البارت ١٥ والاخيره
قطه متوحشه
الاخيره منه محمد
وفجأة ظهرت خلف النافذه المدعوة هند والشرر يتطاير من عيناها... اتسعت عينا روبي رعباً وهلعاً كاد صوتها يختنق وهي تردد بأسى
-هند ...هند ... ارجوكي افتح لي الباب...هند متمشيش
ضاقت انفاسها من اثر الدخان... اما هند تعالى صوتها وهي تكرر بين ضحكاتها الكريهة
-موتي... موتي... يا ملعونة آدم ليا انا لوحدي
اخذت صورة هند تختفي تدريجياً امام ناظريها... .ثم سقطت على الارض دون ان تتحرك
فتح آدم عيناه بصعوبه وهو يشعر بألم فظيع بكامل جسده... تنهد سيد بارتياح
-حمداً لله على سلامتك... قولي حاسس بأيـة؟
كاد ينهض بصعوبه وهو يقول بصوت متألم
- لازم دلوقت امشي... روبي... هتأذيها هند
اعترض سيد
-لا مش هنقدر نروح في حته انت مش بخير.... سلسبيل هتجبلك حاجة تشربها تقضي ع السحر جواك
تجاهل كلام سيد وحاول ان ينهض بصعوبه
- انا مش مطمن... لازم امشي
طمأنه قائلاً
- متقلقش بخصوصها مارينا جنبها وهتهتم بيها
ادم بخوف ورعباً-مارينا... يالله اختي وروبي وابني في خطر...هند اتفحش الشر والحقد فيها
وفجأة قاطع حديثهما صوت سلسبيل
-انا جهزتلك مشروب اشربه يابني عشان تقضي ع السحر المشروب ده اتعلمته من جدتي الله يرحمها
امسك بالكوب وقال متسائلاً
-انتي متاكدة اني هرجع (هتقيئ) سحر هند ؟
- طبعآ من غير شك
امتطى كلاً من آدم وسيد حصانه وانطلقا مسرعين.... ترأى امام ناظري أدم من بعيد ادخنه متصاعده خفق قلبه بشده وهو يرى صورة منزله الذي اخذ بالاتضاح... اتسعت عيناه صدمه
-اية ده اية الي بيحصل لبيتي؟!؟
اجابه سيد بقلق شديد
-اظاهر ان الملعونة هند هي الي عملت كدة
اسرع بالتوقف امام منزله واخذ يدور بحثاً عن مدخل ما... وفجأة استوقفه صوت مارينا المتهالك
-آدم آخويا
استدار نحو اخته التي تلقاها زوجها سيد وهي بالكاد تمشي واضعة راحة يدها خلف راسها
-مارينا... فين روبي... اية الي بيحصل هنا؟
-روبي في البيت لازم نعمل اي حاجة ننقذها هند ضربتني علي راسي ومعرفش اية الي حصل بعدها
-يالله... روبي...
تضرج وجهه بالدماء واعتصر الألم قلبه وهو يرى المنزل يحترق وحبيبته في الداخل... اسرع بخطاه وتمكن بأصراره وقوة حركته ان يجتاح النيران دون ان تمسهُ... وسرعان مااندفع بقوته البدنيه ليحطم الباب... اخذ يحرك بيده عبثاً ليبعد دخان وهو يردد
-روبي... حبيبتي... روبي انتي فين؟
تسارعت نبضات قلبه عندما لم يرى روبي... بحث عنها في انحاء المنزل ... وفجأة لمحها ممددة على الأرض دون حراك..
-روبي... يارب... ارجوك اوعي يا روحي تموتي
اسرع بحملها ولف جسدها بغطاء سميك...اخذ نفساً عميق ثم قفز عبر النيران... نشبت النيران في بنطاله واحرقت ذراعيه... ولكن سيد تمكن ان يخمدها بسهوله وضعها على الارض وابعد الغطاء عنها... ثم اخذ يتحسس نبضها.. متجاهلاً الحروق التي اصابته... ابعد خصلات الشعر عن وجهها... سألته مارينا بتوتر
-آدم ...روبي فيها اية..ارجوك اعمل حاجة
احابها بعصبيه
- مش عارف..مش عارف يالله دي حتي مش بتتنفس
لم يستطع ان يتمالك نفسه... اخذ يتصرف بهستيريه... ضغط على صدرها واخذ يصنع لها تنفس اصطناعي
-روبي...فوقي... روبي حبيبتي... يارب اوعي تموتي انا بحبك انا بعشقك هموت لو سبتيني
نظر لأخته ثم اردف
-مارينا... دي مش بستجيب هنعمل اية؟!
احمرت عيناه دموعاً والماً... لم تستطع مارينا ان تكبح دموعها.. اما سيد امسك بـ آدم مواسياً
-ارجوك يا صحبي خليك صامد وجامد
اجابه من بين انفاسه المضطربه
-هي رجعت عشاني وانا عملت اية مقدرش احميها للمرة التانية
كانت مارينا قريبة من روبي وهي الاخرى قامت باسعافها... قالت مارينا وهي تجهش باكيه
-آدم اظاهر احنا فقدنها لاحول ولا قوه الا بالله فقدنا روحين
لم يتمالك آدم اعصابه...هم باحتضانها وهو جالس على الارض... ثم صرخ باعلى صوته
-رووووبي
اخفى وجهها بصدره العريض واجهش باكياً... وفجأة سمع صوت سعال خفيف سرعان ماتعالى... ابعد وجهها عن صدره قليلاً... لمعت عيناه ببريق سعادة... قال برقه
-روبي... حبيبتي... انتي عايشة صح ردي عليا قلبي هيوقف اتكلمي اعملي اي حركـة
فتحت عيناها بصعوبه
- آد...آدم انت رجعت؟
اشرقت ملامحه
- ايوة رجعتلك ياحبيبتي ومش هبعد عنك تاني لو لثواني
علت شفتاها ابتسامة ناعمه
-بحبك
-وانا ادمنت حبكِ وعشقكِ
اتسعت عيناها ببلاهه وهي تضع يدها على بطنها عابسه
- مش حاسه بنبضه
وضع يده هو الاخر وقال
- لا مش معقول يمكن نايم
وافقته مارينا بهدوء
- آدم عنده حق يمكن فعلآ نايم مش تقلقي بالموضوع ده
قال سيد بلهجة حازمة
-لازم نمشي من المكان حالاً
نهض الجميع... بينما وقفت روبي تنظر لحطام المنزل والألم يعتصر جسدها
- ياخسارة انا حبيته كتير..واتعودت اعيش هنا
احتضن كتفيها بحنان واجابها مهدئاً
-هترجع كل حاجة زي الاول وآحسن مش عايزك تكوني قلقانة المهم انتي وابني بخير
وفجأة قاطع حديثهما صوت نباح مارثا التي اسرعت اليهما بلهفه... بينما قال آدم بأسى
-اوووه مارثا حبيبتي.. اسف لاني نسيتك
جلس القرفصاء قربها واخذ يمسح على راسها... ولحقته روبي جالسه قربه وهي تقول وتداعب راسها
-مارثا انتي كلبه شجاعه
كان آدم يقود سيارته بينما روبي مسندة راسها على كتفه قالت باستياء
- اخبار الزفته هند اية...انا خايفة ترجع تأذينا مرة تانية هنعمل اية بقا
ادم بغضب متفحم- هند دي هيكون حسابها عسير معايا
مارينا- هتعمل اية؟
- هتعرفي كل حاجة في آوانها
تنهدت بارتياح واغمصت عيناها لتستسلم للنوم... بعد مرور اربعة اشهر كانت روبي جالسة قرب البحيرة تشاهد آدم يسبح في المياه وهي الأخرى كانت ترشقه بالمياه ضاحكه
- خلي بالك بعد ولادتي المفروض تعلمني السباحة آه منا مش هطيق اصبر كتير لازم اشاركك في المتعة دي مش تاخدها لوحدك
اجابها مسروراً
-وانا كلِي تحت طوع امركِ
قهقهت ضاحكه وهي تضع يدها على بطنها
- وابنك كمان لازم يشاركنا
خرج من البحيرة ليجلس قربها... اسندت راسها على كتفه وقالت متسائلة
- فيه حاجة كدة كنت عايزة اسالك عنها
- ايه هو؟
-اية هو سر الفراشه؟
اخذ نفساً عميقاً واجابها بهدوء
-الفراشه كانت لجدتي ...لما كان عندي عشر سنين ادتهالي جدتي وطلبت مني اديها للبنت الي تستحقها
اخفضت اهدابها ساخطه
- يا ده انا غبيه... ارجوك تسامحني... انا رميتها من غير معرف انها غالية عليك كتير
- لا مفيش مشكلة يا حبيبتي... اصلآ انا مفقدتهاش لسا معايا في الحفظ والصون وهدهالك هدية ليكي
اشرقت ملامحها بسعادة بالغه
- تفتكر انا استاهل الهدية دي
داعب ارنبة انفها
-آه طبعا
-و التحفه الخشبيه؟
- لا دي ياستي لجدي... ها عرفتي دلوقت ليه انا زعلت منك لما رمتيها!
وفجأة قاطع حديثهما صوت شخص ما
-آدم عايزك في آمر مهم
اخذ يهمس بأذن آدم وسرعان ما تجهمت ملامحه... نهض وقال ل روبي
- خليكي هنا واوعي تتحركي...انا راجعلك حالا .
تسمر آدم في مكانه وهو يرى حمامة مع صغيرها انتزعت روحيهما ببرودة اعصاب...وهو امام هذا المنظر القبيح لم يخطر في باله سوى صورة حبيبته روبي... توسعت حدقتا عيناه وكل مااستطاع قوله بسخط شديد
- هند
انتفض مسرعاً باتجاه البحيرة... توقف امام المنظر المهيب وهو يحاول التقاط انفاسه المتسارعه... كانت هند تحكم الخناق حول روبي وبيدها الاخرى سكيناً... وفجأة انتبها لوجوده... توسلته روبي بعيناها المرتعبتان وشفتاها التي لم تكد تنطق حرفاً.
اما هند استطاع ان يسمع انفاسها الملتهبه ورؤية الشرر والكراهية تتطاير من عيناها.. قال وهو يحاول بلع ريقه بصعوبه
- هند سبيها وابعدي عنها
عقدت حاجبيها ساخطة
- هسيبها بس الاول اخد روحها
حاول آدم ان يتمالك اعصابه وهو يضغط بقبضة يديه بكل مااوتي من قوة... تجاهل غضبه وقال بهدوء مصطنع يتخلله التوتر
- هعملك كل الي انتي عايزه بس الاول سيبي روبي هي ملها ش ذنب تقدري تاخدي روحي انا ،انا المذنب
شهقت روبي
- لا ياآدم اوعي تقول كدة
صاحت بها هند مهددة
- اخرسي والا اقطع لسانك القذر
سحبت شعرها بقوة لجبرها على الصمت والانصياع لها
اخذ آدم يخطو ببطئ نحوها دون ان تلاحظ
- فهميني انتي عايزة اية وانا هنفذلك طلباتك تمام انتي مش شريرة وايوه طيبه
انتبهت لخطواته فصرخت به
-اياك تقرب اكتر والا
تسمر في مكانه واجابها بانفاس مضطربه
- حاضر حاضر مش هقرب هسيبك تمشي بسلام
علت شفتاها ابتسامه كريهه وهي تقول بلهجة مستفزه
- انت بتحبها قوي للدرجادي؟
اومأ راسه قائلاً
- ايوة مقدرش انكر
اخذت تمرر السكين حول رقبتها ببرودة اعصاب
- اممم وتفتكر انت هيحصلك اية لو اخدت روحها دلوقت قدامك
ضاقت عيناه ألماً وهو يتخيل روبي غارقة في دمائها دون حياة
- هموت.. هي كل حياتي...هي سعادتي وانفاسي... هي كل حاجة
انهمرت دموع روبي دون توقف وهي ترى ضعف حبيبها وكيف يحاول انقاذها من يد هذه الساحره اخذت تقلب ببصرها بينهما بغرابه شديدة... ثم امسكت بالسكين ورفعته للاعلى وقالت بأسى
-اسفة علي الي هعمله دلوقت
لم يستطع آدم ان يتدارك الوضع... سرعان مارأى الدماء تغمر حبيبته روبي التي خارت قواها... انتفض مسرعاً اليها واخذها بين ذراعيه محتضناً اياها بقوة.وقع بصره على هند التي سقطت في البحيرة لتسبح في دمائها... كادت تستدير ولكن كف يده على راسها قال محذراً
- اوعي تبوصي
اجهشت باكيه على صدره وجسدها بكامله يرتجف.. اخذ يربت على ظهرها مهدئاً
- خلآص اهدي كل حاجة انتهت بلاش تعيطي انتي في امان دلوقت
حملها بين ذراعيه وسار بها مبتعداً عن البحيرة التي شهدت صراع لاينسى ولايذكر حتى .
اخذ آدم يذرع خارج الخيمة ذهاباً واياباً بتوتر شديد وهو يسمع صراخ روبي الذي كاد يصم اذنيه
... ويفرك بقبضة يديه... قال سيد مهدئاً
- مش تقلق ياصحبي مراتك هتكون بخير اطمن
اجابه منزعجاً
- بقالي 3 ساعات وانا سامع صريخها مش طايق اصبرانا هروح اشوفها
استوقفه والده بحزم
- مش ممكن خليك جامد يابني ..
-هو اية الي بيحصل طيب دي عماله تردد اسمي اكيد عايزاني
اعترض والده وهو يقف امام فتحة الخيمه
- هو ده حال كل الستات يابني
تنهد موبخا نفسه
-لو كنت اعرف مكنتش خلتها تخلف مني ابدآآآ
وفجأة اختفى صوتها وهنا شحب وجهه فاسرع يقول
- اية الي حصل انا مش سامع صوتها
كاد يدخل للخيمة لولا صوت بكاء الطفل اوقفه... وهنا امتزجت دموع الحزن بدموع السعادة
- سامع يا بويا
وفجأة خرجت سلسبيل وهو تقول بسعادة بالغه
-مبرووك بقيت آب لطفلين في منتهي الجمال الله واكبر
رفع حاجبيه مندهشاً
-طفلين!
اجابته موضحه
- ايوة يا بني مراتك ولدت تؤام بنت وولد تقدر تدخل تشوفهم
خفق قلبه بجنون وهو يرى روبي بخير وقربها طفليهما.. قالت فور رؤيته بنبرة واهنه
-حبيبي
اشرقت ملامح وجهه وهو يقترب منها ويجلس ثم هم بتقبيل جبينه برقه
-حمداً لله على سلامتك يااغلى مااملك
.........................
بعد عودتهما من حفل زفاف صديقتها مريم وابن عمتها... كان آدم منهمك في قيادة سيارته قالت باستغراب عندما انتبهت تغير مسار طريق عودتهما
-احنا ريحين فين؟
استدار نحوها واجابها بلهجة غامضه
- حطي الشريط ده حوالين عينيك
تفاجأت طلبه
- فيه اية يا آدم انت هتقتلني ههههه؟
ناولها قطعه قماش سوداء واستمر بغموضه
-اعملي الي بقولك عليه عندي مفجآه حلوة ليكي
هتفت بصوت مرتفع وهي تربط عيناها
-مفاجأة! اية هي؟
- تؤ تؤ هتعرفي بعدين
وبعد لحظات شعرت بتوقف السيارة ومساعدة آدم لها على النزول... فك الرباط عن عيناها وهنا وقفت مذهوله مما تراه... حبست اانفاسها وكتمت ضحكتها براحة يديها لتدمع عيناها...
- اية ده انا مش مصدقة الي انا شيفاه
اجابها موضحاً
- ده بيتك الجديد... انا جددته من تاني
ارتمت عليه لتحضنه بقوة
- افتكرت اني مش هرجع المكان ده تاني... شكراً ليك يا حبيبي
اسرعت لفتح الباب لطفليها وساعدتهما على النزول
- شايفين ده بيتنا الجديد...
تمكن آدم من اعادة بناء المنزل ليصبح اجمل واحدث ومما زاده جمالاً ورونقاً الحديقه التي تحيطه.
قالت روبي وهي تحدق بعيناه بدفئ
- بحبك قوي قوي
- انا بقي ياروح قلبي في عشقك اهيم واوعدك يا قلبي بالمستقبل هعمل اد ده الف مرة عشان بس اشوف ابتسامتك دي
حمل كلاً منهما طفل وسار محتضنا بعض بحنان وهيام... ليبدأ حياة جديدة مليئة بالحب والسعادة
............ تمت بحمد الله........
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق