حاجة . أنا كويسة.
رفعت بشك :
-مش مصدقك ! .. و بعدين إنتي شكلك بقي عامل كده ليه ؟ و خسيتي أووي كده ليه ؟؟؟
هالة بضيق :
-قولتلك مافيش حاجة يا بابي . Please ماضايقنيش.
رفعت بعدم إقتناع :
-أوك . خلاص مش هضغط عليكي يا حبيبتي .. ثم تنهد و قال :
-طيب قومي . قومي و تعالي نخرج سوا . تعالي نروح نشوف صالح أو لو عايزة أفسحك !
هالة بكآبة :
-لأ مش عايزة . مرة تانية يا بابي . مش قادرة أخرج إنهاردة.
رفعت بنفاذ صبر :
-طيب قومي إنزلي إفطري إعملي أي حاجة بس إخرجي من أوضتك دي.
هالة بخفوت :
-حاضر.
تنفس "رفعت" بعمق و هو يرمقها بنظرات حائرة ، ثم قام و مشي صوب الباب .. لتستوقفه إبنته فجأة :
-بابي !
إلتفت لها "رفعت" متسائلا :
-نعم يا هالة ؟
صمت قصير .. ثم قالت "هالة" بثبات :
-هو أنا وحشة يا بابي ؟!
رفعت بدهشة :
-وحشة ؟ .. لأ طبعا . مين إللي قالك كده ؟؟؟
إزدردت ريقها بتوتر و قالت :
-محدش . بس . بس بسألك !
رفعت بجدية :
-إنتي أجمل بنوتة في الدنيا كلها يا حبيبتي .. ثم سألها للمرة الأخيرة :
-هالة .. إنتي كويسة ؟
هالة بإبتسامة شاحبة :
-كويسة يا بابي.
-Sure ?
-Sure !
ما زال غير مقتنع بأقوالها ، لكنه إستسلم و تركها و خرج في الأخير ..
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
إنتهت "سمر" من تحضير الغداء لشقيقها ، كما قامت بإعداد وجبات طعام لـ"ملك" تكفيها طوال اليوم
بدلت ملابسها ، ثم خرجت و سلمت أختها إلي "فادي" و هي تقول :
-أمسك يا فادي . أنا همشي بقي . خلي بالك من ملك لحد ما أجي.
فادي و هو يركز إهتمامه علي المباراة التي يتابعها علي التلفاز :
-ماشية متأخر إنهاردة يعني يا سمر !
سمر و هي تضبط الحچاب فوق رأسها :
-مش روحت أجيب ملك من المركز و عملت كذا حاجة مع بعض ! .. ثم قالت بعدم إهتمام :
-و بعدين عادي أنا واخدة إذن.
-طيب ماتتأخريش بقي عشان الإحتفال بتاع بليل . لو إتأخرتي هبدأ أنا و لوكا منغيرك.
ضحكت "سمر" بخفة و قالت :
-ماشي ياسيدي مش هتأخر هخلص شغلي بسرعة و هرجع .. ثم أكملت بتحذير :
-و إوعي تستغفلني و أنا مش موجودة و تقعد تبوس في ملك . هعرف !
أومأ "فادي" دون كلام و عيناه مصوبتان علي شاشة التلفاز ، لتنحني "سمر" و تطبع قبلة خفيفة علي شعر "ملك" ثم تأخذ حقيبتها و تغادر المنزل ..
تستقل سيارة آجرة من مقدمة الشارع الرئيسي .. تصل إلي مقر عملها خلال وقت قصير ، ثم تصعد إلي مكتبها المرفق بمكتب المدير ..
-إنتي فييييييييين يا سمر ؟ .. قالتها "نجلاء" و هي تهرول صوبها ، و أكملت بخوف :
-إتأخرتي كده ليه يابنتي ؟ مستر عثمان قالب عليكي الدنيا !
سمر ببراءة :
-أنا كنت مشغولة أوي إنهاردة يا نجلاء . نسيت أقوله إني هتأخر إنهاردة.
-ما هو إتصل بيكي و أنا كمان حاولت بس ماكنتيش بتردي.
تفقدت "سمر" هاتفهها الذي تعمدت ضبطه علي وضع الصامت ..
-آاااه فعلا ! .. هتفت "سمر" بدهشة مصطنعة ، و أردفت :
-ده الموبايل كان صامت و ماسمعتوش . و لو إن مش فاكرة إني كنت عملاه صامت !!
نجلاء بتوتر :
-طيب إدخليله . إدخليله دلوقتي حالا أحسن ده شايط عالأخر . أقسم بالله كنت خايفة يرفدني إنهاردة من كتر عصبيته.
إبتسمت "سمر" و هي تقول ببرود :
-حاضر . حاضر يا نجلاء .. هدخل !
يتبــــــع ...
عزلاء امام سطوة ماله
( 27 )
_ تراجع ! _
تدخل "سمر" إلي "عثمان" ... تقف أمام مكتبه في برودة أعصاب ، تتقصد التظاهر بهذا الشكل أمامه
فقد تمت الصفقة التي عقداها بالنسبة لها ، و هي لم تعد تبالي له بعد الآن ..
-صباح الخير يافندم ! .. حيته "سمر" بفتور ، و تابعت :
-نجلاء قالت إنك سألت عليا كتير . أنا آسفة إني إتأخرت إنهاردة بس كنت مضطرة . الصبح روحت أجيب أختي من المركز.
زمجر "عثمان" .. أطلق صوتا مفاجئا مرعبا .. و تجمع غضب أسود في وجهه كما تتجمع السحب قبل العاصفة ..
-إنتي عارفة أنا كلمتك كام مرة من إمبارح للنهاردة ؟ .. سألها بنبرة هادئة تشي بحلول غضبه القريب
سمر ببراءة :
-موبايلي كان silent و ماسمعتوش !
عثمان بإستهجان :
-و الله ! و ده من إمتي إن شاء الله ؟ من إمتي بتصل بيكي و مابتسمعيش ؟!
سمر ببرود :
-أهو إللي حصل يافندم . أعمل إيه يعني ؟
في هذه اللحظة وثب "عثمان" من مكانه و مشي ناحيتها و الشرر يتطاير من عينيه ..
-إنتي بقالك إسبوع سايقة العوج ! .. قالها "عثمان" بحنق شديد و هو يقبض علي ذراعها و يلويه بقوة خلف ظهرها
سمر بألم :
-آااه آه آاه . إيه إللي بتعمله ده ؟ أنا عملتلك إيه سيب إيدي !
عثمان بغضب :
-إنتي بتلعبي بالنار يا سمر . و إوعي تكوني فاكراني مش واخد بالي من وش البرود إللي بترسميه قدامي ده بقالك كام يوم . أنا عارف كويس إنتي بتفكري في إيه ؟ بس أنا بقي مش هاسيبك بالسهولة دي . إللي بينا مش لعبة تقدري تنسحبي منها وقت ما تحبي . لأ . في قوانين و أنا بس إللي أقول إمتي تنسحبي أو إمتي تخلص اللعبة.
سمر متصنعة عدم الفهم :
-أنا مش فاهمة إنت بتتكلم عن إيه ! و أنا أصلا مابفكرش في حاجة أنا فعلا كنت مشغولة أوي إنهاردة و تليفوناتك غصب عني ما ردتش عليها .. ثم قالت بألم أشد :
-سيب إيدي بقي !
تركها "عثمان" بحركة غاضبة ، لتتآوه و هي تدلك مكان أصابعه الغليظة علي جلد معصمها ..
-كنتي بتعملي إيه طول الإسبوع إللي فات ؟ .. تساءل "عثمان" بخشونة ، لترد "سمر" بنبرة مهزوزة و هي تحاول السيطرة علي أعصابها :
-ماكنتش بعمل حاجة . كنت بشتغل ما إنت عارف.
عثمان بلهجة صارمة :
-برا الشغل . كنتي بتعملي إيه برا الشغل ؟
سمر بحيرة ممزوجة بإلإرتباك :
-ماكنتش بعمل حاجة !
عثمان بحدة :
-طالما كده . كنتي بتتهربي مني ليه ؟؟؟
سمر بضيق :
-ماكنتش بتهرب . فادي خلص إمتحاناته و قاعد في البيت . مقدرش أعمل أي حاجة تلفت نظره.
عثمان بإنفعال :
-أنا ماليش دعوة بالكلام ده . أنا وقت ما أعوزك لازم ألاقيكي . مشاكلك مع أخوكي تشوفلها حل منغير ما تزعجيني أنا.
سمر و قد تملك منها الغضب أخيرا :
-إنت مش من حقك تؤمرني و تكلمني بالطريقة دي . أنا مش جارية عندك يا عثمان بيه . أنا حره و مش مضطرة أقولك أمين علي أي حاجة تطلبها مني.
ضحك "عثمان" بسخرية و قال :
-مش تتأكدي من كلامك قبل ما تقوليه يا سمر ؟ إنتي مراتي . تبقي حره إزاي ؟ إنتي نسيتي الورقتين إللي كتبناهم سوا ؟
سمر و هي ترمقه بمقت :
-لأ مش ناسية . إنسي إزاي الكابوس إللي مابيفارقش أحلامي كل يوم ؟!!
عثمان بنفاذ صبر ممزوج بالحدة :
-أنا عايزك إنهاردة . بعد الشغل إستنيني برا ماتمشيش.
-لأ مش هينفع ! .. قالتها "سمر" برفض قاطع ، ليرد بغضب :
-ليـــــه ؟ مش هينفع ليه ؟ إنتي بقالك إسبوع بتقوليلي مش هينفع.
سمر بشئ من العصبية :
-قولتلك فادي قاعد في البيت . مقدرش أشوفك و لا أقابلك برا الشغل ممكن يحس بحاجة.
أمسك "عثمان" بكتفيها و حني رأسه إلي الأمام ، ثم قال بصرامة تامة :
-بكره . بكره بعد الشغل هتيجي معايا . تقوليلي بقي أخوكي جن أزرق مش هيهمني . إتصرفي و حلي مشاكلك كلها إنهاردة عشان بكره مش هقف أتناقش معاكي كده . بكره هتسمعي كلامي كله من سكات .. فاهمة يا بيبي ؟!
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
عند "صالح" و "صفية" ... بعد إنتهاء الجلسة ، يتم نقل "صالح" إلي جناحه مجددا
يحملوه رجال التمريض و يضعونه علي سريره بحرص ، ثم يخرجون بعد أن شكرتهم "صفية" ..
-آاااااه آاااااه .. هكذا راح "صالح" يتآوه بخفوت ، لتجلس "صفية" بجواره علي حافة السرير ، و تربت علي شعره قائلة :
-سلامتك . سلامتك يا حبيبي !
صالح بحزن :
-لأ . لأ يا صافي أنا زعلان منك.
صفية بدهشة :
-ليه بس يا حبيبي ؟ أنا عملت إيه ؟!
-فضلت أترجاكي و أقولك إبعدي عني الدكتور إبن الـ---- ده و لا سألتي فيا.
صفية برقة :
-يا قلبي علي أد ما قدرت خليته يخفف عنك . هو كان لازم ينهي الجلسة كاملة يا صالح عشان تخف بسرعة يا حبيبي.
صالح و هو ينظر لها بضيق :
-أنا زهقت من المستشفي يا صافي . عشان خاطري إسألي الدكتور الحيوان ده لو ينفع أكمل العلاج في البيت !
صفية بإبتسامة :
-حاضر يا حبيبي . هسأله.
صالح و هو يهز رأسه بخيبة :
-و ربنا أنا إتحسدت.
ضحكت "صفية" و سألته بإستغراب :
-و مين يعني إللي هيحسدك يا صالح ؟
صالح بتبرم :
-كل الناس يا حبيبتي . أنتي مستقلية بخطيبك و لا إيه ؟ ده أنا صالح . يعني ماتكونيش فاكرة إن أخوكي لوحده يبقي دونچوان .. ثم قال بخبث ليغيظها :
-ده أنا البنات بتجري ورايا لحد دلوقتي و أنا علي وضعي و مش عارف أتحرك.
صفية بسخرية :
-لا يا راجل !
صالح بغرور :
-أومال إيه يا بنتي . ده أنا بفتح الـChatting عندي بلاقي الـInbox هينفجر من الرسايل . إللي تقولي سلامتك يا صالح و إللي تقولي وحشتني يا صالح و إللي تقولي هموت و أشوفك يا صالح.
صفية بغيظ و هي تلكمه علي كتفه :
-طب ما تتلم بقي يا صالح . بدل ما ألمك !
ضحك "صالح" بخفة و غمز لها قائلا :
-إنتي بتغيري يا صفصف ؟
صفية بصدمة :
-صفصف ! إيه صفصف دي ؟
-بدلعك يا حبيبتي.
صفية بغضب :
-لأ مادلعنيش كده . أنا صفية أو صافي لكن مش صفصف !
صالح بإبتسامة مرحة :
-أوك يا عمري . إنتي أصلا حياتي كلها أحلي حاجة في الدنيا بالنسبة لي بنات إيه دول إللي هبصلهم و إنتي جمبي ؟!
إبتسمت "صفية" بخجل و قالت :
-حبيبي يا صلَّوحي . ربنا يخليك و يقومك ليا بالسلامة يا رب.
صالح بحب :
-و يخليكي ليا يا قلب صلَّوحك.
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في مكان أخر ... تحديدا بمطار العاصمة الإنجليزية ( لندن )
يقف "يحيى البحيري" أمام شباك ختم بطاقات السفر ، فيأتي شخص و يضع يده علي كتفه ..
يلتفت "يحيى" ليكتشف هويته ، ليجده "محمود أبو المجد" والد "مراد" و أحد أصدقاؤه القدامي
ينظر له "يحيى" و يقول بسرور :
-مش ممكن . محمود أبو المجد بحاله . إزيك يا رااجل عامل إيه ؟
محمود و هو يصافحه بحرارة :
-إزيك إنت يا يحيى ! أخبارك إيه ؟ و باقي العيلة إزيها ؟
يحيى بإبتسامة :
-كلنا كويسين الحمدلله .. ثم نظر إلي السيدة التي تأبطت ذراع زوجها و تقف مستمعة في هدوء ، و قال :
-إزيك يا مدام رباب ؟
رباب بإبتسامة رقيقة :
-الحمدلله كويسة . أنا كنت بقول لمحمود إننا لازم نكلمك من مدة عشان نشكرك.
يحيى بإستغراب :
-العفو . بس تشكروني علي إيه ؟!
-علي إستقبالك لمراد في بيتك من ساعة ما نزل لحد دلوقتي . هو كلمنا و قالنا إنكوا بتراعوه و بتعاملوه أحسن معاملة . بجد إحنا متشكرين أووي يا يحيى بيه.
يحيى بإبتسامة :
-لا شكر علي واجب يا مدام رباب و بعدين مافيش بينا شكر . محمود صاحبي قبل ما يكونوا ولادنا أصحاب و بعدين مراد ده زي عثمان إبني بالظبط.
محمود بإمتنان و هو يربت علي كتفه :
-طبعا . طبعا يا يحيى . ربنا يديم المحبة.
-أمين يا سيدي .. ثم قال بتخمين :
-إنتوا شكلكوا قررتوا تنزولوا أخيرا . صح و لا إيه ؟
محمود بإبتسامة :
-مش بالظبط . إحنا قولنا ننزل نشوف مراد عشان وحشنا أوي و بالمرة نزور مصر . بس هنرجع تاني .. إنت إللي كنت بتعمل إيه هنا و ماجتش تزورنا ليه ؟
-أنا ماكنتش فاضي و كان عندي شغل مهم أوي والله لسا مخلصه و روحت قاطع التذكرة علطول حتي مش قايل لحد إني راجع عاملها مفاجأة.
محمود بحماسة :
-إحنا كمان مش قايلين لمراد إننا راجعين . كانت فكرة رباب قالتلي يتفاجئ بينا أحسن.
-طيب طالما كده بقي يبقي هنسافر مع بعض و هتيجوا معايا علي القصر هتبقوا في ضيافتي لحد ما تقرروا ترجعوا تاني إن شاء الله.
محمود بشئ من الخجل :
-إحنا مش عايزين نتقل عليكوا يا يحيى كفاية إبننا لحد دلوقتي . إحنا ممكن ننزل في أوتيل أو نأجر شقة أو حتي ڤيلا جمبكوا.
يحيى بإستياء :
-مش عيب تقول كده يا محمود ؟ أوتيل إيه إللي تنزل فيه و لا بيت إيه إللي تأجره ؟ ماتزعلنيش منك لو سمحت و إوعي تقول الكلام ده تاني.
-بس آا ..
-مابسش .. قاطعه "يحيى" بصرامة ، و أردف :
-هتقعدوا معانا في القصر طول مدة سفاركوا . خلاص إنتهي !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في منزل "سمر" ... تفتح باب الشقة عند دقات السادسة مساءً
كانت "ملك" مستيقظة ، رأتها جالسة علي الأرض و معها "فادي" ..
كانت تلعب بكومة صغيرة من المكعبات خاصتها و عندما شاهدت أختها قذفت بالمكعبات فأحدث قرقعة خافتة علي الأرض ، ثم أشارت إليها بحركة إستحواذية آمرة
لاحظ "فادي" وصول أخته هو الأخر ، فوثب علي قدميه للحال و هرول صوبها و هو يقول بإبتسامة عريضة :
-باركيلي يا سمر باركيلي !
سمر و قد إنفرجت أساريرها تلقائيا :
-مبروك يا حبيبي . إيه إللي حصل ؟؟؟
فادي بفرحة غامرة :
-أنا نجحــــــــت . نجحت يا سمر.
صرخت "سمر" من فرط سعادتها و قفزت محتضنة أخيها بشدة و هي تقول :
-مبرووووووووك . مبرووك يا حبيبي ألف مبروك يا فادي .. ثم نظرت له و سألته بإهتمام :
-المهم درجاتك و لا التقدير إيه ؟؟؟
فادي بضحك :
-إطمني يا سمر الدرجات كويسة و إحنا لسا في أول ترم أخر السنة هتشوفي التقدير إللي هيعجبك بإذن الله.
سمر بسعادة شديدة :
-إن شاء الله يا حبيبي.
في هذه اللحظة وصلت "ملك" عند قدمي شقيقتها و هي تحبو علي قوائمها ، فإنحنت "سمر" و رفعتها عن الأرض بسرعة ..
تبادلت معها إبتسامة واسعة ، ثم قالت و هي تقرص وجنتها بمنتهي اللطف :
-مش تقولي مبروك لأبيه فادي يا لوكا . ها ؟ قوليله مبروك يا حبيبتي.
-سمر كنت عايز أقولك حاجة كمان ! .. قالها "فادي" بجدية تامة و ما زالت البسمة تزين ثغره
إلتفتت له "سمر" متسائلة :
-خير يا فادي ؟
-إللي جابلي النتيجة يبقي دكتور عندنا في الكلية و كمان يبقي صاحب شركة بترول كبيرة أوي هنا في إسكندرية.
سمر بعدم فهم :
-طيب !
تنفس "فادي" بعمق ، ثم قال :
-هو إنهاردة عرض عليا شغل عنده.
سمر بجدية :
-شغل إزاي بس يا فادي ؟ هتعرف توفق بين شغلك و دراستك إزاي ؟!
-هو راجل كويس جدا و بيعزني يا سمر . فاهم وضعي و قالي طول الأجازة دي هشتغل و لما الدراسة تبدأ هقعد من الشغل و بعدين دي أخر سنة ليا و فاضل كام شهر و هتفرغ للشغل علطول.
سمر بتفكير :
-طيب . هو عرض كويس بصراحة .. ثم قالت بإبتسامة :
-إعمل إللي يريحك يا فادي . أنا واثقة في قراراتك.
فادي و هو يرد لها الإبتسامة :
-ربنا يخليكي ليا سمسمة إنتي و لوكا . إن شاء الله قريب وضعنا هيتحسن أوي و مش هخليكوا تحتاجوا لحاجة .. ثم صاح مستذكرا :
-صحيح يا سمر نسيت أقولك كمان . الدكتور ده هيجي يزورنا بكره . أنا عزمتو علي الغدا . لازم بقي تاخدي أجازة من شغلك عشان تطبخي . معلش لو بتقل عليكي يا حبيبتي.
سمر بلطف :
-لا يا حبيبي و لا يهمك . هو أنا عندي أغلي منك يعني !
و فجأة برزت صورته في ذهنها ..
يا للكارثة .. التي ستحل لو لم تذهب غدا إلي الشركة !!!
يتبـــــع ...
عزلاء امام سطوة ماله
( 28 )
_ الضيف ! _
في هدأة الليل ... تجلس "فريال" بغرفتها نصف غافية علي الكرسي الهزاز
عندما إقتحمت وصيفتها جناحها فجأة و هي تهدل بصخب :
-فريآاال هآاانم . يحيى بيه وصل . يحيى بيه وصل !
إنتفضت "فريال" من غفوتها النصفية و وثبت قائمة في لمح البصر ..
-بتقولي إيه يا سعاد ؟ يحيى . يحيى جه بجد ؟؟؟
كانت "فريال" شديدة الإضطراب و الإنفعال ، كان صوتها مهزوزا فيه قدر كبير من الذهول و الفرح و الشك ... فمازال باكرا علي موعد عودة زوجها من السفر ..
أكدت الوصيفة بإبتسامة عريضة :
-يحيى بيه لسا واصل حالا يا هانم أنا أول ما شوفته تحت جريت علي حضرتك علطول عشان أبشرك.
فريال بسعادة مفرطة و هي تغطي فمها بكفيها :
-ميرسي يا سعاد . إنتي بجد تستاهلي مكافأة علي الخبر ده . ليكي عندي هدية.
و أسرعت نحو المشجب الخشبي حيث بعض ثيابها المعلقة هناك ، بينما قالت "سعاد" بإبتسامة خجلة :
-العفو يا هانم . أنا ماعملتش حاجة.
إلتقطت "فريال" روب محتشم منسوجا من الحرير الخالص و إرتدته فوق قميص نومها الغير محتشم و لم تنتظر ثانية أخري
طارت عبر الغرفة و هبطت إلي الأسفل بسرعة فائقة ..
-يحيــــــــــــــــــــــــــــى ! .. هتفت "فريال" عاليا و هي تركض صوب زوجها ، ليلتفت لها "يحيى" مبتسما و يفتح ذراعاه بحركة تلقائية
إرتمت "فريال" بقوة في حضنه
تكورت في صدره و دست رأسها تحت إبطه ، ثم همست بعاطفة ملتهبة :
-حبيبــــي .. حبيبي وحشتني أووي أووووي . يآاااااااااااااااااااااه . ده حضنك واحشني بشكل !
-إنتي كمان واحشاني جدا جدا يا حبيبتي .. تمتم "يحيى" بخفوت و هو يحتضنها بشدة ، لتستعر اللهفة في صدرها و تزيد إلتصاقا به و هي تتنهد بحرارة
بينما مال "يحيى" مبتعدا عن عناقها و هو يحمحم ثم يقول بنبرة رزينة مرتفعة إلي حد مناسب :
-مش هتسلمي علي ضيوفنا و لا إيه يا فريال هانم ؟
في هذه اللحظة إنقشعت الغمامة الوردية التي غلفت حواس "فريال" ..
لقد نست أنهما ليس وحدهما ، ثم أدركت أن طريقة إلتحامها بزوجها الآن ليست سلوكا مهذبا في وجود الآخرين
شعرت بالإحراج ، فإبتعدت نصف خطوة و هي تجوس بنظرها علي وجهي "محمود أبو المجد" و زوجته الأنيقة السيدة "رباب التميمي" ..
-آاا أهلا و سهلا ! .. قالتها "فريال" بقدر من التوتر ، ليرد الزوجين في نفس واحد و البسمة تعلو شفاههما :
-أهلا بيكي يا فريال هانم.
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
بعد وقت قصير ... يصعد "يحيى" مع زوجته إلي الغرفة
ينصرف الخادم الذي نقل حقيبة السفر من الأسفل إلي هنا ، لتنفرد "فريال" أخيرا بزوجها ..
-إنت إزاي ماتقوليش إنك راجع إنهاردة .. قالتها "فريال" بغنج و هي تسند يديها علي صدر "يحيى"
ليرد الأخر بإبتسامة و هو يداعب خصلات شعرها اللولبية :
-حبيت أعملهالك مفاجأة . إيه ! كانت مفاجأة وحشة يعني ؟!
فريال برقة شديدة :
-دي أحلي مفاجأة يا قلبي.
و طوقت رقبته بذراعيها و هي تبتسم بحب ، ثم صاحت فجأة :
-و صحيح إيه إللي جاب محمود و رباب معاك ؟ و جبتهم هنا ليه ؟!
يحيى بصوته المخملي الجذاب :
-قابلتهم في المطار يا حبيبتي و كانوا علي نفس طيارتي فإقترحت عليهم يقعدوا عندنا هنا طول مدة سفرهم زي مراد إبنهم كده.
عبست "فريال" قائلة :
-هو بيتنا بقي آوتيل يا يحيى كل من هب و دب هيجي يقعد عندنا.
يحيى بضحك :
-إيه ده يا فريال هانم ! إيه التحولات الغريبة دي . ده إنتي طول عمرك كريمة إيه إللي حصل.
فريال و هي تمط شفتاها و تعكف حاجباها بشئ من الضيق :
-ماقولتش حاجة يا حبيبي . أنا قصدي بس إن بيتنا في أسرار و لازم يبقاله خصوصية . وجود ناس أغراب معانا حاجة مش لطيفة أوي و لا إنت إيه رأيك ؟
يحيى بتفكير :
-بس هما مش أغراب عننا يا فريال . إحنا نعرفهم . ماتنسيش إن محمود صاحبي من زمان أوي ! .. ثم قال بجدية :
-و بعدين إبنهم قاعد معانا بقاله أكتر من شهر ماشوفناش منه حاجة و مافيش سر من أسرار بيتنا طلع برا .. علي ما أعتقد.
تنهدت "فريال" و قالت بإستسلام :
-خلاص يا يحيى . إللي تشوفه !
يحيى بنعومة و هو يسير بأنامله ببطء علي خدها :
-لأ مش إللي أشوفه . إللي نشوفه يا حبيبتي . لو حاسة بقلق ناحيتهم خلاص . أنا مستعد أعتذرلهم و أخليهم يمشوا بكره الصبح.
فريال بإستنكار ممزوج بالحرج :
-يا خبر ! لأ . لأ يا يحيى ماينفعش طبعا . كده يبقي بنطردهم مايصحش لأ .. ثم أردفت بإبتسامة متكلفة :
-خلاص . أنا موافقة يقعدوا معانا . أمر لله بقي !
إبتسم "يحيى" بحب ، ثم قال :
-قلبك أبيض طول عمرك يا حياتي.
فريال و هي ترد له الإبتسامة :
-و إنت طول عمرك قلبي يا يحيى .. ثم قالت بتحذير :
-بس بعد كده ماتبقاش تتصرف من دماغك و تعزم أي حد زي ما عملت إنهاردة . لازم تاخد رأيي في حاجة زي دي الأول.
يحيى بأداء مسرحي :
-سمعا و طاعة يا سيدتي.
ضحكت "فريال" بدلال ، و من جديد إزدادت إقترابا منه ليلتحما ببعض مرة أخري
و لكن هذه المرة دون قلق أو خجل من أن يراهم أحد ..
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في نفس الوقت بالجهة الأخري ... يسمع "مراد" بخبر مجيئ والديه
يتفاجأ بهذا هو أيضا ، فينزل من غرفته بسرعة ليتأكد بنفسه ..
-بابا . ماما !! .. هتف "مراد" مبتسما بدهشة ، ثم أسرع إلي أحضان أبويه و ضمهما معا و هو يكمل بعدم تصديق :
-إنتوا جيتوا إزاي ؟ ليه ماقلتوش ؟ .. وحشتوني أووي.
ربتت "رباب" علي شعر إبنها قائلة :
-حبيبي يابني . إنت وحشتنا أكتر.
محمود بإبتسامة :
-إحنا قولنا نعملهالك مفاجأة و نطب عليك علي غفلة.
نظر "مراد" إلي والده و قال بحبور شديد :
-و أنا فعلا إتفاجئت . ماتتصوروش إنتوا كنتوا واحشني إزاي .. ثم تساءل بإهتمام عندما لمح الحقائب بجانبهم :
-بس إيه الشنط دي ؟ إنتوا لسا ماحجزتوش في آوتيل و لا إيه ؟!
محمود بجدية :
-لأ يا سيدي . يحيى أصر إننا ننزل عنده هنا لحد ما تنتهي رحلتنا و نرجع تاني.
مراد بإستغراب :
-أنكل يحيى ! هو وصل ؟
-أيوه . قابلناه صدفة في المطار و جينا سوا.
أومأ "مراد" بتفهم ، ثم قال بتردد :
-بس إنتوا هتستريحوا هنا ؟ مش هتبقوا مضايقين يعني ؟
محمود بدهشة :
-و إيه إللي هايضايقنا يابني ؟!
مراد و هو يهز كتفاه بخفة :
-يعني . البيت مش بيتنا و ممكن آا .. و صمت فجأة ، لا يعرف كيف يصوغ عبارته
لتندفع أمه و تقول بنزق ممزوج بالحدة :
-إنت بتقول كده ليه ؟ هو حد هنا ضايقك يعني ؟ حد عملك حاجة ؟ ما ترد آ ..
-إستني شوية يا رباب . قاطع "محمود" زوجته بصرامة دون أن يحيد بنظره عن إبنه ، و تابع :
-إسمع يا مراد . زي ما قولتلك يحيى هو إللي أصـــــر و ألــــــح كمان إننا نيجي هنا .. إحنا تمام هنقعد بس لو حسينا نفسنا مش مرتاحين أو حسينا حد من أهل البيت مش مرتاح لوجودنا هناخد بعضنا و هنمشي فورا . خطتنا ماكانتش الإقامة في قصر البحيري . إحنا كنا عاملين حسابنا ننزل في آوتيل و بعدين كنا هنأجر بيت أو شقة نقعد فيها الفترة إللي هنكون فيها هنا . يعني بالنسبة لنا مافيش مشكلة .. فهمت ؟
مراد بإبتسامة :
-فهمت يا بابا . و عموما حمدلله علي السلامة.
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
صباح يوم جديد ... تستيقظ "سمر" علي صوت زقزقة العصافير
تنظر إلي ساعة التنبيه ، فتجدها السابعة و النصف صباحا
تزفر بضيق و تتمتم لنفسها : " هيعمل فيا إيه ده لو ماروحتش ؟ يادي المصيبة ! "
و قامت من فراشها و الكدر يغيم عليها كليا ..
تقابل "فادي" بالصالة ، كان يحمل "ملك" التي إستيقظت في وقت باكر كعادتها
بينما كانت تميل الصغيرة برأسها علي كتفه بلا حراك ، تراوغ غفوة راحت تثقل أهدابها الكثة بين الحين و الأخر ..
-صباح الخير يا فادي ! .. قالتها "سمر" بصوت متحشرج من تأثير النوم
إبتسم "فادي" و هو يرد :
-صباح النور يا سمسمة . إيه ! جاهزة ؟
سمر بوجه خالٍ من أي تعبير :
-أيوه يا فادي . هغسل وشي و هحضرلكوا الفطار و بعدين هبدأ في الغدا.
فادي بإمتنان :
-ربنا يخليكي ليا يا حبيبتي . معلش لو هتعبك إنهاردة و أسف إني عطلتك عن شغلك.
سمر بإبتسامة باهتة :
-و لا يهمك يا حبيبي .. و أكملت بتساؤل :
-بس هو الدكتور بتاعك ده جاي الساعة كام ؟
-جاي علي الساعة 4 كده.
أومأت "سمر" قائلة :
-طيب . يدوب بقي .. شوية و الفطار يبقي جاهز !
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
تمر ساعات النهار بسرعة بالنسبة لـ"سمر" ... فقد قامت بإنجاز كبير ، حيث أعدت طعام الغداء الفاخر كله
طبخت أصناف عديدة و شهية في زمن قياسي ، ثم تنفست الصعداء أخيرا و ولجت إلي المرحاض ..
أخذت حماما سريعا ، ثم ذهبت إلي غرفتها
إرتدت ملابس نظيفة و أنيقة تلائم إستقبال الضيف ، و من جديد نظرت إلي ساعة هاتفهها .. أصبحت الرابعة إلا الثلث عصرا
و لكن غريب .. إنه لم يتصل و لا مرة حتي الآن !!
-سمر ! يلا تعالي دكتور أدهم قدامه عشر دقايق و يوصل.
و بعد عدة دقائق كانت "سمر" تقف بجانب أخيها عندما دق جرس الباب
يفتح "فادي" ليظهر الضيف المنتظر ..
كان رجلا في أوائل الثلاثينيات ، ذا وجه وسيم و إطلالة جذابة ، بدت عليه إمارات سعة العيش و الترف بصورة كبيرة ..
ألقي نظرة خاطفة نحو "سمر" ثم توجه إلي "فادي" بالقول ..
أدهم بإبتسامة خفيفة :
-مساء الخير يا فادي.
فادي و هو يصافحه بحرارة :
-أهلا مساء النور يا دكتور . نورتنا .. ثم إلتفت إلي أخته و قدمها له :
-سمر ده دكتور أدهم إللي حكيتلك عنه . دكتور أدهم دي سمر أختي.
صوب "أدهم" ناظريه إليها .. شملها بنظرة فاحصة و البسمة البسيطة تعلو ثغره ..
-إتشرفت بيكي يا أنسة يا سمر .. قالها "أدهم" بنبرة هادئة ، لتومئ "سمر" و هي ترد بإبتسامة :
-الشرف ليا يا دكتور.
و هنا ... دق هاتفهها ، لتري حروف إسمه تضئ الشاشة مع الرنين الصاخب المـُلح !!!!!
يتبـــــع ...
عزلاء امام سطوة ماله
( 29 )
_ رعب ! _
إعتذرت "سمر" من أخيها و ذهبت لترد علي المكالمة ... ليأخذ "فادي" الضيف و يجلسه بالصالون المتواضع و هو يمطره بوابل من الإبتسامات و الكلمات المرحبة
ولجت "سمر" إلي غرفتها و أوصدت الباب خلفها
و قبل أن ينقطع الرنين المتواصل ضغطت زر الإجابة و ردت بصوت متوتر :
-ألو !
-أيوه يا سمر . إيه ما ردتيش بسرعة ليه ؟
كان صوت "عثمان" متوازنا .. فيه قدر من الثبات و الهدوء الذي بث فيها التوجس بصورة أكبر ..
-مـ معلش الموبايل كان بعيد عني .. هكذا أجابته "سمر" و هي تحاول ضبط الهزة في صوتها قدر أستطاعتها
عثمان بنبرته الخفيضة الهادئة :
-أووك . عموما أنا كنت بتصل أقولك Sorry هضطر أكنسل ميعادنا إنهارده بس أكيد هنتقابل بكره.
سمر بعدم تصديق و سرور في آن :
-ده بجد ! قصدي ليه كده ؟؟؟
عثمان بأسف :
-صحيت الصبح ياستي لاقيت أبويا رجع من السفر و إبن عمي كمان خرج من المستشفي و رجع علي البيت كل العيلة متجمعين بقي و محدش راضي يفرج عني إنهارده .. معلش يا حبيبتي . بكره هعوضك.
سمر بغبطة شديدة :
-و لا يهمك خد راحتك خآالص . قصدي ماتستعجلش . يعني هنروح من بعض فين !
صمت قصير .. ثم قال "عثمان" بشك :
-أومال إنتي فين كده يا بيبي ؟
إزدردت ريقها بتوتر و أجابت بإرتباك :
-آا أنـ أنا . أنا في البيت !
عثمان بدهشة :
-في البيت إزاي يعني ؟ لسا شوية علي ميعاد الإنصراف ! .. ثم قال بغضب :
-إنتي ماروحتيش الشركة إنهاردة ؟؟؟
سمر بإرتباك أشد :
-مـ ما . ما ما آا ..
-ما إيـــــه إتكلمي ! .. قاطعها بإنفعال و تابع :
-يعني لو ماكنتش إتصلت بيكي ماكنتش عرفت إنك طنشتيني و كسرتي كلامي ؟ إنت بتتحديني يا سمر ؟؟؟
تخيلت "سمر" أن نبرة صوته العنيفة تجاوزت سماعة الهاتف و صار بإمكان أخيها سماعه و هو في الخارج ..
-أرجوك وطي صوتك .. قالتها بخوف شديد و هي تنظر نحو الباب ، ليرد "عثمان" بإستنكار ممزوج بعصبيته :
-أوطي صوتي ! هو إنتي لسا شوفتي حاجة ؟ بس لما أشوفك يا سمر . هخليكي تفكري مليون مرة قبل ما تحاولي تكسريلي كلمة واحدة تاني.
سمر و قد تملك منها الرعب :
-تهديد ده ؟ هتعملي إيه يعني ؟!
عثمان بنبرة وعيد :
-أفضل تشوفي بنفسك .. ثم قال بصرامة :
-بكره الساعة 9 نتقابل في نفس المكان . إوعي تتأخري زي المرة إللي فاتت و جربي ماتجيش يا سمر . يا ويلك مني لو عملتيها .. سلام يا بيبي.
و أقفل الخط بوجهها ..
-يا نهار إسود ! .. تمتمت "سمر" بإنيهار ، و أكملت :
-هيعمل فيا إيه الحيوان ده ؟ .. مش ممكن يعمل حاجة . هيعمل إيه يعني ! . يا ربي أعمل إيه بس . أنا أعصابي إدمرت خلآاص !!
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
أنهي "عثمان" مكالمته و هو يغلي من الغضب ... ثم خرج من الشرفة و عاد إلي مجلس العائلة
حيث إحدي القاعات الفخمة التي يزيدها جمالا تلك النوافذ التي تمتد من الأرضية إلي السقف لتمنح للمشاهد إطلالة بانورامية آسرة ..
-يابني كنت فين ؟ مش تقعد معانا بقي ! .. قالها "يحيى" بإنزعاج ، و أردف بحدة :
-أنا قلت مافيش خروج إنهاردة.
عثمان بإبتسامة :
-أنا جيت أهو . كنت بعمل مكالمة بس.
و ذهب ليجلس بجوار أمه ..
-منوور البيت يابو الصلـــوووح . حمدلله علي السلامة .. قالها "عثمان" و هو يمد يده و يربت علي قدم "صالح"
إبتسم "صالح" و هو يثبت الكرسي المتنقل الذي يجلس فوقه ، ثم رد دعابة إبن عمه :
-الله يسلمك يابن عمي . هو البيت كان ناقصني عشان ينور يعني ؟ ما فيه ناس زي الفل أهو مش قاطعين عنه الكهربا ليل نهار.
ضحك الجميع إثر جملته ، و شارك "محمود أبو المجد" في الحديث المرح :
-طول عمرك دمك خفيف يا صالح . ربنا يشفيك يابني و يقومك بالسلامة.
صالح بإبتسامة :
-متشكر يا أنكل .. ثم تساءل بإهتمام :
-أومال هي فين هالة يا جماعة ؟!
أجابته "صفية" الجالسة بخفة علي يد مقعده المعدني :
-أنا طلعت أندهلها بس قالتلي تعبانة و مش هتقدر تنزل.
صالح بقلق :
-تعبانة إزاي يعني ؟ طيب أطلع شوفها يا بابا من فضلك !
تنهد "رفعت" بسأم ، و قال :
-ماتقلقش يابني . هي كويسة.
صالح بشئ من العصبية :
-و حضرتك عرفت منين كنت شوفتها يعني ؟!
رفعت بضيق :
-أختك حساسة أوي زي ما إنت عارف .. ثم أكمل و هو يحدج "عثمان" بنظرات ذات مغزي :
-أقل حاجة ممكن تضايقها أو تتعبها . بس هي بترجع و بتبقي كويسة . ماتقلقش عليها.
تظاهر "عثمان" بعدم ملاحظة عبارة عمه الإتهامية و واصل العبث بهاتفهه و هو لا يكف عن مغازلة أمه بنفس الوقت
بينما إستمر الحديث و الهرج من حوله ليمتلئ المكان بالدفء و الألفة الأسرية ..
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في منزل "سمر" ... بعد الغداء ، تدخل إلي الصالون و هي تحمل طقم المشروبات
تقدم الشاي إلي "فادي" ثم القهوة المضبوطة إلي الضيف ..
-تسلم إيدك يا أنسة سمر ! .. قالها "أدهم" مبتسما و هو يتناول منها فنجان القهوة ، و تابع بثناء :
-الأكل كان حلو أوي . حقيقي من مدة مادوقتش أكل بيتي حلو كده.
سمر بإبتسامة و هي تجلس في كرسي مجاور لأخيها :
-ميرسي يا دكتور و بالهنا و الشفا . دي حاجات بسيطة.
أدهم بدهشة :
-كل ده و حاجات بسيطة ! بلاش تواضع . أكلك يجنن و الأصناف إللي عملتيها عجبتني أووي.
سمر و قد توردت وجنتاها خجلا :
-ميرسي علي المجاملة الرقيقة.
أدهم بإبتسامته الجذابة :
-مش بجامل علي فكرة . دي حقيقة .. و لا إنت إيه رأيك يا فادي ؟
فادي بإعتداد و فخر :
-و الله أنا من زمان معجب بأكلها و مش أنا لوحدي . كل معارفنا و جيرانا بيشكروا في نفسها في الأكل.
و هنا لاحظ "أدهم" خجلها المتزايد ، فقال بلبقاته المعهودة :
-أعتقد إن الأنسة سمر بتتكسف من المدح . طيب نغير الموضوع عشان خاطرها .. ثم مضي يكمل بجدية :
-شوف يا فادي . أنا تقريبا خلصت إجراءات تعيينك . مش هيبقي عليك بعد كده غير إنك تستلم شغلك.
فادي بحماسة :
-أنا جاهز يا دكتور من بكره لو أمكن.
-طبعا ممكن . خلاص بكره الصبح تطلع علي البحر الأحمر و تستلم مكانك هناك.
سمر بصدمة :
-بحر أحمر إيه ؟ إنت هتسافر يا فادي ؟؟؟
نظر "فادي" إليها و رد بشئ من الإرتباك :
-أيوه يا سمر . ما أنا نسيت أقولك إن شغلي هيكون في البحر الأحمر و بالتالي لازم أسافر.
سمر بغصة مريرة :
-هتسيبنا و تسافر ؟ طب مين إللي هياخد باله مني و من ملك ؟؟!
فادي بتأثر شديد :
-أنا مش هسيبكوا بمزاجي يا حبيبتي . هو الشغل كده طب هعمل إيه يعني !
و بدا عليه القلق من ردة فعل "أدهم" لتلاحظ "سمر" هذا و تقول بإستسلام :
-خلاص يا فادي . سافر .. ربنا يوفقك.
يتدخل "أدهم" بلطف :
-أنسة سمر ماتقلقيش . فادي مش هيغيب عليكوا كتير هما خمستيام إللي هيكون فيهم في البحر الأحمر و هيجي يقضي معاكوا نهاية الأسبوع !
أومأت "سمر" و هي تحاول رسم إبتسامة علي ثغرها
ليأتيها صوت بكاء "ملك" في اللحظة التالية ..
سمر بوجوم :
-عن إذنكوا . هروح أشوف ملك !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في الصباح التالي ... يودع "فادي" شقيقتاه
تقلبت "ملك" بين ذراعي أختها و مضت إلي أخيها فإحتضنها بين ذراعيه ..
همس من فوق رأسها :
-أشوف وشك بخير يا سمر !
أومأت "سمر" قائلة و الدموع تلمع بعيناها :
-أشوف وشك بخير يا فادي.
أوصاها من جديد. :
-خلي بالك من نفسك و من ملك.
سمر بخفوت :
-ماتقلقش.
-هبقي أكلمكوا كل يوم.
ثم لثم جبهة "ملك" و قبلها من وجنتيها و أعادها إلي "سمر" ثانيةً ..
رحل ... فأخذت "سمر" شقيقتها الصغيرة إلي الجارة "زينب" و ذهبت علي أساس إلي عملها ، و لكن كانت الوجهة مختلفة تماما
نصف ساعة و كانت في نفس المكان الذي تواعدا عنده في المرة السابقة ..
إنتظرت نصف ساعة إضافية حتي آتي
رأته و هو يوقف سيارته بصورة تدريجية ، إرتجفت مرتعبة حين إلتقت عيناها بعيناه
نظراته مخيفة .. رغم أنه كان يبتسم ، الله أعلم ماذا يضمر لها ..
-إركبي يا بيبي ! مستنية إيه ؟ .. قالها "عثمان" بنعومة ، ثم مد يده و فتح لها الباب لتستقل بجانبه
لبت دعوته بآلية ، لتسأله بتردد عندما إنطلق بالسيارة :
-هـ هو إ إحنا رايحين فين ؟
عثمان ببرود شديد :
-أنا خدت بالي المرة إللي فاتت إن اليخت عجبك . فقلت هخدك تاني بقي و نقضي سوا يومين حلوين وسط البحر .. عشان ماتعرفيش تهربي مني !
سمر بإنفعال :
-يومين إيه ! قولتلك ماينفعش أغيب عن البيت أكتر من ساعات الشغل.
عثمان بحدة :
-وطي صوتك . مش هكملك تاني في الموضوع ده .. ثم قال بصوت جازم :
-و بعدين قلت هتقضي معايا يومين يعني هتقضي معايا يومين.
-بس آا ..
-مابسش .. قاطعها بصرامة ، و تابع :
-سيادتك مراتي و أنا ليا حقوق عليكي و لما أقول كلمة ما تتردش أبدا فاهمة ؟
شدت علي أسنانها و راحت تلهث بقوة ... لا مفر ، إتضح ذلك في نبرة صوته ، في طريقة كلامه .. و يا ليته يكتفي بهذا
بعد قليل أوقف سيارته أمام إحدي البنايات الضخمة الحديثة ، ثم أدار لها وجهه و قال بأمر :
-إنزلي.
رمقته بإستغراب ، لكنها إنصاعت له
ترجلت من السيارة و مشت ناحيته ... أمسك بيدها و جرها خلفه ، ليجتازا معا ممر حجري
تبعته و قلبها يرتجف بين أضلاعها ، تري أين يتوجه بها ؟ ما ذا سيفعل لها ؟؟؟
إزدادت حيرتها حين ولج بها إلي ذلك المكان ..
الإضاءة شديدة هنا و لاشك أنها مزعجة قليلا ، لكنها إستطاعت أن تري و تكتشف المكان بوضوح ..
الحركة المستمرة ، الموسيقي المنبعثة من السماعات المعلقة بالسقف ، الملصقات النسائية الخاصة بالموضة و الإطلالات العصرية تزين الجدران ، المكان نفسه يكاد يعج بالنساء !!!
-كوافير ! .. تمتمت "سمر" بإستغراب شديد ، ثم إلتفتت له بسرعة
وجدته يرمقها بنظراته الشيطانية و أصابعه الغليظة ما زالت تحاوط رسغها بإحكام ..
-إحنا إيه إللي جابنا هنا ؟! .. تساءلت بجدية ، ليرد "عثمان" ببراءة :
-جينا عشانك يا بيبي . زي ما إنتي شايفة ده كوافير أعتقد إنه مكان مش ملائم للرجالة . و لا إيه ؟
سمر بتوجس :
-و أنا هعمل إيه هنا ؟
عثمان بخبث :
-هتعملي كل حاجة . الناس إللي هنا هيظبطوكي علي الأخر . صدقيني هتخرجي من هنا واحدة تانية خآالص.
جلل وجهها رعب حقيقي ، لترد برفض :
-بس أنا مش عايزة !
عثمان بلهجة خفيضة مهدئة :
-سمر . Relax يا حبيبتي . هما مش هيعملولك حاجة . الحكاية بسيطة أووي . إنتي محسساني إنك عمرك ما دخلتي مكان زي ده . إيه يا بيبي هو أنا جايبك فين يعني ؟ ده أكبر Beauty center في إسكندرية .. ثم قال بنعومة :
-و بعدين إنتي مرات عثمان البحيري . حتي لو في السر لازم تبقي أجمل و أشيك ست في البلد كلها.
و هنا جاءت إحدي العاملات ، لتتساءل بنبرة رسمية رقيقة :
-صباح الخير يافندم ! تحت أمرك ؟ أي خدمة أقدر أقدمهالكوا ؟!
عثمان بجدية :
-أه لو سمحتي . في حجز بإسم سمر حفظي !
العاملة :
-فعلا يافندم و ميعادها بعد عشر دقايق بالظبط.
عثمان بإبتسامة و هو يشير إلي "سمر" :
-هي دي . مدام سمر حفظي !!!
يتبـــــــع ...
عزلاء امام سطوة ماله
( 30 )
_ ميؤوس منه ! _
كانت تلك هي المرحلة الأكثر صعوبة ... عندما أصرت مشرفة الفريق علي رغبتها و أرغمت "سمر" علي نزع كافة ملابسها
في غرفة الـSpa ذات الحرارة العالية ..
تأخذ "سمر" حماما سريعا قبل بدء الجلسة ، و ذلك لتنظيف و تطهير الجلد لمنع نمو البكتريا في جو كهذا تتوفر فيه الحرارة و الرطوبة في آن
حرصت المشرفة علي وجوب تناول "سمر" لكمية كبيرة من الماء و العصائر لأن غرفة الـSpa تسبب التعرق بشكل كبير للغاية و بالتالي هناك إحتمال للجفاف و إنخفاض ضغط الدم
تبدأ الجلسة .. لتضع المشرفة لها قناع الوجه بنفسها بعد غسيله و تطهيره بالمستحضرات الفاخرة
بينما تقوم فتاة ثانية متمرسة بعمل حمام زيت جوز الهند لتغذية شعر "سمر" و نعومته و لمعانه
و فتاة أخري تضع قدميها في سائل اللبن و العسل و تواصل عمل التدليك لتخرج القدم بعد ذلك نقية كالرخام المصقول
الخطوة التالية ، تجلس "سمر" في مغطس حار للغاية تحملت السخونة بإعجوبة في حين أخذت بعض الفتيات يضعن لها أقنعة تجميلية و يعالجن و يلمعن كل جزء في جسمها ..
و بعد مرور نصف ساعة تضمنت تلك الأعمال الشاقة كلها ، تخرج "سمر" أخيرا من هذه الغرفة و هي تتنفس الصعداء ..
كانت ركبتاها ترتجفان من التعب حين باشرت بإرتدت ملابسها مرة أخري لتأخذها المشرفة إلي المرحلة الأخيرة ، حيث قسم التصفيف و التجميل
تدخل "سمر" إلي الصالون الفخم ، تجلس بإحدي المقاعد ليلتف حولها فريق كامل من الفتيات
تابعت ما يفعلنه لها
فواحدة تهتم بأظافر يديها و ثانية بأظافر رجليها ، و ثالثة تهتم بوجهها تقوم بترطيبه قبل وضع مستحضرات التجميل عليه
و فجأة تشعر "سمر" بالذعر حين رأت تلك التي حملت مقص بيدها و إعتزمت الإقتراب من شعرها ..
-إيه ده رايحة فين إنتي ؟ .. قالتها "سمر" بعدائية شديدة و هي تصدها عنها ، لترد الفتاة بصوت تغلفه البراءة :
-هقص شعرك يا مدام !
سمر بإستنكار :
-تقصي شعر مين ؟ أنا مش هقص شعري يا شاطرة.
الفتاة بلهجة مهذبة :
-يا مدام دي أوامر عثمان بيه هو مأكد علي الطلب ده أكتر من أي حاجة تانية.
سمر بإنفعال :
-قلت مش هقص شعري.
و هنا آتت المشرفة و قد إجتذبتها نبرة "سمر" المرتفعة ..
المشرفة بلباقتها المعهودة :
-في مشكلة يافندم ؟ حد هنا ضايق حضرتك ؟؟
نظرت "سمر" إليها و قالت بحدة :
-الأنسة دي عايزة تقصلي شعري قولتلها مش هقصه و بردو مصممة !!
المشرفة بإبتسامة هادئة :
-يا مدام دي أوامر عثمان بيه.
سمر و قد إنتابها الغضب بصورة كبيرة :
-يعني إيه أوامر عثمان بيه ؟ أنآااااااا مـــــش هقـــــــص شعـــــــــــــري !
إبتسمت الأخيرة و لم ترد عليها ، بل أخرجت هاتفهها و أجرت مكالمة أمامها ..
-ألو ! .. Sorry يا عثمان بيه بس في مشكلة هنا و محتاجين حضرتك .. مدام سمر مش موافقة علي قص الشعر .. مش سامحة لحد يقرب منها .. أوك . إتفضل حضرتك . معاك أهيه !
و ناولت الهاتف إلي "سمر" ..
-ألو ! .. ردت "سمر" بنبرة جامدة ، ليأتيها صوته البارد :
-إيه يا بيبي ! عاملة مشاكل ليه ؟
سمر بحدة :
-أنا مش هقص شعري.
عثمان بهدوء تام و كأنه يخاطب طفلة :
-هتقصيه يا حبيبتي . إنتي مش متخيلة شكلك هيبقي حلو إزاي بعد ما تقصيه .. و أكمل بصوت مستثار :
-ده غير إني بصراحة هموووت و أشوفك بالشعر القصير هتبقي جآاااامدة.
كادت "سمر" أن تجادله بعنف ليقاطعها هو بسرعة ..
عثمان بصرامة شديدة :
-بقولك إيه ! إنتي تسمعي الكلام أحسنلك . أنا مش فاضي للعب العيال ده . إنجزي بسرعة و ماطعتليش الناس و بعدين أنا كمان قربت أزهق و أنا قاعد مستنيكي برا . خلصي يا سمر و خلي يومك يعدي.
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في مكان أخر ... تحديدا ڤيلا "رشاد الحداد"
يدق هاتف "چيچي" أثناء جلوسها مع خطيبها و حبيبها الذي تسبب في إنفصالها عن زوجها و بليلة الزفاف
تستأذن منه لترد علي الإتصال ، تقوم و تمشي بعيدا عنه قليلا ، ثم تجيب ..
چيچي و هي تتغنج بصوتها :
-ألوو ! .. نانسي هاي . إزيك يا حبيبتي ؟
نانسي و قد بدت الحماسة في صوتها بدرجة كبيرة :
-سيبك مني دلوقتي يا چيچي . عارفة أنا فين و شايفة قدامي مين حالا ؟!
چيچي بضيق :
-نانسي بليز لو عندك حاجة مهمة قوليها Now أنا مش فاضية لتفاهتك و لا فاضية أنم معاكي يا روحي.
ضحكت "نانسي" برقة و قالت بخبث :
-بس دي نميمة هتعجبك أووي . أنا دلوقتي قاعدة في الكوافير بجرب قصة شعر جديدة . بس تخيلي مين قاعد قدامي !
چيچي بنفاذ صبر :
-ميــــن يا نانسي إخلصي ؟
نانسي بنفس النبرة الخبيثة :
-عـثــمــــــــــــــــان البحيري يا قلبي.
تجهمت "چيچي" عند ذكر إسمه و إنقبض قلبها بخوف ، لكنها تمالكت نفسها و ردت بسخرية :
-عثمان قاعد قدامك في الكوافير ؟ و علي كده بقي بيصبغ و لا بيعمل Make_Up ؟؟
نانسي بجدية :
-لأ يا حبيبتي ده قاعد في الريسبشن مستني واحدة جوا في قسم المحجبات.
چيچي بدهشة :
-محجبات ! عثمان بقي بيعرف محجبات ؟!!!
-أه و الله زي ما بقولك كده دخلت معاه قدامي . أنا كمان ماصدقتش نفسي في الأول .. ثم قالت بضحك :
-شكلك عقدتيه يا چيچي و بيطلعه علي البنات كلها حتي المحجبات.
چيچي بفضول :
-ماتعرفيش هي مين ؟؟؟
-لأ ماعرفش . بس ..
چيچي بإستغراب :
-بس إيه ؟!
-مش عارفة لبسها غريب أوووي.
-غريب إزاي يعني !!
تنهدت "نانسي" بحيرة و قالت :
-مش عارفة ! بصي هي حلوة بس باين عليها غلبانة.
-يعني إيه غلبانة ؟!
-غلبانة يعني شكلها مش من مستواه خآاالص.
چيچي بصدمة :
-لأ ماتقوليش ! .. قصدك إنها بنت عادية ؟ فقيرة يعني و كده ؟؟؟
-باينها كده يا چيچي .. ثم عادت لتقول بخبث :
-مش قولتلك شكلك عقدتيه ! أهو مابقاش بيميز و إتسعر علي كل البنات هههههههههه.
چيچي بإبتسامة شماتة :
-بس كده حالته بقت Hopeless case ( ميؤوس منها ) أوووي .. ثم شاركت صديقتها الضحك و قالت بشر :
-عموما بالهنا و الشفا يا عثمان !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في قصر آل"بحيري" ... مرت ثلث ساعة حتي الأن و ما زال "صالح" يباشر ممارسة إحدي التمارين الشاقة مستخدما تلك الآلة الرياضية التي جاءت إلي غرفته بأمر من الطبيب
لم يسمح له الطبيب بأي نوع من الإستراحة نهائيا ، ليس قبل مرور النصف ساعة التي وضعها كحد أقصي ..
-يا دكتووور كفآاااية . مش قآاااادر ! .. قالها "صالح" و هو يهبط و ينهض بجسده مستعينا بالذراعين المرفقين بالآلة المعدنية
الطبيب بعناد :
-قلت لأ . لسا قدامك عشر دقايق علي أول Break.
صالح بغيظ :
-عشر عفاريت يركبوك يابن الـ آا ..
-صـــــالح ! .. قاطعته "صفية" قبل أن يكمل كلمته البذيئة ، و أردفت :
-الدكتور عايز مصلحتك يا حبيبي . كل ما العلاج بقي مستمر و صح هتخف بسرعة.
في هذه اللحظة كان "مراد" يمر قرب الغرفة ، فلمح "صالح" و هو يتريض و ملامحه تشير إلي نفاذ صبره و إمتعاضه ..
-عـآااااااش يا وحش .. هتف "مراد" بمرح و هو يلج إلي الغرفة
نظر له "صالح" بطرف عينه و قال بسأم :
-بلا وحش بلا جحش بقي . سيبني في حالي الله يكرمك.
مراد بضحك :
-إجمد يا أبو الصلوح مش كده . دي حاجة بسيطة يا راجل !
-بسيطة ! .. صاح "صالح" بإستنكار ، و أكمل بسخرية و هو يلهث من الجهد الذي يبذله :
-تعالي ياخويا إتمرن مكاني نص ساعة و بعدين قولي بسيطة.
-ياسيدي ربنا يقويك و يشفيك .. ثم سأل "صفية" :
-صافي ماتعرفيش عثمان فين ؟
صفية و هي تهز رأسها سلبا :
-لا و الله يا مراد ماعرفش !
مراد بتعجب :
-مش عارف أنا أخوكي ده بيغطس فين كل شوية ؟!!
-تلاقيه في الشغل !
مراد بجدية :
-لأ مارحش الشركة . أنا لسا سائل عليه هناك.
-طيب لو عايزه في حاجة مهمة كلمه علي الموبايل.
مراد بإبتسامة تهكمية :
-مابيردش . ما ده بقي يبقي أخوكي . لما يعوز يختفي مابيسبش وراه أثر.
و هنا أعلن الطبيب أخيرا :
-خلاص يا صالح بيه . معاد الـBreak وجب !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
علي رصيف المرسى ... تمشي "سمر" بجانب "عثمان" مطرقة الرأس
تستحي من رفع وجهها الملون ببراعة و بمختلف أنواع آدوات التجميل المفتخرة ، وجهها الذي صار مبهر الجمال لا يتناسب البتة مع ثيابها الرثة ..
يقبض "عثمان" علي يدها اليمني ، بينما تحمل هي في الأخري كيسا قاتم اللون يحوي الجزء الذي تم قصه من شعرها
فقد أصرت أن تلملمه بنفسها و تأخذه معها
جعلها "عثمان" تصعد أولا إلي اليخت و بقي قليلا ليخاطب السائس "ناجي" ..
-الحاجة وصلت يا ناجي ؟ .. تساءل "عثمان" بصوته المخملي ، ليومئ "ناجي" قائلا :
-من بدري يا باشا و أنا أخدت الشنط و حطتها في الأوضة زي ما حضرتك أمرت.
عثمان بإبتسامة :
-شكرا يا ناجي.
-العفو يا عثمان بيه أنا تحت أمرك.
أعطاه "عثمان" بعض النقود كالمرة السابقة و أصرفه ، ثم إتجه إلي اليخت ليلحق بـ"سمر" ..
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
وحدها داخل قاعة المرحاض الملحق بغرفة النوم الفخمة ... تجثو علي ركبتيها فوق الرخام البارد
تبكي بحرقة و هي تفتح ذلك الكيس و تجمع بكلتا قبضتيها بقايا خصلات شعرها المتساقطة ، ثم ترفعهم إلي وجهها الملطخ بالكحل الأسود و الذي راح يمتزج بطبقات مساحيق الزينة السميكة
مسحت وجهها بالخصيلات الفاحمة ببطء و هي لا تزال تذرف دموع القهر بلا إنقطاع
حتي شعرت بظله ينطرح فوقها
رفعت إليه بصرها المشوش ، لتجده يقف فاردا قامته الشامخة ، و يطالعها ببرود متناهي ..
-ليـــــــــــــه ؟ .. تساءلت بصوت مبحوح مجروح ، و تابعت :
-ليه تعمل فيا كده ؟ ليه تخليهم يقصوه ؟ .. حرام عليك !
لوي فمه بإبتسامته الشيطانية ، و رد ببساطة :
-مزاجي طلب كده يا حبيبتي . حبيت أشوفك بالشعر القصير زي ما شفتك بالشعر الطويل . يعني ! .. قلت نغير شوية أحسن أزهق منك و إحنا يدوب لسا ماكملناش شهر مع بعض.
رمقته بنظرات كارهة و الدموع تتراقص بعيناها ، ثم قالت بإنفعال :
-بس إنت مش من حقك تعمل فيا كده .. إحنا ماتفقناش علي حاجات زي كده.
-بفلوسـي ! صاح "عثمان" بخشونة ... ثم أكمل بنعومة :
-إنتي بتاخدي مقابل كل حاجة يا بيبي . و طالما بدفع يبقي من حقي أعمل فيكي إللي يعجبني.
أثار غضبها بكلماته المهينة ، فإصطبغ كل شئ أمامها باللون الأحمر ..
قامت من مكانها و وقفت قبالته مباشرةً و زمجرت :
-قولتلك قبل كده أنا مش جارية عندك و لو حبيت أسيبك هاسيبك مصلحتي معاك خلصت خلاص و مابقتش عايزة منك حاجة.
عثمان بإبتسامة مستفزة :
-بس أنا مش حابب أسيبك يا سمر . لسا ماخدتش منك كل إللي أنا عايزه ده إحنا يدوب كنا مع بعض مرة واحدة !
أعادت "سمر" جملتها التهديدية بغضب أشد :
-لو حبيت أسيبك هاسيبك.
ضحك "عثمان" بسخرية و قال :
-و أنا مش هفارقك بالسهولة دي و فجأة هتلاقي الموضوع إتعرف و أخوكي عرف بجوازنا و مش بس أخوكي المعارف و الجيران و .. و إنتي عارفة بقي . أظن إنتي بتخافي علي سمعتك و سمعة إخواتك ! صح يا بيبي ؟
هزت رأسها و هي تقول بمقت ممزوج بالإزدراء :
-إنت شيطان . و أنا إللي ورطت نفسي معاك . الله يلعن الساعة إللي شوفتك فيها . يا ريتني ما شوفتك يا ريتنـ ..
-خلاص بقي ! .. قاطعها بحزم و هو يغلق فمها بكفه ، و أمسك بيديها الإثنتين و حبسهما في إحدي يديه ، ثم قال بهدوء :
-إنتي إللي مصعبة كل حاجة علي نفسك . قولتلك حاولي تاخدي الأمور ببساطة . أنا دايما بحاول أكون لطيف معاكي . بس كالعادة إنتي إللي بتستفزيني.
تقلصت معدتها و إمتلأت عيناها بالدموع أكثر و هي تنظر إلي عينيه الثاقبتين
تنهد "عثمان" و يده التي كانت علي فمها إنخفضت إلي ذقنها ..
-إحنا جايين ننبسط سوا يا سمر . حاولي تنسي وضعنا شوية و فكري في نفسك . صدقيني و سيبيلي نفسك خالص .. مش هخليكي تنسي وضعنا و بس . هخليكي تنسي إسمك كمان.
سمر بلهجة مفعمة بالنفور :
-أنا بكرهك !
عثمان و قد عادت البسمة الشيطانية تزين ثغره :
-خلاص بقي . أنا كده عملت إللي عليا و إنتي إللي دماغك ناشفة.
دفعها إلي الحائط و إمتدت يداه كقبضتين من الحديد و أطبقتا علي معصميها و رفعتهما إلي مافوق رأسها ..
أشاحت بوجهها عن وجهه حين إقترب منها إلي حد الإلتصاق ، بينما تمتم و فمه يحتك بأذنها :
-بوظتي مكياچك بالدموع دي يا بيبي . بس عارفة ؟ إنتي أساسا حلوة منغير كل ده .. و أكمل و شفتاه تداعبان عنقها في كل إتجاه :
-في مفاجأة عشانك برا . إنتي أكيد ماخدتيش بالك منها لما دخلتي الأوضة .. تعالي نشوفها مع بعض !
سمر بصوت مهزوز :
-مش عايزة منك حاجة.
رفع "عثمان" رأسه و نظر لها ..
-بطلي كآبة بقي .. غمغم بضيق ، و تابع بحزم :
-إغسلي وشك يلا و حصليني علي برا . مستنيكي ماتتأخريش !
يتبـــــع ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق