الجزء الحادي عشر/لعيون متابعيني الاحباب
عزلاء امام سطوة ماله
_ شجار حاد ! _
كان "عثمان" جالسا بمكتبه ، يتحدث في هاتفهه إلي صديقه "مراد" ..
قضي أكثر من نصف ساعة هو يحاول إقناعه بالمكوث في قصر عائلته الخرافي ..
-إسمع بقي عشان إنت صدعتني و قرفتني .. قالها "عثمان" بنفاذ صبر ، و أكمل بحسم :
-إنت هتسيب الآوتيل إللي قاعد فيه ده إنهاردة و هتيجي تنقل عندنا في البيت . مش عايز إعتراض خلاص إنتهي.
رد الأخير بحيرة :
-يا عثمان إنت بتضغط عليا كده . أنا مش عايز أضايكوا . خليني زي ما أنا يا أخي بالله عليك !
-تضايقنا إيه و بتاع إيه ياض ؟ هو إحنا قاعدين في عشة ؟ ده قصر البحيري . أكبر قصر فيكي يا إسكندرية و مش بس في إسكندرية في مصر كلها .. شوف إنت هتسمع كلامي غصب عنك . هتسيب الآوتيل زي ما قولتلك و هتيجي تقعد عندنا من إنهاردة ساامع ؟؟؟
تنهد "مراد" و قال بإستسلام :
-ماشي ياسيدي . كمان شوية هبقي هنزل أعمل Check Out و هكون عندكوا علي بليل كده !
و ما كاد "عثمان" يرد ، إلا و شاهد باب مكتبه ينفتح بقوة يليه دخول "سمر" السريع
كانت حالتها مزرية للغاية و الدموع تهطل من عينيها كالشلال ..
إندفعت صوب "عثمان" و هي تهتف بصوت مرتعش :
-عثمآاان بيه !
وثب "عثمان" عن مقعده فورا و هو يقول بذعر :
-في إيه يا سمر ؟ المبني بيولع ؟؟!!
هزت رأسها نفيا مع أنين خافت سمعه "عثمان" صادرا عنها ..
-طيب إيه إللي حصل .. سألها بشيء من العصبية ، لترد بصعوبة غير قادرة علي إيقاف سيل دموعها :
-أخـ أختي مـ لـك . تـ عبانة أو ي . مش قـ ادرة تتـ نفس.
عثمان بلهجة هادئة و هو يستدير حول مكتبه ليقف أمامها :
-إيه ! طيب إنتي عرفتي إزاي ؟
-جارتـ نا إ إتصـ لت بيا و وقا لتـ لي .. آ نا لازم إمشي د دلوقتي حا لا يـ يافنـ دم !
-هتعملي إيه طيب ؟؟؟
-هاوديها للد كتور طـ بعا.
عثمان و هو يلتفت و يأخذ هاتفهه و مفاتيحه من فوق سطح المكتب :
-طيب خلاص أهدي . أنا هاجي معاكي.
سمر برفض و هي تمسح دموعها بظهر يدها :
-لأ .. ماتتعـ ـبش نفـ سك أنا هـ آاا ..
-و لا كلمة ! .. قاطعها بحزم ، و أردف بصرامة :
-أنا جاي معاكي . و يلا قدامي بسرعة عشان منتأخرش علي البنت.
في المستشفي ... داخل جناح "صالح"
تقف "صفية" أمام سريره مطرقة الرأس ، بينما هو كالصنم .. لا يتحرك و لا يتكلم
فقط ينظر إلي الفراغ في وجوم و صمت لا يطاق ، حتي ملت "صفية" و قالت و هي ترفع رأسها فجأة :
-هتفضل ساكت كده ؟ بتعاقب مين دلوقتي ؟ أنا و لا إنت ؟ .. رررررد عليآاا !
صمت قصير .. ثم تكلم "صالح أخيرا :
-عايزاني أقول إيه ؟ .. تساءل بصوت بارد قاس ، ثم تابع و هو يحول إليها بصره الحاد :
-ألومك عشان طلبتي مني أنزل ساعتها ؟ و لا ألوم نفسي عشان سمعت كلامك و كنت بحاول أرضيكي ؟ و لا ألوم أخوكي إللي خد حظي و المفروض هو إللي كان يحصله كل ده ؟ هه ! ألوم مين بالظبط ؟ ما تردي إنتي بقي ؟؟!
صفية و هي تنتفض منزعجة :
-إللي بتقوله ده ماينفعش علي فكرة . أولا أنا ماقصدتش آذيك بأي طريقة و أكيد لو كنت أعرف إن حاجة زي دي ممكن تحصلك ماكنتش طلبت منك تنزل ساعتها . ثانيا أنا عمري ما طلبت منك ترضيني و لو كنت رفضت طلبي ماكنتش هزعل . ثالثا بقي و الأهم أخويا مالوش ذنب في إللي حصلك . ده قدر و آا ..
-قدر ! .. قاطعها بحدة شديدة و قد إتسعت عيناه غضبا ، ثم صاح مكملا :
-دي عربية أخوكي يا هانم . هو إللي كان هيطلع بيها لو ماكنش عايز يدهالي كان هو إللي طلع بيها و عمل الحادثة بدالي.
-قصدك إيه ؟ .. تساءلت بغضب
-عايز تقول يعني إنه كان علي علم بإللي هيحصلك ؟!
لم يجب و ظل علي حالته الحادة ، فإنفجرت "صفية" بغضب مضاعف :
-إنت أكييد إتجننت . أكيد الحادثة آثرت علي دماغك . إنت مابقتش طبيعي . مابقتش بتفكر !
صالح و هو يهز رأسه موافقا بهدوء شديد :
-صح . إنتي عندك حق . أنا مابقتش طبيعي .. عشان كده . خدي يا صفية !
و رفع يده اليمنى و إنتزع منها خاتم خطبته ..
قام بوضعه علي الطاولة القريبة من سريره ، بينما تابعت "صفية" ما يفعله في صمت ذاهل حتي إنتهي ..
فسألته :
-إيه إللي إنت عملته ده ؟!
صالح ببساطة :
-فسخت خطوبتنا . إنتي لسا قايلة إني مابقتش طبيعي . كلامك صح . أنا دلوقتي بقيت إنسان عاجز . مش هعرف أمشي علي رجليا تاني . خلاص . مسألة إرتباطنا إنتهت !
دخلت كلماته إلي رأسها و إستقرت الواحدة بعد الأخري ، فضاق صدرها و تقطعت أنفاسها
في تلك اللحظة بالذات ، شعرت "صفية" بعمق مكانة "صالح" في حياتها و بصعوبة إقتلاعه من حياتها ..
فتحت فمها و أغلقته ثانيةً ، ثم قالت بصدمة :
-صالح ! .. إنت بتقول إيه ؟؟؟!
كانت الكلمات تختنق في حنجرتها ، بينما رد بجفاء و هو يشيح بوجهه عنها :
-إللي سمعتيه.
صفية بصوت مرتجف :
-إنت كده بتنهي كل إللي بينا !
صالح و قد عاد ينظر إليها مجددا ..
-بالظبط كده ! .. قالها بتحد و ثقة ، ثم أكمل بطريقة ساخرة لا تخلو من العتب و الإهانة :
-أنا أصلا عمري ما حسيت إنك بتحبيني . دايما بتحسسيني إنك إتنازلتي أوي لما وافقتي نتجوز . ليه ؟ كنتي تقدري ترفضيني عادي جدا و كنا بقينا ولاد عم و إخوات بدل ما تحاولي تقبلي فكرة إني خطيبك و كمان كام شهر و هبقي جوزك . أنا ماقبلش إتجوز واحدة مابتحبنيش.
-أنا بحبك يا صالح ! .. تمتمت ، و شعرت بالرعب يخنقها و بركبتيها ترتجفان و تهددان بإسقاطها
-شكرا .. قالها ببرود و حيّد عنها مجددا ، بينما سعت إليه و هي تقول برجاء :
-رجع دبلتك زي ما كانت . أنا بحبك . و الله بحبك و مافيش حاجة من إللي قولتها صح . جايز بس أنا ماعرفتش أعبرلك عن مشاعري بالطريقة إللي إنت عاوزها . لكن صدقني أنا بحبك . بجد بحبك يا صالح !
تنهد "صالح"بفتور ، ثم قال بمرارة :
-حتي لو بتحبيني بجد .. خلاص ماعادش ينفع.
-هو إيه ده إللي ماعادش ينفع ؟ .. و صرخت بصوت أعلي :
-إنت مش من حقك تقرر في حاجة زي دي من نفسك . أنا شريكتك في القرار.
صالح بصياح منفعل :
-و إنتي مش عايزة تفهمي ليه ؟ أنا خلاص إنتهيت . مابقتش نافع لا ليكي و لا لغيرك . هفضل عاجز كده طول عمري.
-مين قالك كده ؟ إنت ماسمعتش الدكتور كويس و لا إيه ؟ إنت لسا هتتعالج و بعد فترة قصيرة هترجع زي ما كنت و أحسن.
صالح بإنفعال أشد :
-مش عايز أتعالج . مش عايز أرجع أحسن من الأول . سيبيني يا صفية . سيبيني و إمشي أنا مابقتش عايزك . خلاص مش عايزك في حياتي تاني . أخرجي برا . إمشيييي !
إرتدت "صفية" للخلف و هي تعض علي شفتها السفلي بقوة و ترمقه بعدم تصديق
ترقرقت الدموع بعيناها ، و لكنها حبستها ..
إلي أن خرجت فعلا من غرفته
و هنا فقط ، أطلقت لنفسها العنان و راحت تبكي بنشيج مكتوم و هي تركض مجتازة الردهة الطويلة
بينما أعين جميع من في الطابق مصوبة نحوها ، تشملها بنظرات التعجب و الإستفهام حتي إختفت ...
أمام بيت "سمر" ... تقف سيارة "عثمان" الضخمة الفارهة
لتترجل "سمر" بسرعة و هي تقول :
-خليك زي ما إنت يا عثمان بيه . أنا هدخل أجيب ملك و هاجي بسرعة.
أومأ "عثمان" بالموافقة ، بينما إندفعت "سمر" راكضة إلي الداخل
وصلت إلي شقة السيدة "زينب" و ضربت الجرس بتواصل و إلحاح ، فتحت الأخيرة بعد لحظات و هي تحمل علي ذراعها "ملك" المسكينة ..
كانت الصغيرة في حالة صعبة للغاية ، حيث كانت متهدلة و هامدة بصورة مخيفة و بدت و كأنها تنازع لتأخذ أنفاسها ، بخلاف حشرجة صدرها و عيناها الملبدتان بالدموع ..
-إيه إللي حصل ؟ .. تساءلت "سمر" برعب و هي تمد ذراعيها لتأخذ أختها ..
ناولتها "زينب" الطفلة ، ثم أجابت و صوتها لا يخلو من القلق و الخوف :
-يابنتي و الله كانت كويسة بعد مامشيتي حتي جاعت و أكلتها و كله حاجة كانت ماشية تمام . بس فجأة لاقيت وشها أصفّر و شفايفها إزرّقت و إبتدت تاخد نفسها بالعافية . ساعتها لما غلبت قلت مابدهاش بقي و إتصلت بيكي طـّوالي.
سمر و هي تحتضن الطفلة بشدة :
-طيب أنا هاخدها للدكتور دلوقتي . لو فادي رجع قبل ما أجي إبقي قوليله يتصل بيا يا ماما زينب.
-حاضر يابنتي . علي مهلك و إنتي ماشية . و لا إستني هلبس و أجي معاكي !
سمر و هي تهبط درجات السلم بخفة و حذر :
-لأ خليكي يا ماما زينب . إن شاء الله مش هنطول . هنرجع علطول.
قبل دقيقتين ..
أمام محل الجزارة المقابل لبيت "سمر" .. وقف شاب في مستهل عمره ، يباشر تقطيع شرائح اللحم الطازج فوق الأورمة " قطعة خشب يتم وضع اللحوم فوقها من أجل تقطيعها " ..
شاهد سيارة سوداء إصدار أحدث طراز للعام ، تدخل ببطء و روية في الشارع الضيق نسبيا
و من خلال نظراته الفضولية المتفحصة ، لمح "سمر" تجلس في المقعد المجاور لمقعد السائق الذي بدا له رجلا ثريا من هيئته و ملابسه و أيضا من سيارته التي يقودها
تابع النظر إليهم حتي توقفت السيارة و نزلت منها "سمر" ..
رآها تقول لمرافقها شيئا وجيزا ثم تستدر و تتجه إلي داخل البيت مسرعة
لم ينصرف صاحب السيارة الثمينة و بقي منتظرا كما هو ، فشعر الشاب بالغضب ينتابه و هو يحدج هذا النبيل بنظرات نارية حتما ستحرقه لو كانت فعلية
و فقط السؤال الذي أخذ يلح عليه أثناء هذه اللحظات هو ؛ . من هذا يا تري ؟ و ما علاقته بـ "سمر" ؟
عادت "سمر" و إستقلت السيارة ثانيةً ، و لكنها لم تكن بمفردها هذه المرة ، كانت شقيقتها الصغري معها ..
شاهد الشاب سائق السيارة يبذل جهدا بالغا في إخراج سيارته من هذا الشارع ، و بعد عدة محاولات ، نجح أخيرا و إنطلق بها للطريق الرئيسي
بينما ذهب الشاب ليكلم والده داخل المحل ..
-شفت يابا ! .. قالها الشاب بحدة ممزوجة بالغيظ ، ليسأله والده الجالس يجري بعض الحسابات خلف مكتبه المبهرج :
-في إيه يابني ؟ حصل إيه ؟؟
-لسا شايف سمر راجعة مع واحد شكله إبن ذوات و في عربية أبهة خالص . مش هاممها حد يشوفها و مشيت معاه تاني هي و أختها الصغيرة.
الوالد بنبرته الطبيعية الغليظة :
-راجعة مع واحد شكله إبن ذوات و في عربية أبهة ؟ .. لونها إسود العربية دي ؟؟
الشاب بتقطيبة مستغربة :
-أيوه !
-و إللي سايقها ده شكله نضيف كده و مستحمي ؟؟
-أيوه يابا إنت تعرفه و لا إيه ؟!
-لأ ماعرفوش . بس شفته من قيمة يومين كده كان بيوصل الصنيورة بتاعتك بنفس العربية بردو !
الشاب مضيقا عينيه بغضب :
-يا تري مين ده ؟ تكونش رفضتني عشانه يابا ؟؟؟
-وارد يابني . بس و لا يهمك سيبك منها . أصلا لا أنا و لا أمك كنا موافقين عليها . ماكنتش هتشيلها لوحدها . إخواتها الإتنين كانوا هيبقوا فوق البيعة.
الشاب بغضب أشد :
-بس ماتجيش منها .. لسا ماتخلقتش إللي ترفض المعلم خميس.
-يابني إحنا مش ناقصين عوأ . ورانا شغل أد كده . سيبك منها و أنا هجوزك ست ستها . حسب و نسب و أحلي منها كمان.
إبتسم "خميس" بسخرية ، ثم إنصرف ليتابع عمله مجددا و هو لا ينوي خيرا أبدا ...
في العيادة الخاصة ، حيث الطبيب الذي فحص "ملك" منذ أيام قليلة يعاود فحصها مرة أخري .. و لكن مع إختلاف الوضع هذه المرة
إذ أن "ملك" وحدها داخل غرفة الفحص ، بينما تقف "سمر" في الخارج مع "عثمان" الذي عمل علي تهدئتها منذ وصولهم :
-إهدي شوية يا سمر . ماتقلقيش هتبقي كويسة.
سمر و هي تتضرع بخشوع :
-يااارب .. يا رب تبقي كويسة !
و صدح فجأة رنين هاتفهها ، لتخرجه من جيب سروالها الواسع و ترد دون الحاجة لرؤية إسم المتصل :
-فادي .. ماتخافش يا حبيبي .. أيوه إحنا عند الدكتور .. طيب .. طيب خد العنوان !
و فيما راحت "سمر" تلقن أخيها عنوان العيادة ، ذهب فكر "عثمان" للبعيد و هو يرمقها بنظرات ذات مغزي
ثم أخذ يتساءل في نفسه ..
"مين فادي ده ؟ يمكن هو ده إللي مراد قال عليه كانت نازله فيه حب ؟ يعني هو خطيبها ؟ بس إزاي ؟ مافيش في إيديها دبلة ! و كمان دي بتقوله يا حبيبي . الله علي براءتك يا سمر . كنت بدأت أصدق !! "
و قطع تفكيره خروج الطبيب من غرفة الكشف ..
هررلت "سمر" في إتجاهه هاتفة :
-دكتور ! لو سمحت طمني . أختي فيها إيه ؟؟؟
الطبيب و هو يزم شفتيه بأسف :
-للآسف شكي كان في محله .. إلتهاب رئوي حاد و للآسف أكتر حالتها إتأخرت !
سمر و قد إرتعشت ساقيها من الصدمة و إلتوتا من تحتها ، ليمد "عثمان" يديه نحوها و يسندها بسرعة قبل أن تقع ..
بينما سارع الطبيب بالقول :
-إهدي إهدي ماتقلقيش . في علاج إن شاء الله . هي عمرها لسا 10 شهور يعني سهل تدخل حضـّانة ، هنعملها جلسات أكسچين من إنهاردة و مش هتخرج من هنا قبل إسبوع أو إسبوعين حسب إستجابتها للعلاج.
سمر بوهن :
-إعمل أي حاجة يا دكتور . إعمل أي حاجة بس ملك تبقي كويسة !
الطبيب بأدب :
-تمام يا أنسة . أنا هخلي المساعدين هنا يجهزوا كل حاجة و هننلقها للحضـّانة علطول . بس معلش يعني هتحطي خمستلاف جنية برا تحت الحساب.
جحظت عيناها و هي تتمتم بذهول :
-خمستلاف جنية تحت الحساب ؟ طيب هما من أصل كام ؟؟؟
-من أصل عشرتلاف حضرتك اليوم في الحضـّانة بالمبلغ ده . طبعا بالآدوية و العقاقير و خلافه.
بـُهتت "سمر" و عجزت عن الكلام ، ليأتيها صوت "عثمان" قائلا بهدوء :
-ماتقلقيش . ماتشيليش هم حاجة يا سمر . أنا هدفع الحساب كله !
إلتفتت "سمر" إليه في هذه اللحظة ، لتكتشف أنه لا زال يسندها
ما كادت تبتعد عنه و تستقيم في وقفتها ، إلا و سمعت صوت أخيها الغاضب آتيا من الخلف ينادي بإسمها :
-سمــــر !
يتبــــع ...
اذا أتمت القراءة علق بعشرة ملصقات
الجزء الثاني عشر
عزلاء امام سطوة ماله
_ مليونير مغرور ! _
إنتفضت "سمر" تلقائيا إثر سماع صوت أخيها .. فتخلصت بسرعة من أيدي "عثمان" اللتان تسندانها و إعتدلت في وقفتها ، ثم إلتفتت لتواجه "فادي" ..
كان وجهه قاتم الحمرة و قد أظلمت عيناه السودوان أكثر من شدة الغضب ، رأته يقترب منهما بخمسة خطوات واسعة ، ثم يقف في مقابلتها هي مباشرةً ..
-إيه إللي بيحصل هنا ؟ .. قالها "فادي" بتساؤل حاد ، و أكمل بعصبية :
-إيه إللي أنا شفته بعنيا ده ؟؟؟
سمر بإرتباك شديد :
-فـ فادي ! مافيش حاجة يا حبيبي . إحنا كنا بنكلم الدكتور بس .. و أشارت إلي الطبيب الذي يقف ورائها ، و لكنها إكتشفت أنه ذهب !
ربما لم تفطن لذلك أثناء صدمتها بالمبلغ الذي يتحتم عليها دفعه من أجل رسوم علاج أختها ..
إنتبهت مرة أخري علي صوت أخيها و هو يسألها بحدة :
-ميــــــن ده ؟!
نطق و هو يغرز نظراته المشتعلة بـ"عثمان" ..
فأجابت "سمر" بشيء من الإضطراب و هي توزع نظراتها بينهما :
-ده عثمان بيه يا فادي . مديري في الشغل ! .. ثم توجهت إلي "عثمان" مكملة التعارف :
-عثمان بيه . ده فادي أخويا !
عثمان في نفسه : " ده طلع أخووها ! " .. لكنه لم يظهر أمامهما هذه الدهشة التي أحدثها تصريح "سمر"
بل قال بإبتسامة رزينة :
-أهلا و سهلا . إتشرفت بيك !
و مد يده للمصافحة ، إلا أن "فادي" رفضها و قال بتهكم واضح :
-أهلا . بس هو حضرتك بتعمل إيه هنا يعني مش فاهم ؟!!
-فاادي ! .. تمتمت "سمر" و هي تزجره بغضب ، ثم قالت بإبتسامة لتغطي علي وقاحة أخيها :
-عثمان بيه كتر خيره ماسبنيش و لا ساب ملك . أصر يجي معايا و هو إللي جابنا لحد هنا . تصور كمان إنه إتكفل بمصاريف علاج ملك طول ما هي هنا ؟ الدكتور قال إحتمال يقعدها إسبوع أو إسبوعين في الحضـّانة و اليوم الواحد بس بعشرتلاف جنيه !
فادي و هو يرفع حاجبيه بسخرية :
-و الله ! لا فعلا كتر خيره . بتقولي بقي اليوم بعشرتلاف ؟ و إحتمال تقعد إسبوع أو إسبوعين صح ؟ يعني فرضا لو قعدت إسبوع الباشا هيدفع سبعين ألف و لو قعدت إسبوعين هيدفع مية و أربعين ألف ! .. يااااه . بجد ده لطف و كرم كبير أوووي من حضرتك .. ثم سأله بحدة :
-لكن بمناسبة إيه هتعمل معانا كل ده ؟ أنا كان نفسي أشوفك من أول مرة سمعت عنك فيها عشان أسألك السؤال ده بس . بمناسبة إيه بتعمل معانا كل ده ؟ إيه إللي هيعود عليك من ورا ده كله ؟؟؟
كادت "سمر" تتحدث ثانيةً لتوقفه عن معاداة الرجل الذي بيده مصير أختها ، لكن "عثمان" سبقها و أجاب بهدوء مع إبتسامة واثقة :
-أولا أنا دلوقتي بساعد ملك لوحدها . و أكيد أي حد مكاني مش هيشوف طفلة صغيرة بين الحيا و الموت و مايساعدهاش . ثانيا أنا مش مستني حاجة من ورا إللي بعمله . أنا طبيعي بحب أساعد الناس بدون مقابل.
فادي متسائلا برعونة :
-بتحب تساعد الناس بالآلافات ؟!
عثمان بغرور ممزوج بالتعالِ :
-الفلوس ماتهمنيش . عندي منها كتير أوي.
فادي بعدائية شديدة :
-أومال إيه إللي يهم سيادتك ؟؟؟
و هنا تدخلت "سمر" بصرامة حادة :
-خلاااص يا فآاادي ! إنت بتحقق معاه بدل ما تشكره . هو مش مجبر يساعدنا و لا يهدر فلوسه علينا علي فكرة .. ثم خاطبت "عثمان" بتهذيب :
-أنا آسفة حضرتك بالنيابة عن أخويا . هو مايقصدش و الله . كل الحكاية إنه مستغرب بس من كرمك الزايد . و بصراحة هي حاجة غريبة فعلا إنك تدفع كل المبلغ ده عشان أختي !
إبتسم "عثمان" و هو يرد بإسلوبه الفاتر علي الدوام :
-قولتلك قبل كده يا سمر إني إعتبرت ملك زي بنتي . أنا حاببها و حابب أساعدها . أما بالنسبة لمسألة الفلوس فالمبلغ ده بسيط جدااا بالنسبة لي . مش هيأثر معايا أبدا إطمني.
سمر بإبتسامة خفيفة :
-ربنا يزيد حضرتك . و بجد أنا مش عارفة أشكرك إزاي و لا أوفي جمايلك إزاي !!
-عيب يا سمر . هتزعليني لو قولتي كده تاني !
-لأ خلاص . أنا مقدرش أزعل حضرتك طبعا.
-أنا ماعملتش حاجة . ده شيء طبيعي جدا أي حد مكاني كان لازم يتصرف كده.
سمر بإمتنان صادق :
-بردو شكرا يا عثمان .. شكرا علي وقفتك جمبي أنا و أختي . شكرا علي معاملتك الطيبة و أخلاقك العليا معايا.
أومأ "عثمان" بإبتسامة رقيقة و هو يضحك و يسخر منها في قرارة نفسه " أخلاقي العليا ! فريال هانم كانت هتفرح أوي بالكلمة دي " ..
-العفو يا سمر . ده واجبي .. قالها "عثمان" و هو يشمل "فادي" بنظرة خاطفة
كان الأخير يرمقه بنظرات عنيفة ، و لكنه آثر الصمت لإدراكه أن شقيقته محقة ، إنهم بحاجة إليه بالفعل ، أو بالأحري بحاجة إلي أمواله
لذا أطبق "فادي" فمه و لم يعد يفه بكلمة أخري من شأنها أن تسيئ إليه ، فقط ظل يحدجه بتجهم ممزوج بالحدة
بينما يتظاهر "عثمان" بعدم ملاحظته و هو يتصرف بغرور متعمد ناجم عن نشآته الثرية المتغطرسة ...
في قصر آل "بحيري" ... تلج "صفية" إلي غرفتها و هي في حالة صعبة للغاية
منذ أن تركته و غادرت المشفي كلها لم تستطع منع دموعها من الهطول ، حاولت ضبط نفسها لكنها فشلت لدرجة أنها أخذت سيارة آجرة لتصل إلي هنا و تركت سيارتها مصفوفة هناك بالكراچ
خشت أن تقود و هي بهذه الحالة فيقع لها حادث كما صار معه ..
ألقت بثقلها فوق سريرها الكبير و قد أخذ منها التعب خلال الساعة الماضية كل مأخذ
جلست صامتة و المرارة ترشح من تقاسيم وجهها المتقلصة ، واصلت البكاء دون توقف
لينفتح باب الغرفة فجأة و تدخل "فريال" دون إستئذان ..
لم تحاول "صفية" إخفاء محنتها عن أمها ، بل أنها مدت إحدي يديها بإتجاهها ، تمط أصابعها و كأنها تتمني لو أنها طويلة بما يكفي لتجتاز المسافة بينهما ، فكم هي بأمس الحاجة لحضنها الآن و بصورة شديدة اليأس ..
رمقتها "فريال" بصدمة و هرولت نحوها بسرعة ، أمسكت بكتفيها و ضمتها إلي صدرها هاتفة :
-صافي ! مالك يا حبيبتي ؟ في إيه ؟ أنا شفتك و إنتي راجعة بتاكسي و كنتي بتعيطي و إنتي داخلة البيت . إيه إللي حصل يا صافي ؟؟؟
-صالح يا مامي ! .. نطقت "صفية" بصعوبة و هي تشعر بالغصة تكاد تخنقها
لتستوضحها "فريال" بتوجس :
-ماله صالح ؟؟؟
صفية بنشيج متقطع :
-قـ قـ ـلـ ع د دبلـ ـته . فسـ خ خـ خـ ـطو بتـ ـنا !
-فسخ خطوبتكوا ؟! .. تمتمت "فريال" بذهول ، ثم سألتها بحدة :
-و عمل كده ليه ؟؟؟
صفية و هي تعتصر عيناها من الدموع بشدة :
-الدكتور صارحه بكل حاجة إنهاردة . شرحله حالته . أول ما عرف إتحول .. مابقاش صالح إللي أنا أعرفه . قال كلام كتير . و شكك في عثمان إنه كان علي علم بإللي هيحصله . و لما إتضايقت و شديت معاه شوية لاقيته بيقلع الدبلة و .. و بيقولي مش عايزك !
و راحت تجهش بالبكاء أكثر علي صدر أمها ، بينما إنزعجت "فريال" لاسيما من الجزئية التي تخص إبنها ..
لكنها تمالكت غضبها سريعا ، و أخذت تمسد علي ظهر "صفية" و هي تقول بصوتها الرقيق اللطيف :
-طيب خلاص . خلاص إهدي يا حبيبتي . هو أكيد مصدوم و في حالة عصبية من ساعة ما عرف .. سيبيه شوية بس و هو لما يهدا أكيد هيندم علي كل إللي قاله و هيطلبك عشان يعتذرلك كمان.
-أنا بحبه يا مامي ! .. قالتها "صفية" بلوعة و عذاب ، و أكملت :
-عمري ما قلتله بحبك . بس أنا بحبه و الله .. مش عايزاه يسيبني حتي لو ماقامش علي رجليه . هفضل معاه.
تنهدت "فريال" و ربتت علي كتفها بحنان قائلة :
-إن شاء الله هيقوم علي رجليه . و مش هتسيبوا بعض !
عودة للمركز الطبي الخاص ... غادر "عثمان" منذ قليل ، لينفرد "فادي" بأخته أخيرا
لكنه لم يتكلم معها في الحال ، بل إنتظر حتي إطمئنا علي "ملك" و شاهداها داخل سرير الحضـّانة الصغير تأخذ أول جلسة علاج ضد الإلتهاب الرئوي الحاد الذي أصابها مؤخرا
كانت نائمة كالملاك ، فيما سحب "فادي" أخته من ذراعها إلي الخارج ليحدثها ..
-فهميني بقي من فضلك . إيه إللي حصل بالظبط ؟ .. تساءل "فادي" بعصبية خفيفة
لتجيبه "سمر" بهدوء و تعقل :
-ماحصلش حاجة يا فادي . زي ما قولتلك بس عثمان بيه لما عرف إن ملك تعبت أوي أصر يجي معايا و يودينا بنفسه للدكتور.
فادي بغضب :
-و هو ماله ؟ و إنتي بتحشريه فينا ليه ؟ كنتي إتصلي بيا أنا أولي . ماكنتش هعرف أتصرف يعني ؟!
سمر بغضب مماثل :
-كنت هتصل بيك و إنت في الإمتحان ؟ كنت هتسيب إمتحانك و هتجيلنا ؟
-أه . قولتلك قبل كده خدي بالك من الراجل و ماتخليهوش يتعود عليكي . بس إنتي بتفوتي كلامي و بتمشي إللي في دماغك !
-كفاية بقي يا فادي . دماغك بتقفل علي حاجات مش منطقية و كل شوية بتعيب في الراجل و كلمته بإسلوب وحش لما كان هنا . ده جزاؤه إنه حب يساعدنا ؟ هي دي شكرا إللي المفروض نقولهاله ؟؟؟
فادي بإنفعال شديد :
-معقولة واحد غني زيه يساعد ناس زينا بالطريقة دي ؟ بالمبلغ ده ؟ حتي لو عادي . هنرد عليه بإيه في المقابل ؟ إيه قيمة الحاجة إللي هنقدمهاله بالظبط عشان نوفي الدين إللي علقه في رقبتنا ؟ تقدري تقوليلي إيه أغلي حاجة عندنا ممكن نقدمهاله ؟؟؟!!
شخصت إليه ببصرها محاولة فهم ما قصده !
حدق بها هو الأخر بتحد منتظر إجابتها ، بينما شعرت بالغثيان حين أدركت فجأة ما رمي إليه
تطلب الوقت بضع دقائق قبل أن تتمكن من الكلام ..
-إنت . إنت قصدك إيه ؟! ..تساءلت بتقطيبة عميقة
ليرد "فادي" لاويا شفتاه بإبتسامة تهكمية :
-قصدي إللي فهمتيه بالظبط يا سمر.
إتسعت عيناها و جحظتا من الغضب ، فصاحت و الكلمات تخرج كالقنابل من فمها :
-إنت مجنوون ! فعلا مجنون . إزاي بتفكر كده ؟ إزاي عقلك صورلك الحاجات دي ؟ إنت متخيل إني ممكن أبيع نفسي بالرخيص كده ؟؟؟
فادي بصلابة :
-ده شئ بديهي يا سمر . أي بني آدم عادي هيفكر ليه واحد زي ده مهتم أوي كده بعقد حياتك و بيستغلها.
-بيستغل إيه يا مجنون إنت ! و هيعوز يستغلني ليه أصلا ؟ ده راجل مش محتاج واحده زيي يستغلها . في آلاف غيري بيترموا تحت رجليه كل يوم في مستواه و أحلي مني كمان . هيبص لواحدة فقيرة و عادية زيي أنا ليه ؟ ما ترد ؟!!
-ما هو الممنوع أحيانا كتير بيبقي مرغوب يا سمر . و الصندوق المقفول دايما بيثير الفضول و واحد زي ده أكيد طول الوقت بيدور علي حاجة جديدة تسليه.
سمر و هي تهز رأسها بعدم تصديق :
-إنت أكيد جرى لعقلك حاجة . مش عايز تفهم . مقتنع بس بأفكارك الموسوسة . عارف لو تـ آا .. و قطعت عبارتها فجأة ، ثم أدارت عينها معبرة عن ضيقها و هي تقول :
-أنا بكلم مين ؟ الكلام معاك بقي ممنوش فايدة أصلا !
" مجنون ! " تمتمت لنفسها ، ثم ولت تاركة إياه واقفا بمفرده ، و ذهبت لتتفقد "ملك" و تطمئن عليها ..
مع هبوط الظلام .. يتسرب ضوء القمر عبر الغيوم و أغصان الشجيرات الكثيفة
بينما تشق سيارة "مراد" طريقها في الممر المرصوف بالأحجار الملونة و المؤدي إلي باحة أفخم قصر بمدينة الأسكندرية ..
أخذ "مراد" حقيبة ظهره الكبيرة التي يحمل بداخلها ملابسه و أغراضه ثم ترك سيارته للبستاني يصفها بالكراچ ، و إتجه إلي باب البيت ..
إستقبلته إحدي الخادمات بالداخل ، ليقول لها بإسلوبه الخفيف :
-معلش يا قمر . ممكن بس توصليني لأوضة عثمان بيه ! أصلي من زمان و أنا بتوه جوا البيت ده.
ضحكت الفتاة الحسناء برقة ، ثم قالت بإبتسامة :
-طبعا تحت أمر حضرتك . إتفضل معايا.
تبعها "مراد" متبخترا برشاقة في خطواته ، إتخذا المصعد المغلف بالخشب المصقول الأنيق ، ليصلا في غضون ثوان إلي الطابق الثالث ..
خرجت الخادمة أولا و راحت تؤشر له نحو غرفة "عثمان" و هي تقول :
-بص حضرتك . أوضة عثمان بيه إللي في الوش علطول دي . مافيش حد ساكن في الدور ده غيره أصلا.
مراد و يهز رأسه بتفهم :
-تمام فهمت .. ثم قال بإبتسامة مداعبة :
-شكرا يا قمر.
ضحكت الفتاة ثانيةً و لكن ضحكتها هذه المرة كانت أكثر خجلا ، فإستدارت و إنصرفت من أمامه مسرعة ..
تنهد "مراد" بحيوية ، ثم توجه صوب غرفة صديقه ..
بعد طرقة واحدة ، أدار المقبض و دفع الباب و دلف و هو يصيح بمرح :
-صاحبي يا صاااحبي . صديق السوء جالك يا حبيبي !
دوت ضحكة "عثمان" المجلجلة من داخل قاعة المرحاض ، ليتتبعها "مراد" و يذهب إليه و هو يبتسم بشدة
بينما يقول "عثمان" :
-أهلا يا صاحبي . و أنا أقول إشعاع الأفكار القذرة ده جالي منين . أتاريه من طلتك البهية.
في هذه اللحظة وصل "مراد" عند عتبة باب المرحاض ، ليقف هناك يقول بسخرية :
-إشعاع أفكار قذرة ؟ و مين ده إللي بتفكر فيه بقذارة يا صاحبي ؟!
كان "عثمان" يقف عاري الصدر أمام مرآة عريضة معلقة فوق الحوض الرخامي الصغير ، يلف منشفة بيضاء حول وسطه ، و كان يباشر تسوية شعيرات لحيته البنية متوسطة الطول ..
فيما أدار وجهه قليلا نحو صديقه ليجيب بنبرة خبيثة تشتعل حماسة :
-ســــــــمـر !!!
متابعه
اذا أتمت القراءة علق بعشرة ملصقات ليصلك الجزء الجديد
الجزء الثالث عشر
عزلاء امام سطوة ماله
_ حالة عصبية ! _
أدار وجهه قليلا نحو صديقه ليجيب بنبرة خبيثة تشتعل حماسة :
-سمر.
مراد عاقدا حاجبيه في إستغراب :
-سمرا ! سمر مين ؟ .. قصدك سمر إللي بتشتغل عندك ؟!
أومأ "عثمان" دون أن يتكلم ، ليرمقه الأخير بدهشة قائلا :
-إنت بتهزر ! صح ؟؟؟
-بهزر إيه ياض إنت ؟ إنت تعرفني بهزر في حاجات زي دي ؟؟
-لا ما بصراحة أنا مش مصدقك يعني . فهمني لو سمحت عشان أنا توهت منك عالأخر .. إنت قصدك إيه بالظبط ؟؟؟!!
أشاح "عثمان" عنه و شرع بغسيل وجهه بقطرات المياه الدافئة
أغلق الصنبور بإحكام حالما إنتهي ، ثم تناول منشفة صغيرة من إحدي الرفوف الجانبية
أخذ يجفف وجهه بها و هو يمشي عائدا إلي غرفته متجاوزا "مراد" الذي لم يتوقف عن النظر إليه بذهول ..
-إنت يا عم إنت ! .. صاح "مراد" و هو يتبعه إلي الداخل
-إستني هنا . رد عليا مش بكلمك !!
عثمان بضيق :
-عايز إيه يا عم ؟
-فهمني قصدك إيه ؟!
تنهد "عثمان" و هو يلقي بالمنشفة علي كرسي محاذي لسريره ، ثم قال و هو يتجه صوب غرفة الملابس خاصته :
-قصدي كل خير يا مراد . البت غلبانة و أنا حابب أعطف عليها.
مراد بسخرية و هو يجلس علي طرف السرير في إنتظاره عودته :
-لا يا شيخ ! بقي حابب تعطف عليها بردو ؟؟!!
عثمان بضحك من الداخل و هو يرفع نبرة صوته قليلا :
-يابني و الله زي ما بقولك كده . هي محتاجة فلوس عشانها و عشان إخواتها . فأنا قلت واجب عليا أساعدها.
-إخواتها ؟ أنا فاكر إنك قولتلي عندها أخت صغيرة بس !
-لأ ما أنا نسيت أقولك بقي.
مراد بفضول :
-نسيت تقولي إيه ؟؟؟
عاد "عثمان" في هذه اللحظة و قد إرتدي فقط سروال منزلي مصنوع من القطن الكحلي ..
-فاكر الواد إللي جيت قولتلي عليه كانت نازلة في حب ؟ .. قالها "عثمان" بتساؤل و هو يقترب ليجلس بجانبه
ليجيب "مراد" بعد برهة :
-أه فاكر . ماله ده يعني ؟!
عثمان بإبتسامة مرحة :
-طلع لا خطيبها و لا حبيبها.
-يا راجل ؟ أومال طلع إيه خالتها !!
عثمان بضحكة صفراء :
-هيهيه ظريف أووي .. ثم أردف بإنزعاج :
-تصدق ياض ؟ فصلتني . مش حاكيلك حاجة !
مراد و هو يعتذر منه بسرعة :
-لا لا خلاص معلش حقك عليا . كنت بهزر يا أخي . يلا بقي إحكي عشان خاطري.
عثمان متآففا بضيق :
-و ربنا هقطع علاقتي بيك قريب . ما علينا .. و راح يحكي له كل ما حدث اليوم ، إجمالا و تفصيلا ، بدايةً من ذهابه مع "سمر" و أختها إلي المركز الطبي و حتي مجيئ أخيها و الحوار الحاد الذي دار بينهما
-لا بجد ؟ يعني طلع أخوها ؟! .. تساءل "مراد" بشئ من الدهشة ، ليرد "عثمان" ببساطة :
-أيوه يا سيدي . طلع أخوها.
-بس علي حسب كلامك شكله شديد و مقفل عليها . هتوقعها إزاي دي ؟؟؟
-قولتلك أمرها سهل . الفلوس أهم حاجة بالنسبة لها و أنا معايا فلوس . هتلين في إيدي بسرعة ماتقلقش.
مراد بوجوم :
-بس شكلها مش من النوع ده يا عثمان . أنا شوفتها !
عثمان بسخرية :
-هي مين دي يا حبيبي إللي مش النوع ده ؟ إوعي يكون غرك شكلها و قناع البراءة إللي هي لبساه ده . لو صدقتها تبقي عبيط . زيها زي أي واحدة من بنات جنسها . كلهم بيحبوا الفلوس و بيحلموا بيها . و بالذات الفقرا إللي زيها . الواحدة منهم تعيش طول عمرها بتتمني تقع علي الراجل إللي جيوبه مليانة و لو خلصت عليه تشوفلها واحد غيره.
مراد بجدية :
-يابني مش كلهم بردو . أنا حاسس إن دي غير.
-و لا غير و لا حاجة . إسمع مني بس و هتشوف.
رمقه "مراد" بعدم إقتناع
فزم "عثمان" شفتاه كاتما إنفعاله غضبه بداخله ، ثم قال بتحد :
-طيب تراهن ؟
-أراهن علي إيه ؟!
-خلال يومين بالكتير . سمر هتبقي ملكي.
مراد ضاحكا بخفة :
-يا جاااامد . واثق من نفسك أوووي يا صاحبي .. ثم قال قابلا التحد :
-أووك . أراهنك يا عثمان .. بس لو خسرت الرهان يا حلو ؟!
عثمان بإبتسامة مستخفة :
-عثمان البحيري عمره ما خسر . حط الرهان إللي إنت عايزه.
-ماااشي يا إبن البحيري . لو خسرت ليا عندك عربية أخت إللي صالح عمل بيها الحادثة بالظبط.
عثمان بدون تفكير :
-موافق .. ثم أكمل بإسلوبه الماكر :
-بس لو كسبت ! يبقي ليا عندك إنت إيه ؟!
-يا عم هي فزوره ؟ إنجز و قول إللي إنت عايزه.
عثمان بإبتسامة هادئة :
-مش عايز حاجة . أنا عندي كل حاجة يا مراد . سمر دي زي صفقة كده بالنسبة لي .. و لو فشلت معاها هدفعلك الشرط الجزائي . الـ Black Velvet Ferrari !
مراد بحماسة :
-Deal ?
عثمان بثقة :
-Deal !
و تصاحفا علي هذا الإتفاق
ليقول "مراد" بعدها مشاكسا إياه :
-بس ماتبقاش بقي ترجع في كلامك زي العيال الصغيرة لما تخسر.
ضحك "عثمان" ملء حنجرته ، ثم قال و هو يقوم من جانبه :
-هروح أشوف الخدامين جهزولك أوضتك و لا لسا !
في الحي الإسكندراني العتيق ... تمشي "سمر" مع أخيها في إتجاه المنزل
ليقفز أمامهما فجأة ذاك الذي يدعي "خميس" نجل أكبر تاجر لحوم بالمدينة كلها ..
-مسا الخير يا أستاذ فادي ! .. قالها "خميس" بنبرته الغير لبقة علي الإطلاق
بينما وقفا الشقيقان بصورة تلقائية ، ليرد "فادي" بإقتضاب ممزوج بالحدة الخفيفة :
-مساء النور يا معلم خميس . خير في حاجة ؟!
خميس و هو يشمل "سمر" بنظرة خاطفة :
-خير إن شاء الله . بس كنت عايزك خمسة كده في موضوع مهم.
فادي عابسا في ضيق :
-و الموضوع المهم ده ماينفعش يتأجل لبكره الصبح يا معلم خميس ؟
-يا أستاذنا ماتخفش مش هعطلك . هما خمس دقايق عبال ما تشرب الحاجة الساقعة أكون قولتلك إللي عندي.
تنهد "فادي" ثم نظر نحو أخته و قال بأمر :
-روحي إنتي عالبيت . شوية كده و هحصلك.
أطاعته "سمر" في صمت ، و توجهت بمفردها صوب المنزل
بينما إلتفت "فادي" إلي "خميس" متسائلا بفتور :
-خير يا معلم خميس ؟!
خميس بإبتسامة :
-خير يا أستاذ فادي . إتفضل معايا جوا في المحل عشان نبقي براحتنا . بدل ما نتكلم في موضوعنا علي الواقف كده !
كانت قلقة جدا حيال الوضع برمته ... و كم أرادت ألا تترك شقيقها وحده مع هذا الشخص الخطير
و لكنها أبت أن تزعجه ، فهي تعلم جيدا أنه يشعر بالغضب من قلقها الزائد عليه ، و يتهمها في كثير من الأحيان بتوجيه الإهانة له ما إذا قامت بتحذيره من أي شئ أو أي شخص
دائما يعتبر نصائحها الطيبة جرحا لكرامته و رجولته
لذا آثرت "سمر" الصمت و تركته ليفعل ما يشاء ..
طرقت "سمر" باب السيدة "زينب" قبل أن تصعد إلي شقتها ، لتفتح لها السيدة بعد لحظات ..
-سمــر ! .. صاحت "زينب" ما أن رأتها ، و تابعت :
-إتأخرتوا كده ليه يابنتي شغلتوني عليكوا . و فين ملك مش شايفاها معاكي ليه ؟؟؟!!
سمر بإبتسامة منهكة :
-ملك سبناها عند الدكتور يا ماما زينب.
زينب بقلق حقيقي :
-ليه يابنتي ؟ هي فيها حاجة كبيرة و لا إيه ؟!
-إلتهاب رئوي يا ماما زينب . عندها إلتهاب رئوي.
زينب بذعر و هي تضرب صدرها بكفها :
-يا لهوي ! عيلة في سنها تستحمل إزاي حاجة زي دي ؟؟
سمر بحزن :
-و الله يا ماما زينب الدكتور بيقول إنه مرض شائع بين الأطفال إللي في سنها . بس هي إللي حالتها ساءت أكتر من الإهمال .. ثم أكملت بسخرية مريرة :
-أنا أهملتها يا ماما زينب !
-لا يابنتي ماتقوليش كده . ده إنتي مش بس شايلة أختك جوا عنيكي . و أخوكي كمان . ماتجيش علي نفسك يا سمر إنتي قايمة معاهم بدور الأم و الأب . و مش كتير يقدروا يعملوا إللي بتعمليه.
سمر مبتسمة بخفة :
-ربنا يخليكي يا ماما زينب .. يلا بقي أسيبك . تصبحي علي خير . أنا قلت بس قبل ما أطلع أعدي أطمنك.
-و الله يا سمر كنت قاعدة علي أعصابي .. يلا ربنا ستار بردو.
-أيوه و الله عندك حق . إن شاء الله هفوت عليكي بكره الصبح و أنا نازلة.
-ماشي يا حبيبتي .. قالت "زينب" بإبتسامة ودودة ، ثم سألتها بسرعة قبل أن تذهب :
-هو فين فادي صحيح ؟ سبتيه بايت مع ملك عند الدكتور ؟؟
-لأ ده واقف تحت مع آاا ... و ما كادت "سمر" تكمل جملتها ، إلا و سمعت صوت جلبة شديدة آتية من الخارج
-يا ساتر يا رب .. قالتها "زينب" بخوف ، و أردفت :
-إيه الأصوات دي ؟ خناقة دي و لا إيه ؟؟!!
سمر بتوجس :
-ماعرفش يا ماما زينب . تعالي نشوف !
و دخلتا معا إلي شقة ، ثم إلي الشرفة المطلة علي الشارع ..
خفق قلب "سمر" بقوة و جحظت عيناها برعب و هي تري من مكانها عراك مشتعل قد نشب بين أخيها و بين "خميس" أمام محل الجزارة ..
-و رحمة أمي و أبويا لأدفعك تمن كل كلمة قولتها يا زبالة يا إبن الـ--- .. قالها "فادي" مزمجرا بشراسة و هو يشد "خميس" من تلابيبه القذرة الملوثة بالدماء
بينما رد "خميس" بغضب شديد و هو يحاول الفكاك منه :
-إنت بتمد أيدك عليا ياض ؟ وديني لأكون فاتح كرشك الليلة دي.
و هنا دوي صوت السيدة "زينب" بصراخ حاد :
-ولاآاا يا خمييييس . سيييبه يا وآاااااد . ما تلحقوا يا خلق حد يحوشهم عن بعض !
و أثناء صراخها ، كانت "سمر" قد إندفعت كالسهم خارج المنزل كله ..
وصلت إلي أرض العراك و أسرعت إلي "فادي"
أمسكت بكتفه و هي تصرخ به :
-بس يا فادي . كفاية سيبه . بقولك سيبه !
و أخيرا أفلته "فادي" لكنه إلتفت إلي "سمر" و هو يصيح بإنفعال :
-إنتي إيــه إللي نزلك ؟ إطلعي فووق.
سمر برفض قاطع :
-لأ مش طالعة . مش همشي من هنا إلا بيك فاهــم ؟!
فادي بغضب شديد :
-قلت إطلعي . إطلعي دلوقتي و إلا مش هيحصلك طيب.
-ده إنت إللي مش هيحصلك طيب يا روح أمك .. قالها "خميس" و هو يعود من داخل المحل بسكين ضخم حاد النصل
كانت ملامحه تنطق بالشر المطلق و هو يتجه نحو "فادي" مشهرا السلاح بوجهه ..
-إن ما خلصت عليك . مابقاش أنا خميس إبن المعلم رجب !
و هم بتسديد أول طعنة عنيفةً له ..
إلا أن "فادي" كان حاضر الذهن و لم يـُذل أمامه لثانية واحدة ، بل أنه تفادي طعنته بمهارة متناولا يده من الهواء ، ثم لوي معصمه في محاولة لدرأ الخطر بأقل خسائر ممكنة ..
و في وسط كل هذا أخذت "سمر" تصرخ بهلع و قد إنتابتها حالة عصبية قوية
بينما تحرك المشاهدين أخيرا و تدخل كبير المنطقة حائلا بين الشابين بحزم :
-بـــــــــس . بس يآاااض إنت و هو كفاياكوا بقي . إيه مش عاملين إحترام لحد ؟! .. ثم إلتفت إلي الحشد الغفير مكملا بحدة :
-و إنتوا ياللي واقفين بتتفرجوا يلا مع السلامة إنفضوا من هنا . كل واحد يروح لحاله يلااا.
إنفض التجمع شيئا فشئ ، ليلتفت الرجل المسن نحو "خميس" قائلا بصلابة :
-خلاص يا خميس . آسر الشر و رجع السكينة دي مكانها أحسن و الله هيبقالي كلام تاني مع أبوك .. ثم توجه إلي "فادي" أيضا :
-و إنت يا فادي . يلا خد أختك و إتكل علي الله من هنا . إنت يابني عمرك ما كنت بتاع مشاكل . هنعتبرها ساعة شيطان بس مش عايز حاجة زي دي تتكرر تاني و الكلام ليكوا إنتوا الإتنين.
ضغط "فادي" علي فكيه و هو يرمق "خميس" بنظرات عنيفة للغاية ، لكنه أشاح عنه بالنهاية و إستدار قابضا علي يد أخته ..
أخذها و دخلا إلي المنزل دون أن يلتفت ورائهكان في مزاج سيئ جدا ، حيث أنه تجاهل عمدا نداء السيدة "زينب" و تساؤلاتها و أكمل سيره بأخته حتي وصلا إلي الشقة ..
أغلق الباب بهدوء ، ثم إلتفت إليها ..
-إرتاحتي إنتي دلوقتي ؟ .. تساءل "فادي" بغضب دفين ، لترد "سمر" و هي لا زالت ترتجف من هول ما حدث بالأسفل :
-مش فاهمة ! .. قـ صدك إ يه ؟؟
تنهد "فادي" بإنهاك ، ثم قال ببغض متخليا عن عصبيته تماما :
-أنا خلاص هبطل أتكلم معاكي تاني في الموضوع ده . إنتي كبيرة كفاية و عارفة مصلحتك . بس خليكي عارفة إن سمعة أبوكي الله يرحمه لو بقت في الأرض بعد عمره ده كله إللي قضاه هنا هتبقي إنتي السبب يا سمر !
و حدجها بخبية أمل شديدة ، ثم إنصرف من أمامها و دخل إلي حجرته
بينما إرتمت "سمر" علي أقرب كرسي محاولة تهدئة أعصابها الثائرة متناسية حديث أخيها الفائت كله ..
لم تفكر حتي ما كان الذي يقصده بالضبط ، فقط واصلت العمل علي الإسترخاء التام
فما حدث منذ قليل لم يكن هينا بالنسبة لها أبدا ...
صباح يوم جديد ... في قصر آل "بحيري"
ينزل "عثمان" من غرفته ، ليقابل أمه الجميلة أثناء هبوط الدرج ..
-فريال هانم ! .. قالها "عثمان" بلهجة مهذبة مفعمة إعجابا بجمال أمه المتزايد
فريال بإبتسامة رقيقة و هي تقترب منه :
-حبيبي . صباح الخير يا قلبي.
-صباح النور .. و تناول يدها بكفيه و إنحني ليقبلها
-إيه علي فين كده ؟
-علي الشركة جلالتك .. قالها بمرح هادئ و إنحني ثانيةً ليقبل يدها مرةً أخري
فريال ضاحكة بخفة :
-آه منك يا بكاش إنت . دايما واكل بعقلي حلاوة.
عثمان بإطراء :
-مافيش حلويات في البيت ده كله غيرك يا فريال هانم.
-و الله بكاش .. لكن ما علينا . إنت مبدر أوي كده ليه ؟ ده الساعة ستة و نص !
-ورايا شوية شغل كده و كام حاجة مهمة . هروح أخلصهم بدري.
-طيب مش تفطر الأول ؟؟؟
-هاخد أي حاجة في الشركة ماتقلقيش . يلا باي.
-باي يا حبيبي .. و طبع "عثمان" قبلة خفيفة علي وجنتها ، ثم أكمل هبوط الدرج
وصل "عثمان" إلي مقر شركته بسهولة هذا الصباح بسبب ذهابه في وقت مبكر علي غير العادة ..
لم يكن هناك سوي أفراد الأمن و موظفين الإستقبال و عمال الطوابق
و لم يخطر بباله أبدا أن يجدها تجلس علي مكتبها في هذا الوقت ..
-سمر ! .. تمتم "عثمان" بإستغراب
بينما لم تتحرك الأخيرة إنشا واحدا ، حيث ظلت عاكفة كما هي فوق دفاتر مكتبها و قد بدا عليها التعب بصورة واضحة
إقترب "عثمان" بحذر و هو يهتف بلهجة متوسطة :
-سمر .. سمــر !
إنتفضت "سمر" لسماع صوته و تطلعت إليه فورا ..
حملق "عثمان" بدهشة في وجهها الذابل المرهق و عيناها الحمراوان ، ثم سألها بلطف :
-مالك يا سمر ؟ في حاجة ؟ إنتي تعبانة ؟؟
إبتسمت "سمر" بجهد و أجابته :
-أنا كويسة يافندم . مافيش حاجة . شكرا علي سؤالك.
-إيه إللي جابك بدري كده ؟!
-أنا مانمتش طول الليل أصلا حضرتك . كنت مشغولة علي ملك فإستنيت أول ما الفجر طلع و روحت أطمنت عليها . و بعدين خدت بعضي و جيت علي هنا.
-أه . فهمت .. ثم قال بإبتسامة :
-أنا مش عايزك تقلقي عليها أوي كده . صدقيني قريب أوي هتبقي كويسة و هترجع أحسن من الأول.
أومأت "سمر" بهدوء ، ليتنفس "عثمان" بعمق ، ثم يقول :
-طيب .. بما إن الفراش لسا مجاش و البوفيه لسا قافل . ممكن تيجي علي مكتبي تعمليلي فنجان قهوة لو سمحتي ؟
سمر برحابة :
-طبعا ممكن.
رمقها بإبتسامة ، بينما قامت من خلف مكتبها و إتجهت إليه
أخذت من يده حقيبة العمل الصغيرة و تبعته إلي داخل المكتب ..
متابعه وده جزء تانى مع انكم بصراحه مقصرين فى تعليقاتكم
اذا أتمت القراءة علق بعشرة ملصقات ليصلك الجزء الجديد
تعليقات من فضلكم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق