أعلان الهيدر

أحدث المواضيع

الخميس، 27 مايو 2021

الرئيسية رواية عزلاء أمام سطوة ماله كامله علي نجوم ساطعه بارت 46 حتي بارت 50

رواية عزلاء أمام سطوة ماله كامله علي نجوم ساطعه بارت 46 حتي بارت 50

 عزلاء أمام سطوة ماله


( 46 )



_ أمل ! _


لم يكن الطارق سوي السيدة "نعيمة" ... والدة "خميس"


وقفت مواجهة لـ"زينب" و قد كانت تشتعل غضبا و يديها ترتجفان من شدة الإنفعال ..


-أم خميس ! .. تمتمت "زينب" بإستغراب ، لكنها إستطردت بإبتسامة مرحبة :


-أهلا يا أم خميس . إتفضلي يا حبيبتي إدخلي .. و أفسحت لها مجالا للدخول


نعيمة بغلظة :


-أنا مش جاية أضايف ياست زينب .. و أكملت و هي تصوب نظرها نحو "سمر" :


-أنا جاية أقول كلمتين للمحروسة إللي قاعدة هناك دي و ماشية علطول.


أحست "سمر" بإرتجاف الهواء فوق شفتيها و هي تحدق في السيدة بريبة ، بينما ولجت الأخيرة و مضت ناحيتها ..


-إسمعي يا شاطرة ! .. قالتها "نعيمة" بخشونة و هي تقف علي مقربة منها ، و تابعت :


-أنا سبق و قولتلك تبعدي عن إبني خميس و إنتي سلمتي و قولتي أمين . بس إللي أنا شايفاه دلوقتي غير كده . ماتحاوليش تجريه لسكتك يا سمر عشان أنا مش هسمحلك مش بعد ما ربيته و تعبت فيه لحد ما بقي راجل تيجي بسلامتك و تاخديه علي الجاهز . لأاا . ده مش ممكن يحصل و لا يكون أبدا.


تقلصت ملامح "سمر" بألم ، لكنها حاولت إستعادة تعابيرها الطبيعية متجاهلة الدموع المنهمرة من عيناها ..


-إنتي لتاني مرة فاهمة غلط يا طنط نعيمة ! .. قالتها "سمر" بصوت مخنوق ، و أكملت :


-أنا عمري ما فكرت في خميس و مش هفكر فيه إطمني خميس زيه زي فادي أخويا بالظبط و نظرتي له كأخ مش هتتغير أبدا.


نعيمة بتهكم :


-كلامك موزون و منقياه كويس عشان تنيميني بيه و تلفي علي الواد من ورايا . بس أنا بقي صاحيالك ياختي و مش هسيبلك الفرصة دي . بعينك تتجوزي إبني أنا إستحالة أقبل أجوزه واحدة إتجوزت من قبله جوازة شفوي !


جحظت عينا "سمر" في لحظة من الصدمة ... كيف علمت السيدة "نعيمة" بهذا الأمر السري ؟؟؟ .. إنها لكارثة حتمية ..


تتدخل "زينب" عند هذا الحد صائحة و قد طبع الحنق كل ملامح وجهها :


-إيه إللي إنتي بتقوليه ده ياست إنتي ؟ ما تحسبي كلامك و أعرفي إنتي بتقولي إيه ؟ هي حصلت تيجي لحد بيتها و ترمي عليها تهمة زي دي ؟ ما تفوقي يا حبيبتي و بوصيلها كويس . دي سمر يا حبة عيني إللي كل الحتة بتحلف و تتحالف بأخلاقها و تربيتها.


ضحكت "نعيمة" بسخرية و قالت :


-لأ و هي متربية أووي يا زينب . لما تروح تتجوز البيه صاحب الشركة عرفي تبقي متربية و بنت أصول محدش يقدر يقول عليها نص كلمة.


زينب بصدمة :


-إنتي مين إللي قالك الكلام ده ؟؟؟


إبتسمت "نعيمة" بإلتواء و قالت :


-يعني صح يا زينب !


زينب بإنفعال :


-لأ طبعا مش صح ده كله كلام فارغ . سمر ماتعملش حاجة بطالة أبدا قوليلي مين إللي قالك كده و أنا أكدبه قدامك و أحط صوابعي العشرة في عنيه.


نعيمة بإبتسامة مستفزة :


-أنا مش جاية أحقق في إللي جرا يا زينب . كل حي يعمل إللي يعجبه . أنا بس جاية أحذر قطتك الحلوة . لو ماسمعتش الكلام و بعدت عن إبني أنا هخلي إللي ما يشتري يتفرج عليها.


زينب بزمجرة :


-تهديد ده يا نعيمة ؟!


نعيمة ببرود :


-لو إنتي شايفة كده يبقي أه . إنتي طبعا عارفة يا زينب إن بكلمة مني ممكن أقيد النار في بيتك كله و هيجي الخراب علي دماغك بسببها . فلميها أحسن و عقليها . قوليلها تبعد عن إبني بدل ما فضيحتها تبقي بجلاجل في الحتة كلها ثم شملت "سمر" بنظرة إزدراء أخيرة و قالت :


-فوتكوا بعافية !


و ذهبت صافقة باب الشقة من خلفها ... كانت "سمر" و "زينب" متجمدتين في هذه اللحظة ، و كأنهما تمثالين من الشمع ..


توقف الباب عن الإرتجاج ، عنذ لك فقط إنتفضت "زينب" و إنطلقت إلي خارج الشقة ..


-شـهـيــــــــــــــــــــــــــرة ! .. صاحت "زينب" بصوت يزخر بالغضب الشديد


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في قصر آل"بحيري" ... يشعر "عثمان" بالحيرة و التردد حيال الفكرة التي جاءته


لم يكن متأكدا إذا كانت فكرة صائبة أم خاطئة ؟ .. لكنه لأول مرة شعر بالحاجة لإفشاء ما بداخله ، و هي أنسب من خطرت علي باله !!!


يتوجه "عثمان" نحو غرفة شقيقته و هو يقدم ساق و يؤخر الأخري .. يدق بابها ، ثم يدخل حابسا أنفاسه بتوتر ..


كانت تجلس في شرفتها عندما ظهر أخيها من خلف باب الغرفة ... صاحت بإبتسامة شاحبة :


-عثمان ! تعالي يا حبيبي.


مضي "عثمان" إليها بتباطؤ ، و جلس في كرسي قبالتها ..


-إزيك يا صافي ؟ .. قالها "عثمان" بلهجة مقتضبة


صفية و هي تهز كتفاها بخفة :


-كويسة . الحمدلله .. إنت إيه أخبارك ؟؟


-تمام . لأ .. في الحقيقة مش تمام خآالص ! .. كان صوته يائسا بشكل ملحوظ


صفية بإهتمام :


-مالك يا عثمان ؟ .. عندك مشكلة و لا إيه ؟؟؟


تنفس "عثمان" بعمق و أجابها :


-عندي مشكلة كبيرة يا صافي.


صفية و هي تتململ بقلق :


-خير يا حبيبي . مالك يا عثمان ؟ إحكيلي بلاش تقلقني أكتر من كده بليز !


عثمان بلطف :


-ماتقلقيش يا حبيبتي . It's okay . المشكلة مش خطيرة لدرجة القلق يعني.


صفية بحيرة :


-طيب فهمني . ماتسبنيش حيرانة كده هفضل قلقانة عليك.


نظر لها "عثمان" بتفكير ، ثم قال بجدية :


-قبل ما أقولك أي حاجة إوعديني إن كل كلمة هتبقي سر بينا . ماينفعش مخلوق يعرف أي حاجة و لا حتي صالح.


إبتسمت "صفية" بسخرية حين آتي علي ذكر "صالح" و قالت :


-إطمن يا عثمان . لو علي صالح مش هيعرف أي حاجة.


عثمان بلهجة حادة :


-صالح أو غيره.


صفية بنفاذ صبر :


-يا أخي حد قالك عليا فتانة ؟ ما تتكلم بقي يا عثمان إخلص !


يأخذ "عثمان" نفسا عميقا .. ثم يبدأ بسرد القصة عليها ، و من البداية ...


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في شقة الجارة "شهيرة" ... 


تقف "زينب" في منتصف الصالة ، تهدر بأعلي صوتها و عيناها تقدحان شرارات غاضبة :


-هي دي الأمانة إللي آمنتك عليها يا شهيرة ؟ هو ده السر إللي قولتيلي في بير ؟ عملتي كده ليه ؟ قوليلي لـيـــــه ؟ ليه فضحتي البت ؟ ده ربنا كان سترها تيجي إنتي تفضحيها ؟ بس العيب فعلا مش عليكي . العيب عليا أنا إني وثقت فيكي و حكتلك . أنا إللي أستاهل.


شهيرة بدموع :


-أبلة زينب . سامحيني . أنا غلطانة و الله !


زينب بإستنكار :


-أسامحك ؟ هو إنتي كسرتيلي كوباية و لا طبق ؟ إنتي خونتي الثقة يا شهيرة . خونتي الأمانة . خونتي عشرة العمر و العيش و الملح.


شهيرة بصوت كالأنين :


-ونبي كفاية يا أبلة . ونبي تسامحيني . أنا ماكنش في نيتي حاجة وحشة و الله.


زينب بعدم تصديق :


-أنا مش عارفة إزاي لساني فلت مني و حكتلك ؟ و مش مصدقة إنك سمعتي مني و جريتي تنشري الأخبار في كل حتة . إزاي أنا كنت غبية كده ؟ إزاي حكتلك سر خطير زي ده إزآااااي ؟؟؟


شهيرة بنبرة معذبة :


-يا أبلة زينب كفآاية الله يخليكي . يا ريتك ماكنتي حكيتيلي فعلا . يا ريتك.


زينب بحدة :


-قولتي لمين تاني يا شهيرة ؟ إنطقي قوليلي مين تاني في الحتة لسا ماعرفش بفضيحة سمر ؟؟


شهيرة بإنفعال صادق :


-و الله ما قلت لحد تاني . أقسم بالله و حياة ولادي ما قلت لحد تاني !


زينب بإبتسامة ساخرة :


-حتي لو ما قولتيش . نعيمة مش هتسكت . هتخلي سيرة البت علي كل لسان . السر مابقاش سر خلآاص و البت إتفضحت و إللي كان كان.


أطرقت "شهيرة" رأسها باكية بحرقة ، بينما نظرت لها "زينب" بإحتقار و لم تتأثر البتة بحرارة نشيجها ..


-من بكره تلمي عزالك و تشوفيلك مطرح تاني تقعدي فيه .. قالتها "زينب" بصرامة ، و أكملت :


-ماعادش ليكي مكان في بيتي يا شهيرة.


رفعت "شهيرة" وجهها بسرعة ، و شعرت بإن جدران البيت تهتز .. لكنها لم تكن هزة أرضية كما ظنت لبرهة ، إنما إرتجافها هي ..


-بتقولي إيه يا أبلة ؟! .. تمتمت "شهيرة" بصدمة


زينب بقسوة :


-إللي سمعتيه . قدامك من هنا لأخر الإسبوع . تكون الشقة فاضية و المفتاح في إيدي.


ثم تركتها و عادت إلي شقتها


وجدت "سمر" جالسة كالصنم لا تتحرك إطلاقا ، بالكاد كتفاها يصعدان و يهبطان نتيجة معدل أنفاسها ... مضت "زينب" إليها ركضا و جلست بجوارها علي حافة الآريكة :


-مالك يا سمر ؟ مالك يا حبيبتي ؟ إنتي كويسة ؟؟؟


و فجأة لمحت هاتفهها ملقي في حجر "سمر" و لا زالت الشاشة مضاءة تشير لإنهاء إحدي المكالمات ..


-هو في حد إتصل بيا و لا إيه ؟ .. قالتها "زينب" بصوت تساوره الشكوك ، لترد "سمر" بصوت هامس بالكاد كان مسموعا :


-فادي . فادي لسا قافل معايا . راجع بكره يا ماما زينب !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


عند "عثمان" و "صفية" ...


بعد أن فرغ "عثمان" من سرد قصته :


-يا نهــــــــــار إسوود ! .. صاحت "صفية" بذهول


-متجوز عرفي يا عثمان ؟؟؟


عثمان بحدة :


-ششسشش وطي صوتك . ماشفهومش و هما بيسرقوا شافوهم و هما بيتحاسبوا !!


صفية بغضب :


-و ليك نفس تهزر ؟ إيه إللي يخليك تتجوز عرفي يا عثمان ؟ ليـــه ؟ ده أنت راجل و إبن ناس و مش أي ناس و تقدر تتجوز في نور و قصاد الدنيا كلها.


عثمان بضيق :


-ماكنتش واخد الموضوع بجد . كنت حاطط في دماغي إنها فترة و هنسيب بعض . بس فجأة لاقيت نفسي إتنيلت علي عيني و حبتها . أول مرة أحب يا صافي !


صفية بإستنكار :


-يعني لو ماكنتش حبتها كنت هتخلا بيها ؟ كنت هتسيبها متورطة لوحدها في مصيبة زي دي ؟ .. أنا بجد مصدومة و خاب أملي فيك يا عثمان.


عثمان بعصبية :


-هو أنا جايلك عشان تلوميني بالكلام ؟ أنا غلطان إني جيت أحكيلك أصلا .. و كاد يقوم من مكانه ، لتوقفه بإسراع :


-أقعد يا عثمان ! .. كانت لهجتها صارمة و حانقة في آن


عثمان بإنزعاج :


-أقعد عشان تسمعيني كلام مالهوش لازمة ؟!


صفية بإمتعاض :


-لأ . تقعد عشان نشوف حل .. إنت ناوي علي إيه دلوقتي طيب ؟


عثمان بثقة عمياء :


-ناوي أتجوزها طبعا . بقولك بحبها . و ماتنسيش أنها حامل في إبني أو بنتي لازم الجواز يتم في أسرع وقت.


صفية بسخرية :


-أيوه بس إنت قولتلي إنها مش طايقاك و عايزة تنزل البيبي !


تنهد "عثمان" بسأم و قال :


-ما أنا عشان كده لجأتلك يا صافي.


صفية بإستغراب :


-مش فاهمة قصدك إيه ؟!


نظر "عثمان" لها ... و قال بعد صمت طويل :


-أنا محتاجلك . إنتي ممكن تساعديني و تأثري عليها .. كان أمل كبير يملأ صوته ... !!!!!!

متابعتي

عزلاء أمام سطوة ماله


( 47 )


_ خطة زواج ! _


في صباح اليوم التالي ... يصل "فادي" في ساعة مبكرة ، يتفاجأ بمكوث شقيقتاه في بيت الجارة "زينب"


كما أصابه الذعر عندما شاهد "سمر" و رأي حالتها السيئة ، فورا تحولت ملامحه و نظراته إلي علامات إستفهام لا نهاية لها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟


-يابني قولتلك عملت حادثة بسيطة ! .. قالتها "زينب" بشئ من التوتر ، ليرد "فادي" الذي كان يحمل "ملك" علي ذراعه :


-حادثة بسيطة تعمل فيها كل ده ؟ .. كان الإستنكار واضح جدا في صوته


زينب بإرتباك :


-يا حبيبي الإصابات مش كبيرة و زي ما إنت شايف أختك مش متجبسة ده يا دوب الدكتور ربطلها إيديها و رجلها و قالها ماتتحركش . إسبوع و لا إتنين و هترجع أحسن من الأول !


فادي بعدم تصديق :


-و الحادثة دي حصلتلك فين ؟؟؟


إزدردت "سمر" ريقها الجاف بصعوبة و أجابته بتلعثم :


-و آا و أنا ر راجعة من الشـ.ـغل !


فادي بحدة :


-طيب و قاعدة هنا ليه ؟ إزاي تباتي في بيت فيه راجل غريب ؟؟؟


تتدخل "زينب" هنا :


-يابني ماتقلقش عمك صابر في مأمورية شغل من إمبارح سافر أسيوط و هيرجع علي أخر الإسبوع.


زفر "فادي" بقوة شاعرا بالحنق حيال هذا كله ، فلا زال غير مقتنع بهذه التصريحات الواهية ...


-طيب هتفضلي قاعدة هنا كتير و لا إيه ؟ .. قالها "فادي" بتساؤل


سمر بحيرة ممزوجة بالتوتر :


-مش فاهمة عـ عايز تقول إيه ؟!


فادي بإنفعال :


-مش ليكي بيت ؟ يلا بينا علي شقتنا.


تتدخل "زينب" للمرة الثانية :


-يا حبيبي هي مش هتقدر تتحرك من مكانها . سيبها هي و ملك عندي ماتخافش عليهم دول هيونسوني و إنت عارف أنا قاعدة لوحدي خالص اليومين دول !


عقد "فادي" حاجبيه و زم شفتاه ممتعضا ... ناول "ملك" إلي السيدة "زينب" ثم قال بصوت آجش :


-ماشي خليكي هنا . أنا هطلع فوق لو عوزتي أي حاجة لو حصل أي حاجة كلميني علي الموبايل.


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في قصر آل"بحيري" ...


تفرغ "فريال" من تناول وجبة الإفطار التي تناولتها بصعوبة و بمساعدة وصفيتها الخاصة


تعطيها الفتاة جرعة دوائها و تهم بالمغادرة ... لتجد "عثمان" يفتح الباب قبل أن تمد هي يدها و تفتحه ..


-صباح الخير يا ماجي ! .. قالها "عثمان" بلهجة ودية خفيفة


ماجي بإبتسامة :


-صباح النور يا عثمان بيه.


-إيه فريال هانم أخبارها إيه إنهاردة ؟


-كويسة سيادتك في تحسن الحمدلله و بقت بتاكل أكتر من الأول.


عثمان براحة غامرة :


-الحمدلله .. طيب . تقدري تروحي تشوفي شغلك دلوقتي.


ماجي بتهذيب :


-أوك بعد إذن حضرتك ! .. و ذهبت


بينما مضي "عثمان" صوب أمه و هو يقول مبتسما :


-صباح الفل يا ست الكل .. و دني منها ليقبلها من وجنتها


ترد "فريال" الإبتسامة له و هي ترمقه بإشتياق شديد ..


-وحشتيني أووي يا ماما .. قالها "عثمان" و هو يجلس في الكرسي المحاذي لسريرها ، لتتلاشي إبتسامتها فورا و تقلب عيناها مظهرة حزنها


عثمان بقلق :


-مالك يا ماما ؟ حصل إيه ؟ إنتي كويسة ؟؟؟


أمسكت "فريال" بدفترها و كتبت شيئا ، ثم دفعت بالورقة له ..


"بقالي تلتيام ماشوفتكش ! "


ينظر "عثمان" لها و يقول بأسف :


-حقك عليا . أنا آسف بجد . أنا فعلا غلطان بس كان في شوية مشاكل كده كنت بحلها . ده مش عذر أنا عارف بس إنتي هتسامحيني طبعا ده أنا عثمان حبيبك.


نظرت له بعتاب ، فبادلها بإبتسامة مشاكسة ، كأنها إبتسامة طفل يقابل تأنيب شخص قريب منه بالإبتسام لأنه واثق من أن هذا الشخص لن يغضب منه ..


-ماتزعليش مني بقي . ده أنا جاي أكلمك في موضوع يهمك إنتي أكتر واحدة أنا متأكد إنك هتفرحي لما تسمعي كلامي !


تقافزت نظرات الفضول من عينا "فريال" ليضحك "عثمان" بمرح ، ثم يقول بإسترخاء :


-guess what يا ماما ؟ .. أنا . هـتـجــــــــوز !


إتسعت عيناها و هي تحملق فيه بذهول و عدم تصديق ، ليزداد ضحكه أكثر و هو يتأمل ردة فعلها فقد كانت كما توقعها بالضبط ..


أمسكت "فريال" بدفترها ثانيةً و كتبت عبارة سريعة :


" بجد هتتجوز يا عثمان ؟؟؟ " .. قرأ "عثمان" و أجاب بمرح :


-أيوه يا ماما هتجوز . شوفتي ؟ هحققلك أمنيتك أهو و هخليكي جدة زي ما كنتي عايزة.


كتبت "فريال" ورقة جديدة و دفعتها إليه :


" هي مين و إسمها إيه ؟؟؟ "


رأته يأخذ نفسا عميقا ، و يصمت مفكرا للحظات ... ثم يقول :


-إسمها سمر حفظي يا ماما . هي بنت عادية جدا . مش غنية و مش من عيلة كبيرة . بسيطة أوي .. باباها و مامتها متوفين و عندها أخ أصغر منها بشوية و أخت طفلة صغيرة . طبعا بعد ما نتجوز هيجوا يعيشوا معانا هنا . هما ناس بسيطة زي ما قولتلك و هي عادية بس أنا بحبها . أنا عايزها دي إختياري أنا محدش فرضها عليا زي ما حصل قبل كده.


توترت ملامح "فريال" و تابعت معه :


" طيب يا حبيبي إنت متأكد من مشاعرك ؟ درست قرارك يعني ؟ و الأهم من ده كله .. إنت مرتاح ليها ؟ ماعندكش شك إنها مش ممكن تكون زي چيـ .. زي الجوازة الأولانية ؟! "


قرأ "عثمان" و رد بغضب دفين :


-لأ يا ماما . سمر مش زي القذرة الأولانية . سمر بنت كويسة جدا و مالهاش في أي حاجة . مش أي حاجة ممكن تغريها . لما تيجي هنا هتشوفي بنفسك مميزاتها كتيرة و بتسمع الكلام و بعدين هي هتعيش وسطنا مش هتطلع برا أبدا حياتها كلها هتبقي هنا و معايا مافيش حاجة هتكون ناقصاها . هي دي إللي هتريحني و زي ما قولتلك دي إختياري و أنا .. أنا بحبها !


أجفلت بحيرة و تنهدت بحرارة ... لكنها عادت تكتب من جديد :


" هتجيبها إمتي عشان أشوفها ؟ "


عثمان بإبتسامة :


-في أقرب وقت.


" هي حلوة ؟ "


-حلوة أووي يا ماما . شبهك.


إبتسمت "فريال" برقة ، ليقول "عثمان" بجدية :


-أنا هتجوزها خلال الأيام الجاية . طبعا مش هعمل فرح عشان الظروف إللي إحنا فيها . بس هعوضها بشهر عسل حلو . لازم تفرح زي كل البنات بردو !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


يأتي المساء ... لتمسك "زينب" بـ"ملك" و تبدل لها ملابسها لأن شقيقتها الكبري أصبحت عاجزة عن ذلك لفترة مؤقتة فقط


كان يجب أن يذهب أحدا بالصغيرة إلي الطبيب من أجل جلسة المتابعة خاصتها ، لم تشأ "سمر" إزعاج "فادي" و لم تود أن تتعبه في أولي أيام عطلته


لذا طلبت من "زينب" أن تذهب بها فلم ترفض الأخيرة ، بل رحبت ترحييا شديدا ..


-إستني يا ماما زينب خدي فلوس الڤيزتا ! .. قالتها "سمر" محاولة مد يدها لتجلب حقيبتها


زينب لائمة :


-مش عيب تفوليلي حاجة زي دي ؟ يعني أنا هرضي أخد منك فلوس . أنا معايا يا حبيبتي و هدفعهم.


سمر بحرج :


-ماينفعش يا ماما زينب . إنتي ذنبك إيه طيب ؟


زينب بضيق :


-سمر . و لا كلمة لو سمحتي . إنتي بتزعليني كده !


سمر بلطف :


-و الله مش قصدي.


-إنتي و هي مش بناتي ؟؟


-طبعا بناتك.


-يبقي خلاص إللي أقوله يتسمع.


سمر بإبتسامة :


-ماشي . إللي تشوفيه.


زينب و هي ترد لها الإبتسامة :


-أيوه كده .. يلا بقي أشوفك علي خير . مش عايزة حاجة قبل ما أمشي ؟


-تسلمي يا ماما زينب . مع السلامة .. و كادت السيدة تذهب ، لتستوقفها "سمر" :


-ماما زينب !


تلتفت "زينب" مرة أخري :


-نعم يا سمر ؟!


سمر بحذر :


-بصي أنا عارفة إنها غلطت . بس مش هينفع تطرديها يا ماما زينب خلاص إللي حصل حصل.


زينب بغضب :


-إنتي إتهلبتي يا بت ؟ عايزاني أسيبها بعد إللي عملته ؟؟؟


سمر بحزن :


-قولتلك خلاص إللي حصل يا ماما زينب . و بعدين شهيرة طول عمرها ساكنة في البيت ده . هيبقي صعب عليها تخرج منه . هتروح فين بس بعيالها حرام يا ماما زينب.


زينب بإنفعال :


-حرمة عليكي عيشتك . بت إنتي ماتخلنيش أتجنن عليكي.


سمر بهدوء :


-طيب إسمعيني بس . قعدتها هنا في مصلحتنا.


قطبت "زينب" حاجبيها و قالت بإستنكار :


-نعم ياختي ؟ في مصلحتنا ؟؟!!


سمر بجدية :


-أيوه طبعا في مصلحتنا . إفرضي طنط نعيمة نشرت الخبر بعد ما شهيرة تمشي الناس هتصدقها لكن لو شهيرة قعدت و طنط نعيمة إتكلمت في حاجة ساعتها هنوقف شهيرة قدام الناس تكدب كل إللي طنط نعيمة ممكن تقوله.


نظرت لها "زينب" بتفكير .. ثم قالت مؤيدة :


-و الله وجهة نظر بردو !


سمر بإبتسامة :


-شوفتي.


-بس بردو المعاملة بينا عمرها ما هترجع زي الأول .. غمغمت "زينب" بحنق


تنهدت "سمر" و وافقتها :


-أكيد يا ماما زينب !


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


تخرج "زينب" من شقتها ... و علي مضض تتجه نحو شقة "شهيرة"


تدق بابها ، لتفتح الأخيرة بعد لحظات


تفاجأت "شهيرة" حين رأت "زينب" تقف أمامها في هذه اللحظة ، لم تصدق نفسها ..


-لولا الشديد القوي أقسم بالله ما كنت عبرتك ! .. قالتها "زينب" بغضب شديد ، بينما أخفضت "شهيرة" رأسها شاعرة بالخزي


زينب بخشونة :


-البت إللي فضحتيها يا شهيرة هي إللي إتوسطتلك عندي . هي إللي إترجتني أخليكي في البيت و ما أطلعكيش عشان ماتتبهدليش إنتي و عيالك.


شهيرة بخجل :


-أنا مهما أقول مش هقدر أوصفلك ندمي يا أبلة . و الله طول الوقت بدعي تسامحيني !


زينب بسخرية :


-الله يسامحك يابنتي .. ثم قالت بصوت جاف و هي تعطيها مفتاح شقتها :


-خدي مفتاح شقتي . أنا رايحة أودي البت ملك للدكتور لو إتأخرت عنده إبقي خشي شقري علي سمر . شوفيها إذا كانت محتاجة حاجة.


شهيرة برحابة :


-حاضر . عنيا ليها يا أبلة زينب.


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في منزل المعلم "رجب" الجزار ...


جلست "نعيمة" تنتظر زوجها بصبر نافذ ، تتأهب وصوله في أي لحظة .. إلي أن دق الباب


قامت و إنطلقت بسرعة لتفتح ..


-حمدلله علي السلامة ياخويا ها طمني عملت إيه ؟ .. قالتها "نعيمة" حتي قبل أن يخطي زوجها داخل المنزل


رجب بإنزعاج :


-طيب إستني لما أخد نفسي الأول . إيه يا وليه الغشامة بتاعتك دي ؟!


نعيمة بنفاذ صبر :


-إخلص يا رجب أنا العفاريت بتتنطط قدامي من صباحية ربنا إخلص و قولي عملت إيه مع إبنك ؟؟؟


مضي "رجب" إلي الداخل و جلس علي أقرب مقعد ، ثم تنهد و قال بإسلوب بطيئ مستفز :


-إبنك طالع دماغه جزمة زي أبوه . أنا و إنتي من أول الموضوع عمالين نضغط عليه و نهدده إننا مش هنحط إيدنا في الجوازة دي . بس هو و لا همه و المرة دي هو إللي هددني . لو وقفت في طريقه و منعته عن إللي البت دي هيطفش و مش هيرجع تاني.


نعيمة بغضب :


-و إنت قولتله إيه ؟ إوعي تكون طاوعته و وافقت !!


رجب بحدة :


-أنا مش هخسر إبني الوحيد يا نعيمة عشان خاطر موضوع تافه زي ده . هو بيحب البت و عايزها خلآااص هجوزهاله و إنتي مش عايزك ترغي تاني و توجعي دماغي.


نعيمة بعصبية مفرطة :


-إنت عايز تجنني يا راجل إنت و إبنك ؟ بعد كل إللي سمعتوه مني بردو ماطنشين ؟ إيـــــــــــه ؟ مافيش ذرة نخوة و لا رجولة ؟؟؟


رجب بغضب :


-إحترمي نفسك يا نعيمة فوفي و إنتي بتكلميني بدل ما أقوم أفوقك أنا.


نعيمة بإنفعال :


-عايزني أكلمك إزاي ياخويا و إنت عامل من بنها إنت و إبنك ؟ بقولك البت متجوزة عرفي . إنت مش فاهم الكلمة و لا إيه حكايتك بالظبط ؟؟؟؟


-لأ ياختي فاهم الكلمة .. قالها "رجب" بتهكم :


-بس إنتي إللي مش فاهمة.


نعيمة بإستنكار :


-مش فاهمة إيه بقي إن شاء الله ؟!


رجب بجدية :


-إبنك قالي كلام معقول أوي . الإشاعة إللي سمعتيها دي ممكن ماتكونش مظبوطة و إن إللي قالهالك بيغير من البت و عايز يأذي سمعتها و يوقف حالها.


نعيمة و قد إحتدمت نظراتها من شدة الحنق :


-إنت كمان هتقولي زي إبنك ؟ .. طـيـــــــب . الله في سماه لأكون مسمعاكوا الخبر الأكيد الليلة دي !


و إلتفتت بحدة و كادت تخطو بإتجاه الباب ، ليقبض زوجها علي معصمها متسائلا بدهشة :


-رايحة فين يا وليه إنتي ؟!


نعيمة و هي تشد يدها بعنف من قبضته :


-إوووعـــي سيبني .. كانت تصرخ :


-سيبني بدل ما أطفش أنا و محدش هيعرفلي طريق أقسم بالله !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


تدق الساعة معلنة تمام الثامنة ... لينزل "عثمان" من غرفته في الحلة السوداء الأنيقة ، ينتظر أخته إلي أن وجدها بعد دقيقة علي مقدمة الدرج


كانت متأنقة بدورها و لكن ردائها لم يخرج عن الألوان القاتمة ، فما زالت فترة الحداد علي أبيها قائمة ..


تهبط "صفية" الدرج بخفة و تصل عند أخيها :


-إيه يا عثمان إتأخرت عليك ؟ .. تساءلت بصوتها الرقيق ، ليجيب "عثمان" بتوتر :


-لأ أبدا ماتأخرتيش يا صافي.


صفية بإستغراب :


-مالك شكلك متخلبط و قلقان كده ليه ؟؟؟


عثمان بإقتضاب :


-مافيش حاجة . متوتر بس شوية !


تضحك "صفية" بشدة و ترد :


-و الله و جت إللي وقعتك بجد يا عثمان . الحمدلله عشت و شوفتك واقع في الحب.


عثمان بإبتسامة صفراء :


-ظريفة أوي إنتي.


-طبعا يا حبيبي إنت تقدر تقول غير كده ؟ .. ثم قالت بجدية :


-المهم إنت أخدت منها معاد و لا هنروح نفاجئها ؟


-لأ ماقولتلهاش أي حاجة . كده أحسن عشان إنفعالها يبقي أقل و تعرفي تكلميها.


-أه يا واد يا خبرة إنت .. و غمزت له بعينها


عثمان بإبتسامة :


-طب يلا يا ظريفة . يلا عشان مانتأخرش أكتر من كده ... !!!!!!!!

متابعتي من فضلكم

عزلاء أمام سطوة ماله


( 48 )


_ عرين الأسد ( جزء أول ) ! _


نزلت "نعيمة" من بيتها و إتجهت نحو محل الجزارة و شرارت الغضب تتطاير من عيناها ..


لم تجد إبنها هناك ، فسألت عنه الفتي الذي يعمل عندهم :


-واد يا عبده فين المعلم خميس ياض ؟؟؟


عبده بصوته اليافع :


-المعلم خميس راح لحد كرموز يوصل بضاعة و جاي تاني يا معلمة.


تنهدت "نعمية" بحنق و بالصدفة إلتقطت "فادي" بناظريها ...


-هو الأستاذ فادي رجع من السفر و لا إيه يا عبده ! .. قالتها "نعيمة" و هي تدقق النظر في "فادي" قبل أن يدخل إلي بيته في هذه اللحظة


عبده مؤكدا شكوكها :


-أه يا معلمة لسا راجع إنهاردة الصبح.


نعيمة بإسراع :


-طب روح أندهولي بسرعة . قوله الست نعيمة عايزاك . يـــــــــلا !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


يتوقف "عثمان" بسيارته أمام إحدي متاجر الزهور ...


ينزل و يغيب بالداخل بضعة دقائق ، ليعود حاملا في يده باقة كبيرة من الورود الحمراء الناضجة ، شكلها يبهر الأبصار


يحتل مكانه في كرسي السائق ثانيةً و يعطي الباقة لأخته حتي تمسكها و تحافظ عليها من التلف ..


-الله الله علي الرومانسية ! .. قالتها "صفية" و هي تبتسم بشقاوة ، ليرد "عثمان" بضيق مصطنع :


-إسكتي شوية بقي يا صافي . إنتي علي فكرة بتوتريني أكتر بتصرفاتك دي.


ضحكت "صفية" برقة و قالت :


-ياخواتي ياناس . أخويا إتعلم الرومانسية و كمان بيتكسف . لا لا كده كتير و ربنا.


عثمان بسأم :


-ياريتني ما كنت جبتك معايا و الله.


صفية بإبتسامة جدية :


-خلاص يا عثمان . هبطل أعاكسك خلاص . بس بجد أنا لحد دلوقتي مش مصدقة إللي بيحصلك و هموت و أشوف البنت دي إللي قدرت تكسر غرورك و تخليك تعترف إنك بتحبها . دي أكيد قادرة و قوية يابا ... و ضحكت من جديد


تنفس "عثمان" بعمق و لاحت علي ثغره طيف إبتسامة ، ثم قال بشرود :


-بالعكس . دي أضعف مخلوقة ممكن تشوفيها في حياتك . رقيقة جدا و هشة جدا بس في نفس الوقت قوية جدا جدا . عنيها مركز قوتها عشان بتعكس مشاعرها . أنا ماكنتش متصور إني ممكن أحبها أبدا . كنت شايفها نوع جديد ماجربتوش قبل كده . بريئة . ماكنتش مصدق بردو البراءة إللي فيها . بس لما قربت منها أوي و جمعتنا المواقف . بقيت متأكد مية في المية من برائتها . هي حتة ماسة غالية أوي و جميلة أوي . أنا إللي وسختها . بس هرجعها تاني زي ما كانت . هخليها تلمع من تاني و هحتفظ بيها لنفسي للأبد !


تلاشت إبتسامة "صفية" شيئا فشئ و هي تستمع إلي كلامه و تنظر له بتمعن ، بينما أفاق من شروده و قال ببساطة :


-ماتركزيش يا صافي ماتركزيش.


صفية بدهشة :


-ماركزش إيه بس ؟ إنت وقعت يا عثمان و لا الهوا إللي رماك ؟!!


رمقها "عثمان" بنظره جانبية و قال :


-بطلي بقي . هنتأخر بسبب رغيك ده.


و إنطلق بالسيارة مجددا ...


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في قصر آل"بحيري" ... تحديدا في غرفة "صالح"


يساعد "رفعت" إبنه علي الجلوس في الكرسي المتحرك و هو يقول بلطف :


-طيب إهدا يا صالح . إهدا كفاية إنفعال إنت مش ناقص.


صالح بعصبية :


-يا بابا من فضلك سيبني . قولتلك أنا بقيت كويس و بقف علي رجلي ماتقعدنيش في الكرسي الهباب ده تاني.


رفعت و هو يربت علي كتفه برفق :


-يا حبيبي ربنا يكمل شفاك علي خير ماتجهدش نفسك يا صالح عشان تخف و مايحصلكش مضاعفات.


صالح بضيق :


-يا بابا أرجوك كفاية تعاملني المعاملة دي أنا كويس . أنا بعتلك بس عشان تشوفلي حل المصيبة إللي هببتها.


رفعت بإنفعال :


-يعني هعملك إيه يا صالح ؟ مش إنت إللي فسخت الخطوبة لتاني مرة و قولتلها مش هترجع عن قرارك أبدا ؟؟؟


صالح بندم شديد :


-أيوه أنا قلت كده . بس ندمان . ماكنش قصدي أقولها الكلام ده . أنا بحبها يا بابا صافي دي النفس إللي بتنفسه . مقدرش أعيش منغيرها . أنا بقيت عصبي و صعب بالطريقة دي عشان خايف أخسرها . طول عمري و من صغري و أنا حاططها جوايا بكبرها زي الوردة معايا و أنا بكبر . صافي لو سابتني مش هيبقالي لازمة . الموت هيبقي أهون.


رفعت بغضب :


-بعد الشر عليك . أوعي تقول كده تاني .. ثم أخذ نفس عميق ليهدئ نفسه ، و قال :


-خلاص . أنا هتصرف . هصالحكوا علي بعض أول ما ترجع من برا هجيبها و أجيلك.


صالح بإستغراب :


-ترجع من برا ؟ ليه هي فين ؟؟؟


رفعت بفتور :


-أنا شوفتها من شوية نازلة مع عثمان . أكيد راحوا مشوار سوا.


تنهد "صالح" بحرارة و قال :


-يا رب ماتكونش شالت مني المرة دي . و تسامحني !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في محل الجزارة ...


يدخل "فادي" وراء الفتي الذي أوصل له رسالة "نعيمة" .. تنظر له "نعيمة" من علو و هي تجلس خلف المكتب :


-أهلا يا أستاذ فادي ! .. قالتها "نعيمة" بإلتواء ، و تابعت :


-خطوة عزيزة إتفضل.


مضي "فادي" صوبها و جلس قبالتها ..


-خير ياست نعيمة ؟! .. كان في صوته إستغراب كبير


نعيمة ببرود :


-خير إن شاء الله . إنت طبعا عارف إن عيلة المعلم رجب كل إللي فيها ولاد أصول ماتطلعش من بؤهم العيبة . يعني إستحالة نجيب سيرة حد بالوحش أو نكون سبب في فضيحة.


فادي بنفاذ صبر :


-ست نعيمة . حضرتك بعتيلي . أنا أهو . خير بقي ؟ حضرتك عايزة مني إيه ؟؟؟


نعيمة بإبتسامة ساخرة :


-هقولك يا أستاذ فادي عايزة منك إيه . بقي يا سيدي في إشاعة طالعة اليومين دول بتقول إن المحروسة أختك ... و حكت له ما نقلته لها "شهيرة"


وقف "فادي" عن مقعده فجأة ، و هوي بقبضته علي سطح المكتب ، إبتسمت "نعيمة" بخبث إزاء إهتزاز جسده القوي من شدة الغضب


نظر لها بوحشية و سمعت صوت حشرجة الهيجان تعلو في صدره ..


-إسحبي كلامك ياست إنتي .. زمجر "فادي" بشراسة ، و أكمل :


-إنتي أد أمي و مش عايز إتصرف معاكي بقلة إحترام.


نعيمة بإستهجان :


-إحترام ! إحترام إيه ياخويا إللي جاي تقول عليه ؟ ما أختك عيارها فلت و إللي كان كان . إبقي إترحم بقي علي الإحترام.


فادي صائحا بغضب شديد :


-إخـرســـــي ياست إنتي . إخرسي قطع لسانك . إوعي تجيبي سيرة أختي علي لســـــــانك . أنا إللي يمسها بكلمة بس أكله بسناني و إنتي لو نطقتي حرف زيادة قسمــــا بالله مش هكون مسؤول علي إللي ممكن أعمله معــآاكي !.


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


في هذا الوقت ... وصل "عثمان" عند بيت "سمر"


ينزل من سيارته و يمشي ناحية أخته ، يفتح لها الباب ، لتنزل "صفية" و هي تصوب عيناها تجاه ذلك التجمهر و الصياح الحاد هناك علي بعد مسافة قليلة ..


-إيه ده يا عثمان ؟ تساءلت "صفية" بصوت يساوره القلق ، ليرد "عثمان" و هو يحاوط كتفيها بذراعه و يشدها نحوه :


-مالناش دعوة يا صافي . تعالي يلا هو ده البيت.


و أخذها و توجه إلي البيت ... صعدا درجات السلم المتعرجة حتي و صلا عند شقة "سمر"


و لكن كان هناك من يتنصت علي صوت خطواتهما و هما يمران علي الطابق الذي تقع به شقة السيدة "زينب" ..


يقف "عثمان" و "صفية" أمام شقة "سمر" ... يأخذ "عثمان" نفسا عميقا ، ثم يمد يده ليدق جرس الباب


لكنه يتوقف فجأة و يتردد في إعادة المحاولة ..


صفية بدهشة :


-الله ! ما ترن الجرس يا عثمان . مستني إيه ؟!


عثمان مجفلا بتوتر :


-حاضر .. و دق الجرس أخيرا


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


في شقة الجارة "شهيرة" ...


تقف علي عتبة بابها و تتحدث في الهاتف بصوت هامس :


-أيوه يا أبلة زينب . إنتي فين ؟؟؟


زينب :


-أنا لسا في العيادة يا شهيرة عايزة إيه ؟


شهيرة بتساؤل ممزوج بالقلق :


-قدامك أد إيه ؟؟؟


زينب بتعجب :


-الله ! بتسأليني ليه ؟ في حاجة ؟؟


شهيرة بتوجس :


-أصل في خناقة عندنا في الحتة !


-يا لهوي . خناقة بين مين و مين ؟؟؟


-بين فادي و الست نعيمة مرات المعلم رجب الجزار.


زينب بفجعة :


-يانهار إسوود . و بيتخانقوا ليه ؟؟؟


شهيرة بتوجس أشد :


-مش دي المشكلة يا أبلة زينب . أنا لسا شايفة واحد شكله نضيف أوي . جه و معاه واحده . واقفين و أنا بكلمك دلوقتي قدام شقة سمر .. باينه هو يا أبلة زينب !!!


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


عند "فادي" ... ما زال يملأ الشارع كله صياحا و ما زال الجميع يحاولون تهدئته بلا جدوي ، فقد إنفلت عقال غضبه و إنتهي الأمر


-ياض إنت عيب كده إحترم نفسك ! .. قالها المعلم "رجب" بحدة و هو يقف حاجزا بين زوجته و بين الشاب الهائج


فادي بخشونة :


-عــــيــــــــــــــب ! بتقولي أنا عيب يا معلم رجب ؟ قول لمراتك إللي بتخوض في أعراض الناس و بتجيب سيرتهم بكلام و××


نعيمة بلهجة سوقية :


-أنا بردو إللي كلامي و×× ياخويا ؟ روح إتشطر علي أختك يا حبيبي . روح لمها أحسن بدل ما تقف تناطحني بالكلام كده.


إشتد إحمرار وجه "فادي" حتي إنقلب بنفسجيا ..


نطق من بين أسنانه بعنف :


-و الله لولا إنك ست قدامي ما كنت رحمتك و كنت سويتك بالأرض . بس العيب مش عليكي . العيب علي إللي واقف ده و محسوب عليكي راجل.


رجب بغضب :


-يابني أنا عامل حساب للجيرة و العيش و الملح . إكتم بقي بدل ما إقلب علي وشي التآااني !


فادي بتحد سافر :


-إقلب يا معلم . لو راجل إقلب.


يصل "خميس" في هذه اللحظة ..


-إيه يا جدعان في إيه ؟ إيه إللي بيحصل هنا ؟؟؟ .. تساءل "خميس" و يوزع نظراته القلقة علي وجوه والديه و "فادي"


-مالك يا أستاذ فادي ؟ خير ؟؟؟


فادي بنظرات فتاكة :


-إسأل الست الوالدة.


-عمو فادي ! .. قالها صوت صغير جاء فجأة و وقف بجانب "فادي"


نظر "فادي" ليجده "عمر" إبن الجارة "شهيرة" ..


فادي بلهجة مقتضبة :


-نعم !!


الصغير و هو يؤشر بإصبعه تجاه شيئا ما :


-في ناس جم بالعربية دي و طلعوا عندكوا في الشقة . أنا شوفتهم من بير السلم.


نظر "فادي" إلي السيارة الفارهة ، و للحال إنطلق كالسهم صوب منزله ..


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


تأففت "صفية" عندما طالت مدة الإنتظار ..


صفية بضيق :


-عثمان شكل مافيش حد هنا يلا نمشي ! 


عثمان بملامح مكفهرة :


-إصبري شوية يا صفية .. و عاود دق الجرس من جديد


صفية بتبرم :


-إفففففف . دي المرة العشرين بترن الجرس و محدش بيفتح . أكيد مش جوا تلاقيها راحت للدكتور مثلا .. و أكملت برجاء :


-يلا بقي أنا تعبت من الواقفة و المكان هنا مريب بصراحة يلا يا عثمآااان بليييييز !


عثمان و قد تهدل كتفاه بإستسلام :


-أوك . يلا.


في هذه اللحظة ، سمعا الشقيقان صوت خطوات تصعد الدرج بسرعة كبيرة ، ثم وجدوا ذاك الغريب بوجههم فجأة ..


-أهلا ! مين حضراتكوا ؟؟؟ .. تساءل "فادي" بهدوء شديد و هو يلهث بخفة جراء ركضه السريع


نظرت له "صفية" بريبة ، بينما أجاب "عثمان" بصوته العميق :


-أنا عثمان البحيري . مدير سمر . و دي أختي صفية .. كان يحدثه بثقة كبيرة


فادي بنفس الهدوء :


-أهلا وسهلا يا باشا . أنا بقي فادي . أخو سمر.


عثمان بلباقة :


-أيوه عارفك إحنا إتقابلنا قبل كده بس شكلك إنت إللي ناسي . عموما أنا عرفت إنها عاملة حادثة و تعبانة فقلت لازم أجي أزورها . بس ماكنتش أعرف إنك موجود عشان كده جبت أختي معايا.


فادي و هو يشمل "صفية" بنظرة فاحصة :


-نورتوا !


عثمان بصوت أجش عندما لاحظ نظراته المصوبة نحو أخته :


-بنورك .. أومال هي مش موجودة و لا إيه ؟ بنخبط عليها بقالنا مدة و محدش بيفتح !!


-لأ يا باشا موجودة . تلاقيها نايمة بس .. ثواني.


و مر من جانبه ليفتح باب شقة ..


-إتفضلوا إدخلوا ! .. قالها "فادي" بتهذيب و هو يفتح لهما الباب علي مصراعيه ، و كأنه يفتح لهما عريـــن الأســــد ..... !!!!!!!


يتبـــــــع ...


( 48 )


_ عرين الأسد ( جزء ثاني ) ! _


في عيادة طبيب الأطفال ...


تجلس "زينب" في قاعة الإنتظار و تضم "ملك" الغافية إلي صدرها ، فيما تمسك هاتفهها باليد الأخري و تطلب رقم "شهيرة" بعصبية


لحظات و جاء صوتها :


-أبلة زينب إنتي فين ؟؟؟


زينب بإنفعال :


-إنتي مابترديش ليه من أول مرة ؟ إيه إللي حصل عندك ؟؟؟؟؟


شهيرة بوجل :


-لسا ماحصلش بس أكيد هيحصل . فادي دخلهم الشقة . هما دلوقتي لوحدهم معاه !


زينب هامسة بنبرة عنيفة :


-يانهار إسووود . إلطف يا رب .. ثم قالت بصوت آمر :


-شهيرة . إدخلي خليكي مع سمر . إوعي تخلي فادي يطولها لحد ما أجي . أنا مسافة السكة أهو.


و قامت بسرعة لتغادر ..


رأتها موظفة الإستقبال فصاحت بدهشة :


-يا حجة . يا حجة دورك الجاي خلاص !!


و لكنها أكملت طريقها بأقصي ما إستطاعت من سرعة ...


ظلت تدعو طوال الطريق بألا يقع أي سوء لتلك العائلة المسكينة ، تضرعت في كل خطوة و مشت في الشوارع تطلب من الناس الدعاء معها


ليهديها عقلها فجأة إلي هذه الفكرة .. تذكرت إنه سبق و إتصل بها ، أمسكت بهاتفهها للحال و بحثت عن الرقم الغريب و أجرت الإتصال به ...


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

أمام شقة "سمر" ...


يدخل "عثمان" بخطواته الوقورة أولا ... بينما وقفت "صفية" محلها


ترددت في الدخول و هي تنظر إلي "فادي" بشئ من القلق ، لا تعلم لماذا تشعر هكذا حياله .. رغم أنه بدا طبيعيا جدا !


-تعالي يا صافي .. قالها "عثمان" بصوته الهادئ يحثها علي ملاحقته ، لتمد "صفية" ساقها أخيرا و تمر بمحاذاة "فادي" متحاشية النظر في عينيه


يقفل "فادي" الباب بالمفتاح بعد نجاحه في إحتجازهما بشقته و بمنتهي السهولة ... يضع المفتاح بجيبه ، ثم يلتفت نحوهما راسما علي ثغره إبتسامة خفيفة ..


-إتفضلوا أقعدوا .. قالها "فادي" بلطف مشيرا لآريكة توسطت الصالة المتواضعة


أخذ "عثمان" أخته و أجلسها ثم جلس بجانبها ..


وضعت "صفية" باقة الزهور علي الطاولة ، بينما قال "عثمان" متطلعا إلي "فادي" :


-لو سمر نايمة ماتزعجهاش من فضلك . إحنا ممكن نمشي و تبقي تقولها إننا جينا نطمن عليها.


فادي بإبتسامة :


-تمشي ! تمشي إيه بس يا باشا ؟ هو إنت لحقت ؟ أنا هدخل أصحيها . بس الأول لازم أقوم بالواجب معاكوا . تحبوا تشربوا إيه ؟


تبادل "عثمان" نظرات سريعة مع "صفية" ثم عاد إليه و قال :


-شكرا و لا أي حاجة.


فادي بإعتراض شديد :


-لااااا . ده كلام بردو ؟ مايصحش أبدا يا عثمان بيه . لازم تشربوا حاجة.


تنهد "عثمان" بحيرة ، ثم قال :


-خلاص . أنا قهوة مظبوطة . و صافي أي عصير.


إبتسم "فادي" إبتسامة ودية مظهرا أسنانه البيضاء و قال :


-دقايق بس . عن إذنكوا.


عثمان محاكيا إسلوبه الودود :


-إتفضل.


و ذهب "فادي" بإتجاه المطبخ ، لتميل "صفية" في اللحظة التالية صوب أخيها و تهمس قرب أذنه :


-عثمان ! .. أنا عايزة أمشي من هنا.


نظر "عثمان" لها و قال بإستنكار :


-مالك يا صفية ؟ إيه عايزة تمشي دي ؟ هو أنا كنت جبتك غصب عنك ؟ جاية دلوقتي بعد ما جينا و دخلنا و قعدنا تقوليلي عايزة أمشي ؟! .. كان العتاب واضح في صوته


صفية بشئ من الإضطراب :


-ما أخوها هنا . كده كده مش هنعرف نتكلم معاها في حاجة.


-عارف ياستي . هنضطر نأجل الموضوع لبعدين بس مش هينفع نمشي منغير ما نشوفها ! .. و هنا دق هاتفهه


أخرجه من جيب سترته ... كان رقم بدون إسم ، لكنه رد :


-ألو !

 

أتاه صوت "زينب" الصارخ فورا :


-إمشي من عندك بسرعة . فادي عرف كل حاجة !!!


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


كانت "سمر" نائمة ... عندما ولجت "شهيرة" إلي شقة الجارة "زينب"


أقفلت "شهيرة" الباب من خلفها جيدا ، مشت ناحية "سمر" .. و برفق مدت يدها و هزتها متمتمة :


-سمر .. سمر .. أبوس إيدك إصحي يا سمر.


تفتح "سمر" عيناها بتثاقل ، تستغرق ثوان لإستعادة وعيها كاملا ، تنظر إلي "شهيرة" فتتفاجأ برؤيتها ..


-إنتي ! .. قالتها "سمر" بصوت حاد


-إنتي إيه إللي جابك هنا ؟؟؟


جلل الخوف وجه "شهيرة" و هي تجيبها :


-مش وقته يا سمر . مش وقته . قومي بس كده علي حيلك و إدعي معايا المصيبة دي تخلص بسرعة و ماتحصلش كوارث.


سمر مفغرة فاهها بصدمة :


-مصيبة إيه ؟؟؟


رمقتها "شهيرة" بشفقة ... ثم حكت لها ما يحدث بإيجاز


في ثانية كانت "سمر" واقفة علي قدميها المكسورتان ، لم تعد تشعر بالألم ، لم تعد تشعر بأي شئ سوي بالخطر المحدق بها و بشقيقها و ... و بالرجل الذي يدعي زوجها ..


-إستني يا سمر رايحة فين ؟؟؟ .. صاحت "شهيرة" و هي تقبض علي رسغ "سمر" برفق


سمر و هي تشد يدها بعصبية :


-إوووووعي سـيـبـيـنــــــي !


شهيرة برفض :


-لأ أبلة زينب قالتلي ماينفعش فادي يشوفك دلوقتي.


سمر بصراخ :


-بقولك إوووعي من وشـــي.


و دفعتها من طريقها بكل قوتها ، و مشت بسرعة و هي تعرج علي قدم و قدم ..


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


عند "عثمان" ... يغلق الخط و التوتر يجتاحه فجأة ، لأول مرة يتسلل إلي قلبه الشعور بالخوف ، لكنه لم يكن خائفا علي نفسه ، بل علي "صفية"


لقد كان من قمة الغباء .. من عدم الشعور بالمسؤولية أن يعرضها لموقف كهذا ..


إستدار "عثمان" إلي أخته و قال بصوت خافت للغاية :


-جهزي نفسك عشان هنمشي دلوقتي.


صفية بقلق :


-في حاجة و لا إيه ؟!


عثمان محاولا الظهور بمظهر الهادئ :


-مافيش حاجة . بس عشان مانتأخرش.


لم تقتنع "صفية" بكلامه ، لكنها تأهبت للرحيل و أمسكت بحقيبة يدها


جاء "فادي" بعد لحظات حاملا المشروبات بين يديه ... كانت ملامحه متغيرة الآن ، لم تكن ودية إطلاقا ، فقط ساكنة و غامضة بصورة مخيفة ..


-إتفضلوا ! .. قالها "فادي" بصوت عادي و هو يقدم لهما المشروبات


عثمان بإبتسامة خفيفة :


-لأ إحنا أسفين . مضطرين نمشي دلوقتي جالنا تليفون من البيت . إنت إبقي بلغ سمر إننا جينا نزورها و لاقينها نايمة . إن شاء الله هنكرر الزيارة تاني .. يلا يا صافي !


و أمسك بيد أخته ، لكن جمده صوت "فادي" قبل أن يقوم من مكانه :


-تمشي إزاي يا باشا . قولتلك هدخل أصحيها . خليك مكانك لو سمحت .. كان صوته فيه طابع الحدة الآن


عثمان بشئ من التوتر :


-معلش . قولتلك هنبقي نكرر الزيارة تاني .. و شد "صفية" ليوقفها معه


في هذه اللحظة ، و من دون أن يعرف "عثمان" ماذا حدث أو متي حدث .. وجده يظهر سكين حاد النصل من خلف ظهره و يشهره بوجهه هو و أخته ..


-فين العقد العرفي يا عثمان بيه ؟؟؟ .. تساءل "فادي" بخشونة و قد غدت نظراته مظلمة تماما


إنتفض "عثمان" للخلف ، فيما إمسكته "صفية" من ظهره و سحبته بعيدا عن ذلك المجنون و هي تزدرد ريقها بخوف شديد ..


-إيه إللي بتعمله ده يا فادي ؟ إنت إتجننت ؟! .. قالها "عثمان" بحدة تناقض الوجل الذي يجيش بأعماقه ، ليصيح "فادي" و هو يمد يده الأخري و يجتذبه بعنف من ياقة سترته :


-بقولك العقد العرفي فـيـــــن يا عثمان ؟ .. بـيــه !


تتدخل "صفية" عتد ذلك ، فتقول بعدائية شديدة :


-إنت سيبه . سيب أخويــا ..


-إسكتي يا صفية ! .. قاطعها "عثمان" بحزم ، و تابع مع "فادي" بلهجة جامدة :


-عقد إيه إللي إنت تقصده ؟ مافيش عقود.


فادي و هو يشده من سترته بعنف أكبر :


-إنت هتستعبط عليا ؟ أنا خلاص عرفت كل حاجة . وديني ما أنا سايبك إنهاردة.


تصيح "صفية" به من جديد :


-قولتلك سـيـبـه . عارف لو لمسته !!!


نظر لها "فادي" و قال بإسلوب أرعن لا يناسبه بتاتا :


-بتأدي حلو إنتي يا بنت الـ××××××××× جايبك تمثلي دور الأخت.


جحظت عينا "صفية" بذهول عندما سمعت الوصف الذي نعتها به ، بينما طغي الغضب علي "عثمان" الآن فزمجر بشراسة و هو يدفعه عنه بقوة :


-لأ .. لحد هنا و عندك . إوعي تغلط تاني و تقولها الكلام القذر ده . و بعدين دي أختي . مش ممثلة . عثمان البحيري مابيكدبش و لا بيمثل.


فادي بإبتسامة شيطانية :


-أختك بجد ؟ .. طيب . زي الفل . إنت كده وفرت كتير عليا !


نظر له "عثمان" بغضب ، و خرجت من حنجرته زمجرة ضارية


إهتز باب الشقة بعنف هنا من شدة الطرق عليه ، و جاء صوت "سمر" صارخا من الخارج :


-فــــــــــآااااااااااااااااااادي . فـــــــــــــــآااااااااااااااااااادي . إفـتــــح . إفــتــح الـبـاب !


إتجه "فادي" نحو الباب و فتحه بسرعة .. أمسك "سمر" من شعرها و جرها للداخل صائحا :


-تـعـآالـي ياختي . إدخـلـي . دورك جآاي.


كانت "سمر" تصرخ الآن ، لكنها حررت نفسها منه عندما إلتقطت "عثمان" بعيناها و تأكدت من إدعاء "شهيرة" ..


-إيه إللي في إيدك ده ؟؟؟ .. قالتها "سمر" بصدمة حين رأت السكين بيد أخيها


-إرمي الزفتة دي . إنت عايز إيه ؟ عايز تودينا في ستين داهية ؟ إرمـــي إللــي فــي إيــدك بــقــولك.


إبتسم "فادي" بإستفزاز و قال :


-مش عيب يا سمر تدخلي كده و ماتسلميش علي ضيوفنا . أكيد تعرفيهم طبعا . عثمان بيه و أخته .. سلمي عليهم عيب كده.


نظرت "سمر" إلي الفتاة المذعورة التي وقفت بجانب "عثمان" و تمتمت بصدمة مضاعفة :


-أخته !


فادي بخبث :


-شكلك ماكنتيش تعرفيها بقي . بس تعرفي إنها زي القمر . شبه الباشا أخوها بالظبط .. و شدد علي أخر كلمة


ليمد "عثمان" يده إلي الوراء مشيرا لأخته كي تقف خلفه مباشرةً ..


-خليها تنزل و أنا قاعد معاك ! .. قالها "عثمان" بصوته العميق و قد حرص علي الإحتفاظ بنبرة القوة فيه


صفية و هي تتشبث بثياب أخيها بأصابع مرتجفة :


-مش هاسيبك لوحدك يا عثمان !


عثمان بصرامة :


-إسكتي إنتي .. إسمعي الكلام . هتنزلي و تروحي علطول و أنا جاي وراكي.


قهقه "فادي" بسخرية و قال :


-تنزل إيه ياباشا ؟ هو ده ينفع بردو ؟ و رحمة أمي ماحد هينزل من هنا قبل ما تاخدوا واجبكوا .. ثم أكمل و هو يحدجه بنظرات مستعرة :


-و بالذات أختك . لازم نكرمها . زي ما كرمت أختي بالظبط.


في هذه اللحظة كشر "عثمان" عن أسنانه متخذا وضعية الدفاع ، بينما تصدت "سمر" لأخيها صارخة و هي تدفعه في صدره :


-إنت مجنوووون . إيه إللي إنت بتقوله ده ؟؟ فووق عايز تعمل إيـــه ؟؟؟؟


فادي صائحا بوحشية :


-عايز أعمل إللي عمله معاكي . إيه ؟ مش ده العدل ؟ قوليلي إنه ماعملش حاجة . قوليلي إني فاهم غلط و أنا هاسيبه و هاسيب أخته و مش هاجي جمبها . قـــــوولي يا ســـــمـــر !


أخرسها إلحاحه ، لم تقو علي الكلام .. إذ كانت نظراته غير المصدقة لها ، و تشجيعه لها بأن تنفي الأمر و تقول إن ما من شئ حدث .. كل هذا كان أشد إيلاما بمراحل من ألم جسدها ..


-يعني صح ؟! .. قالها "فادي" مصعوقا عندما صار متأكدا مما سمعه


-الكلام إللي سمعته صح يا سمر ؟؟؟ رررررددي عــلــيــآاا !


تغضن وجهها بمرارة و إمتلأت عيناها بالدموع ، ليكمل "فادي" و هو يهز رأسه بعدم تصديق :


-مستحيل .. أنا كنت شاكك . قلبي كان حاسس .. بس كنت بقول لأ . مش ممكن سمر تعمل كده . مش ممكن .. معقولة إنتي تعملي كده ؟؟؟؟؟


إعتصرت جفناها بألم شديد و لم ترد ...


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


في محل الجزارة ... 


ما زال التجمهر كما هو ، و حين نشب الصراخ و الصياح أتيا من منزل "سمر" وقفت "نعيمة" بمنتصف الحلقة و رفعت نبرة صوتها و هي تقول بإنتصار :


-سآاااااامعين ؟ سآااامعين يا أهل الحتة ؟ طلعت أنا كدابة دلوقتي ؟ طلعت أنا المفترية ؟ خلاص يا معلم رجب ؟ خلاص يا خميس ؟ خلاص بيقتوا متأكدين من كلامي ؟؟؟


تدفق الدم حارا مغليا في عروق "خميس" و إنقبضت عضلات فكاه بقوة و هو يحملق في نافذة بيتها


لم يشعر بنفسه في اللحظة التالية إلا و هو يندفع صوب درج الآلات الحادة الخاصة بالجزارة ... بدون تردد أخذ الساطور ( سكين عريض ثقيل ذو حدٍ واحد يـُـكسر به العظم ) و إنطلق نحو المنزل متجاهلا نداءات والديه الملتاعة ..


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


وقفت "سمر" بين "عثمان" و "فادي" تصارع تارة و تستجدي تارة ..


-بالله عليك . بالله عليك يا فادي لأ . سيبه يمشي عشان خآاطري !


يرمقها "فادي" بنظرات محتدمة و يجذبها من ذراعها صائحا :


-إنتي لازقالي فيه كده ليه ياختي ؟ صعبان عليكي ؟ بتحبيه ؟ وديني هدبحه قصاد عينك و بعدين هشرب من دمك بعديه.


سمر برجاء و قد هطلت دموعها كالشلالات :


-طيب بلاش عشان خاطري . عشان خاطر ملك . هتروح في داهية . هي مالهاش غيري أنا و إنت.


يدق باب الشقة في هذه اللحظة و يقاطعهم ..


-إفتحوآاا الـبـاب ! .. كان صوت "خميس"


إبتسم "فادي" بشر و ذهب ليفتح له :


-تعالي . خش .. قالها "فادي" بترحاب شديد ، ليدخل الأخير و علامات الإجرام تتسيد قسمات وجهه


كان يبحث عن "عثمان" و عندما وجده ، غمغم بصوت كالفحيح :


-هو ده ؟ هو ده يا سمر ؟؟؟ .. و رفع يده التي تحمل الساطور في حركة إستعدادية


رأت "سمر" هذا فلطمت خديها و صرخت برعب :


-لأاااااااااااااااااا.


صرخت "صفية" بدورها و قد إنتابتها حالة عصبية و هسترية شديدة :


-عثمآاان . لأ . هيقتلوك . هيقتلوك يا عثمآااان لأ . لأااا.


ضغط "عثمان" علي يدها و قال بلطف :


-ششششش إهدي . إهدي يا صفية .. كانت عيناه معلقتان علي الدخيل الجديد


إقترب "فادي" من "خميس فظهرا و كأنهما قد شكلا حلفا ما بعد العدواة التي كانت بينهما ..


-هسيبهولك يا خميس .. قالها "فادي" رابتا علي كتفه ، و تابع بإبتسامة ماكرة :


-علي عيني . عشان بس هكون مشغول مع أخته !


زمجر "عثمان" أشد من ذي قبل و قال بغضب شديد :


-لازم تعدي فوق جثتي الأول قبل ما توصلها.


فادي بإبتسامة مرحة :


-و هو كذلك .. و نظر إلي "خميس" و كأنه يعطيه الإذن


في لحظة إندفاع ذلك الهمجي ، إستدار "عثمان" في لمحة و أمسك بأخته .. دفعها بقوة داخل إحدي الغرف و أغلق الباب عليها ...


ظلت "صفية" تحاول فتح الباب دون فائدة ، ظلت تصرخ بإسم أخيها و هي تسمع هذه الأصوات المخيفة في الخارج


كانت علي شفير الإنهيار ، و لم تعرف كيف أخرجت هاتفهها و جلبت رقمه و إتصلت به .. حتي لم تعرف كيف خرج صوتها المخنوق بهذا الوضوح :


-صآاااااااالح . إلحقنا يا صآاالح !


يتبــــــع ...

عزلاء أمام سطوة ماله


( 49 )


_ هاوية ! _


وصلت "زينب" إلي المنزل أخيرا ...


لم يجذبها الحشد الكبير في الشارع و الذي جمع كل الفضوليين و المتطفلين من الجوار ، صعدت طوابق البيت بسرعة رهيبة و مستحيلة بالنسبة لإمرأة في سنها


قادتها حاسة السمع خاصتها إلي أمام شقة "سمر" حيث رأت كل من "شهيرة" و السيدة "نعيمة" و المعلم "رجب" جميعهم يقفون تسيطر عليهم حالة رعب شديدة و هم يحاولون بلا فائدة إقناع من بالداخل بالكف عن كل ما يحدث و الخروج الآن


إنتبهت "نعيمة" لوصول "زينب" فإستقبلتها فورا ..


نعيمة بصوت مجلجل و قد سالت الدموع من عيناها :


-تـعـآااااااااااالي . تـعـآااااالي يا زيـنـب . تعالي شوفي إللي بيجرا و إفرحي أوي بالعيلة إللي بتحميهم و بتخافي عليهم . عايزاكي تفرحي بالمجزرة إللي بتحصل جوا . بس و ربنا لو إبني حصله حاجة هاخد عمرك و عمر إللي أواياهم في بيتك.


تعطي "زينب" الصغيرة "ملك" لـ"شهيرة" و ترد لاهثة بذعر :


-إيه إللي حصل ؟ إيه إللي بيحصل ؟؟؟


نعيمة بصراخ :


-إطرشيتي ياختي ؟ مش سامعة المصايب إللي بتحصل جوآاا .. و لم تتمالك "نعيمة" نفسها أكثر و إنهارت باكية بحرارة شديدة


-إبني هيروح مني يا خلق .. غمغمت بنواح ، ليقول "رجب" بتوتر و هو يزيحها من أمامه :


-إحنا مش هنفضل واقفين نتفرج كده . أنا هنزل أجيب الصبيان يكسروا الباب ده ! .. و ذهب


بينما تساءلت "زينب" بشحوب :


-سمر .. البت سمر فين ؟؟؟


أجابتها "شهيرة" بمزيد من الخزي و الخجل :


-و الله . و الختمة الشريفة مسكت فيها و قولتلها بلاش بس ماسمعتش كلامي.


" لأ " .. كانت تود "زينب" أن تقولها لو وجدت القدرة علي علي فتح فاهها و الكلام ، لكنها لم تشعر إلا و هي ترمي بنفسها صوب باب الشقة و صوتها قد خرج نائحا بصورة تلقائية :


-فـــــــــآااااااااااااادي . يــآااااابـني . إفتح البـآاااااااب . يابني الله يخليك . إفــتـــح !


هكذا إستمر هتاف "زينب" و نداءات توسلها .. و لا من مجيب


مزقها الآلم إربا و فاضت دموعها إنهارا و هي تستمع إلي صراخ و عويل "سمر" المتواصل .. أصوات العراك .. بكاء "ملك" .. نواح "نعيمة"


أيقنت "زينب" أن الخسارة واقعة لا محالة ، حتما هناك من سيموت الليلة ، لن يمر هذا بسلام أبدا ...


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في قصر آل"بحيري" ... عندما دق هاتفهه و رأي إسمها ، شعر بصدمة لذيذة و ظهرت نبضات قلبه في عينيه


رد "صالح" بسرعة و تلهف :


-صآافي . صآافي حبيبتي . أنا أسف يا صافي ماكنش قصدي آاا .. قاطعه صراخها الحاد :


-صآااااااااااالح . إلحقنا يا صآااااالح !


صالح منتفضا بذعر :


-صـفـيــــة . مـالك ؟ فـي إيـه ؟؟؟؟


صفية بنشيج مخنوق :


-عـ . عـثمآاان . عثمآاان قتلوه . أه قتلووه.


صالح بصدمة :


-بتقولي إيه ؟؟ إنتوا فـيـــن ؟ إنتوا فـيـن يا صـفـيـة ؟؟؟؟؟


تمتمت "صفية" بنبرة مرتبكة متداخلة الأحرف ، ليقاطعها "صالح" قائلا بصوت آمر :


-صفيـــة ! بالراحة . قوليلي العنوان.


صفية بصوت كالأنين :


-ماعرفش العنوان !


صالح بعصبية :


-قوليلي أي حاجة . أوصفيلي المكان المنطقة أي علامة مميزة !!


تأتأت "صفية" و هي تجاهد لتقول له بتركيز :


-فـ في مـ محـ ـطة الـ الرمـ ـل . في الـ ـشـوارع إ إللي مـ من جوا خآلص.


صالح و هو يقفز من مكانه فورا :


-طيب إهدي . إهدي يا حبيبتي . أنا جايلك حالا . خليكي معايا ماتقفليش . أنا جايلك بسرعة ماتخافيش يا صافي .. ثم أبعد الهاتف عن أذنه قليلا و صاح بصوت إرتجت علي إثره نوافذ و أبواب القصر كله :


-بـــآااااابــآااااااااااااااااااااااااااااااااااا !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


كان العراك علي أشده ... و قد أظهر "عثمان" مهارة بالغة ، كان شديد التركيز و لم يزل أبدا حتي الآن ، كل شئ كان مجرد مناورات و مناوشات .. لم يستطع أحدهم التغلب علي الأخر حتي هذه اللحظة


كانت "سمر" راكعة علي ركبتيها هناك بعيدا عن ساحة القتال ، جسدها يتقلص و ينقبض ، رأسها يكاد ينفجر من شدة الآلم و هي تري كل هذا يحدث أمام عيناها


كل ذرة و كل جزء منها إستسلم للأمر الواقع .. إلا صوتها ، لم يتوقف عن الصراخ أبدا ... صراخ هستيري لا جدوي منه و هي تعلم ذلك جيدا


و رغم أنها حاولت أن يكون وجودها مفيدا .. حاولت أن تقوم و تضع نفسها بين الرجال الثلاثة ، و لكن ساقاها لم تطيعانها أبدا


كما لم تستجب لها عيناها عندما إرادت تحويل نظرها عما يحدث ، و كأن العذاب سائل مـُر في كأس ، و هي مجبرة علي تجرعه من البداية إلي النهاية ..


علي بعد مترين تقريبا منها كانت الرقصة الثلاثية لا تزال مقامة .. كان "عثمان" يماشي حركة أقدام الرجلان كالظل مدافعا عن نفسه في المقام الأول لسببين


أولا ، لأنه لا يريد إيذاء "فادي" شقيق "سمر" فلو حدث ذلك سوف تتسع الفجوة بينهما و سيبقي هذا فراقا إلي الأبد


و ثانيا ، لأنه سمع شقيقته تتحدث إلي "صالح" و تصف له موقعهم و من المؤكد أنه في طريقه إلي هنا الآن ، لذا فهو يكسب بعض الوقت مستعينا بخبرته الواسعة في الألعاب الرياضية و ما تعلمه في صغره من تدريبات الدفاع عن النفس و الفنون القتالية


تلك أشياء نفعته في هذه المحنة لولاها لخر صريعا من أول محاولة لقتله بهذه الآلات الحادة المتربصة له سواء التي ييد "فادي" أو "خميس"


بالطبع لم يستمر دوره البطولي طويلا ، حيث نجح "فادي" ببعض الحركات في أن يلهو بخيوط إنتباه "عثمان" ... و فجأة

 حدثت ثلاثة أشياء في وقت واحد ...


شن "خميس" هجومه السريع علي "عثمان" .. فأطلق "عثمان" زعقة ألم حادة و هو يقع علي ركبيته .. و صرخت "سمر" صرخة مدوية حين رأت الدماء تسيل من كتف زوجها المجروحة


و بلحظة إنقطعت صرختها ، و زاغت عيناها ، 

 ثم وقعت في الهاوية و إبتلعتها الظلمة ... سقطت "سمر" مغشيا عليها ، ليجأر "عثمان" بأعلي صوته :


-ســــــــــمـــــــــــــــــــــر !


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


في السيارة الـJeep Grand الضخمة .. إحدي ممتلكات عائلة "البحيري" الثمينة


يجلس "مراد" في الكرسي المجاور لكرسي السائق ، بينما يجلس "صالح" في الخلف بجانب والده


لا تزال "صفية" معه علي الخط ، يطمئن عليها بين الحين و الأخر ، حتي سمعها تصرخ صرخة أخيرة و لم يعد صوتها بعد ذلك ..


-صـفـيـة ! .. هتف "صالح" ملتاعا ، و تابع :


-صـفـيـة . إيه إللي حصل ؟ روحتي فين ؟ صـفـيـــــــــة !!!


-في إيه يا صالح ؟! .. تساءل "رفعت" بقلق


صالح برعب شديد :


-ماعرفش . ماعرفش مابتردش عليا .. و أكمل بغضب :


-كله منه . الحيوآاان أخوها كله منه . و رحمة أمي لو كان لسا حي لأقتله هــقـتـــلـــــــه.


مراد بتبرم :


-إحنا في إيه و لا في إيه يا صالح ؟ و بعدين هو ماله عثمان ؟ حد عارف إيه إللي بيحصلهم بالظبط ؟!


صالح بإنفعال :


-أيا كان إللي بيحصل ده إنسان عديم المسؤولية . إزاي يودي أخته في حتة زي دي و يعرضها للموقف ده !!


رفعت بتوتر ممزوج بالعصبية :


-طيب خلاص يا صالح خلاص . إحنا قربنا إن شاء الله هنلحقهم.


إلتفت "صالح" إلي والده و قال بصوت معذب :


-بابا إطلب البوليس . أنا مش مطمن.


رفعت بعصبية أكبر :


-يعني هو البوليس هيبقي أسرع مننا دلوقتي ؟ و بعدين هو إحنا عارفين إبن عمك عمل إيه ؟ مش جايز عامل مصيبة هنوديه في داهية بإدينا ؟؟


صالح بغضب :


-إن شاالله يروح في ستين داهية مايهمنيش . أنا إللي يهمني صافي.


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


يصعد المعلم "رجب" ثانيةً عند شقة "سمر" ... جلب معه ثلاثة من صبيانه الأشداء


فض تجمع النساء و هو يقول بصوته الخشن :


-إوعي يا ولية منك ليها . إوعوا من السكة ! .. ثم إستدار نحو صبيانه و أمرهم :


-إكسرولي الباب ده.


و في خلال ثوان ، كان باب الشقة مخلوعا من إطاره ، و كانت "زينب" أول المقتحمين تليها "نعيمة" ثم "رجب" و "شهيرة" ..


أمر "رجب" رجاله للمرة الثانية بالإمساك بإبنه و "فادي" ففعلوا رغم أن الفض بين الثلاثة رجال كان صعب جدا خاصة و إنهم إزدادوا شراسة و علي وجه التحديد "عثمان"


لم تعيقه إصابته عن التعامل مع هؤلاء ، بل إستطاع التغلب عليهم و تجريدهم من أسلحتهم ، إنقلبت الموازين و أصبح هو من يشكل الخطر عليهم .. و لكنه لم يحاول أن يؤذيهم فقط من أجلها


في اللحظة التالية رمي "عثمان" الآلات الحادة من يده ، و أسرع لاهثا نحو الغرفة التي حجز أخته بداخلها ، بينما هرعت "زينب" نحو "سمر" تتفحصها بذعر و تري ماذا أصابها بالضبط ...


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


في هذا الوقت ... وصلت فرقة الإنقاذ ، فوقف جميع سكان المنطقة ينظرون بإنبهار شديد إلي سلسلة السيارات الفخمة التي إصطفت تباعا أمام منزل السيدة "زينب"


نزل "صالح" من السيارة مستندا علي عكازيه و هو يقول :


-أكيد هو ده البيت . سامعين الدوشة إللي فوق ؟؟؟ .. و أشار إلي إحدي الشرفات المفتوحة بالأعلي


بإشارة واحدة من يد "رفعت" تجمع كل أفراد الحراسة و وقفوا أمامه ..


رفعت بصوت صارم :


-عايز شوية هنا قدام باب البيت و الباقي بسرعة علي فوق !


و بينما كان يحدث كل هذا ، تعالت الهمسات و الهمهمات النسائية ، فواحدة تقول :


-يالهوي ياختي . شايفة إللي أنا شايفاه ؟؟؟


ترد الثانية :


-شايفة ياختي . دي باينها ليلة سودا مش هتعدي.


الأولي :


-طلعت الإشاعة حقيقية و البت سمر صحيح غلطت مع البيه صاحب الشركة إللي بتشتغل فيها . الله أعلم يمكن غواها.


الثانية بسخرية :


-غوا مين يا حبيبتي ! دي أكيد هي إللي رمت روحها عليه إيش جاب لجاب . إنتي عارفة مين العيلة دي ؟؟


الأولي بفضول :


-لأ ياختي ماعرفش . مين ؟؟؟


الثانية بغيظ :


-عيلة البحيري . أكابر إسكندرية يا حبيبتي البت لعبتها صح.


الثانية بتساؤل :


-بس تفتكري ممكن يتجوزها ؟؟؟؟


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


كانت "صفية" مستكينة في حضن "عثمان" ... عندما وصلوا بقية أفراد العائلة


-صـافـي ! .. قالها "صالح" بتلهف حين وقعت عيناه عليها ، و فورا مضي صوبها


فيما إكتظ المكان بالكثير من الناس ، و البعض أظهر خوفه من طاقم الحراسة الأشبه بقطيع من الثيران البشرية ، ولج "رفعت البحيري" بخطوات مضطربة ، لكنه أطلق زفرة إرتياح عندما شاهد أولاد أخيه بخير و بخاصة "صفية" ..


-إيه إللي حصل يا عثمان ؟ .. تساءل "رفعت" بغلظة و هو يرمق جميع الغرباء هنا بنظرات دموية


عثمان بلهجة هادئة :


-مافيش حاجة يا عمي . كله تمام.


و هنا إنفجر "صالح" بغضب شديد :


-يعني إيه مافيش حاجة ؟ آا ..


-صالح ! .. قاطعه "رفعت" بحزم دون أن يحيد بنظره عن "عثمان" و أكمل :


-أومال مال دراعك ؟؟؟


عثمان بنفس الهدوء :


-دي حاجة بسيطة !


إنضمت جماعة أخري إليهم في هذه اللحظة ، فبرز صوت "رجب" قائلا بحنق :


-مين إللي بلغ البوليس ... ؟؟؟!!!!!


لم يتسني لأحد أن يجيبه ، ليقول ضابط الشرطة الذي تقدم عساكره بوقار :


-كله يثبت مكانه و محدش يتحرك .. كان صوته حادا ، إلي أن رأي "رفعت"


صاح بدهشة :


-رفعت بيه البحيري ! .. خير يافندم إيه إللي حصل ؟ حد هنا إتعرض

لحضرتك ؟؟؟؟!!!!


نظر "رفعت" إلي "عثمان" حائرا و لم يجب ..... !!!!

متابعة صفحتي يا جماعه 

ممدوح سليم

عزلاء أمام سطوة ماله


( 50 )


_ فرد جديد ! _


في قصر آل"بحيري" ... يقف كلا من "رفعت" و "مراد" أمام جناح "عثمان" ينتظران خروجه بصبر نافذ ليتحدث و يشرح أسباب كافة الأحداث التي وقعت اليوم


ينضم "صالح" لهما فيما بعد ... كان آتيا من غرفة "صفية" تركها لتنام بعد أن هدئها و إطمئن عليها :


-أومال فين الباشا ؟؟؟ .. تساءل "صالح" بتجهم ، ليرد "مراد" بملامح عابسة و قد بدا مستغرقا في التفكير :


-لسا جوا مع الدكتور !


صالح بحنق :


-الغبي الحيوان . كان هيضيع أخته . أنا لحد دلوقتي مش مصدق إنه عمل كده و غامر بيها . إزاي بقي بالغباء ده فجأة ؟؟؟


رفعت بصوت صارم :


-خلاص بقي يا صالح . إحنا لسا مانعرفش إيه الحكاية بالظبط . لما يطلع هيحكلنا.


صالح بإنفعال :


-و هو لسا هيحكي ؟ ما خلاص كل حاجة إتعرفت . البيه كان متجوز عرفي و الدنيا كلها كانت عارفة . إحنا بس إللي كنا نايمين علي ودنا غفلنا حضرته.


كان أول صعق لهذه التصريحات هو "مراد" ... بالطبع أنه يعرف صديقه جيدا و يتوقع منه أي شئ ، و لكن الزواج العرفي !!


-إنت عرفت الكلام ده منين يا صالح ؟ .. قالها "مراد" بتساؤل


صالح بإمتعاض :


-صافي حكتلي . و قالتلي كمان إن الخبر كان هيتنشر في الجرايد بس الباشا لحقه.


رفعت بصدمة :


-كل ده حصل من ورانا ؟ و من ورا أبوه لما كان عايش ؟؟!!


صالح بغيظ شديد :


-بني آدم أناني و غبي . و كلكوا إللي شجعتوه علي كده من كتر ما كنتوا بطرمخوا علي بلاويه و بتسكتوا.


رفعت بضيق ممزوج بالعصبية :


-خلاص يا صآالح . كفاية لو سمحت و لما يخرج مش عايزك تتكلم سامع ؟!


يخرج "عثمان" في هذه اللحظة مع الطبيب .. و يسمع الجميع التوصيات التي شدد عليها الرجل المسن :


-هي بخير يا عثمان بيه ماتقلقش . بس أهم حاجة ترتاح خالص طول الفترة الجاية و لازم تواظب علي الڤيتامينات و تتغذي كويس عشان البيبي.


يتجاهل "عثمان" همهمات الصدمة المتصاعدة من حوله و يتابع مع الطبيب :


-يعني خلاص يا دكتور مافيش أي خطر عليها أو علي البيبي ؟؟؟


الطبيب بجدية :


-بإذن الله لأ مافيش خطر . أهم حاجة بس زي ما قلت لحضرتك لازم توفرلها الراحة التامة و تاخد العلاج في معاده . و حضرتك كمان لازم تغير علي دراعك كل يوم و بعد إسبوع هبقي أشوفك إن شاء الله.


عثمان بإبتسامة خفيفة :


-شكرا يا دكتور .. ثم نظر إلي "مراد" و أكمل :


-مراد وصل الدكتور لو سمحت !


رمقه "مراد" بنظرة متصلبة ، لكنه نفذ طلبه و تقدم الطبيب ليوصله عند الباب حتي لا يتوه بمتاهة هذا القصر الخرافي ..


-ممكن بقي تفهمني إيه الحكاية بالظبط يا عثمان ؟ .. قالها "رفعت" بصوت حاد بعض الشئ


نظر له "عثمان" و قال بفتور :


-حكاية إيه ؟ مافيش حكاية يا عمي.


رفعت بإنفعال :


-يعني إيه إللي مافيش حكاية ؟ أومال الكوارث إللي حصلت إنهاردة دي تبقي إيه ؟ و أختك إللي كانت هتضيع ؟ و سيادتك إللي كنت هتتقتل ؟ يابني إتكلم و فهمني عشان لو واقع في مشكلة أعرف أساعدك.


تنهد "عثمان" و قال ببرود :


-إطمن يا عمي . أنا ماعنديش أي مشاكل.


رفعت بحنق :


-طيب علي الأقل قولي مين دول إللي أصريت تجيبهم هنا معانا !!


صمت قصير ... ثم قال "عثمان" بجدية تامة :


-إللي أصريت أجيبهم هنا يبقوا مراتي و أهلها.


رفعت بذهول :


-يعني صحيح إتجوزت منغير ماتقولنا ؟؟؟


حك "عثمان" رأسه بتفكير و قال ببطء :


-يعني .. مش بالظبط كده . بس هي مراتي و بكره الخبر هينزل في الجرايد.


كاد "رفعت" يقول شيئا أخر ، ليسرع "عثمان" و يقاطعه بصرامة :


-عـــمـــي ! . الست إللي جوا دي تخصني أيا كانت طريقة إرتباطي بيها . و أيوه حصل سوء تفاهم إنهاردة بس إتحل . و كل حاجة هتتحل و إللي حصل مش هيتكرر تاني . إطمن .. ثم أكمل بنبرته المخملية :


-و دلوقتي بقي هطلب من حضرتك تكلم المأذون.


رفعت بإستغراب :


-مأذون ؟ و عايز المأذون ليه يابني ؟!


عثمان بإبتسامة :


-عشان يكتب كتابي.


رفعت بتعجب :


-إنت مش قلت إنك متجوز ؟؟!!


يميل "صالح" علي والده في هذه اللحظة و يتمتم بغيظ و هو يصوب نظراته المحتقنة إلي "عثمان" :


-أنا مش لسا قايلك إنه متهبب متجوز عرفي . أكيد عايز يحول الجواز من عرفي لرسمي !


زم "رفعت" شفتاه و قال بإقتضاب :


-أوك يا عثمان . هكلم المأذون حاضر.


أومأ "عثمان" رأسه مستحسنا ، ثم سأله :


-أومال فين أخوها و أختها صحيح ؟ وديتوهم فين ؟؟؟


رفعت بنفاذ صبر :


-أخوها في الجناح القديم إللي تحت و أختها مع هالة في أوضتها.


إشتدت عضلات فك "عثمان" و هو يحاول أن يداري إبتسامة قبل أن تظهر ، و قال :


-أوك . شكرا يا عمي . أنا رايح أبص علي صافي دلوقتي تكون حضرتك كلمت المأذون.


و مشي عبر الرواق الطويل قاصدا غرفة أخته ...


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


في غرفة "صفية" ...


تخرج من مرحاضها المستقل و هي ترتدي قميص نومها المنسوج من الحرير .. تمشي صوب سريرها و تتهالك فوقه ، لم تنسي أن تأخذ حبة المنوم التي طلبتها من الطبيب


قد تكون الليلة هادئة و الوضع علي ما يرام الآن ، و لكنها هي ليست علي ما يرام إطلاقا ..


أطفأت نور الغرفة و راحت تحاول النوم ، و لكن أعصابها لا تزال مشدودة ..


أطلقت تنهيدة حارة و أخذت تتأمل السقف العال في إنتظار أن يثقل جفناها من تأثير الحبة التي إبتلعتها


سمعت طرقا خفيفا علي باب الغرفة ..


-إدخل ! .. قالتها "صفية" بصوت ضعيف


-نمتي يا حبيبتي ! .. و إنفتح الباب قليلا ، لتري "عثمان" و الضوء الخارجي منعكس علي وجهه و ذراعه الملفوف بالشاش و المعلق برقبته


-ممكن أدخل ؟! .. سألها بتردد


صفية بصوت متحشرج :


-أه طبعا . تعالي يا عثمان.


ولج "عثمان" و مشي ناحيتها و هو يقول :


-إنتي مالك مضلمة الأوضة كده ؟


أضأت "صفية" مصباحا صغيرا بجانبها و غمغت بتعب :


-بساعد نفسي علي النوم . كان يوم Distressful ( عصيب ) أووي . المهم قولي دراعك عامل إيه ؟


عثمان بشئ من الإرتباك :


-كويس !


إستغربت "صفية" مظهر الإحراج الذي بدا علي أخيها ، فقالت بإستغراب :


-إيه يا عثمان ؟ مالك يا حبيبي ؟؟؟


أطرق "عثمان" رأسه بخزي و قال :


-أنا آسف يا صافي . آسف علي كل لحظة خوف و رعب إنتي عشتيها إنهاردة . آسف إني عرضتك للموقف ده . دي غلطة عمري و صدقيني لا يمكن أغفرها لنفسي . بس إللي عايزك تعرفيه و تتأكدي منه كويس . إني مستحيل كنت أسمح لأي حد يلمسك أو يقرب منك . إستحالة ده يكون و أنا عايش لازم أكون ميت عشان يحصل.


صفية بدموع :


-بعد الشر عليك يا حبيبي . ماتقولش كده . أنا مانكرش إني كنت خايفة علي نفسي . بس خوفي عليك إنت كان أكبر . في الحقيقة كنت مرعوبة عليك . بعد بابي مابقاش ليا غيرك و مامي كمان مالهاش غيرك . إنت ضهرنا في الحياة منغيرك نقع و مانقومش تاني.


تطلع إليها و إبتسم بمرارة :


-أنا كنت غبي أوي . كنت هضيعك بإيدي . فعلا علي رأي صالح طلعت إنسان مش مسؤول.


صفية برجاء :


-بليز كفاية . ماتحملش نفسك كل ده إنت مش غلطان خالص يا عثمان صدقني بالعكس إللي عملته هو الصح و وجودي معاك كان مفيد جدا.


عثمان بإستغراب :


-إزاي يا صفية ؟؟؟


-لو ماكنتش معاك كان زمانك إتأذيت أكتر من كده . أنا إللي كلمت صالح و عرفته مكانا إنت مستحيل كنت هتعرف تعمل كده .. و أكملت بحزن :


-أنا بس الموقف نفسه هو إللي تاعبني . أعصابي بايظة أووي و لسا مخضوضة !


إقترب "عثمان" منها و ضمها إلي صدره بحنان ..


-إطمني يا حبيبتي . إنتي دلوقتي في بيتك و وسط عيلتك . محدش يقدر يأذيكي يا صفية طول ما أنا عايش.


-ربنا يخليك ليا ! .. كانت شبه نائمة و هي تقول ذلك


أبعدها "عثمان" قليلا ، ليري تعابير وجهها مسترخية الآن بعد أن سرقها النعاس أخيرا


تنهد "عثمان" تنهيدة مطولة ، و إنحني ليقبلها علي جبينها .. شد عليها الغطاء حتي ذقنها ، و مسح علي شعرها بلطف ، ثم أطفأ الضوء و خرج من الغرفة ...


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


ينهي "رفعت" بعض الإتصالات الهاتفية ...


و يكاد يصعد إلي غرفته .. ليآتي الحارس في هذا الوقت و يقول له :


-رفعت باشا . في ست برا طالبة تقابل عثمان بيه.


رفعت بتساؤل :


-ست مين ؟ ماقلتش إسمها ؟؟


الحارس :


-لأ حضرتك ماقلتش . كل إللي قالته إنها عايزة تقابل عثمان بيه و مش هتمشي غير لما تشوفه .. لو سيادتك تحب ممكن نمشيها بطريقتنا !


رفعت بعد تفكير :


-لأ . خليها تدخل.


و بعد دقيقتين ... تدخل "زينب" و تقترب من "رفعت" و الشر يشع من وجهها بقوة ..


-فين سمر و إخواتها يا بيه ؟؟؟ .. صاحت "زينب" متسائلة


رفعت بكياسته المعهودة :


-حضرتك تبقي مين ؟


زينب بحدة :


-أنا الحجة زينب . جارتهم و في مقام المرحومة أمهم.


رفعت بإبتسامة :


-أهلا و سهلا يافندم . إطمني هما كلهم بخير و قعدين معانا معززين مكرمين.


زينب بنفس الحدة :


-أشوفهم بعيني و أتأكد.


-حاضر . إللي تشوفيه .. و نادي علي خادمة وقفت علي مقربة منهما :


-سعاد . تعالي من فضلك وصلي الحجة لجناح عثمان بيه.


الخادمة بتهذيب :


-تحت أمرك يا رفعت بيه .. و إصطحبتها لترشدها إلي الغرفة


بينما جاء الحارس ثانيةً ، ليسأله "رفعت" بضيق شديد :


-في إيه تاني يابني ؟؟؟


الحارس :


-المأذون وصل يا باشا !


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


يصل "عثمان" عند هذه الغرفة المحفوفة بالحرس ... يأمرهم بالإنصراف و يفتح الباب و يدخل


لم يخشي هذا الشاب الجالس هناك في الزواية كالوحش الضاري ، لم يهب حتي نظراته الفتاكة و أحضر كرسي في يده و جلس أمامه ..


-علي فكرة أنا مش زعلان منك ! .. قالها "عثمان" بجدية و هو ينظر في عينا "فادي" بقوة ، و تابع :


-أنا عاذرك . رد فعلك كان طبيعي و أنا حطيت نفسي مكانك . فإكتشفت إني كنت ممكن أعمل أكتر من كده.


فادي بغلظة :


-إنت عايز إيه ؟ هات من الأخر . البوليس مستني برا صح ؟؟


عثمان بصوت هادئ :


-مافيش بوليس مستتي برا يا فادي . أنا مابلغتش فيك أصلا.


فادي بسخرية :


-طبعا . سمعتك تهمك بردو مايصحش الصحافة تكتب أخبار زي دي عن واحد إبن أكابر زيك.


تنهد "عثمان" و قال بصبر :


-فادي . إسمعني .. أنا مابغلتش البوليس و مش هبلغ و الحرس إللي واقفين برا ماشيتهم . أنا مش عايز الأمور تتعقد بينا أكتر من كده عايز أصلح غلطتي . عايز إتجوز سمر . أنا علي فكرة كلمت المأذون و هو زمانه جاي !


قدحت عينا "فادي" بشرارات الغضب و هو يحدق بـ"عثمان" ..


-و هي غلطة زي دي ممكن تتصلح يا باشا ؟ .. قالها "فادي" بخشونة


-الحكاية عاملة بالظبط زي الحرامي إللي سرق . عمرك شوفت حرامي رجع حاجة سرقها ؟؟؟


عثمان بشئ من العصبية :


-بردو إنت مصمم تعقد كل حاجة . أنا جاي أصلح الوضع و إنت مش عايز ؟ إنت بتفكر إزآاي ؟؟!!


فادي بصرامة :


-بقولك إيه يا باشا . إنت خلاص فلت من إيدي و لسا ليك عمر . و أختي خلاص بقت ميتة بالنسبة لي . مش عايز إسمع إسمها تاني حتي . أنا همشي و إنت بقي أعمل إللي يعجبك تتجوزها ماتتجوزهاش ماليش فيه.


عثمان بإستنكار :


-مش هتمشي يا فادي . بقولك هنكتب الكتاب الليلة لازم تكون وكيلها.


فادي صائحا بوحشية :


-ماليش دعوة بيها . زي ما عملت الغلط لوحدها تصلحه لوحدها إنت جايبني هنا بالغصب أصلا و إتحاميت في رجالتك.


عثمان بتحد :


-لو مشيت هتمشي لوحدك . لا سمر و لا ملك هيمشوا معاك.


فادي مزمجرا بغضب :


-إنت فاكر إنك ممكن تاخد مني أختي الصغيرة هي كمان ؟ ده أنا أقتلك و المرة دي أقسم بالله ما حد هينقذك مني.


عثمان بلطف :


-صدقني أنا مش بلوي دراعك . بالعكس . أنا جايلك و معترف إني غلطان و بطلب منك تساعدني أصلح غلطي . هرد لأختك كرامتها و كرامتك محدش هيقدر يحيب سيرتكوا بكلام وحش . بكره الدنيا كلها هتعرف إن سمر مراتي كل إللي بيتكلموا هيتخرسوا.


زم "فادي" شفتاه و بدا عليه الإرتباك قليلا ... لكنه عاد و قال بعناد :


-عايز أمشي.


تلاشت إبتسامة "عثمان" و إحتدم غيظا و هو ينظر له ..


-مش هتمشي إلا لما نكتب الكتاب .. قالها "عثمان" بلهجة قاطعة


ثم قام و خرج متوجها إلي حيث "سمر" ...


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


شعرت بأنها غابت عن الوعي طويلا ... كان جسدها متيبسا و كأنها لم تتحرك طيلة فترة النوم


كان عقلها مزدحما بالذكريات حتي تباطأت حركته ، و كانت الكوابيس و الصور تدور في دوامة لا متناهية برأسها .. كل الأحداث تكررت مرة أخري في ذهنها و كانت جميعها حقيقية تنبض بالحياة مما يعطي دليلا دامغا بأنه ليس حلما أو كابوس


إستطاعت أن تشعر من جديد بالعجز الذي أصاب قدميها و جعلهما عاجزتين عن الحركة ، كما أبصرته و هو ينزف من كتفه و يسقط معلنا إستسلامه


عند ذلك لم تستطع الصمود أكثر و إنتزعت نفسها بقوة من هذا العالم المظلم ..


-لأاااااااااااااااااااااااااا ! .. شقت صرخة "سمر" أجواء الصمت المخيم علي الغرفة


أسرعت "زينب" إليها و ضمتها بتلهف و هي تقول :


-إسم الله عليكي يا حبيبتي . بسم الله الرحمن الرحيم . إهدي . إهدي يا سمر إنتي بخير يابنتي.


تطلب الأمر بعض الوقت لتعي "سمر" نفسها و الواقع الجديد ..


-آا أنا . أنا فين . أنا فين يا ماما زينب ؟ .. و فاضت دموعها من حافة الجفن و هي تكمل بذعر شديد :


-فـ فادي . فادي فين ؟ و . و آ آا . آا ..


زينب و هي تمسد ظهرها بلطف :


-إهدي يا سمر . فادي كويس . كلهم كويسين محدش حصله حاجة.


يدخل "عثمان" في هذه اللحظة


إبتسم بحب عند شاهد "سمر" واعية ، لكنه سرعان ما تفاجأ بوجود "زينب" ..


مضي صوبهما و هو يدمدم :


-حضرتك جيتي ؟!


زينب بعدائية :


-أيوه جيت . و مش ماشية إلا و سمر و فادي و ملك في إيدي.


عثمان بإبتسامة إستخفاف :


-يا هانم محدش فيهم هيمشي من هنا . سمر مراتي و ده بيتي يعني بيت سمر . هي و إخواتها مسؤوليتي من إنهاردة.


سمر بحدة ممزوجة بالإرتباك :


-أنا مش مراتك . فين إخواتي ؟؟؟


عثمان بنعومة :


-إخواتك هنا يا سمر . ماتقلقيش هما بخير . إطمني.


-عايزة أشوفهم .. قالتها "سمر" بصوت مرتجف


تنفس "عثمان" بعمق و نظر إلي "زينب" ..


-ممكن تسيبنا لوحدنا شوية من فضلك ! خمس دقايق.


تبادلت "زينب" النظرات مع "سمر" و قامت علي مضض بعد أن حصلت علي الإذن


خرجت من الغرفة ، فإقترب "عثمان" من زوجته و جلس علي طرف السرير بجانبها ..


-إزيك دلوقتي يا سمر ؟ .. قالها "عثمان" بخفوت


سمر بصلابة :


-أنا كويسة . عايزة أشوف إخواتي !


عثمان برقة :


-هتشوفيهم يا حبيبتي . إنتي عارفة إننا هنتجوز الليلة ؟


رمقته "سمر" بشك ، ليبتسم و يقول :


-عارف إننا متجوزين . قصدي هنكتب الكتاب عشان يبقي جواز رسمي.


سمر بحنق :


-أنا قولتلك قبل كده مش عايزاك مش عايزة أتجوزك . أنا مش ممكن أبقي مرات واحد زيك و إنت مش هتلوي دراعي.


عثمان بإبتسامة :


-يا سمر مش وقته عنادك ده و ماينفعش أصلا بعد إللي حصل تعترضي . خلاص مابقاش ينفع.


أدركت "سمر" ما يرمي إليه ، فتغضن وجهها بالألم و قالت بصوت مخنوق :


-يعني إيه ؟ مش هعرف أخلص منك أبدا ؟؟؟


إبتسم "عثمان" و داعب خصلات شعرها و هو يهمس :


-أبدا أبدا . أنا أصلا مش هسمحلك تتواربي عن عيني ثانية بعد كده . المأذون علي وصول . هيكتب كتابنا و هتبقي مراتي بجد . بجد يا سمر . و في وجود أخوكي و عيلتي مش بيني و بينك زي الأول !


دق هاتفهه عند ذلك .. وجد رقم عمه ، فرد :


-ألو .. أيوه يا عمي . وصل ؟ .. طيب تمام أوي .. مصور ؟ أيوه أنا طلبت واحد . خليه هو يجهز الأول . أه هناخد الصور في الأول .. أوك . شوية و نازلين . مش هنتأخر . أوك باي !


أغلق الخط و نظر إلي "سمر" ..


-وصل يا سمر . المأذون وصل.


تنهدت "سمر" بيأس و قالت :


-دايما كل حاجة مفروضة عليا . أنا بكرهك !


ضحك "عثمان" بمرح و قال :


-طيب هنبقي نشوف الموضوع ده بعدين . أنا واثق أصلا إنك هتغيري رأيك . بس دلوقتي يلا . لازم تجهزي عشان الصور.


سمر بإستغراب :


-صور ؟!


-أه . مصور من أشهر جريدة في مصر كلها . أنتي أساسا زي القمر . مش طالب منك حاجات كتير يدوب بس تغسلي وشك و تفوقي كده و تبقي Relax خآالص . إتفقتا ؟


نظرت له بمقت ، فإبتسم هو و إقترب منها أكثر ، ثم تمتم و شفتاه تداعبان خدها إلي عنقها نزولا و صعودا :


-يلا يا حبيبتي . المصور مستنينا . خبر جوازنا لازم يبقي في الصفحات الأولي كلها بتاعة بكره . كل الناس لازم يشوفوكي معايا و يعرفوكي ....

متابعة صفحتي ممدوح سليم


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.