Chapter 11
انتشر خبر مرض ملك الغريب في العائلة الحمى تمكنت منها و أصبحت حالتها يرثى لها دون تحسن يذكر ، ترك
الخبر أحمد مصدوما يعلم أن الصدمة التى تعانيها بسببه ، يلعن نفسه ملايين المرات كيف أودى بملك إلى هذا
المصير ، ملاكه البريئة جرحها و أنهى حياتها الوردية ليضعها في جحيم يحترقان به معا
ودعت فرح و منه أخيهما بالمطار ليتجه مع والده إلى رحلة علاج لا يعلم أيا منهم نتائجهالم يكن بيدهم سوى
الأمل ، ضحكتا في وجهه و أخبراتاه أن الأمل كبير و أن ما حدث مجرد عقبة و سوف تزول لكن ما أن عادتا
إلى المنزل حتى جلستا بالصالة كل منهما في عالم آخر تفكران في مصير أخيهم و لا تقوى أى منهم أن تفصح
عن مخاوفها للأخرى فكلاهما يريد أمل يتشبث به عندما دخل خالد محاولا التخفيف من حدة الموقف
- يا ساتر ايه اللى انتوا عاملينه ده ، انتوا بتفولوا على الواد بدرى كده
نظرت منه إلى الأرض بينما خرجت تنهيدة من صدر فرح تهرب من هم أثقل صدرها فأمسك خالد بيدها مبتسما
فحاولت أن ترسم ابتسامة على وجهها هى الأخرى
- منه قومى البسى يلا عشان نخرج
نظرت إليه متفاجئه قبل أن تسأل مستنكرة
- نخرج فين في الظروف دى بس ؟!
- و هو إحنا يعنى لو قعدنا متنكدين ايه اللى هيحصل ، لو الزعل و النكد كانوا هما الحل اوعدك اننا نلم العيلة
و نعيط كلنا
ارتسمت ابتسامة على وجهه منه فهى أرادت أن تخرج من هذا الحزن الذى تخشى أن تعود إليه من تلك الدوامة
التى بالكاد غادروها بعد وفاة والدتهم فقبلت بعرض خالد و اتجهت تبدل ملابسها عندها التفت خالد إلى فرح و
رفع وجهها إليه
- فرح ، أنا عارف إن اللى هطلبه منك ده صعب بس لازم تكونى قوية يا حبيبتى عشان خاطر منه و يوسف و بابا
و أخيرا تساقطت الدموع التى أخفتها عن منه فهى لم تعد تحتمل ، انطلقت جملتها كالرصاصة التى جرحت قلبه
- بس أنا تعبت
وجدت جوابه حاضرا في ضمها إليه لتسكن رأسها على صدره و تزرف دموعا كانت صدى لحزنها فظل يمسح
على شعرها بحنان و قبل رأسها
- بعد الشر عنك من التعب يا عيونى ، أنا أشيل همك و تعبك يا فرح
ابتعدت تنظر إلى عينيه فمسح دموعها بيده
- انتى مراتي و حبيبتي
طالما سمعت تلك الجملة في الكثير من الأفلام و قرأتها في الروايات لكن الكلمات تكون عجيبة جدا عندما
تكون صادقة تتجسد لتصبح جسدا ماديا شعور حقيقى يمسك فيكون وقعها مختلف كأنها اليوم فقط و في تلك
اللحظة اكتسبت معناها
علقت برأسه و لم يستطع التخلص منها طوال الأيام الماضي "قمر" اسم و صفة ، ماذا فعلت به منذ أن رآها لا
يعلم لكنها ترفض مغادرة مخيلته مهما حول حتى قلقه على أخته ملك لم يكن كافيا ليبعدها عنه ، علاقته بزوجته
ازدادت توترا فأصبح ساخطا على حياتهما أكثر من المعتاد ، لم يعد يطيق العودة إلى البيت ، انهى العمل و ظل
يسير بسيارته على غير هدى متجاهلا اتصالاتها الهاتفية المتلاحقة حتى انتهى الأمر باغلاق هاتفه ليتخلص من
ازعاجها ، لم لا يمكنها أن تكون مثلها أن تكون أنثى ساحرة تدير رأس من ينظر اليها ، لم لا تمتلك هاجر نظرتى
عينى قمر و رموشها القادرة على الإطاحة بأعتى الرجال ، الندم سيطر على عقله ، أخطأ بزواجه من هاجر !! لكنه
عاد يطرد تلك الفكرة عن رأسه انها فتاة على خلق و طيبة لم تسىء إليه يوما و ربما تلك الخلافات ستذوب
بينهما عليه أن يبذل جهدا أكبر لينجح زواجهم و لا يكن أنانيا ، قاد السيارة عائدا إلى المنزل و فور أن دخل
وجدها متحفزة و الشرر يتطاير من عيناها
- كنت فين كل ده يا محمود ؟ انا اتصلت بيك مليون مرة
- كنت بتمشى
أجاب بهدوء لتشتعل من بروده الذى سأمته هى تشتعل غضبا و هو لا يعيرها أى اهتمام لم يكلف نفسه حتى عناء
الرد على مكالماتها فانفجرت صائحة
- و مهانش عليك انك ترد على التافه اللى فضلت تتصل بيك أكتر من ساعة ، أنا مغفلة فعلا انى قاعدة هنا
هموت من القلق عليك و انت و لا في دماغك و لا فارقة معاك زى زى أى كنبة في البيت هترجع تلاقيها مكانها
.... أنت اتجوزتنى ليه ؟
كالعادة السؤال الذى تستمتع كل زوجة بالقاؤه على مسامع زوجها كلما سنحت الفرصة ربما تتوقع اجابة رومانسية
كالروايات يخبرها انه تزوجها لانه يحبها و لا يستطيع أن يتخيل حياته بدونها لكن الاجابة الواقعية جاءت على
لسانه
- غلطة
اتسعت عيناها في غضب تشعر بجرح كبير لم لا يحاول احتوائها بل يتعمد اهانتها و اصابتها بالجنون ، تقدمت
إليه بعيون متحدية تحاول اخفاء جرحها
- ماشى يا محمود أنا في بيت ماما لحد ما تصلح غلطتك
تستمر القصة أدناه
بعد قضاء الليلة بالملاهى و السينما و انتهاء الليلة بعشاء فاخر عادت منه و فرح بصحبه خالد ، كانت منه في
منتهى السعادة تقفز كالأطفال أما فرح فقد كانت واقعة تحت تأثير الاعجاب لأول مرة بحياتها تجد من تستطيع
أن تستند إليه ، هى لم تدرك أنها كانت تبحث عن سند إلا الآن طوال حياتها كانت سند الجميع و هى أرادت
كتف تستند إليه و الآن تعترف أن إبراهيم ما كان ليكون هذا السند ، انتبهت إلى منه تناديها لتدرك أنها شاردة
- أنا هأطلع أنام ، أنا اتكسرت
أومأت فرح برأسها و ابتسمت منه إلى خالد
- ربنا يخليك يا خالد و تخرجنا خروجات كتير زى دى يارب
- انتى بتدعى ليا و لا لنفسك
مازحها لتضحك و تغادر إلى غرفتها ، التفت إلى فرح الواقفة بجواره تتأمل ملامحه بحب لم تدركه إلى الآن لكن
نظراتها كانت واضحة و لا يمكنها أن تخطىء ، التقاء عينها بعينيه أربكها متوترة و لا تعرف ماذا تفعل تريد أن
تهرب من أمامه و أن تلقى بنفسها بين ذراعيه ، طوفان غريب من المشاعر قررت أن تهرب منه
- أنا هأطلع أنام
ارتباكها واضح لا تخطؤه عين فابتسم اليها و أومأ برأسه بهدوء يعلم جيدا ما يدور بخاطرها قد بدأت تقتحم
حصون القلب يا ابن الصياد لكن ما لم يحسب حسابه تلك القبلة التى طبعتها على وجنته
- ربنا يخليك ليا يا خالد
همست قبل أن تنصرف و تتركه مصعوقا و ينقلب الصياد إلى فريسة
في صباح اليوم التالى كانت إيمان تواجه امتحانا صعبا لا علاقة لدراستها به فرغم تمكنها من المادة لكنها تخشى
ما سيفعله سعد الذى انتظر مدة بعد أن بدء الامتحان ليدخل إلى اللجنة يتفقد الطلاب ، مر بجوارها مرتين فسقط
قلبها بين قدميها و هى ترى تلك اللمعة الخبيثة بعينيه و اتجه نحوها بثقه قبل أن يصيح
- برشام ، قومى يا آنسة
صعقتها المفاجأة فقد أخرج ورقة صغيرة من جيبه ووضعها في ورقة اجابتها و رغم محاولتها المستميتة في انكار
الأمر و أنها لم تفعل لم يصدقها أى أحد و انتهى بها الأمر محولة للتحقيق ، انهارت باكية و حاولت صفا تهدأتها
- اهدى بس يا إيمان ، إن شاء الله ربنا هيظهر الحق و هيعرفوا اللى الكلب ده عمله ، أكيد حد من الطلبة اللى
في اللجنة شافه
حاولت ابتلاع دموعها التى تذرفها بلا توقف و قالت بصوت مبحوح
تستمر القصة أدناه
- هيخافوا منه يا صفا ، هما عارفين انه بينتقم منى أنا مبقتش عارفة هو عشان أنا عملت الصح و حاربت انسان
فاسد بيغش و يبيع الامتحانات للطلبة يبقى ده جزائى ، أنا مش هأقدر أكمل من غير المنحة يا صفا
ازدادت دموعها فمستقبلها كله يتحطم أمامها و لا سبيل للخلاص ... حلمها أن تكون طبيبة ، تعب والدها و
تحمله المشقة و الهوان ، كل هذا سيتحطم على يدى هذا الحقير ، كرهت العجز الذى تستشعره طوال حياتها
عاجزة عن السيطرة على مجرى حياتها دائما ضعيفة ، الغضب في داخلها يغلى و لا تعرف لإيقافه سبيلا
ارتدت منه ملابسها و اتجهت إلى الخارج عندما اوقفتها فرح
- رايحة فين ؟
- ملك تعبانة أوى بقالها 3 أيام هأروح أزورها ، طنط و عمو و ياسر وقفوا جنبنا جامد الفترة اللى فاتت ، دى
أقل حاجة نعملها
أمأت فرح برأسها و فكرت في الذهاب معها لكنها عليها أن تذهب إلى الجامعة لترى أستاذها المشرف على
رسالة الماجيستير فقررت أن تذهب في وقت لاحق
اتجهت منه إلى بيت عمها و دقت الباب ليفتحه ياسر الذى ابتسم تلقائيا لرؤيتها لم يصدق عينيه فقد استيقظ
من النوم على طرقات الباب هل هذا حلم أم حقيقة ، لم يدرك أنه صامت الا عندما سمعها تتحدث بصتها الشقى
- مش هتقولى ادخلى لا أهلا و لا أى حاجة
- اتفضلى يا منه
دلفت إلى الداخل اتجهت إلى الصالون
- أنا جيت اتطمن على ملك خير مالها ؟
- و الله ما احنا عارفين يا منه فجأة تعبت حرارتها بالعافية استقرت النهاردة و فاقت شوية بس نامت تانى
- ألف سلامة عليها
أخبرته عندما دخلت والدته مرحبة بها ترحيبا باردا أعادته منه إلى قلقها على ابنتها لكن الحقيقة لم تكن كذلك
أبدا ففريدة قلقة من تعلق ياسر بمنه ، تتفحص ملابس منه التى أتت بها قميصها الأبيض الفضفاض انسدلت عليه
سلاسل ذهبية بنطال جينز أسود ضيق حذاء أسود ذو كعب رفيع قد رفعت شعرها إلى أعلى و زينت وجهها
بزينة باهرة لم تكن تلك هى الفتاة التى تتمناها لولدها ، كان ياسر مدرك لتلك النظرات من والدته لكنه لم يعيرها
اهتماما فهى لم تعى يوما ما يريده و لن تفرض عليه والدته بمن يرتبط بل هو من سيختار ، لا يفكر في الزاج و
الاستقرار حاليا كل ما يريده إن يكون مقربا من منه التى يشعر بالحياة و الانطلاق معها
تستمر القصة أدناه
- معلش يا منه و الله ملك نايمة يا حبيبتى كل ما تفوق تروح في دنيا تانية
- و لا يهمك يا طنط ، ربنا بس يطمنا عليها و تقم بالسلامة
في تلك الأثناء دخل محمود إلى منزلهم سلم على منه و أخاه ووالدته و سأل عن ملك فأخبرته والدته عن حالتها
ووسط هذا الجو العائلى قررت منه الانسحاب فقد نفذت ما جاءت من أجله فأوقفها ياسر
- استنى هأغير هدومى و أوصلك
- مفيش داعى أنا معايا عربيتى
- اسمعى الكلام
لهجته التى امتزج بها الحنان مع الأمر جعلت والدته غاضبة من قلقه الواضح على الفتاة بينما منه قررت ألا
تجادل و انصرفت هى و ياسر لتتجه فريدة مع ولدها إلى غرفة ملك و جلست بجوار على السرير و الضيق باديا
على ملامحها حتى أن محمود لاحظه
- مالك يا ماما ؟
- مفيش انت اللى مالك ؟
سألته فهيئته لم يبدو بخير مطلقا بدا مضطربا يخفى سرا لا يريد الافصاح عنه لكنه يرى مدى انشغال والدته
بمرض ملك و قلقها المضطرد عليها فهل يخبرها أن حياته الزوجية تواجه فشلا ذريعا ، أن زوجته تركت المنزل و
انصرفت إلى منزل والدتها لكنه قرر أن يصمت خاصة مع استيقاظ ملك التى نظرت إلى والدتها بأسى و ألقت
بنفسها بين ذراعيها تبكى بمرارة والدتها تمسح على رأسها
- بسم الله الرحمن الرحيم ، مالك يا حبيبة ماما ؟ بعد الشر عنك يا ملك إحكى لى
كم تود البوح بما يخنقها و يقتلها و لكن هل تقتل الجميع معها نظرة والدتها الحانية و القلق بعيون أخيها ، ذاك
الحقير لم يترك لها أى خيار
جلس أحمد بغرفته المظلمة لم يتناول شيئا منذ الصباح لم يعد يحتمل الذنب و التفكير يقتله خياران أحلاهما مر
هل كان عليه أن يتركها لغيره ملاكه تصبح ملكا لشخص آخر ، لا يستطيع تحمل الفكرة فما باله بالواقع ، الآن
ليس لديها خيار سوى الزواج منه "ستتزوجك مجبورة و لن تسامحك أبدا ، أنت قهرتها ، حطمت عالمها ،
كسرت فرحتها ، كسرتها ، فكيف لها أن تسامحك يا غبى ؟! عشقى لها سيجعلها تسامحنى ، أنا أعشقها بجنون
، لا أحد يحبها كما أحبها انا لا أحد يمنى رضاها كما اتمناه أنا ، إن كانت لا ترى هذا الآن ستراه بعد زواجنا ،
سأجعلها ملكة قلبى و أحقق كل أحلامها ... أحمق غبى انها الآن تكرهك كما لم تكره قبلا" ظلت الكلمة تتردد
تستمر القصة أدناه
بعقله "تكرهك" و الصراع في داخله يعذبه عندما قاطعت نهلة أفكاره
- أحمد يلا عشان تتعشى
- اطلعى برا
صاح بها غاضبا فتراجعت إلى الخلف خائفة منه عندما امسك بذراعيها
- انتى السبب انها بتكرهنى ، انتى اللى خلتينى اعمل كده
افلتت نهلة من قبضته و صاحت به هى الأخرى
- أنا مضربتكش على ايدك انت اللى قولت عايز ملك و اهى بقت ملكك و تحت رجليك ، متخافش مش
هتقدر تقول لحد ، اذا كان خالتو و لا محمود و لا ياسر و لا أبوها هيقتلوها لو عرفوا حاجة ، هتخاف من العار
و الفضيحة و مش هتلاقى قدامها غيرك ، متعملش فيها ملاك يا أحمد و بص لمكسبك
غادرت و تركته بين أفكاره لم على الحب أن يكون قاتلا محطما إلى هذه الدرجة !!
جلس في النادى في انتظار صديقه يشعل السيجارة تلو الأخرى يحترق مثلها لا يستطيع أن يتقبل زواجها رغم
مرور الأيام لكن قلبه العنيد ينكر أنها لغيره و لا يعترف أنه هو من تأخر فالذنب ذنبه لربما إن امتلك الشجاعة
الكافية وقتها لكانت فرح ملكه الآن ، قطع جلوس صديقه علاء أمامه أفكاره
- ازيك يا هيما واحشنى و الله
- انت كمان يا علوة ، ايه بقى الموضوع المهم اللى انت عايزنى فيه ؟
- ده انت داخل حامى ماشى ندخل في الموضوع ، في مصيبة هتقع على عيلتكم
تحولت لا مبالاة إبراهيم إلى اهتمام فهو ظن علاء سيحدثه في أمر أحد أخبار الحوادث أو يستشيره في مشاكله
كعادته لكن بدا الأمر جلل
- انت عارف انى اتنقلت ادارة المخدرات جتلنا اخبارية عن شحن مخدرات هتروح من الصعيد للقاهرة ،
المصيبة إن الشحنة دى هتتنقل في عربيات الحاج عبد الرحمن الهنداوى
اتسعت عينا إبراهيم في ذهول و عدم تصديق و صاح غاضبا
- أنت اتجننت يا علاء ؟! انت مش عارف مين الحاج عبد الرحمن ؟!
- لا عارف و عشان كده لما كثفت التحريات وصلت لان الشحنة دى هتكون جاية مع بضاعة عطارة و بضاعة
العطارة شركة بين جدك و بين ابو نسب الحاج مسعود الصياد
بدأ إبراهيم في تجميع خيوط الموضع الآن بدا كل شىء واضحا تماما ، الصلح ، النسب ، فرح و خالد .... الآن
اكتملت الصورة المهترئة التى قرر أن يمزقها إربا
تجاهلت ملك اتصالاته المتكررة ، مجرد رؤيه اسمه على الشاشة يقتلها لكن فات وقت الإختيار
- أنا آسفة أى يا أمير ، انا آسفة يا حبيبي
تمتمت و هى تبكى ثم أمسكت بهاتفها و اتصلت برقم نهلة التى تفاجأت من اتصالها ، كانت تخشى ماجهتها ،
استجمعت شجاعتها لتجيب
- ألو
- قولى لأخوكى يتقدم بكرا
جملة واحدة قاطعة انهت بها أحلامها و آمالها فقد وقعت في الشرك و فات الأوان ، خرجت إلى الصالة لتسمع
والدها ووالدتها يتحدثان مع أخيها محمود و الجميع يحاول التكهن بما اصابها تصر والدتها انه الحسد فالعين لم
تتركها تهنأ بخطبتها ، و اقترح محمود إن أمير ربما ضايقها فابتسمت قلبها يعتصر بالألم و هل يمرض الدواء ؟!
، تقدمت نحوهم بهدوء و استجمعت قواها و أعلنت
- انا موافقة اتجوز أحمد
Chapter 12
عاد يوسف بعد اسبوعين و دخل إلى المنزل على الكرسى المتحرك الذى يبدو أنه لن يفارقه لمدة لا يعلم مداها
ربما سيبقى مقيدا إليه للأبد ، الفكرة وحدها تطبق على أنفاسه و تخنقه ، هل انتهى أمره تماما ... أصبح عاجزا
يرى الشفقة في أعين الجميع ، توقفوا عن النظر إلى هكذا أنا لست بعاجز ، أنا مازلت يوسف الهنداوى الذى
تهتز الأرض ، و لكن من يخدع لقد انتهى أمره و أى حديث عن الأمل هو درب من الحماقة فليتحدثوا كما يشاؤا
هذه حياته الآن تلك الغرفة و هذا الكرسي ، شرفته المطلة على الحديقة ، نظرت منه إلى فرح ووالدها قبل أن
تتقدم إلى يوسف الذى كان صامتا ينظر من الشرفة
- ايه يا جو مش هتنام و ترتاح انت لسه راجع من السفر ؟
نظر اليها متهكما يرتاح و كأنه كان يعمل عملا شاقا هو جالس على كرسيه دون حراك أو أى مجهود يذكر ، متى
سيتوقف الجميع عن معاملته بهذا اللطف الزائد
- سيبونى لوحدى
حاول والده الاعتراض لكنه لم يتلقى الا تلك الاجابة ليتركه الجميع بمفرده فهو لا يريد أن يرى أحد او يتحدث
مع أحد ، غادر والده و منه بينما اتجهت فرح إليه ربتت على كتفه و قبلت رأسه
- كل حاجة هتتصلح يا حبيبى و هتعدي إن شاء الله
أراد أن يحتضنها و يبكى حتى تجف دموعه يبقى مستقبله و أحلامه و شبابه ، يبكى عجزه و قلة حيلته لكن
يكفى ما يشعر به من قهر فلن يسمح لنفسه أن يكون ذليلا أكثر من ذلك فقط نظر اليها بعينان جامدتين اجتمع
فيهما بؤس العالم كله ، لم تقوى على النظر إليه دون أن تزرف الدموع فقررت إن تنصرف قبل أن تضعف أمامه
هى الأخرى ، كادت أن تخرج من الغرفة عندما ناداها
- فرح ، هى نرمين متصلتش ؟
- لا طبعا اتصلت و سألت عليك كتير و انت مسافر
لم يكن أمامها سوى الكذب حتى لا تجرح شعوره يكفى ما هو فيه من ألم و معاناة لا يمكنها إخباره أن حبيبته
تجاوزته منذ أن رأته في المشفى و علمت بما ألم به فغادرت دون رجعة ، باعته دون أن تلتفت أو تنظر خلفها ،
فكيف لحبيب أن يتخلى عن حبيبه وقت احتياجه له ، وقت احتياجه لمن يشد من أزره و يشد على يده و يخبره
أن كل شىء سيكون على ما يرام ، المواقف الصعبة تختبر صدق الحب و المشاعر ليعلم كل منا الحقيقة فلم
تدرك نرمين أنها لا تحب يوسف الا عندما رأته ممدا على سرير المشفى أدركت أنها كان تحب ما سيحققه لها
يوسف لكنها لم تحبه هو يوما فانسحبت بلا رجعة
لم تمر موافقتها على الزواج من أحمد مرور الكرام بل الكل يبحث عن السبب و لا أحد مقتنع بتلك الموافة
المفاجأة خاصة إن خطبتها من أمير كانت على وشك أن تتم و لم يعطلها سوى حادث يوسف كيف تبدل الحال
الكل يسأل و ملك لا تجيب الا باجابة واحدة أنها لن تتزوج سوى أحمد ، وصل الأمر حد الشجار و هى على
صمتها تموت في صمت تقتلها الساعات و الدقائق حتى الثوانى ثقيلة ، يا الله منذ متى كان الزمن بطيئا و الأيام لا
تمر كأن الحزن أثقل كاهل الأيام فأبطأت خطواتها ، وقفت تستمع إلى مكالمة والدتها مع جدتها التى ستوصل
الرسالة لأمير بأنها رفضته و ستكون لغيره ليتها ماتت قبل أن تجرحه ، حبيب طفولتها و مراهقتها و شبابها ،
حلمها الضائع الذى سيظل أجمل حلم عاشته ، مجرد حلم ... انسابت الدموع من عينيها و هى تستمع إلى
المكالمة
- و الله يا خالتو ما أنا عارفة كل اللى طالع عليها مش هتجوز الا أحمد ده أبوها و أخوها امبارح اتخانقوا معاها و
هى مصممة متفهميش ايه اللى حصل
صمتت الجدة لا تعلم ما عليها أن تقول كيف ستخبر الفتى العاشق الذى طار قلبه إلى السماء السابعة بأن ينسى
كل أحلامه فهى لن تكون له و انتهى الأمر
- يعنى ده آخر كلام عندها يا فريدة ، أوعوا تكونوا غاصبين ليها
- استنى يا خالتو كلميها بنفسك ، تعالى يا ملك
نادتها والدتها لترتبك لا تريد مواجهة أحد بعد يكفى النقاش الذى استمر كل الأيام الماضية و استنفذها كليا ،
مواجهة جدتها شىء آخر ، أمسكت بسماعة الهاتف مترددة تحاول استجماع ما بقى لها من قوة
- ايوه يا ملك ، قولى لى و متخبيش عليا ، انتى فعلا موافقة تتج وزى أحمد
هل تصرح بالحقيقة ... لا لا تتهوري يا ملك فقط أخبريها بما أخبرت به الجميع و ينتهى الأمر لا تشعلى نارا
تأكل الأخضر و اليابس احترقى وحدك لا ذنب لأحد
- كل شىء قسمة و نصيب يا نينة ، أنا اللى موافقة
- ماشى يا ملك
نبرة حزن في صوت جدتها و ليتها تعلم الحزن في صد الحفيدة الصغيرة يتضاعف أسرعت إلى حجرتها تبكى و لا
تستطيع التوقف عن البكاء حتى سمعت والدتها تغل سماعة الهاتف فمسحت دموعها و جلست إلى الحاسوب
تدفن وجهها به حتى لا تتلاقى نظراتها مع نظرات والدتها فتجبرها على الافصاح عن كل ما حدث
تستمر القصة أدناه
الاهمال قاتل موجع و مؤلم ، كل تلك الفترة في بيت والدتها لم يسأل و لم يتصل و كأنه سعيد بحياته بعيدا عنه
، اذا لم هى ليست سعيدة لم يتزوجا عن حب هى لا تحبه .... بل تحبه و تعاند شعرت بالأمر الآن بعد أن ابتعد
عنها ، تشتاق إليه ، أما هو فلم يشتاق ، تلوم نفسها هى من أوقعت نفسها في مصيدة الزواج هذه لتتزوج ممن لا
يهتم بها و ها هى الأيام تمضى و هو لا يسأل عنها ، لهذا الحد لا يريدها ، لم تلاحظ الدمعة التى انسابت على
وجنتها و هى ممسكة بالسكين بيد و بالطماطم بيد أخرى و عقلها سابح بعيدا في ذاك الذى استساغ الهجر و
اتقنه
- هاجر
نظرت إلى والدتها الت نظرت اليها حزينة على حالها
- أنا هاكلم خالك يكلم أبو محمود مش معقول كده محدش فيكم بيسأل عن التانى
- و هو مين اللى المفروض يسأل يا ماما ، متكلميش حد و لو خالى جه هأقوله انى عايزة اتطلق
- بس يا بت معندناش بنات تتطلق
نهرتها والدتها لتقف غاضبة
- أمال عايزانى أعيش مع واحد مش بيسأل عليا ، طيب يشوف أنا سليمة و لا عيانة و لا مت حتى ، اذا كا ن
هو مش عايزنى فأنا كمان مش عايزاه
انصرفت إلى غرفتها تبكى كل ما كانت تريد اتصال هاتفى يسأل فيه عن أحوالها لتعلم انه يتذكرها ، انها مهمة
بالنسبة إليه ليست كغيرها ، مؤلم شعور أنك لا تساوي شيئا بالنسبة لشخص أصبح يساوى عندك العالم بأسره
تحت ضغط والدها عادت فرح إلى منزلها مع خالد الذى يعاملها كأميرة فأصبحت تتقرب منه شيئا فشيئا و تذوب
الحواجر بينهما تدريجيا لم تحبه بعد لكنها تألف وجوده و صحبته تترك لمشاعرها لعنان فهو زوجها و هى لا تريد
الخلاص من ذاك الزواج بل تعمل على انجاحه و اليوم قررت أن تتوقف عن احضار الطعام الجاهز ووقفت في
المطبخ تعد الطعام بنفسها و رغم انشغالها بالمطبخ لكنها كانت على أناقتها بقستان أنثوى رقيق و قد رفعت
شعرها ووضعت زينتها الخفيفة عادة اكتسبتها من والدتها ، عاد خالد إلى المنزل يناديها فخرجت من المطبخ
تجيبه ليقف متأملا اياها بفستانها القصير الرقيق و تسريحة شعرها و عيونها الخضراء كالزمرد ساحرة أميرة ترتدى
المئزر
- انتى بتعملى ايه ؟
- بطبخ
أجابت بتلاقية ليضحك منها فتظاهرت بالغضب
- استنى أما تأكل و بعدين ابقى اضحك ، أنا طباخة شاطرة على فكرة
تستمر القصة أدناه
- أنا آسف و الله ما قصدى ، بس عمرى ما تخيلت إن في واحدة تقف تطبخ و هى بالجمال ده
اقترب منها فتراجعت إلى الوراء مبتسمة فخلع سترته و فك ربطة عنقه قبل أن يتجه نحوها فنظرت إليه في ريبة
- ايه ؟
- ايه يا فرح في ايه ؟ هأساعدك و اعمل السلطة ، انتى دماغك راحت فين؟
غمز اليها ممازحا لتبتسم و تدخل إلى المطبخ فتبعها و هو يتمتم بصوت مسموع
- منك لله يا فرح يا بنت الهنداوى معندكيش اخوات بلاستيك
- بطل هزار ، اتفضل السلطة اهى
ظلا يعملان معا في المطبخ و هى تتابع حركاته و تفكر بقى القليل يا خالد فقط اصبر لينكسر الحاجز بيننا تماما
لنكون زوجين روحين انسجما معا و لن يفترقا تشعر أن الأمر لن يطول حتى يصبحان كيانا واحدا
نزلت منه إلى الصالة بعد أن اطمأنت أن يوسف قد تناول أدويته و نام و اتجهت لوالدها الجالس يقرأ في أحد
الكتب
- بابا ، أنا عايزة ابقى مصورة صحفية
اعتدل ليواجهها بعد هذا الطلب المفاجىء فمنه لطالما كانت هوائية تريد الشىء اليوم و عكسه غدا
- بس ده بعيد عن مجال دراستك و بعدين هتشتغلى فين ؟
- أنا فكرت في كل حاجة و حضرتك عارف انى بحب التصوير و قررت أشتغل في نفس الجرنال اللى بيشتغل
فيه إبراهيم و أكيد حضرتك تقدر تكلم صاحب الجرنال يشغلنى و إبراهيم كمان هيبقى معايا عشان خاطرى يا بابا
، أنا في الأجازة و زهقانة و نفسى في حاجة تغير لى المود الكئيب اللى أنا فيه
أومأ برأسه يفكر هو كان يعتمد على منه في الاهتمام بيوسف بعد زواج فرح و لكنه لا يستطيع الوقوف بوجهها في
تحقيق هوايتها و طموحها فليبحث عن حل آخر و يتركها لحياتها خاصة أنها كانت فتاته الصغيرة التى لا يرفض
لها طلبا
- ماشى يا منمون هأكلملك إبراهيم
- ربنا يخليك ليا يا أحلى بابا في الدنيا ، اه بابى أنا هأخرج أنا و ياسر نسهر مع اصحابنا بعد بكرة
- بس يا منه ...
قاطعته كى لا يرفض بدلالها المعتاد
- يا بابى يا حبيبى ياسر ابن عمى يعنى هيخاف عليا و ده عيد ميلاد ماجى مينفعش مروحش
أومأ برأسه موافقا فطبعت قبلة على وجنته قبل أن تنصرف و هو يبتسم إلى تلك الشقية التى كانت مصدرا لسعادته
منذ ولادتها ، أوللاده أغلى ما يملك ، يدعو الله أن يشفى ولده و يقر عينيه برؤيته يسير على قدميه مجددا
تستمر القصة أدناه
لم يعد يريد أن يعود إلى المنزل يفتقد وجودها حاول أن ينكر لكنه يفتقدها ، يتذكر حتى غضبها و مشاحناتهما
معا لكنه العناد الذى يأبى أن يجعله يتنازل هى غادرت فلتعود لكننى لن أتذلل لها ، أنا يجب أن اثبت لها أننى
رجل و لى كلمتى لم أخرجها لأعيدها فلتعود هى صاغرة ... منطق ذكورى أحمق !! و لكن هكذا كان يفكر
محمود الذى يعاند شوقه الي زوجته و عاد إلى منزل والديه بحجه انه يسأل عن ملك ليجد أن أم هاجر قد
اتصلت بوالدته و أخبرتها بكل شىء
- هو أنا خبت في اولادى التلاتة واحدة مش عارفة لها حال و التانى كل يوم سهر و معرفش فين و الكبير
العاقل مراته سايبه البيت بقاله اسبوعين و هو مكلفش نفسه يقولى
صاحت به ولدته غاضبه فحاول تهدأها
- كنا مشغولين في موضوع ملك و بعدين هى اللى اتقمصت و مشيت و أنا مش فاضى لدلع الستات ده
- تقوم تسيبها مرمية في بيت أبوها و متسألش عنها ، تقدر تقولى مراتك بتصرف منين يا محترم و انت عارف انها
يتيمة لو مش عايزها يا محمود طلقها
صدمته كلمات والدته يطلقها !! هو لا يريد طلاقها هو يحتاجها في حياته لا يريد الخلاص منها لا يعرف وصفا
لمشاعره تجاهها ربما يحبها هو لا يعرف الحب حتى يمكنه توصيفه لكن فكرة أن يطلقها جعلته غاضبا فصاح
بوالدته قبل أن ينصرف إلى حجرته
- خرجت لوحدها يبقى ترجع لوحدها
ترك والدته حائرة تهاوت على الأريكة بجانبها تتذكر أولادها و هم صغارا كانت تريدهم أن يكبروا و الآن و قد
كبروا ازدادت مشاكلهم و أصبحت أكثر تعقيدا
تخطط لحياتها الجديدة و تحاول انجاح زواجها و نسيان الماضى تماما قلبها يتعلق بخالد شيئا فشيئا حتى عاد
ليثبت لها أنه لازال يملك مفاتيح القلب و لا يمكن لأحد الدخول دون استئذانه فاتصال ابراهيم أربكها منذ أن
رأت اسمه على شاشة هاتفها فأجابت بصوت حاولت ألا يبدو م رتبكا
- ازيك يا فرح ؟
تسارعت دقات قلبها و هى تسمعه يردد اسمها ، هى لا تريد هذا الشعور تكرهه ليست بخائنة
- الحمد لله
- فرح ، أنا عايز أقابلك في أى كافيه لوحدنا
همت أن ترفض لكنه كعادته سبقها
- متقوليش لأ الموضوع مهم أوى يا فرح و له علاقة بخالد و جوازكم
فضولها طغى على أى شىء آخر فوافقت على مقابلته و بالفعل بعد ساعة كانا يجلسان معا في إحدى الكافيهات
ليقص عليها كل ما اخبره به الظابط صديقه
- مستحيل ، حتى لو الكلام ده صحيح استحالة خالد يكون على علم بأى حاجة من دى
استشاط غضبا لدفاعها عنه تدافع عن غريمه عن من خطفها منه و حرمهما حبهما فصاح غاضبا
- بتدافعى عنه اوى كده ليه ؟
- لانه جوزى
سهم قاتل سددته إلى قلبه دونما رحمة لكنه لا يعلم انها هى أيضا تفاجأت من ردة فعلها فالكلمات انطلقت من
فمها دونما أدنى سيطرة منها
- ماشى يا فرح هانم الحقيقة إن انتي و جوازكم و كل ده ما هو الا صفقة مشبوه للأعمال القذرة اللى هو و عيلته
بيعملوها انتى لعبة بالنسبة له ، برافان مجرد برافان يستخبى وراه
نظرت إليه بغضب كلاهما يجرح الآخر و لم تعد تتحمل سماع المزيد فانصرفت من أمامه و لم يناديها بل بقى
صامتا تشتعل النار بداخله تحرقه و لا سبيل لاخمادها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق