أعلان الهيدر

أحدث المواضيع

الأربعاء، 26 مايو 2021

الرئيسية رواية عزلاء أمام سطوة ماله كامله علي نجوم ساطعه بارت 41 حتي 45

رواية عزلاء أمام سطوة ماله كامله علي نجوم ساطعه بارت 41 حتي 45

 عزلاء أمام سطوة ماله


( 41 )


_ أصابع الندم ! _


في البداية ... كان الأمر أشبه بالحلم


عندما غدت الرؤية معتمة لدي "سمر" و السمع بالكاد كان واضحا ، حيث أتاها صوته كما لو أنه علي بعد مسافة سحيقة


كان يدوي غاضبا ، مروعا ، مفزعا ... و من بين سيل الكلمات السريعة اللاذعة التي خرجت كالقنابل من فمه ، لم تلتقط أذنها سوي كلمة واحدة متكررة منذ البادئ .. "خاينة" ..


ياللعجب ! .. لماذا ينعتها بالخائنة ؟ .. ماذا فعلت ؟ في الحقيقة لم تكترث "سمر" كثيرا بالإجابة ، و لم تتوق لمعرفتها


فقد كانت سعيدة ... البرد الذي أصابها و خدر جسدها بالكامل ، و الدوار المسكر ، و العجز المسيطر عليها تماما .. كل هذه الأمور أنبأتها بأن الأمر علي وشك الإنتهاء


كل هذا العذاب سينتهي قريبا ، الآلم الذي شعرت به منذ فترة طويلة ، الذل ، القهر ، المهانة .. كل شئ صار مرهونا بالعد العكسي لعدد أنفاسها الأخيرة


كانت مسالمة علي نحو غريب ، لم يكن لديها أي ميل للحياة ... أرادت أن تتخلص منها سريعا ، و بالفعل كان لها ما طلبت


غلبتها الغفوة الثقيلة في هذه اللحظة ، إنسحب الهواء كله من رئتيها هاربا ، شدها الظلام أكثر فأكثر ... نحو القاع اللانهائي ، و قبل أن ينطفئ بصيص حياتها للأبد شعرت بالإمتنان لأن أخويها سيعيشان في راحة و هدوء من بعدها ، قضي الأمر ..


لم تعد تشكل النقطة السوداء في حياة كلاهما ... "ملك" ستكون بخير ، "فادي" سيعتني بها جيدا و غدا سيكون له مستقبل زاهرا و سيحظي بزوجة تسعده و تكون أما لـ"ملك" عوضا عنها


أخر فكرة راودتها كانت ... تري هل سيكون لها حظا من رحمة الله ؟ هل سيغفر الله لها ؟ هل ستنال عفوه ؟؟؟


إستسلمت و نفسها تزخر بالرعب و الفزع ...


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


رغم برودة الجو ... كان جسد "عثمان" يتصبب عرقا ساخنا بعد هذا المجهود البدني و العصبي الهائل الذي بذله خلال الدقائق القليلة المنصرمة التي بدت و كأنها عقود بالنسبة لها و له


ما زال يضربها بوحشية ، ما زال يتحدث ، مازال كيانه ينضح حنقا و هو يهدر بأعلي صوته بلا وعي :


-خاينة يا سمر . خونتيني زيها . كنت واثق فيكي . أفكاري كلها كانت بدأت تتغير من ناحيتك . كنت فاكرك مختلفة فعلا . كنت فاكرك غيرهم كلهم . لكن طلعتي ممثلة . ممثلة هايلة . خدعتيني . بعتيني . إنتي ماتستهليش أي حاجة . إنتي ------ و ------ زييها بالظبط.


يتوقف "عثمان" أخيرا عندما شعر بالإنهاك ، يتنفس بصوت مرتفع ، ينظر إليها بإحتقار و لم تخالجه ذرة شفقة عليها


بل ألقي بالحزام الذي يقطر منه دمائها علي الأرض ، ثم إلتفت و مضي إلي الهاتف الرابض فوق طاولة بجانب الفراش


أمسك بدليل الأرقام ، و عثر علي رقم الإسعاف بسهولة ... ضرب الأرقام و إنتظر الرد ..


-ألو .. كانت أنفاسه منتظمة الآن و تحدث علي نحو جدي هادئ ..


-من فضلك محتاج عربية إسعاف علي العنوان ده "------------" أنا عثمان البحيري . إللي حصل مايخصكيش . إبعتيلي عربية و خلاص . دلوقتي حالا !


و أغلق الخط و هو يتنهد بثقل ... تناهي إلي سمعه صوت جرس هاتفهه ، كان مكتوما ، فعقد حاجبيه و هو يتتبع مصدره


وصل عند "سمر" ثانيةً ... الصوت ينبعث من أسفلها حيث وقع منه بالتأكيد أثناء جلسة الضرب العنيفة التي أقامها لها


لكزها بقدمه و أزاحها جانبا ، ثم تناول الهاتف و رد بدون أن يعرف هوية المتصل ..


-ألو !


المتصل بنبرة حماسية :


-عثمان بيه . معاك عبد المنعم صقر.


عثمان بفتور :


-أهلا . خير يا أستاذ صقر ؟ في مستندات تانية حابب توريهالي ؟!


-لأ يافندم ده أنا بتصل عشان أقولك خبر مهم جدا.


عثمان و هو يفرك وجهه بكفه :


-خبر إيه ؟


-أنا عرفت مين الست إللي جابت الصور بتاعت سيادتك . مش هتصدق هي مين حضرتك !


عثمان بإبتسامة ساخرة :


-مين يا أستاذ صقر ؟


-چــــيــــــــــــــــچـي الحدآاد !


عثمان بصدمة :


-بتقول إيه ؟؟؟؟؟؟؟؟


عبد المنعم بنبرة مهزوزة بعض الشئ :


-هي مفاجأة فعلا . أنا نفسي ماتخيلتش تفضل وراك بعد كل إللي حصل بينكوا . أنا قلت أبلغ حضرتك بالخبر ده قلت أكيد يهمك و من حقك تعرف عشان تاخد إحتياطاتك بعد كده.


عثمان بنفس الصدمة ممزوجة بالغضب :


-إيه إللي إنت بتقوله ده ؟ إنت كل شوية هتطلعلي بحدوته ؟ جبت الكلام ده منين ؟ يبقي إنت إللي عامل كل ده و كدبت عليا . أقسم بالله ما هاسيبك !


عبد المنعم بجدية :


-يا عثمان بيه إهدا من فضلك . أنا هفهمك قبل ما تجيلي حضرتك إمبارح بعت واحد من إللي شغالين عندي ورا الست إللي جات و جابتلي الصور ... و حكي له ما حدث


سقط الهاتف من يده ... جحظت عيناه و تباعدت شفتاه بصدمة مضاعفة عندما وقع بصره عليها


-مش إنتي !!! .. همس "عثمان" و صاح مكملا و هو يهرع إليها :


-مش إنتي يا سمر ؟؟؟ .. ركع بجوارها و أمسك بكتفيها


-يعني مش إنتي إللي روحتي ؟ إنتي ماخونتنيش ؟ إنتي ماعملتيش حاجة فعلا زي ما قولتيلي ؟ أنا ظلمتك ؟ أنا .. عملت فيكي كده .. و شملها بنظرة مصعوقة ، ثم صرخ بذعر :


-لأااااااااااااااا . أنا عملت فيكي إيه ؟ عملت إيه ؟ أنا ماكنش قصدي أنا كنت فاكرك بعتيني . كنت فاكرك زيها . أنا آسف . آسف يا سمر . إصحي عشان خاطري . طيب فتحي عنيكي بس . أنا بحبك و الله عملت كل ده عشان بحبك . ماكنتش متوقع إني ممكن إتصدم فيكي . سمر . إنتي الوحيدة إللي ملكتي قلبي و الله العظيم . أنا حبيتك و عارفة و الله إمبارح لما كلمتك و قولتلك نتقابل كنت عايز أشوفك عشان أقولك إننا هنتجوز رسمي . كنت عملهالك مفاجأة .. سمر . قومي الله يخليكي ماتعمليش فيا كده !


و لكن لا حياة لمن تنادي ... هزها بعنف و هو يصيح :


-ســــــمـــــــر ! لأااا ردي عليا ماتعمليش زيه . مش هقدر أستحمل ده تاني . أرجوكي لأ . لأ .. أرجوكي . قومي . لأ .. كان عذابا مروع باديا في صوته


-سمر . سمر . أرجوكي . ردي عليا . لأ . لأ . سمر . لأ . لأاااااااااا . ســـــــــــــمـــــــــــــــــــــــــر !


و فجأة دوي بوق سيارة الإسعاف مقتربا شيئا فشئ من المنزل الممتلئ عويلا و صراخا ، بالطبع لم يكن السائق بحاجة للنظر في العنوان


لقد أرشدته هذه الأصوات بمنتهي السهولة ...


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في قصر آل"بحيري" ... تدور "صفية" بغرفتها علي غير هدي


بعد ما سمعته من فم عمها بغرفة أمها ،لم تشعر بنفسها إلا و هي تركض إلي هنا ... كانت دموعها تهطل بغزارة الآن


لو كان هذا الكلام صحيحا حقا فإنها كـــــــارثة ...


-صافي هانم !


إنتبهت "صفية" علي صوت الخادمة ، إلتفتت لها


-عايزه إيه ؟ .. سألتها "صفية" بحدة


الخادمة بتوتر :


-فريال هانم عايزة حضرتك !


-طيب روحيلها إنتي دلوقتي و أنا جاية وراكي.


أطاعتها الخادمة و ذهبت ، بينما إزدادت حيرتها و هي تتنهد بحرارة ..


-يا ربي ! أعمل إيه ؟ أنا مش عارفة أي حاجة .. يا رب !!


إضطرت إلي الذهاب في الأخير ... ولجت عند أمها ، لتجدها جالسة في إنتظارها بفارغ الصبر


تحاشت "صفية" النظر إليها و مشت ناحيتها بآلية .. جلست علي طرف السرير قبالتها ، لتمد "فريال" يدها و ترفع ذقنها لتجبرها علي النظر لها ..


رمقتها "صفية" بتساؤل ممزوج بالإرتباك ... ثم قالت بحذر :


-إيه إللي أنا سمعته ده يا مامي ؟ إللي أنا سمعته ده صحيح ؟؟؟


بسرعة أمسكت "فريال" بالدفتر و القلم و بدأت تكتب ..


أعطت الورقة لإبنتها لتقرأ ... " إنتي سمعتي إيه بالظبط ؟ "


إبتلعت "صفية" ريقها بصعوبة و أجابت :


-بابي مات في حادثة . مش فاهمة . أنكل رفعت .. قال كلام فظيع .. فعلا هو ... هو إللي قـ آا . هو إللي عمل كده في بابي عـ عشانك ؟؟؟


تكتب "فريال" من جديد ، ثم تقرأ "صفية" .. " مافيش حاجة بيني و بين عمك يا صافي . إوعي تفهمي غلط "


صفية بوهن :


-أنا عارفة يا مامي . أنا مش ممكن أتخيل حاجة زي دي طبعا .. بس إللي هجينني . هو فعلا عمل كده و لا لأ ؟؟!!


تنهدت "فريال" بآسي و عادت تكتب .. إستغرقت بعض الوقت في هذه الورقة ، و لكنها سلمتها لإبنتها بالنهاية ..


قرأت "صفية" .. " أنا ماعرفش . بجد ماعرفش . أنا بس محروقة أووي يابنتي . قلبي مولع مش قادرة أطفي النار إللي جوايا علي أبوكي . عمك إعترفلي من فترة إنه بيحبني من زمان . ماكانش طبيعي لما قالي كده . أنا ماحبتش أكبر الموضوع و لو كنت قلت حاجة ليحيى الموضوع كان هيوصل للدم مش مجرد خناقة من خناقتهم العادية إللي بتحصل دايما .. أنا مش متأكدة من حاجة يا صافي . بس أنا يائسة . يائسة و حاسة إني هنفجر . عايزة أعمل أي حاجة . عايزة أرتاح . أنا عايزة أموت يا صفية . عايزة يحيى . أنا مش قادرة أصدق إني مش هاشوفه تاني . أنا هتجنن و الله هتجنن "


تترك "صفية" الورقة و تقترب من أمها التي بدأت تجهش بالبكاء ، ضمتها إليها متمتمة :


-خلاص يا مامي . بليز إهدي .. عشان خاطري . بعد الشر عليكي يا حبيبتي . إوعي تقولي كده تاني . ده إنتي إللي باقيتلنا أنا و عثمان . مانقدرش نعيش منغيرك . فكري فينا يا مامي و صبري نفسك . إوعي تيأسي أو تستسلمي . إحنا معاكي . يعني كإن بابي معاكي . مش إحنا بردو حتة منه ؟!


إرتجفت "فريال" و هي تنشج بحرقة في حضن إبنتها ، لتربت "صفية" علي ظهرها محاولة تهدئتها ..


صفية بلطف :


-بس يا مامي . إهدي يا حبيبتي.


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في ڤيلا "رشاد الحداد" ... تجلس "چيچي" مع والدها في الشرفة المطلة علي الحديقة


يتناولا معا طعام الفطور ، و لكن "چيچي" مشغولة بشئ أخر ..


منذ أكثر من نصف ساعة و هي ممسكة بجميع الجرائد و المجلات ، تتصفح أخبار اليوم و خاصة أخبار صفحة المجتمع


علي أمل أن تري الفضيحة التي دبرتها لزوجها السابق ... و لكن لا شئ ، لا شئ البتة !


يلاحظ والدها ما يحدث معها ، فينتابه الفضول ..


رشاد بصوته العميق :


-چيچي ! مالك في إيه ؟؟


چيچي و هي تنظر له في توتر :


-هه ! بتقول حاجة يا بابي ؟!


رشاد بنظرة ثاقبة :


-بقول مالك ؟ من الصبح و إنتي ماسكة الجرايد و مش بتفطري ! عايزة تشوفي إيه في الأخبار ؟؟؟


چيچي بإرتباك :


-آا أبدا . مش . مش عايزة أشوف حاجة.


-چيچي ! ..قالها "رشاد" بتشكك


-قوليلي هببتي إيه ؟ طالما مرتبكة و حالك مشقلب كده يبقي عملتي مصيبة.


چيچي بضيق :


-لا مصيبة و لا حاجة . إنت ليه دايما بتحسسني إني طفلة صغيرة ؟ علي فكرة أنا كبرت و بقيت بفهم و إطمن مش هورطك تاني في مشاكل أنا إتعلمت من الدرس كويس.


رشاد بجدية :


-طيب قوليلي عملتي إيه ؟


تنهدت "چيچي" يإستسلام و حكت له ما حدث ..


-نهارك إسووود ! .. صاح "رشاد" بغضب و هو يقلب بعنف طاولة الطعام التي تفصلهما عن بعض ، و تابع :


-إنتي إتجننتي ؟ إزاي تعملي كده يا بنت الـ----- يا غبية يا متخلفة ؟ إنتي إيه مابتحرميش ؟ عايزة تعملي فيا إيه تاني ؟ بتورطينا لتاني مرة مع عثمان البحيري ؟ و قبل فرحك بشهر ؟ و كمان قبل الإنتخابات إللي آجلتها مخصوص لحد ما فضيحتك تداري ؟ إنتي عارفة إنه ممكن يدمرنا في ثانية بالـCD إللي معاه ؟ لو كبرت في دماغه و عملها مش هيبقالنا عيش في البلد دي . مستقبلنا هينتهي يا بنت الـ---- !


چيچي و هي تلتصق بمقعدها بخوف :


-يا بابي إهدا . أنا عملت حسابي كويس كنت متنكرة و محدش شافني . هو مش هيعرف حاجة.


يهب "رشاد" من مجلسه هادرا بإنفعال :


-إنتي فاكراه غبي ؟ إذا كان عرف يصورك و إنتي جوا أوضة نوم الزفت بتاعك و في حضنه مش هيعرف إن إنتي إللي ورا الفضيحة إللي هتحصله ؟!


چيچي بثقة :


-مش هيعرف صدقني.


رشاد بغضب :


-إخرسي خالص . و رحمة أمك لو جاتلي مشكلة تانية حتي و لو كانت صغيرة من تحت راسك هقتلك يا چيچي . هدبحك بإيديا.


إزدردت "چيچي" ريقها بخوف و حملقت فيه صامتة ..


رشاد بخشونة :


-إسمه إيه الجرنال إللي روحتيه ؟ إنطقي خليني أتصرف قبل ما المعبد يتهد فوق دماغي و دماغك !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في المستشفي التخصصي ... يقف "عثمان" أمام غرفة الفحص ، يعض أصابع الندم


كان خوفه حقيقي ، حقيقي جدا إلي حد جعل شفتاه ترتجفان و ساقاه تهددان بإنهياره ما إذا خرج الطبيب و أخبره بشئ لن يتحمل سماعه ..


-هتبقي كويسة ! .. تمتم "عثمان" لنفسه و هو يحارب رغبة جامحة في البكاء


-سمر هتبقي كويسة . لازم تبقي كويسة.


في هذه اللحظة خرج الطبيب راسما علي وجهه ملامح الغضب ..


إقترب "عثمان" منه و سأله بتلهف :


-دكتور . أرجوك طمني . سمر عاملة إيه ؟!


الطبيب بصوت أجش :


-إنت تقربلها إيه بالظبط ؟


عثمان بصبر نافذ :


-أنا جوزها من فضلك قولي بقي هي كويسة ؟؟؟


الطبيب بحدة :


-المدام إتعرضت لأبشع أنواع الإعتداءات بالضرب . إيديها الإتنين مكسورين و في شرخ في الرجل الشمال . ده غير الجروح و الكدمات إللي مغطية جسمها كله.


إبتلع "عثمان" غصة مريرة في حلقه ، و قال بصعوبة :


-هتخف . صح ؟


الطبيب بنفس الحدة :


-هتتعالج و هتخف إن شاء الله بس هنحتاج لشوية عمليات.


عثمان بإسراع :


-إعمل اللازم يا دكتور أنا مستعد أدفع ملايين بس سمر تقوم و تبقي كويسة تاني.


الطبيب بنظرة إتهام :


-حضرتك تعرف مين إللي عمل فيها كده ؟


و هنا أطرق "عثمان" رأسه بخزي ، ليكمل الطبيب بصوت يزخر بالحنق الشديد :


-المدام متابعه

عزلاء أمام سطوة ماله


( 42 )


_ إنتقام ! _


الطبيب بنظرة إتهام :


-حضرتك تعرف مين إللي عمل فيها كده ؟


و هنا أطرق "عثمان" رأسه بخزي ، ليكمل الطبيب بصوت يزخر بالحنق الشديد :


-المدام حامل.


عثمان و هو يرفع وجهه بسرعة :


-إيه ! .. كانت الصدمة بادية في صوته


-بـ بتقول إيه يا دكتور ؟ حامل ؟ سمر حامل ؟ إزآااي ؟؟!!


الطبيب بإستهزاء :


-زي الناس حضرتك . حامل زي ما كل الستات بتحمل.


عثمان بحيرة ممزوجة بالإرتباك :


-لأ يا دكتور إنت مش فاهمني . سمر كانت بتاخد حبوب منع الحمل .. حـ حملت إزاي ؟!


الطبيب بإبتسامة ساخرة :


-يافندم بتبقي واخدة هيئة تنظيم الأسرة بحالها و بتحمل عادي . مافيش حاجة ممكن تقف قصاد إرادة ربنا.


عثمان بإهتمام صادق :


-طيب هي وضعها إيه بالظبط ؟ و البيبي ممكن يكون خطر عليها و هي في الحالة دي ؟؟؟


الطبيب بجدية :


-في الحقيقة أنا مستغرب إزاي بعد كل إللي إتعرضتله ده و لسا الحمل ثابت ! بس زي قولتلك دلوقتي دي إرادة ربنا . الجنين سليم و بالنسبة له مافيش خطر عليه.


-المهم سمر.


-المدام هتبقي كويسة بردو و بعدين الحمدلله مافيش حاجة تقلق و طالما البيبي كويس تبقي هي كويسة . مافيش نزيف مافيش إصابات في مناطق حيوية . يعني كل حاجة تمام.


-طيب بالنسبة للعمليات إللي قولتلي عليها ! .. قالها "عثمان" بإستفهام


الطبيب بفتور :


-بالنسبة للعمليات دي سيادتك مالهاش أي ضرر بردو . إحنا هنعملها بس عشان نساعدها علي الحركة لأن زي ما قولتلك معظم أطرافها متكسرة.


-طيب العمليات دي مش هتبقي خطر عليها أو علي البيبي ؟!


-المدام حامل في شهرين و دايما إحنا كداكاترة بنحبذ إجراء العمليات قبل النص التاني من فترة الحمل . و بعدين عمليات عن عمليات تفرق . العمليات إللي هنعملها بسيطة و نسبة المخدر إللي هتاخدها هتكون قليلة يعني هتبقي في الآمان.


تنفس "عثمان" براحة غامرة ، بينما عادت الحدة إلي نبرة الطبيب و هو يكمل :


-بس إحنا دلوقتي محتاجين نعمل محضر بإللي حصل !


تبدل مزاج "عثمان" في لحظة ، و غدت عيناه مظلمتين حادتين ..


عثمان بعدائية واضحة :


-أنا جوزها يا دكتور و أقدر أقولك دلوقتي إننا مش محتاجين نعمل محضر بإللي حصل و لا حاجة.


الطبيب بتحد :


-مش حضرتك إللي تقرر يافندم . المدام إن شاء الله لما تفوق هي إللي تقرر و تقول هي محتاجة إيه و عايزة تاخد حقها إزاي.


خرجت زمجرة ضارية من حنجرة "عثمان" و هو يرمقه بنظرات فتاكة ..


عثمان بنبرة حادة :


-أوك . أنا داخل أشوفها دلوقتي.


الطبيب و هو يمد ذراعه ليمنعه من المرور :


-ماينفعش حضرتك . هي دلوقتي تحت تأثير نسبة قليلة من المخدر و أي إزعاج ليها ممكن يفوقها و لو فاقت دلوقتي هتحس بالألم و مش هنقدر نديها مسكنات.


أبعد "عثمان" الذراع من طريقه بحزم ، و قال بصوت غاضب جازم :


-قلت هدخل أشوفها يا دكتور . و بغض النظر عن أنك مش هتقدر تمنعني . بس إطمن . أنا مش هزعجها.


و بالفعل ولج "عثمان" متجاهلا تذمر الطبيب و همهمته المعترضة ...


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


يلج "عثمان" إلي هذه الغرفة الساطعة ... بدت أشبه بغرف الطورائ نوعا ما


عثر علي "سمر" بسهولة ، كانت ممدة علي سرير صغير ، ملابسها الممزقة الملطخة بدمائها ليس لها وجود الآن ... بل كانت ترتدي القميص الأزرق المعقم


جلدها الناعم نظيف ، فقط الكدمات الزقاء بارزة قليلا و الجروح الحمراء متراصة علي طول مرفقيها


وجهها شاحب لكنه جميل و بهي كالعادة ، هالات بنفسجية تحيط بعيناها الغائرتين ، شفتاها منفرجتان قليلا ، و شعرها القصير يحيط بوجهها مثل غمامة ..


يجلس "عثمان" علي حافة السرير .. يرفع يده مترددا ، كان صراع يحتدم في نفسه .. يمر بأطراف أصابعه بحرص شديد علي وجنتها ، ثم يمسد وجهها بظهر يده من صدغها حتي فكها بمنتهي اللطف و الحذر ..


-أنا آسف .. همس "عثمان" بندم


-أنا لو فضلت أعتذر عمري كله مش هيكفي . أنا ماكنتش أعرف إني بحبك للدرجة دي .. أول مرة أحب يا سمر . أول مرة أحس إن عندي قلب . أنا ظلمتك و عملت فيكي حاجات وحشة كتير . بس أوعدك .. هنسيكي كل حاجة . هعوضك يا سمر . هعمل المستحيل عشان تسامحيني و تحبيني . أنا عارف إنك بتكرهيني . و عارف إن بعد إللي عملته مش هتصفي بسهولة . مش بلومك . إنتي عندك حق . لكن نفسي هيكون طويل معاكي . مش هسيبك يا سمر . أول ما تخرجي من هنا هتجوزك رسمي و هاخدك عشان تعيشي معايا في بيتي .. ثم قال بصوت يختلج إنفعالا :


-بس قبل ده كله . لازم أجبلك حقك الأول !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في قصر آل"بحيري" ... يدق باب غرفة "هالة" فتأذن بالدخول


كانت منهمكة بصورة كبيرة ، منذ فترة و هي تصب جم تركيزها علي هذه اللوحة .. تطلب الأمر ثلاثة أيام تقريبا لتخرج بهذه النتيجة المذهلة


و اليوم أخيرا هي تضع اللمسات الأخيرة فقط ...


-مساء الخير يا حبيبتي ! .. قالها "رفعت" و هو يقترب من إبنته الجاثمة فوق المقعد بوضعية غريبة


هالة بنصف تركيز :


-مساء النور يا بابي.


رفعت و هو ينظر إلي اللوحة بتفحص :


-إيه بترسمي و لا إيه ؟!


هالة بإبتسامة :


-لأ أنا خلصت خلاص بس بحط الـFinishing touches.


رفعت مددقا النظر في وجه الشخص المرسوم :


-مش .. مش ده مراد بردو ؟!


و هنا إضطربت "هالة" و خرجت عن تركيزها ، تسارعت دقات قلبها و أفلتت دقة خارج الإيقاع ..


-آا آ أيوه يا بابي .. هو !


رفعت بإستغراب :


-و بترسمي مراد ليه يا هالة ؟؟


هالة بتوتر :


-هو طلب مني أرسمله صورة . كان عايز يمتحن قدراتي يعني.


رفعت بعدم تصديق :


-إممم . أوك .. عموما أنا كنت جاي أكلمك في موضوع مهم . فاضية دلوقتي و لا أجيلك كمان شوية ؟


هالة برحابة :


-فاضية طبعا يا بابي . إتكلم حضرتك أنا سمعاك !


تنفس"رفعت" بعمق ، ثم قال بنبرة مهزوزة قليلا :


-أنا . أنا كنت جاي أقولك إن مدة إقامتنا هنا خلاص إنتهت.


هالة بعدم فهم :


-مش فاهمة يا بابي ! قصدك إيه ؟!


صمت قصير .. ثم قال "رفعت" بوجوم :


-قصدي إننا هنرجع باريس تاني . أنا و إنتي.


هالة بصدمة :


-نرجع باريس ! طيب ليه ؟ إيه إللي حصل ؟ أنا عملت حاجة غلط ؟!


-لأ يا حبيبتي . إنتي ماعملتيش حاجة و قراري إنتي مالكيش دخل بيه . كل الحكاية بس إني مش طايق القعدة هنا بعد .. بعد إللي حصل . عايز أبعد !


هالة بوهن :


-بس أنا مش عايزة أمشي يا بابي . أنا عايزة أفضل هنا أنا رتبت حياتي هنا و مش هاينفع أغير حاجة.


رفعت بحزن :


-يعني هتسيبيني أسافر لوحدي ؟!


هالة بحيرة :


-و إنت تسافر ليه أصلا ؟ خليك معانا . إنت دلوقتي بقيت مسؤول عن العيلة كلها . بعد أنكل يحيى إنت الوحيد إللي ممكن تحل محله.


رفعت بإبتسامة جازعة :


-البركة في عثمان . هو الكبير بعد أبوه . أنا طول عمري برا الدايرة.


-ماتقولش كده . إحنا كلنا دلوقتي محتاجينلك.


رفعت بإبتسامة لم تصل إلي عيناه :


-بس أنا محتاج أبعد يا هالة . لازم أبعد !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في شقة الجارة "زيــنب" ... إعتمت السماء في الخارج و لم تأتي "سمر" بعد


كانت قلقة إلي أقصي حد و هي تجوب شقتها طولا و عرضا و ما أزاد أضعافا من قلقها عدم رد "سمر" علي إتصالاتها


حاولت الإتصال بها لأكثر من خمسون مرة خلال ساعات النهار ، لتجده مغلقا بعد ذلك ..


-يا ربي ! .. إستر يا رب . يا تري إنتي فين يا سمر ؟ إيه إللي أخرك يابنتي . و مابترديش علي تليفونك ليــــه ؟؟؟


في هذه اللحظة يخرج "صابر" من غرفة النوم و هو يفرك عيناه من النعاس ... يجد زوجته علي هذا الوضع ، فيعبس مستغربا ..


-مالك يا زينب ؟ .. قالها "صابر" بتساؤل


-دايرة في الشقة زي النحلة كده ليه ؟ و وشك مخطوف كمان . في إيه يا وليه مالك ؟؟


زينب بإنفعال :


-إسكت . إسكت دلوقتي يا صابر أنا مش فايقالك.


صابر بتهكم :


-و ده من إيه ياختي إن شاء الله ؟ قوليلي ونبي أصل زعابيبك بقالها كتير ماهبتش عليا.


زينب بعصبية :


-قولتلك إنكتم يا صابر . لو ماسكتش وديني لاكون سايبالك البيت و غايرة.


صابر ببرود ممزوج بالسخرية :


-خلاص ياختي خلاص . خليكي قاعدة في بيتك أنا إللي هلبس هدومي و هفوتهالك مخدرة.


و ولج إلي المرحاض صافقا الباب خلفه ..


-لأ مش هاينفع كده ! .. قالتها "زينب" بنفاذ صبر


-أنا هنزل أدور عليها .. و ذهبت إلي غرفتها


بدلت ثيابها بسرعة و خرجت و هي تلف الجچاب علي عجالة ، كانت ستتجه نحو "ملك" لتأخذها عند جارتها في الشقة المقابلة


لكنها إصطدمت بزوجها ..


-إيه ده يا وليه ؟ لابسة كده و رايحة فين ؟ .. ثم قال بحدة :


-هي كبرت في دماغك بجد و هتمشي و لا إيه ؟ ماقولتلك هلبس و هتنيل أنزل.


زينب بغضب :


-إوعي من سكتي يا صابر . لازم أنزل دلوقتي.


صابر بغضب مماثل :


-تنزلي فين ياختي إنتي إتجننتي ؟ إنتي عارفة الساعة كام دلوقتي ؟ الدنيا عتمت برا.


زينب بإصرار :


-إن شاالله تكون الفجرية هنزل يعني هنزل.


صابر بإنفعال :


-إنتي إتخبلتي و لا إيه ؟ ما تفهميني إيه إللي جرالك بالظبط !


-البت سمر . البت سمر لسا مارجعتش من برا لحد دلوقتي.


-و إحنا مالنا ؟ و بعدين من إمتي بتهري في نفسك كده عشانها ماتولع و لا تروح في ستين داهية.


زينب بنظرات متوقدة :


-إوعي من قدامي يا صابر بدل ما إرتكب جناية . إوعــــــــــــــــــــــي !


صابر بلهجة قاطعة :


-قلت مافيش نزول من هنا . كلمتي ماتتردش تاني فاهمة يا زينب ؟


زينب بعناد :


-لأ مش فاهمة . و مش هقعد مكاني هنا حاطة إيدي علي خدي و أنا مش عارفة البت فين.


-ماتكلميها علي الزفت الموبايل.


-مقفول.


يزفر "صابر" غاضبا ، ثم يقول علي مضض :


-خلاص . أنا هنزل أدور عليها .. و بلاها قاعدة علي القهوة الليلة دي ! .. كان الغيظ يحتدم في نظراته و نبرة صوته


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في ڤيلا "رشاد الحداد" ... يقف وجها لوجه أمام إبنته


ملأ البيت صياحا و هو يوبخها بغضب شديد ..


-شوفتي أخرة عمايلك السودة ؟ أهو رئيس الزفت التحرير بتاع الجرنال إللي روحتيه بيقولي ماشفتش حاجة و ماعرفش حاجة . شوفتي عملتي فينا إيه ؟ الله أعلم راح قال لعثمان البحيري و لا لأ ! لازم تعرفي إنه لو عرف هتبقي نهايتنا و كله منك يا بنت الـ--- .. و صفعها بقوة ليرديها أرضا تنشج بالبكاء الحار


-هو عرف خلاص يا رشاد بيه !


إرتعد "رشاد" و إلتفت بسرعة ليتعرف علي مصدر الصوت


كان "عثمان" ماثلا أمامه في هذه اللحظة بالذات ، يصوب نظراته النارية نحوه ، بدا من مظهره أنه لا يلوي علي خير أبدا ..


-إنت دخلت هنا إزاي ؟ .. قالها "رشاد" بحدة


-مين إللي دخلك ؟؟؟


عثمان بنبرته الخبيثة :


-أنا أدخل أي مكان في أي وقت يعجبني يا رشاد بيه .. ثم قال بصلابة :


-رجالتي واقفين يدردشوا مع شوية العيال إللي جايبهم يحرسوك برا . أنا مش جاي ناوي علي الشر . أنا بس جاي أخد حاجة تخصني و همشي علطول.


رشاد بغضب :


-إنت مالكش حاجة هنا . إتفضل إطلع برا بدل ما أطلبلك البوليس.


-تؤ تؤ تؤ عيب كده يا رشاد بيه . هو ده كرم الضيافة ؟ ده أنا في بيتك .. ثم نظر إلي "چيچي" التي وقفت علي قدميها الآن ، و أكمل :


-إيه يا چيچي يا حبيبتي ! ساكتة لبابا ليه ؟ مش تدافعي عني قدامه.


إبتلعت ريقها بصعوبة و هي تنظر له بخوف ..


رشاد بخشونة :


-أحسنلك تاخد بعضك و تمشي دلوقتي يا عثمان قبل ما أكبر الموضوع . إنت كده بتتهجم عليا و دي جريمة و ماتنساش إني شخصية مهمة و عندي حصانة ممكن أوديك ورا الشمس.


ألقي "عثمان" برأسه للخلف و قهقه ملء صوته بسخرية ، ثم عاد ينظر إليه ..


عثمان بإبتسامة عريضة :


-لما توديني أنا ورا الشمس يا رشاد بيه . أومال أنا بقي ممكن أوديك فين بالظبط .. إنت ناسي إيه تحت إيدي و لا إيه .. و غمز له بعينه ، ثم حول نظره إلي "چيچي"


-چيچي أدائها كان عالي أووي Motor جآامد harley davidson بصحيح . أنا متأكد لو إحترفت برا هتجبلك دهب تحت رجليك.


صمت "رشاد" و هو يغلي من الغضب ، لا يعرف بماذا يجيبه ..


-طيب ! أعتقد إنتوا عارفين أنا جاي ليه .. يلا يا چيچي يا حبيبتي . إديني الأمانة . إديني الـNegative بتاع الصور خليني أمشي من هنا بسرعة . بصراحة حاسس إني ضيف تقيل عليكوا شوية.


چيچي بصوت متقطع :


-آا . مـ مافيش . حاجة ليك هنا يا عـ عثمان !


-لأ ! .. قالها "عثمان" بهدوء مغمضا عينيه


-كده أزعل منك يا بيبي .. و فاجأها بصفعة عنيفة من يده الثقيلة


-آاااااااااه .. صرخت "چيچي" بألم شديد ، بينما شدها نحوه قبل أن تسقط ، و عاد للهدوء مجددا و هو يسألها :


-ها يا حبيبتي ! هتديني أمنتي و لا عايزاني أقعد معاكوا شوية كمان ؟ .. و قبض بقوة علي حفنة شعر أسفل رأسها


-أنا ماعنديش مانع أنا فاضيلكوا إنهاردة خآاالص.


چيچي بصراخ :


-إلحقني يا بآاااابي.


-أبوكي ! .. قالها "عثمان" بإستخفاف و هو يشدد قبضته علي خصلات شعرها


-إنتي فاكرة إن ممكن حد يخلصك من إيديا ؟ حتي لو كان أبوكي ؟! .. ثم أكمل و هو يزجرها بغضب شديد :


-فين الـNegative ؟؟؟


يتدخل "رشاد" أخيرا ..


-سيبها يا عثمان . سيبها يابن البحيري .. كان صوته ساخرا أكثر منه غاضبا


-المفروض إن أبوك الله يرحمه و أمك ربوك و علموك العيب.


عثمان برعونة :


-أبويا الله يرحمه و أمي ربوني أه . بس إنتوا بقي العيب ذات نفسه و أنا مع أمثالكوا سافل و مش متربي . مع أشكالكوا الأدب ده ماعداش من جمبي .. ثم عاد إلي "چيچي" و زمجر :


-صبري قرب يخلص يا بيبي . مش في مصلحتك.


چيچي بعينين نديتين ثاقبتين :


-تديني إللي عندك هديك إللي عندي.


يطبع "عثمان" صفعة أخري علي وجهها ، ليسيل الدم خط رفيع من جانب فمها ..


-أنا مستخسر وشك الجميل في إللي أنا بعمله ده .. قالها "عثمان" ببرود ، و تابع :


-عليكي من ده بإيه بس ؟ خلصي نفسك مني بسرعة يا حبيبتي.


رشاد بصياح منفعل :


-إديله إللي هو عاوزه يا ------ إخلصي بدل ما أخلص عليكوا إنتوا الإتنين.


لاح طيف إبتسامة ساخرة علي فم "عثمان" بينما أومأت "چيچي" موافقة و دموعها تدفق بحرارة ... أطلق "عثمان" سراحها عند ذلك ، لتبتعد عنه بسرعة ، ثم تصعد إلي غرفتها و تعود بعد دقيقة واحدة


أعطته شريط الصور الأصلي و هي تخفض رأسها متحاشية النظر إليه ، أخذه "عثمان" من يدها مبتسما بإنتصار ..


-براڤو . إنتي كده شطورة يا بيبي . إنتي عارفة طبعا إن الصور دي ماتهزش شعرة مني و إنها صور عادية . بس الست إللي في صور دي ضفرها برقبتك و رقبة مليون زيك و أنا أحب لما الناس يشوفوها لأول مرة . يشوفوها و هي جمبي و خبر جوازنا منور الدنيا كلها . و بس كده .. أنا خلصت مصلحتي هنا خلاص. دلوقتي ممكن أمشي و ماتشوفيش وشي تاني . إلا في كوابيسك بس .. و ضحك بإستفزاز ، ثم قال :


-يلا إستأذنكوا بقي.


و مشي عدة خطوات بعيدا عنهما ، لكنه إلتفت ثانيةً و كأنه نسي شيئا ..


-صحيح يا رشاد بيه . إوعي تتفاجئ بكره لو جاتلك عروض علي چيچي . أصلها هتكون منورة بالڤيديو بتاعها في الـheadlines ( عناوين الأخبار الرئيسية ) كلها و في الـ3 جرايد و صفحات النت كمان .. و أنا واثق إنها هتبقي معبودة الجماهير في وقت قصير خآالص .. ثم بعث لـ"چيچي" قبلة في الهواء و قال :


-باي يا قلبي . بجد إتبسط إني شوفتك إنهاردة !

متابعه

عزلاء أمام سطوة ماله


(43و 44 )


_ تشهير ! _


عندما وصل "عثمان" إلي بيته ... كان لا يزال تحت تأثير الحالة العصبية التي سببتها له "سمر"


أراد أن يصعد إلي غرفته فورا ، و لكن إستوقفه صوت عمه قبل أن حتي يضع قدمه علي الدرج ..


-عمي ! .. قالها "عثمان" حين إلتفت و شاهد "رفعت" جالسا هناك في ركن معتم ، بالكاد كان مرئيا تحت إضاءة البهو الخافتة


رفعت بصوت هادئ :


-تعالي يا عثمان . تعالي أقعد معايا شوية أنا مستنيك من بدري.


يمضي "عثمان" نحوه و هو يقول :


-حضرتك سهران ليه لحد دلوقتي ؟ كنت إطلبني أول ما تصحي الصبح و كنت هاجيلك بنفسي .. و جلس قبالته


أشعل "رفعت" مصباح بجانبه ليستطيع كلاهما النظر إلي بعضهما بوضوح ..


-أولا لو كنت إستنيت للصبح كلامي ماكنش هيبقاله فايدة يا عثمان ! .. قالها "رفعت" بنبرة ذات مغزي ، و تابع :


-ثانيا موبايلك مقفول و ماكنتش عارف أوصلك !


عثمان بلهجة بسيطة عادية :


-معلش فصل شحن . من الصبح و أنا برا و اليوم كان مشغول من أوله .. المهم حضرتك كنت عاوزني في إيه ؟!


صمت قصير ... ثم قال "رفعت" :


-رشاد الحداد كلمني إنهاردة.


تجهم وجه "عثمان" فجأة و وصل صوت صرير أسنانه إلي أذن عمه ..


-ماينفعش إللي إنت عايز تعمله ده د آا ..


-من فضلك يا عمي خليك إنت برا الموضوع ده .. قاطعه "عثمان" بصوت خشن


رفعت بحدة :


-يعني إيه أخليني برا الموضوع ؟ أنا عمك و من حقي لما أشوفك بتغلط أوقفك عند حدك.


عثمان بصرامة :


-أنا مش غلطان و كل حاجة حصلت قدامك و قدام الناس كلها . الكل عارف مين إللي غلطان محدش يقدر يلومني و أنا سكت علي الـ------- دي مرة بسبب ضغط أبويا عليا لكن المرة دي مش هرحمها . هقضي عليها خالص طالما ماحرمتش و إفتكرت إن عثمان البحيري بيهوش.


رفعت بصبر :


-طيب . إنت عندك حق في كل إللي قولته . هي واحدة زبالة فعلا و تستاهل الحرق كمان . بس ماينفعش تفضحها يا عثمان . فكر في ستات البيت ده . أمك و أختك و بنت عمك !


عثمان بغضب :


-محدش يقدر يمسهم بكلمة طول ما أنا عايش . و بعدين مافيش مقارنة هنا أصلا دي ------- و بنت ستين ---.


-أوك مافيش مقارنة زي ما قلت و أنا عارف إننا كبار أكبر من لعبة رخيصة زي دي مش هنكسب من وراها غير التشهير بسمعتنا و بس.


عثمان مصححا :


-التشهير بسمعتها هي.


رفعت بلطف :


-طيب معلش . عشان خاطري أنا . إرجع عن إللي في دماغك المرة دي إديها فرصة أخيرة.


عثمان بدهشة :


-إنت مالك يا عمي مهتم أووي كده بالموضوع ده ؟ بتحامي لواحدة زي دي ليه ؟؟؟


رفعت بنفاذ صبر :


-مش بحامي لحد . أنا عايز أحميك إنت و أحمي العيلة دي كلها.


عثمان بحدة :


-محدش يقدر يهوب ناحيتنا.


رفعت بإنفعال :


-يابني سيب غرورك ده علي جنب شوية و إسمعني . مافيش في الدنيا حاجة مضمونة الموازين كلها ممكن تتقلب في لحظة . رشاد الحداد دلوقتي عامل زي النمر الجريح لو حد قرب منه أو حاول يآذيه تاني هيستوحش أكتر هيتجنن و محدش هيقدر يوقفه.


عثمان ببرود :


-يتجنن علي نفسه . أنا عايز أجيب أخره معايا بقي و أشوف هو ممكن يعمل إيه !


رفعت بحنق :


-و أنا مش هستناه لما يعمل . مش ممكن أسمحله يآذيك و لو فكر بس أو حاول الحرب بينا هتقوم و كلنا هنتبهدل من أكبرنا لأصغرنا لو إنت بقي عايز كده خلاص أعمل إللي إنت عايزه.


-يعني هو هددك ؟؟؟ .. زمجر "عثمان" متسائلا و هو يغلي من الغضب


رفعت بضيق :


-يابني محدش هددني . أنا بقولك الكلام المنطقي إللي ممكن أي حد يقولهولك . بالعقل كده واحد سيادتك فضحت بنته و طلقتها ليلة دخلتك عليها و جاي دلوقتي كمان عايز تثبت الفضيحة و تأكدها رسمي و أبوها شخصية سياسية مهمة زي ما إنت عارف . و كده مش هتكون بتآذيها هي لااا . ده إنت بالشكل ده بتقضي عليه هو و بتنهي مستقبله للأبد يعني كأنك بتموته بالظبط.


تنهد "عثمان" بسأم و قال :


-يعني حضرتك عايز إيه دلوقتي ؟


رفعت و قد عاد إلي الهدوء من جديد :


-عايزك ترجع عن إللي في دماغك . هي إتعلمت الدرس كويس . صدقني مش هتجرؤ تعمل معاك حاجة تاني . و يا سيدي لو ضايقتك مرة تانية أنا مش همنعك عن أي حاجة عايز تعملها .. إتفقنا ؟


زفر "عثمان" بضيق و أدار عيناه غير راضيا ...


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


يأتي صباح يوم جديد ... و تخرج "سمر" من غرفة العمليات بعد أن قضت بداخلها ساعة و نصف تقريبا


كانت مستيقظة الآن و لكنها أيضا كانت تحت تأثير المخدر ، و جاهدت ليخرج صوتها قبل أن تتركها هذه الممرضة و تذهب إلي عملها ..


سمر بصوت بطيئ و ثقيل :


-لـ..ـو سـ..ـمـ..ـحـ..ـتـ..ـي . مـ..ـمـ..ـكـ..ـن . مـ..وبـ..ـايـ..ـلـ..ـلك ؟ محـ..ـتـاجـ..ـة . أعـ..ـمـ..ـل . مكـ..ـالـ..مـ..ـة !


الممرضة بلطف :


-يا مدام إنتي لسا خارجة من العمليات . هتقدري تتكلمي ؟!


أومأت "سمر" بإصرار و رجتها :


-أ.ر.جـ..ـوكـ..ـي !


تنفست الممرضة بعمق ، ثم قالت بإبتسامة :


-حاضر . هروح أجبلك موبايلي.


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


في شقة الجارة "شهيـــرة" ... لم تنم "زينب" طيلة الليل و ما برحت الأفكار القاتمة تتضارب برأسها حتي الآن


لم تشعر بالتعب و هي تقف أمام النافذة قرابة إثنا عشر ساعة بدون مغالاة ، حتي أن توسلات "شهيرة" المتواصلة ذهبت سدى ..


-طيب و بعدهالك يا أبلة زينب ؟ .. قالتها "شهيرة" بتساؤل و عتب


-حرام عليكي نفسك . من إمبارح و إنتي واقفة الواقفة دي . لحد إمتي بس ؟!


زينب بحسرة :


-البت بضيع يا شهيرة . بضيع و أنا متكتفة مش عارفة أعملها حاجة . يا تري فيكي إيه يا سمر ؟ ماتصلتيش تطمنيني عليكي ليه يابنتي لحد دلوقتي ؟؟؟


شهيرة بحزن :


-لا حول و لا قوة إلا بالله . طيب إيه إللي مسكتنا بس أنا مش فاهمة ؟ ليه مانبلغش النقطة ؟؟؟


زينب بإسراع :


-لأ قسم لأ . كده البت تتفضح.


شهيرة بإستغراب :


-تتفضح ليه يا أبلة ؟ مش قولتي إنها خرجت و مارجعتش من إمبارح و قافلة تليفونها ؟ تبقي مختفية و البوليس في الحالات إللي زي دي بيدور و بيشوف شغله و إن شاء الله ترجع بالسلامة.


زينب بمرارة :


-إسكتي يا شهيرة . إسكتي إنتي مش عارفة حاجة !


شهيرة بفضول :


-طيب قوليلي . إحكيلي يا أبلة ماتسبنيش كده علي عمايا.


زينب بتردد :


-لأ .. أحسن لسانك يزلف قدام حد . تبقي مصيبة.


شهيرة بعتاب :


-كده يا أبلة ؟ بعد العشرة دي مش واثقة فيا ؟ أنا عمري طلعت سرك برا ؟؟


زينب بإستسلام :


-خلاص . خلاص يابت ماتزعليش . هقولك و أمري لله .. و حكت لها كل شئ


تشهق "شهيرة" بصدمة قائلة :


-يا حـِزني ! لأ لأ . مش مصدقة . ونبي تقولي كلام غير ده يا أبلة زينب . سمر ؟ .. سمر تعمل كده ؟؟؟ لأ مش مصدقة !!


زينب بحزن شديد :


-أهو إللي حصل يابنتي . ضاعت يا عين أمها . طول عمرها البت دي حظها قليل . عمرها ما فرحت . و كمان فرحتها ضاعت .. فينك بس يا سمر ؟ يا رب جيب العوائب سليمة !


يدق هاتف "زينب" في هذه اللحظة ، فتهرع إليه و ترد بتلهف :


-ألو ! ألوو . أيوه مين ؟ مين إللي بيتكلم ... ســـــمـــــــــــر ؟ .. إنتي فين ؟ إنتي فين يا حبيبتي ؟ مستشفي ؟؟؟ جرالك إيه يا سمر ؟ قوليلي مستشفي إيه ؟ أنا جيالك يا سمر . جيالك دلوقتي يا حبيبتي !


و أقفلت معها ، لتنطلق كلمح البصر نحو عباءتها الداكنة و ترتديها بتعجل ..


شهيرة بتساؤل :


-في إيه يا أبلة ؟ دي سمر دي إللي كانت بتكلمك ؟؟


زينب و هي تلف حچابها بسرعة و عدم إتقان :


-أيوه هي . طلعت في المستشفي من إمبارح.


-كفاالله الشر . مالها ؟؟؟


زينب بضيق :


-لسا مش عارفة يا شهيرة . المهم خلي بالك من ملك لحد ما أجي ! .. و أكملت بثقة :


-إن شاء الله تكون حاجة بسيطة و مش هرجع إلا بيها.


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في ڤيلا "رشاد الحداد" ... يتصفح الجرائد و المجلات و هو يتحدث في الهاتف مع شقيقته بنفس الوقت


رشاد بصوت أجش :


-طلع عاقل يا إلهام . مانشرش حاجة !


إلهام بإرتياح :


-الحمدلله . عارف لو كان عملها و نشر أي حاجة كانت هتبقي فضيحة مستحيل نعرف نلمها.


رشاد بسخرية :


-ماكنتش هحاول ألمها . كنت هجري أخلص عليه بإيدي.


إلهام مطمئنة :


-خلاص يا حبيبي it's Over . مابقاش في خطر إطمن.


تنهد "رشاد" و هو يلقي بأخر جريدة في يده ، ثم قال :


-أيوه عندك حق . الخطر زال !


إلهام بتحذير :


-خلي عينك علي چيچي بقي من هنا و رايح.


رشاد بلهجة حادة :


-چيچي مش لازم تفضل هنا أصلا . لازم تسيب مصر خالص و إلا هفضل ألم وراها و أغرق في مشاكلها أكتر.


إلهام بإستغراب :


-مش فاهمة قصدك إيه ؟!


رشاد بصرامة :


-هبعتهالك علي كندا زي ما بعتلك أختها . كمان إسبوع أكون جوزتها للمحروس بتاعها بعدين هقطعلهم التذاكر و أبعتهملك.


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


عندما وصلت "زينب" إلي المشفي التي وجهتها "سمر" إليها ... ذهبت إلي مكتب الإستعلامات


و من هناك أرسلوا معها ممرضة لترشدها إلي غرفة "سمر" ..


-مـامـا زينـب ! .. صاحت "سمر" بضعف في لحظة دخول "زينب" من باب الغرفة


زينب و هي تركض نحو سريرها :


-حبيبتي يابنتي . إيه إللي جرالك يا سمر ؟ فيكي إيـــه ؟؟ .. كان صوتها يقطر آسي


سمر بدموع :


-زي ما إنتي شايفة . جسمي كله متكسر.


زينب بحدة ممزوجة ببكائها :


-مين إللي عمل فيكي كده ؟ هو ؟؟؟


سمر بصوت كالأنين :


-هحكيلك بعدين . المهم خديني من هنا . مشيني بسرعة يا ماما زينب قبل ما يجي.


-حاضر حاضر يا حبيبتي .. ثم إلتفتت "زينب" إلي الممرضة و قالت :


-لو سمحتي أطلبيلنا تاكسي بسرعة.


الممرضة :


-حضرتك المدام مش هينفع تخرج و هي في الحالة دي.


زينب بحدة :


-مايخصكيش يا حبيبتي الكلام ده . أنا أمها و قلت هاخدها من هنا وريني هتمنعيني إزاي ده أنا أواديكي إنتي و المستشفي بإللي فيها في ستين داهية.


الممرضة بشئ من التوتر :


-يافندم المدام لسا خارجة من العمليات مابقلهاش ساعتين هتخرج من المستشفي دلوقتي إزاي بس ؟!


زينب بتهكم :


-هتخرج زي الناس يا حبيبتي.


و هنا جاء الطبيب ..


-في إيه ؟ إيه إللي بيحصل هنا ؟؟ .. قالها الطبيب بتساؤل و هو يوزع نظراته بين "سمر" و "زينب" و الممرضة


الممرضة بتهذيب :


-يا دكتور الحجة بتقول إنها والدة مدام سمر لسا جاية دلوقتي و عايزة تاخدها و تمشي.


الطبيب بإستنكار :


-تاخديها إزاي يا حجة ؟ إنتي مش شايفة حالتها عاملة إزاي ؟ المدام لسا خارجة من العمليات !!


زينب بغضب :


-بقولك إيه إنت و هي بالذوق كده خلي نهاركوا ده يعدي علي خير بدل ما أعملكوا فضيحة هنا و حالا . قلت هاخد بنتي يعني هاخدها.


ضغط الطبيب علي أسنانه بحنق و قال :


-ماينفعش إللي بتقوليه ده حضرتك إنتي في مستشفي محترمة و بعدين إنتي ماتقدريش تاخدي مدام سمر جوزها هو إللي جابها و هو الوحيد إللي يقدر يستلمها و يخرجها من هنا.


كادت "زينب" تنفجر بوجهه ثانيةً ، و لكن "سمر" بادرت بإسراع :


-يا دكتور أنا إللي عايزة كده .. كان صوتها واهنا هش إلي أقصي حد


الطبيب بحيرة :


-يا مدام سمر إنتي لسا مش كويسة !


سمر بتوسل :


-أرجوك . أنا لازم أخرج من هنا . و صدقني أنا هتحسن أسرع في بيتي.


الطبيب بعد تفكير :


-خلاص إللي تشوفيه .. ثم قال بحزم :


-بس لازم قبل ما تخرجي الحجة تمضيلنا تعهد الأول عشان المستشفي تخلي مسؤوليتها من إللي ممكن يحصل بعد كده.


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


ظهرت الشمس من بين الغيوم بعد الظهيرة ... راحت ترسل آشعة طويلة من العقيق و الذهب نحو الأرض


و من بين كل شئ علي الأرض ، تتألق "ملك" تحت الضوء الساحر بخصلات شعرها الكستنائية الملساء ، و خضرة عيناها الواسعتان بصورة رائعة


كانت محتجزة بين ذراع "شهيرة" و صدرها ، و لكنها لم تكن منزعجة إطلاقا .. بل كانت مبتهجة و هي تشاهد الشوارع و الناس من حولها ، كانت مستمتعة و البسمة لم تفارق ثغرها الوردي الجميل ..


-إصباح الخير ياست نعيمة ! .. صاحت "شهيرة" عندما وصلت أمام محل الجزارة ، لترد السيدة "نعيمة" التي وقفت تباشر تقطيع اللحم النيئ بسكين حاد النصل :


-إصباح الخير يا أم عمر . تعالي إتفضلي.


تدخل "شهيرة" منقطعة النفس و تضع بأكياس الخضار علي الأرض عند قدميها ، ثم تقول و هي تعدل من وضعية "ملك" علي ذراعها :


-ونبي ياست نعيمة تلفيلي نص كندوز و نص مفروم.


نعيمة بإبتسامة :


-و ليه تاخدي إنصاص خليهم 2 كيلو عشان العيال.


شهيرة بحرج :


-كده الميزانية هتخرم خآالص . معلش نبقي نزودهم المرة الجاية.


نعيمة بتصميم :


-طب و الله هتاخدي الـ2 كيلو و علي حسابي كمان إيه رأيك بقي !


شهيرة مبتسمة بخجل :


-ياخبر . إن شاالله يخليكي يا أم خميس . ماينفعش و الله ده كتير كده.


نعيمة بإبتسامة ودودة :


-مش كتير و لا حاجة كله عشان العيال و أبوهم هو مش بسلامته رجع من السفر ؟


-راجع بكره إن شاء الله.


-طيب زي ما قولتلك بقي و كلمتي مش هتترد . هتاخدي الحاجة علي حسابي و مش عايزة أسمع كلمة زيادة.


-بس ده كتير.


-قولتلك مش كتير و بعدين أنا عنيا ليكي يا شهيرة.


شهيرة يإمتنان :


-تسلم عنيكي يا أم خميس . تشكري يا حبيبتي.


تلاحظ "نعيمة" الصغيرة "ملك" في هذه اللحظة ، فتتساءل بسخرية :


-هي البت ملك بقت تقعد عندك دلوقتي ؟ مش كانت بتقعد عند زينب ؟!


شهيرة و قد تغضنت ملامحها بالحزن :


-لأ ما أصل أبلة زينب سابتهالي و راحت مشوار مهم . إدعي ونبي يا أم خميس ربنا يجيب العوائب سليمة و يرجعهم بالسلامة.


نعيمة متظاهرة بالتأثر :


-خير ياختي . إيه إللي حصل ؟ مالها الحجة زينب ؟؟؟


تنهدت شهيرة بحرارة و قالت :


-أبلة زينب كويسة . دي سمر هي إللـ آا .. و بترت عبارتها فجأة


نعيمة بفضول :


-مالها سمر يا شهيرة ؟؟؟


شهيرة بإرتباك :


-مـ مالهاش . مالهاش يا أم خميس.


نعيمة بحزن مصطنع :


-أخس عليكي . يتخبي عليا ؟ مش مأمنالي !


شهيرة بإسراع :


-لأ و الله مش قصدي .. ثم قالت بتردد :


-بس ده سر . أبلة زينب هتزعل مني و إحتمال تقاطعني لو حد عرف.


نعيمة بإبتسامة خبيثة :


-إطمني يا حبيبتي سرك بير . عمر ما حد هيعرف إنتي قولتيلي إيه.


شهيرة بعد تفكير :


-طيب خلاص . هقولك ... و حكت لها ما سبق و سمعته من "زينب" و بالتفصيل


نعيمة بصدمة لم تقل عن صدمتها حين علمت :


-يا لهوي !


شهيرة برجاء :


-بالله عليكي يا أم خميس . أنا ماقولتش حاجة . إوعي تجيبي سيرة لحد و غلاوة خميس عندك.


نعيمة بنبرة متكلفة :


-لأ ياختي طبعا . و دي حاجة تتقال بردو ؟ إذا كنت أنا مش قادرة أصدق لحد دلوقتي ! معقول سمر إللي كل الحتة بتحلف بأخلاقها تعمل عملة زي دي ؟؟!!


شهيرة مؤيدة :


-و الله عندك حق . أنا هتجنن بردو . مش عارفة إزاي قبلت تعمل كده !!


نعيمة و قد إلتمع البريق الشيطاني بعينيها :


-يلا ربنا يسهلها .. و يستر علي ولايانا.


بعد ذهاب "شهيرة" بمدة قصيرة ... يصل "خميس" بالعربة المحملة بالبضاعة ، يلج إلي المحل يثيابه القذرة علي الدوام ، لتستقبله أمه فورا ..


نعيمة و هي تقوم من مكانها و تمشي ناحيته :


-إنت شرفت ياخويا ؟ تعالي . تعالي يا سبع رجالة في بعض . تعالي شوف خبتك .. كان التهكم يملأ صوتها


خميس بتعجب :


-في إيه ياما مالك ؟ أول ما أهل عليكي كده تستلميني بالزفة دي ؟ حصل إيه ؟!


نعيمة بإنفعال :


-حصل إللي كنت بحاول أخليك تفهمه ياخويا . حصل إللي كنت عاملة حسابه . حصل إللي كنت هتتقرطس بسببه لو كنت سيبتك تعمل إللي في دماغك.


خميس بضيق :


-ياما إيه الألغاز دي علي الصبح ؟ ماتجيبي م الأخر . عايزة تقولي إيه ؟


نعيمة بغضب :


-هقولك يا حبيبي . البرنسيسة بتاعتك إللي كنت هتموت و تتجوزها . طلعت ماشية في الحرام يا روح أمك . طلعت متجوزة عرفي.


خميس بصدمة :


-تقصدي مين ؟ ســـمـــر ؟؟؟


نعيمة و هي تلوي فمها بإزدراء :


-أيوه ياخويا . السفيرة عزيزة . الدرة المصونة . سمر هانم .. ثم أكملت بغيظ :


-صحيح تحت الساهي دواهي !!


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في المستشفي التخصصي ... كان "عثمان" في طريقه إلي غرفة "سمر" عندما إستوقفته الممرضة


عثمان و ينتزع نظارته الشمسية عن عينيه :


-نعم ! في حاجة ؟!


الممرضة :


-مدام سمر مش في أوضتها يافندم.


-بتقولي إيـــــــــــــــــه ؟؟؟ .. قالها "عثمان" بصياح حاد تجمع علي إثره كل من في قسم الطوارئ


الممرضة بتوتر :


-بقول لحضرتك مش موجودة !


عثمان بغضب شديد :


-يعني إيه مش موجودة ؟ هو أنا سايبها في الشارع ؟ ده أنا هاوديكوا في ستين داهية . راحت فـــيـــــــــــن ؟؟؟


الممرضة و هي تنكمش بخوف :


-ماعرفش حضرتك . هي في ست جت و أخدتها و سابتلك الورقة دي.


مدت له يدها المرتجفة بالورقة الصغيرة ، ليخطفها "عثمان" بحركة حادة و ينظر فيها ... 

متابعتي

عزلاء أمام سطوة ماله


( 45 )


_ إنفصال ! _


كان وقع الصدمة عنيفا جدا عليه ... غضب إجتاحه بشدة و أخذ منه كل مأخذ


خميس صارخا بوجه أمه :


-إنتي جيبتي الكلام ده منين ؟ مين إللي قالك كده ؟؟؟؟؟


نعيمة بسخرية :


-مش مهم مين إللي قالي . المهم إن الكلام صح و الأهم إن أنا كنت صح . كل كلمة قولتهالك كان عندي حق فيها.


ضرب "خميس" الحائط بقبضته و هو يصيح بعصبية :


-إتكلمي ياما و قوليلي مين إللي قالك كده ؟ قوليلي مين و أنا أروح أقطع رقبته . محدش يمس سمر بكلمة طول ما أنا موجود . قوليلي مين إبن الـ------ ده خليني أروح أجيب أجله.


نعيمة بغضب :


-يا خبتك القوية يابن المعلم رجب . لسا يا واد بتحاميلها ؟ بعد كل إللي قولتهولك ؟؟؟


خميس بإنفعال شديد :


-إللي قالولك الكلام ده ناس متكادة منها ياما . سمر إستحالة تعمل حاجة زي دي . دول رجالة الحتة كلهم طمعانين فيها و هي و لا عبرت واحد فيهم أكيد نطع منهم هو إللي طلع عليها السمعة دي . وديني . وديني هعرفه و ساعتها محدش هيقدر يحوشه من تحت إيدي.


نعيمة بدهشة حقيقية :


-لأ ده إنت حالتك مش طبيعية . مش مصدق عليها الهوا ..و أكملت بحنق :


-البت دي أكيد عملالك عمل !


خميس صائحا بغضب :


-إسكتي ياما . إسكتي إنتي كمان ماسمعكيش تجيبي سيرتها بالكلام البطال ده . سمر هتبقي مراتي بمزاجك أو غصب عنك محدش هيتجوزها غيري ســـــآاااامعة ؟


نعيمة و هي تضع يديها فرق رأسها و تتمايل بنواح :


-يا لهوي عليا و علي سنيني السودة . يا خيبتك يا نعيمة . يا مرارك . ماتنصفتيش في إبنك يا نعيمة . يا شماتة العدوين فيا . يا فرحتهم فيــــــــــــآااااااااا.


خميس بعناد :


-خليكي أقعدي إندبي كده من هنا للصبح . بردو هتجوزها يعني هتجوزها و لو حد قال عليها نص كلمة هقطعله لسانه !


و هنا إجتذب سمعه صوت هدير سيارة تمر من أمام المحل ، ما كان ليلتفت إن لم يكن قد سمع صوتها آت من داخل هذه السيارة ..


إلتفت "خميس" بسرعة و دقق النظر ... لمح "سمر" تجلس بجوار السيدة "زينب" في المقعد الخلفي من سيارة الآجرة


كانت في حالة يرثي لها و لاحظ الضمادات تحيط برسغيها الإثنين .. إنقبض قلبه في هذه اللحظة و لم يشعر بنفسه إلا و هو ينطلق كالسهم صوبها متجاهلا نداءات أمه المعترضة ..


-تشكر ياسطي ! .. قالتها "زيتب" عندما نزلت من السيارة


ثم شرعت في إخراج الأجرة من چزدانها ، ليسبقها "خميس" و يسأل السائق من الجهة الأخري :


-حسابك كام ياسطي ؟


تنظر "زينب" له و تقول بإرتباك :


-خـ خميس ! بتعمل إيه يابني ؟ شيل فلوسك في جيبك مايصحش كده.


خميس و هو يخفض رأسه و يلقي نظرة قلق سريعة علي "سمر" :


-بالعكس يا حجة زينب مايصحش إنتي إللي تدفعي و أنا موجود .. و حاسب السائق ، ثم إستدار حول السيارة حتي وصل عند "سمر"


فتح لها الباب و هو يتساءل بلطف :


-مالك ياست البنات ؟ إيه إللي جرالك ؟ إيه إللي عمل فيكي كده ؟؟؟


توترت "سمر" و عضت علي شفتها بقوة عاجزة عن الرد ، لتتدخل "زينب" و تنقذها من هذه المباغتة ..


-خير يابني مافيهاش حاجة ! .. قالتها "زينب" بصوت متوتر و تابعت :


-قدر و لطف عملت حادثة بس و هي راجعة من الشغل.


خميس بجزع :


-سلامتك ياست البنات . ألف سلامة عليكي.


-الله يسلمك يا خميس ! .. تمتمت "سمر" بخفوت ، ليفاجئها "خميس" في اللحظة التالية و يدس ذراعيه تحتها و يرفعها من دون جهد .. و كأنه يرفع صندوقا فارغا


تشهق "سمر" من المفاجأة و تقول بإضطراب شديد :


-إيه ده يا خميس ؟ نزلني لو سمحت . ماينفعش تشيلني كد آا ..


-إهدي يا أنسة سمر .. قاطعها "خميس" بصوت دافئ ، و أكمل :


-مش هتعرفي تطلعي السلم علي رجلك و الحجة زينب يدوب تقدر تطلع لوحدها . أنا هساعدك بس ماتقلقيش !


تنهدت "سمر" بإستسلام و أطرقت برأسها حتي لا تلتقي بعيناه ، بينما برز صوت "زينب" و هي تمشي خلفهما ..


-روح يابني إلهي يسترك . جدع يا خميس و الله إنت ما في منك في الحتة كلها.


وصلوا إلي شقة "زينب" ليمددها "خميس" علي أقرب آريكة ، ثم يبتعد خطوتين و يقول دون أن يحيد بنظره عنها :


-تؤمروني بحاجة تانية ؟!


زينب بإمتنان :


-ألف شكر يابني ربنا يخليك . مع السلامة إنت بقي و آسفين لو كنا عطلناك.


خميس بعتاب :


-ماتقوليش كده يا حجة زينب إحنا أهل.


-تسلم يا حبيبي . طبعا أهل.


خميس بجدية :


-عموما لو إحتاجتوا أي حاجة أقفي في الشباك و نادي عليا صوت بس هكون قدامك في ثانية .. ثم حمحم بشئ من التوتر و قال و هو يشيح عنها بصعوبة :


-يلا بقي . إستأذن أنا !


زينب بإبتسامة :


-مع ألف سلامة يابني.


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


بعد أن فاض به ، قرر أن يذهب إليها هو و يفهم بنفسه ماذا يحدث بالضبط ، لعله فعل شيئا إساء لها بدون قصد


يخرج "صالح" من غرفته ، و يمشي صوب غرفة "صفية" مستعينا بعكازيه المصنوعين من المعدن


يطرق بابها ثلاث مرات متتالية ، ثم يدخل بعد سماع صوتها يدعوه للدخول ..


-صالح ! .. صاحت "صفية" و هي تنظر له بتوتر


صالح بصلابة :


-أيوه صالح . إيه مالك يا بنت عمي ؟ مش مبسوطة إنك شوفتيني ؟!


أشاحت "صفية" بعيناها عنه و لم تجب ..


صالح بذهول :


-كمان مابترديش يا صفية ؟ .. معقول بالسرعة دي . ترجعي تحني لإسلوبك القديم معايا !!


و هنا نظرت له "صفية" من جديد ، و قالت بإسراع :


-إيه إللي إنت بتقوله ده يا صالح ؟ أنا لا رجعت لإسلوبي القديم و لا حاجة إنت فاهم غلط.


صالح بسخرية :


-أنا كنت فاهم غلط فعلا . إنتي زي ما إنتي . إللي عملتيه معايا الفترة إللي فاتت ماكنش أكتر من عطف . عطف بتكفري بيه عن ذنبك لإنك حاسة أن إللي حصلي إنتي السبب الأكبر فيه . بس إنتي ماكنتيش مضطرة تعملي كل ده يا صفية أنا كنت مسامحك أصلا بس دلوقتي مستحيل أقدر أسامحك.


هبت "صفية" من مكانها و هي تقول بغضب :


-صالح إيه إللي إنت بتقوله ده ؟ إنت مأڤور الموضوع أوي علي فكرة . كل ده عشان ماجتش أشوفك من إمبارح يعني ؟؟!!


صالح بصوت آجش :


-صح إنتي عندك حق . أنا دايما بأڤور المواضيع .. عشان كده لازم نوضع حد للقرف بتاعي قبل أضايقك أكتر من كده.


صفية بشك :


-قصدك إيه ؟


رفع "صالح" يده اليسري قليلا دون أن يفلت العكاز و إنتزع خاتم الخطبة من إصبعه للمرة الثانية ..


-المرة دي مش هيرجع تاني ! .. قالها "صالح" و هو يقذفه بوجهها


صفية بصدمة :


-إيه إللي عملته ده يا صالح ؟؟؟


صالح بإزدراء :


-إللي لازم يتعمل يا صافي . عمي الله يرحمه فعلا كان عنده حق . أنا و إنتي ماننفعش لبعض . إحنا ولاد عم و بس.


كانت "صفية" مشدوهة لدرجة أنها لم تنفعل من كلماته ، بل هزت رأسها سلبا و حاولت أن تتكلم ، و لكنها تحس بإنسداد في حلقها ..


رغم ذلك همست :


-إنت ماتقدرش تعمل كده !


صالح بصوت قاس :


-أنا مش لسا هعمل يا صفية . أنا خلاص عملت .. إنتي من هنا و رايح مش أكتر من بنت عمي.


و قبل أن تجيب ، و قبل أن تفهم معاني كلماته .. كان قد رحل ..


بقت "صفية" تحدق في إثره الفارغ مصدومة ، و الآن فقط شعرت بوخز كلماته .. كانت أكثر إيلاما من كلمات الهجر الأول 


شعرت بالآسي يخنقها و بركبتيها ترتجفان و تلتويان تحتها


إنهارت ، أطلقت لنفسها العنان أخيرا بعد كل هذه المقاومة الهائلة منذ وفاة أبيها .. إرتعش بدنها و تدفقت الدموع من عيناها كالشلالات دون توقف ...


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في سيارة "عثمان البحيري" ... يترجل منها متجها إلي رصيف الشاطى المهجور


يخرج هاتفهه و يتصل بالرقم الذي ترك له في مكتب إستقبال المشفي ... ينتظر للحظات ، ثم يآتي صوت أنثوي فيه مسحة غلظة ..


-ألو !


عثمان بصوت صارم :


-أنا عثمان البحيري . أيا كان إللي بيتكلم معايا . إديني سمر.


ترد "زينب" بصوت حاد :


-هو إنت بقي بسلامتك ؟ خسارة إنك بتكلمني في التليفون . عارف لو كنت قدامي أقسم بالله كنت شربت من دمك يا جبان يا حقير . بتستقوي علي بنت ضعيفة يا حيوان ! ماكفكش شرفها إللي ضيعته ؟ عايز تخلص عليها خالص ؟ ربنا ينتقم منك إن شاء الله.


أطبق "عثمان" كفه علي الهاتف بقوة ، كما إشتدت عضلات فكيه و هو يجيب من بين أسنانه :


-أنا لحد اللحظة دي هادي جدا و لسا ما قررتش أي تصرف . فلو سمحتي قبل ما أفقد إللي باقي من أعصابي .. إديني سمر !


زينب بإستفزاز :


-سمر عمرك ماهتشوفها تاني يا ندل . مش هاتشوف ضفرها و أنا إللي هاخدلها حقها منك.


في هذه اللحظة جن جنونه و صرخ بها :


-هآااااتي ســــــمـــــــــر . إديها الموبايل خليها تكلمني . خليها تكلمني أحسن آا ...


-نعم ! عاوز مني إيه تاني ؟ .. هكذا جاء صوت "سمر" فجأة بدلا من صوت السيدة التي نجحت في إثارة أعصابه الفولاذية بسهولة


عثمان بخشونة :


-إنتي إزاي تخرجي من المستشفي منغير أذني ؟؟؟


سمر ببرود :


-و أستأذنك بأمارة إيه ؟!


عثمان بحدة :


-بأمارة إني جوزك يا هانم و أبو إللي في بطنك.


سمر بسخرية :


-أولا إنت مش جوزي و لا هتكون . ثانيا إللي في بطني تنساه . أنا هنزله مش ممكن أسمح لحاجة منك تكون جوايا . مش ممكن أقبل أطفال منك إنت شيطان و ولادك هيبقوا زيك بالظبط.


يهدر "عثمان" بغضب :


-عارفة ! عارفة لو لمستيه ؟ لو آذتيه مش هرحمك يا سمر و لا هرحم عيلتك.


سمر بغضب مماثل :


-إنت ماتقدرش تعمل أي حاجة . و إسمعني بقي عشان أنا إللي ههددك دلوقتي . لو قريت مني تاني أو قربت لحد من إخواتي هقتلك . و الله هقتلك أنا ماعنديش حاجة أخسرها و بعدهم مافيش أي حاجة . سامع ؟؟؟


عثمان بصوت خال من أي شعور :


-مش هاسيبك بالسهولة دي يا سمر . سبق و قولتلك إنك ملكي.


سمر صارخة بآسي :


-يا أخي إبعد عني بقي . إنت عايز مني إيه تاني ؟ ما إنت دمرتني و خلاص عملت فيا كل حاجة . فاضل إيه تاني ماعملتوش ؟؟؟


عثمان بصوت هادئ :


-فاضل أهم حاجة . عايزك تعرفي إني مش ممكن إتنازل عنك أبدا . هاسيبك تريحي أعصابك فترة بس هترجعيلي حتي لو كان غصب عنك .. ثم قال بتحذير :


-بس من هنا لوقتها لو عرفت إنك آذيتي إبني . صدقيني يا سمر هتشوفي عثمان واحد تاني عمرك ما شوفتيه و لا تحبي تشوفيه .. باي !


و أقفل معها مطلقا تنهيدة حارة مطولة ..


-هتسامحيني يا سمر .. تمتم "عثمان" لنفسه ، و أكمل بإصرار :


-أكيد هيجي يوم و تسامحيني . حتي لو كان أخر يوم في عمري !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في شقة الجارة "زيـــنب" ... تترك "سمر" الهاتف من يدها و تتهادي رأسها الثقيلة علي ذراع الآريكة اللين


تتنهد بثقل وهي تطبق جفناها هاربة من نظرات "زينب" المتسائلة ، و لكن الأخيرة لم تصمت كما توقعت ..


-يعني المصيبة بقت مصبتين ؟! .. قالتها "زينب" بنبرة خشنة ، و أكملت بوهن مفاجئ :


-ياربي إيه الكوارث إللي نازلة ترف فوق دماغنا دي ؟ .. حامل يا سمر و في شهرين ؟ هتنزلي العيل ده إزاي و إنتي جسمك مكسر كده ؟ ده إنتي ممكن تروحي فيها !


سمر بقسوة :


-مايهمنيش . لازم الملعون ده ينزل . أنا آذيت سمعتي و سمعة إخواتي بما فيه الكفاية . مش هقدر أورطهم في فضيحة زي دي مايعرفوش يكملوا حياتهم بسببها . بسببي أنا يا ماما زينب.


زينب بحيرة ممزوجة بالألم :


-بس إنتي كده .. ممكن . تموتي يا سمر !!


صمت طويل .. ثم قالت سمر بدموع :


-مش مشكلة . أهم حاجة إخواتي يعيشوا أنا كده كده حياتي إنتهت من فترة و مستقبلي ضاع . مش هتفرق.


في هذه اللحظة دق جرس الباب ، لتقوم "زينب" متحاملة علي نفسها و تذهب لتفتح ..


-أيوه جاية أهو ياللي علي الباب .. و فتحت !!!!!!!!!

متابعتي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.