البارت ١٣
قطه متوحشه
منه محمد
فتحت عيناها بصعوبة... ثم اخذ كل شيء يتضح امامها رويداً رويداً... كان تجلس والدتها قربها... وهي نائمة على الكرسي بوجه شاحب... قالت بصوت واهن
- مامي عايزة اشرب
انتفضت شريفة مستيقظة فور سماعها صوت ابنتها... فقالت بابتسامة مشرقة وعينان دامعتان
-بنتي حبيبتي حمد لله على سلامتكِ
سكبت لها كوب ماء وساعدتها على تناولهُ... قالت متسائلة
-انا بعمل اييية هنا؟
اجابتها موضحة باستياء،شديد
-ابدآ ياحبيبتي انتي اتصبتي بطلق ناري... فاضطروا لأستئصال كليتك لانها للآسف اتمزقت بس مقتلقيش انتي كويسة وصحتك كمان كويسه!
سألتها روبي
-فين آدم هو بخير؟
طمأنتها وهي تحاول ان تخفي شيئاً
-ما تقلقيش يا بنتي جوزك اتمكن من انه يقضي ع خليه كاملة بتاجر بأعرض البنات منهم لله!
لم تكترث لكلامها سألتها مجددا باصرارً
- طيب هو فين عايزة اشوفه؟
تجاهلت سؤالها مجدداً وقالت مغيرة دفة الحديث
- وكمان صحبتك في الرحلة الصعبة دي تقي رجعت لامها وطلبوا مني اشكرك بالنيابه عنهم
تنهدت بارتياح لسماعها هذا الخبر... ولكنها عادت لتقول بحدة
- مامي انتي مخبيه عني حاجة؟هو آدم حصله حاجة ؟!
تلعثمت شرسفه في اجابتها
- لا ...لا هو بخير... بس هو مش هنا مشي
ابتلعت روبي غصة وهي تقول بتعابير متجهمة
-لية ..ليه مشي للدرجادي مش قادر يشوفني ؟
لم تستطع ان تمنع دموعها من الانسكاب على وجنتيها بحرقة... تنهدت والدتها بأسى وهي تخاطب ابنتها
-بنتي حبيبتي ياغالية الموضوع مش كدة هو بس تعبان وراح يرتاح مش اكتر
عندما شعرت بدخول والدها... اخذت نفساً عميق واغمضت عيناها لتزيح بعضاً من حزنها ويأسها... هتف بسعادة فور رؤيته لها
-يااغلى مااملك... آه يااميرتي... واخيرا فوقتي ياقلب ابوكي...
همست برقة
- بابي
اقترب منها وسمحت له شريفة بالجلوس قربها وهم بأمساك يدها بحنان وتحدث بحزن عميق
- جري اية يا وردتي كنت قربت افقد عقلي لما شوفتك بحالتك دي انا السبب في الي انتي وصلتي لي
انزلقت دموع حسرة وألم من والدها... لأول مرة تراه بهذا الضعف... كانت تكره رؤية هذا الجانب في والدها فهو بنظرها الرجل القوي الذي لايهاب شيء... اما الآن لم تستطع ان تكبح مااعتمل بداخلها
-ارجوك يابابي انا مقدرش اشوفك كدة انا بخير انت ملكش ذنب ابدآآآآ
كفكف دموعه واجابها بصوت متحشرج
-من دلوقت مش هسمح ابدا انك تبعدي عننا انا وامك ابدآآآآ
كانت شريفة واقفة خلفه تحضن كتفيه وتواسيه بلمسة منها... وافقته بابتسامة ناعمة
-ايوة يا روبي يا غالية مش هتبعدي عننا تاني من اللحظة دي
بادلتها الابتسامة وذهب تفكيرها مع آدم... انه تشتاق اليه وتتمنى رؤيته... ولكنه تخلى عنها ماذا
كانت تتوقع... هي كانت بالنسبة له عالة ومزعجة كبيرة... هذا افضل لاتريد التسبب له بالمزيد من المشاكل.
بعد اسبوع تم السماح لروبي بالخروج من المشفى... وعندما كانت في المنزل وتحديداً في غرفتها جاءت صديقتيها لرؤيتها والاطمئنان عليها... كانوا يتحدثون معها بشتى الامور بينما هي لم تصغي الا للقليل .
انتبهت لها مريم فانتشلتها من تفكيرها
-هيي... نحنا هنا... من مدة مشوفنكيش وانتي دلوقت شاردة وفكرك بعيد عننا مالك يا بنت اييية الي جرالك؟
وافقتها مايا باستغراب
-مظبوط... انتي اتغيرتي يا روبي كتير باين عليكي عقلتي وبقيتي جد زيادة عن الزوم !هو الجواز بيغير الست كدة فين هزارك ومقالبك الخرافة
تنهدت بإسى وهي تجيبهما
-انتم غلطانين انا هي روبي ومتغيرتش هو بس ...
اسرعت مريم لتقول بمرح
- انتي مشتاقة لآدم صح؟
اشتعلت نيران اللهفة والشوق في قلبها... فور ذكره وكأنها لمست وترها الحساس... اكتفت بالصمت بينما قالت مايا
-مالك ياروبي انتي لية حزينة؟مش معقول تكوني وقعتي في غرام الانسان الي كنتي بتكرهيه ومضايقة منه وشوية وكنتي هتولعي فيه؟!
اشاحت وجهها عنهما واخذت تتخيل صورته الجذابة امامها... بابتسامته وشعره وسمرة بشرته كل شيء فيه تتخيله الآن... لتشرق ملامحها بسعادة وهي تقول
-ايوة بحبه ومغرمه بيه لحد النخاع..ومش قادرة اعيش من غيره هو بالنسبة لروبي الهوا الي بتتنفسه
اخذت الفتاتان تنظران لصديقتهما بافتنان غير مصدقين مايسمعوه من فاهه.. قالت مايا بعذوبه
-هو الحب يعمل كل ده يا جودعان ؟
قالت مريم مؤكدة كلام روبي
- ويعمل اكتر من كدة ابن عمتك حازم اثبت لي كده!
اتسعت روبي عيناها دهشة
-حازم ولا واحد غيره بس ازاي اتعرفتي عليه؟!
اخذت نفساً عميق ثم قالت
- مش هخبي عليكي من يوم ما شوفت صورته وانا وقعت في حبة بس مقدرتش اقولك لاني افتكرت انكم مرتبطين ببعض
ترددت لبرهة ثم تابعت بجدية
-بس لما فشلت الجوازة بينكم قررت ادور عليه وعملت بحث عن طريق الفيس وكلمته ببساطة عن الي بحس بيه ناحيته وانتهي الامر انه بقا بيحبني وطلب ايدي للجواز
رفعت يدها بأفتخار وهي تريها الخاتم الذي يزين اصبعها... هتف روبي بحماس وبادلتها السعادة
-انا سعيدة عشانك لو كنتي اتكلمتي معايا من الاول كنت سهلت عليكم الموضوع بس مش بيضايقك انه دمه تقيل ورخم .
زجرتها مريم بحدة وهي تقوس شفتيها بانزعاج واضح
- هو لطيف... ومش هسمحلك تتكلمي عن حزومي حبيبي كدة
قهقهت روبي ضاحكة
-انا بهزر معاكي اوعي تزعلي مني
بعد مرور اسبوع ثاني جاء لرؤيتها والدين آدم ومارينا وزوجها... بينما كانت روبي متأملة وهي تبحث ببصرها عن آدم... طأطأت راسها بحزن... كانت مارينا تدرك كل شيء... انتشلتها من بين الجميع واخذت للحديقة بينما سألتها روبي بحزن
-أدم فين مجاش معاكم لية؟
اجابتها مارينا بكل جدية
-آدم زعلان منك، هروبك منه نزل علي دماغة زي الصاعقة هو دلوقت اتأكد انك مش بتحبيه ...
تلألأت عيناها بالدموع وهي تحاول ابتلاع غصتها
-بس انا بحبه... مارينا انتي عارفة ان انا بحبه رغم اني كشفت حقيقته المهببة كنت مجبره اهرب منه انا خفت منه قوي ع نفسي
تسأئلت مارينا باستغراب
-حقيقته انتي بتتكلمي عن اييية؟ !
اخفضت رأسها قليلاً ثم رفعته لتقول بصعوبة وصوت متألم
-عن قتله لنور اخت هند
شهقت مارينا وهي تسمع كلام روبي
-يالله روبي هو معملش كدة... هو كان مجرد ضحية.
رفعت حاجبيها متسائلة
-ضحية! تقصدي اية بكلامك؟
تنفست الصعداء قبل ان تقول
- هند السحارة بنت الملاعين هي الي قتلت آختها نور هي الي عملت كل ده عشان تفوز بآدم اخويا استخدمت سحرها الاسود لتمنعني من الكلام خافت اكشف حقيقة بشاعتها وجبروتها
لم تتمكن مارينا ان تمنع نفسها من البكاء
- كل ما في الحكاية انها هي الي زقت آختها في البحيرة كانت نور مستنيه آدم عشان يطلب آيديها وهي الي طلبت منه يروح لها عند البحيرة وقالت له بهزار لو مجتش هرمي نفسي في البحيرة انا حاولت اصرخ واطلب ليها النجدة لكن هند المجرمة هددتني بسحرها الاسود لو كشفت عملتها هتقتل آدم وهو لحد دلوقت بيلوم نفسه مفكر ان هو السبب في موتها لانه اتاخر عليها
كانت روبي تستمع لما سردته مارينا بعدم تصديق... سرعان ماتجمدت تعابير وجهها وقالت بفزع
-ياربي بس دي اختها ازاي طاوعها قلبهاتقتلها وآدم حبيبي ازاي صدقت عليه كلامها وهو بريء !ياريت يسامحني ويغفرلي لاني شكيت فيه وانتي كمان سامحيني
امسكت بكلتا يديها واجابتها بهدوء
-اطلبي الغفران من آدم... انا متأكدة انه دلوقت بيتألم ع فراقك
مااخبرته لها مارينا لم يبارح فكرها... غدت شاردة اكثر من قبل... امتنعت عن تناول الاطعمة وحبست نفسها في غرفتها... شعر والديها بالاستياء نحوها فظنوا انها ستمرض.
في صباح يوم مشرق افاقت روبي على طرقات بابها اجابت ببرود
-ادخل
كان والدتها شريفة. عقدت ذراعيها حول صدرها... ثم انزلهما جانباً بتذمر
- جري اية يا روبي بقالك فترة وانتي بالحالة دي ابوكي بيلوم نفسه علي الي انتي فيه ومش بياكل خالص وبقا تعبان ومريض ويمكن كمان يموت مقهور عليكي
اعتدلت روبي في جلستها وقالت مفسرة
-مامي بابي مش السبب ارجوكي فهميه انا كويسة وبخير ومش بعاني من حاجة والله كل الحكاية اني محتاجة شوية راحة بس
جلست قربها على السرير
-انتي الي من المفروض تبلغيه بكلامك ده ابوكي مش هيقتنع ب ولا كلمة غير منك انتي
تنهدت باستسلام
-حاضر يا مامي انا هنزل افطر معاكم واوضح لبابي اني بخير
علت شفتاها ابتسامة هادئة
-رجوعك لطبيعتك هي الي هتوضح لابوكي كل حاجة ..انا هنزل ابشر فاطمة وابلغها تحضرلك الاكل الي بتحبيه
فور خروج والدتها وقفت روبي تنظر لنفسها في المرآة... اصبحت اكثر نحفاً وازداد وجهها شحوباً... والهالات السوداء تحيط عيناها اثر البكاء والسهر.
كادت تدلف للحمام عندما طرق الباب مجدداً..وقفت عند مدخل الحمام واجابت
-ادخل
كانت داده فاطمة بابتسامتها المشرقة المعتادة...
-حبيبتي الغالية... انا آسفه كنت مشغوله عنك الايام الي فاتت ودلوقت تسمحيلي اساعدك تاخدي شاور
اشارت بيدها ممتنعة
-لايا داده مش محتاجة لمساعدتك
احنت فاطمه راسها بأسى
-ارجوكي انك تسامحيني يابنتي
علت شفتاه روبي ابتسامة عريضة وهمت بالاقتراب منها
-طومة..طومه
ثم اسرعت باحتضانها قائلة
-لا متفهميش الي قولته غلط انا بس كبرت واتعلمت اخد شاور بنفسي واتعلمت حاجا ت كتير بس عايزة مساعدتك ليا في حاجة تانيه خالص
-اية هي؟
-علميني اطبخ
تفأجات فاطمه من طلبها ثم اسرعت لتقول
-آه يا غالية فعلا كبرتي ومن غير شك هعلمك طبعآ ده يوم المُني!
انضمت روبي لطاوله الفطور بعد انتهاءها من الحمام... لقد بدت باجمل حلة... واخفت ماكانت تعانيه بشرتها من مشاكل بالكثير من المكياج.
اشرقت ملامح والدها فور رؤيته لابنته بهذه الحالة المريحة
-واخيراً قررتي تنضمي لينا
-وانا اقدر اعمل غير كدة انا الصراحة هموت من الجوع بطوط فين طبقي المفضل
اجابتها وهي تخرج من المطبخ بسعادة بالغة
-انني هنا...
وضعت الطبق امامها واكملت بحماس
-اتفضلي طبقك المفضل يا غالية
كان طبق روبي يحوي الجبن والبيض مخلوط معه الطماطم والفلفل الاخضر مع القليل من البصل. حدقت بطبقها لبرهة وسرعان ماتغير مزاجها... فانتفضت مسرعة نحو الحمام... لحقتها والدتها وعم صمت مطبق في انحاء المنزل..
اسرعت بغسل وجهها وهي تشعر بانهاك شديد... احتضنت شريفة كتفيها وهي تقول بلهجة متوترة
-اية الي حصل ؟انتي كويسة؟
اجابتها وهي تضع يدها على جبينها بهدوء
- مش عارفة حسيت برغبة كبيره اني ارجع اول ما شميت ريحة الاكل
شردت شريفة بافكارها لبرهة ثم قالت بحيرة
-غريبة بس انتي مكلتيش حاجة من يومين ..آه انا دلوقتي فهمت
اشرقت تعابير شريفة... بينما استغربت روبي ردة فعلها الذي تغير فجأة
-فهمتي اية مامي؟
احتضنت كتفها وساعدتها على الخروج من الحمام وهي تجيبها بمرح واضح
-انت حامل يابنتي
اتسعت عيناها عاجزة عن تصديق ماسمعته من والدتها
حا مل! فعلا انتي متأكدة من الي بتقوليه يا مامي؟
- متاكدة يا غالية الي حصلك من شوية فكرني وقت ما عرفت بحملي فيكي ...
اردفت فور رؤيتها لزوجها مهاب
-حبيبي مش هتصدق واخيرآ هتبقا جد
حدق بزوجته غير مستوعباً ماسمعه
-بجد؟!
اقتربت من زوجها واحتضنت ذراعه بحنان
- ايوة ياحبيبي بنتنا الغالية هتبقي ام واحلي ام
رفع حاجبيه لثواني ثم اشرقت ملامحه بسعادة بالغة
- انا مش مصدق لا انا فرحان جدا بالخبر ده..
كانت روبي واقفة تنظر لهما دون ان تنطق بشيء والحيرة تغمرها... اقترب والدها منها وقال
-مبروك يا بنتي يا حبيبتي انا متشوق اشوف حفيدي تفتكري هيطلع شكل مين؟!
ربتت شريفة على كتفه مداعبة
- لا يا مهاب بلاش تستعجل بنتك لسا في بدايـة حملها
وضعت روبي يدها على بطنها وسارت مبتعدة عنهما... وقفت امام المرآة واخذت تحدق ببطنها وهي تخاطب نفسها
-انا حامل... لامش قادرة اصدق
تلألات عيناها بدموع السعادة وهي تتابع
-آدم حبي مش مصدقة انا حامل بابنك
وفجاة سمعت طرقاً على باب غرفتها... فاسرعت لتقول وهي تمسح دموعها
-ادخل
كانت فاطمة التي بدت البهجة والسعادة تغمرها
-مبروك يا بنتي الف مبروك عرفت انك حامل
اقتربت روبي منها واحتضنتها بحماس
-ايوة يا بطوط مش هتصدقي انا فرحانة قد اييية مش مصدقة انا هبقا آم
سألتها وهي تبعدها عنها قليلاً
-طيب بتعيطي ليه دلوقت؟
ضحكت روبي باضطراب
-لا دي بس دموع الفرح...
سرعان ماتلاشت ابتسامتها فاردفت بمرارة
- كان نفسي يشاركني أدم اللحظه دي تفتكري يا دادة هيفرح بالخبر ده؟
-أكيد يا حبيبتي
ابتلعت غصة وقالت بصوت متألم
-بس هو مجأش..لية مجاش يشوفني يا دادة؟
طمأنتها فاطمة بصوتها الدافئ المعتاد
-يمكن يا بنتي مشغول ولا حاجة الصراحة هو راجل بمعني الكلمة انا متاكدة من حبه ليكي
- ليه بتقولي كدة عنه؟!!
ابتسمت فاطمة بهدوء
-لأنه رفض ياخد قرش من والدك حتي يوم ما حب يسجل الشركة باسمه رفض انا سمعته بيتكلم مع والدك انه هيعمل كل الي في وسعة عشان يسعدك
اتسعت عيناها بعدم تصديق
- تعرفي يادادة كنت كل يوم بجرحة بكلامي واردد انه اتجوزني عشان فلوسي انا فعلا غبية يا دادة ومش عارفة ليه هو اتحملني كل الفترة دي؟
- لو كان بيحبك هيسامحك انا متأكدة
بعد مرور يومان جاء صديقتيها مريم ومايا لزيارتها واخبرتهما بحملها وفرحوا لأجلها... كانت روبي متوجهة للحديقة عندما سمعت حديث والديها الجاد
-ايوة يا شريفة خلاص انا اخدت قراري
-طيب وبنتك مش يمكن متوفقش علي كدة
تنهد مهاب بأسى
-انا غلطت لما اجبرتها تتجوز من آدم انتي مش شايفة حالتها كان غلط وغلط فادح كمان!آه مش هنكر ان آدم رجل شهم بس في النهاية مقدرش يعتني ببنتنا انفصالهم عن بعض هو افضل الحلول
- بس بنتك حامل والطفل هيحتاج لابوه
اجاب بلهجة صارمة
- هنربي ابنها عندنا ومش هحرمة من ابوه..يقدر يجي في اي وقت يشوفه زي ما يحب
شهقت روبي واخذ قلبها بالانقباض... فاسرعت بالظهور امامهما وهي تقول بنبرة حازمة
- لا مش هنفصل عن آدم
استدار الاثنان نحوها بدهشة بينما قال والدها
- يا بنتي انا بعمل كل ده عشان مصلحتك
امتلأت عيناها بالدموع واجابت والدها بصوت متألم
-بابي قبل كدة اجبرتني بالجواز منه...ودلوقت بتجبرني انفصل عنه مستحيل تعمل فيا كدة يا بابي وانا آسفه مش هسمح انك تبعدنا عن بعضن!!
تهجمت ملامح وجهه وشعر بالأسى نحو ابنته
-روبي حبيبتي
قاطعته بحدة وسمحت لدموعها بالانسياب بغزارة على وجنتيها
-بابي ارجوك انت.... انا بحب آدم ومقدرش اعيش من غيره
اصيب والديها بالصدمة من اعتراف ابنتهما... فقالت شريفة لتهدأة الوضع
- يابنتي ابوكي بيدور ع سعادتك
هتفت بعنف
-سعادتي مع آدم وبس ومش ممكن ابدا تقرروا مصيري بدالي بعد دلوقت
تنهدت شريفة بخيبة أمل
- بس هو مجاش عشان يطمن عليكي لحد دلوقت
رفعت راسها بتحدي وقالت بثقة عالية
- يبقي خلآص انا الي هروحله
ضاقت عينا والدها ولم يعجبه قرار ابنته
-روبي مش هسمحلك بدة ... مش هجازف وآخسرك مرة تانية
تصلبت تعابير وجهها وقالت بكبرياء
-بس انت هتخسرني لو رفضت اروحله
كاد يقترب منها... ولكن شريفة استوقفته قائلة
-مهاب بنتك على حق.... سيبها تروح لآدم..سيبها المرة دي تعيش زي ما تحب دي حياتها واحنا مجبرين اننا مندخلش
تراجع مهاب عن قول شيء وتنهد مستسلماً..بينما استدارت روبي على عقبيها ودخلت غرفتها ...شعرت بالتحدي نحو نفسها بعد ان اتخذت هذه القرار المفاجئ.
وقفت امام المرآة وقالت بحدة
-لو مجتش انت يبقي مش مستحيل اروحلك انا
افاقت روبي في صباح مبكر وقامت بتجهيز حقيبة ملابسها... جرت حقيبتها وكادت تخرج دون ان يراها احد... وفجاة استوقفها صوت والدها الصارم
-روبي
تجمدت في مكانها لبرهة ثم استدارت نحوهما ..بينما تابع مهاب
- مش تقلقي يا بنتي مش همنعك بس حبيت اديكي مفتاح عربيتك يمكن تحتاجلها
-شكراً يابابي بس انا مش محتاجة للعربية جوزي آدم عندة واحدة وهي هتقضي الغرض وانا هآجر عربية تانية اسهل من اني اسوق بنفسي
لانت قسمات وجه والدها واحتضنها بحنان... وشاركتهما هذه اللحظة شريفة كذلك التي تفوهت
- في رعاية الله يا حبيبتي
لم تخلو هذه اللحظة من الدموع واللهفة... الفراق للمرة الثانية لامراً صعب... انضمت لهم فاطمة وهي بالكاد تلتقط انفاسها
- انا جهزتلك شوية اكل تاخديهم معاكي ...
عانقتها روبي وابتسامة امتنان تعلو شفتيها
-شكراًيا طماطم !وشكرا كمان مرة عشان علمتيني الطبيخ
تنهد سائق التاكسي بنفاذ صبر والعرق يتصبب من جبينه
- ودلوقت ياانسة قوليلي فين موقع بيتك ده الي ملوش وجود من اصله
ضحكت روبي في سرها متذكرة ماعانته اول ذهابها مع آدم وكيف كانت غاضبة منه... تمكنت ان تسيطر على انفعالاتها لتغدو اكثر جدية
-اولاً انا اسمي سيدة آلياس ومش انسة وثانياً زهقت منك ومن خلقك الضيق وبما ان هدفعلك الاجرة كامله اطلع بالعربية وانت ساكت خالص فهمت
لوى شفتيه منزعجاً
- طيب يا سيدة آلياس... حضرتك متاكدة ان فيه بيت هنا بقالي تلت ساعات وانا سايق ومش لاقي اي بيوت ولا حتي حمار ماشي ازاي عايزاني اصدقك ان عندك بيتك في الخرابة دي
زفرت بضيق شديد
- هدفع لك الاجرة وزيادة بس ارحمني واسكت بقا وياريت تشغل التكيف لان الجو حر جدآآآآ
-لسوء حظك التكيف اتعطل انهردة وملحقتش اصلحة
تناولت روبي قنينة الماء ونعمت بالقليل من النوم... افاقت بعدها وقالت بارتياح
- ها صدقت دلوقت هو ده البيت
-يا نهار بدنجان انتي عايشة هنا ازاي؟
صاحت به موبخة
- زي السكر في الشاي اسكت ونزل الشنط وملكش دعوة انا عايشة هنا ازاي
وقفت روبي تنظر لبعيد للمنزل بابتسامة عريضة... ثم اخذت تجر حقيبتها مبتعدة عن السائق... وفجاة لمحت آدم كان يلاعب كلبته وضحكته تملئ المكان... لم ينتبه لوجودها.
اخذت تتأمله لبعض دقائق... حتى انتبهت لها الكلبة التي اخذت بالنباح عليها بوحشية اجفلها صوت الكلبة فاطلقت صرخة مليئة بالغضب وهي تتراجع مبتعدة
- عاااااا ابعد كلبتك بعيد عني دي متوحشة عااااا
وقف آدم مصدوماً وعاجز عن تصديق ماتراه عيناه... لقد بدى اكثر جاذبية وفتنة... نمت له لحية ناعمه زادته سحراً عليها... وقميصه المفتوح اظهر عضلات صدره المفتولة... خفق قلبها بشدة وتمنت للحظة ان ترتمي عليه وتحضنه بشدة... جلس قرب كلبته واخذ يمسد عليها قائلاً
-اهدي... يامارثا... اهدي...
سرعان ماهدأت مارثا وجلست على الارض... بينما تابعت روبي ساخطة
-فعلا كلبة متوحشة لية مش بتربطها
لم يتفوه بشيء ظل يحدق بها بغرابة... شعرت بدفئ قوي يجتاحها وهي تحدق بعيناه التي بدت كالجليد ببرودها... استطاع بعدها ان يقول بجفاء
-انتي بتعملي ايه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق