Chapter 1
"البدايات عادية دائما تكون مملة لا تتوقع بها جديد ، فقط الحياة سوف تسير وفق خط محدد تم رسمه مسبقا3
فصرت تسير عليه بدقة كسيرك على الصراط تخشى السقوط لكن في الحقيقة جميعنا نتعثر و نسقط"
نظرت ملك الى صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى facebook و قد قامت بتحديث حالتها بتلك
الكلمات كانت ملك فتاة فى الثانية و العشرين تتمتع بقدر من الجمال عيون سوداء لامعة و ابتسامة مشرقة ،
شعر أسود متوسط الطول و ملامح بريئة ورثتها عن والدتها تكمل هدوءها الذى عرفها به الجميع ، انهت دراستها
الجامعية العام الماضى و رفض والدها ان تعمل لذا فهى تعتقد ان شهادتها فى كلية التربية لن تفعل بها شيئا طوال
عمرها لم تتذمر فوالدها يوفر لها كل ما تريد و هى تطمح الى حياة عادية تتزوج و تنجب أولادا و تكون أسرة حلم
بسيط لأى فتاة فى سنها لكن والديها يحرصان على اختيار عريس مناسب لها و هى تركت لهم الاختيار خاصة ان
قلبها مغلق على اسراره فهى لا تستطيع تحديد مشاعرها نحوه لا تشتاق إليه في غيابه لكنها تتبدل تماما في
حضوره تعتقد انه يجعل الدنيا أكثر إشراقا بابتسامته الساحرة ، تحب اللقاءات التى تجمعهم معا فتستحيل ال،
نظرت الى الساعة لتجدها الثامنة صباحا و قد سمعت صوتا صادرا من المطبخ مما يعنى ان والدتها استيقظت و
بدأت فى تحضير طعام الافطار ، لو علمت والدتها انها مازلت مستيقظة فبالتأكيد ستغضب منها فقد حذرتها من
مغبة هذا السهر ، فلعبت دور الفتاة النشيطة و خرجت من غرفتها
- صباح الخير يا ماما
قالت مبتسمة و هى تتثاءب
- لا و الله و المفروض بقى انى اصدق انك كنتى نايمة و مكنتيش قدام الزفت اللى هيضيع عنيكى و صحتك
قالت والدتها بنبرة شابها القليل من الغضب فابتسمت اليها ملك بطفولية قبل ان تتوجه الى غرفة أخيها الأصغر
"ياسر" فى العشرون من عمره مشاغب و متهور جدا كثيرا ما تحاول ملك ابقاؤه بعيدا عن المش اكل خاصة بعد
زواج أخيهم الأكبر محمود منذ عام لكن طباع ياسر تغلب كثيرا على ملك لينتهى الأمر بانجرافها معه و ابتعاده هو
خشية أن يصيبها مكروه رغم انه الأصغر لكنه يشعر بالمسئولية نحوها
- ياسر ، انت يا ابنى قوم بقى وراك محاضرات بدرى
زمجر فى ضيق و هو يسحب الغطاء فوق رأسه
- مش ناقصاكى يا ملك انتى مش خلصتى روحى شوفى حالك
اتجهت الى الشباك و فتحته على مصرعيه
- يلا بقى لأن بابا هيفطر معانا ووقعتك سودا لو عرف انك لسه نايم و مش ناوى تروح الكلية
جلس يفرك عينيه و زفر فى ضيق
- أنا كده كده هأشتغل مع بابا و محمود يعنى شهادة تربية بتاعتى هتتحط جنب تربية بتاعتك انا مش فاهم تربية
مقررة على أسرة الحاج حسين باين انا و انتى و محمود
كعادتها أخذت تضحك منه تعلم انه لم يكن يحب دراسته لكنه "حكم القوى" كما يخبرها دائما فهو أراد دخول
كلية الفنون الجميلة لينتهى به الأمر فى كلية التربية قسم الجغرافيا التى لطالما كرهها2
خرجت ملك من غرفة اخيها لتساعد والدتها فى تحضير طعام الافطار و جلس الجميع الى السفرة صامتين ، كان
والدهم حسين عبد الرحمن الهنداوى رجل فى اواخر الخمسينات احتلت بعض الشعرات البيضاء مقدمة رأسه و
لكنه مازال قوى البنية تظهر الجدية على ملامحه معظم الاوقات بارع فى تجارة الحبوب و المزروعات بالوكالة
يعتمد عليه والده بعد ان ابتعد اخواه عن عمل العائلة فأصبح هو من يهتم بشئوون العمل و الاراضى الزراعية و
يساعده فى ذلك ولده محمود بينما ابتعد ياسر بحجة دراسته الجامعية
- جدكم عايزنا نروح نقضى معاه العيد الكبير فى البلد الاسبوع الجاى
أخبرهم بما حدث عندما تبادل الجميع النظرات لم يكن ايا منهم يحب الذهاب الى البلد فملك فقدت حماسها
للذهاب هناك منذ عامين ، آخر مرة رأته اشتاقت لوجوده لكنها تعلم أنه سافر و لم يعد لكن كلمات والدتها
حملت المفاجأة
- جدكم عايز يلم العيلة كلها ده حتى أمير رجع من السفر أول امبارح
تسارعت دقات قلبها و حاولت السيطرة على ملامح الفرح التى اعتلت وجهها و الابتسامة التى كادت أن
تفضحها حتى أن ياسر لاحظ الأمر
- و انتى مبسوطة أوى كده ليه ؟
تجمعت الدماء في وجهها الذى احمر خجلا و توترا لكنها أجابت بهدوء
- جدو و تيتة وحشونى
لا تنكر اشتياقها الى جدتها لكنه لم يكن السبب الوحيد لفرحتها بالذهاب ، لكنها تخفى و تبقى مشاعرها
بداخلها فالبوح لم يكن من شيمها أما ياسر فلم يكن يريد الذهاب فقد خطط لقضاء الأجازة مع أصدقاؤه لكنه
يعلم جيدا انه لا خلاص من الأمر
- و محمود هيجى معانا ؟
سألت فريدة عندما أومأ حسين برأسه
تستمر القصة أدناه
- أكيد طبعا انتى عارفة محمود غالى عند جده قد ايه و ده أول عيد كبير يجى عليه و هو متجوز لازم يجيب
مراته و ينزل البلد
بدت ملامح الضيق على وجهها فهى لا تعلم مدى تقبل زوجة محمود للأمر لكن على الجميع السمع و الطاعة
طالما صدر الأمر من الجد
فى احدى الشقق الكبيرة بوسط القاهرة ظل يبحث فى الأدراج محدثا ضوضاء أملا فى ايقاظها فمنذ ان تزوجا
طلب منها ان توقظه و تحضر له طعام الافطار و تجهز له ملابسه كما اعتادت والدته و اخته ان تفعلن لكنها لا
تستطيع الاستمرار تحاول لا ينكر لكنها تفشل زواجه منها كان عاديا ، عروس اخبرته امه عنها "هاجر" كانت
تتمتع بقدر من الجمال تصغره بأربعة اعوام و لم تكمل تعليمها الجامعى فقط اكتفت بالدبلوم الفنى الذى حصلت
عليه و جلست بالمنزل فى انتظار العريس الى ان طرقت والدة محمود بابهم فرأته هى ووالدتها مناسبا ، اختارها
بعقله كما فعلت هى أيضا و ها هم الآن بعد مرور عام على زواجهما يفتقران الى أقل درجات التفاهم
فتحت عينيها على هذا الضوء المزعج و قالت بصوت ناعس
- صباح الخير
- ناموسيتك كحلى ، قومى حضرى لى الفطار متأخر
رمقته بنظرة غيظ من تلك النبرة الصارمة الصارمة التى يحدثها بها لكنه لم يلاحظها و لم يهتم سوى أن تفعل ما
أمرها به فقط ، اتجهت الى المطبخ و هى تتمتم بغيظ
- أصل انا الشغالة اللى اشتراها بفلوسه
حاولت ان تحضر الطعام فى وقت قصير لكنها كعادتها جاءت متأخرة انتهت من وضعه على السفرة لتراه يخرج
من حجرة النوم وهو يتحدث على الهاتف
- أيوه يا حاج ، حاضر أنا عشر دقايق و أكون عندك
اغلق هاتفه و التقط قطعة خبر
- مش هتاكل ؟
تساءلت بدهشة و هو يتجه الى الباب
- اتأخرت كلى انتى
فتح الباب و اتجه الى الخارج و قد تركها غاضبة قبل ان يعود أدراجه
- بالمناسبة احنا رايحين البلد بعد يومين هنقضى العيد هناك
أخبرها و انصرف قبل ان يسمع غاضبة حانقة من ذلك الذى يلقى عليها الأوامر و يتوقع منها الطاعة العمياء التى
يأبى عنادها ان يمنحه اياها
أما فى منزل أكرم عبد الرحمن الهنداوى كانت الام بهيرة قد استيقظت منذ الفجر لتؤدى الصلاة و جلست تتلو
تستمر القصة أدناه
الأذكار حينما فتح باب الشقة بهدوء و دلف الى الداخل شاب فى منتصف العشرينات قمحى اللون بعيون بنية و
شعر أسمر ناعم و ملامح رجولية و اضفت النظارة الى وجهه لمحة من الذكاء الذى بدا على طبيب شاب مثله ،
التفتت بهيرة اليه مبتسمة
- حمد الله على السلامة يا حبيبى ، اتأخرت ليه يا تيم ؟
قبل يدها و جلس بجوارها
- ما انتى عارفة يا ماما كان عندى نبطشية بقالى 71 ساعة ما ارتحتش و هموت و انام
أسند رأسه الى كتفها فمسحت على رأسه بحنان
- قوم يا حبيبى نام فى الأوضة
رفع رأسه اليها متسائلا
- ابراهيم صحى ؟
- ما انت عارف ابراهيم يفضل صاحى طول الليل و نايم طول النهار ، انا نفسى يثبت في الجريدة اللى اشتغل
فيها و يقص لسانه شوية انا خايفة عليه
قالت بقلق عندما ربت على كتفها
- متخافيش ان شاء الله خير ، ادعى لنا انتى بس
ابتسمت اليه فلطالما كان هو الابن الاقرب اليها الذى ترتاح له عكس إبراهيم الذى لا يستمع إلى ما تقوله له فقط
ينفذ ما يطرأ على رأسه العنيد
- ربنا ما يورينى فيكم سوء و يوقف لكم ولاد الحلال
ابتسم الى والدته بحنان قبل ان يقوم من مكانه بجوارها متجها الى غرفته
- اه صحيح ، جدك عايز العيلة كلها عنده على آخر الاسبوع اعمل حسابك بقى انك تأخد أجازة
أومأ برأسه و هو يفكر فى سبب هذا الاجتماع العائلى الذى دعا اليه جده ربما هو اشتاق لرؤيتهم فقط
انطلقت تجرى فى حديقة الفيلا و هى تصيح
- يوسف استنى
لم يعيرها الشاب الذى فى السيارة اهتماما و انطلق خارجا من بوابة فيلا عمر عبد الرحمن الهنداوى عندما سمعت
صوت ضحكات خلفها فالتفتت الى الفتاة الواقفة هناك صاحبة الشعر البنى الطويل و العيون الخضراء بلون
الزيتون و التى تشبه عينيا والدتهم أيضا ملامح رقيقة تحمل هدوءا كانت تلك فرح عمر عبد الرحمن الهنداوى
انهت دراستها فى الاقتصاد و العلوم السياسية و هى الآن تعمل على انهاء الماجستير أما صاحبة النظرات الغاضبة
كانت أختها منه تشبهها كثيرا غير انها تحمل عيون البنية الواسعة ورثتها عن ابيها و شعر بنى ناعم منسدل على
كتفيها لكن الشقاوة و التمرد أخذت النصيب الاكبر فى رسم ملامح منه طالبة الصف الثانى بكلية الألسن ،
تستمر القصة أدناه
زفرت منه بضيق غاضبة من أخيها فاقتربت منها فرح
- قلت لك متعتمديش على يوسف مش هيوصلك
- ما انا فى طريقه بيذلنى عشان عربيتى بايظة طيب و الله لاقول لبابا على الست نرمين بتاعته و ابوظ له الموضوع
كله
ظلت فرح تضحك من تصرفاتها الطفولية
- اهدى يا بنتى انتى اشعال ذاتى ، تعالى هأوصلك أنا فى طريقى و هأرجعك كمان شفتى انا جدعة ازاى
طبعت منه قبلة على وجنة اختها
- انتى حبيبتى يا فرح أصلا انا مليش اخوات غيرك بس تصدقى انا هأشتكى يوسف للرجل الاول لجدو شخصيا
- جدو ؟!
تعجبت فرح فلا أحد منهم زار البلدة منذ زمن
- اه صح ده بابا لسه مقلكوش اصل انا امبارح و انا سهرانة كالعادة سمعت بابا بيكلم جدو و قاله اننا هنقضى
العيد هناك
- غريبة ؟!
زادت دهشة فرح للأمر فوالدها ابتعد عن القرية و ربما العائلة منذ وفاة والدتهم و انشغاله بأعماله فأصبح لا
يزورهم الا قليلا و فى المناسبات لكن على اى حال شعرت بالارتياح لزيارة جدها و جدتها التى تحبها أكثر من
اى فتاة أخرى فى العائلة
أسرعت ايمان بنزول درج مسكن الطالبات و كانت صديقته صفا تحاول جاهدة ان تتبعها
- يا بنتى استنى
نادتها صفا و هى تعطيها البالطو الابيض
- نسيتى البالطو و جيهان مش هتدخلك المعمل من غيره لو اتزرعتى
ابتسمت ايمان الى صديقتها و أخذت البالطو من يدها ايمان طالبة فى الفرقة الثانية بكلية الطب فى احدى
الجامعات الخاصة جميلة بشعر اسود ناعم متوسط الطول و ملامح طفولية بريئة ، عيون بنية داكنة و رموش طويلة
دقيقة الملامح و القوام تتمتع بقدر عالى من المثابرة تسعى لتغير من ظروف حياتها بكل ما اوتيت من قوة حتى
بعد ان فشلت فى الدخول الى كلية الطب بجامعة عادية قبلت مساعدة الحاج عبد الرحمن الهنداوى و الذى
يعمل والدها لديه مزارعا فقبلت عرضه بتحمل مصاريف جامعتها على مضض لكنها استطاعت الحصول على منحة
فى السنة الاولى لتقلل اعباء المصاريف و لكن عليها الحصول على اعلى الدرجات لتستمر تلك المنحة كانت
تعدو مسرعة من سكن الطالبات فلم تنتبه للسيارة التى اتت مسرعة نحوها لم تسمع سوى صوت صديقتها صفا
ينادى باسمها فى فزع و صرير المكابح
ثشبثت قدماها بالأرض بقوة و انتظرت ان تصتدم السيارة بجسدها النحيل لكنها شعرت بذراع تلتف حول كتفيها
تستمر القصة أدناه
ففتحت عيناها لتجد صفا أمامها
- انتى كويسة ؟
سألتها صفا بقلق فأومأت إيمان برأسها بينما جسدها كله يرتجف خوفا فلقد كانت وجها لوجه مع الموت تحت
عجلات تلك السيارة و قائدها المتهور الذى لم يمهلها حتى الوقت لتجمع شتات نفسها فقد انطلق يوسف خارج
السيارة يضع نظارته الشمسية على عينيه لكنها لم تخفى ملامح الغضب على وجهه و توجه ناحية إيمان صائحا
- أنتى مجنونة !!
نظرت اليه فى دهشة هو من أوشك على قتلها و ها هو يصيح بها دون أن يعتذر أو حتى يسأل عن حالها
- خلاص مفيش أى دماغ بتجرى كده قدام العربية افترضى كنت خبطتك ، أروح فى داهية عشان سيادتك
ظل يصيح بها بينما هى تنظر اليه و الدموع تنساب من عينيها فهى تعرفه فظا غليظا متحجر القلب ، وقح ،
متعجرف تعمد اهانتها منذ ان كانت صغيرة و شاءت الأقدار ان تجمعهما جامعة واحدة ، جامعة تُدفع مصاريفها
من أمواله جده
- ايه ؟! فى ايه ؟! ما تحترم نفسك مش كفاية انك كنت هتخبطها دى جامعة مش حلبة سباق
صاحت به صفا فقبضت إيمان على ذراعها بما تبقى لها من قوة لتصمت و نظرت اليه عيون دامعة قبل أن
تنصرف فى هدوء بينما وقف يوسف غاضبا منها تلك الغبية التى اندفعت أمام سيارته متجاهلا حقيقة انه دخل
مندفعا من البوابة اعتاد لوم الآخرين أما هو فلا يخطىء أبدا
- غبى !
قالت صفا غاضبة و هى تعطى إيمان عصير الليمون الذى احضرته لها من الكافيتريا
- عادى هو يوسف طول عمره كده ، أنا أكتر حاجة بكرهها فى الجامعة هنا هو ... عارفة انى دخلت طب
مخصوص عشان اثبت له انى أحسن منه بس لعبتى قلبت عليا دخلتها بفلوس جده
بدت نظرات الحزن و الأسى على ملامحها و حاولت صفا أن تخفف عنها
- أنتى أحسن منه و من عشرة زيه ، حتة عيل مجنون و متهور و بعدين انتى متفوقة فى دراستك انما هو أصلا
لسه بيعيد رابعة حقوق و شكله هيبلط فيها فرحان بفلوس أبوه
جاءت تلك الكلمات من صديقتها المقربة فى محاولة للشد من أزرها و كادت ان تنجح لولا دخوله الى الكافيتريا
موجها سهام نظراته قبالة إيمان التى حاولت ان تبتعد عن نظراته لكنه ابعد عينيه عنها فور ظهور نرمين زميلته و
خطيبته المستقبلية كما أخبرت الجميع تعلقت بذراعه و هى تبتسم اليه دون حياء و قد افتقدت الى الحياء فى
تستمر القصة أدناه
ملابسها كما افتقدته فى تصرفاتها ، زفرت صفا بضيق
- اتوبيس سياحى فاخر يشيلكم انتوا الجوز1
علقت صفا فى محاولة لبث روح الدعابة فى صديقتها لكنها لم تنجح فى ازاحة تلك النظرة الحزينة من عينيها
التى لملمت كتبها و انطلقت الى خارج الكافيتريا لتصدم بشخص أمامها تنهدت بعمق هذا ما كان ينقصها
- ازيك يا إيمان
أومأت برأسها و حاولت السيطرة على اعصابها
- الحمد لله يا دكتور سعد
سعد الشامي أحد المعيدين فى الجامعة و الذى دأب على بيع الامتحانات للطلاب و قد علمت إيمان بالأمر منذ
ان كانت طالبة فى السنة الأولى فأبلغت الدكتورة المشرفة عليه بالأمر مما كاد ان يتسبب له فى مشكلة كبرى
لكنه تمكن من الخروج منها لتجد نفسها طالبة فى السيكشن الخاص به هذا العام و نظرته اليها تبدو متوعدة انها
لن تمر هذا العام بسلام
- شدى حيلك امتحانات الترم بعد أجازة العيد ، ذاكرى كويس
قال بابتسامة ساخرة كانت كافية لاشعال غضبها فهى لم تعد تحتمل
- دكتور سعد ، أعلى ما فى خيلك أركبه
أخبرته بغضب قبل ان تنصرف و قد تبعتها صفا التى شاهدت الموقف بأكمله
- انتى اتجننتى يا إيمان ، كده هيحطك فى دماغه بزيادة
لامتها صفا بقلق عندما صاحت بها
- يولع انا خلاص تعبت
القت تلك الكلمات و غادرت الى حجرتها فى منزل الطالبات تجمع اغراضها و هى تذرف الدموع تحاول جاهدة
ان تصارع أمواج حياتها لكن لا فائدة تشعر ان قدميها مربوطة بسلسلة حديدية تحمل ثقلا مهما حاولت السباحة
للوصول الى السطح يبقيها الثقل فى القاع مثبتة جيدا به
- بتعملى ايه ؟؟
سألت صفا التى دخلت للتو الى الغرفة
- هأرجع البلد أنا مرهقة و محتاجة ارتاح و العيد آخر الاسبوع
أخبرتها و هى تجمع أغراضها داخل الحقيبة
- بلاش تمشى و أنتى متضايقة
التفتت اليها فى محاولة أن تبدو أكثر هدوءا
- متقلقيش يا صفا ، عادى
قالت قبل ان تحمل حقيبتها و تتجه الى الخارج بينما وقفت صبا لا تعرف ما عليها ان تفعل تعلم حساسية ايمان
جيدا ، تريد أن تكون الأذكى و الأجدر
حضر الليل سريعا و إبراهيم يجلس فى شرفة غرفته وصل هاتفه العديد من الاتصالات التى تجاهلها ، أصدقاؤه و
تستمر القصة أدناه
زملاؤه يحاولون الوصول اليه لكنه لا يجيب ، اصبحت عادته منذ فترة ينعزل عن الجميع لعدة ايام لا يخرج من
غرفته الا لتلك الشرفة لم يكن كذلك بزمن ليس بالبعيد كان يخشى الوحدة كثيرا لكنه الآن اصبح يحبها و
يفضلها عن صحبة الناس التى أصبحت ترهقه كثيرا ، البشر مرهقون و التعاملات اليومية تمتلأ بالنفاق
- ايه يا ابنى سرحان فى ايه ؟
سأله أخاه الذى دخل الى الشرفة
- متخدش فى بالك يا تيمو
أجاب بنبرة لا مبالية عندما نظر تيم اليه بحزن يعلم جيدا ما يجول فى خاطره و لا يصدق قناع اللامبالاة الذى
يرتديه
- احنا طالعين البلد بعد بكرا
أخبره عندما نظر ابراهيم الى السماء و اسند يديه الى سور الشرفة
- روحوا انتوا انا مش عايز
- مينفعش يا ابراهيم اللى انت عامله فى نفسك ده ، دى مش نهاية العالم
التفت اليه إبراهيم غاضبا
- تيم !
زفر تيم فى ضيق
- على العموم أبوك مصمم انك تيجى ، جدك عايز العيلة كلها
كانت ملك فى ضيق شديد من الاستعدادات التى اقامتها والدتها من السفر للبلد و التى ظنت انها ذاهبة الى
الصحراء من كثرة ما حزمت والدتها
- هو احنا رايحين الصحرا يا ماما و لا احنا هنقعد هناك على طول ده هى ايام العيد
زفرت والدتها فى ضيق
- حطى الحاجات فى الشنط و انتى ساكتة و مش عايزة اسمع لماضة و انتى هناك اعمامك جايين و احتمال
خالتك كمان تيجى
- بجد خالتو و نهلة ؟!
سألت ملك مبتسمة فى فرح فهى تذكر نهلة صديقة طفولتها لكنها ابتعدت عنها منذ ان بدأتا تكبرا والدتها تضيق
الخناق عليها و تخشى عليها
- ايوه و ملكيش دعوة بيها سمعانى ، و احنا هناك متكلميش حد من ولاد عمك انتوا مش صغيرين
ظلت والدتها تلقى عليها التعليمات و هى تومئ برأسها بهدوء حتى دخل والدها
- ايه يا أم محمود كل الترتيبات دى ؟
قال و هو ينظر حوله عندما ابتسمت اليه ملك
- قولها بالله عليك يا بابا
نظرت اليها والدتها بغضب و قالت
- قومى شيلى الحاجات دى يلا
حملت ملك الحقائب و انصرفت عندما التفت والدها الى والدتها
- بالراحة على البنت شوية يا فريدة مش كده
تستمر القصة أدناه
لم تروق كلماته لها فلطالما كانت من انصار التعامل بحزم مع الفتيات
- دى بنتى يا حسين انا أد رى بتربيتها انت شايف العيلة كلها بتحلف بأخلاقها متجيش تبوظها انت بقى
هز رأسه مستسلما يعلم انه جدال لا طائل منه و منذ ولادة ملك قرر ان يترك تربيتها لوالدتها التى تعاملها بحزم
جعل ملك تخشى ان تخطىء أى خطأ صغير فتعلم والدتها به فتغضب منها لم تكن قاسية على العكس بل هى أم
حنون لكل أولادها و جوهرتها الأغلى ملك
وصلت إيمان الى البلدة و سارت فى شوارعها الضيقة الى أن وصلت الى منزل الحاج عبد الرحمن الهنداوى ،
دخلت من البوابة متجاهلة المنزل الكبير و متجهة إلى الشقة الصغيرة التى تسكنها مع والدها فى آخر حديقة
المنزل
- إيمان ؟!
تعجب والدها لرؤيتها عندما ابتسمت اليه محاولة إخفاء ما تشعر به من حزن فهى لا تريد أن تزيد من هموم الوالد
الذى خط الشيب رأسه و مازال يعمل ليوفر لها كل ما تحتاج
- مفاجأة ، ايه رأيك بقى قلت أجى عشان نحضر للعيد
ضحك من نبرتها المرحة و شقاوتها التى يحبها منذ وفاة والدتها أصبحت هى سلوته الوحيدة ، يطمح أن يراها
طبيبه ليشعر إن تعبه كل تلك السنوات قد أثمر
- وحشتينى يا دكتورة ، اقعدى بقى احكى لى كل حاجة
- طيب أخد نفسى الأول
اتجهت الى غرفتها ووضعت الحقيبة على السرير
- أعملنا أكل و نتكلم و احنا بنأكل
أعدت إيمان الطعام سريعا و جلست تتحدث مع والدها أخبرته عن كل ما حدث معها فى الجامعة و لكنها
تجاهلت مضايقات يوسف لها فهى تعلم أن والدها لن يستطيع فعل شىء و ستشعره بالعجز فقط لكنها أخبرته عن
سعد فبدا عليه القلق
- يعنى المعيد ده مش ممكن يأذيكى ؟!
- يعمل اللى يعمله بقى ده نصاب و وصولى
- ربنا يستر طريقك يا بنتى
دعا لها فظلت تنظر اليه ترددت فى اخباره و لكنها حسمت أمرها
- بابا أنا مش عايزة الحاج عبد الرحمن يدفع لى مصاريف الكلية ، أنا هأشتغل و ادفع انا الفلوس مع المنحة مش
هنحتاج لفلوس منه
نظر اليها والدها فى أسى يشعر بالعجز و ضيق ذات اليد لكنه الحال الذى لا يستطيع تغييره
- إيمان انا عارف ان أنا مقصر بس ...
مدت يدها و أمسكت بيده تشد عليها تعبر عن مدى حبها و اعتزازها بالأب المثابر الذى يبذل أقصى ما في
تستمر القصة أدناه
وسعه
- انت عمرك ما قصرت معايا يا بابا ، أنا بس مش عايزة حد يحملنا جمايل
- الحاج عبد الرحم طيب و ابن أصول و هو اللى صمم عليا انه يدخلك خاص خصوصا اما عرف ان فرق
درجاتك كان بسيط و اهو المنحة مساعدانا و انتى اما تتخرجى دكتورة قد الدنيا مش هنحتاج لحد
رسمت ابتسامة زائفة على شفتيها الى متى عليها ان تتحمل شعور الضعف و العجز فقط بضع سنوات يبدو الأمر
بعيدا لكنها تمتلك الصبر فهو ما ساعدها على تخطى كل السنوات الماضية
دخل يوسف الى المنزل بعد منتصف الليل ليجد فرح تشير اليه من بعيد فاتجه نحوها
- بابا مستني فى المكتب وقعتك سودا كنت فين ؟
سألته بقلق هامسه عندما أضافت منه
- أكيد بيصيع مع اصحابه
قبل أن يجيبها سمع صوت والده يناديه ليأتى الى المكتب فتوجه نحوه و بدأ يتلقى وابلا من التوبيخه و اختاه
تقفان فى انتظار ما سيحدث
- كنت فين ؟!
سأل الوالد فى حنق
- كنت بذاكر عند كريم صاحبى أنا و شريف و فجأة شريف اغم عليه فضلنا نفوق فيه مفيش فايدة
قاطعته منه قائلة
- تلاقيه كان بيشرب زفت
نظر اليها والدها غاضبا كذلك أخاها فابتلع لسانها ، أعاد يوسف نظره الى والده و قناع الأسى يحتل ملامحه
- شريف عنده السكر و كان داخل فى غيبوبة جرينا بيه على المستشفى و الحمد لله بقى كويس سبت كريم بايت
معاه و جيت أنا عشان أجيب له فلوس لأنه ملوش حد هنا
رقت ملامح الوالد الغاضبة و أخرج مبلغا من المال من خزانته اعطاه لولده
- بعد كدا تتصل تقول على اللى حصل بدل ما نبقى فى قلق كده و ادى لصحبك المبلغ ده
أومأ يوسف برأسه و أخد من والده المال وسط دهشة أختيه اللتان كانتا متأكدتين من كذبه ، التفت اليهما و قد
ارتسمت ابتسامة على وجهه و غمز بعينه اليهما قبل أن يخرج الى حجرة المكتب متجها الى غرفته ليرن هاتفه
برقم نرمين
- ايوه يا حياتى ، وحشتينى
ضحكت نرمين ضحكة رنانة طربت لها أذنيه
- أول و آخر مرة نتأخر كده ده بابا زعق لى و فلت بأعجوبة
أخبرته ليضحك هو الآخر ناظرا الى الأموال فى يده
- أنا بقى فلت بمبلغ محترم
- أنت شيطان يا حبيبى
قالت بمرح عندما أجابها
- هتوب على ايديكى
استمرت محادثتهما مدة طويلة ان كان هنالك شىء حقيقى فى حياة يوسف فهو حبه لنرمين استطاعت الايقاع به
لتحتل قلبه تماما ، يريد ان ينهى هذا العام ليتقدم لخطبتها و يتزوجها فور انهاء دراسته
جالسا على سريره يتأمل صورتها ، آخر صورة جمعتها مع العائلة ، أجمل ثلاثة أحرف بحياته كلها يتطلع شوقا
لامتلاكها لتكون له و سوف يتخذ تلك الخطوة عندما يذهب الجميع الى البلدة نهاية الاسبوع
- يا ترى هتكونى من نصيبى يا ملك ، طبعا من نصيبى انتى بتاعتى أنا لوحدى و عمرك ما هتكونى لغيرى ، ملك
لأحمد و أحمد لملك
يتأملها و يتحدث الى الصورة بحب كبير عيونه تنبض بعشق مجنون تجاهها
Chapter 2
فى بيت عائلة الصياد بالقرية دخل شاب قمحى اللون بعيون سوداء ثابتة تلمع بذكاء و ملامح رجولية وسيمة
شارب و لحية خفيفة يبدو في أواخر العشرينات من عمره يحمل حقيبة سفر فى يده فور أن رآه جده العج وز
تهللت أساريره مبتسما
- خالد ، حمد الله على السلامة ، تعالى يا ولد الغالى
قال الجد بلهجته الصعيدية المميزة فتوجه خالد نحوه و قبل يده
- إزيك يا جدى ؟
- بخير يا ولدى طول ما انت و أعمامك و أولادهم بخير
ربت الجد على كتفه فخورا به لكن التردد إحتل عينى خالد يريد أن يعرف السبب الذى إستدعاه جده من أجله
فهو يعيش فى القاهرة منذ سنوات الآن منذ أن انتقل للجامعة ترك منزل جده الذى عاش فيه بعد وفاة والديه ، كان
مقربا لجده كونه أول حفيد له لكن أمل جده فى أن يصبح سفيرا جعلته يرسله الى كلية الاقتصاد و العلوم
السياسية التى أصبح معيدا بها
- قوم يا ابن الغالى ارتاح من السفر و بعدها هجاوبك على كل الأسئلة اللى فى عنيك
ابتسم الى جده فرغم كبر سنه لازال محتفظا بهيبته و حكمته الى الآن ، كلمته مسموعة و الكل يخشاه
انهت إيمان ترتيب المنزل و جلست لتذاكر لكنها كانت تشعر بملل شديد ظلت تحاول إبقاء نفسها منشغلة فى
مذاكرتها لكنها فقدت التركيز تماما فقررت ان تتجه الى المطبخ فى منزل الحاج عبد الرحمن لتلقى السلام على
الخالة فتحية أو كما يلقبها الجميع "أم سيد" صديقة والدتها ، دخلت لتستقبلها فتحية بابتسامة واسعة
- ده ايه النور اللى ع الصبح ده
احتضنتها لتشعر إيمان معها بدفء شديد فقد ماتت والدتها و هى فى سن صغيرة لتحاول فتحية ملأ الفراغ الذى
تركته
- وحشتينى جدا يا خالتى
قالت و هى تجلس على المنضدة
- اقعدى بقى و احكى لى كل اللى حصل معاكى فى مصر ، شكلك كده فى حاجات كتير عايزة تقوليها
ابتسمت اليها إيمان عندما دخل شاب فى منتصف العشرينات طويل قمحى اللون بعيون داكنة و لحية خفيفة الى
المطبخ
- أم سيد ، ممكن تعمليلى قهوة ؟
طلب منها بأدب فأومأت برأسها
- حاضر يا سى أمير عنيا
ابتسم اليها و شكرها قبل ان ينصرف لاحظ وجود إيمان فابتسم اليها بخجل و انصرف
- هو أمير لسه عايش مع الحاج و الحاجة ؟
تساءلت إيمان لتجيبها فتحية
- هيروح فين يعنى يا بنتى ، عينى عليه أبوه و أمه سابوه حتة لحمة حمرا قد كده لولا الحاجة كان زمانه اتبهدل
شعرت إيمان بالشفقة عليه فقد تربى يتيما منذ صغره كما ان ملامحه يبدو عليها الهدوء
- صحيح هى الحاجة هداية تقرب له ايه ؟
تساءلت إيمان بفضول فأجابت فتحية و هى تصب القهوة
- أخت جدته ، أبوه اللى يرحمه كان ابن أخت الحاجة هداية ، أروح أودى له القهوة و نطلع أرتب الأوض و أنتى
تحكى لى
سارت سيارة "على" فى الطريق الى القرية و فرح تجلس بجوار والدها منشغلة بقراءة أحد الروايات بينما تبعتهم
سيارة يوسف شاركته بها منه التى أخفضت صوت الموسيقى فنظر اليها يوسف غاضبا و أعاد الصوت كما كان
- أنت يا عم انت هو أنا راكبة دى جى
نظر اليها ثم أعاد نظره الى الطريق و لكنها استطردت على أى حال
- و بعدين احنا رايحين البلد مش حفلة لتيستو ، أنت هناك كده هتبقى so out of place
تعجب من طريقتها ثم أجاب متهكما
- ده على اعتبار أن So out of place لغة دارجة هناك عادى يعنى و بعدين دى عربيتى و أنا حر فيها مش
عاجبك انزلى اركبى مع بابا على الله تفتحى محمد عبد المطلب لكن دى عربتى My car, My rules
أخبرها قبل ان يضغط على الأزرار فيتعالى صوت الموسيقى مجددا بأحد الأغانى الشعبية ، هزت منه رأسها
متعجبة قبل أن تتمتم
- مجنون !
ظلت إيمان تقص ما حدث معها بالجامعة على فتحية و هما ترتبان الغرف عندما سمع الجميع تعالى الأصوات فى
صالة المنزل الواسعة
- ده باين الجماعة وصلوا
- جماعة مين ؟
- أصل الحاج عبد الرحمن مجمع العائلة كلها تقضى العيد هنا
أخبرتها قبل أن تتجهان الى أسفل ليجدوا الحاجة هداية ترحب بعلى و أولاده
- كده يا على متسألش كل ده على أمك ؟
قالت معاتبة عندما قبل يدها
- غصب عنى يا أمى ، أنا يا دوب لسه راجع من السفر من شهرين و هسافر تانى
اتجهت فرح نحو جدتها
- وحشتينى يا تيتة
قالت فرح لتبتسم لها الجدة و تحتضنها بحنان و كذلك منه و لكن يوسف سلم على جدته ببرود و نظر الى
تستمر القصة أدناه
السلم ليجد إيمان تقف متجمدة على السلم قبل أن تتبع فتحية التى اتجهت نحوهم
- حمد الله على السلامة العزبة نورت
حيتهم فتحية و حملت الحقائب التى كانت ثقيلة فاتجه يوسف نحو حقيبته و حملها
- عنك يا دادة
أخذها و ظن الجميع أنه سيحملها لكنه ألقى بها الى إيمان و قال بلهجة آمره
- طلعيها أوضتى3
نظرت فتحية الى عينى إيمان التى اتقدت بالغضب و قد لاحظت الجدة التوتر
- يوه يا يوسف ، انت مش عارفها دى إيمان بنت عم إسماعيل مبتشتغلش هنا
نظر اليها بسخرية قبل أن يجيب متهكما
- sorry مخدتش بالى ، أفتكرتها بتشتغل هنا
دارت العديد من الأفكار بعقلها فكرت بأن تصفعه على وجهه أو تصيح به انها لا يمكن أن تعمل لديه ، ليست
خادمته لكنها تراجعت كانت أضعف من أن تقدم على أى من هذا فما كان منها الا أن انصرفت بهدوء
- هو الحاج فين يا ست الكل ؟
تساءل على عندما أجابته والدته
- خد الكرتة و بيلف على العمال فى الأرض
اقترب يوسف من منه و همس إليها
- كرتة!! ، الكلمة دى متقالتش من سنة 17
ضربته منه على كتفه رغم انها كتمت ضحكاتها عندها دخل أمير و اتجه اليهم مرحبا و ظل الجميع يتبادلون
أطراف الحديث بينما صعدت فرح الى غرفتها بحجة أنها تشعر بالارهاق لكن فى الحقيقة بدت كأنها تنتظر شيئا
ما لكن انتظارها لم يدم طويلا فبينما هى واقفة بشرفة غرفتها التى تطل على الحديقة رأت سيارة عمها أكرم تتوقف
و نزل إبراهيم من السيارة ابتسمت تلقائيا لرؤيته و لمحها هو الآخر فابتسم اليها
- هيما ، أنت يا ابنى تعالى نزل معايا الشنط
صاح به تيم ليجذب انتباهه فتوجه نحو أخيه و بدأ فى حمل الحقائب معه لم يكن يريد ان يأتى الى البلدة لم يعد1
يرى للحياة أى معنى لا يلقى بالا الى شىء أو هكذا يعتقد الجميع لكن تبقى وحدها فرح تجعله يبتسم مرة أخرى
- حمد الله ع السلامة
التفت تيم و إبراهيم الى الصوت خلفهما ليجدوا الجد خلفهم رجل فى أوائل السبعينات لكنه مازال يمتلك الهيبة
و العظمة التى زادها الشعر الأبيض فى شعره و لحيته ، ملامح ذكورية قاسية تحمل الكثير من الصرامة و القوة
- الله يسلمك يا جدو
قال تيم عندما لكزه إبرهيم فى ذراعه
تستمر القصة أدناه
- ايه الرقة دى ، اسمها الله يسلمك يا حاج عبد الرحمن يا كبير ... معلش يا حاج بقى اعذره قاعدة مصر بهتت
عليه
- لسه لسانك طويل يا واد يا إبراهيم
قال مربتا على كتفى أحفاده و اتجه معهم الى الداخل
- أمير
قال إبراهيم متجها نحو أمير و سلم الجميع على بعضهم بينما ترددت فرح فى النزول فالجميع يعتقد أنها نامت
مرهقة لكن رغبتها فى أن تسلم عليه و تراه عن قرب تغلبت عليها لم تكن علاقتها قوية بعائلتها فوالدها بعيد عن
العائلة لكنها تذكر رؤيته فى زفاف احد أقربائهم و قد تركها يوسف مع منه و انصرف مع أصدقاؤه فأصر إبراهيم
على إيصالهم ، تتذكر رؤيتها له بالجامعة صدفة تكررت كثيرا لكنها شعرت به كظلها يراقبها عن كثب دون أن
يتحدث حتى اختفى تماما منذ ستة أشهر و لم تراه الا الآن ، حسمت أمرها و توجهت الى الأسفل
- فرح منمتيش ليه ؟
سألها والدها عندما سألت جدتها أيضا
- الأوضة مش مريحاكى يا حبيبتى اغيرها لك
هزت فرح رأسها نافية
- لا أبدا يا تيتة ، أنا قلت أنزل أسلم على عمو و طنط
فور أن أنهت فرح جملتها دخل الجد و على جانبيه تيم و إبراهيم الذى تعلقت أنظاره بها لثوانى قبل أن يشيح
بوجهه خشية ان يلاحظه أحد
- سلام عليكم
سلم الجد ليرد الجميع السلام قبل أن ينظر حوله
- أومال حسين لسه موصلش ؟
- كلمنى و قالى انه هيجى على بالليل فقلت له بلاش يخليها بكرا الصبح
أومأ الجد برأسه و جلسوا جميعا معا يتبادلون أطراف الحديث بينما النظرات بين فرح و إبراهيم كانت تتحدث
عن ما لم يستطع أى منهم على البوح به
عشاء باهت بارد كل منهم يتربص بالآخر دون حديث هكذا جلس محمود الى العشاء مع زوجته دون أن يتحدث
أى منهم
- جهزتى نفسك ، هنمشى الفجر
زفرت فى ضيق
- محمود أنا قلت لك أنا مش عايزة أروح البلد عند أهلك ، روح أنت و أنا هأقعد عند ماما لحد ما أنت ترجع
نظر اليها غاضبا ثم قال بسخرية
- و لما يسألونى عنك أقولهم ايه بقولك ايه فى حاجات لازم تتعمل حتى لو انتى مش عايزاها و كلام جدى
بيمشى على أبويا نفسه يعنى لما يقولى هات مراتك و تعالى مفيهاش رجعة ، مش ناقصة دلع
كانت غاضبة تشعر أنه لا يفهمها هى تخشى الذهاب وسط عائلته و بعيدا عن والدتها تشعر أنه ينتزعها بعيدا
تستمر القصة أدناه
شعور بعدم الأمان و عدم الانتماء يجتاحها فيحيلها الى قطة غاضبة
- أنا بتدلع يا محمود ، أنت مش فاهمنى و لا حاسس بيا
- و أنتى فهمانى و حاسة بيا أو حتى بتحاولى تعملى ده ، أنتى مش شايفة غير نفسك و اللى انتى عايزاه و بس
صاح غاضبا قبل أن يغادر طاولة الطعام الى غرفة النوم بينما هى حائرة لا تعلم ما عليها ان تفعل فكرت فى حمل
حقيبتها و الذهاب الى والدتها لكنها تراجعت و قررت ان تذهب معه الى البلدة
نسائم الفجر فى القرية كانت من أكثر الأشياء التى افتقدتها وقفت بشرفتها فى الحديقة تستنشق عبق الفجر
غندما رأته جالسا فى الحديقة ترددت لكنها توجهت الى الحديقة هى الأخرى
- فرح ، ايه اللى صحاكى ؟
سألها فابتسمت
- نفس اللى صحاك
- ايه كنتى بتصلى الفجر مع الرجالة فى الجامع انتى كمان
مازحها لتتسع ابتسامتها و هزت رأسها نافية
- بحب وقت الفجر أوى هنا
هربت تنهيدة حارفة من صدره
- وقت الفجر جميل بيبقى لسه البشر مصحيوش عشان يلوثوا الدنيا النقية ، ربنا خلقها نقية أوى يا فرح
أومأت برأسها و هى تنظر الى عينيه تلمح حزن دفين بعينيه لا تستطيع تفسيره
- مالك يا إبراهيم ، متغير عن آخر مرة شفتك فيها ؟
نظر اليها طويلا هل يخبرها بما يجول في صدره و يخنقه أم يبقى صامتا ، هل يضعف أمامها أم يستمر في لا
مبالاته حتى معها
- اطلعى يا فرح ميصحش حد يصحى و يشوفنا واقفين كدا
نظرت اليه فى دهشة
- ليه يعنى هو احنا بنعمل حاجة غلط ؟
رأى إبراهيم تحفزها و استعدادها للدفاع عن وجه نظرها
- هنا غير القاهرة يا فرح ، اسمعى الكلام
أومأت برأسها ثم اتخذت خطواتها مبتعدة عنه قبل أن تلتفت
- على فكره أنت بتهرب مش عارفة من ايه و لا لحد امتى بس الهروب مش حل
انصرفت و تركته سابحا بين أفكاره لم تقترب منه يريد أن يبعدها عنه هو لا يسبب سوى الأذى لكل من يقترب
منه فلترحلوا جميعا لم لا يمكنكم ان تروا اننى لا أسبب سوى التعاسة و الألم لكل من حولى2
انطلقت السيارات صباحا فى الطريق الى البلدة ، الصمت يسيطر على سيارة محمود و هاجر التى جاءت معه
على مضض لا يفهمها و لا تفهمه و كلاهما يأبى أن يخطو خطوة تجاه الآخر على العكس تتسع المسافة بينهما
تستمر القصة أدناه
يوما بعد يوم
أما ملك فظلت تنظر من نافذة سيارة والدها لا تلقى بالا الى النقاش السياسى الحاد الذى كان يدور بين والدها و
أخاها فهى تريد أن تصل بأقصى سرعة تعلم انه ينتظرها و قد كان كذلك بالفعل حبيبا الطفولة لم يلتقيا منذ عامين
تقريبا لكن ها هما الآن يلتقيان مجددا
- اخلصى يا نهلة
صاح أحمد بأخته التى كانت تقف أمام المرآة تعدل من خصلات شعرها الأسود الطويل و تضع المساحيق على
وجهها قبل ان تخرج اليهم و هى ترتدى ملابس ضيقة تظهر مفاتن جسدها ، نظرت والدتها الى البنطال الضيق
الذى ترتديه ابنتها
- انتى هتيجى البلد كده ؟
تساءلت الأم عندما ابتسمت نهلة و هى تضع يدها على خصرها
- ايه وحشة ؟!
تساءلت بغرور فقد كانت جميلة ذات شعر أسود كثيف منسدل على كتفيها و عيون عسلية واسعة رموش كثيفة و
ملامح جريئة خطتها بمساحيق التجميل لتظهر أكثر جمالا
- زى القمر بس البلد مينفعش تروحيها كده يا حبيبة ماما ، البسى التونيك الطويل
أومأت نهلة برأسها عندما صاح بها أحمد فى ضيق
- و اخلصى بقى
ارتدت نهلة المعطف الذى يصل الى ما بعد ركبتيها ووجهت حديثها الى أخيها
- اهبط بقى ، ماما لسه مكلمة خالتو و حبيبة القلب لسه فى الطريق
نظر اليها أحمد غاضبا
- بت انتى ملكيش دعوة بملك
صاح بأخته غاضبا ثم التفت الى والدته
- ماما انتى هتكلمى خالتو و لا أكلم أنا أبوها
نظرت اليه نهلة مبتسمة
- يا حرام هيتجنن
نظر اليها غاضبا لتبدأ فى الضحك هى ووالدتهم
- ما تصبر يا ابنى أنا هجس نبض خالتك أول يلا خلينى أزيحك عن دماغى ، يارب عقبال ما أخلص منها هى
كمان بدل ما هى قاعدة لى كده
رفعت نهلة يديها للسماء تأمن على دعاء والدتها تحلم باليوم الذى ترتدى فيه الفستان الأبيض منذ أن كبرت أو
ربما منذ أن كانت طفلة و ها هى أنهت الثانوية و دخلت الى الجامعة منذ سنتين تلاحقها أحلامها و مطالبة أمها
بعريس على الفور تزف اليه بفستانها الأبيض و شقتها مملكتها الخاصة حلمها الذى لم تعد ترى سواه
فى منزل الصياد جلس خالد يتناول الإفطار مع جده و عمه مسعود و ابن عمه يحيى فور ان انتهيا قرر أن يسأله
تستمر القصة أدناه
مباشرة عن الأمر الذى استدعاه من أجله
- مش هتقولى يا جدى ، أنت بعت لى ليه ؟
تردد الجد فى اخباره و تبادل النظرات مع ولده بينما ظهر الضيق على يحيى
- بص يا خالد يا ابنى ، أنا هقولك لأنى عارف انك عاقل ، أنت عارف العداوة القديمة اللى بين عائلة نصار و
عائلة الهنداوى
عندها قاطع يحيى جده
- بس يا جدى
نظر اليه جده و أباه غاضبين
- اسكت ساكت لما الكبار يتكلموا الصغيرين يسمعوا و ينفذوا و بس
ابتلع يحيى لسانه غصبا و فى داخله يغلى بينما رأى خالد توتر الموقف
- هو فى ايه بالظبط ؟؟
على الجانب الآخر وصل حسين مع عائلته الى منزل والده و قد رحب بهم الجميع قبل أن يطلب الجد الاجتماع
بأولاده الثلاثة فاتجهوا معه الى غرفة المكتب بينما جلست النساء فى الصالة الواسعة
- هو جدو عايز بابا و أعمامى فى ايه ؟
تساءلت منه التى طالما كانت فضولية لمعرفة كل ما يحدث عندما هزت فرح رأسها نافية لمعرفتها ما يدور فى
الداخل ، أما ملك فقد انزوت بجوار والدتها تبدو شاردة عندما صاحت منه
- أنا زهقانة أوى هى الحياة هنا فاضية اوى كده
قالت بصوت سمعه الجميع فنظرت اليها فرح محذرة عندما ابتسمت الجدة
- ما هو انتى لو كنتى بتعرفى تشتغلى شغل البيت كنتى انشغلتى يا بنيتى
ابتسمت منه و اقتربت من جدتها و قالت بشقاوتها المعتادة
- شغل ايه بس يا تيتة ، أنا قصدى نتفسح
قالت منه عندما قاطعتها فرح
- يوسف قاعد فوق على اللاب توب بتاعه و لو الحرب قامت مش هيقوم و أكيد يعنى مش هيخرجنا
أوضحت فرح عندما التفتت الجدة الى زوجة ابنها بهيرة
- هو ابراهيم و تيم فين ؟
تساءلت الجدة فأجابتها بهيرة
- فى الجنينة يا حاجة مع ياسر و محمود ولاد عمهم
- خلاص ناديهم يخدوا فرح و منه و ملك يلففوهم البلد
ابتسمت منه الى جدتها سعيدة بينما ظهر الوجوم على فريدة التى لم تريد لابنتها ملك ان تغادر جانبها فنظرت
اليها لتلتفت ملك الى جدتها
- خليهم هما يروحوا يا نينة ، أنا هأقعد معاكم
كانت الجدة تعلم جيدا انها ترغب فى الذهاب لكن لا تريد اغضاب والدتها
- قومى روحى مع بنات عمك عشان ميبقوش لوحدهم و اهو اخواتك معاكى
تستمر القصة أدناه
أومأت ملك برأسها مستسلمة و غادرت الفتيات الى الحديقة
- بالراحة على بنتك شوية يا فريدة
قالت الجدة عندما حاولت فريدة ان تدافع عن نفسها
- و الله يا خالتو أنا بس بخاف عليها و بربيها
- هو فى فى اخلاق ملك ، ربنا يحميهالك يا فريدة و يرزقها ابن الحلال2
أضافت بهيرة عندما ابتسمت فريدة فخورة بابنتها
وقفت هاجر فى شرفتها تنظر الى محمود و هو يتحدث مع أبناء عمه لا تشعر انها تحبه و لا تكرهه .. لا تفتقد
قربه و لا تريده ان يبتعد ما هذه الحيرة التى تحيط بها لا تعلم ، منذ أن تزوجت و هذا هو الحال تتأرجح مشاعرها
دون أن تدرى لها برا ترسو عليه ، رأت الفتيات يقتربن منهم ، كان هنالك حديثا يدور لا تعرف ما هو انتهى
بخروج الجميع من بوابة المنزل ، تحركت الغيرة فى داخلها تأكلها نيرانها ... أحضرها الى هنا و تركها ، حسنا
سترحل قررت و اندفعت من غرفتها الى الأسفل لتجد حماتها و الجدة و نساء العائلة
- رايحة فين يا هاجر ؟
تساءلت فريدة عندها أدركت هاجر الحماقة التى كانت على وشك ان ترتكبها فحاولت أن تبدو طبيعية
- لا أبدا يا طنط نسيت شنطتى فى العربية
قالت محاولة اختلاق عذر
- تعالى يا حبيبتى اقعدى و انا هأخلى ام سيد تجيبهالك
قالت الجدة و جلست هاجر بجوارها لتربت الجدة على ظهرها
- اقعدى يا مرات الغالى ، قولى لى بقى محمود بيعاملك وحش
نظرت الى الجدة للحظة فكرت ان تشكوه لجدته ووالدته لكنها لم تفعل فقط ابتسمت
- الحمد لله1
سارت الفتيات ينظرن حولهن للحقول الواسعة كانت ملك و فرح تسيران فى هدوء بينما منه أمسكت بهاتفها
تلتقط الصور فظل الفلاحين ينظرون اليها كانت تبدو غريبة عن المكان
- ايه يا منه مش أول مرة تيجى البلد
علق تيم على تصرفاتها فالتفتت اليه
- أنا آخر مرة جيت كان عندى 77 سنين ، أنا و يوسف فضلنا مع ماما فى أمريكا أكتر من 71 سنة ... فرح
هى اللى كانت ساعات بتنزل هنا مع بابا
أخبرته قبل أن تكمل التقاط الصور
- أختك مفكرة نفسها فى سائحة
قال إبراهيم موجها حديثه لفرح التى ابتسمت اليه بعيون لامعة و سارا معا يتحدثان جنبا الى جنب بينما تيم يتابع
تستمر القصة أدناه
الموقف من بعيد ، على الجانب الآخر كانت ملك لا تزال شاردة و هادئة فاقترب منها أخوها محمود
- مالك يا ملك ؟
انتبهت اليه و التفتت بهدوء
- مفيش مرهقة بس شوية
أخبرته و قد رسمت ابتسامة مزيفة على شفتيها لكنها سرعان ما تحولت الى حقيقة عندما رأته قادما نحوهم كان
يركب حصانا يتجول به بين الحقول بدا كفارس متوجها نحوهم
- ايه يا ابنى اللى انت عامله ده ، هو انتوا سنة كام هنا ؟
قال ياسر متهكما فترجل أمير عن فرسه
- يا رايق
قال ممازحا و اتجه ناحية ياسر و محمود مرحبا بهم بينما تابعته ملك بعينيها الى ان تقدم نحوها و مد يده يسلم
عليها شعرت بيده تمسك بيدها ترسل شرارة تسرى فى اوصالها ازدادت ضربات قلبها و تعلقت عيناها بعينيه لكنه
سرعان ما سحب يده قبل أن يلاحظ أحد شيئا لكنها لم تكن تعلم ان منه قد التقطت صورتهم بعدسة كاميرتها ،
ابتسمت منه الى الصورة فنظراتهم كانت تنم عن حب كبير
- وصلتوا امتى ؟
- لسه من شوية و أنا بصراحة مكسر و هموت و أنام
أخبرهم محمود عندما ابتسم تيم
- و أنا و الله يا حودة ، أنا عايز أنام اطول فترة ممكنة قبل ما الأجازة تخلص و ارجع للنبطشيات تانى
كان إبراهيم و فرح قد ابتعدا عن الجميع يتحدثان
- روحوا انتوا ارتاحوا و انا و ياسر و إبراهيم مع البنات
قال أمير محاولا إقناع محمود الذى استسلم فى النهاية و عاد مع تيم بينما اقترحت منه الذهاب الى الساقية التى
اعتادت رؤيتها و هى صغيرة
- الساقية بعيد بعد الذرة
أخبرها أمير فهزت منه كتفيها بلا مبالاة قائلة
- ما انت معانا و بعدين انا نفسى أروح هناك أوى
- انتى طقة أوى
علق ياسر عندما التفتت اليه مبتسمة
- الجنان أحلى حاجة فى الدنيا
قالت و هى تفرد ذراعيها قبل ان تقف بجانب أحد الحقول و التقطت صورة لنفسها ثم نظرت اليهم ضاحكة
- selfie الحقل
ضحك ياسر منها و قال متهكما
- انتى شاكلك هتخدى Selfie مع الجاموسة قبل ما تتدبح
ضحكت و انطلقت تسرع نحو إبراهيم و فرح
- وحشتينى
صرح أمير لملك التى التفتت اليه متفاجئة
تستمر القصة أدناه
- أقصد وحشتونى كلكم أوى
احمرت خجلا و نظرت الى الأرض عندما ابتسم اليها
- ما انتى بتتكسفى اهوه زى البنات
لم تجيبه و بقيت صامتة
- وحشتنى رخامتك الصراحة يعنى بقالى فترة محدش رخم عليا
نظرت اليه و ضربته على كتفه ممازحا عندما امسك كتفه
- ايد دى و لا رجل يا مفترية ، تركبى الحصان ؟
سألها فأومأت برأسها و حاولت الركوب عدة مرات فشلت فيها و كان أخيها ياسر يضحك منها قبل ان يتوجه
نحوها و يساعدها على الركوب
- بس على الله متقعيش و تقضى العيد مكسورة
قال قبل ان يتركها و يتجه نحو منه واقفا أمامها
- صورينى بقى بس صورة حلوة انزلها ع النت لان كل صورى بتطلع زفت
أخبرها لتجيبه ممازحة
- ايه تعمل الماشطة ......
لم تكمل و هو ينظر اليها ضاحكا
- أومال عاملة فيها أمريكية ما انتى بنت بلد أهوه
قبل ان تجيبه قاطعهم أمير
- دى تأثير الحاجة هداية على آخر الأسبوع هتلاقيها قاعدة بتخبز جنب الفرن
كان الجميع يمزحون بينما فرح و إبراهيم ينظرون اليهم من بعيد دون ان يشتركا فى النقاش ، التفت إبراهيم الى
فرح متسائلا
- بس انتى غير منه و يوسف ؟
أومأت برأسها قبل ان تجيبه
- منه و يوسف عايشين بالطريقة الاوربية شوية هما منتمين لماما ، انا منتمية لبابا أكتر
- بس انتى هادية اوى يا فرح
ضحكت برقة فجعلته ينظر اليها بعيون لامعة ضحكتها كانت كلحن موسيقى عذب
- أنت مخدوع فيا على فكرة ، أنا مش هادية خالص
اتسعت ابتسامته و هو ينظر اليها ، نظراته تخترق روحها يسحبها نحوه بقوة ، التفتت و سارت فتبعها فى هدوء
قبل ان تفاجئه بسؤالها
- انت اختفيت ليه ؟
رغم انه تفاجأ من سؤالها و أنها كانت تلاحظ وجوده و لاحظت اختفاؤه لكنه قرر ان يستمر فى تجاهله و عناده
- اختفيت ؟! أنا ما ظهرتش عشان اختفى .... أنا ما بظهرش فى حياة حد و لا عايز حد يظهر فى حياتى و لو
كنتى شايفة غير كده تبقى فاهمة غلط
نظرت اليه بنظرة حزينة غاضبة كانت تعلم ما يقصد شعرت بالحرج الشديد ، هل كل تلك الفترة ظنت انه معجىب
تستمر القصة أدناه
بها ، نظراته اليها و كل شىء ، هل حقا أخطأت فى تفسير الأمر كانت حائرة و غاضبة ربما مجروحة أيضا ، أما
هو فأراد ان يوقفها و يعتذر منها ربما يعترف بحقيقة شعوره نحوها لكنه لم يفعل
- منه ، مش هنروح بقى ؟
تساءلت غاضبة عندما قالت منه بهدوء
- هصور بس الساقية
- كفاية كدا صور ، أنا ماشية
اسرعت مبتعدة عنهم ، أراد ان يتبعها و قد شعر بالقلق عليها لكنه كان عنيدا جدا فتركها بل منع ياسر و أمير من
اللحاق بها أيضا ، شعرت منه بالقلق فقررت ان تنسى أمر الساقية و ليلحق الجميع بفرح و يعودوا أدراجهم ، أما
فرح فقد قررت اختصار الطريق بالدخول الى حقل الذرة لتعود بسرعة الى المنزل
علا صوت الموسيقى الصاخب فى السماعات التى وضعها يوسف على أذنيه بينما أخذ يتصفح رسائله التى
ارسلتها اليه نرمين
- وحشتينى يا جو
قرأ الرسالة قبل أن يطبع هو الآخر
- انتى أكتر يا قلب جو ، أنا هموت من الزهق هنا مفيش حاجة الا الزرع و البيت و النت
- أهو كويس ان النت موجود عشان اتطمن عليك
- أنا زهقت يا نيرو ، هموت و يتقفل علينا بيت مقولكيش على اللى هيحصل
- بطل قلة أدب
ضحك لرؤيته تلك الرسالة قبل ان يكمل كتابته
- أنا قلت حاجة و بعدين ما انتى هتبقى مراتى
- أما أبقى مراتك
- يا سلام عليك يا واد يا جامد و انت بتصد ، و بعدين هتبقى يا ستى ، هتبقى مراتى و أم ولادى و حبيبتى و
كل حاجة
- أنا بحبك أوى يا جو
- و أنا بموت فيكى
- سلام بقى دلوقتى لبابا جه
- عادى قولى له بكلم ج وزى
- باى بقى لهيعلقنى أنا و انت
- محدش يقدر يعلق يوسف الهنداوى و لا مراته
ابتسمت نرمين الى الرسالة قبل ان ترسل له قلب و تغلق هاتفها بينما هو ابتسم الى نفسه يعشقها لا ينكر الأمر
هى الوحيدة من بين الجميع التى استطاعت اختراق قلبه بسلاسة و هدوء عاصف ، خرج الى الشرفة ينظر الى
السماء و يتنسم الهواء النقى المشبع بالأكسجين الناتج من الحقول حول المنزل ، يشعر انه يمتلك الدنيا كله ما
يريده سيحصل عليه بالتأكيد لا يمكن لأى شىء أن يحدث ، الحياة تسير لصالحه ووفق قواعده
تستمر القصة أدناه
وصلت أمانى مع أولادها أحمد و نهلة ليتقابلوا مع منه و ياسر و أمير و ملك و إبراهيم الذين عادوا للتو فنظر
أحمد الى أمير الذى يمسك بلجام الحصان الذى تركبه ملك بدت الغضب و الغيرة على ملامحه بينما ساعد
ياسر ملك لتترجل و اتجهت نحو خالتها و ابنتها تحتضنهم و ترحب بهم ، تلفتت منه حولها
- هى فرح مرجعتش ؟
تساءلت بقلق عندما بدأ التوتر يظهر على الجميع فاتجهت ملك الى الداخل مع خالتها و أولادها تبحث عن فرح
حتى وجدت هاجر زوجة أخيها
- هاجر ، هى فرح مرجعتش ؟
همست ملك متسائلة
- لأ محدش رجع الا محمود و تيم و كل واحد فيهم طلع على أوضته
أجابتها هاجر لينقبض قلبها و تزيغ عينيها خوفا
- طيب متقوليش لحد حاجة
طلبت منها و استغلت انشغال الجميع بالترحيب بخالتها و أبنائها قبل ان تسرع الى البوابة حيث ينتظرها ابراهيم
مع منه و ياسر وأمير
- مرجعتش
أجابتهم ليظهر التوتر على الجميع لكن إبراهيم كان الاسرع خطا فأنطلق يجرى فى الطريق الذى عادوا منه للتو
تراوضه مئات السيناريوهات السوداء يشعر برعب شديد ، كان خطؤه هو ، هو من تركها
- منه خليكى هنا مع ملك و متحسسوش حد بحاجه
قال ياسر عندما اعترضت منه
- أنا هأجى معاكم
- اسمعى الكلام مش وقت دلع
جعلها صياحه تتراجع و تنصاع له ، أخيرا وصل ياسر و أمير الى إبراهيم الذى كان يتلفت حوله حائرا
- هتكون راحت فين ؟
ظل يردد حائرا لا ينتظر منهم رد لن يطمئنه سوى رؤيتها
- مفيش غير طريق الساقية و غيط الذرة
قال أمير عندما فكر إبراهيم لبرهة
- روح أنت و ياسر عند الساقية و أنا هأدور فى الذرة
اعترض أمير قائلا
- لو دخلت الذرة فأكيد هتتوه و انت كمان ممكن تتوه
بدأ إبراهيم يفقد أعصابه
- لو ملقيتهاش هأحرقه خلاص ، اعمل اللى قلتلك عليه
كانت فرح حائرة لا تعرف فى أى اتجاه تذهب تنظر الى الشمس ستغرب فى أقل من ساعة ماذا لو اتى الليل
عليها و هى فى تلك المتاهة ، لعنت نفسها و حظها الذى أودى بها الى هذا المكان ، هل تتحرك مرة أخرى لكن
تستمر القصة أدناه
الى أين لم تشعر سوى بحركة حولها لم تعلم هل تخاف أم تحمد الله ان أحدهم قد وجدها فجأة سمعته ينادى
باسمها
- فرح ، فرح
نادى إبراهيم كثيرا على أمل أن تسمعه حتى كاد أن يفقد الأمل لكنه وجدها تخرج من وسط أعواد الذرة لم
يصدق نفسه انه رآها حقا ، أمسك بيدها ليتأكد أنها حقيقة ، أراد أن يضمها اليه ليهدأ من روع قلبه الذى كاد
يتوقف من تسارع ضرباته قلقا عليها
- عاجبك كده ؟
صاح بها غاضبا
- ما انت .....
قبل أن تكمل صاح بها بعصبية شديدة
- ما أنا ايه ؟ بتمشى زى العيلة الصغيرة و تدخلى الذرة خلاص مفيش عقل خالص
لم تتمالك سوى أن تذرف دموعا تخفف بها توترها فأمسك بيدها بهدوء و ظل يمشى متلمسا طريقه خوفا أن
يضل ، نظرت الى يدها بيده فابتسمت قبل أن يخرجا من حقل الذرة امام المنزل فجرت منه و ملك نحوها ،
احتضنتها منه بقوة
- أنا كنت هموت من القلق و موبايلك مكنش بيرد
ربتت فرح على ظهر أختها الصغيرة
- نسيته فى الأوضه حقك عليا
التقط إبراهيم هاتفه و اتصل بأمير و ياسر أخبرهم انه وجد فرح و انهما بالمنزل ، نظر إلى فرح يلومها على
تصرفها و لامته عينيها هى الأخرى تخبره انه السبب فتركها و اتجه إلى الداخل
أما فى منزل عائلة الصياد فقد جلس خالد يفكر بما أخبره به جده صباحا يستعيد الحوار فى رأسه
- أنت هتتجوز بنت على الهنداوى
نظر اليه خالد مصدوما من وقع الخبر أو الأمر الذى يصدره جده بحقه
- شوف يا خالد ، كبارات البلد اجتمعوا و اتفقوا ان أول حفيد ليا يتجوز أول حفيدة لعبد الرحمن الهنداوى و
بكده تنتهى عداوة العيلتين بالنسب ، انت عارف ان التجارة مش ماشية اليومين دول و النسب هيقوينا و يقويهم
تنهد تنهيدة حارقة جده يصادر حقه فى اختيار شريكة حياته و لا يملك حق الاعتراض عندها دخل اليه ابن عمه
يحيى
- ايه يا عريس ؟
قال متهكما لكن خالد بقى على نظرته الجادة
- بقولك ايه ، الجوازة دى مش هتتم
نظر اليه خالد متعجبا فهو يعلم أن أمر جده لا يرد لكن يحيى أومأ برأسه مؤكدا
- أنا اللى هوقف الجوازة دى
لم تقل صدمة الجميع فى مجلس عبد الرحمن الهنداوى ، فعلى لا يصدق ان ابنته الجامعية المثقفة الرقيقة تتزوج
من أجل صفقة
- بس يا بابا فرح .....
قاطعه الحاج عبد الرحمن
- الثأر تعب العيلتين يا ولدى ، انت عارف انى بعدتكم انتوا وولادكم بسببه و خلاص الكل تعب من الموضوع و
النسب هو اللى هيحلها
أخبره الحاج عبد الرحمن فانفعل على
- يعنى عشان الثأر يخلص بنتى اللى تدفع الثمن و نرميها كده
خبط الحاج عبد الرحمن بعصاه على الأرض غاضبا
- مش بنت الهنداوى اللى جدها يرميها يا على ...
- هو ميقصدش يا حاج
قال حسين محاولا تهدأه الموقف بينما ربت أكرم على كتف أخيه ليهدأ قائلا
- اهدا يا على
التفت على لأخوته
- اهدا ايه بس يا أكرم فرح دى فرحة عمرى ، دى زينة بيتى و زينة بنات العيلة مثقفة و متعلمة و بتحضر
ماجيستير و انا بحلم انها تبقى سفيرة أقوم اعمل فيها كده
- يا على البنت مسيرها للجواز
علق حسين ليلتفت اليه على
- يعنى لو كانت ملك كنت وافقت
قال على بنبرة غاضبة فأومأ حسين برأسه
- ايوه لأن اللى سمعته من أبوك ان خالد مش وحش ده حتى معيد فى كليتها و مستواه التعليمى نفس مستواها ،
فرح عندى فى غلاوة ملك يا على و أبوك عارف مصلحتنا كلنا
أخبره حسين ليصمت و يفكر حائرا عندها أصدر الحاج عبد الرحمن الأمر هو الآخر
- أنا تعبت كلام فى الموضوع ده و أنا خلاص اتفقت مع كبار البلدفرح هتتجوز خالد ابن النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق