القائمة الرئيسية

الصفحات

ذات الضفيرة الحمراء الفصل الاول حصريه وجديده علي مدونة نجوم ساطعه


ذات الضفيرة الحمراء الفصل الاول حصريه وجديده علي مدونة نجوم ساطعه 


ذات الضفيرة الحمراء الفصل الاول حصريه وجديده علي مدونة نجوم ساطعه 


جهاز اللاسلكي في سيارة الإسعاف يتحدث قائلا : سيارة رقم ١٥ التوجة إلى شارع شبين بلاغ عن حادثة طريق وإصابة سيدة


محمود المسعف يلتقط الجهاز  ويرد : علم يا فندم و تم استلام البلاغ  في ساعته ( الواحدة بعد منتصف الليل)  وتاريخه وجاري التوجه للمكان لعمل اللازم


صوت سيارة الإسعاف يدوي، الأضواء الزرقاء والحمراء  تنير شارع شبين وتنعكس على زجاج المحلات ، عم محمود المسعف لجمال السائق وهو يشيىر إلى تجمع من الناس... هناك يا جمال، 

السيارة تتجه للتجمع، صوت فرامل بسيط

عم محمود المسعف ينزل هو وجمال السائق ، يفتح محمود باب السيارة الخلفي ويسحب الكرسى المطوي و يفتحه ليصبح سريرا نقالا ، يمسك محمود وجمال به ويتجهان ناحية المرأة الملقاة على الأرض ، امرأة عجوز في العقد السابع ، ملابس رثة قديمة مقطعة ، وشم أزرق قديم  باهت دُقّ على ذقنها من زمن بعيد ، وشم على ظهر اليد عبارة عن عين مفتوحة دون رموش ، عقد خرز متعدد الألوان والأحجام حول رقبتها ، أقدام حافية، جسد ممتلئ ، تبدو من الوهلة الأولى كأحد الغجر الذين يمتهنون الشحاتة ، يسيل الدم من أنفها وأذنها دليل على ارتطام حاد بالرأس تسبب بنزيف داخلي ، حملها عم محمود وجمال ووضعاها علي الناقلة  واسرعا إلي السيارة وأغلق عم محمود الباب بقوة

وتوجه جمال لقيادة السيارة

خبط شديد على الباب الخلفي ، يفتح محمود الباب، رجل أسمر يدفع بسرة ضخمة من القماش المربوطة أطرافها الأربعة معا الي داخل السيارة ويقول : دي حاجتها اللي معاها، يمكن تكون فيها بطاقتها وتحتاح لها

محمود يلمح وشم قريب من نفس وشم السيدة العجوز على يد الرجل ولكنه لم يدقق بسبب اهتمامه بوضع ماسك الأكسجين على وجهها 

تنطلق السيارة لتذهب إلي المستشفي الأميري،

يهرع أطباء الاستقبال للإسعاف وتنزل الحالة لعمل الفحوصات، وتنطلق سيارة الإسعاف لمركز الإسعاف في انتظار أية بلاغات أخرى


تمر الليلة بسلام دون بلاغات أخرى، يبدأ محمود في غسيل السيارة من الداخل لتسليمها للمسعف الآخر ليذهب هو وجمال لينالا قسطا من النوم بعد ليلة عمل شاق


محمود لنفسه : ايه ده؟  آه دي السرة بتاعة الست الشحاتة... انا فاكر اني نزلتها معاها، ولا أنا نسيت، يظهر إني نسيت انزلها، مش فاكر، اسبها لعم  ياسر المسعف ولا أعمل إيه؟!

افتحها الأول يمكن فيها حاجة مهمة أوديها للمستشفى الأميري قبل ما اروح

يفك محمود الأطراف الأربعة بصعوبة...

كمية نقود ورقية ضخمة، كلها أوراق فئة المائتي جنيه ، الأوراق مبعثرة فوق بعضعها البعض ومضغوطة من كثرتها دون ترتيب

عم محمود لنفسه : إيه كل ده؟!

هي الشحاتة بتكسب كده؟! ودول بقى حصيلة يوم؟ ولا انتِ مروحتيش بيتك من شهر؟!

أعمل إيه يا ربي... أسلمهم للتمريض؟! ... ممكن يطمعوا فيهم، والست حالتها صعبة، دي بتموت، طب أعمل إيه يا ربي؟

أخليهم معايا...  طب لو ماتت؟   لو ماتت حلال عليك يا محمود... اه حلال... دي شحتاهم من الناس بالنصب عليهم ... و التسول ممنوع ولو الشرطة عرفت  هتخدهم وتعملها محضر تسول ويتصادر المبلغ 

طب ما أنا أولى، أناعندي بنت عاوزة تتجهز ومش قادر أجهزها

مسح محمود العربية وخد السرة وروح لبيته


بابا حبيبي حمدا لله على السلامة

الله يسلمك يا سحر

أحضر لك لقمة تأكلها يا حبيبي؟ 

لأ يا حبيبتي انا هخش أوضتي أريح لما أصحي هتغدى على طول... بس غدي اخواتك لما يرجعوا من المدرسة


سحر فتاة في العشرين  طويلة، خمرية اللون، قامت بدور الأم بالنسبة لاخواتها  مريم، وحسن، وساعدت والدها في تربيتهم بعد وفاة أمها في حادثة جرار زراعي اتقلب عليها وهي بتشتغل في أرض الحج فتحي أغنى أغنياء  القرية


محمود يدخل ويغلق الباب من الداخل ويفتح السرة ويبدأ يفرد العملات الورقية وهو يتحدث لنفسه .....  ايه ده كله ويرص الأوراق على بعضها  .... انتهي من جمع الأوراق وترتيبها وبدأ يعد  ....   تسعة وأربعين ألف وثمانمائة جنية..

محمود بيكلم نفسه ....  دي تقريبا كانت بتجمد الفلوس أولا بأول

فتش محمود السرة ... يمد ايده جواها .... بيتحسسها  .....   ايه ده  ...   ايه السرة الصغيرة المربوطة بخيط في القماش دي ...  يشدها يقطعها ويطلعها في ايده ...

 حجاب ...  آه ده حجاب عليه نقطتين دم

محمود يقربه منه ... ريحته زفرة قوي ليه كده؟  ...   انا لازم أرميه برة البيت  ...   حاجة بتقول له  :  ترميه إزاي؟ ده سبب كل الخير اللي انت شايفه ... فيه حد يرمي سبب سعادته؟!


خليه في السرة وأنت هتشوف العجب كل ما السرة تفضى هتتملي فلوس... فلوس كتير


محمود بيستعجب من الخواطر الغريبة

ساب الفلوس بعد ما كملها خمسين ألف وربطها ووضعها في درج التسريحة مع الحجاب


البحر صافٍ جميل، صخرة منفردة مستديرة  على شاطئ البحر ، شيخ بلحية بيضاء يجلس على كرسي ضخم من فضة مزخرفة  فوق الصخرة ينظر للبحر ، محمود يجد نفسه يجلس أمامه على ركبتيه، يرفع محمود رأسه إليه في رهبة ويسأله : حضرتك مين؟

الشيخ يرفع رأسه وينظر لمحمود ويرفع أصبعه ويضع أصبعه على فمه في إشارة منه لمحمود بالسكوت

يتكلم الشيخ بصوت قوي ويقول : كن منا نكن منك 

كن منا تجد الخير كله

ثم مد الشيخ ذو اللحية يده وأعطى لمحمود تفاحة حمراء شهية

مد محمود يده ليأخذها وقبل أن يأخذها وجد نفسه يستيقظ من النوم

محمود يحدث نفسه وهو ممدد على السرير : سبحان الله مين الشيخ ده؟ وإيه الكلام الغريب اللي قاله ده ؟ وإيه المقصود بكلامه  ( كن منا نكن منك) 

قاطع تفكيره صوت بنته سحر تدق الباب برفق وتقول : بابا إحنا بقينا قرب العصر، قوم يا حبيبي اتغدى

يتنهد محمود وينزل من علي السرير ويلبس شبشبه ويتقدم نحو الباب ويفتح لها الباب

تقابله بابتسامتها الرقيقة وروحها الطيبة وشعرها الأسود الطويل الذي انسدل على ظهرها في جمال ريفي فطري

حاضر حضري الطبلية لغاية وحطي الأكل 

يخرج وقد توجه للوضوء ثم فرش المصلية  ليصلى الظهر وبعد أن سلم من صلاته إذ بالمؤذن يؤذن لصلاة العصر، فصلى العصر ثم جلس إلي الطبلية التي أمتلأت بطيبات الرزق الحلال : طبق بيض مقلى، خيار وطماطم وفلفل أخضر مقطع دوائر ،  قطعتين جبنة فلاحي عليهم رشة كمون ،  طبق زيتون أخضر لم يكتمل سواه ، طبق مش بلدي بالطماطم والزيت ، شفشق زجاج ملئ بالماء، طبقات مرصوصة من العيش الفلاحي المِلدِّن 

مد محمود يده وبعد أن سمى الله بدأ هو وسحر التي انتظرته لتأكل معه في تناول الطعام ، واختتما الوليمة بكوبين من الشاى بالنعناع الأخضر  وقد صبتهما من ذلك البراد الأزرق الذي صنع من الصاج فأعطى للشاى طعما فريدا لا يعرفه إلا تلك الطبقة الكادحة التي ارتضت ورضيت فارضاها الله بما قسم لها


صفا الحديث بين الأب وأسرته حتي قال محمود لسحر : إن شاء الله يا حبيبتي انا عملتلك جمعية كبيرة وقبضتها الأول وبكرة ننزل أنا وأنت تشتري اللي أنت محتاجاه

لمعت عين سحر من الفرحة وقامت وقبلت رأس أبيها وهي تقول : ربنا مايحرمني منك أبدا يا حبيبي

قاطعها محمود ادخلى  أوضة النوم و افتحي درج التسريحة هتلاقي  رزمة الفلوس هاتيها  كلها 

دخلت سحر الأوضة فتحت درج التسريحة ومحمود ينتظر ويسمع سحر تفتح جميع الأدراج وتغلقها ثم تنادي على أبيها : فين يا بابا؟ مش لاقية حاجة


في الدرج عندك يا سحر


مافيش حاجة يا حبيبي، كل الموجود ٢٠٠ جنيه بس وضفيرة حمرا غريبة خالص


قام محمود بسرعة ودخل بنفسه ومد يده وهو يبحث داخل الأدراج، وكم كانت دهشته حينما وجد ورقة واحدة فئة المائتين وبجانبها ضفيرة طويلة من شعر أحمر شديد الحمرة ناعمة كالحرير

محمود اتلخبط مش عارف يقول حاجة لبنته ومش لاقي تفسير لإختفاء الجمعية ، وزاد خجله من ابنته سحر التي نظرت له نظرة ارتياب فلم تر والدها من قبل يحتفظ بضفيرة من شعر امرأة فما بالنا بذلك اللون الأحمر العجيب


يضطرب محمود ولم يعرف تفسيرا منطقيا لما جرى فقام ليلبس ملابس الخروج لعله يفلت من نظرات سحر المرتابة والمتسائلة  ولكنه تذكر السرة والحجاب ففتح درج التسريحة الآخر فوجد السرة والحجاب كما هما

فأكمل ارتداء ملابسه وخرج بحجة اقتراب الوردية المسائية ولكنه في الحقيقة خرج ليسير بين الغيطان مع نفسه محاولا أن يجد تفسيرا لما حدث، وبينما هو يسير مد يده في جيبه ليخرج منديلا يمسح به عرقه إذ به يجد تلك الضفيرة الحمراء في جيب بنطاله، ولم يكن متأكدا هل هو الذي وضعها في جيبه حين اضطرب أمام ابنته سحر أم أن هناك أحدا قد وضعها له


أمسك بالضفيرة بين يديه وتحسسها جيدا فقد كان ملمسها غريبا ناعمة كالحرير قوية كحبال السفن  مما دفعه  لمحاولة قطع شعرة منها نصفين فلم يستطع وقد زادت غرابتها حينما وجدها تنتهي بشكل غريب يشبه الوردة فقربها من أنفه بشكل لا إرادي فسرت في جسده  قشعريرة ممزوجة بنشوة مفاجئة لا يعرف سببها، وبينما هو في هذه الحالة لمح أمرأة تسير من بعيد على ضفة الترعة القريبة من الطريق وقد كان المساء قد بدأ يغطى الكون بغلالته الداكنة  إلا قليلا من خيوط بيضاء تناثرت هنا وهناك كتناثر الشعر الأبيض في رأس كهل قد فاجأه المشيب

نظرت المرأة ناحيته وابتسمت له ثم استدارت بسرعة مما جعل غطاء رأسها يتزحزح  فلمح من بعيد طرف شعرها وقد انسدل على ظهرها  فخُيِّل إليه أنه رأى نفس الوردة الحمراء


محمود يحدث نفسه : إيه ده ؟! ممكن تكون هي صاحبة الضفيرة؟ ، طب مين دي؟ وإيه حكاية ضفيرتها؟ وإيه اللي جابها عندي

لازم أحاول ألحقها....

مد محمود من خطاه وكلما أسرع ليلحق بها وجدها تسرع أكثر منه حتى غابا في وسط الحقول ولكنها لم تغب عن نظره لحظه حتى قارب على نهاية حقول البلده وقد صمم على اللحاق بها وعرف أن هذه هي فرصته ليجد اجاباته التي حيرته منذ اختفاء المال وظهور الضفيرة الحمراء حتى قلَّت المسافة بينهما وأصبح بينه وبينها مترا واحدا فمد يده ليوقفها

يتبع

محمد حمودة

تعليقات