البارت الثالث
قطه متوحشه
كانت الهدية عبارة عن دبوس على شكل فراشة ناعمة مرصعة بقطع من الماس... اخذتها بين يديها وظلت مبهورة بها لفترة واستغربت ذوقه الرفيع... حقاً اعجبها كثيراً ولكن انكرت ذلك وهمت برميها بعيداً بلا اهتمام...فور تذكرها كيف تصرف معها في تلك الليلة.
- مر يومان وروبي لاتزال قابعة في سريرها ممتنعة عن تناول اي شيء... وكانت صديقتيها مايا ومريم يتصلن بها للخروج ولكنها ترفض ذلك.
في مساء اليوم التالي كانت روبي ممددة في سريرها عندما جاءتها مربيتها فاطمه لتقول بجدية : -باباكى عاوزك تحت فى مكتبه
اجابتها بملل : -عاوز ايه ؟
-معرفش ...ويلا قومى غيرى من شكلك الى يغم النفس ده!
دلفت فاطمه للحمام لتجهيزه لها... بعد لحظات نادتها بصوت مرتفع : -يلايا حبيبتي تعالي عشان تاخدى شور
-تذمرت بضجر :-اوه يا داده ... مليش مزاح للشور .
- خرجت فاطمه لتمسك بذراع روبي وتجبرها على النهوض:- انا متأكدة ان الحمام هيغير من مزاجك... متخليش امور سخيفه تضايقك ... انتى بقالك يومين مطويه فى اوضتك عشان مين ؟!
اجلستها في البانو ثم قالت روبي باقتناع :- -عندك حق يا داداه .. مش لازم اخد الامور بحساسيه زياده ....
-تابعت بفظاظة : -ماشى يا كريم يالى شبه الزومبى ، شجعتها فاطمه بمرح:-ايوه كده عاوزاكى قويه وجامده، مش اى حاجه تهزك
-كان والدها يجلس في مكتبه... طرقت عليه الباب ثم اجابها بنبرة حازمة : -ادخلي ترددت في الدخول لوهلة.. كانت خائفة من توبيخه لها... تنفست الصعداء ثم دخلت وهي تقول بهدوء : -نعم بابى ..حضرتك طلبتنى ؟
- اشار بيده للكرسي : -اقفلى الباب وراكى وتعالى اقعدى!
بلعت ريقها بصعوبة وقلبها يخفق بشدة... اغلقت الباب وجلست منتظرة ماسيحادثها به.. اغلق كتابه ووضعه جانباً ثم خلع نظارته ليحدق بها بنظرات جادة : -عارف انك مصدومه من خيانه كريم ليكى
ارتبكت بحيرة : -ازاى عرفت ؟
- تجاهل سؤالها واجابها :- -مش مهم عرفت ازاى .. انتي هنا دلوقتى لانى قررت اجوزك .
تهجمت ملامحها
تجوزنى، ومين هو؟
-انتى متعرفهوش .. لكن انا اعرفه كويس ، وواثق انه هيحبك زى بالظبط .
روبى بندهاش -ازاى عاوز تجوزنى لشخص معرفهوش !
-كفايه انا عارفه ... وانا متأكد انك لو عرفتيه هطلعى فيه ميه عيب وعيب
قطبت روبي حاجبيها متذمرة : - بابى احنا فى عصر دلوقتى بنحب ونختار بنفسنا ...وحضرتك عاوز ترجعنى لورا، وتجوزنى راجل معرفهوش زى ارتباطك بمامى زمان....الحياه دلوقتى اختلفت ومفيش وجه مقارنه
نهض من على كرسيه واجابها بنبرة صارمة:-وانا مش واثق فى اختيارك ....وعاوزك تعرفى ان انتى بنتى الوحيده ،وكمان هتورثى كل املاكى ..ومش هسمحلك تتجوزى من شخص مستهتر ...ميصلحش الاعتماد عليه عشان يقدر يحافظ على ثروتك
روبي برجاء :-بابى ارجوك متفكرنيش ب كريم ..انا بعترف انى غلطت بس كمان مش كل الرجاله زيه
-يابنتى وانا مش هجازف ...اعملى حسابك بعد اسبوع خطوبتك منه .
- اصرت قائلة : -على الأقل اعرف اسمه
مهاب ابتسم -كل شيء جميل في آوانه متستعجليش .
------
في صباح اليوم التالي حضر صديقاتها للمنزل لرؤيتها قالت مايا موبخة :ايه يا روبى مبقناش نشوفك زى زمان
تنهدت روبي بأسى : -عشان اكتشفت ان كريم بيخونى
صعقت الفتاتان من الخبر
فقالت مريم متفاجئة - ياخبر ...دى كارثه ...وعملتى ايه؟!
روبى بتنهيده - ببساطة طردته ... بس دلوقتى مش زعلانه عليه انا اتخطيت المرحله دى
قالت مايا ساخطة: -بس كان لازم تلقنيه درس مينسهوش ... ده انا عاوزه اروح اخنقه
قاطعتها روبي باستياء:- فيه كمان خبر تانى...اصل الاخبار الزفت بقت تتهاتف عليا
جلست مريم قبالها وتعجلت الخبر منها:-ايه هو؟
روبى بسخط:-بابى هيجوزنى راجل معرفهوش ..ايه رايكم بالمفجأه دى
اخذت تنظر الفتاتان لبعض باستغراب فقالت مايا بسرور : -اكيد وسيم وغنى
صاحت بها روبي موبخة :مايا انتى مبيهمكيش غير الامور دى ...فلوس ووسامه ..عاوزه تقنعينى انك مش بتحلمى بنفس الموصفات دى
تسألت مريم:وياترى يا انسه روبى تقدرى تتجوزى من شخص فقير ..
.رمقتها روبى بحنق
-اكيد لا ...ازاى تفكرى كده انا بنت صاحب اكبر شركات استثمار اتجوز من راجل فقير..
ارتمت مريم بجسدها على السرير : -انتى محظوظة عندك باباكى يأمنلك بمستقبلكِ
قاطعت مايا موجة الحزن التي انتابتهم لوهلة: - ايه رايكم نروح الديسكو نصيع شويه
وافقتها روبى-تتصورى فكره تجنن
-اسرعت روبي بفتح دولابها واردفت بمرح : -يلا كل واحده تختار هتلبس ايه؟؟ خلونا ننسى همومنا
تسللت الفتيات من المنزل دون ان يلاحظهم احد... هتفت روبي بحماس وهي تنطلق بسيارتها : -مش مصدقه اننا خرجنا بسلام
-في البار كانت الفتيات الثلاث يجلسن حول طاولة مدورة ومنخفضة ويستمتعن بسماع الاغاني وتناول المشروبات... في بادئ الامر استمتعت روبي بصحبة صديقاتها ولكن سرعان ماانضمت مايا لاحد الشبان الذي قدم لها كأس شراب والاخرى اختفت وهي تراقص احد الشباب...تمتمت روبي بانزعاج -هى بقت كده ... طب انا هعمل ايه لوحدى؟!
تناولت كأسها بكامله واردفت بندم : -باينها كده حفلة مملة...كان الصح افضل فى اوضتى ....صحيح صحاب زى قلتهم ... .. نهضت لتجلس قرب نادل البار وهي تقول بملل-ناولنى كاس تانى
وفجأة جلس قربها شاب ضخم جداً... ذو نظرات ثاقبة مخيفة...
-انزعجت روبي من نظراته المحدقة بها فقال مبتسماً : -ناول الانسة كاس على حسابي
-اجابت بعدم اهتمام -وانا مبحبش اشرب على حساب حد ... وفر حسابك بعيد عني
ضاقت عينا الرجل وهو يخاطبها بحدة : -اومال بتعملى ايه هنا ؟
-تناولت كأسها الثاني دفعة واحدة ثم التفتت نحوه وقالت ساخطة : -وانت مال اهلك ..خليك فى حالك
رمقها الرجل بغضب : -انتى فاكره نفسك ايه يا صايعه ، تسارعت انفاسها... وبحركة سريعة امسكت بالكأس ورمته بوجهه : -الصايعه دى تبقى امك يا حيوان
نهض الرجل وامسك بيدها بعنف... فاحدث جلبة حولهما... تدخل النادل بلهجة مهذبة -خلاص يا استاذ اعذرها دى سكرانه طينه ومش عارفه بتقول ايه؟
اعترض النادل بتهذيب ونظر لروبى -كده كفايه ياانسة... انتى سكرانه وياريت تمشى
-هتفت بمزاج متعكر - انتى اتجننت يا لاه ازاى تتجرأ وتطردنى ...انت عارف انا مين؟
تنهد النادل بنفاذ الصبر:انتى بتعملى مشاكل .....اتفضلى روحى مكان تانى ..واعملى فيه مشاكل براحتك ....هنا مكان محترم
نهضت روبي وهي بالكاد تسير...لتقهقه ساخرة بصوت مرتفع -مكان محترم! تتصور ضحكتنى ... انا هقول لبابى عن خدمتكم الزفت وهتندموا لانه ببساطه هيطربقوا على نفوخكم ......قال مكان محترم قال ههههههه
خرجت روبي من البار وهي تترنح بجسدها المتثاقل... وقفت تبحث ببصرها عن سيارتها متذمرة -راحت فين دى ... اه انا مش شايفه قدامى
سرعان ماابتسمت لنفسها وهي ترى سيارتها... اقتربت منها واخذت تبحث عن مفاتيح السيارة في الحقيبة عبثاً... زفرت بعصبية -ياربى راحت فين دى ؟
كانت بالكاد واقفة على ساقيها... برقت عيناها بسعادة وهي تمسك بالمفتاح وكأنها وجدت كنز. .. امسكت بالمفاتيح وحاولت عدة مرات فتحه ولكن دون جدوى انها لاترى قفل الباب جيداً...
- شعرت بارهاق شديد وهي تحاول فتح القفل. ، وفجأة توقفت امامها سيارتها سياره صغيرة وقديمة ليخرج منها ادم ... خطى نحوها وقال بلهجة مهذبة : -اظاهر انك عاوزه مساعده
رفعت راسها نحوه لتتفاجئ به : -انت! بتراقبني بقى .... ولا جيت تسرقنى ... على العموم مفيش مشكله خد العربيه وسيبنى
اخذ ادم ينظر اليها بحيرة... سرعان ماتأكد انها مخمورة وتتصرف بدون وعي... رمت المفاتيح عليه وهمت بالانصراف ولكن قبضته القوية حول رسغها قيدت حركتها فصاحت منفعلة -سبنى .... عاوز منى ايه ؟
تجاهل احتجاجها وحملها ببساطة فوق كتفه... بينما هي اخذت تصارعه عبثاً ليتركها.. اجلسها في سيارته عنوة -انت يا مجنون سبنى . احتل مقعده الامامي بجسده الضخم وهم بتشغيل سيارته بينما استمرت روبى فى التذمر :-انت عاوز تخطفنى
رفعت يدها نحوه محذره -انت جنيت على نفسك ...انت فاهم الى بقصده .
ادار راسه نحوها وقال ببرود : -عارفه لو مكنتيش سكرانه كنت كسرتلك صوابعك ارتعبت من كلامه واسرعت باخفاء يديها ببلاهة : -طب حاول كده يخربيت غلاستك .
خارت قواها ولم تتمكن ان تكمل حديثها معه ..استندت بجسدها على المقعد وحاولت تتماسك ولكن النعاس غلبها... اغمضت عيناها مستسلمة. - تمتم ادم وهو يحدق بها بازدراء : -مجنونة...
اشفق لحال والدها لديه ابنة مثلها. ، اوقف سيارته امام قصرها...ثم ترجل من سيارته فالتقى بمربيتها فاطمه كانت تنتظرها في الشارع بفارغ الصبر...
قالت بنبرة متوترة: -انا بشكرك يابنى
حملها بين ذراعيه واجابها بشهامه :-مفيش داعى لشكرى يا داده...
علا شفتاها ابتسامة امتنان -ممكن بس تطلعها اوضتها ..
فور دخوله الغرفة ..مددها على السرير بينما كانت فاطمه ملتهية بتغطية روبي لمح العلبة مرمية على الارض. ... علت ملامحه مسحة كبيرة من الحزن، وهو يرى هديته مرمية كالنفايات على الارض... انحنى ليلتقطها ويخفيها في جيب بنطاله. ......
.....قطه متوحشه
منه محمد
تجاوزت الساعة الثانية عشر صباحاً وروبي لاتزال نائمة عبثاً على بطنها... ولكن سرعان ماايقظها صوت احدهم يطرق الباب تلاه انفتاحه واذا بها داده فاطمه تقول متذمرة:
عارفه ياروبى انا ممكن يحصلى جلطة بسببك... انتى لسه لحد دلوقتى نايمه ....عارفه لو باباكى اكتشف الى عملتيه امبارح كان فقد عقله بسببك
-
امسكت بالوسادة ووضعتها على راسها بأنزعاج - يووه يا داده صوتك بيجبلى صداع
- ابعدت الوسادة عمداً وقالت بنبرة حازمة:مش انا الى بجبلك الصداع ...افتكرى الى عملتيه امبارح ..هو ده الى جابلك الصداع ..وتابعت :يلا قومى استحمى عشان تغيرى من ريحتك المقرفه دى
زفرت بضيق شديد : -اوووه خلاص كفايه محاضره ... حاسه بجسمى هيتفلق نصين ...انا اصلا مش فاكره ليله امبارح حصل ايه؟ا...امال فين بابى ؟!
- هيرجع من الشركه بعد ساعه ..يلا قومى قبل ما يحس بالمصيبه الى عملتيها ...وانتى عارفه هيعقبك ازاى...
-
نهضت لتجلس على حافة السرير بتثاقل ثم دست اصابع يديها بشعرها وهي تقول -انا باين كترت فى الشرب
- باباكى لو عرف بلى عملتيه هيكون عقابك تقيل
نهضت وقالت بأسى : - يعنى تفتكرى اى عقاب هيكون اكبر من عقاب جوازى ياداده
ساعدتها فاطمه على الاستحمام... جلست على السرير ثم اخذت فاطمه تنشف شعرها قالت روبي بحسرة :- اظاهر هيوحشنى دلعك يا داده اول ما تنيل اتجوز
طمأنتها فاطمه بمرح:لا متقلقيش جوزك هو اللى هيدلعك
- تفتكرى كده....تفتكرى هلاقى الحب والاهتمام ..ولا هعيش زوجه تعيسه ؟خايفه اخوض التجربه دى....
-فاطمه:وتفتكرى ان باباكى هيرميكى ...طبعا لا ...انا واثقه من ده
في المساء كان الجميع حول طاولة العشاء قال والدها بنبرة جادة:بكره باليل هيجى خطيبك معزوم على العشا واهى فرصه تتعرفوا على بعض
اجابته روبي بهدوء -كويس داه انا فتكرت هتجوزه من غير ما شوفو...بس لو معجبنيش؟ا
- هو الى طلب ده....ومفيش مجال لرفضه ....وانا متاكد انه زوج صالح وهيتولى مهمه اداره املاكك بأمانه
تنهدت بضجر وهي تقلب قطعة اللحم بالشوكة:وانا جاهزه اقبله.
سرعان ماراودتها افكار بشأن الفرار من هذه الزيجة...وفجاة قاطعت والدتها افكارها
-بتفكرى فى ايه يا حبيبتى
جفلت لدى سماع والدتها وقالت بتوتر - ولا حاجه...ولا حاجه
طمأنتها وهي تحضن كف يدها بحنان : -متقلقيش يا بنتى كل شيء بخير... انا عاوزاكى تثقى فى اختيار باباكى ...
---------------------------
في مساء اليوم التالي وقفت روبي امام المرآة بفستانها الاسود القصير...جذبت خصلات شعرها مجعد التمكث مسترسلة على صدرها. : قالت روبي ل لفاطمه متسائلة ببرود -ايه وصل ؟
-ايوه .. من حوالي عشرة دقايق ودخل الصالون .
تنفست الصعداء قبل ان تدير مقبض الباب وتدخل... لمحته من بعيد يقف امام احدى اللوحات عاقداً ذراعيه خلف ظهره... وعيناه تتفحصان اللوحة بدقه
زفرت بضيق شديد لانه لم يشعر بدخولها... افقدها ذلك صبرها... وققت خلفه ولكنه اصر على تجاهلها ممازاد من حنقها... فقالت باعصاب مشدودة - ايه عجبتك اللوحه للدرجه دى
كان يرتدي قميص قمحي فضفاض... وبنطال جينز يبدو قديماً نوعاً ما... ولكنه محافظ عليه... بدى طويلاً وضخماً بالنسبة ل روبي التي انحسر طولها قربه.
لا يزال يتفحص اللوحة بنهم شديد... ولم يعر اهتمام لروبي الواقفة خلفه... ولكن رغم ذلك اجاب بجدية : -دى لوحة نادرة... مرسومة بألوان مائيه بترسم القصة الخرافية ل هانس كرستيان اندرسون ودى بتدور عن العندليب الى بيغني لأمبراطور الصين... شئ مبدع
رفعت حاجبيها بدهشة... وكانت تبدو كالبلهاء وهي تسمع حكاية هذه اللوحة لأول مرة.. ولكنها تصنعت المعرفة باحتراف
-
اه طبعا هى كده وكان اقتنائها من سابع المستحيلات ...
استدار نحوها وقال وهو يمد ذراعه نحوها بلباقة -ادم سرحان تشرفت بمعرفتك... انسة روبي
تراجعت خطوة نحو الخلف... وتجهمت ملامحها وقالت ساخطة -انت ازاى تتجرأ تدخل بيتى كده يا ....
-لم يدعها تكمل كلامها... انقض على ذراعها بقسوة وقال بحدة -ايأكى تنطقى كلمه كده ولا كده .لاوالله اقطع لسانك الطويل مفهوم
بلعت ريقها بصعوبة وهي تحدق بمنظره المهيب - اوعى سيب ايدى يابنى ادم
افلت ذراعها بفظاظة وقال موضحاً -انتى باباكى مبلغكيش عنى ... انا...
قاطعته كالمصدومة:اوعى تقول انك انت الى هتتجوزنى
زفر بسخريه لاذعه:-تقدرى تقولى كده ... لكن انا لسه بفكر ... يمكن اوافق ..ويمكن لا
حملقت به غير مصدقة... هل يرفضها ولكن من يظن نفسه هذا المجنون :اظاهر ان بابى فقد عقله ....ازاى يفكر انى اوافق على الجواز منك
قال وهو يضع ذراعيه بجيوب بنطاله بثقة عالية - ولا انا موافق على الجواز منك
رفعت حاجبها باستغراب:امال انت جيت هنا ليه؟
رمقها بنظرة فاحصة : -ا صل حبيت اشوفك عن قرب
هتفت به ساخطة : -ليه شايفنى بضاعه للبيع
-براحتك فسرى مجى هنا زى ماأنتى عاوزه
- الاحسن انك تتفضل تغور من هنا لانى رفضاك بكل المعانى الى فى الدنيا
-مش انتى يا شاطره الى تقررى!
-
تنهدت بفراغ صبر : خلصنى انت عاوزه ايه بالظبط ...عشان ترفض فكره جوازك منى .
- لاحت على شفتاه ابتسامة ماكرة -عاوز كتير ... ومش هوصل لده غير بالجواز منك
تنهدت بضيق شديد فور سماعها كلامه... هل هي امام رجل محتال... يفكر بالاستيلاء على املاكها... كيف وثق والدها بمعتوه مثله... ولكنها جاهدت كي لاتبدو انها عرفت بنواياه.. انها امام خصماً ذكي ووالدها لن يصدق ان اخبرته انه يتزوجها من اجل مالها.
عادت للواقع وحاولت ترتيب افكارها كي تبدو طبيعية : -اسمعني كويس بقى ومن الاخر كده انا بحب واحد تانى وبابى جبرنى عشان اوافق واتجوزك ...وطبعا حضرتك متقبلش تكمل حياتك مع واحده بتحب راجل غير حضرتك ....
حدق بها بحيرة ثم اخذ يحك اسفل شعره وقال -انتى عندك حق ... هاخد بكلامك واعمل بيه !
تنهدت بارتياح... فور رؤيته انه قد لانت ملامحه وقد يعدل رأيه في الزواج منها
-ارجوك انه يكون الرفض منك ...مش عاوزه بابى يعرف انى قلتلك حاجه ......لان هيكون رده عنيف معايا....خليك جنتل وقوله انى ماعجبتكش والموضوع كده ينتهى
ادم بثقه - اظاهر انك مخططه لكل حاجه ...على العموم الامر مش محتاج للتفكير وابوظ دماغى
ابتسمت له - خلاص ....انت موافق صح كده ؟
رفع حاجبيه مدعياً عدم فهمه كلامها:موافق على ايه؟؟
كادت تفتح فاهه لتوضح لهُ الأمر... ولكن دخول والديها اوقفها عن قول اي شيء
اقترب والدها منه وقال بلهفة : - اظاهر انكم اتعرفتوا على بعض؟
احتضنا بعضا... وادهش ذلك روبي... كيف وصلت العلاقة بينهما لهذا الحد...
قال ادم بخبث :دى بنتك دى لطيفه جدا
ربت على كتفه وقال :كويس انها عجبتك
اشتد غيظ روبي من تصرفهما وكانها سلعة... ولكنها امتلكت جهوداً جبارة لتتصنع البرود وترسم ابتسامة عريضة لتغمر محياها.
قالت والدتها شريفه بحماس -لسه شقى يا ادم ... نفسنا نزور والدك وولدتك وحشونا ازيهم يابنى؟
ادم بصوت رخيم -بخير خالتى شريفه
قال مهاب وهو يشير لطاولة العشاء:انفضل يابنى للعشا
كانت روبي طوال السهرة صامتة... وهي تفكر ماذا سيكون مصيرها... اما البقية فكانو متحمسين بالحديث مع بعض بينما هي لم تدرك مايدور بينهما حتى قاطعها صوت ادم المهذب -وانتى يا روبي ايه رايك موافقه ؟!
ودون ان تعي مايقوله اجابته بعفوية : -آه انا موافقة
قطه متوحشه
منه محمد
في صباح اليوم التالي استيقظت روبي في
وقت مبكر ًا منزعجة بسبب الاصوات الغريبة التي تنبعث من الخارج...صاحت بصوت مرتفع -داده... داده...
فتحت الباب بخطى سريعة وهي تقول بدهشة واستغراب -ايه يا بنتى ؟بتصرخى ليه بصوت عالي؟
غمضت عيناها بشدة ثم اجابتها بعد ان اخذت نفساً عميق ايه ده ياداده الى بيحصل بره ؟
علت شفتاها ابتسامة ارتياح وقالت -انتى لحقتى تنسى بالسرعه دى ؟
رفعت حاجبيها باستغراب - تقصدى ايه ؟وايه هو ده الى نسيته ؟
-دول العمال بيجهزوا جنينه الفيلا لفرحك بكره يا عروسه
انتفضت جالسة كالمصعوقة -ايه ا؟!فرحى
-
نهضت بسرعة البرق لترى مايجري من خلف زجاج نافذة غرفتها... تضرج وجهها بالدماء وهي ترى ذلك قالت بنبرة تنم عن عدم التصديق - لا ده اكيد انا فى كابوس
وقفت فاطمه قربها والابتسامة نفسها تعلو شفتيها
لا انتى فى حقيقه جميله كمان !
استدارت روبي ساخطة -حقيقه ايه دى ... انا مش مصدقه الى بيحصل لا انا هتتجن ... انا اصلا مش عاوزه اتجوز وبالذات من البتاع المتخلف ده
- انا بقى مش شايفه انه متخلف ...بالعكس ده راجل بمعنى الكلمه وطيب وشهم كمان
صاحت بها حانقة
ده حيوان وسافل .... انا بكرهه...انا لازم اقابله وانهى المهزله دى ...
كادت تدلف للحمام بعصبية... ولكن فاطمه استوقفتها وهي تمسك ذراعها
-باباكى هيزعل منك لو عملتى كده ....ارجوك يا بنتى اقبلى ده شاب طيب وشهم
رمقتها روبي بغضب عارم وقالت -ميهمنيش ... انا الى هتجوزمش بابى
في نفس اللحظة انفتح الباب فكان والدها... الذي بدى انه سمع مادار بينهما هي وفاطمه ..دون اية مقدمات قال بلهجة صارمة :ان عملتى كده هتخسرى كل حاجه
تسمرت في مكانها غير مصدقة ماتفوه به والدها -لكن يا بابى ؟!
اشار بيده قائلاً ببرود:كفايه مش عاوز اسمعك.....جوازك من ادم هيتم...انتى عرفتى انا كتبت وصيتى ولو متجوزتيش ادم مش هطولى مليم من ثروتى بعد ما موت
حملقت به كالمصدومة:-امتى عملت كده ... بابى انت اكيد بتهزر معايا ؟!
-عشان اوفرلك كل سبل الراحه
-يابابى ده نصاب ...... انا مش مصدقه انك عملت كده!
-قال بثقه عاليه:ده الشخص الوحيد الى اطمن وانت معاه ...واردف مكملا:انا بثق فيه ويمكن اكتر منك
هتفت بحسره:بابى
تجاهل كلامها وخرج... اماهي فخارت قواها لتجلس على الارض بألم وانكسار
-كده بالبساطه دى الكل بيتخلى عنى
جلست فاطمه القرفصاء لتحضن كتفيها بحنان
-حبيبتي محدش اتخلى عنك .
احتضنت روبي فاطمه بشغف واذرفت الدموع بحزن شديد.. قالت من بين شهقاتها -هتجوزه ومش هخليه يفرح ليوم واحد معايا ........
لم تعلق فاطمه على كلامها لانها كانت مدركة بما كانت تعانيه ابنتها الغالية... فأكتفت بالتمسيد على شعرها.
------------------------------
كانت روبي في غرفتها والجميع من حولها يهتمون ويعتنون بها... قالت مريم وهي تضع احمر الشفاه الغامق -انتى مالك مكشره كده ليه ؟يلا ياعروسه افردى رقم 11 ده ابتسمي بسيط ... انت محتاجه لمسه واحده عشان تظهر جمالك الفتاك ده.
زفرت روبي بضيق وهي تنظر لنفسها في المرآة
انتى هتسكتى ولا اقوم اكسر كعب جزمتى على نفوخك
تراجعت مريم مبتعدة عنها بتوتر - خلاص يا متوحشه انا اسفه اعملى الى انت عاوزاه
قالت مايا بحماس شديد وهي تحملق بوجه روبي في المرآة - ايه الجمال ده يابت قمر هتسحرى الراجل
-كتهم شوطه ....بكرهم كلهم كتهم الارف
هتفت الكوافيرة بابتسامة متوترة - خلاص خلصتى مبروك يا عروسه ....دلوقتى تقدرى تخرجى
هبطت درجات السلم المتوسد بالسجادة الحمراء... كان الجميع سعداء... الاهي تشعر وكأنها في
عزاء وليس زواجها.. اخذوا يرمونها بالازهار واصوات تصفيقهم تعلو المكان... كان يقف ببذلته القديمة... شعرت بالاحراج لرؤيته هكذا وكرهته لذلك... هل يحاول السخرية منها بتصرفه هذا.. ولكن لايمكنها ان تنكر انه كان يبدو وسيماً وجذاباً مهما ارتدى...
---------------------
بعد ان تمت مراسيم الزفاف... انفرد العروسان برقصة تحمل جميع معاني البغض والكره روبى بخنق -انت خدعتني
-تقصدى ايه ؟
-انت وعدتني انك مش هتقبل تتجوزنى.
رفع حاجبيه باستغراب -امتى قلت كده؟
قالت من بين اسنانها غضباً
-انت كمان كداب ... اظاهر حليتلك عشان تستحوز على ثروتى نجحت ببساطة؟
لم تعجبه نبرة صوتها... فاشتدت قبضته حول خصرها ليلصقها بجسده الفولاذي
-تقصدى ايه ؟
اجابته ساخطة... رغم ارتجاف جسدها وخفقان قلبها بشدة
-انت عارف كويس انا اقصد ايه ده انا هخلى حياتك جحيم ..
ضاقت عيناه وقال ببرود
-وانا مستنى جحيمك ياسيدة آلياس
هتفت بعنف -ربنا يخدك ..انت وعيلتك كلها..وحياه مامى ما هسيبك تنفد بعملتك دى
اجابها بنبرة محذرة -وطى صوتك والا بهدلتك قدام الناس انا صايع واعملها ..اما بالنسبه لعيلتى انت هتشيلى اسمهم لحد ما تغورى وتموتى وتعفني تحت التراب !فاهمه الى بقوله .
كادت تقول شيء ولكنها تراجعت... خائفة من تنفيذ تهديده لها.. استسلمت رغماً عنها... وقف الاثنان قرب بعض واخذ يودعان الضيوف... فور ذهاب اخر المدعوين انسلتت مسرعة لداخل الفيلا.
-زمجرت بعصبية وهي تحاول فتح باب غرفتها المقفل بأحكام
داده...يا داده
اسرعت لندائها قائلة:مالك فيه ايه ؟
امسكت مقبض الباب وحاولت فتحه دون جدوى -الباب مبيتفتحش
-حبيبتي انتى عروسة جديدة والاوضه دى متنفعكيش ... تعالي معايا اوديكى اوضتك
تجهمت ملامح وجهها وقالت بعنف -
ليه تعملى كده .. دى اوضتى الى بحبها
امسكتها فاطمه وقادتها لغرفتها الجديدة وهي تقول بنبرة مهدئة
-انا متأكدة ان الاوضه الجديدة هتعجبكِ
-كانت فاطمه محقة فور دخول روبي الغرفة ادهشها تصميمها واثاثها الفخم... السرير الضخم يتوسط الغرفة... واوارق الورد الاحمر متناثرة عليه... ورائحة الورد الفواحة تعبق المكان والشموع تنير الغرفة بشكل ساحر. ، فور خروج فاطمه .... انتزعت الطرحة ورمتها ارضاً... فانفتحت تسريحة شعرها عبثاً... ثم وقفت امام المرآة وهمت بمسح المكياج بعصبية
-
والله لوريك يا متشرد انا هخليك تندم... .والله لموتك ... متخلف
وفجأة سمعت صوته قرب الباب وهو يودع والديها بمحبة... وبعد لحظات فتح الباب ليدخل منه... انتفضت نحوه ساخطة -انت بتعمل ايه هنا ؟ازاى تدخل كده من غير ما تخبط ؟
اغلق الباب خلفه... وخلع سترته ورماها على السرير متجاهلاً احتجاجها...
أردفت بنفاذ صبر -انا بكلمك يا بنى ادم مبتردش عليه ليه؟
ارتما بجسده على الكنبة واجابها ببرود -لما تنقى الفاظك هرد عليكى ... لكن دلوقتى مليش اى كلام معاكى
وقفت امامه واضعة ذراعيها حول خصرها - اتفضل اخرج بره حالاً
-حاضر هسيب الاوضه بس مش لوحدى
تقصد ايه ؟
-بكره الصبح بدرى هنمشى من هنا ..هنروح بيتى يا عروستى المؤدبه.
هتفت بعنف - انت اكيد اتجننت شكلك غاوى هزار .. انا مش هخرج من هنا ابداً
نهض واجابها بجدية -انتي مراتى وهتروحى معايا غصب عنك .
-مش هتقدر ... انا متوقعش ان بابى هيسمحلك بكده.
-انتى دلوقتى مسئوله منى ...وبعد كده ابوكى ملوش دعوه بيكى ا..
قطعته-انت وقح وحقير... ومش هسيبك تتحكم فيا .
امسكها من كلتا ذراعيها بقسوة وقال مهددا ً -صبري معاكى قرب ينفد ... اتقى شرى يابنت الناس لحسن اقطع لسانك من غير ما أتردد لحظه!!!
بعدها عنه بفظاظة... بينما هي اصيبت بالذعر من نبرة صوته الصارمة ونظرات عيناه التي تفيض غضباً... اخذ نفساً عميق ثم اضاف بلهجة غير مبالية
-اغسلي وشك كويس .. لحسن حد غيرى يشوفك ويحصله جلطه
حملقت به بحيرة وهي تلامس بشرتها كالبلهاء... ثم توجهت للمرآة لرؤية مايقصده... كانت هي بنفسها اصيبت بصدمة... وجهه ملطخ بالمكياج بشكل مخيف وعيناها مسودتان اثر الكحل... ((شبه الساحره الشريره))انتفضت مسرعة نحو الحمام وهمت بغسل وجهها بعصبية بينما اخذت تتمتم
-ادم ببرود اعصاب:انا سمعتك على فكره
هتفت ساخطة بشفتاها فقط دون ان تصدر صوت -عبيط ... طور
بعد مرور ساعة لها في الحمام .........
خاطبها من خلف الباب بنبرة استفزاز: تعالى اتخمدى بكره ورانا مشوار طويل
فتحت الباب امامه وتجاهلت وجوده وهي تخطو قربه... اخرجت لها بيجامة نوم قصيرة مصنوعة من قماش الساتان.. ثم دلفت للحمام لتستبدل ملابسها.
طوال الليل كانت روبي تتقلب في سريرها... .بينما هو غطى بنوم عميق على الكنبة... نظرت اليه بحقد وكراهية وهو بهذا المنظر المريح وكأنه لم يفعل شيء.
لهذا تعمدت ان تصدر بعض الاصوات لتزعجه... ولكنه لم يتأثر ابداً... نهضت من السرير واقتربت منه... اخذت تحملق بوجهه قالت ساخطة بصوت خفيض:اتخمد دلوقتى بس بعد كده مش هخليك تدوق طعم النوم
وفجأه فتحت عينيها على اتساعها....وهى الاخرى تجمدت فى مكانها ..وكاد قلبها يقع اسفلها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق