أعلان الهيدر

أحدث المواضيع

الأحد، 16 مايو 2021

الرئيسية رواية عزلاءأمام سطوة ماله الجزءالاول بارت1و2

رواية عزلاءأمام سطوة ماله الجزءالاول بارت1و2

 

يلا ارفعو الالبوم ب10 ملصقات عشان نكملها 🌹


رواية عزلاء أمام سطوة ماله

الشخصيات 

بطلا الرواية ( عثمان البحيري / سمر حفظي )

" يحيى البحيري " والد "عثمان"

" فريال المهدي " والدة "عثمان"

" صفية البحيري ( صافي ) " شقيقة "عثمان"

" رفعت البحيري " شقيق " يحيى "

" صالح البحيري " إبن " رفعت "

" هالة البحيري " إبنة " رفعت "

" فادي حفظي " شقيق "سمر"

" ملك حفظي " شقيقة "سمر"


و البقية لاحقا ...


_ زفاف أسود ! _


جليم / الأسكندرية , في الواحد و الثلاثون من تشرين الأول ..


إكتظت الساحة الضخمة المصممة ببراعة و حرفية علي الطراز الإيطالي ، بالمصوريين و الصحفيين من جهة ، و المدعوين من جهة أخري


جميعهم جاءووا لحضور حفل الزفاف الأضخم علي الإطلاق هذا الموسم ، لنجل عين أعيان مدينة الأسكندرية ، و أحد أكبر الشخصيات التجارية و الإستثمارية بالبلد كلها "يحيى البحيري" ..


في زفاف أكثر من أسطوري ، يتزوج الإبن و الوريث الأكبر لعائلة "البحيري" داخل قصرهم الفخم الذي يتألف من 322 غرفة ، و ثمانية وجهات خارجية بحدائقها الشاسعة ، من "چيچي الحداد" إبنة السياسي المعروف "رشاد الحداد" ..


و بعد إتمام إحتفالات الزواج الأولية التي إستمرت لثلاثة أيام ، أقيمت الليلة مآدبة عشاء ضخمة ، ضمت أكثر من 700 شخص ، و قد وصلت تكلفة الزفاف بالمجمل إلي أكثر من عشرة ملايين جنيهاً


جري الزفاف وسط حراسة أمنية مشددة سهرت علي حماية المدعوين من رجال أعمال و شخصيات دبلوماسية و سياسية ، كما شارك في إحياء السهرة العديد من الفنانين و المطربين المشهورين ..


علي الجانب الأخر .. إستطاعت السيدة "فريال المهدي" التملص من حشود الضيوف ، و ذهبت لتحث إبنها في عجلة لبدء عقد القران

إستجاب لها بفتور ، و قاد عروسه إلي منتصف الساحة حيث يجلس المآذون في إنتظار قدومهما ، و حالما جلس الجميع ، أرخي المآذون محرما أبيض علي يدي والد العروس و خطيبها المتعاقدتين علي القران ، و علي مرآي و مسمع الحضور ، مضي العقد عبر مكبرات الصوت المنتشرة بكل مكان ..


طقس تقليدي معتاد ، شمل تعهدات واهية راح يرددها العريس وراء المآذون ، و إبتسامات العروس المصطنعة التي راحت توزعها هنا و هناك ، و بعض الأفواه المزمومة من حولهم ، لا تعرف كيف تصنفها ، حقد أم غيرة أم لامبالاه !!!


-بارك الله لكما ، و عليكما ، و چمع بينكما في خير.


عند نطق المآذون بها ، صدحت صفارات و صيحات صاخبة ، و قام القعود من مجالسهم مهنئين في خضم التصفيق الحار ، و إتجه الرجال نحو العريس بالمصافحة و الأحضان


لتأتي أمه الرائعة من بعدهم ، و بكفيها الناعمين تكوب وجهه المشعر بلحيته الكستنائية الكثيفة ، تأملها هو بإعجاب خالص ، فكعادتها لا زالت تفاجئ الجميع بجمالها الذي لا يذبل أبدا ، و بطلتها التي تخطف الأنفاس

و خاصة الليلة ، بإرتدائها فستانا طويلا بلون النيود من مجموعة ريزورت شانيل بدا منسجما مع لون بشرتها الناصعة المشربة بالحمرة ، و أكملت إطلالتها الساحرة مع حذاء بكعب عالٍ باللون الأسود من العلامة التجارية الإيطالية Le Silla ، و بعض المجوهرات القليلة البسيطة التي وضعتها ..


-مبروك يا حبيبي.


قالتها "فريال" برقة و همس في آذنه و هي تعانقه بسعادة ، لينحني هو و يقبل يدها أمام عيون الكاميرات المصوبة نحوهما ، فبدورها تمسح علي خصلات شعره الطويلة بحنان


حضر والده في اللحظة التالية ، و أمسكه من رسغه بحزم و هو يخطو به بعيدا قليلا ، ثم يقول له بصوت خافت لا يسمعه إلا هو :


-خالي بالك .. مش عايزين مشاكل ، إتصرف بعقل ، سامعني ؟


هكذا حذره بصرامة و هو يرمقه بنظرات حادة كزيادة تأكيد ، لاحظت "فريال" ما يدور بين الأب و الإبن ، فأحست بجو من التوتر بدأ يخيم فجأة


إقتربت منهما ، و تساءلت بقلق :


-يحيى ! في حاجة و لا إيه ؟؟


إلتفت "يحيى" إلي زوجته ، و قال بلهجة هادئة و كأن شيئا لم يكن :


-مافيش حاجة يا حبيبتي اطمني .. بالعكس كل حاجة كويسة و الليلة مشيت زي ما احنا عايزين بالظبط .. ثم أدار وجهه إلي إينه ، و أكمل بنفس الهدوء و الثقة :


-انا بس كنت ببارك لعثمان و بستعجله ، كفاية كده بقي السهرة طولت ، و رشاد الحداد بيقول شاليه العرسان جاهز و كله تمام .. لازم يمشوا دلوقتي !


إستطاع "يحيى" بكلمات بسيطة أن يخدع زوجته التي إبتسمت الآن و هي تسند رأسها علي صدره ، و لكن لم يستطع خداع إبنه ، ليس بعد أن علم بكل شيء !!


أخيرا إنتهت ليلة العرس التي وصفت بأنها أشبه بحفل ألف ليلة و ليلة ، و غادر العريس مع عروسه في سيارة ڤيراري مكشوفة إلي إحدي الشاليهات الفارهة بضواحي المدينة الراقية ..


كانت أضواء الشموع الحمراء العطرة ، تتراقص ظلالها علي جدار غرفة النوم الرومانسية و المفروشة كلها بالأبيض و الوردي


عندما دخل "عثمان البحيري" حاملا زوجته علي ذراعيه المفتولتين ، و برقة شديدة و ضعها فوق الفراش الناعم العريض


تصنعت "چيچي" الخجل أمامه و هي تسدل أهدابها المطلية بالمسكارا الداكنة ، و ترفع خصلات شعرها المتهدلة عن عينها


و لكنها سرعان ما تخطت حاجز الحياء المصطنع هذا ، و رفعت بصرها إليه في بطء


لتجده يطالعها بنظرات فاترة من خلال عينيه الناعستين دائما بصورة جذابة ..


-في إيه يا عثمان ؟ .. تساءلت "چيچي" بإستغراب :


-بتبصلي كده ليه ؟


إبتسم "عثمان" بخفة ، ثم قال و هو يدنو منها :


-مافيش حاجة يا حبيبتي .. أنا بس بتآمل جمالك ، إنتي أصلك جميلة أوي يا چيچي ، خصوصا إنهاردة .. كنتي زي القمر.


أدارت وجهها عنه واضعة كفها علي فمها و هي تقهقه برقة ، ثم عادت تنظر إليه من جديد ، و قالت :


-إنت كمان كنت حلو أوي .. كنت Prince يا حبيبي ، أصلا فرحنا يعتبر فرح الموسم ، و هيفضل حديث الناس كلها لسنين قدام.


وافقها بضحكة قصيرة قائلا بغموض :


-من ناحية هيبقي حديث الناس كلها لسنين قدام فأطمني .. أنا واثق من ده يا حبيبتي.


و بدا و كأنه يقاوم ضحكة أخري ، فأحست "چيچي" بثمة شيء غير طبيعي يحدث معه


لتسأله بقلق :


-مالك يا عثمان ؟ أنت كويس .. و واصلت بشك :


-لا تكون واخد حاجة كده و لا كده !


ضحك بقوة ، ثم أجاب :


-يا حبيبتي ماتقلقيش أنا تمام ، كل الحكاية إني مبسوط شوية.


و صعد بناظريه شيئا فشئ علي شعرها المصبوغ حديثا


-تعرفي أن الشعر الأصفر لايق عليكي أوي .. قالها و هو يداعب شعرها بأنامله


ثم إقترب منها أكثر إلي حد الإلتصاق ، و طبع قبلة مطولة تحت رقبتها ، أطلقت "چيچي" إثرها تنهيدة حارة متقطعة ، و تمتمت :


-طيب .. مش نغير هدومنا الأول ؟


و لكنه لم يتراجع قيد أنملة ، بل واصل عمله مقربا وجهه إلي وجهها ..


فإلتقت شفتاه بشفتاها ، و ببطء أدار نفسه حتي أصبح يعتليها


أمسك وجهها بين يديه و رفعه لأعلي كي يصبح سهلا لفمه لعق رقبتها


كان صوت تنفسها عاليا إلي حد الأحراج ، لكنها لم تخجل لم تهتم ، فقط كانت مستمتعة بمداعبته اللطيفة لها ، و كان قلبها يدق بشدة و يدوي دقه بصخب في آذنيها

إلا أن هذا الصخب لم يمنعها من سماع ضحكات "عثمان" اللئيمة الخافتة ، فتحت عينيها علي وسعهما و قد دهشت لسماعه يضحك في وضع كهذا !


بينما نهض عنها بالتزامن مع تصاعد موجات ضحكاته الغريبة


-إيه رأيك نشوف فيلم مع بعض ؟ .. سألها بلهجة مرحة ، لترفع نفسها ، و تسند ظهرها إلي الوسادة مرددة بغرابة :


-نشوف فيلم ؟ دلوقتي ؟


أومأ ببراءة :


-آه .. و لا مش عايزة ؟


-لـل لأ .. خلاص ، زي ما أنت عايز ، نشوف فيلم.


إلتوي ثغره بإبتسامة خبيثة شاهدتها عليه قبل أن ينهض من أمامها ، فإزداد شعورها بالريبة و التوجس ، لكنها حاولت أن تسترخي مقنعة نفسها بأن هذه هي طبيعته أصلا

ماكر ، خبيث ، داهية ، مراوغ ، لا أحد يتوقع تصرافاته ..


عاد إليها سريعا و هو يحمل بين يديه حاسوبه المحمول ، جلس بجوارها ، و راح يلامس محرك السهم حتي وصل إلي ملف معين و فتحه ..


بدأت الشاشة المتوسطة بعرض فيلما تسجيليا


في البداية شعرت "چيچي" بالفتور و الملل ، إلي أن رأت نفسها في أول ظهور كبطلة لهذا الفيلم ، و ما لبثت أن شاهدت حبيبها السابق يشاركها البطولة في عدة لقطات حميمية راحت تمر أمام عينيها اللقطة تلو الأخري ..


ضربتها الصدمة في مقتل و هي تزيح بصرها المتجمد عن الشاشة لتنظر إليه .. سألته بلسان ثقيل :


-أنت .. أنت إزاي ، إزاي صورت الحاجات دي ؟


ظهرت أسنانه الناصعة من خلف شفته حين إبتسم بشيطانية قائلا :


-أنا في كل مكان يا بيبي ، في أي حتة تخصني من قريب أو من بعيد ليا عين.


ثم فاجأها و قبض علي شعرها بعنف و هو يقول بغضب شديد :


-و يا جبروتك يا شيخة ، رايحة تقابلي حبيب القلب قبل فرحك بإسبوع ! كنتي فاكرة أنك تقدري تستغفليني ؟ فاكراني مغفل و لا بريالة يا بت ؟ ده أنا عثمان البحيري ، محدش يقدر يلعب عليا من ورا ضهري ، محدش يقدر يأكلني الأوانطة سامعة ؟


صرخت من إشتداد قبضته علي شعرها ، فرجته ببكاء :


-خلاص يا عثمان سيبني ، سيبني هنتفاهم علي اللي أنت عايزه ، لو عايز تطلقني طلقتي.


قهقه عاليا ، ثم قال بسخرية :


-نعم يا روحي ؟ أطلقك ! ما أنا فعلا هطلقك .. بس مش بالسهولة دي ، ده أنا دافع فيكي كتير أوي ، يرضيكي أخسر ؟


ردت و هي تحاول التنصل منه :


-أنا مش عايزة منك حاجة ، هتنازلك عن كل حاجة ، هبريك يا عثمان بس Please سيبني !


و تآوهت بوهن ، ليزم شفتيه في آسف مصطنع ، و يقول :


-يا بيبي إنتي كده كده هتبريني غصب عنك ، مش هي دي المشكلة خالص بالنسبة لي.


صرخت بنفاذ صبر :


" أومال عايز إيه ؟


-هقولك يا قلبي.


قالها و قام من جانبها في هدوء شديد ، بينما تنفست الصعداء عندما أطلق سراحها و حرر خصلات شعرها من عقال قبضته الفولاذية ..


دلكت فروة رأسها بأصابعها

ليحضر هو و يجاورها ثانيةً ، ثم يقول بإسلوبه البارد المشهور به :


-خدي يا بيبي .. إمضي علي الورق ده.


نظرت "چيچي" إلي مجموعة الأوراق بين يديه ، و سألته بصوت متحشرج :


-ايه الورق ده ؟


-ده يا حبيبتي تنازل عن حصتك في الشركة اللي اسهها لينا ابويا و ابوكي كهدية بمناسبة جوازنا ، و معاهم كمان ورق تنازل عن كل حقوقك في الجوازة دي رغم إني صرفت علي الفرح الملوكي بتاعنا ده ملايين .. بس مش مشكلة ، ربنا يعوض عليا ، خيرها في غيرها.


-إيه اللي بتقوله ده ؟ .. هتفت بإستنكار ، و أكملت :


-مستحيل أعمل إللي بتقول عليه ده ، إنت إتجننت ؟ أنا هتنازلك عن حقوقي بس ، لكن حصتي في الشركة No Way طبعا ، مش هسمحلك تقرب منها.


عثمان بضحك ساخر :


-مش بمزاجك يا قطة ، غصب عنك هتتفذي كل إللي أنا عايزه.


ردت بتهكم :


-طب لو مانفذتش كل إللي أنت عايزه يعني .. هتعمل إيه ؟


أجابها ببساطة :


-ولا حاجة .. هاخد بس الفيلم الجميل ده و هنشره في كل حتة ، و بدل ما تفضل موهبتك الفذة دي مدفونة كده ، هطلعها أنا للناس ينبهروا بيها ، و أوعدك .. بكره الصبح ، هتكوني أشهر من سكارليت چوهانسون.


و عاد للضحك من جديد ، لترمقه بنظرات محتقنة و تقول :


-إنت فاكر إنك بكده بتلوي دراعي ؟ بابي مش هيسيبك يا عثمان.


إبتسم و أفحمها بشتيمة قذرة جحظت لها عيناها من الصدمة ، ثم عاد لسلوكه الأرعن ، و قال بحدة و هو يلقي بالأوراق في وجهها :


-يلا ياختي إمضي ، مابحبش أعيد كلامي مرتين.


نظرت إليه بحقد شديد ، و إنصاعت لأمره مرغمة

أخذت الأوراق من يده ، و ناولها قلم بدوره ..


و بعد دقيقة واحدة ، كانت قد إنتهت ، فإسترد أوراقه منها ، و بادلها نظرة البغض المنبعثة من عينيها بإبتسامة مستفزة ..


ثم إنتصب بقامته الفارعة أمامها ، و قال بنعومة :


 -دلوقتي بس يا بيبي اقدر أقولك إنتي طالق ، طالق ، طالـــق ! 


منذ فترة طويلة لم تعد "سمر" بحاجة لساعة التنبيه التي إعتادت أن تقوم بمهمة إيقاظها في كل صباح ، إذ إن صراخ "ملك" شقيقتها الصغيرة ذات العشرة أشهر كان بمثابة تنبيه ذا تآثير أقوي ..


و ها هي تنتفض من غفوتها العميقة عندما بدأت الصغيرة بالبكاء ، قامت من سريرها و هي تفرك عينيها بقبضتها ، و هرولت إلي شقيقتها و هي تتخبط في كل قطعة أثاث تقابلها


إنحنت صوب سريرها الصغير لتسكتها بسرعة لئلا يعلو صراخها أكثر و تزعج الجيران ، كانت تعاني منذ شهران و حتي الآن آلام و تقلصات في معدتها لا تستطيع التعبير عنعا إلا بالصراخ و خاصة في الليل


حملت "سمر" الطفلة ، و راحت تهدهدها و تؤرجحها و تغني لها بعذوبة ، و تدريجيا هدأت "ملك" و عادت إلي النوم بين ذراعيّ أختها الكبيرة

وضعتها "سمر" في فراشها ثانيةً ، و بحرص شديد بسطت فوق جسمها الصغير غطائها الناعم


مسحت علي شعرها البندقي الأملس بحنو ، ثم إستدارت خارجا متجهة إلي دورة المياه ..


أدت روتينها اليومي ، غسلت وجهها و نظفت أسنانها ، ثم صنعت فنجانا من الشاي و عادت به إلي غرفتها

جلست علي الكرسي أمام الطاولة ، و راحت تقوم بحسابات 

المصاريف المتوجبة عليها لهذا الإسبوع و خرجت بنتيجة صعبة جدا


إذ أن عليها تخفيف مصاريفها إلي أدني درجة لتتمكن من دفع أجرة الشقة التي تآويها هي و شقيقها الشاب و شقيقتها الصغيرة ..


و لكن ماذا عن الطعام و الشراب ؟ ألن يآكلوا لأجل توفير المال ؟

إن "ملك" بمفردها يوميا تحتاج إلي ميزانية خاصة ، النقود كلها تكاد تكفي اللبن المجفف و الحفاضات و الآدوية الخاصة بها .. من أين ستسد باقي الحاجيات ؟


أحست "سمر" بقنوط و يأس شديد ، و فجأة تذكرت والديها .. فقط لو كانا هنا معها الآن ، لما كانت غارقة حتي أذنيها بمستنقع الهموم هذا


و لكن شاء القدر أن يموتا معا في حادث سيارة قبل ثمانية أسابيع و هما في طريقهما لعيادة طبيب الأطفال المشرف علي علاج "ملك" التي ولدت بداء الصفراء ، و لحسن حظ الصغيرة ، كانت هي الناجية الوحيدة من بين جميع ركاب الحافلة ، إذ لم يصيبها خدش واحد !


لم تسنح لـ "سمر" أو لشقيقها فرصة الحداد و الحزن علي والديهما ، فقد كانت "ملك" بحاجة للإهتمام في كل لحظة ..


أفاقت "سمر" من شرودها علي صوت أنين "ملك" الذي ينذر بنوبة صراخ حادة ، فأسرعت "سمر" إليها ، و أخذتها بين ذراعيها مرة أخري و ظلت تمشي و تجوب بها أرجاء الشقة كلها حتي نامت مجددا ..

سمعت طرقا علي باب الشقة ، فذهبت لتفتح


أمام العتبة ، وقف صاحب البناية محتقن الوجه ..


فتلعثمت "سمر" و قالت في حيرة و إرتباك :


-عم صابر ! أهلا آاا ..


قاطعها الأخير بغلظة :


-لا أهلا و لا سهلا يا ست سمر ، أنا جاي أقولك بالود و المعروف كده قدامك يومين مافيش غيرهم تلمي عزالك و تاخدي إخواتك و تدورولكوا علي سكن تاني.


سمر بجزع :


-ليه بس كده يا عم صابر ؟ إحنا مش مقصرين معاك انت بالذات و بندفعلك الإيجار أول بأول !


-يا ستي الله الغني عن الكام ملطوش اللي بيطلعولي منكوا ، و إن كان علي آجرة الشهر ده أنا مسامح فيها الله الغني بس تمشوا من هنا.


تقلص وجه "سمر" و هي تتسائل بإنكسار :


-طب بس نمشي نروح فين ؟ ده بيتنا طول عمرنا ، ماطلعناش منه أبدا و مانعرفش مطرح تاني نروحله.


-و الله مش مشكلتي يا أنسة ، دبروا حالكوا ، أنا السكان إبتدوا يطفشوا من البيت بسببكوا ، ديك النهار البشمهندس علاء اللي جمبكوا جه رمالي مفتاح الشقة و مشي ، الراجل ماكنش عارف ينام من صوت الأمورة اللي علي ايدك دي ، كل يوم بتصحيه من احلاها نومة.


سمر بقلة حيلة :

-طب بس هعملها ايه يا عم صابر ؟ ما أنت عارف إنها عيانة من يوم ما إتولدت و مش بإيدي إللي هي فيه.


أجابها "صابر" بإسلوبه الفظ :


-يا ستي ربنا يشفيها و يعافيها بس بعيد عن هنا ، شوفي أنا عملت بأصلي و جيت نبهتك بالإخلا ، في ساكن جديد هيجي يشوف الشقة بعد بكره ، يا ريت تكونوا سيبتوا المطرح قبل ما أجيبه عشان في يوميها لو الراجل جه و إنتوا لسا هنا هلم صبياني و هرميلكوا عفشكوا في الشارع.


-إنت إزاي بتكلمها كده يا راجل إنت ؟؟؟


هتف بها "فادي" لدي وصوله أمام باب الشقة ، و أردف بغضب :


-و بعدين أنا مش نبهت عليك قبل كده ماتهوبش ناحية الشقة و أنا مش موجود ؟ إيه إللي جابك ؟ أول الشهر لسا بكره و كنت هاجيلك أنا و أديلك الإيجار زي كل مرة.


صاح "صابر" للحال :


-لا يا سيدي مش عايز منكوا حاجة و الله ما عايز ، أنا عايزكوا تحلوا عني بس و تشوفلكوا مطرح تاني بعيد عني أنا و السكان.


نطق "فادي" بعدائية مفرطة و هو يحاول ضبط نفسه قدر الإمكان حتي لا يضربه :


-و إنت مابتعرفش تتكلم بآدب يا راجل يا مهزأ إنت ؟


-الله يسامحك يا أستاذ فادي ، و أنا عشان راجل محترم مش هرد عليك .. ثم أعلن بصوت قاطع :


-بس من بكره بقي هعلق ورقة علي باب البيت من تحت و هعرض الشقة للإيجار ، و أول زبون هيجي هسلمه المفتاح.


أحمرّ وجه "فادي" بصورة خطرة ، و كاد يهجم عليه ، إلا أن "سمر" سارعت بإيقافه و هي تقول ممسكة بساعِده :


-خلاص يا فادي خلاص .. و حولت نظرها إلي "صابر" مكملة بجمود :


-ماشي يا عم صابر ، إعمل إللي أنت عايزه ، إحنا هنلم حاجاتنا و هنسيبلك الشقة بكره.


إبتسم "صابر" ببرود ، و أدار ظهره و ولي تاركا الأشقاء الثلاثة دون صوت ..


نظرت "سمر" في إمعان و حنان إلي وجه شقيقتها البرئ ، فأغرورقت عيناها بالدموع ، ليلمحها شقيقها و يصيح بعصبية :


-إنتي بتعيطي ليه دلوقتي ؟ ماتعيطيش ، تحبي أنزل أفرجلك عليه الشارع كله دلوقتي ؟


سمر و هي تمسح دموعها بظهر يدها بسرعة :

-لأ طبعا إنت إتجننت ؟ خلاص ، يلا إدخل جوا.


و شدته معها إلي الداخل ، ثم سألته لتذهب به عن النقاش حول المشادة الفائتة :


-قولي عملت إيه في الجامعة ؟


أجابها عابسا :


-و لا حاجة .. قالولي مش هينفع تستلم الكتب إلا بعد دفع المصاريف.


سمر بملامح حزينة و هي تربت علي كتف شقيقها :

-معلش .. ليها حل إن شاء الله ماتقلقش.


فادي بعصبية :

-ليها حل إزاي يعني ؟ هنضرب الأرض تطلع فلوس ؟ إحنا بالشكل ده هنتشرد يا سمر و ملك هتموت مننا ، مافيش قدامنا حلول ، مافيش إلا هو حل واحد بس و إنتي ماعرفتيش تتصرفي.


سمر بوهن :

-يعني كنت عايزني أعمل إيه ؟ أنا فضلت وراهم طول الشهور إللي فاتت و ماطلعتش بأي نتيجة ، مش هيرضوا يصرفولنا المكافأة يا فادي.


-ليه يعني ؟ هو مش بابا كان زيه زي أي موظف في الشركة الهباب دي ؟ طب خليهم يعملوها كده و الله لأرفع عليهم قضية و أوديهم في ستين داهية.


إبتسمت بمرارة ، و قالت :


-إحنا هنروح فين جمب الناس الكبار دول يا فادي ؟ مش هنعرف نعمل معاهم حاجة.


-لأ بقي أنا هعرف ، و أديني نازل رايحلهم دلوقتي أهو و يا أنا يا هما.


و إبتعد خطوتين ، لتلحق به "سمر" صائحة :


-إستني يا فادي .. إستني !


و قبضت علي كفه ، و غمغمت بخفوت :


-خلاص أنا هروح تاني.


أدار عينيه قائلا بضيق :


-هتروحي فين بس ؟ إنتي بترجعي زي ما بتروحي ، مابتعرفيش تتصرفي.


جادلته بتصميم :


-هروح .. هروح و مش هرجع إلا بنتيجة !


في قصر آل " بحيري " ..


يضرب "يحيى البحيري" الطاولة بيده الغليظة و هو يصيح بغضب شديد :


-الكلب مابيردش عليا ، طب بس لما أشوفك يا عثمان .. الحيوااااان !


و لفظ كلمته الأخيرة و هو يصرخ بضراوة في هاتفهه ، فتبادل أفراد الأسرة نظرات متوترة ، بينما تحركت "فريال" صوب زوجها و هي تقرل بلطف علها تهدئه :


-إهدا يا يحيى ، مش كده يا حبيبي كفاية صحتك ، إهدا عشان خاطري.


يحيى بصياح أشد :

-ماتقوليش إهدا دي ، أهدا إزاااي ؟ أهدا إزاي بعد ما ورطنا الباشا إبنك مع رشاد الحداد ؟ ده راجل لو حب هيقعدنا كلنا في البيت ده إذا عاد لينا بيت بعد عملته السودا.


-إنت بتبالغ أوي علي فكرة .. قالت "فريال" بضيق ، ثم أكملت مدافعة عن إبنها :


-و بعدين إنت كنت عايزه يعمل إيه ؟ بعد إللي إنت حكيتهولي ليلة إمبارح بنفسك أنا مش شايفة إنه غلطان ، بالعكس دي أقل حاجة عملها.


يحيى بإنفعال :

-إنتي عايزه تجننيني إنتي كمان ؟ هتعومي علي عومه ؟


و هنا تدخل "رفعت" بهدوء :


-عثمان غلط يا فريال ، ماكنش لازم يتصرف بإندفاع كده .. دلوقتي الجرايد و المجلات مالهمش سيرة غيرنا ، و رشاد الحداد فعلا مش هيسكت ، الفضيحة مسته أكتر بكتير مننا و إنتي عارفة أنه سياسي معروف و عضو مجلس شعب .. مركزه حساس.


-قولها !


هتف "يحيى" بعنف من شدة حنقه ، لتنضم إليهم "صفية" في اللحظة التالية ، حيث ولجت إلي الصالون الضخم حاملة بين ذراعيها جريدة و هذا الأسد الشبل الذي ترعاه ريثما يشفي من مرضه :


-صباح الخير يا جماعة !


لم يرد أحد تحيتها إلا عمها و إبنه "صالح" فقط ، فتساءلت بهدوء و هي تلوح بالجريدة :


-هو صحيح إللي مكتوب في الجرايد ده ؟


تطوع "صالح" بالإجابة عليها عندما لاحظ إشتداد التوتر بالأجواء أكثر عقب سؤالها :


-أيوه يا صافي ، صحيح.


شهقت بصدمة :


-طب ليه ؟ إيه إللي حصل ؟


يحيى و قد عاود الصراخ بعصبية مجددا :

-أنا مش عايز أسمع رغي كتير ، إخرسوا كلكوا الساعة دي.


أدارت "صفية" عينيها في لامبالاه ، و قالت :


-طيب .. عن إذنكوا.


و إنسحبت مغادرة .. فإنتظر "صالح" لدقيقة قبل أن يتنحنح و يقول :


-طيب أنا هروح أدور علي عثمان ، هشوف يمكن راح علي مكتبه.


و إنصرف مسرعا ليلحق بـ"صفية" ..


بينما تكلم "رفعت" مخاطبا شقيقه بلهجة خفيضة :


-معلش يا يحيى ، أنا مضطر أطلع علي باريس الليلة ، مقدرش أسيب هالة لوحدها هناك أكتر من كده و آاا ..


قاطعه "يحيى" بعدم إهتمام :


-سافر يا رفعت .. سافر. 


داخل كراچ القصر الذي حوى مجموعة سيارات خرافية ..


همت "صفية" بركوب سياراتها ، و لكن أوقفها صوت "صالح" و هو يركض نحوها :


-صافي .. صافي إستني !


تأففت بضيق و وقفت بمكانها إنما لم تلتفت نحوه ، فإضطر هو أن يدور حول السيارة ليصبح في مواجهتها :


-إيه يا صافي ، علي فين من بدري كده ؟ .. سألها بإهتمام ، بينما نظرت للجهة الأخري و هي تجيبه بجفاف :


-رايحة أودي عنتر للتطعيم.


نظر "صالح" إلي ذاك الشبل الذي توسد صدر "صفية" بوداعة تتناقض مع طبيعته ، و قال بجزع :


-أنا بجد مش عارف إيه سر حبك للحيوانات المفترسة ، أوكيه عارف إنك دكتورة و بتهتمي بالحيوانات كلها ، بس لسا مش قادر أفهم إشمعنا الأسود تحديدا إللي بتحبيهم أوي كده ! بتحبيهم أوي كده ليه يا صافي ؟


أجابته بإسلوب صارم :


-بحبهم عشان بيحموني من إللي زيك.


-إيه ده إيه ده إيه ده ! .. إنتي بتكلميني كده ليه ؟ إنتي زعلانة مني ؟


ردت بحدة :


-حل عني يا صالح و أوعي من سكتي.


تغيرت ملامح وجهه المنفرجة و هو يقول بجدية :


-لأ ده إنتي زعلانة مني بجد بقي .. في إيه يا صافي ؟؟


قالت ماطة الأحرف بتهكم :


-مش عارف في إيه ! روح إسأل البنات إللي كنت بترقص معاهم إمبارح و هما يقولولك ، أو روح لفريدة بنت طنط زيزي أحسن دي كانت لازقالك طول الفرح و ماسبتكش إلا علي الأخر.


إبتسم "صالح" بفهم ، و قال و هو يغمز لها :


-إنتي بتغيري يا حبيبتي ، ماتغيريش يا قلبي ده إنتي ستهم كلهم.


-أنا أغير ! لأ يا حبيبي سبتلك إنت الغيرة.


قهقه بخفة ، و قال :


-يا صافي يا حبيبتي اطمني ، و لا واحدة منهم تقدر تملي عيني ، بدليل إني سيبتهم كلهم و إختارتك إنتي ، الكل عارف إنك خطيبتي.


-و إنت عملت حساب لخطيبتك ؟ ده إنت مسحت بكرامتي الأرض.


هز رأسه نفيا ، و هم بملامسة وجهها بكفه ، لتصيح بغلظة :


-شيل إيدك ياض.


جحظت عيناه من الصدمة ، و قال :


-ياض ! إيه ياض دي ؟ إتعلمتيها فين يا بنت البحيري ؟


-إوعي من قدامي يا صالح أحسنلك !


هتفت بصرامة ، فإستند بمرفقه إلي سيارتها و قال متسليا :


-و لو ماوعتش يعني هتعملي إيه ؟


-هتوعي من قدامي و لا أسيب عليك عنتر ؟


و رفعت الشبل ذا الفراء الذهبي أمام عينيه ، لينتفض مرتدا إلي الخلف من فوره و هو يقول بسرعة :


-لا لا لا خلاص .. خلاص ياستي مع السلامة إنتي و عنتر.


نظرت إليه بتكبر ، و وضعت الشبل في المقعد الخلفي من السيارة ، ثم إستقلت بدورها أمام المقود ، و إنطلقت بها مخلفة غبارا طار كله في وجه "صالح" ...

في صبيحة ليلة عرسه ..


يدخل "عثمان البحيري" شركة عائلته ، و تبدأ همسات الموظفين عليه و بخاصة الموظفات ..


فواحدة تقول :

-شايفين جاي رايق إزاي ؟ و لا كأنه طلق عروسته إمبارح !


فردت عليها الأخري :

-يا تري طلقها ليه ؟ و في ليلة الدخلة كمان !


وبختها الثالثة :

-و دي محتاجة فقاقة يا ذكية ؟ أكيد فيها حاجة ، أومال هيكون عمل كده ليه ؟


تمتمت رابعة :

-خلاص بقي يا بنات الله أعلم الحقيقة فين ، ربنا يستر علينا كلنا.


إلتقط "عثمان" حوارهن كله أثناء مروره من جانبهن ، ليزداد شعوره بالسرور ، فها هي خطته قد أثمرت و أصبحت القصة كالعلكة في أفواه الجميع و هذا ما أراده ، أن يفضح زوجته السابقة هي و والدها ليعاقبها علي خيانتها و يرد كرامته أيضا ..


دخل "عثمان" إلي مكتبه ، و طلب سكيرتيرته الخاصة ، و أمرها بتجميع حاجياته كلها ، و بفرز الملفات المهمة بالنسبة له ، ثم كلفها بعد ذلك بإرسال كل هذا إلي مقر شركته الجديدة مع أفراد الأمن و الحراسة ..


إنصرفت السكيرتيرة بعد تلقي الآوامر ، بينما رن هاتف "عثمان" ليتأفف بضجر ، إذ إنه يعلم جيدا من المتصل


و رغم هذا ضفط زر الإجابة ، و رد :


-ألو !


أتاه صوت والده الحانق :


-إنت فين يا باشا ؟ و مابتردش عليا ليه ؟ دي عاملة تعملها يا غبي ؟!


عثمان ببرود:

-إهدا بس يا بابا ، مافيش حاجة حصلت ، و بالعكس أنا نفذت كل إللي إتفقنا عليه.


"يحيى" بإستنكار :

-تبعت البت لأبوها في إنصاص الليالي بفستان الفرح ، و تكون مصلت الصحافة عليها يستنوها عند بيت أبوها و تقولي عملت إللي إتفقنا عليه ؟ إنت فضحتنااا.


تخيل "عثمان" الصورة التي رسمها والده بمخيلته ، لينفجر ضاحكا ، و يقول بغبطة:

-بس إيه رأيك ؟ بذمتك مش ضربة قاضية ؟ رشاد الحداد هيلبس طرحة تداريه في مجلس الشعب من هنا و رايح.


و تابع ضحكه ، ليصيح والده بغيظ :


-إنت يا غبي مش مقدر حجم الكارثة إللي وقعتنا فيها ، إنت ودتنا في داهية.


أهمل "عثمان" حديث والده ، و عبس فجأة حين وصل إلي سمعه أصوات عراك في الخارج

أنهي مكالمته سريعا ، ثم مشي بغضب صوب الباب ، و جذب المقبض بقوة صائحا :


-إيه الدوشة إللي هنا دي ؟؟؟


متابعه

الجزء الثاني 


 عزﻻء امام سطوة ماله


_ عرض 

توهجت عيناه و هو ينظر إلي سكرتيرته في غضب مطالبا إياها بتفسير ذلك الضجيج الغريب ، لتتلعثم الأخيرة و هي تجيبه بإرتباك :


-مستر عثمان ! الأنسة دي دخلت عليا فجأة ، و مصممة أنها تدخل تقابل حضرتك قولتلها ماينفعش لازم تاخدي ميعاد الأول بردو مـُصرة و مش راضية تفهم.


إنتقل "عثمان" ببصره إلي تلك الضئيلة التي تقف بجانب السكرتيرة بوجه محتقن و أعين حمراء

شملها بنظرة فاحصة ، حيث عاينها من أعلي إلي أسفل بمنتهي الدقة و الجرأة ..


إستفزته لأقصي درجة ، فقد إجتذبه شكل وجهها الصافي المستدير ، و ملامحها الرقيقة التي تشي بالبراءة رغم تآججها ، لكنه لم يستطع رؤية المزيد منها ، بسبب ذلك الوشاح الداكن الذي إرتدته فوق رأسها كحجاب يحظر علي الناظر إليها رؤية شعرها ، و أيضا تلك الثياب الطويلة الفضفاضة التي منعته من تبين قوامها ..


أثارت فضوله و غضبه معا ، فزم شفتيه في شيء من الحنق ، ثم توجه إليها بصوته الخشن :


-إنتي مين يا شاطرة ؟؟


تفاجأت كثيرا من رعونته الواضحة للعيّان دون خجل ، إسلوب لا يتناسب البتة مع مظهره الراقي ..


لكنها تغاضت عنه ، و أجابت بثبات :


-أنا سمر حفظي ، بنت الأستاذ شريف حفظي ، والدي الله يرحمه كان موظف عندكوا هنا.


-أهلا وسهلا .. رد بفظاظة ، و أكمل :

-إنتي بقي جاية عايزة إيه ؟


سمر بحدة :

-جاية عايزة أقابل المسؤول عن الشركة دي .. و تحولت بحديثها إلي السكرتيرة :


-من فضلك تبلغي أي حد مسؤول هنا إني طالبة مقابلة مستعجلة.


عثمان رافعا حاجبيه بدهشة :

-و أنا مش مالي عينك و لا إيه ؟


سمر و هي تعود لترمقه بإزدراء :

-إنت مين ؟!


و هنا تدخلت السكرتيرة بسرعة قائلة بحرج :


-مستر عثمان البحيري مدير الشركة و كمان يبقي واحد من أصحابها.


-أهلا وسهلا .. قالتها "سمر" منتهجة نفس إسلوبه السابق معها


حدجها بنظرات نارية ، فأدركت أنها نجحت في إغضابه ، سرها هذا ، لكنها قالت بنبرة رسمية حازمة :


-حضرتك أنا بقالي حوالي شهرين باجي هنا و بحاول أوصل لأي مسؤول أكلمه في حاجة ضرورية تخص شغل بابا بس للأسف كل مرة برجع زي ما باجي ، مابطلعش بنتيجة ، فلو أمكن يعني تساعدني إنت يبقي كتر ألف خيرك.


رمقها بنظرة خاوية مطولة ، ثم قال بإقتضاب :


-إتفضلي.


و أشار لها بالدخول إلي مكتبه ..


سبقها إلي الداخل ، لتلج هي من بعده و تسمع صوت إغلاق الباب من خلفها بواسطة السكرتيرة


تبعته و هي تعاين الغرفة المستديرة الحواف في فضول و إنبهار شديد ، جدرانها خشبية ، و الأرض رخامية ، و هناك في مكان قاصي قليلا ركن أشبه بالمطبخ الصغير ، وضعت به ثلاجة صغيرة و آدوات صنع الشاي و القهوة


-إتفضلي أقعدي .. قالها بعد جلوسه أمامها خلف مكتبه الضخم ، فإمتثلت لطلبه و جلست من جهة اليسار في المقعدين المقابلين له


عثمان متسائلا بهدوء :

-خير بقي ؟ أقدر أساعدك إزاي يا أنسة ؟


سمر بهدوء مماثل متناسية موقفها العدائي تجاهه :

-زي ما قلت لحضرتك أنا كان بقالي شهرين باجي هنا بسبب مشكلة تخص شغل بابا الله يرحمه عندكوا.


-و إيه هي المشكلة بالظبط ؟


شرحت له "سمر" تفاصيل المشكلة ..


عثمان بجدية :


-بس والدك علي حسب كلامك كان فني مصاعد مش مهندس أساسي هنا في الشركة.


-مش فاهمة إيه الفرق يعني ؟!


تنهد "عثمان" تنهيدة طويلة ، و قال :


-الفرق إن والدك عامل بالأجرة ، لو كان في عطل بيحصل في المصاعد هنا كان بيجي يصلحه و خلاص ، يعني هو و كتير من زمايله إللي هنا في نفس شغلته أسمائهم مش في سجلات التوظيف عندنا لأن ببساطة إحنا مجموعتنا إستثمارية و تجارية و مش بنحتاج كتير للنوع ده من العمال ، إحنا بنطلبهم بس بالأجرة زي ما قلتلك.


سمر بصدمة :


-يعني إيه ؟!!


مط شفتيه بأسف ، و قال ببرود و هو ينقر بقلمه فوق سطح المكتب :


-يعني للأسف والدك مالوش مكافأة نهاية خدمة عندنا لأنه مش موظف أصلا ، ممكن يكون له مستحقات ، تقدري و إنتي خارجة تسألي تحت في شئون العاملين إذا كان في باقي حساب يخصه و لا حاجة !


أصيبت "سمر" بخيبة أمل أطاحت بصوابها ، فلم تعد تسمعه و هو يكمل باقي كلماته ، بل راحت تستمع إلي سيل جارف من التساؤلات تفجر فجأة بعقلها ..


كيف ستدبر حالها ؟ كيف ستواصل حياتها من دون مال ؟ و أخويها .. ماذا ستفعل بشأنهما ؟ إنهما بحاجة إلي أشياء عديدة تمثل بقاء كلا منهما ، فـ"ملك" لن تعيش إذا عجزت "سمر" عن توفير الطعام و العلاج لها ، و "فادي" سيضيع مستقبله إذا ترك دراسته ، من أين تأتي بكل هذا ؟ الأمل الوحيد الذي إتكأت عليه وضح إنه كاذب .. لا مفر من المصير البائس ، ليس لها وحدها ، و لشقيقيها أيضا


بصورة تدريجية إنتصبت "سمر" واقفة دون أن تشعر رغم إرتخاء مفاصلها ، ثم راحت تردد باكية :


-هعمل إيه دلوقتي ؟ هتصرف إزاي ؟ .. إخواتي هيروحوا مني .. مش هقدر أعملهم حاجة ، ملك هتموت ، و أنا .. أنا السبب .. أنا السبب.


-إنتي كويسة يا أنسة ؟ .. تسائل "عثمان" بشيء من القلق ، إلا أنه لم يلق إجابة 


كانت الرؤية تنعدم من أمام "سمر" شيئا فشيئا ، إلي أن تلاشت تماما ..


لم تعد قدماها تقدران علي حملها ، فسقطت مغشيا عليها ..


وثب "عثمان" من مقعده ، و مشي ناحيتها بسرعة

إنحني صوبها ، و مد يده و هزها بلطف هاتفا :


-يا أنسة ! .. إنتي يا أنسة ..


تململ "عثمان" بمكانه و هو يرمقها في حيرة :


-أعملها إيه دي بقي ؟ .. غمغم لنفسه بخفوت ، ثم قام و توجه إلي مكتبه


ضغط زر الديكتافون المتصل بمكتب سكرتيرته ، و قال بصوت ثابت مسموع :


-شيري .. إطلبيلي دكتور الشركة فورا و تعاليلي بسرعة 


في مكان أخر .. حيث يستند إلي مكتبه رجل في العقد الخامس من عمره ، شعره الأبيض تتخلله بعض الشعيرات السوداء ، و يبدو عليه الهيبة و الوقار ..


يستدير فجأة إلي إبنته ، و يهوي بكفه الغليظ علي صدغها ، لتصرخ متألمة ، و بسرعة تتلقاها أحضان شقيقتها الصغري ..


-فضحتيني يا سافلة .. قالها "رشاد الحداد" بصراخ ، و تابع :


-سيرتنا بقت علي كل لسان ، جوزك طلقك يوم فرحك و الأسباب مش محتاجين نشرحها للناس ، مستقبلي و مستقبل أختك قضيتي عليه يا ------ ، هخسر في الإنتخابات و هخسر كل حاجة بسببك يا -------- إسمي بعد ما كان في السما خلتيه في الأرض.


تعالي صوت نحيبها ، بينما حاولت شقيقتها تهدئة "رشاد" بقولها :


-خلاص يا بابي Please , چيچي عارفة إنها غلطت ، و إنت عارف كمان إن عثمان غدر بيها ، ماكنتش عارفة إنه هيبعت وراها صحافيين.


رشاد بغضب :


-إخرسي إنتي مالكيش دعوة ، أنا ليا حساب مع الكلب ده كمان بس مش قبل ما أخلص بإيدي علي الـ----- دي .


چيچي ببكاء و هي لا زالت تحتمي بحضن شقيقتها :


-إنت إللي غصبتني علي الجوازة دي ، أنا قولتلك مش بحبه و مش عايزاه .. ثم أكملت في تردد :

-إنت السبب يا بابي !


رفع "رشاد" ذراعه ، و إجتذبها من شعرها صائحا :


-أنا السبب فعلا ، أنا إللي سيبتلك السايب في السايب لحد ما فاجرتي ، و أخرتها سلمتي رقبتي لإبن يحيى البحيري.


تأوهت "چيچي" بألم ، و قالت بصوت مهزوز إمتزج بدموعها :


-أنا ماكنتش أعرف إنه هيصورني ، و ماخدتش بالي من أي حاجة إلا يوم الفرح ، هو فاجئني.


رشاد بخشونة :


-مضتيله علي التنازل ليه ؟


-هددني إنه هينشر الڤيديو.


صاح بإنفعال :


-إنتي غبية ، ماكنش هيقدر يعمل أي حاجة كنت هتصرف أنا معاه و لا كنا إتفضحنا زي دلوقتي كده.


ثم أفلتها فجأة ، و إلتفت محدقا في الفراغ و هو يتمتم بشراسة :


-ماشي يا إبن يحيى .. و الله لأكون جايبك الأرض ، مش هرحمك لا أنت و لا عيلتك 


إستيقظت "ملك" من نومها منذ حوالي ربع ساعة ، قضت هذا الوقت كله مستلقية وحدها دون حراك ، حتي ملت من و حدتها ..


فهمت بالصراخ عاليا بقدر يجذب إليها أحد أخويها ، هكذا تعلمت و حفظت الطريقة التي تستقطب بها إنتباههما وفقا لعقليتها الصغيرة

و بالفعل ، لبي "فادي" ندائها ، و حضر إليها فورا ..


 سكتت "ملك" بمجرد رؤيته ، ليبتسم لها و يقول بلطف :


-إيه يا ست ملوكة ؟ يا تري جعانة و لا صحيتي لاقيتي نفسك فاضية و قولتي أما أقرف فادي شوية ؟ هه ؟ .. ما تقوليلي ، إتكلمي ..


و راح يقوم بحركات بوجهه و هو يخاطبها ، فأخذت الطفلة تضحك له و هي ترفع ذراعيها الصغيرتين نحوه و تصدر أصواتا تختلط بضحكاتها

ضحك "فادي" معها ، ثم حملها و أخذ يلاعبها و يلاطفها ..


كانت "ملك" تحمل ملامح مشتركة بين كلا من والدتها و أختها "سمر" .. فمثلا ورثت لون بشرتها الناصعة و لون شعرها البندقي عن والدتها


أما خضرة عينيها الواسعتين ، فأخذتهما عن شقيقتها الكبيرة التي تمتاز هي الأخري بنوع خاص من الجمال يتمثل في شعرها الطويل الفاحم ، و بشرتها التي هي بلون الشوكولاتة الفاتحة ، و قوامها المتناسق الذي يحسدونها عليه جارتها و صديقاتها كلما يزورنها في بيتها ..


جلس "فادي" بالصالة و أجلس "ملك" علي قدمه ، ثم راح يهزها حتي لا تعود للبكاء ، بينما يشاهد هو إحدي المبارايات علي شاشة التلفاز الصغير ..


لفتت نظره "سمر" و هي تفتح باب الشقة بمفتاحها و تدخل ، فأغلق التلفاز ، و حمل "ملك" علي ذراعه و ذهب ناحيتها ..


فادي بتلهف :

-ها يا سمر ! عملتي إيه ؟


رفعت "سمر" وجهها و هي تجيبه بتعب واضح :


-فادي هبقي أحكيلك بعدين ، أنا جاية تعبانة و مش شايفة قدامي ، محتاجة أريح شوية و بلّيل هبقي أقولك علي كل حاجة.


عبس بقلق ، و سألها بلهجة هادئة :


-مالك يا سمر ؟ إنتي كويسة ؟


أومأت رأسها إيجابا ، ثم قالت :


-خلي بالك بس من ملك علي ما أصحي و لو جاعت أنت بتعرف تأكلها ، ممكن تصحيني بس علي ميعاد الدوا بتعها أنا أبقي أقوم أديهولها.


و تركته متجهة إلي غرفتها ..


و أخيرا إختلت بنفسها ، أغلقت باب الغرفة ، و للحال نزعت حجابها و هي تتنفس بعمق ثم تحرر شعرها من مشبك الرأس ، لينسدل بنعومة و إنسيابيه علي طول ظهرها


ألقت بنفسها فوق السرير ، و حدقت بالسقف ، لتعود لها ذكري نصف اللقاء الفائت ... 


وجدته واقفا أمامها عندما فتحت عيناها ، كان يخاطب رجلا قصير القامة في منتصف عمره ، بدا شيء لا يذكر بجانبه ..


لم تسنح لها الفرصة لإستكشاف الكثير من الأمور ، إذ هبت من مكانها كقطة مذعورة و هي تقول بلهجة ناعسة متداخلة الأحرف :


-أنا فين ؟ إيه إللي حصلي ؟


طمئنها "عثمان" بإبتسامة :


-إطمني يا أنسة إنتي بخير ، ماتقلقيش جت سليمة أغم عليكي بس و دكتور حسين فوقك.


الدكتور حسين بلطف و لباقة :

-حمدلله علي سلامتك يا أنسة ، عايزك ماتقلقيش إنتي كويسة خالص ، بس ناقصة تغذية ، إنتي ضعيفة أوي و محتاجة تاخدي بالك من أكلك و شربك أكتر عشان ماتحصلكيش إغماءة تانية.


كانت "شيري" سكرتيرة المكتب واقفة بجوارها ، فإنحنت صوبها لتعطيها كأس عصير ، قبلته "سمر" بإمتنان و هي تشعر برأسها يلف

بينما إنصرف الطبيب "حسين" بعد أن جمـّع آدواته داخل حقيبته ، و بدوره أصرف "عثمان" سكرتيرته لتباشر عملها في الخارج ..


سمر و هي تحاول القيام :


-أنا مش عارفة أشكر حضرتك إزاي علي إللي عملته معايا !


عثمان بجدية :


-خليكي مكانك يا أنسة ، إنتي لسا دايخة ، ماتقوميش دلوقتي.


-لازم أمشي .. إتأخرت علي إخواتي.


-طب بس أصبري ، أنا عايزك في موضوع.


سمر بإستغراب :


-موضوع ! موضوع إيه يافندم ؟؟


سحب "عثمان" مقعد قريب ، و جلس فوقه مادا جسده نحوها ، ثم قال بهدوء :


-أنا حاسس إنك واقعة في مشكلة .. ممكن تقوليلي لو تحبي ، أنا أقدر أساعدك.


سمر بشك :


-تساعدني إزاي يعني ؟!


هز كتفيه مجيبا :


-أساعدك يعني أساعدك .. قوليلي بس إيه مشكلتك ؟


سمر بصمت و قد إنعقد لسانها ، لا تعرف بما تجيبه !


-فلوس ؟ .. قالها بتساؤل ، و تابع :

-إنتي خريجة أيه يا أنسة ؟


سمر مجيبة بلسان ثقيل :


-تسويق و تجارة إلكترونية.


عثمان بإعجاب :


-حلو .. حلو أوي .. ثم أردف بحماسة زائفة :


-شوفي أنا هفتتح شركة جديدة خاصة بيا كمان كام يوم ، إخترت الموظفين خلاص بس لسا ماخترتش سكرتيرة .. تحبي تتقدمي للوظيفة دي ؟


حملقت فيه بعدم تصديق ، و سألته ببلاهة :


-بجد ؟!!


عثمان بضحك :


-أه طبعا بجد .. ثم سألها مبتسما :


-إنتي عندك كام سنة ؟ قصدي يعني بقالك كام سنة متخرجة ؟


سمر بتوتر طفيف :


-أنا عندي 24 سنة و بقالي سنتين و نص متخرجة.


-هممم .. لأ مدة مش بعيدة ، طب قولتي إيه ! موافقة تشتغلي عندي ؟؟


سمر بدون تردد :


-طبعا موافقة .. لكنها تراجعت :


-بس أنا ماعرفش حاجة عن شغلة السكرتاريا.


عثمان بثقة :


-ماتقلقيش هتتعلمي .. دي شغلانة بسيطة خالص.


أشرق وجهها بإبتسامة رقيقة ، بينما مد يده إلي جيب بنطاله ، و أخرج جزدانه

سحب بعض الأوراق النقدية ، ثم مد يده لها قائلا :


-إتفضلي يا أنسة سمر.


نظرت ليده الممدودة بالنقود ، ثم له ،و سألته متجهمة :


-إيه ده حضرتك ؟؟


أجابها بإبتسامة :


-أنا عارف إنك محتاجة فلوس ، من فضلك خديهم.


سمر برفض مهذب :


-شكرا لحضرتك .. أنا معايا الحمدلله.


عثمان بإصرار و لطف :


-خديهم بس يا أنسة سمر ، أعتبريهم سلفة و إبقي رديهم من أول مرتب.


تخضبت وجنتاها بحمرة قانية ، و كم وجدت صعوبة في ذلك ، لكنها مدت يدها و أخذت منه النقود ..


سمر و هي تقف علي قدميها و تختبر درجة ثباتها :


-إستأذن أنا بقي.


نهض هو الأخر ، و قال لها :


-تمام ، و إنتي خارجة إبقي سيبي إسمك و عنوانك و رقم تليفونك لشيري ، و ماتنسيش بعد بكره ، هخلي شيري تتصل بيكي و تديكي كل المعلومات عن الشركة.


أومأت "سمر" دون أن تنظر في عينيه ، ثم غادرت مكتبه في هدوء ...


خرجت "سمر" من الذكري و هي تشعر بضيق شديد ، فمنذ خروجها من هذه الشركة لم تكف عن توبيخ نفسها لأنها أخذت منه النقود


و مرات عدة و هي في طريقها إلي البيت فكرت أن تعود و ترجع إليه ماله ، لكنها تذكرت "ملك" و "فادي" .. فإستسلمت لحكم الواقع و أكملت طريقها بفم مطبق ..


أرهقها التفكير لهذا الحد ، فأوقفت كل شيء ، و إستسلمت للنوم الذي بدأ يداعب أجفانها ...


في ليل الإسكندرية الساحر ، يقود "صالح البحيري" سيارته الفارهة مارا بالكورنيش المطل علي الساحل ، و المضاء بالأعمدة التي تعكس نورها علي ماء البحر الحالك ، فيبدو و كأنه اللؤلؤ الأسود في ندرته ..


يصل "صالح" إلي ذلك الملهي الشهير ، و يدخل باحثا بعينيه عن إبن عمه

ليجده هناك ، جالسا عند بنش البار ، تحاوطه المنكرات من كل صوب و هو يتجاوب معها بفتوره المعتاد ..


-إيه يابني فينك ؟ قال "صالح" و هو يجلس بجانبه أمام البار ، و أكمل :


-لازم أتحايل عليك يعني عشان ترضي تقولي إنت فين ؟ أبوك قالب عليك الدنيا.


عثمان بضيق :


-عارف.


-طب مارجعتش البيت ليه لحد دلوقتي ؟؟


-مش مستعد لإستجواب يحيى بيه ، و مش ناقص قرف.


صالح بصراحة :


-إنت طينت الدنيا الصراحة ، أنا أعرف أنك شيطان يابن عمي بس ماتخيلتش تفكيرك يوصل لكده أبدا !


عثمان ضاحكا و هو يتناول بعض المقبلات :


-يمكن عشان مابتعرفش تفكر يا صالح.


-لأ بجد ، أنت إبليس ذات نفسه يصقفلك علي عملتك دي.


عثمان بتفاخر :


-يابني أنا مش أي حد ، أنا عثمان البحيري ، يعني الفهلوة و الجبروت كله ، و متنساش إني إسكندراني كمان.


-لأ من ناحية الجبروت فأنا متأكد من دي أكتر .. ثم سأله بإستذكار :


-صحيح عملت إيه في حوار شركتك ؟ خلاص كلها بقت بتاعتك.


شرب "عثمان" ما تبقي من كأسه ، و أجابه و قد بدأت الثمالة تنطقه بما لا يريد نطقه :


-إسكت ماتفكرنيش بالشغل خالص .. إنهاردة وقعت مع حتة بت كانت هتخرجني عن شعوري ، تصور إستهزأت بيا أنا ؟!


صالح بضحكة مرحة :


-يا خبر ! دي كده لعبت في عداد عمرها.


عثمان بوعيد :


-إنت بتقول فيها ؟ .. و حياة أمي لأسود عيشتها !!!!!


على فكره ياجماعه التفاعل ضعيف جدا وناس بتقرأ وتكتفى بالاعجاب وبتكسل تعلق هنشوف التعليقات فى الحلقه دى هتوصل لفين دعما لنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.