رواية عذاب قسوته بقلم آية محمد و أم فاطمة الفصل السادس
إقتربت منه قائلة بهدوء معاكس للخوف الذي يفتك بها_ .إهدى أرجوك، الإنفعال مش هو الحل،لازم نفكر بهدوء عشان نشوف هنعمل أيه ؟
خرجت الأمور عن سيطرته فقال بغضبٍ ساخر_ هدوء!، أنتِ عارفة ملف زى ده يضيع يعنى إيه ؟
يعنى سمعة سنين كتيرة عملناها أنا و"فريد" بمجهودنا وتعبنا هتضيع فى ثواني، مش بس كده، صديق عمرنا اللي رقبته متعلقة فى إيدينا ووثق فينا هنقوله إيه دلوقتي ؟
أجابته بدموع فشلت بكبتها _مهو مش بمزاج حضرتك ولا كنت مدبر أن دا يحصل.
زفر بغضب ليس له مثيل فلأول مرة يتعرض لمثل هذا الموقف ولكنه واثق بأن هناك خطأ ما فقال بذهول _بس أنتِ متأكدة أني حاطه بإيدى فى درج مكتبي.
أجابته "فاطمة" بأسف_أنا دورت فى كل مكان كذا مرة والملف مالوش وجود
ردد بصدمة يرفض عقله إستيعابها_معقول يكون أتسرق ؟
قالت بتعجب شكل على ملامح وجهها الرقيق _بس المكتب عادى جداً، مرتب زى مهو ومفيش أثر لأقتحام أو اي شيء غريب...
شتت ذهنه فشعر بأن عقله على وشك الانفجار من التفكير، أقتربت منه بتردد ولكنه بحاجة للنصحية فقالت ببسمة هادئة_حاول تهدى كدا وتردد الدعاء ده، صدقني ليه مفعول سحر لما بتضيع منى حاجة
(اللهم رادَّ الضَّالَّ وهاديَ الضَّالَّ، ارْدُدْ عليَّ ضالتي بعزَّتكَ وسُلطانكَ فإنها من عطاياكَ وفضلك.).
رمقها بنظرة متفحصة مطولة فلوهلة كان يتطلع لها بنظرة إتهام َ لكن الأن ثقتها بالله عز وجل وإيمانها جعله يتراجع عن فكره المخيف محاولاً إيجاد مخرج من هذه الكارثة فقال بفكر صوته مرتفع_مفيش أثر لأقتحام! رلا كركبة، يعنى مفهومة، اللي أخد الملف شخص من المكتب، طيب ليه ولصالح مين؟!
إقتربت منهفاطمة بنظرة ثاقبة_مهو لمين دى ؟ لوحدها هتحل لغز القضية وكفيلة لوحدها تخرج "زين العابد" من غير دفاع .
إبتسم بمكر حينما إتضاحت له بعض الخيوط_برافو عليكي يا بطوطة، غابت عنى فين دى، ثم قال بخبث لسماعها تقص له المزيد من حديثها الشغوف _طب وجلسة النهاردة هنعمل فيها أيه يا متر ؟
أخفت "فاطمة" بسمتها بصعوبة فأكملت بثبات_ مفيش غير حل واحد أن حضرتك تطلب تأجيل لغاية منعرف الملف فين؟، وطبعاً مينفعش تصرح أن الملف اختفى،وبالأخص لصاحب القضية..
أشار لها بأقتناع مردداً بأيمان_ ربنا يدبر الامر.
رفعت الهاتف قائلة بخوف ينبع برجفة صوتها_انا قلقانة أوى يا باشا، لو "حسام" باشا عرف إنى أخدت الملف، هيقطع عيشي وأنا محتاجة للشغل .
أجابها "فؤاد" بغضب_هيعرف منين، أنتِ مش عطلتى الكاميرات المراقبة؟
قالت "منى" بتأكيد_ايوا
=يبقى خلاص، مفيش داعى للقلق .
_ولو قدر يوصل إني انا اللي أخدت الملف؟..
=مش هيحصل ولو حصل يبقى زى منبهتك إسمي لو جي فى الموضوع، هيكون أخر يوم فى حياتك، وبعدين أنتِ معاكِ مبلغ يعيشك ملكة يعني أسطوانة الشغل دي قديمة أوي...
أجابته بخوف_مش هجيب سيرتك أبداً.
صاح بحدة_ويفضل متتصليش بيا تاني الفترة دي...
وأغلق الهاتف بوجهها دون أن يستمع للمزيد، سجلت "منى" المحادثة كدليل إدانة حتى لا يتخلى عنها إذا علم أحداً بالأمر.
بمنزل "حسام"
فتش بكل ركناً بمنزله عن الملف فلم يعثر عليه فجلس على المقعد الذي يتوسط الليفنج بأهمال، شتت عقله بالفكر بعدما فتش بمكتبه ومنزله فلمعت كلمة "فاطمة" بعقله بأنه سرق من المكتب، طاف به الفكر على الأشخاص الذين يعملون معه ولكن حقيقة ما لمعت أمام عيناه بأنهم بمكتبه منذ أعوام ولم يحدث لتلك السابقة بالحدث!...
دق هاتفه ليعلن عن رفيق الدرب، جذبه "حسام" بأرتباك مما سيخبره به، تبادلوا السلام فيما بينهما إلى أن شرع "فريد" بالحديث عن القضية قائلاً بأهتمام_عملت أيه في قضية "زين" ؟
جاهد للحديث إلى أن خرج صوته بثبات _للأسف الملف أتسرق من المكتب والقضية أتأجلت لفترة بس طلعت "زين" بكفالة لغاية مشوف هعمل أيه ؟
صاح بغضب لا مثيل له_.أتسرق يعني أيه ؟أجابه بهدوء_معرفش، ومفيش أى دليل للأقتحام، شاكك إن اللي اخده من جوا المكتب .
"فريد" بعصبية_معندك كاميرات مراقبة، متشوف إيه اللي حصل ؟
"حسام" بضيق_الكاميرات إتقفلت لمدة عشر دقايق ورجعت تاني ودا بيثبت كلامي أن اللي أخده من جوا المكتب وعارف كل كبيرة وصغيرة خاصة بينا.
زفر "فريد" بغضب_أنا مش عارف هلاقيها منين ولا منين، إستغفر الله العظيم .
أجابه "حسام" بلهفة_ هو حصل حاجة عندك كمان ؟
"فريد" بقهر_خلينا بس فى موضوع الملف، حاول تراقب كويس الموظفين اللي عندنا، ولو شكيت فى حد قولي، أنا كلها ساعات وهكون بمصر وهتصرف بالموضوع بإذن الله .
أجابه بشك تربع على وفد الذهول_ بالسرعة دي!، مش قلت محتاج وقت تقعد مع نفسك ؟
ليكمل بخبث _ولا شكل "ريهام" وحشتك، إعترف بقى وإنجز؟
صاح بصوتٍ مميت يحمل بين أحضانه طيات الغضب المميت_ أنا محبتش ولا هحب غير حد غير "ليان" وقولتلك ألف مرة إنها موجودة عشان البنت وبس.
قال مسرعاً ليمتص غضبه_.طيب خلاص، هدى نفسك، بس يعني حتى لو محبتهاش متظلمهاش معاك وعاملها بالحسنى دي مهما كان مراتك وليها حق عليك
أغلق الهاتف بوجهه بغضب حتى لا يستمع للمزيد من نصائحه التي تزيد من غضبه ليحدث ذاته بوعيد _دى مجرد حيوانة وأنا هعرف أتصرف مع الاشكال الزبالة اللي زيها كويس، بس أوصلها بس..
إحتسى "طلعت" كأس الخمر ثم قام برميه على الحائط من شدة غضبه ليتحطم لجزيئات من الشظايا الحادة ليصيح بغضب فتاك_هو فى إيه، يعنى بعت للراجل المحامى صور المحروسة مع ابن عمها، وقلت هيقتلها ولا هيرميها عشان أتشفى فيها زي ما أجبرتني أطلقها بس مفيش أي رد فعل؟!..
صمت برهة ليصيح بصدمة ومعالم الدهشة تكتسح ملامحه_هو ممكن يكون مصدقش الصور؟..
رد على ذاته بأقتناع_لا مش معقول يكون غبي كدا دا محامي عقر وعارف الصور الحقيقة من المتفبركة طيب ممكن يكون سامحها وتعبي راح على الفاضي؟!..
زفر بغضب _مش عارف أنتقم منها إزاى دي ولا أعمل إيه أكتر من اللي عملته ؟!
على مقعد الطائرة المتوجهة للقاهرة، غفل "فريد" على مقعده فأنكمشت ملامحه بضجر كأنه يرى مناماً مزعج للغاية...
رأى "ريهام" تكاد تسقط فى بئر عميق وتصرخ بخوف مشيرة له بأن ينقذها فرفض وإكتفى بالتطلع لها بعينان تملاؤها الغضب والحزن معاً،وفجأة رأى "ليان" تنقذها في الوهلة الأخيرة، ثم أخذت بيديها وساروا معاً نحو السراب .
قام "فريد" من نومه والعرق يتصبب بغزارة على جبينه ليتردد ذلك الحلم الغريب بباله طوال الطريق...
كانت "فاطمة" شاردة للغاية فيما حدث فخشيت أن يعتقد "حسام" بأنها خلف إختفاء الملف وخاصة انها تعمل بفترة قريبه للغاية، دعت الله بأن يلهمه للوصول لمن فعلها حتى لا تصبح في وضع شك...
بمنزل "فريد"
كانت تلاعب "عهد" حينما وجدته يُفتح الباب ليطل بطالته الثابتة التي تليق به، إتسعت عيناها بعدم تصديق بأنه عاد مبكراً؛ فهرولت إليه بأبتسامة ساحرة والفرحة تسبقها بالحديث_.إيه المفأجاة الحلوة دى ..
وكادت أن تحتضنه ولكنها فوجئت به يبعدها عنه بيديه وبنظرات صارمة من عينيه جعلتها تتراجع للخلل بصدمة وقهر فقد ظنت إنه فى لحظاتهما الأخيرة قد تغير،وربما أيضا قد بدء فى حبها مثلما تعشقه، إتجه إلى الفراش الذي يحمل صغيرته فأحتضنها بمعالم وجهه الغامضة.
_ حمدلله على السلامة يا حبيبى..
قالتها والدته بعدما ولجت للداخل ببسمة سعادة، إستدار ليكون أمام عيناها فال بوهن_الله يسلمك يا ست الكل.
أجابته بأستغراب حينما تأملت ملامح وجهه بتمعن_ مالك يا "فريد"، شكلك تعبان كدا وميطمنش!
أجابها بثبات _مفيش يا ماما مرهق شوية بس من السفر.
تطلعت له بتفهم ثم أشارت بيدها لريهام _وصلى جوزك يا حبيبتي وحضريله الحمام عشان يستريح من السفر وينام شوية .
أومئت "ريهام" برأسها بالموافقة ولكن اوقفها بحدة_لا خليكِ، أنا مش عيل صغير بعرف أحضر لنفسى كل حاجة ومش محتاج حد معايا.
شعرت بالحرج الشديد من طريقته ولهجته المريربة فشعرت وكأن دلو من الماء البارد إنسكب على رآسها، تطلعت له الحاجة "زينب" نظرة لوم ولكن النار التى كانت مشتعلة بداخله كفيلة بتحطيمه،تركهم وغادر إلى غرفته.
فأنفطرت "ريهام" بالبكاء لتربت الحاجة "زينب" على كتفها بحنان لتقول الأخرى بقهر_أنا مش عارفة هو ليه بيعاملني بالشكل ده؟ أنا تعبت بجد..
أجابتها بمواساة_معلش يا بنتى، يمكن فيه حاجة حصلت في الشغل عشان كده رجع بسرعة، فمتعرفيش فيه إيه ؟ إعذريه .
أجابتها "ريهام" ببكاء_ ومفيش حد يعذرنى أنا أو يحس بيا ليه؟، أنا مخنوقة أوى وتعبت بجد .
قالت بلوم_والله يا بنتى حاسه بيكِ ومقدرة تعبك بس برده عارفة إنك بتحبيه عشان كده لازم تصبري .
"ريهام" بألم_حبه عذاب بالنسبالي، ياريت أقدر أشيله من قلبى
ربتت على كتفيها بحنان _ نهاية الصبر خير اديله انتي بس فرصة وهتشوفي تغيره بعينك بأذن الله.
هزت رأسها ببسمة هادئة من وسط دمعاتها _ياريت يا ماما ...
إقتربت منها ببسمة خبث _ما تطلعي كدا تخديه باللين والحب، وتشوفى يمكن يفضض معاكِ ويطلع كل اللي فى قلبه، وتعرفى هو زعلان من إيه ؟
أجابتها بزعر_ لا حضرتك شوفتى قال إيه، يعنى مش عايزنى معاه !، مش عايزة أهين نفسى أكتر من كده .
الحاجة "زينب" بهدوء _يا بنتى بين الست وجوزها مفيش كرامة وانتوا ستر وغطا على بعض، حد يشد التاني يرخي، قربى منه أنتِ وربنا قادر يفك كربك ويهدى سرك ويسعدك معاه، عشان أنتِ طيبة وبنت حلال وتستهلى كل خير.
ابتسمت رغماً عنها وأمنت بدعاذها، فهى تعلم جيدا مقدار رحمة الله عزوجل وتعلم إنه ما يمر به إبتلاء، ليختبرها الله إيمانها، فعليها أن تصبر أكثر، حتى يرفع عنها الله هذا الأبتلاء.
وبخطوات متثاقلة إتجهت إلى الغرفة،أمسكت بقبضة الباب ويدها ترتعش فخشيت أن يرفضها مرة أخرى فتمنت أن تلوذ بالفرار ولكن ما الذي ستخسره أكثر من ذلك، عليها أن تستجمع شجاعتها وتواجهه فقد سئمت من خوفها اللعين، ولجت للداخل لتبحث عنه فوجدته بحمام الغرفة؛ فنظرت لنفسها فى المرآة بشرود وتحديثها يدور برأسها فشرعت بخلع حجابها ثم ابدلت ملابسها لفستان رقيق من الشيفون الوردى بدون أكمام يصل إلى منتصف ساقها، ثم مشطت شعرها وجعلته ينسدل على ظهرها،
ثم بدئت فى وضع قليل من مساحيق التجميل فكانت كالقمر فى ليلة تمامه، أخذت ضربات قلبها فى التسارع عندما تيقنت بانه على وشك الخروج من الحمام بعد أن توقف صوت الماء، فحاولت أن تتراجع عما فعلته وترتدى عبائتها وحجابها، فهى تخشى من ردة فعله بعدما يراها هكذا، قد يحطم قلبها مرة أخرى فلم تعد تحتمل ذلك، وفى ذات الوقت الذى وضعت يدها على عبائتها لتسرع فى إرتدائها كان "فريد" قد آنتهي من حمامه فخرج ليجدها أمامه بكامل زينتها، إتسعت عينيه وألجم لسانه عن الحديث فطل للحظات ينظر إليها بصمت يحاول أن يقبع فى داخله شيطان إستطاعت إخراجه، ربما ما تفعله هي ما تستعمله مع غيره، تحاولين نظراته إلى نار كادت أن تفتك بها، لدرجة أنها تراجعت للخلف بخوف وفزع حينما رأته هكذا..
حدث "فؤاد* هاتفيًا صديقه" سليم“ فدار بينهم حوار تفصيلي عن القضيه فقال "سليم" بخوف_أنت متأكد أن كده القضية انتهت، ولا ممكن تحصل فى الأمور أمور، ويتعرف أن احنا اللي عملناها ونروح فى حديد وهو يطلع منها سليم .
"فؤاد" بغضب_أنت مش هتبطل قلق، أنا قولتلك قبل كده بدال الملف عندى، انسى حاجة إسمها قضية وبطل كلامك ده .
=أنا بس خايف من "فريد" و"حسام"، مش ساهلين ولو شمو خبر أنه معانا، هيخلوا فضيحتنا بجلاجل، أصلك مش عرفهم دول شيطاطين متنكرة .
_على نفسهم،هما معندهمش اى دليل علينا بالعكس هما دلوقتى فى قفص الإتهام من "زين العابد"
=ربنا يستر وتعدى على خير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق