Chapter 21
اقتليني الآنَ ...
فالليل مُمِل .. وطويلْ ..
اقتليني دونما شر ط .. فما من فار ق ..
عندما تبتدئُ اللعبة يا سيِّدتي..
بين من يَ قْتُل .. أو بين القتيلْ ...
"نزار قباني"
- ابن مين ردى عليا ؟
ابتسمت بتهكم و تشفى على حاله التى أصبح يرثى لها قبل أن تجيب ببرود
- ابنك
- هأقتلك يا ملك
- أنا مت من زمان ، أنت اللى عليك الدور تموت
جلست على الأريكة ببرود تضع قدما فوق الأخرى في جبروت لم تعتده من قبل عندما انهار على ركبتيه أمامها
ذليل راكع
- حرام عليكى يا ملك بتعملى فيا كده ليه ، انتى حب عمرى كله
نظرت إليه و الدموع تتساقط من عينيها قلبها يحترق و تريد أن تحرقه ، غادرت إلى غرفتها و أغلقت الباب و
تركته على عقله يكاد يجن لم يمسها قط ، لم يفعل هل يعقل أن ملاكه الطاهرة قد خانته ، لا يمكن أن يكون هذا
عقابه .... اتجه نحو الباب غاضبا و طرقه بقوة
- افتحى يا ملك ، افتحى و جاوبينى .... ابن أمير صح ؟ هأقتله يا ملك ، هأقتله عشان ترتاحى
وضعت يديها على أذنيها لتمنع صوته من الوصول اليها لم تعد تحتمل هذا الجحيم لكنها لن تتراجع ، انه يفقد
عقله
- افتحى يا ملك ، أنا مش هأذيكى ... ارحمينى أنا تعبت
استند إلى الباب و هو يتمتم
- و الله العظيم تعبت
نار تحرقه و لا سبيل للخلاص سوى سبيل واحد اتجه إلى حجرة المكتب فلا سبيل له الا بالخلاص الأبدى
لينتهيا معا و إلى الأبد أخرج مسدسه من درج المكتب ، فتحت الباب ظنا منها انه رحل لكنها وجدته يتجه
نحوها فنظرت إلى المسدس بيده و لم تهتم هو لن يؤذيها هو يحبها ، يعشقها حد الجنون لكنها نسيت أن
الجنون ليس له حدود
- ده الحل الوحيد يا ملك ، انا مش عايز اقتلك
- الموت أهون أنا بكرهك ، بكرهك من كل قلبى
- كفاااية
صاح بها و هو ممسك بمسدسه لتنطلق رصاصة غادرة تستقر بقلبها تماما ، نظر اليها و هى تتهاوى على الأرض
مضجرة بدمائها فتوجه نحو جسدها الذى همد من فوره و هو يضمها إلى صدره يناديها دون إجابة
- ملك ... ملك ردى عليا يا ملك ، يا ملك1
استيقظ و هو يصرخ باسمها ليجد نفسه بمكتبه تنفس الصعداء هو غادر المنزل ليلة أمس و قرر المبيت
بالمكتب ، كابوس بشع هو لا يمكنه إيذاؤها ، هل رفعت عنه كرامته الحرج ، هل قرر عقله الباطن الثأر منها في
أحلامه فهو ما كان ليؤذيها في واقعه أبدا ربما تشعر أنها سجينته بينما هو أسيرها ، معتصم عند باب قلبها يطلب
الرضا ، كم هو أحمق يفكر بحبها و هى تصرح بخيانته ، لا لا يمكن لملك أن تخون ، لا يمكن للبراءة أن تلوث
و لكن ماذا عن الحمل و التقرير أيعقل أن تكون كذبه ... لا تكن غبيا أحمد هى أحبت أمير و كرهتك فلوثت
اسمك و شرفك هى ، أنت تدفع ثمن عشقك الأعمى ، ممزق ... مجروح ....يتألم و لا مجال للخلاص
صباح بارد لم تعتاده منذ زواجهم فقد عاد إلى المنزل ليلة أمس متأخرا و هى تظاهرت بالنوم لكنها لم تذق طعمه
طوال الليل و تكاد تجزم انه بقى مستيقظا هو الآخر ، جلس الجميع إلى مائدة الافطار و رغم أن أحد منهم لم
يتحدث بشيء الا أن التوتر بينهم بدى واضحا ، انطلق خالد تجاه الباب ليذهب إلى الجامعة عندما نادته فرح
- خالد ، هتتأخر ؟
- مش عارف بس متعمليش حسابى في الغدا
أجاب بنبرة باردة و عيون جامدة فقدت نظرة الاعجاب التى تراها بعينيه دوما ، هى مخطئة باخفاء الأمر عنه لكنها5
لم تعتد هذا الجفاء منه ، أخرجها صوت والدها من أفكارها
- فرح ، أنا طالع على الشركة عايزة حاجة يا حبيبتى ؟
- لا يا بابا متحرمش منك
قبل وجنتها قبل أن ينصرف حقا الأب هو حبيب الفتاة الذى لا يخذلها أبدا ، ابتسمت لوالدها الذى بدت قبلته
قبلة تعويض فعيناه أخبرتها انه دائما هنا من أجلها
- يا سيدى على الرومانسية كده خالد هيغير
نظرت فرح إلى منه بأسى قبل أن تنفجر في البكاء فضمتها منه إليها و جلستا معها حيث أخبرتها فرح عما حدث
فبدا الضيق على وجهها ، هى السبب و ثرثرتها الفارغة أدت إلى مشكلة كبيرة
- أنا آسفة أوى يا فرح ، انا السبب
ربتت فرح على يد أختها التى كان الذنب يتآكلها
- مش انتى السبب ، أنا كان المفروض أكون صريحة معاه من الأول
صوتها يحمل الكثير من الحزن ، لم تعتد أن يغضب منها و لا تحتمل كونه غاضب مبتعد حزين ، الدنيا تظلم
بعينها فقط لانه يشعر بالضيق ، متى أصحت بلهاء ؟ متى أصبحت عاشقة؟ لا فرق هى فقط تلك البلهاء العاشقة
تستمر القصة أدناه
التى تتمنى رضاه
غاب أيام عديدة لم يتفضل عليها سوى ببضع مكالمات هاتفية لكنه الآن بمنزلهم في زيارة مفاجئة ، وقفت أمام
المرآة تتزين و تسأل والدتها لمرات عديدة عن شكلها
- يعنى بجد يا ماما شكلى حلو ؟
- انتى قمر يا روح ماما
و بالفعل كانت والدتها محقة ريم كانت جميلة بحق بعيونها اللامعة السوداء الواسعة و أهداب الطويلة و خصلاتها
الكستنائية ، ملامح رقيقة تحمل شقاوة و قوام رشيق تغلفها رقة و نعومة لكنها لا تثق أنها جميلة بحق إن كانت
كذلك لم لا يلتفت اليها و لكن لا يهم ، ها قد أتى ، مشتاق ؟! ربما و هل سبق له إن اشتاق و هل شعر بها قبلا
، نفضت تلك الأفكار عن رأسها ، هو هنا ستنعم عيناها برؤياه و كفى
اتجهت إلى الصالون حيث يجلس مع والدها ، اتسعت ابتسامتها و ارتبكت تحاول جاهدة ألا تتعثر و ألا يظهر
شوقها واضحا ، نظر إليه بابتسامة خفيفة قبل أن تجلس تختلس النظر في هدوء ووالدها يتحدث عندما صدمهم
أمير بطلبه
- أنا يا عمى كنت جايلك النهاردة عشان نقدم معاد الفرح لإنى مسافر
ظهرت الصدمة على ملامح الوالد فهو لا يريد أن تبتعد وحيدته عنه و تسافر إلى بلاد غريبة
- بس انت مقلتليش يا ابنى انك ناوى تسافر لما خطبت ريم
- الموضوع جه فجأة ، جالى شغل كويس و قلت إنى أكون مستقبلى ، شهرين بالكتير و لازم أسافر و كنت عايز
ريم معايا
نظرت إليه فور أن نطق بتلك الكلمات يريدها معه ، نعم ما سمعته صحيح تماما ، التردد باديا على ملامح والدها
الذى يرى نظرات ابنته الموافقة بالكلية لكنه رافض قلق على مستقبها و هى لا تهتم يكفيها انه طلبها لتكون معه ،
ستذهب معه و لو لآخر العالم و لا تهتم لم سيحدث ، أما هو لا يعلم لم يريدها بجواره ، كبرياؤه لم يتحمل
الرفض فيرضى غروره بها ، نعم زواجهم تقليدى لكنها تحبه نظرتها تخبره انها تحبه ، ارتعاشة يديها عندما يسلم
عليها ، ارتباكها و ابتسامتها التى لا تفارق وجهها و لمعة عيناها في وجوده و لكن ألم تكن ملك كذلك قبلا ،
الحب مخادع فلينحيه جانبا ، ريم ستكون زوجة جيدة بكل المقاييس العقلية جميلة ، محترمة ، مطيعة ، من عائلة
محترمة فليكن إذا فلندع القلب في استراحة طويلة و لندع للعقل قيادة الأمور
دخل إلى المحاضرة بوجه لم يعتاده طلابه هو صارم و حازم لكن ملامحه اليوم تتسم بالقسوة لكن ما أن رفع رأسه
تستمر القصة أدناه
تجاه المدرجات حتى احتلت الدهشة ملامحه و هو يلتقى بتلك العيون الخضراء التى تجلس مبتسمة فحاول
جاهدا السيطرة على ملامحه حتى لا يبادلها الابتسام لكنه فشل فقد لاحت على وجهه شبح ابتسامة لمحتها و
ارتضتها و ظلت جالسة تستمع إليه بهيام لم تعرف أن القانون الدولى يمكن أن يكون بهذه الروعة لكن أخرجها
من أحلامها صوت طالبات يتهامسن و احداهن تتغزل بعيني معيدهم الوسيم ، أرادت أن تعيد ترتيب زينة وجهها
بلكمة و فور أن انتهت المحاضرة اتجهت نحوه و نادته
- دكتور خالد ؟
التفت اليها بوقار و اقترب منها
- فرح ، انتى بتهزرى صح احنا في الجامعة
- انت اللى نسيت انى ماجستير السنة دى
قالتها مبتسمة عندما لانت ملامحه
- كده هيتكلموا علينا
- خايف على معجباتك
الغيرة تزيدها جمالا و هو لم يتمالك إلا أن يبتسم ، يعلم الكثير من صفاتها و الآن يرى جنونها و غيرتها و يعترف
أنه يذوب عشقا بذلك الجنون و يهيم بتلك الغيرة و لكنه ما كان ليتنازل بسهولة
فلتزيد الأمور اشتعالا أصبح هو دأبها ، كانت لا تزال تحتفظ بتلك الصورة التى ألتقطتها منه لها برفقة أمير فما
كان منها الا أن ارسلتها لأحمد من حساب الكترونى مجهول ليزداد غضبه اشتعالا كان كافيا أن يحطم غرفة مكتبه
بركان ثائر و يخشى أن ينفجر بها فيؤذيها ، لا يتحمل أذيتها مطلقا لكنها لا تهدأ ففور أن سمعته يفتح باب
المنزل و هى تتحدث مع أخيها ياسر ، اظهرت ارتباكا غير حقيقى
- هكلمك تانى
همست بصوت عالى كفاية ليسمعها قبل أن تغلق هاتفها ، فاتجه نحوها غاضبا و أمسك الهاتف من يدها ليتصل
بالرقم فيأتيه صوت ياسر
- ايوه يا ملك ، احنا مش لسه قافلين
- معلش يا ياسر ، انا اللى اتصلت غلط
- و لا يهمك يا أبو حميد
ابتسمت بخبث قبل أن تأخذ الهاتف من يده و تهم بالذهاب فأمسك بذراعها بقوة و نظر لها بتحدى
- هتفضلى تلعبى اللعبة دى لحد إمتى ؟
- أنا مش بلعب ، انت اللى مقتنع انها لعبة و غرورك مخليك مش شايف الحقيقة
وقفت أمامه تتحداه رفع يده و كاد أن يصفعها ليوقف قبضته و ينصرف من أمامه و هو يزفر يريد أن يصرخ حتى
تنقطع أنفاسه
تعتقد أنها تجبره أن يفعل ما يحلو لها لينتهى بها الأمر تنفذ كل ما يطلبه منها فها هى تذاكر مواد لا علاقة لها بها
تستمر القصة أدناه
و لا دراستها و على الأرجح تكرهها و الغريب انها وجدته يستمع لها باهتمام و هى تشرح
- هو انتي مش بتقلعي نضارتك دى ليه ؟
عدلت من نظاراتها و هى تتعجب من سؤاله
- و اقلعها ليه
- عشان أشوف عينيكى
هو يغازل و هى ترتبك ، جل ما فعلته انها القت له بورق المحاضرات
- اتفضل بقى احفظ لحد ما أذاكر اللى ورايا
ابتسم اليها متعجبا من حاله كم كان يكرهها سابقا لا يطيق رؤيتها ، يتطلع دائما إلى إثارة اعصابها و مازال إلى
الآن لكنه لم يعد يكرهها فهى تحتمله لدرجة كبيرة و تريده فعلا أن يتحسن
جلست إيمان بجوار منه التى كانت تقلب صفحات كتابها و لا تنظر إليه هى سابحة بين أفكارها حزن عميق يخيم
على قلبها و لا تعرف له سببا هدوء يصل إلى حد الملل ، تريد أن تبكي لكن لا تريد لأحد أن يسألها عن السبب
- منه أعملك شاى معايا ؟
التفتت إلى إيمان و هزت رأسها نافية قبل أن تعود إلى كتابها مرة أخرى لا تقرأ منه شيئا
- إيمان اعمليلى نسكافيه برغاوى في المج بتاعى
نظرت إليه بغضب ليهديها ابتسامة مستفزة كعادته تتخيل نفسها و هى تأتى بالنسكافيه الساخن لتسكبه فوق رأسه
العنيد
- أنا الاسبوع الجاى كله هأرتاح من طلباتك
- ليه يعنى ؟
سألها متعجبا فأين ستذهب تلك المملة هى كل يوم هنا و لا تذهب إلى أى مكان
- هأسافر البلد اتطمن على بابا
أخبرته قبل أن تنصرف إلى المطبخ و هو يشعر بضيق أنها ستتغيب .... سيفتقدها ، لا لن يفتقدها لانه يكن
المشاعر نحوها هو فقط سيفتقد خادمته الخاصة التى تلبي كل طلباته أو هذا ما حاول اقناع نفسه به فهو لا ي ريد
الاعتراف بالتفسير الآخر
لم يعد غاضبا منها يتفهم أسبابها هم لم ترد أن تعكر صفو حياتهم لكنه يغار هى ملكه و لن تكون الا له و لكنه
يريد أن يراها تصالحه و تأتى إليه و بالفعل اتجهت نحوه و هو يجلس بغرفه المكتب ، تحمل كتابا بيدها و قد
تزينت على أكمل وجه ، نظر اليها كانت آيه في الحسن لكنه يتقن اللعبة عاد إلى أوراقه عندما اقتربت منه
- خالد ، أنا في حاجة مش فهماها في القانون الدولى
- حاجة ايه ؟
سأل و لم يرفع نظره نحوها فهو لا يضمن عواقب رؤيته للزمرد الأخضر بعينيها ، اقتربت ليحيطه عطرها الأخاذ و
تستمر القصة أدناه
لكنه لا يتراجع ، امسك بكتابها يقرؤه عندما همست
- أنا آسفة
رفع عينيه اليها و هو يتأمل ملامحها
- متخبيش عنى حاجة تاني
- عمرى و الله ، وعد
أمسك بيدها و قبل راحة يدها و هو يبتسم اليها بحنان
- وحشتينى
رغم ابتعاده عن الجميع لكن اتصالاته بأخيه لا تنقطع يوميا ربما ارتباطهم زاد عن الفترة الأخيرة
- مش أنا بفكر أخطب
قنبللة ألقاها تيم لأخيه ليتلقى ردا ساخرا
- و مين تعيسة الحظ اللى وقعتك
- لا الموضوع مش واقعة ولا حاجة منكرش إنى معجب بيها بس يمكن مش لدرجة الحب ، أنا مش مؤمن بالحب
الأفلاطونى زيك يا هيما انا عندى فرامل على مشاعرى
- طيب اتفضل سوق من هنا
ضحك تيم من تهكم أخيه المستمر ، هو قد عقد العزم بالفعل على خطبتها معجب بها منذ فترة عفويتها و
شخصيتها القوية ، إعجاب قد يتحول إلى حب هو يواجه نفسه دائما و هو يمنع نفسه عن حبها يخشى التعلق ،
يخشى الحب ، القلب أحمق و العقل دائما صاحب القرارات الأصح ، رآها اليوم تتحدث إلى صفا و هى تحمل
حقائبها متجهة إلى القرية لزيارة والدها ، مستقلة ، عاقلة ، مثابرة و شخصيتها تستحق الاعجاب فعلا ، إيمان هى
الفتاة المناسبة له
تتصل به و لا مجيب تحاول الوصول إليه فتخبرها سكرتيرته انه مشغول ، منذ أن كانت بالمكتب و هي لا
تستطيع الوصول إليه ، أغضبته تعلم ذلك لكن ماذا كان عليها إن تفعل غير ذلك و ها هي اليوم تعيد المحاولة
لتجيبها سكرتيرته
- مستر يحيي مسافر و مش عارفة هيرجع امتى ؟
وضعت الهاتف و نظرت إلى يحيي الذى يجلس أمامها واضعا ساقا فوق الأخرى و على وجهه ابتسامة
- بتتهرب منها ليه ؟ متقولش انك استسلمت
ضحك منها الفتيات دائما ساذجات مهما مررن بتجارب فها هى ساندي تتعلم على يديه منذ مدة و مازالت
ساذجة تتمتع بحماقة النساء
- دي استراتيجيا يا سو يا حبيبتى انتى لسه صغيرة على الكلام ده
ابتسمت متهكمة قبل أن تعلق
- ما اتعلمنا على ايدك يا يحيى
- يحيي باشا
اقترب منها و هو ينظر إلى عينيها بجرأة لتبادله مثلها قبل أن تهمس بإغراء
- أنت تؤمر يا باشا
تستمر القصة أدناه
سافر و لا تعلم متى سيعود خسرته ، تلوم نفسها تارة و تارة تقتنع أنها كانت محقة فلا يمكنها أن تستسلم له ، لم
تجد سوى دموع تخفف بها حيرتها و حزنها عندما دخلت والدتها اليها لتجدها تبكى
- مالك ؟ بتعيطى ليه ؟
سألها لتقص عليها نهلة كل شىء بخجل متوقعة أن تخبرها والدتها أن تبتعد فورا عن هذا العابث و تنال سيلا من
النصائح لكنها على العكس تماما
- تصدقى انتى هبلة و فيها ايه يعنى ؟ ما كل الرجالة كده
نظرت اليها نهلة بدهشة هل حقا والدتها هى من تتفه من أمر محاولات يحيي معها ، لن تصيح ، لن تسألها لم
ذهبت لمكتبه من الأساس و الأدهى انها تخبرها انه دأب كل الرجال
- يا عبيطة شوقيه و في نفس الوقت حرصى انما الصد و الوش الخشب كده غلط ، متخسريهوش يا حبيبة أمك3
، ده عريس ميتعوضش يا خايبة
تركتها والدتها تتخبط بين أفكارها أكثر ، هل هى ساذجة إلى هذا الحد؟ و ستخسر يحيي بسبب سذاجتها ، هذا
إن لم تكن خسرته بالفعل ، ظلت تبقى و تلوم نفسها تشعر أنها ستبقى دوما تلك الحمقاء التى يضيع منها كل ما
تتمنى
- يا نهار أسود ، أنتى اتجننتي يا ملك ؟!
صاحت بها هاجر عبر الهاتف فور أن أخبرتها عما فعلت و عن انتقامها و كذبها ، ظلت صامتة و هاجر تستمر
في نصحها
- انتى بتلعبي بالنار ، ده شرف يا ملك مش لعبة
- هو اللى بدأ
ضحكت هاجر من تلك المجنونة التي تتحدث كطفلة صفعها فردت الصفعة
- تصدقي انتوا الاتنين لايقين على بعض أنا كنت فاكرة إن هو بس اللى مجنون لكن انتى طلعتى أجن منه
- الوجع يا هاجر ، الوجع بيغير
رقت هاجر لحالها فهي تعلم ما عانته جيدا و ما فعلته بها كذبته الغبية
- انسي يا ملك ، انسي و حاولى تبدئي من جديد مش يمكن ....
- لا طبعا لا يمكن أحبه
ابتسمت هاجر قبل أن تجيب
- كنت هقول يمكن كذبتك تخليه يطلقك
ارتبكت ملك و لم تعرف بما ترد عندما تحدثت هاجر مودعة
- سلام بقى عشان أخوكى جه
أغلقت السماعة و اتجهت نحو زوجها بابتسامة
- حمد الله ع السلامة ، اتأخرت ليه ؟
- كنت باستلم بضاعة بس هموت من الجوع
ابتسمت إليه بحنان تحسنت علاقتهم كثيرا في الآونة الأخيرة و هى تشعر أنها تطير فرحا
تستمر القصة أدناه
- من عنيا دقيقة و يكون الأكل جاهز
- تسلمي يا قمر
اتسعت ابتسامتها ليبادلها ابتسامة زائفة تستحوذ عليه بهدوء قاتل ، تتعلق بقلبه و تأبى الا أن تشغل عقله و ها هى
المخدوعة تظن كلماته غزلا و لا تعلم أنه يناديها باسم أخرى
كعادتها يتشوش عقلها و تتوتر أعصابها فتلجأ إلى التنظيف ، المنزل لا تشوبه شائبة سوى حجرة مكتبه فقررت أن4
تنظفها توترها اليوم يفوق الحد ، ترتب و تزيل الأتربة ، تنظف السجاد و لم يبقى سوى أوراق على المكتب ،
ملفات كثيرة لكن ملفا واحدا كان مميزا لدرجة لفتت نظرها فتصفحته لتحتل الصدمة ملامحها ، تنظر إلى الورق
بيدها و تقرؤه مرات عديدة و لا تصدق ... لا يمكن مستحيل ، انها لعبة أخرى ، كذبة أخرى فما كان منها الا
أنها اتصلت برقم الطبيب على الورق ليخبرها أن الأمر صحيح " لوكيميا "
انهارت على كرسي المكتب و الدموع تتساقط من عينيها تلقائيا ، دموع وسط ذهول تام ، سرطان بالدم ... أحمد
!!
سمعت باب الشقة يغلق فاندفعت نحوه لتقف وجها لوجه معه و كأنها تراه لأول مرة عيناها تتعلق به و الدموع
تتساقط و هو يبحث عن سبب الدموع و لا يعرفه و لا يريد أن يسأل ، طاقته استنفذت تماما لكنه لمح الورق
بيدها
- عرفت امتى ؟
تساءلت وسط دموعها ليجيب ببساطة
- يوم ما قلتى لى انك حامل ، كنت راجع من عند الدكتور
- أنا مش حامل أنا كذبت عليك
انتابه شعور عارم بالراحة الآن انتصر احساسه الذى لطالما أخبره أنها مجرد كذبة حمقاء ككذبته تماما ، ملاكه
العنيدة تنتقم منه و حسب فهى ملك و ستظل دوما ملك .... ملاكه الطاهرة لا يمكن أن تكون بخائنة
- صدقينى أنا لو كنت أعرف بموضوع تعبي ده قبل الجواز مكنتش تممت جوازنا و كنت اعترفتلك بالحقيقة
كلها
كل ما فعله كذبه و كذبها و كل ما حدث لم يعد يهم كل ما يهمها شيء واحد فقط نطقت به بقوة وسط
دموعها
- أنت لازم تتعالج
ابتسم ساخرا لكنها لمحت أسى بعينيه لم تلحظه قبلا ، هى لم تنظر إليه أبدا كما الآن
- عشان مين ؟
- عشانك ، عشان طنط و نهلة
حتى و هى حزينة من أجله تجرحه أرادها أن تخبره انها تريده أن يتعافى لأجلها لكنها لم تفعل ، جلس على
تستمر القصة أدناه
الأريكة لم تعد قدماه تحملانه ، مرهق ... مرهق حتى النخاع
- طنط و نهلة ! عارفة أنا من و أنا عندى يمكن سنتين و أنا بتفرج على أبويا و أمى و هما بيتخانقوا محدش
فيهم لا عاجبه التانى و لا عاجبه حاله ، كل يوم خناق و زعيق و تكسير ... كنت بتفرج و أنا ساكت لحد ما
تولدت نهلة كانت اسعد ايام حياتى وقتها خدوا هدنة يمكن سنة و رجعوا تانى و بقوا أسوأ ، كنت بأخد نهلة و
اقعد ألعب معاها على السلم عشان متسمعش خناقهم و اتطلقوا و أبويا سابنا تماما لا بيجى و لا بيبعت فلوس و
لا حتى يعرف أخبارنا ، كان عندى 71 سنة و مسئول عن أمى و أختى ، ما انتى عارفة
أومأت برأسها و هى تحاول مقاومة الدموع التى تنهمر دون توقف ، كيف كرهته إلى هذا الحد و نسيت حياته
الصعبة و ما مر به طوال حياته ، هى لم تكن تكرهه قبلا على العكس ربما كانت قريبة منه و هى طفلة قبل أن
تبعدها والدتها عن الجميع بعدما كبرت ، نظرت إليه ليستطرد في حديثه هو يريد الافصاح عن كل ما يثقل صدره
فقد فاض الكيل و لم يعد يحتمل
- أنا عملت كل حاجة عشان أرضى أمى لكن هى مبيعجبهاش حاجة ، اشتغلت و دخلت هندسة و مخليتهاش
محتاجة حاجة لكن عمرى ما شفتها راضية ، حتى نهلة بعدت عنها لان مبقاش عندى وقت لها بين الشغل و
المذاكرة وبقى عندى مكتب هندسي و برضه عمرى ما لمحت نظرة رضا في عنيها ليا و لا لأى حاجة بس بعد
فترة مبقتش اتضايق و بعدها جيتى انتى ، أنا عشقتك بجنون و لما حسيت إنك هتضيعى منى معرفش اتصرفت
كده ازاى ، كنت غبى و كذبت كذبة غبية بس أنا مقدرتش أذيكي ، انتى حب عمرى يا ملك ، فاكرة و أنتى
صغيرة في المدرسة لما كنتى بعد الفسحة تلاقى شيكولاتة في شنطتك كل يوم ، أنا اللى كنت بحطهالك كل يوم
و لما دخلتى ثانوى و بقيتى في مدرسة بنات كنت بوصى نهلة تحطهالك و كنت بجيب لها زيها عشان متطمعش
في الشيكولاتة بتاعتك
نظرت إليه بدهشة تتذكر بالفعل لطالما وجدت الشيكولا المفضلة لها و كانت تتعجب كثيرا للأمر و كانت
تتساءل عن هوية الشخص الذى يضعها في حقيبتها
- أنا عمرى ما حبيت و لا شفت أى بنت غيرك يا ملك بس يمكن انا غلطت انى فضلت ساكت لحد ما أمير
قدر يوصل لقلبك بس أنا مكنتش عارف إنك بتحبيه ، هو ميستاهلكيش عارفة ليه مش هأقولك لانه مبيحبكيش
قد ما انا بعشقك ، لأ بس لو أنا كنت مكانه ... لو انتى حتى على الكوشة و جنب عريسك ووسط أهلك كلهم
كنت هأطلع قدام الناس كلها و أخطفك ، اللى محاربش عشانك يبقى ميستاهلكيش5
محق محق في كل ما يخبرها به لكنها الآن تدرك أن اسم أمير لم يعد يهز كيانها كما اعتاد يبدو حبهما الآن
مجرد مشاعر مراهقة تتلاشى بهدوء لتكون ذكرى مجرد ذكرى
- كل ده مش مهم ، المهم انت ... المهم انك تعيش
- لمين يا ملك ؟ أنا مش فارق مع حد ، محدش عايزني
- أنا بحبك
همست وسط دموعها عندما اقترب منها و مسح دموعها
- أنا استنيت سنين عشان اسمع الكلمة دى منك بس أنا مش عايزها شفقة يا ملك ، أنا وجعتك و جرحتك كتير
تعلقت عيناها بعينيه لأول مرة ، لأول مرة لا تشيح بوجهها بعيدا لا تبعده ، أما هو فنظر إليها متأملا لتلك العيون
التى يعشقها ، كانت الدموع تتلألأ بها ، الدموع التى لطالما زرفتها بسببه فضمها إليه بقوة لا يريد افلاتها لا يريد
تركها ، متعلق بها كمن يتعلق بروحه و هى الأخرى تتشبث به بقوة و سط دموعها التى لا تتوقف ، اغمض عينيه و
استجمع كل ذرة قوة بكيانة قبل أن يهمس اليها
- انتى طالق يا أحلى حاجة في عمرى
نظرت إليه في صدمة تامة فهي لم تتخيل أنها ستسمع تلك الكلمة منه مطلقا ، افلتها و طبع قبلة على جبينها قبل
أن ينصرف لتتهاوى على ركبتيها و هي لا تكاد تصدق ما حدث دموعها تتساقط و قلبها يؤلمها بقوة ، أطرافها
باردة و كيانها كله يهتز لا تصدق انه حقا تركها كما سيترك كل شىء و يرحل !!
Chapter 22
لا يآسرى لم احسب يوما ان تطلق سراحى
اعتدت على سجنك ولم اتخيل حياتى من دونك
تزوجته وانها تحبه ولا تريد ان تفقده..
لابد ان تحيا يا آسرى فأنا من دونك سراب..
لقد نسيت فى فوضى مشاعرى مدى رقتك وحاسيتك
ورجولتك التى طالما عرفتها بك..
فلا تتركنى بعدما تعلق قلبى بحبال هواك...
"حنين أحمد"
تجمع ملابسها في الحقيبة بهيستيريا تامة و سرعة كبيرة كأنها تريد الهرب و لا تعرف مم ، دموعها لا تتوقف و
كلماته تندفع إلى ذاكرتها ، تتذكر يوم كذبته الحمقاء
"ملك ، أنا بحبك ... بحبك أكتر من نفسى ، انتى اللى اضطرتينى اعمل كده"
عيناه كان يملؤها ندم ، ندم حقيقى
"أنا آسف يا ملك ، أنا بجد بحبك أوى ، بحبك بجنون ، اتجننت لما حسيت انك ممكن تكونى لغيرى ، أنا
موجوع زيك و أكتر ... ملك انتى هتبقى ملكة عمرى و حياتى طلباتك كلها هتبقى أوامر عندى ، انتى عمرك ما
هتلاقى حد يحبك قدى"
ارتعاشة صوته المحملة بذنبه كان صادقا ، صادقا رغم كذبه ، صادقا رغم حماقته و جنونه
"بحبك"
همسها و هو يراقصها ليلة زفافهم قبل أن يقربها منه فترتجف ، ترى أمير فتختبأ بين ذراعي أحمد منه ، تتشبث به
هو ، هربت ممن ظنته حبيبها طوال عمرها إليه تنشد أمانا تعلم انها لن تجدها إلا معه
" أنا مش طالب غير حبك يا ملك ، كفاية عليا اشوف ابتسامتك تنور عليا حياتى"
"أنا بعشقك ..... العشق بيسكن روحك ... العشق بيفضل حتى بعد ما بنموت"
ذلك القلب الخائن بداخلها أحبه ، أحبه رغما عنها دون رغبة منها ، اكتشفت كذبه لتبكي على صدره ، تشكو
وجعها منه إليه ، هى لا تعرف ماذا تريد ، متى أصبحت غريبة عن نفسها لهذا الحد ؟! ، متى تمكن منها لتلك
الدرجة ؟!
" لو أنا كنت مكانه ... لو انتى حتى على الكوشة و جنب عريسك ووسط أهلك كلهم كنت هأطلع قدام الناس
كلها و أخطفك ، اللى محاربش عشانك يبقى ميستاهلكيش "
مجنون ، أحمق ، عشقها ..... عشقها كما لم يعشقها أحد بالفعل ، لكنه تركها !!
حملت حقيبتها و اتجهت إلى الباب لتتجمد مكانها ... لم لا يمكنها المغادرة؟ ، لم لا يمكنها الرحيل ؟! هل
فقدت السيطرة لهذا الحد ...
بات عشقه سجنا لا تريد منه فرارا ، أهداها مفتاح حريتها فأغلقت قيودها بإرادتها
هائما لا يعرف له وجة فقط يسير إلى حيث تقوده قدماه ، أطلق سراحها ، هل بالفعل سمح لروحه ان تغادر ،
كيف امتلك شجاعة تركها ، ترك ملك !! هو نفسه لا يكاد يصدق ، لكنه الحل الوحيد يكفيها عذابا فلا يجب
عليها أن تحمل لقب أرملة و هى فى ريعان شبابها ، لازال يتذكر كلمات الطبيب عن المرض الذي لا يزال
ببداياته و اكتشافه المبكر سيساعدهم كثيرا و نسب الشفاء العالية ، هو ببساطة لا يريد ، ربما يكون هذا المرض
خلاصه ، يكفى! يريد فقط ان يرتاح و كفى ... ماذا يريد من حياة تحرمه كل ما يريد؟! حياة بخلت عليه بالحب
... بحبها الذى لم تنطق بحروفه سوى شفقه ، عشقه لها يواجه بشفقة بائسة .
بعد ساعات قادته خطواته الى المنزل سيفتح الباب لتلفحه برودة رحيلها لن يجدها ، لا نظراتها النارية ولا شفتيها
المزمومة بغضب كطفلة صغيرة تزيدها براءة و لا حتى انتقامها الأحمق ، هل وقع فى غرام انتقامها أيضا ، ابتسم
متهكما لحاله ربما لو طعنته بسكين فسيعشق السكين فقط لأنها لمست يداها ، اتجه الى داخل الشقة ليجدها
تخرج من غرفة النوم ...
_ ملك ؟!
ألم ترحل و تتركه ، لم؟! بقيت بعد أن أطلق سراحها
_ ردني
نظر اليها مصدوما ، هل حقا ما سمع أم انه يتوهم و عشقها أصابه حقا بالجنون
_ ملك ، أنا ........
_ ردني
لا يكاد يصدقك ملاكه البعيد تطلب قربه ، ابتسم اليها بحزن و مسح على شعرها
_ شفقة يا ملك
_ علمني أعشقك
نظر اليها مصدوما اطالما صرحت بكرهها له و منذ ساعات قليلة اعترفت بحبه شفقة أم حب؟! يتمنى حبها و لا
يريد شفقتها ، فالشفقة فى عرف العاشقين صدقة لا يمكن قبولها
_ عايزنى اترجاك
ابتسم اليها ساخرا بقلب مكسور ، حبيبته التى لطالما تمنى رضاها تترجاه ، روح تتعلق بأمل جديد قبل أن يجيبها
_ ما عاش و لا كان اللى يخليكي تترجي يا ملك
ارتمت بين أحضانه و لفت ذراعيها حول رقبته تتعلق به كطفلة صغيرة تبكي
_ متسبنيش يا أحمد عشان خاطري
اسبوع واحد كان كافيا لتنقلب كل الموازين فها هي تجلس في القطار لتعود إلى القاهرة و ذكرى ما حدث تمر
بعقلها ، فجأة وجدته أمامها في منزلهم يجلس مع والدها و يلقى اليهم بطلبه
- أنا يا عم إسماعيل طالب إيد الآنسة إيمان
تستمر القصة أدناه
صدمة ... دهشة ... و قد منحها فرصة لتفكر ... بكل المقاييس العقلية لا يمكنها رفضه طبيب ، وسيم ، مركز
إجتماعى و مالى لا تشوبه شائبة لا تنكر أنها أعجبت به في الفترة التى عملت معه بها في المستشفى ، لكنها لا
تحبه و لا تكرهه ... و لا تحب آخر مرت الفكرة على عقلها مترددة و لكنها كررتها لعقلها مرارا ، أنا لا أحب
غيره ، لا أحب ... القلوب حمقاء فلا يجب أن ندعها تقرر و كان خوفها من الفشل هو الأصعب فاتفقا على
قراءة الفاتحة بينه و بين والدها حتى ينتهى الفصل الدراسي و تتم الخطبة في الصيف و ها هى تعود إلى القاهرة
خطيبة دكتور تيم الهنداوي ... حزينة بالطبع لا ، سعيدة كان السؤال الأصعب الذى لم تستطع إجابته ؟
أما هو فقد كان سعيد هو معجب بها و يراها الفتاة المثالية بالنسبة إليه و الحب سيأتي لاحقا ، يأتى بالعشرة
كحال والده ووالدته ، فهما يعشقان بعضهما بالفعل هو يرى هذا الحب البناء الهادىء في كوب الشاى الذى
تعده والدته لوالده و تعطيه له بابتسامة فيجيبها
- الله يخليكي يا حاجة
مودة و رحمة لا يفهمها الكثير ، احترام متبادل ، وقار و حب كبر مع الأيام ، لازال يتذكر الصاعقة التى ألقاها
اليهم فقد خرج في الصباح كعادته لكنه توجه إلى القرية ليخطبها و حضر في المساء يخبرهم بما حدث لتنفجر
والدته غاضبة
- تخطب من غير ما تقول يا تيم ؟!
- هو أنا خطبت ؟!
أجاب مبتسما و هو يعدل من نظارته لتجحظ عيناها و تصيح
- أمال اللى انت عملته ده اسمه ايه ؟
- استنى يا أم إبراهيم أما نفهم منه
هكذا كان والده دوما صوت العقل بالعائلة فبدأ تيم بشرح موقفه
- أنت عارف طبعا إن عم اسماعيل بيشتغل عند الحاج عبد الرحمن من زمان و خير الحاج عبد الرحمن عليه و
هو حتى اللى بيدفع فلوس تعليم إيمان فلو حضرتك أو جدى اللى طلبتم منه إيد إيمان هيعتبره أمر أكتر منه طلب
فعشان كده قلت أكلمه أنا عشان لو هو أو هي رفضوا يبقى مفيش حرج من أى نوع و طبعا يا بابا جدى و
حضرتك اللى هتتفقوا على كل حاجة و تتمموا الموضوع كله
- عين العقل يا دكتور
ابتسم إلى والده لكن والدته كانت لا تزال على غضبها
- عقل ايه و مين دى اللى ترفضك ، ده الف مين يتمنى ضفره
تستمر القصة أدناه
ابتسم أكرم إلى زوجته فها هي تدافع عن ولدها بشراسة بعد أن كانت غاضبة منه فقبل تيم رأسها ضاحكا
- ربنا يخليكى ليا يا ست الكل
و ها هو في انتظار عودة إيمان التى يعدها خطيبته و حتى إن لم يكن الأمر رسميا إلى الآن و لكنه غافل تماما
عمن تجلس في قسم الاستقبال تراقبه و هى تخفى وجعها ، لم تعترف لنفسها بحبه الا عندما أخبرتها إيمان بما
حدث ، نزل عليها الخبر كالصاعقة ما أن أغلقت الهاتف حتى بكت هى تتمنى السعادة لصديقتها تتمناها من كل
قلبها ، قلبها الذى تعلق به
الحب من طرف واحد قاس مؤلم و من طرفين هو السعادة متجسدة ، الثالوث يجعل الأمر معقدا أما إن أضفت7
الضلع الرابع فالأمر خرج تماما عن السيطرة ، فها هي تجلس معه بغرفته بعد انتهاء جلسة العلاج الطبيعى ، كانت
ستخبره قبلها لكنها أجلت الأمر إلى ما بعد الجلسة ثم أجلته حتى تعد له إفطاره ، حاولت أن تخبره لكنها
تراجعت و ذهبت لتعد له القهوة ، لا تعلم السبب في ترددها ، أحضرت القهوة و جلست تنظر إليه ، كان ممدا
على السرير فهو يشعر بارهاق شديد بعد تلك الجلسات ، جادلها كثيرا انه لن يذاكر اليوم و استبدل كتبه
بالحاسوب و سماعات الأذن الذى لا يستغنى عنها مطلقا
- يوسف
نادته و لم يستمع فعاودت النداء و هو لا يسمعها من أثر الموسيقى المتدفق إلى أذنيه ، طفح الكيل اتجهت
نحوه و أزالت السماعات لينظر اليها بدهشة لكنها كانت أول من تحدث
- تيم خطبني
نظر اليها بهدوء و جذب السماعات من يدها و شرع في وضعها بأذنيه و هو يجيب بكل برود
- مبروك
شعرت عندها برغبة عارمة في صفعة ، تغلى من داخلها من رد فعله البارد لكن ماذا أرادت منه ، هل توقعت إن
ينفعل ، يثور ، يغضب ...و لم يفعل ؟ ممرضته تمت خطبتها الأمر لا يعنيه و لا يجب أن يعنيه من الأساس
غادرت و تركت له الغرفة بأكملها عندما نزع السماعات بعصبية ، المدللة الغبية تخبره بأمر خطبتها و هو من
ظنها مختلفة تهتم بدراستها و ستصبح طبيبة ، الحمقاء ذات العيوينات لن تكون سوى زوجة تقضى وقتها كله
بالمطبخ و التنظيق و يجرى خلفها عددا من الأولاد بل و ستصبح ثمينة أيضا ، غاضب للغاية و غاضب حتى من
غضبه الغير مبرر بل مبرر فهي ستنشغل عنه و سيخسر خادمته المملة المطيعة ، لكن هذا ليس التفسير الوحيد ؟
تستمر القصة أدناه
حدثته نفسه لينهرها بل هو كذلك خادمته المطيعة ستنشغل بغيره ، ستكثر أجازاتها و خروجها مع المدعو خطيبها
... جمقاء ؟!
اسبوع و هى تشعر بالضياع ، منزوية في غرفتها بالكاد تخرج إلى الجامعة لم تعد تذهب إلى الجريدة و ابتعدت
عن اصدقائها أغلقت هاتفها و جميع حساباتها الالكترونية ، تبكى و لا تعرف السبب ، "منه" بهجة منزل على
الهنداوى تنطفيء ، والدها يحاول و فرح حتى يوسف و إيمان حتى جاء هو ، خرج من جامعتها لتجده في
انتظارها
- اركبي
- خالد !!
- اركبي يا منه
استقلت السيارة و هى تتعجب لم انتظرها بعد انتهاء محاضراته و الأغرب أنه لم يتجه إلى المنزل
- انت رايح فين ؟
- الملاهي
ازدادت دهشتها ثم استنتجت الأمر لابد أن فرح هى من دفعته إلى الأمر بعد فشل محاولات الجميع لم لا
يتركوها إلى كآبتها و حسب
- أنا عايزة أروح
- لأ ، بابا و يوسف في المستشفى يوسف هيقعد اليوم كله هناك أشعة و فحوصات بيقولوا هيجربوا حاجة جديدة
ربنا يشفيه و فرح راحت تزور عمك حسين عشان تعبان ، يعنى هنقعد وشنا في وش بعض ، أنا زهقان يا منمون
- في دكتور جامعة يروح الملاهي ؟!
ابتسم اليها ها هي مشاغبتها تعود من جديد
- ايوه لما يكون خارج مع عيلة مقموصة
نظرت إليه بغضب يعتقدها طفلة حسنا ستتصرف على هذا الأساس و بالفعل تنقلت بين كل الألعاب و فازت
بدمية دب محشو و هى تقفز فرحا ، غزل البنات و حلوى السكر و ألواح الشيكولاتة و انتهى الأمر ببلونات و
خالد ينظر اليها مبتسما تلك الفتاة طفل كبيرة بالفعل و كعادة أى طفلة نامت بالسيارة في طريق العودة و فور أن
وصلوا إلى المنزل أيقظها خالد لتتجه إلى الداخل و هو يتبعها على وجهها ابتسامة لمعة عينيها قد عادت ،
اتجهت ناحية فرح و طبعت قبلة على وجنتها
- رورو ، حبيبى جوزك ده هدية من السما
- طبعا يا بنتي أنا اللى زى خلصوا خلاص
اتجهت فرح نحوه مبتسمة بينما منه اتسعت ابتسامتها و رفعت حاجبها
- لا و متواضع كمان
أجابت قبل أن تأخذ بلوناتها و دبدوبها و تتجه إلى غرفتها فالتفت فرح إلى خالد
تستمر القصة أدناه
- انت ساحر فعلا ، ربنا ما يحرمنى منك يارب
احتضته عندما همس اليها بصوت مسموع
- منه
فصاحت منه من أعلى الدرج
- طلعت على أوضتى خلاص
اسبوع ، سبعة أيام تمر و كل يوم يتأكد من أنها رحلت للأبد لن تعود لم يبقى لديه سوى الذكريات ، يدخل إلى
المنزل فلا تستقبله ، لا يجدها بغرفتها و قد فتحت صوت الموسيقى عاليا فتشكو والدتهم من الصوت العالى ،
غرفتها فارغة و مكتبه مرتب فهى لم تعبث بمحتوياته كعادتها ، ملابسه كما هى لم تستعر قميصا و لا معطفا فهى
تميل إلى ملابس الرجال أكثر من الملابس الأنثوية رغم جمالها الرائع ، نظارتها التى ابتاعتها قبل الحادث بشهر
مكانها فهى لم تحب النظارات قط ، هو من أقنعها بشرائها ، يمر بغرفة والدته فلا يجدها تتزين بالمساحيق
فيخبرها أن تلك الألوان تجعلها بشعة و جمالها الطبيعى اجمل بكثير ، يلقبها بالبلياتشو فتقذفه بالوسائد ، كل
شيء مكانه ما عدا هي و أزهارها التى ذبلت و فارقت الحياة هى الأخرى ، الحقيقة مؤلمة لكن عليه مواجهتها
هى لن تعود و لكنها الحياة التى سنتهي يوما و سيجتمع بها مجددا يوم اللقاء و لأول مرة يعترف أنها ماتت ،
لأول مرة ينطق اسمها و يترحم عليها
- الله يرحمك يا رقية
هذا الاسبوع هو يعترف أنه افتقدها ، الحياة ينقصها الكثير بدونها ، الأمر ليس سهلا كما اعتقد بالبداية ، الآن
يدرك أن ابتسامتها تجعل الحياة اجمل ، روحها المرحة تجعله سعيدا انه بجوارها فقط لكونه بجوارها ، اليوم
يعترف أنه غبي و ربما أضاعها من يده ، اختفت بعيدا حاول رؤيتها في الجامعة اليوم فهربت بسيارة زوج أختها ،
أغلقت هاتفها و جميع حسابتها و لكن لحظة ها هو حسابها عاد مجددا و بدون وعى أرسل لها رسالة
- وحشتينى
و الرد أتاه صامتا فقط رأتها و لم تعقب ، الفتاة مدللة لا ينكر و الأمر يتطلب أكثر من ذلك لكنه مستعد
للاعتذار و لو ألف مرة
تطارده ..... تحاصره و لا مهرب منها و لا من أنوثتها التى تحاصره هى حواء و هو آدم و النهاية واحدة دوما
لكنه ليس بالرجل الذى يغضب الله و الحل الأوحد و القرار الذى وصل إليه سيتزوجها بنهاية الاسبوع القادم ،
فهو رجل و من حقه مثنى و ثلاث و رباع و هاجر عليها تقبل الأمر أم انها ستعترض و تحرم ما أحله الله ، لكن
تستمر القصة أدناه
مضى اسبوع و لم يمتلك الشجاعة الكافية ليخبرها بأن أخرى ستقتحم حياته كزوجة مساوية لها تماما
أسبوع ، لم يستغرق الأمر سوى لأسبوع واحد فقط لتضع توقيعها على ورقة جعلتها ملكا له ، الفريسة بين أنياب
الصياد و انتهى الأمر ، لعبته التى أجادها و النتيجة دوما واحدة ، توقفت اتصالاتها بعد أن فشلت و لا تعلم ماذا
تفعل و هو قرر زيادة الضغط تعمد الظهور بالجامعة و تجاهلها كأنها لم تكن موجودة ، يومها بكت حتى نامت
من فرط البكاء و كان الحل حاضرا لدى والدتها "اذهبي اليه! ، لا تغضبيه ، لا تفلتيه من يدك ، اتقنى لعب دور
267
الانثى لتحصلى على ما تريدين دون أن تعطيه ما يريد " و لكن هيهات الصياد دوما يحصل على ما يريد و لكنه
يعترف أن وجودها بجوار سيارته و أمام شركته كانت مفاجأة سارة بالطبع ، الفتاة تسهل له الطريق و فى إحدى
الكازينوهات على النيل كان اللوم من نصيبها اتهامها بأنها لا تحبه و لا تثق به و هى تدافع و تدافع و كلما
دافعت كلما حاصرها لتعتذر
- أنا آسفة يا يحيي ، بس أنا خفت
مد يده ليحيط يدها برقة لا تعكس نواياه أبدا
- تخافي و انتي معايا ، يا حبيبتي أنا احميكى من الدنيا كلها
ابتلعت الطعم و ذابت يدها بين يديه و غرقت نظراتها بنظرات المحترف و بعد عدة لقاءات يرسم فيها خيوط
الحب العذرى ، حان وقت أقدم كذبة فى التاريخ
- جدي عايز يعمل معايا زى خالد ، جوازة مصلحة
قلبها اقتلع من صدرها خائفة ترتعد ، سيتركها بعد أن تعلقت به ، نعم تعلقت للغاية و أصبح هو كل مستقبلها تنام
تحلم بحياتهم معا حتى أنها اختارت أسماء أولادهم معا تتذكر يوم اخبرته فضحك و هو يضمها اليه تظنه يضحك
عشقا و هو يضحك من سذاجة المغفلة الواقعة فى غرامه حتى الثمالة
- و هتعمل ايه ؟
شفتيها ترتعد بسؤال تخشى اجابته
- مش عارف
- هتسيبنى ؟
الدموع تتجمع فى عينيها ، تضعف و قواها تخور تماما
- استحالة يا نهلة ، انتى حياتى بس جدى هيأخد منى كل حاجة انا مش فارق معايا غيرك هتعيشى معايا و انا
فقير و محلتيش أى حاجة
- طبعا
- و أهلك هيوافقوا عليا ؟
الآن هو يطرح السؤال جيدا و يعلم انه باالنسبة لوالدتها صفقة رابحة بدون أمواله لن توافق أبدا ، نظرت الى
تستمر القصة أدناه
الأرض فى حيرة
- هو حل واحد سبيهم كلهم و تعالي نهرب بحبنا و نتجوز ، أنا مقدرش أسيبك أبدا مش متخيل حياتي من غيرك
، أنا عندى اجتماع فى الشركة و هنتقابل بعده لو مجتيش وقتها هأعرف جوابك و أوعد إن عمرى ما هضايقك
تاني
تراقب خطواته تبتعد و القرار الآن بيدها ، يمر الوقت و هو ينتظرها فى البداية كان متأكد من قدومها و بمرور
الوقت بدأ يفقد الأمل ، هم بالمغادرة ليجدها امامه فاتسعت ابتسامته ، فزت بالجميلة يا ابن الصياد !
ورقة و شاهدين و إمضاء تهديه لحبيبها ليجعل منها عاهرته !!
اسبوع بنهايته ستصبح زوجته ، حفل زفاف متواضع و ستقضى ليلة زفافها بالطائرة لكنها رضيت و قبلت هى لا
تريد سواه و هى بالنسبة اليه مجرد زوجة أى امرأة مثلها مثل كثيرات غيرها هى فقط نصيبه و ملك ملكا لآخر لم
يعد له الحق بها ، هي اختارت .... عجيب أمر الحب إمرأة تجرح و أخرى تدفع الثمن !
و ها هي ملك تجلس أمام حاسوبها تتابع المواقع الطبية و المراجع و الكتب تريد ان تكون على دراية بكل شيء،
أحمد رفض أن تخبر أى أحد بالأمر فالدراما العائلية لن يتحملوها فى هذا الوقت و أحمد يرفض العلاج فلا يريد
أن تكون أيامهم معا بهذا السوء لكنها تتشبث بأى أمل لشفاؤه ، الحق أنها لم تخبر سوى أمينة أسرارها هاجر
التى تعتقد أن قصة أحمد و ملك درامية الى أبعد حد و اليوم عندما زارتها ملك صباحا سمعت منها بخبر زفاف
أمير فابتسمت ملك بهدوء
- ربنا يسعده
تعجبت هاجر من رد فعلها و ملامحها التى لم تهتز بالدرجة الكافية هى ليست مجروحة فقط تتعجب من القدر
الذى فرقهما ، من قلبها الذى تبدل تبتسم لذكرى لن تكون سوى ذكرى و كفى ، فتح أحمد الباب و دخل لتتجه
ملك نحوه و تلف ذراعيها حول رقبته
- اتأخرت سبع دقايق بحالهم
ابتسم اليها و طبع قبلة على وجنتها
- مش بالسهولة دى يا استاذ هتضحك عليا
فقبل وجنتها الأخرى لتبتسم و تهز رأسها نافية
- لأ برضو
احتضنها و رفعها عن الأرض قليلا و هو ينظر الى عينيها
- أؤمري يا عيونى و أنا انفذ
- أنا حجزت معاد مع الدكتور النهاردة
افلتها و اتجه الى الطاولة و قد بدا الضيق على ملامحه
- تانى يا ملك ، أنا ...
توجهت نحوه ووضعت يدها على شفتيه
- و حياتي يا أحمد ، عشان خاطري
أومأ برأسه و ضمها اليه يعلم انها تتعذب ربما الآن يريدها ان تكرهه فلا يرى ذلك القلق و الخوف بعينيها ، الدنيا3
تعاندك دوما كلما اعطتك شيئا أخذت آخر اعطته حبها و أخذت راحتها
نهاية الاسبوع تحمل المفاجأة الأكبر وفاة الصياد الكبير ، تلقى خالد الخبر ليلا ليسافر الى البلد و يتلقى عزاء
جده الآن لم يصبح له أحد بالفعل ، رغم كل ما حدث و ما علمه لا يملك الا أن يبكيه لطالما أحسن اليه و رباه
بعد وفاة والده و كان سنده ، فرح كانت بجواره طوال الوقت تواسيه و لكن المفاجأة الأكبر كانت بوصية الجد
التى ما أن فتح المحامي الظرف و أخرج الورق حتي بدت الصدمة على وجه الجميع
- الحاج جمعة الصياد كتب كل أملاكه و فلوسه باسم خالد حسن الصياد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق